المجموع : 58
يا مَليكِ الوَرى وَمَن عقدَ الل
يا مَليكِ الوَرى وَمَن عقدَ الل / ه بِإِقبالِهِ العَزيز لِواءا
وَالَّذي أَخجَلَ المُلوكَ قَديماً / وَحَديثاً تَكرّماً وَمَضاءا
إِنْ قَرنّاهُمُ إِلَيكَ جَميعاً / كنتَ صُبحاً لَنا وَكانوا مَساءا
أَيُّ شيءٍ أَبقيت ما كنتَ إلّا / سابِقاً أَوّلاً وَكانوا وَراءا
أَنتَ أَولى بِهم بِناصِية الفض / لِ وَأَحرى وَلَم يَكونوا بِطاءا
فَهَنيئاً بِالعيدِ وَاِستَأنف الفِطْ / رَ بِما شئتَ مِن سرورٍ وَشاءا
وَتَيقَّنْ أَنّ الصّيام الّذي ما / زِلتَ فيه تُجانِبُ الأَهواءا
رَفَعتهُ لَكَ المَلائِكُ حَيثُ ال / عَرشُ وَاِحتلَّ قُلّةً عَلياءا
فَدَعِ الفكرَ في الأَعادي فَإِن ال / لَهَ يَكفيكَ وَحدَهُ الأَعداءا
طالَما خابَ مَن تَعاطى بِجهلٍ / وَاِغتِرارٍ أَن يَلمَس الجَوزاءا
إِنْ أَعدّوا غَدراً فَإِنّك أَعددْ / تَ حلوماً رزينةً وَوفاءا
قَد أَساؤوا واللّهُ يُخْزي سَريعاً / مَن إِلى مُحسنٍ صَنيعاً أَساءا
ما رَأَينا مِنَ الملوكِ أُولي الحن / كةِ إلّا من يَحْمَدُ الإبقاءا
أَنتَ تَجزي عَفواً وَصَفحاً فإنْ أُحْ / رِجْتَ أَجريتَ بِالسيوفِ الدّماءا
في مَقامٍ يَزْوَرُّ فيه نَجاءٌ / عَن يَمينٍ إِذا طلبتَ نجاءا
ما تَرى إِنْ رَأيتَ إِلّا رُؤوساً / هابطاتٍ في التُّربِ أَو أَعضاءا
وُجوهاً بِلا حَياءٍ لَدى الحَرْ / بِ وَيَقطرنَ يومَ سِلْمٍ حَياءا
وَخُيولاً يَلبَسْنَ بِالطَّعنِ في الأَق / دامِ والضّربِ من نجيعٍ مُلاءا
وَضِراباً يَستَقدمُ النَّصرَ مِن شَحْ / طٍ وطعناً يفرّجُ الغمَّاءا
فَاِبقَ فينا مُمَلَّكاً ذِرْوَةَ المُل / كِ طَويلاً حتّى تَمَلَّ البقاءا
وَاِستَمِع مِنّي الثناءَ فما زا / لَ جَميلُ قَولي يفوتُ الثَّناءا
كُلُّ مَدحٍ وَإِن تَأنّق ذو الإح / سانِ فيهِ أَرضٌ وكنتَ سماءا
زُرتُ هنداً وَمن ظلامٍ قميصي
زُرتُ هنداً وَمن ظلامٍ قميصي / لا بوعدٍ ومن نِجادٍ ردائي
وَاِعتَنَقنا وَبَيننا جَفنُ ماضٍ / في فراشِ الرؤوسِ أيُّ مضاءِ
وَتَجافتْ عنهُ وَلَيسَ لَها إِنْ / أَنصفَت عَن جِوارهِ مِن إِباءِ
إِنّهُ حارسٌ لَنا غَير أن ليْ / سَ علينا من جُملةِ الرُّقباء
لكِ في النّحرِ من عيونِ تميمٍ / فَاِحسَبيه تَميمةَ الأَعداءِ
هو ساهٍ عَنِ الّذي نَحنُ فيهِ / مِن حَديثٍ وَقيلةٍ وَاِشتِكاءِ
وَدَعيني طِوالَ هذا التداني / ناعماً لا أخافُ غير التنائي
فَلَئِن مَسَّ فيهِ بعض عناءٍ / فَعناهُ مُستَثمرٌ من عنائي
لا تَلُمني فَإنّني لِهَوى النّف
لا تَلُمني فَإنّني لِهَوى النّف / سِ مُطيعٌ في حبِّ مَن لا يُحبُّ
قَد جَرَت عادَتي بِأَن أَعشَقَ البي / ضَ وتبديل ما تُعُوِّدُ صَعبُ
إِنّما تَعذل الّذي يلج العَذْ / لُ إِلى قلبهِ وما لِيَ قلبُ
وَإِذا لَم يَكن منَ الذّنب إِلّا / أنّ قَلبي يَهوى فما لي ذنبُ
شعرٌ ناصعٌ ووجهٌ كئيبُ
شعرٌ ناصعٌ ووجهٌ كئيبُ / إنّ هذا من الزّمان عجيبُ
يا بياضَ المشيب لونُك إنْ أنْ / صفَ رائيكَ حالِكٌ غرِبيبُ
صدّ من غير أن يُمَلّ وما أنْ / كر شيئاً سواك عنّي الحبيبُ
يا مُضيئاً في العينِ تَسوَدُّ منهُ / كلَّ يومٍ جوانحٌ وقلوبُ
لَيس لي مُذْ حَللتَ يا شَيبُ في رَأ / سِيَ كرهاً عند الغواني نصيبُ
وَلَخَيرٌ مِن لَونك اليقِقِ المُشْ / رِقِ عندي وعندهنّ الشُّحوبُ
رُحنَ يَدعونَني معيباً وَيَنبذ / نَ عُهودي وَأَنت تلك العيوبُ
كَيفَ أَخشى الرّقيب والشّيب في وَج / هي عَلى الغانياتِ منِّي رقيبُ
حَلّ ذاكَ الكِناس ظبْيٌ ربيبُ
حَلّ ذاكَ الكِناس ظبْيٌ ربيبُ / عاصتِ الصَّبْرَ في هواه القلوبُ
غاضَ فيهِ حلمُ الوَقور وأكْدَتْ / قُلُبُ الرَّأْي واستُزلّ اللّبيبُ
يا محلّاً أَبْلَتْه هوجُ اللّيالي / وَغَرامي بِساكنيهِ قَشيبُ
وَاِطمَأنَّتْ بِك المَحاسنُ حتَّى / شرَّدتْها عنّي وعنك الخطوبُ
طالَما روّضت رُباك الغَواني / وتنّورت والزّمان جديبُ
وَتَمشّتْ بك السّحائب يجرُرْ / نَ بُروداً تخيّرتْها الجَنوبُ
جادَ جَفْني ثَراك وَهوَ جَهامٌ / وَأَلَنْتَ الفُؤادَ وَهوَ صَليبُ
ساءَ عَهدي لِقاطنيك مَتى أَذْ / رَيتُ دمعاً من مُقلتي لا يصوبُ
لستَ فرداً فيما دَهَتْه الليالي / كلّ شَيءٍ في كَرِّهنّ سليبُ
