المجموع : 17
دم أبا فاتك حليف بقاء
دم أبا فاتك حليف بقاء / فائض العدل والسنى السناء
قادراً قاهراً تذل وتردي / كل ضد بعزة قعساء
آمراً ناهياً يخاف ويرجى / منك يوم السراء والضراء
قابضاً باسطاً معزاً مذلاً / نافذ العزم ثاقب الآراء
أصبح الكامل بين شاور ذخراً / لأبي الفتح سيد الوزراء
أنتما لا خلت ممالك مصر / منكما حصنها من الأعداء
أنت يمنى يديه إن عن خطب / تتوقاه سائر الأعضاء
يا أبا فاتك نداء ولي / ما بدا بإخلاص وده من خفاء
لك دون الأنام عقد ثنائي / فنتقد دره وعقد ولائي
أنطقتني مناقب علمتني / كيف أثني بها على العلياء
ويمين كريمة وجبين / مستهلان بالحيا والحياء
أغنياني عن التملق حتى / قال وجهي أبقيتما في مائي
ولو أني دعوت جود شجاع / في مهم لبى نداه ندائي
قلت للمدعي مديح شجاع / مدح الشمس ما لها من ضياء
لو نظمنا له الكواكب كانت / دون ما يستحقه من ثناء
وقليل نظم النجوم لملك / جاز في المجد أنجم الجوزاء
لم يكن شربك الدواء لسقم / يرتجى برؤه بشرب الدواء
إنما احتلت للأطباء جوداً / منك حتى غمرتهم بالعطاء
فتمل الملك العظيم وجرر / ذيل عز وصحة وشفاء
وتمل العام الذي أنت أولى / فيه من كل منعم بالهناء
قد أتتني تلك اليد البيضاء
قد أتتني تلك اليد البيضاء / والأماني مصونة والرجاء
منة لا يلوح من عليها / وابتداء لا يبتديه ابتداء
فتقبلتها وقبلت منها / موضعاً مسه الندى والسخاء
وتخيرت في المكافأة عنها / فإذا خير ما ملكت الثناء
فبعثت المديح يشكر عني / منة ترك شكرها فحشاء
وعلى أنني وإن كنت ممن / تتحلى بشعره الجوزاء
فيد الشكر والمحامد أرض / ويد الفضل والجميل سماء
قل لمن يرتجي طنين الرباب
قل لمن يرتجي طنين الرباب / عند تغريد طائرات الذباب
أخلفت خلب البروق أراجي / ك كما أخلفت بحور السراب
ظامياً ظل يرقب العذب منها / فغدا شارباً كؤوس العذاب
فاجتنب ما غررت فيه وعرج / نحو رأي مستخلص كاللباب
والتمس غرب باترات من الغر / ب فما خاب حازم الاغتراب
واصدع الهم باهتمام أبي / لم يهب عزمه ركوب الصعاب
أنف العيش تحت خطة ضيم / فرمى طرفه فويق السحاب
ولتجدني متى عزمت رفيقاً / سائراً مسرعاً أمام الركاب
وهو قول عدلت فيه عن الغي / ر ولم أرتكب معمى الخطاب
وأنا واصل وراء كتابي / قادم خلفه على الأعقاب
يا محباً من النجوم الزبانا
يا محباً من النجوم الزبانا / ومن الأرض زبرة الحداد
وولي الزبير دنيا وتالي / معجزات الزبور في كل ناد
حبك الزب بغض الزبد عندي / والزبادي وزبية الآساد
أيها السيد الذي أنا عبده
أيها السيد الذي أنا عبده / والذي أنطق المدائح مجده
بي إلى وجهك الكريم غرام / في يديه عفو اشتياقي وكده
أنا إن زرت أو تخلفت عبد / بل ولي صفا وحقك وده
يستوي في الوفاء قربي وبعدي / وسواء قرب الوفي وبعده
سوف أثني على مودة مولى / ضاق عنها شكر الكلام وحمده
نجم دين فلا اعتراه أفول / صارم للهدى فلا فل حده
قدره كاسمه رفيع فماذا / من علو المقدار ينكر ضده
إن يسد يافعاً فذلك عمر / ساد في مثله أبوه وجده
هو في الناس مثل ذا اليوم فيهم / ند في فضله فأعوز نده