أَيّها القادمُ الَّذي أَقْدَمَ الثّأْ / رَ لِقَلبٍ جَنى عليه المغيبُ
إِن يَكُن شَخصُك اِستمرّ بهِ النأ / يُ في الفؤاد قريبُ
لو لِعَنْسٍ رحّلتُها ما بقلبي / عاقَها عَن مدى القِلاصِ اللّغوبُ
لا تَقِلني إِنْ بعتُ غيركَ ودّاً / وَقَفَته عَليك نفسٌ عَروبُ
خُلُقٌ مرهفُ الحواشي وعِرْضٌ / شامخٌ ما دنت إليه العيوبُ
روّقته الأيّامُ والخُلُقٌ الأخْ / لَقُ فينا مُمَنَّعٌ محجوبُ
مدّ ضَبْعي إليك مجدٌ وَساعٌ / وثرىً طيّبٌ وسِنْخٌ نجيبُ
ومعالٍ تكنَّفتْ حومةَ العز / زِ طويلُ الكِرام عنها رعيبُ
إِنَّ وَجدي كَما عَهِدتَ صَريحٌ / ما بِخَلْق سواك فيه نصيبُ
ثَقّفته الدّهورُ وَهوَ رَطيبٌ / وَجَلاهُ الزّمانُ وَهوَ قَشيبُ
جادَ تِلكَ العُهودَ صَوبُ عهادٍ / مِن وِدادِي هامي الجفون سكوبُ
نُلنِيَ القربَ قد أَملّنِي البُعْ / دُ وصلْ ذا الطلوعَ طال الغُروبُ
إِنْ تَجدنِي سَمْحَ القِيادِ ففي قْل / بِ زَماني مِن حرِّ نارِي وجيبُ
كَيفَ أُعطي الزّمانَ صَبْوَة قَلبي / وَاِعتِزامي عَلى هَوايَ رقيبُ
هانَ في مُقلَتي الّذي راقَ فيهِ / فَكَأنَّ الشّباب فيه مشيبُ
سَدَلَتْ خبرتي سُجوفَ اِبتِسامي / قَلّما يُعجب العَجيبَ عجيبُ
وكَفَتْني تَجارِبي نائِباتٍ / ما أُبالي في أيّ حينٍ تنوبُ
وَبَلوتُ الزّمانَ حتّى لو اِرتَبْ / تُ لكشّفتُ ما تُجنّ الغيوبُ
لَيسَ يَدري الوَرى بِماذا غَرامي / ما تمارَوا فيهِ إليَّ حبيبُ
لَيسَ لِلقلبِ في السّلوّ نصيبُ
لَيسَ لِلقلبِ في السّلوّ نصيبُ / يَومَ رُحنا والبين منّا رقيبُ
ودّعتني وزادُها طربُ الله / و وزادي تلهّفٌ ونحيبُ
وَرَأَتني أذري الدموعَ فقالت / أبكاءٌ أراه أم شُؤْبوبُ
إِنَّما البينُ لِلبدورِ المُنيرا / تِ كسوفٌ وللشّموس غروبُ
وَالنّوى كَالرّدى وَفَقدٌ كَفَقدٍ / غَير أن غائبُ الرّدى لا يؤوبُ
وَلقد قلت لِلمليحةِ والرأ / سُ بِصبغ المَشيب ظلماً خضيبُ
لا تَرَيْهِ مجانباً للتصابِي / ليس بِدْعاً صبابةٌ ومشيبُ
قلْ لمن حلّ في الفؤاد وهل يسْ / كنُ حبَّ الفُؤاد إلّا الحبيبُ
أَينَ أَيّامُنا اللّواتي تقضّي / نَ وَفي القلب بعدهُنّ نُدوبُ
وَاِجتماعٌ نَمحو بهِ أَثرَ الهم / مِ وَيَحلو مذاقُه ويطيبُ
تَشَمِئزُّ الأحزانُ منه وتَزوَر / رُ إِذا قارَبته عنهُ الكُروبُ
قُمْ بِنا نَشكر الزّمانَ فَلَم يَب / قَ لنا في الزّمان إلّا العجيبُ
ظُلماتٌ مسودّةٌ وأُمورٌ / مشكلاتٌ يَحارُ فيها اللّبيبُ
وَشُؤونٌ تَبيضّ مِنها شؤونٌ / وَاِنقِلابٌ تَسودُّ منهُ قُلوبُ
وَأراها بِالظّنِّ كالجمرة الحم / راء أذكى لها الأُوارَ مذيبُ
ووشيكاً يكون ذاك فما بَعْ / دَ شَرارِ الزّناد إلّا اللهيبُ
وَكَأنّي بها مُعرَّقة الأوْ / صال قد شَفّها السُّرى والدُّؤوبُ
وعليهنّ كلُّ أرْوَعَ لا يَرْ / ويهِ إلّا التّخييمُ والتّطنيبُ
إنْ عَنَتْ أزْمةٌ فكفٌّ وَهوبٌ / أو عَرَتْ خَشيةٌ فنصلٌ ضَروبُ
وَرِجالٌ شُمُّ العَرانين وثّا / بون نحو الرَّدى شبابٌ وشيبُ
أَينَما ضارَبوا فَهامٌ فَليقٌ / وَنَجيعٌ مِنَ الكُماةِ صَبيبُ
لَيسَ مِنهم إِلّا الغَلوب وَما في / هم مدَى الدّهر كلِّه مغلوبُ
أَنتَ عِزٌّ لَنا فَإِن قيلَ في غي / رِكَ هَذا فَالقَولُ قَولٌ كَذوبُ
وَإِذا مُيّزت سَجايا أناسٍ / بانَ عودٌ رخْوٌ وَعودٌ صَليبُ
ولَبَيتٌ حَلَلْتَ لم يُرَ فيهِ / قَطُّ إلّا نَجابةٌ ونجيبُ
وَوَلوعٌ بِطيّب الذّكرِ لا ير / ضيهِ إلّا التّجهيرُ والتّأويبُ
إِنّ آلَ الأجلّ آلِي وشَعبي / منهُمُ اليومَ تستبين الشّعوبُ
وهُمُ أُسرَتي ومِن سِرَّ موسى / بالمودّاتِ والصديقُ نسيبُ
وَإِذا حُصّلَ الوِدادُ تَدانى / ذو بِعادٍ وَبانَ عَنكَ القَريبُ
قارَعوا عَنِّيَ الخُطوبَ وَقَدْ هَم / مت وكادتْ تجنِي عليَّ الخطوبُ
وتلافَوْا جرائرَ الدّهر حتّى / ما لدهرٍ بهم إليَّ ذنوبُ
كم لهم دون نُصرتي نَهَضاتٌ / ومقامٌ ضَنْك ويومٌ عَصيبُ
وعَصوفٌ يُكِنّنِي وركودٌ / ومَجيءٌ يجيئني وذهوبُ
ودفاعٌ عنّي العدا ونزاعٌ / أرتضيهِ وهدنةٌ وحروبُ
لَستُ أَنسى حُقوقَكم عندِيَ البي / ضَ إذا كان في الزّمان الشّحُوبُ
وَاِعتِصامي بِكُم وَأَنتم لرَحْلي / حَرَمٌ آمنٌ ووادٍ خصيبُ
كَم فَرَجتم من ضَيْقَةٍ وكشفتُمْ / كُرَباً لا يُطيقها المكروبُ
وتخلّصتُمُ ثراءَ رجالٍ / مِن يَدِ الفَقرِ وَالبلاءِ يصوبُ
لا مَشَتْ في دِيارِكُم نُوَبُ الدّه / رِ ولا اِرتَبتُمُ بشيءٍ يُريبُ
وَإِذا خِيفَتِ الغيوبُ فلا خِي / فتْ عليكم مدى الزّمان الغيوبُ
وَفِداكم مِنَ الأَذاة رجالٌ / دَنِساتٌ ذيولهم والجيوبُ
كُلَّما أَخفتِ السّعودُ عيوباً / مِنهُمُ اِستَيقظتْ ولاحت عيوبُ
يا سَقى اللَّه لَيلتي لَيلة السّبْ
يا سَقى اللَّه لَيلتي لَيلة السّبْ / تِ زُلالاً لا بل سقاها شرابا
لَيلةٌ قرّبت بعيداً وأعطتْ / مُتَمَنّىً وأقدمتْ غُيّابا
وَاِرتَجَعنا زَمانَنا وكأنّا / بَعد شَيبٍ منّا اِرتَجَعنا الشّبابا
لا تَسَلْنِي عَمّا أَراهُ فإنّي
لا تَسَلْنِي عَمّا أَراهُ فإنّي / كُلَّ يومٍ أَرى بِعَيني عَجيبا
كُلّ داءٍ في القَلبِ منّي وَفي الجِس / مِ عَلى أَنَّني عَدِمتُ الطَّبيبا
أَتَمنّى لَو باتَ مِنّي بعيداً / كلُّ مَن كانَ في جِواري قَريبا
يا خَليلي عَلى الرّخاءِ في البؤْ / سِ أَصِخْ لي أشكو إليك الخطوبا
وَسِهاماً أَصَبْنَ جِسمي فلمّا / لم تضِرْني أَصبن منّا القلوبا
لا أَرى إِذْ رأيت إلّا مَعيباً / وَهْوَ مَعْ ذاكَ طالبٌ لي عيوبا
وَمِلاءٌ مِنَ الذُّنوب سَجاياهُ / وَيَنعى بُطلاً عليّ الذُّنوبا
بِأَبِي زائراً أتانِيَ لَيْلاً
بِأَبِي زائراً أتانِيَ لَيْلاً / سارِقاً نَفسَه منَ البوّابِ
ما ثَناه عنِّي تَقَضِّي شَبابِي / وهْوَ في وجْنتيه ماءُ الشّبابِ
باتَ بيني وبينه خَشيَةُ الل / هِ وخوفُ العذابِ يومَ العذابِ
لَم أَزِدْهُ شيئاً وَبينَ ضُلوعي / كلُّ شَوقٍ على مَليحِ العتابِ
ثمَّ ولَّى كَما أَتى أَرِجَ الأخ / بارِ في النّاسِ طيّبَ الأثوابِ
عالماً أنّنِي وإنْ كنتُ أهوا / هُ فغيرُ الحَرامِ منه طِلابي
وَلَقد جاءني وَما كانَ في نفْ / سِيَ إسعافُهُ ولا في حِسابي
غَيرَ أَنّي عَفَفْتُ حتّى كأنّي / لا أُباليهِ أو بغَيْرِيَ ما بِي
أَعلى العهدِ منزلٌ بالجنابِ
أَعلى العهدِ منزلٌ بالجنابِ / كان فيه متى أردتُ طِلابي
المَغاني تلكَ المَغاني فَهل في / هنَّ ما قَد عهدتُ مِن أَطرابي
لَيستِ الدّارُ بعد أن توحش الدّا / ر ترى غيرَ جندلٍ وترابِ
وإذا لم يعدْ نحيبي على الرّبْ / عِ حَبيباً فليسَ يُغني اِنتِحابي
حرُّ قلبٍ إذا تمكّن من قل / بِ المُعَنَّى حماهُ بَرْدُ الشّبابِ
والمعافى منْ لم يَقُدْه إلى اللّو / عةِ يوماً تفرّقُ الأحبابِ
والمطايا يوم السّقيفةِ ما رُح / حلْنَ إِلّا تَعمّداً لعذابي
إِنّ نُعْماً وكان قلبيَ فيما / ألِفَتْهُ موكَّلاً بالتّصابي
سَأَلتني عنِ الهَوى في ليالٍ / ضاعَ فيهنَّ مِن يديَّ شَبابي
فَمَتى ما أَجَبتُها بِسوى ذك / رِ مَشيبي فَذاكَ غيرُ جوابي
صارَ منّي مثلَ الثَّغامة ما كا / نَ زَماناً مُحْلَوْلِكاً كالغُرابِ
لَيسَ يبقى شيبي عَلى شَأنِهِ الأو / وَلِ في كَرّ هذِهِ الأحقابِ
مَنْ عذيري من المشيب وقد صا / رَ بُعَيْدَ الشّباب من أثوابي
وشفاني في غير ما دافه الساقِي / وَراءَ المَشيبِ مِن أَوصابي
أيُّها الرّاكب المغِذُّ على وج / ناءَ مثل العَلاةِ كالحرفِ نابِ
لَيسَ يَدنو منها الكلالُ ولا تَنْ / فَكُّ عَن عَجْرَفيّةٍ وهِبابِ
لا تُعنِّ الرِّكابَ تطلُبُ ما نلْ / ناه عفواً صفواً بغير رِكابِ
أَنَا في حوزةِ الهمُامِ فخارِ الْ / مُلكِ كالنَّجم في أعزّ جَنابِ
في محلٍّ كالبحر إن كنتُ ظمآ / نَ وإن رابني العِدا كالغابِ
بالغاً ما أردتُهُ من زيادا / تٍ عليهِ ما كنّ لي في حسابِ
شَغلَ اللّحظَ بي وَلم يُصغِ إلّا / لِندائي مِن بَينِهمْ وَخِطابي
قَد سَمِعناهُ قائلاً فَسمعنا / نطقَه وارداً بفصلِ الخطابِ
ورأينا نوالَه فرأينا / سَبَلاً ليس مثلُه للسّحابِ
وَبَلوناهُ في الوَغى فَأَصَبنا / هُ ضروبَ اليدين يومَ الضِّرابِ
في مقامٍ ضنْك تَجول بِه الخَي / لُ على أرْؤُسٍ هَوَتْ ورقابِ
ولأَنتَ الّذي أَعاجيبُه في الد / دَهرِ كَلّتْ عنها قُوى الألبابِ
طَلَبوا شَأوه وَأَين منَ الأو / شالِ سيلٌ يجيءُ مِلء الشِّعابِ
وَتَمنّوا مَكانَه لا بِأَسبا / بٍ وأنّى دَرٌّ بغيرِ عِصابِ
وَإِذا عَنّتِ الضّرائب للأَس / يافِ بانتْ قواطعٌ مِن نوابِ
ما أُبالِي إذا رضيتَ عن الطّا / عةِ منّي بالمُحْفظِينَ الغِضابِ
وإذا ما رأيتَ منّي صواباً / فحقيرٌ عَماهُمُ عن صوابي