يوم عيد هنئته ألف عام / وافد بالمنى رحابك وفده
عاد عن سنة العوائد فيه / صاحب لي من بعدها لا أعده
سحبت برده قوارض عتبي / بعدما شفني وحقك برده
ما درى لا درى بأني ممن / لا يرجى في مثل ذا اليوم رفده
وبأني وإن تطفلت ممن / يرتجى وصله ويرهب صده
وإذا شفه الظما بعد خمس / لم يرد منهلاً تكدر ورده
وإذا ما استجد غيري صديقاً / فأبو العز خير من أستجده
أبيض الوجه والمساعي كريم / جاءني فقده ولم يأت نقده
نطقت عنك ألسن الأغماد
نطقت عنك ألسن الأغماد / بجدال الرقاب يوم الجلاد
وسرى الحمد من لسان القوافي / مخبراً عن نداك في كل ناد
فتمتع بدولة خدمتها / بالتهاني مواسم الأعياد
دولة عاضدية حاسدوها / في انتقاص وخيرها في ازدياد
لك من صدرها محل الفؤاد / أو فمن طرفها محل السواد
فعل محمود كاسمه بعد أيو / ب وفاء أو كاسمه في الأيادي
ساد فيها وسد عنها خطوباً / ذهبت بين عزمه والسداد
أنت ثبتها برغم المداجي / في بداياتها ورغم المعادي
أدرفت خلفها رجالاً وخلت / معها منتهى عنان الهادي
لا خلت منك والداً لك منها / في المهمات طاعة الأولاد
والداً ألفت مساعيه فيها / بين أجفانها وبين الرقاد
هيبة تملأ الصدور ولكن / أين فيها تواضع العباد
لم تزل تغمر القلوب إلى أن / زرعت حب حبه في الفؤاد
فله في النفوس خالص ود / ثابت في ضمائر الاعتقاد
طهر الله صدره حين أعلى / قدره عن ضغائن الأحقاد
ساكن الروح سؤدداً ووقاراً / وهي أقوى في العصف من ريح
لا تغرنك البشاشة منه / وامش رفقاً فالنار تحت الرماد
لا تحرك زناده باقتداح / فلظى النار كامن في الزناد
وكذا البحر لم يزل قط يردي / وهو في العين ساكن الموج هادي
والمواضي تخشى وإن لم يجرد / حدها من بطائن الأغماد
يا شهاب الإسلام ديناً ونيا / وجزيل الندى وصدر النادي
قد جهلنا من كان يدعى كريماً / مذ عرفناك يا رسيل الغوادي
فقدت راحتيك أيدي رجال / مالها عادة ببذل الأيادي
عندهم منطق وكف جماد / ومن المعجزات نطق الجماد
كم خرطنا أغصانهم فوجدنا / بين أوراقهن شوك القتاد
جهلوا ما عرفت مني وفضلي / علم فوق شامخ الأطواد
نقصوني من حيث زادوا فكانوا / نسباً زاد نقصه بزياد
أنت واصلت بالكرامة بري / وهي أقصى مطالبي ومرادي
ثم أتبعتها بألطاف بر / بالغت في تعهدي وافتقادي
مكرمات جلبن حمدي وودي / والأيادي من جالبات الوداد
آنستني أخلاقك الغر حتى / قلدتني بل ملكتك قيادي
وتأملتني بعين خبير / سالم الفكر ثاقب الانتقاد
ثم عاملتني بما ينبغي لي / من وقار ونائل مستفاد
فابق تلقى محرماً ألف عام / قاصداً منك قبلة القصاد
بدوام العلى كبت الأعادي / وبلوغ المنى ونيل المراد
طمع المرء في الحياة غرور
طمع المرء في الحياة غرور / وطويل الآمال فيها قصير
وحياة الإنسان ثوب معار / واجب أن يرده المستعير
يفرح المرء بالمسرات أحيا / ناً وهيهات أن يدوم السرور
ويريد الصفاء من ود دنيا / لم يزل في صفائها تكدير
طالما عوشرت فغرت وعزت / وبدت في السرور منها الشرور
ولكم واثق بها خدعته / وهو مغرى بحبها مغرور