وَلَئِنْ أَظلَموا بِعيني فما أح / فِلُ ظَلْماءَهمْ وَأَنتَ شِهابِي
وَإِذا كُنتَ لِي شراباً فما تُخ / دَعُ لي مُقلةٌ بلمْعِ سرابِ
لا أَبانَ الزّمانُ فيك اِنثلاماً / لا وَلا همَّ ما ترى باِنقلابِ
وأتاك النّيروزُ بالسّعد واليُم / نِ ونيلِ الأَوطارِ والآرابِ
وَإِذا ما مَضى يَعود ولا أخْ / لاكَ من جَيْئةٍ له وذهابِ
في زَمانٍ يُنسِي زمانَ التّصابِي / وَنَعيمٍ يُسلِي نعيمَ الشّبابِ
كلُّ يومٍ غريبةٌ للخطوبِ
كلُّ يومٍ غريبةٌ للخطوبِ / وعجيبٌ يُنسيك كلَّ عجيبِ
حَيرٌ كالضّلال في غَسَقِ اللَّي / ل بلا صاحبٍ ولا مصحوبِ
وَاِزوِرارٌ عن الهدى فحليمٌ / كسفيهٍ ومخطئٌ كمصيبِ
وعيونٌ مملوءةٌ من دموعٍ / وقلوبٌ محشوّةٌ من وجيبِ
وذنوبٌ من الزّمان فقد عش / تُ طَويلاً وَما له مِن ذنوبِ
وَرَمَتني أَحداث هذي اللّيالي / إذْ رمتنِي بمُصمِياتِ القلوبِ
في مَليكٍ أَسطو بهِ وَحميمٍ / أَو خَليلٍ أو صاحبٍ أو نسيبِ
عُجْ عَلى هذهِ الدّيار التي لي / س لداعٍ بأهلها من مُجيبِ
دَخلتْ هَذه الرّزايا اِقتِساراً / بين قلبي وبين كلِّ حبيبِ
وَاِستَبدّت دوني بكلِّ نفيسٍ / وتناءتْ عنّي بكلّ قريبِ
وإذا ما شكوتُ ما بِي فشكوا / يَ إِلى كلِّ مُثقَلٍ مكروبِ
غَرَضٌ بالزّمانِ يَكْلِمُ بالأظ / فار منه وتارةً بالنّيوبِ
يَتهنّا بِالعيشِ وَهوَ عَلى ما / لَيسَ يَهوى مِنها لقاء شَعوبِ
لا تَلُمنِي فليس لي
لا تَلُمنِي فليس لي / علمُ ما في المغيَّبِ
كيف أدري وما ذهْب / تُ من البعدِ مذهبي
أنا أعشى لَدَى المطا / لب عن نُجحِ مطلبي
لو علمتُ الّذي أعو / ذُ بِهِ قبل مَركبي
لَم أَدعْ من بصيرةٍ / ضرراً أنْ تمرّ بي
ولَكُنتُ الغنِيَّ عنْ / نَدَمٍ أو تَعَقُّبِ
وَلَما كان ظافراً / بيّ يوماً مؤنّبي
لا وَلا كانَ للقذا / ةِ لِمامٌ بِمَشربي
أنكرتْ ليلةَ اِعتَنَقنا حُسامي
أنكرتْ ليلةَ اِعتَنَقنا حُسامي / وهو مُلقىً بيني وبين الفتاةِ
إنْ يكن عائقاً يسيراً عن الضم / م فما زال واقياً من عُداتي
هو قِرْنٌ صفوٌ ولا بُدّ في كل / لِ صفاءٍ ننالُهُ من قذاةِ
وَاِنتِفاعٌ وما رأَينا اِنتِفاعاً / أبدَ الدّهرِ خالياً من بَذاةِ
مولايَ يا بدرَ كلِّ داجيةٍ
مولايَ يا بدرَ كلِّ داجيةٍ / خذ بيدِي قد وقعتُ في اللُّجَجِ
حُسنُك ما تنقضِي عجائبُهُ / كالبحرِ حدّثْ عنه بلا حَرَجِ
بحقّ من خطّ عارِضَيْك ومَنْ / سلّطَ سُلطانَها على المُهَجِ
مُدَّ يديكَ الكريمتينِ مَعِي / ثمّ اِدعُ لِي مِن هواك بالفَرَجِ
يا اِبن عبد العزيز إنّ فؤادِي
يا اِبن عبد العزيز إنّ فؤادِي / منذ فارقتنِي عليك جريحُ
إنَّ جَفْنِي عليك حزناً جوادٌ / وهو في كلّ من سواك شحيحُ
عَذَلونِي وما اِستَوى عِندَ أهْلِ الْ / نَصْفِ والعَدْلِ سالمٌ وجريحُ
داءُ قلبِي يُدوى وفيهِ من الأشْ / جانِ ما فيه ما يقول الصَّحيحُ
وإذا لم تكنْ مُصيخاً إلى عَذْ / لٍ فَسيّان أَعجَمٌ وَفَصيحُ
لي لسانٌ ومدمعٌ حَمَلا رُزْ / ءَك ذا كاتمٌ وذاك يبوحُ
ويراني الصّحيحَ من ليس يدري / أنّ غيرِي هو السَّليمُ الصَّحيحُ
وَبرَغْمي عَريتُ منكَ وبُوعِدْ / تَ ردىً وَاِحتَوى عَليكَ الضّريحُ
مُفردٌ وَالأنيسُ عَنكَ بَعيدٌ / لَيس إلّا جَنادلٌ وصفيحُ
وغمامٌ موكّلُ الجَفْنِ بالقَطْ / رِ ووُرْقٌ من الحمامِ ينوحُ
لَيسَ يَنجو منَ الحِمامِ مليحٌ / لا ولا صادقُ الضّرابِ مُشيحُ
وإذا أمّك الحِمامُ فما يُغْ / نِي من الطّيرِ بارحٌ وسَنيحُ
وَمِنَ اِينَ البقاءُ والجسمُ تُربٌ / يَتَلاشى وإنّما الرُّوحُ روحُ
وَإِذا غايَةُ الفتى كانتِ المو / تَ فماذا التَعميمُ والتّمليحُ
كلُّ يومٍ لنا بطُرقِ الرّزايا / طَلَبَ الغُنْمَ رازحٌ وطليحُ
رائِحٌ ما لهُ غدّوٌ وَإمّا / ذو غدوٍّ لكنّه لا يروحُ
وإذا فاتنا غَبوقُ المنايا / بِاِتّفاقِ الزّمانِ فهو الصَّبوحُ
كم لنا مودَعاً إلى ساعةِ الحش / رِ ببطنِ التّرابِ وجهٌ صبيحُ
وجليلاً معظّماً كان للآ / مالِ فيه التّرحيبُ والتَّرشيحُ
أيّها الذّاهبُ الّذي طاحَ والأح / زانُ مِنّا عليه ليس تَطيحُ
لا عرفتَ القبيح في دارك الأخ / رى فما كان منك فعلٌ قبيحُ
ليس إلّا الصّلاة والصّوم والتَّسْ / هيدُ جُنحَ الظّلامِ والتّسبيحُ