ولكم قدر الفتى فأتته / نوب لم يحط بها التقدير
ضاع تدبير حازم لم يعنه / من له الأمر فيه والتدبير
ليت يوم الاثنين لم تبتسم لي / عن محياه لليالي ثغور
طلعت شمسه بيوم عبوس / حير الطير شره المستطير
وتجلى صباحه عن جبين / إثمد الليل فوق مذرور
صبح المجد في صبيحة ذاك الي / وم غبراء صيلم عنقفير
بلغ الدهر عندها ما تمنى / وعليها كان الزمان يدور
حادث ظلت الحوادث مما / شاهدته من جوره تستجير
ترجف الأرض حين تخبر عنه / وتكاد السماء منه تمور
طبق الأرض من مصاب أبي الغ / ارات خطب له النجوم تغور
فض ختم الحياة عنك حمام / لا يراعي إذناً ولا يستشير
وترقت إلى ثبير خطوب / شاخ تحت التراب منها ثبير
ما تخطى إلى جلالك إلا / قدر أمره علينا قدير
بذرت عمرك الليالي سفاهاً / فسيعلمن ما جنى التبذير
سوف يصحو سكران وقت ويلقى / سورة الخمر شارب مخمور
قل لصرف الردى بأي زمان / قدت صعباً إباؤه مشهور
وبأي الرقى توصلت / حتى سكن الصعب واستكان النفور
يا غياث الأنام هل من لقاء / تشتفي لوعة به وزفير
يا أمير الجيوش هل لك علم / أن حر الأسى علينا أمير
إن قبراً حللته لغني / إن دهراً فارقته لفقير
هل يداوى بلثم تربك داء / جره فقدك الأجاج المرير
عطل المدح والنسيب وقامت / قدم الرثاء وهي عثور
إن أقم فيك والرثاء جبان / فمديحي كما علمت جسور
يا أبا الوفد والضيوف تفضل / بقراهم وغيرك المأمور
وأجرهم أن يحجبوا عن ضريح / حل فيه منك العزيز المجير
فلعل العيان يشفي نفوساً / نغلت من همومهن الصدور
وبعيد عنك السلو بشيء / ولك الفكر موطن والضمير
سوف تمضي وحزننا مستجد / بعد ذا الشهر أشهر ودهور
لا يظن الزمان أنك تنسى / عظم الخطب فالسلو عسير
يحسن الصبر في البلاء وهذا / فادح ماعليه منا صبور
سخنت بالبعاد عنك عيون / كنت حياً وطرفهن قرير
أنست بالحداد فيك إلى أن / شجبت أوجه وطالت شعور
سهرت حسرة عليك ونامت / مقل في وفائها تقصير
لا تظن الأيام أنك ميت / لم يمت من ثناؤه منشور
لك رضوان زائر ولقوم / هلكوا فيك منكر ونكير
حفظت عهدك الخلافة حفظاً / أنت منها به خليق جدير
أحسنت بعدك الصنيعة فينا / فاستوت منك غيبة وحضور
وأبى الله أن يتم عليها / ما نوى حاسد لها أو كفور
ضيقوا حفرة المكيدة لكن / ضاق بالناكثين ذاك الحفير
وتجروا على القصور بقدر / وسراج الوفاء فيها ينير
حرم آمن وشهر حرام / هتكت منهما عرى وستور
لا صيام نهاهم لا إمام / طاهر ترب أخمصيه طهور
أخفروا ذمة الهدى بعد علم / ويقين أن الإمام خفير
وإذا ما وفت خدور البوادي / بذمام فما تقول القصور
غضب العاضد الإمام فكادت / فرقاً منه أن تذوب الصخور
أدرك الثأر من عداه بعزم / لم يكن في النشاط منه فتور
واستقامت بنصره وهداه / حجة الله واستمر المرير
إذا مضى كافل فهذا كفيل / أو وزير ولى فهذا وزير
دولة صالحية خلفتها / دولة عادلية لا تجور
نشرت ذكرها وأحيت علاها / هكذا هكذا يكون النشور
لو رأت عينه فعالك قرت / واستقرت بساكنيها القبور
كل ما أنت فاعل من جميل / فهو عنه مخلد مأثور
شرف باذخ ومجد رفيع / يستوي فيه أول وأخير