وحديثٌ تَرويهِ ما فيه إلّا / واضحٌ نيِّرٌ وحقٌّ صحيحُ
إِنّ قَوماً ما زالَ حشواً لأَضلا / عِك ودٌّ لهمْ نقِيٌّ صريحُ
لك وِرْدٌ من حوضهمْ غيرُ مطرو / قٍ وبابٌ إليهمُ مفتوحُ
وَاِلتِقاءٌ بِهم وحولَهُمُ النّا / سُ فذا خاسرٌ وذاك ربيحُ
والثّوابُ الّذي يضيق بقومٍ / هو من أجلهمْ عليك فسيحُ
لَستُ أَخشى عليكَ عُسراً ومنهمْ / لك مُعطٍ ونافحٌ ومُميحُ
فَسَقى قَبرَك الّذي أَنتَ فيهِ / مُسبِلٌ هاملُ السّحابِ سَفوحُ
كلَّما جازه غمامٌ نزيحٌ / جاءَه مُثقَلُ الرَّبابِ دَلوحُ
وإذا زاره الرّجالُ فلا زا / ل عليهم منه الذَّكاءُ يفوحُ
قَد هَوَيناهُ ناقِضاً للعُهودِ
قَد هَوَيناهُ ناقِضاً للعُهودِ / وَضَنيناً بِالوعدِ والموعودِ
وَرَضينا ما كانَ منهُ وَإِنْ أرْ / مَضَنا من تجنّبٍ وصُدودِ
يَمطُلُ الشيءَ في يديهِ وزادَ الْ / مَطلَ لؤماً أنْ كان بالمَوجودِ
يا خَليليَّ وَالرّكائبُ يطلُعْ / نَ بنا من تهائمٍ ونُجُودِ
وقفةً في زَرودَ فالقلبُ يهوى / منكمُ وقفةً بحَبْلَيْ زَرودِ
فزَرودٌ ممّا أودُّ وإن كا / ن إلى الرّكبِ ليس بالمودودِ
وهناكَ الغرامُ أضحى وإنْ أو / دى زرُودٌ وأهلُهُ غيرُ مودِ
وظِباءٌ غَنِينَ بالنّظمِ في المي / سَمِ عن نظمِ لؤلُؤٍ في عقودِ
وبِحَلْيٍ قد صاغَه اللهُ في اللَّب / باتِ والجيد عن حُلِيِّ الجِيدِ
قلن لمّا رأينَ وخْطاً من الشّي / بِ برأسِي أعيا على مَجهودِي
كسَنا بارِقٍ تعرّض وَهْناً / في حواشِي بعضِ اللّيالِي السُّودِ
أبياضٌ مُجَدَّدٌ في سوادٍ / كان قدماً لا مرحباً بالجديدِ
يا لحاكنَّ مِنْ رماكُنَّ بالحُس / نِ لِتَقْهرنَنا بغيرِ جنودِ
ليس بيضِي مَنِّي فأجري عليهن / نَ صدوداً وليس مِنكنّ سودِي
قلّما ضرّكنّ من شَعَرَاتٍ / كنَّ يوماً على الوَقارِ شُهودِي
لبهاءِ الملوكِ والدّين والدَّوْ / لة شكرِي والفَرْطُ من تمجيدِي
وَبِأيّامه السَّعيدةِ أعطي / تُ لواءَ التّعديل والتّوحيدِ
وبجَدٍّ منه أروح وأحرا / رُ المعانِي وإنْ غَمِضْنَ عبيدِي
كُنتُ قبلَ اِصطِناعهِ أَنظرُ الدّن / يا عُزوفاً وعِفَّةً من بعيدِ
فَأَتاني منهُ كَريمٌ تَولّى / مَدَّ ضَبْعِي حتّى أقامَ قعودِي
ودعانِي ولو سواه دعانِي / ما رآنِي إلّا بعيدَ الهُجودِ
قد أتتنِي نُعماك يا مالكَ النا / سِ على أَنّنِي بِمَرمى البعيدِ
غافلاً عن مواهبٍ منك وافي / ن فحلَّينَنِي وقلّدْنَ جِيدِي
جِئْن عفواً من غيرِ كدٍّ وما نَيْ / لُكَ فينا بالنّائلِ المكدودِ
لقبٌ كنتُ قبله كاليمانيِّ / قد أتى عارياً بغير بُرودِ
أَو كَدَعوى صِدْقٍ أضرُّ بها عن / دَ أَلَدٍّ أنْ لم تكنْ بشهودِ
وإذا كنتُ مرتضىً عند مَلْكِ النّا / سِ طُرّاً فمن يكون نديدي
بعد ما كنتُ ثاوياً في أُناسٍ / أرْتعي منهمُ جَميمَ الحقودِ
نَشدوا الحالَ حيثُ ساءَ فإن كا / ن جميلاً فليس بالمنشودِ
أنَا نَصْلٌ سَلَلْتَهُ لأعادي / كَ وكم ذا سللتَ من مغمودِ
وَبِتَشريفك الّذي يرفع النّا / ظرَ ما بان سيّدٌ من مسودِ
أيُّ عزٍّ بحيثُ أنت لمن يم / تارُ عزّاً وأيُّ مَغْنى وفودِ
وإذا زارَهُ العُفاةُ أصابو / هُ مَرادَ النّدى ومَحْنى العودِ
والمحلَّ الّذي به نَظَمَ الل / هُ من الملك كلَّ شملٍ بَديدِ
قَد رَأَينا الّذينَ عاصوكَ بِالأَمْ / سِ وحادوا عن ظلِّكَ الممدودِ
بَينَ عانٍ في القيدِ غير طليقٍ / وقَتيلٍ بالسّيفِ غير شهيدِ
وشريدٍ يوَدُّ أنّ الرّدى صُب / بَ عليه في فَيلقٍ من حَديدِ
أَشِبٍ بالقنا يُخالُ وأبنا / ءُ المنايا فيه عرينُ أُسودِ
وَرِجالٍ لا يحفِلون إذا ما / رَئموا الضّيمَ حَفْلةً بالوعيدِ
كَصلالِ الرِّمالِ أَو كَذئابِ ال / قاعِ رُقشاً هَبَبْنَ بعد رُكودِ
كلِّ مُسترسلٍ إلى القِرْنِ ثَبْتٍ / للمنايا كالصَّخرةِ الصَّيخودِ
مُنْتَمٍ إنْ لَزَزْتَهُ عند جرثو / مَةِ فَخرٍ منها إِلى خيرِ عودِ
لا اِقتَرَبْنا إلّا إِليكَ ولا زُرْ / ناك إلّا عن سَيْبِكَ المورودِ
وَقَضى اللّهُ في عَطاياك منهُ / وعطاياك عندنا بالمزيدِ
ثُمّ نَادى في دارِ مُلْكك يادا / رُ أقيمِي محروسةً لا تبيدِي
وَمِنَ الآنِ فَاِستَمعْ لِنِدائي / بأياديك كلَّ بيتٍ شَرودِ
عَبِقٍ بِالقَبولِ ما كان عن حَب / بِ قلوبِ الرّجالِ بالمطرودِ
وَإِذا لَم يَكُنْ إِلى بابِك المَع / مورِ قَصدِي لعائقٍ فَقَصيدي