أعقب الدهر بؤسه بنعيم / رب حزن في الطي منه سرور
ما شكونا كسر النوائب حتى / قيل في الحال كسركم مجبور
نصر الناصر العلى بالعوالي / ولنعم المولى ونعم النصير
ملك طالما تمناه تاج / ورتاج ومنبر وسرير
لو خلا الدست قبله ومن وقار / خف شوقاً إليه دست وقور
ما شككنا وفي الظنون يقين / أن أمر الورى إليه يصير
لم يلقب ذخر الأئمة إلا / وهو كنز لملكهم مذخور
لم تزر بابه الوزارة إلا / وله العير قبلها والنفير
لم يحز رتبة الكفالة إلا / والليالي إليه فيها تشير
ما أراد الجلوس إلا تجلى / ملك أبلج وملك كبير
أشرق الدست منه عن نور وجه / يرجع الطرف عنه وهو حسير
هو شمس الهدى وأبناء رزي / ك نجوم من حوله وبدور
هم يمين على العدى حين يسطو / وهو قطب به رحاهم تدور
ركبوا صهوة العلى بصعود / مالهم من صعودهن حدور
الليوث التي رداها عنيد / والغيوث التي نداها بحور
سكنوا طائش القلوب وكانت / مرجل الشر والبلاء يفور
وأقاموا ميل الرقاب إلى أن / تركوها مهابة وهي صور
عززوا الملك من عيون الأعادي / بذكور تقلدتها ذكور
عميت عن كمالهم كل عين / أي طرف يضر وهو ضرير
حملوا ملكهم وحاطوا حماهم / فهم فوقه سوار وسور
أهل بيت إذا نصحتك عنهم / فهم اللب والأنام القشور
لم أعرهم شهادة مع أني / لمديحي من فضلهم أستعير
سادهم أبلج يفديه منهم / بأبيه صغيرهم والكبير
عادل أقسمت صروف الليالي / أنها في زمانه لا تغير
ساس أمر الورى بعزم وحزم / أغنياه عما يقول المشير
مستقل ثقل الخطوب اللواتي / تنحني تحت ثقلهن الظهور
رضيته النفوس طوعاً وكرها / واطمأنت على يديه الأمور
نصر الجود بأسه بالعطايا / فالندى للردى أخ ونصير
طالعوا سيرة الملوك ففيها / خبر الجود عنهم مسطور
وانظروها لتعلموا فضل ملك / ماله في بني الزمان نظير
إن مصراًً بعدله ونداه / بلد طيب ورب غفور
لا يقولن جاهل بالقوافي / ذهب الناقد السميع البصير
فالمرجى أبو شجاع خبير / بمقادير أهلهن خبير
كنت أخشى بأن يقول المنادي / أيها الضيف جف عنك الغدير
فابتداني بفضله قائلاً لي / لك ظل فيه المحل الأثير
ثم أدى اليد التي كل خل / حاسد لي من أجلها وغيور
ملك القلب واللسان فهذا / مضمر حبه وهذا شكور
بات يرعى السها بطرف مؤرق
بات يرعى السها بطرف مؤرق / وفؤاد من الغرام محرق
ليت أيامه السوالف يرجعن / ويجمعن طيب عيش مفرق
دمن أنبت الجمال ثراها / ورعى الشوق غصنها حين أورق
فتح الطل زهرها / وتولت نشره راحة النسيم الذي رق
فتوهمتها أعيرت سجايا / شرف الدولة السديد الموفق
عرف الجود كفه فاصطفاها / قبل أن يعرف السؤال ويخلق
فلها راحة تروح وتغدو / في عراص الرجا بنار المحلق
يا ابن جبر ولم أقل يا ابن جبر / جاهلاً أن ذكري النعت أليق
غير أن الألقاب كالعرض الزا / ئل والاسم جوهر متحقق
لست ممن يقول فيك جزافاً / مستحيلاً بل لا أقول سوى الحق
أنت تجري على سجية نفس / كل ساع لشأوها ليس يلحق
شفع الفضل وترها بسجايا / همها تخطب المهم ولو شق
شيم يقصر المخبر عنها / وسماع مثل العيان المحقق
شوق الشعر ذكرهن إليهن / وقلبي إلى لقائك أشوق