لا تَلُمني عَلى الهَوى
لا تَلُمني عَلى الهَوى / فَالهَوى غالبُ الجَلد
أيّما صالِحٍ مَضى / بِهَوى البيضِ ما فَسد
لَيسَ يَنجو مِن أن يصا / دَ بِحَبل الهوى أَحد
أَنا أَهواه ظالِماً / مخلفاً ما بهِ وعد
كلّما قُمت طالباً / وَصلهُ في الهَوى قَعد
وَإِذا ما نَفى وشر / رَدَ عنّي الكرى رَقد
لَيت أنّا لا نعرف القومَ فيهمْ
لَيت أنّا لا نعرف القومَ فيهمْ / حَيَدٌ عن ودادنا واِزوِرارُ
وَلَبِئس الصّديقُ هبّ نسيماً / بمقالٍ وبالحُشاشةِ نارُ
وإذا سمتُهُ نهوضاً بثِقْلٍ / خاننِي منه عودُهُ الخَوّارُ
فعفاءٌ على وداد أُناسٍ / هو ما بينهمْ غبارٌ مُثارُ
إنَّ قوماً كانوا الكرامَ لدينا / أوحشتْ منهمُ علينا الدّيارُ
لم يَبِتْ بينهمْ قبيحٌ ولا عر / رَجَ فيهم فيما يُعرّجُ عارُ
هم ليوثٌ إذا اِستحرَّت وَفي يو / مِ عطاءٍ هُمُ عطاءً بحارُ
خلّفونا وعرّسوا في محلٍّ / هَجَرتْهُ الخُطا فليس يُزارُ
ما لهمْ مؤنِسٌ سوى عَرفجِ الدو / وِ سقاهمِ كما سقاه القُطارُ
فتراهمْ في القاع صرعى كَرَكْبٍ / هجّروا عندنا قليلاً وساروا
خَلِّ مَن كانَ لِلجنادلِ جارا
خَلِّ مَن كانَ لِلجنادلِ جارا / لا تُعِرهُ تلهّفاً واِدّكارا
فَغبين الرّجال مَن سلَبَتْهُ / نُوَبُ الدّهرِ في المصابِ اِصطبارا
وَاِعتَبر بِالّذين حلّوا من العل / ياءِ وَالكِبرياء داراً فدارا
مَلَكوا الأرضَ كلّها ثمّ مَن كا / نَ عَلى الأرضِ في الزمانِ مرارا
فترى دورهمْ وكنّ مِلاءً / بالمسرّات بعدهنّ قفارا
مُظلماتٍ مِن بعدِ أَن أوقدت في / ها اللّيالي نوراً يلوح ونارا
وأكفَّا يوابساً طالمَا فِضْ / ن على الخلق عَسْجَداً أو نُضارا
أين قومٌ كنّا نراهمْ على الأط / واد حلّوا ثرى الصّعيد اِنتِشارا
وَحَموا الأنجمَ العُلا غير راضي / نَ لَهم ذلك الجوارَ جِوارا
كلُّ قَرْمٍ قد طاب أصلاً وفرعاً / وقديماً وحادثاً ونِجارا
ضمَّ ملكاً وبسطةً بيديهِ / طيّعاتٍ إلى البراري البحارا
وتراه يجرّ في كلِّ فجٍّ / طَلبَ العزِّ جيشَه الجرّارا
لَم يَزل آنس المفارقِ حتّى / خَلعَ الموتُ تاجَه والسِّوارا
ثُمّ وَلّى ممكِّناً مِن رَداه / فيه تلك الأنيابَ والأظفارا
إِنّ هَذا الزّمان يأخذ منّا / كلَّ يومٍ خِيارنا والخِيارا
وَأعزّاؤنا إِذا لَم يَفوتو / نا صغاراً فاتوا وماتوا كبارا
وكأنّ الّذي تهالك في الفَج / عاتِ حُزناً تظلَّمَ الأقدارا
حاشَ للَّه أَن تَكونوا وقد سِي / طَتْ بنا القارعاتُ فينا جُبارا
وَإِذا لَم تُطقْ ثقيلَ الرّزايا / فعلى ما نعجّزُ الأغمارا
عَزّ مَن بزّ مَن أراد وأفنى / حِمْيَراً تارةً وأخرى نِزارا
فَتَراهمْ مِن بعدِ عزٍّ عزيزٍ / في بطون الهُوى غُباراً مُطارا
وإذا ما أجَلْتَ بين ديارٍ / لَهُمُ اللّحظ لَم تَجِدها دِيارا
لم تَدعْ حادثاتُ هذي الليالي / منهُمُ أعيُناً ولا آثارا
وطَوَتْ عنهُمُ ومنهمْ إلى الأح / ياءِ منّا الأنباء والأخبارا
ورأينا من واعظاتِ المواضِي / لِلبواقي ما يَملأ الأبصارا
غَير أَنّا نَزدادُ في كلّ يومٍ / خُدَعاً مِن زَماننا وَاِغتِرارا
فَإِلى كَم نصدّق المَيْنَ منه / كلَّ يومٍ ونأمنُ الغَرّارا
وَنَسومُ الأرباحَ والرّبح يا صا / حِ إذا ما مضيت كان خسارا
يا اِبنَ عبد العزيز ليتك ما بِنتَ / ولا سار سائرٌ بك سارا
كان حِذري عَليك يستلب الغُمْ / ضَ سُهاداً فقد كفيتُ الحِذارا
إِنّما المَرءُ طائرٌ سكن الوَكْ / رَ قليلاً مهجّراً ثمَّ طارا
وَطِوال السّنين بعدَ تقضٍّ / وَنفادٍ ما كنّ إلّا اِستدارا
وَظلامٍ ما جاء غِبَّ صباحٍ / ملأ الأرضَ كلَّها وَاِستنارا
لَيسَ عاراً هَذا المصابُ وكان ال / ضَعفُ عنه بين الأجالدِ عارا
إِنّما العَيشُ لو تأمَّلتَ ثوبٌ / خِيل مُلكاً لنا وكان مُعارا
أيّها الثّاكل المحبّةَ لا تث / كلْ جزاءً عنها طويلاً كُثارا
وَاِصطَبر مؤثراً تفُز بِثَوابٍ / لا تُضِعْهُ بِأَن صَبرتَ اِضطِرارا
فَدَع الشَّكوَ مِن جروحِ اللّيالي / فجروح الأيَّام كنّ جُبارا
لا تشكّنَّ بالّذي قَسَمَ الأع / مارَ فاللَّهُ قسّمَ الأعمارا
وَبلغتَ الأوطارَ قِدْماً فما را / بَكَ يوماً أن تحرم الأوطارا
قَد مَضى رائداً أَمامك بِشْرِي / لك في عرْصةِ الجنانِ قرارا
أَيُّ نَفعٍ في أَن تُقيم وتمضِي / حَيَداً عن ثَوابِهِ وَاِزوِرارا
وَإِذا ما وزنتَ ذاكَ بِهذا / كنتَ معطىً فيما عراك الخِيارا
وَلَو اِنّي اِستَطعتُ دفعاً لدافع / ت ولكن جاراك مَنْ لا يُجارى
كنْ وَقوراً على مضاضةِ خطبٍ / حطّ عن مَنْكِبَيْ سواك الوَقارا
وَاِصحُ كي تُدرك الثّوابَ فكلّ ال / ناسِ في هذه الخطوبِ سُكارى
وَاِستَمعْ ما أَقوله ودعِ الأَقْ / والَ فالقولُ ما صفا وأنارا
وَإِذا ما سواك كان دِثاراً / كنتَ لِي بالوِدادِ منك شِعارا
وَسَقى اللَّه قَبره كلّما اِرفض / ضَ قُطارٌ ثنى إليه قُطارا
وَتَولّى به الغمامُ يُسقّي / هِ متى شاء ظُلمةً ونهارا
وَتَرى بَرقَه ضَحوكاً وإِن كا / نَ عَبوساً ورعده النقّارا
وعَدَته الجدوبُ في كلِّ مَحْلٍ / وكَسَتْهُ أنوارهُ الأنوارا
يا دِيارَ الأحبابِ كيفَ تحوَّل
يا دِيارَ الأحبابِ كيفَ تحوَّل / تِ قفاراً وَلَم تَكوني قِفارا
ومحتْ منك حادثاتُ اللّيالي / رغم أنفي الشّموسَ والأقمارا
وَاِستَردّ الزمانُ منك وَما سا / ور في ذاك كلّه ما أعارا
وَرَأتكِ العيونُ لَيلاً بهيماً / بَعدَ أَن كنتِ للعيون نهارا
كَم لياليَّ فيك همّاً طوالٌ / وَلَقد كُنّ قَبل ذاك قصارا
لِمَ أصبحتِ لي ثماداً وقد كن / تِ لمن يبتغي نَداكِ بحارا
ولقد كنتِ برهةً لِي يميناً / ما توقّعتُ أن تكوني يَسارا
إِنّ قوماً حلّوكِ دهراً وولَّوْا / أَوحشوا بالنّوى علينا الدّيارا
زوَّدونا ما يمنع الغُمْضَ للعي / ن ويُنبي عن الجُنوبِ القرارا
يا خليلي كن طائعاً لِيَ ما دُم / تَ خليلاً وإن ركبتَ الخِطارا
ما أُبالي فيك الحِذارَ فلا تخ / شَ إِذا ما رضيتُ عنك حِذارا
عُج بأرضِ الطّفوفِ عيسك واِعْقِلْ / هُنَّ فيها ولا تجزهنَّ دارا
وَاِبكِ لِي مُسعِداً لحزنِيَ وَاِمنح / ني دموعاً إن كنّ فيك غِزارا
فَلنا بالطّفوف قتلى وَلا ذَنْ / بَ سوى البغيِ من عدىً وأُسارى
لَم يَذوقوا الرّدى جُزافاً ولكنْ / بَعدَ أَن أكرهوا القنا والشِّفارا
وأطاروا فَراشَ كلِّ رؤوسٍ / وأماروا ذاك النجيعَ المُمارا
إنّ يوم الطّفوف رنّحني حُزْ / ناً عليكم وما شربتُ عُقارا
وإذا ما ذكرتُ منه الّذي ما / كنتُ أنساه ضيّق الأقطارا
وَرَمى بي عَلى الهمومِ وَأَلقى / حَيَداً عَن تنعّمي وَاِزوِرارا
كِدتُ لمّا رَأيتُ إقدامهمْ في / هِ عليكم أن أهتِك الأستارا
وأقول الذي كتمتُ زماناً / وتوارى عن الحشا ما توارى
قُل لِقومٍ بنوا بغيرِ أَساسٍ / في ديارٍ ما يملكون مَنارا
وَاِستَعاروا مِنَ الزّمان وَما زا / لَتْ لَياليهِ تَستَرِدُّ المُعارا
ليس أمرٌ غصبتموه لزاماً / لا ولا منزلٌ سكنتمْ قرارا
أيُّ شيءٍ نَفعاً وضرّاً على ما / عوّد الدّهرُ لم يكن أطوارا
قَد غَدَرتمْ كَما عَلِمتم بِقومٍ / لم يكن فيهم فتىً غدّارا
وَدَعوتمْ مِنهمْ إِلَيكم مُجيباً / كرماً منهُمُ وعُوداً نِضارا
أمِنوكمْ فما وفيتمْ وكم ذا / آمنٌ من وفائنا الغدّارا
ولكُمْ عنهُمُ نجاءٌ بعيدٌ / لو رضُوا بالنّجاء منكم فرارا
وَأَتوكمْ كَما أَرَدتمْ فلمّا / عاينوا عسكراً لكمْ جرّارا
وَسُيوفاً طوَوْا عَليها أكفّاً / وقناً في أيمانكمْ خطّارا
عَلِموا أنّكم خَدعتمْ وقد يخ / دَعُ مكراً من لم يكن مكّارا
كانَ من قبل ذاكَ سترٌ رقيقٌ / بَيننا فَاِستَلبتُمُ الأستارا
وَتَناسيتُمُ وما قَدُمَ العه / دُ عهوداً معقودةً وذمارا
وَمَقالاً ما قيل رَجماً مُحالاً / وكلاماً ما قيل فينا سِرارا
قَد سَبرناكُمُ فكنتم سَراباً / وخبرناكُمُ فكنتمْ خَبارا
وهديناكُمُ إلى طُرُقِ الحق / قِ فكنتمْ عنّا غفولاً حَيارى
وَأَردتمْ عزّاً عَزيزاً فما اِزددْ / تمْ بِذاك الصّنيع إلّا صَغارا
وَطَلبتم رِبحاً وَكَم عادتِ الأر / باح ما بيننا فعدن خسارا
كانَ ما تضمرون فينا من الشر / رِ ضِماراً فالآن عاد جهارا
في غدٍ تبصر العيونُ إذا ما / حُلنَ فيكمْ إقبالَكمْ إدبارا
وتودّون لو يفيد تمنٍّ / أنّكم ما ملكتُمُ دينارا
لا ولا حُزتُمُ بأيديكُمُ في ال / ناس ذاك الإيراد والإصدارا
عدِّ عن معشرٍ تناءوا عنِ الحَق / قِ وعن شَعبه العزيز مَزارا
لَم يَكونوا زيناً لِقومهمُ الغر / رِ ولكن شيناً طويلاً وعارا
وَكأنّي أثنيكمُ عن قبيحٍ / بمقالي أزيدكم إصرارا
قَد سَمِعتمْ ما قالَ فينا رسول ال / له يَتلوهُ مَرّةً وَمِرارا