وعجيب أني بعثت القوافي / نحو مثر بفضلها يتصدق
فاتحاً باب وده بقواف / لم يزل بابها عن الناس مغلق
خاطباً عنده كريمة ود / يشرط المجد أنها لا تطلق
مرحباً مرحباً قدومك بالسع
مرحباً مرحباً قدومك بالسع / د فقد أشرقت بك الآفاق
لو فرشنا الأحداق حتى تطاهن / لقلت في حقك الأحداق
خفة الروح واجتناب الثقاله
خفة الروح واجتناب الثقاله / فتحا للقريض باب المقالة
فليدعني من التمعقل تيس / ليس يدري من أين تأتي الغزالة
مل فكري في الشعر من فرد لون / أي نفس لا تعتريها الملالة
كل يوم كدح ومدح وقدح / يشعل القلب كاشتعال الذبالة
قد بدا لي أن اجعل الجد هزلاً / فليقل في عاذل ما بدا له
قلت إذ قيل لي ألست بعدل / في كذا في كذا من أم العدالة
لو فتشنا عدولنا لخجلنا / ووجدنا صفو الرجال حثالة
غير أنا في دولة الملك النا / صر محيي الهدى مميت الضلالة
ساتر العيب حافظ الغيب نرجو / وبل إحسانه ونخشى وباله
ملك جمل الكفالة لما / فوضت نحوه أمور الكفالة
ورث المجد عن أبيه فقلنا / لم يرثها أبو شجاع كلالة
فاق أهل الزمان شرقاً وغرباً / وبنقصانهم عرفنا كماله
بسط الله في البسيطة والخل / ق جميعاً يمينه وشماله
فاجتلوا من حياته وحياه / كل وقت جميله وجماله
أيها لسيد الذي أنكرتني / نوب الدهر مذ عرفنا نواله
عرضت حاجة ومالي فيها / حين تقضى إلا ثواب الدلالة
كان لي جعبتان أوجب حكم / الشرع أن يدفعا إلى النباله
فتفضل بسكر وكباش / كيفما شئت نقدة أو حواله
فلو أن السها غريمي وأضحى / منك لي ناصر نتفت سباله
وعلى رأيك الجميل ارتياشي / وانتعاشي من عطلتي والبطالة
ليقول الورى بغير خلاف / صنع الخير عند من فيه آله
والدعاوى إذا رجعنا إلى الحق / عليكم حماقة وجهالة
أي حق على علاك لضيف / أنت حليت باصطناعك حاله
قد غدا شعره لملك كلباً / ينبح الناس عنك فوق الزبالة
لم أرد الجواب في الظهر إلا
لم أرد الجواب في الظهر إلا / عامداً في خفاء شكوك حالك
ولئلا تبقى فيكشف مالي / من خطوب كشفن بالفقر مالك
خذ حديثي فإنه معسول
خذ حديثي فإنه معسول / ورجال حديثهم مغسول
بت حيث التفت شاهدت روضاً / وغديراً وقابلتني قبول
غير أن القدود لم أك أدري / قبل هذا من أي شيء تميل
وغصون الحدائق الخضر جار / بينهن العناق والتقبيل
فجرى من رويحة الفجر فيها / نفس خافت النسيم عليل
فأثارت بعد السكون حراكاً / هزها منه شمأل وشمول
فإذا القد مال بعد اعتدال / فتيقن أن النسيم عذول
حبذا جور غادة تتثنى / باعتدال وفي هواها عدول
لم يزل سحرها إلى الوصل باباً / منه نحو الرضى يكون الوصول
أنا في أسرها وأسري عليها / فكلانا هو العزيز الذليل
كلما قلت أستطيل عليها / حكم الحب أنها تستطيل
غزلي من قرينة الحال لا من / غزل صدق أهله مستحيل
ولا سلو ولا علو ولكن / لي طلوع مع الهوى ونزول
وإذا جر مقودي لم أجاذب / فيه والعاشق الحرون ثقيل
ومتى قلت تقطع الهجر قالت / لا يجوز الخروج عما تقول
ولها شافعان خلق وخلق / كل ما شئت منهما فجميل
غير أن الدلال شأن الغواني / والمبرا من العيوب قليل
وبنو منقذ إذا الشعر لم يو / سم بأسمائهم عراه الخمول
وإذا أثنت القوافي عليهم / شرفوها فحظهن جزيل
سبقت مولد الزمان علاهم / فهو جار ما بينهم ونزيل
فإذا كنت للمبارك خلاً / فلك الدهر خادم وخليل
الكريم الذي إذا فاض جوداً / فله البحر والغمام رسيل
ملك يحتمي بحدي ظباه / وسطاه رعية ورعيل
الكبير الأخص لم ينعتوه / باختصاص وقدره مجهول
إنما النعت في معاليه فضل / وهو في نعت آخرين فضول
لم يفارق أهل الصعيدين إلا / ولمن فيهما عليه عويل
أفسدتهم عوائد لك فيهم / ضل عنها الحادي وحار الدليل
ولو أن النجوم رامت مساعيك / لسدت في وجههن السبيل
أنت بالسيف واليراعة أدرى / ولك البيض واليراع قبيل
لست ممن يزداد إن قلدوه / عملاً قدرك الجليل جليل
ولا ولا أنت من رجال إذا ما / عزلوهم بمجدهم مهزول
وإذا كنت والياً بالسجايا / والعطايا فغيرك المعزول
لك في كل ناظر وضمير / إمرة أمر حكمها لا يزول
ومكان مخيم حيث وجه الب / در تاج والمشتري إكليل
وأواخي رياسة يتوخى العزم / فيها والصارم المسلول
وإذا المنقذ حاول نصراً / للقوافي فغيرها المخذول
يستمد المديح من حسنات / مجدها واسع الرداء صقيل
نسب صار في البسيطة عنه / حسب فخره عري طويل
هذه خدمة القدوم دعاها / سائق مزعج وحاد عجول
فتقبل لطائفاً ليس عنها / من ثواب يجوز إلا القبول
كلمات تأتي الحزون وتمشي / حيث لانت أباطح وسهول
وإذا ما أردت نحت صخور / فلساني بنحتهن كفيل
كلما رمت سلمه رام حربي
كلما رمت سلمه رام حربي / ما لهذا الوضيع قولوا ومالي
أجرب العرض يشتفي بهجائي / وهو عرض بالذم ليس يبالي
أفصح الناس في ثلاث حروف / وهو في غيرها قليل المجال
مولع في الكلام بالزاي / والقاف معنى بباء بظر العيال
أيها الناس والخطاب إلى من
أيها الناس والخطاب إلى من / هو من حيث فضله إنسان
هذه خطبة إلى غير شخص / نظمت نثر عقدها الآذان
لم أخصص بها فلاناً فإني / في زمان ما في بنيه فلان
من يكن عنده مزية فهم / فليكن سامعاً فعندي لسان
لم يميز بين البرية إلا / حسنات يزينها الإنسان
والخطايا مستورة بالعطايا / كم جميل به المساوي تصان
لا يغرنكم زيادة حال / فالزيادات بعدها النقصان
وإذا الدوح لم يظل من الشم / س فلا أورقت له الأغصان
وأحق الأنام بالذم جيل / بين أبنائه الكريم يهان
طرق الجود غير ما نحن فيه / قد سمعنا الدعوى فأين البيان
أصبح الجود قصة عند قوم / مستحيل في حقها الإمكان
وعدمنا بشراً يدل عليه / إنما النار حيث نم الدخان
كذبوني بواحد يهب الأل / ف وأنّى من السماع العيان
كم شبعتم ونحن في الحي غرثى / هل أمنتم أن ينفث الغرثان
وصدرتم ريا ونحن عطاش / فلماذا يترشح العطشان
لا بشاشاتنا رضى فأفيقوا / رب راض وقلبه غضبان
ذمنا للزمان ذم لمن في / ه وحق أن لا يذم الزمان
نبهتني حمامة بسحير
نبهتني حمامة بسحير / عند تغريدها على الأغصان
هتفت بي وقد تحدر دمعي / فوق خدي أحمراً كالجمان
زدت هماً بنوحها فوق همي / واعتراني حزن على أحزاني
قلت ماذا التغريد قالت دهاني / في خليلي ريب من الحدثان
قلت إن كنت قد عدمت خليلاً / فأنا قد عدمت ظبية بان