وَهوَ الجاعل الّذين تَراخوا / عن هوانا من قومه كفّارا
وإذا ما عصيتُمُ في ذويه / حال منكمْ إقرارُكمْ إنكارا
ليس عذرٌ لكم فيقبله اللّ / ه غداً يوم يقبل الأعذارا
وغُرِرتمْ بالحلمِ عنكم وما زِي / دَ جهولٌ بالحلم إلّا اِغتِرارا
وَأَخَذتم عَمّا جرى يومَ بدرٍ / وَحُنينٍ فيما تخالونَ ثارا
حاشَ للَّه ما قَطعتم فَتيلاً / لا ولا صرتُمُ بذاك مصارا
إِنّ نورَ الإِسلامِ ثاوٍ وَما اِسطا / عَ رِجالٌ أَن يَكسِفوا الأَنوارا
قَد ثَلَلْنا عروشَكمْ وَطَمَسنا / بِيَدِ الحقّ تلكُمُ الآثارا
وَطَردناكُمُ عنِ الكفرِ باللّ / ه مُقاماً ومنطقاً وديارا
ثمّ قُدناكُمُ إِلَينا كَما قا / دتْ رُعاةُ الأنعام فينا العِشارا
كَم أَطَعتمْ أَمراً لَنا وَاِطّرَحنا / ما تَقولون ذِلَّةً وَاِحتِقارا
وَفَضَلْناكُمُ وما كنتُمُ قط / ط عنِ الطّائلين إلّا قِصارا
كَم لَنا منكمُ جروحٌ رِغابٌ / وجروحٌ لمّا يكنّ جِبارا
وضِرارٌ لولا الوصيّة بالسِّلْ / مِ وبالحلم خاب ذاك ضِرارا
وَاِدَّعَيتمْ إلى نِزارٍ وأنّى / صدقكمْ بعد أن فضحتمْ نِزارا
وإذا ما الفروع حِدنَ عن الأص / ل بعيداً فما قَرُبن نِجارا
إِنّ قَوماً دَنوا إِلَينا وشبّوا / ضَرَماً بيننا لهمْ وأُوارا
ما أَرادوا إلّا البَوارَ وَلَكنْ / كَم حَمى اللَّهُ مَن أَرادَ البَوارا
فَإِلى كَم والتجرِباتُ شعاري / ودثاري ألابس الأغمارا
وَبَطيئينَ عَن جَميلٍ فإن عَن / نَ قَبيحٌ سَعوْا لَه إِحضارا
قسماً بالّذي تُساقُ له البُدْ / نُ ويُكسى فوق السّتار ستارا
وَبِقومٍ أتوا مِنىً لا لشيءٍ / غير أن يقذفوا بها الأحجارا
وبأيدٍ يُرفَعْنَ في عَرَفاتٍ / داعياتٍ مخوِّلاً غفّارا
كم أتاها مخيَّبٌ ما يُرجّى / فَاِنثَنى بالغاً بها الأوطارا
والمصلّين عند جَمْعٍ يرجّو / ن الّذي ما اِستجيرَ إلّا أَجارا
فَوقَ خُوصٍ كللن مِن بعدِ أَن بل / لَغنَ تلك الآمادَ والأسفارا
وَأَعاد الهجيرُ والقُرُّ والرَّوحا / تُ منها تحت الهِجار هِجارا
يا بَني الوحي والرّسالة والتَّط / هير من ربّهمْ لهمْ إكبارا
إنّكم خيرُ من تكون له الخَض / راءُ سقفاً والعاصفاتُ إزارا
وَخيار الأنيسِ لَولاكُمُ في / ها تُحِلُّون من يكونوا خِيارا
وَإِذا ما شفعتُمُ مِن ذنوب ال / خلق طرّاً كانت هباءً مُطارا
وَلَقد كُنتُمُ لِدين رَسولِ ال / له فينا الأسماعَ والأبصارا
كُم أُداري العِدا فَهل في غيوب ال / لَه يومٌ أخشى بِه وأدارى
وأُصادِي اللّئامَ دَهري فهل يق / ضى بأن بتّ للأكارم جارا
وأقاسي الشّدّاتِ بُعداً وقرباً / وأخوض الغمار ثمّ الغمارا
وَأُموراً يعيينَ لِلخَلقِ لَولا / أنّني كنت في الأذى صبّارا
أَنا ظامٍ وليس أَنقع أَن أُب / صِرَ عَيني في الخلقِ إلّا الشّرارا
لَيتَ أنّي طِوالَ هَذي اللّيالي / نلتُ فيهنّ ساعةً إيثارا
وَإِذا لَم أَذق منَ الدّهر إحلا / ءً مدى العمر لم أذق إمرارا
مَيُّ أنَّى لِي أن أقصُر اليومَ عن كل / لِ الأماني إن أملك الإقصارا
سالياً عن غروس أيدي اللّيالي / كيف شاءت وقد رأيت الثّمارا
أَيُّ نَفعٍ في أَن أراها دياراً / خالياتٍ ولا أرى دَيّارا
وسُكارى الزّمان بالطّمع الكا / ذب فيه أعيوا عليَّ السّكارى
فَسَقى اللَّه ما نَزلتُم من الأر / ض عليه الأنواءَ والأمطارا
وَإِذا ما اِغتَدى إِليها قِطارٌ / فَثَنى اللَّه لِلرّواح قُطارا
ما حَدا راكبٌ بركْبٍ وما دب / بَ مَطيُّ الفلاة فيها وسارا
لَستُ أَرضى في نَصركمْ وَقد اِحتج / تمْ إلى النّصر مِنِّيَ الأشعارا
غَيرَ أنّي مَتى نُصرتمْ بطعنٍ / أو بضربٍ أسابق النّصّارا
وإلى أن يزول عن كفَّيَ المن / عُ خذوا اليوم من لساني اِنتِصارا
وَاِسمَعوا ناظرينَ نَصر يميني / بشبا البِيض فَحْلِيَ الهدّارا
فلساني يحكي حسامي طويلاً / بطويلٍ وما الغِرار غِرارا
وَأُمرنا بِالصّبر كي يأتِيَ الأم / رُ وما كلّنا يطيق اِصطِبارا
وَإِذا لَم نَكُن صَبرنا اِختياراً / عَن مرادٍ فقد صبرنا اِضطِرارا
أَنا مَهما جريت في مَدحكمْ شأ / واً بعيداً فلن أخافَ العثارا
وَإِذا ما رَثيتكمْ بقوافي / يَ سراعاً فمُرْجَلُ الحيِّ سارا
عاضَني اللَّه في فَضائِلكم عل / ماً بِشكٍّ وَزادني اِستِبصارا
وأراني منكم وفيكم سريعاً / كلَّ يومٍ ما يُعجب الأبصارا