دعجة المقلتين في وجنتيها / وردة من شقائق النعمان
كملت عفة وديناً وفخراً / وبهاء يزهى على كيوان
أصلها طيب وفرع زكي / مورق العود يانع الأغصان
وعدمت السلو واعتضت عنه / زفرات اللهيب والنيارن
إذ دهتني فيه خطوب الليالي / ورمتني عن قوسها المرنان
وخلت بعدها الديار فأضحت / موطناً للذئاب والغربان
بعد عهدي بها أنيسة رسم / فرمتها المنون بالشنآن
غدرتنا الأيام بعد اجتماع / بددت شملنا من الأوطان
فصغير باك بقلب قريح / وكبير ينوح بالأشجان
بعضنا قد قضى وبعض سيتلو / والمنايا تحثنا بسنان
ويح قلبي لما حدى حادي المو / ت وساروا بنعشها للمكان
أنزلوها في الترب رغماً برغمي / ثم صارت رهينة الأكفان
غيبوا شخصها فغاب صوابي / وبهائي ومهجتي وجناني
وتمنيت لو فديت ثراها / بسواد العيون من أجفاني
رحت عنها بخيبة وإياس / ولهيب يمض كالأفعوان
كان أنسي بها قديماً وقدماً / كنت أسطو به على الأزمان
تركتني فرداً أكابد شبلي / وأرد النواح بالألحان
وأقضي عمري بظن كذوب / وبقلبي ما لا يؤدي لساني
فسلام عليك ما غرد الطي / ر على أيكة من الأغصان
وحباك الإله منه نعيماً / دائماً ثابتاً مع الولدان
في خلود من الجنان مقيم / مع حريم النبي مع رضوان
حرت ماذا أقول فيما دهاني
حرت ماذا أقول فيما دهاني / في بني ذخرته لزماني
هل هو الدهر قد تعدى عليه / أم أمور جرت من الرحمن
إن يكن ذا فعاله فهو عدل / أو يكن ذا جرى من الحدثان
فعلى الجملة التي زخرفوها / إن هذا ظلم بلا هذيان
خطبتني الخطوب بالهم لما
خطبتني الخطوب بالهم لما / حدثتني بألسن الحدثان
نكبتني في ابني بل سلبتني / نور عيني فأظلم النيران
طمست فرقدي بعد طلوع / وعجيب أن يطمس الفرقدان
يا لها نكبة على نكبة جا / ءت وجرحاً ينكى بجرح ثاني
ومصاباً على مصاب وثكلا / بعد ثكل أصيب منه جناني
أيها العاذل المعزي بفقدي / لبني ذخرته لزماني
اتئد لا تعزني بعزاء / ليس مثلي يغتر بالهذيان
إن في مهجتي لهيب سعير / بعضها محرق لظى النيران
وعظيماً من البلايا قطيعاً / وغموراً قد ضاعفت أحزاني
ودموعاً تنهل من دم جفني / على وجنتي كالعقيان
وفقدت السلو فقد رقادي / فتراني مراقب السرحان
بدل العيش بعد فقد حسين / بهموم وترحة وهوان
وكرهت الحياة والعمر لما / غاب عن ناظري وأخلى مكاني
لو رآني العدو رق لما بي / وبكى لي الصديق مما دهاني
في بني فجعت فيه فمالي / عنه صبر يقرني بمكان
حرت في طبه وحار الأطبا / ء وخابت ظنوننا للأماني
من مداواته ولم يقف الدا / ء ولم ينجح الدوا في أوان
يا دموعي ويا زفيري أعينا / ني بنار الخليل والطوفان
لهف نفسي غداة سار إلى التر / ب وقد رحلوه عن أوطاني
رحلوه إلى القرافة رغماً / أودعوه للحد والأكفان
غيبوه عن ناظري وضميري / هو فيه مصور للعيان
وخلا منه منزلاً كان معمو / راً قديماً بلفظه والمعاني
فبقايا آثاره سخنة العي / ن وألفاظه شجا الآذان
غاب عني السرور مذ غاب / واسودَّ بياض الرجاء والجدران
يا خليلي ساعداني بنوح / أو بدمع أولا فلا تعذلاني
وارحماني فقد تضاعف همي / ودموعي قد قرحت أجفاني
واندباه عني فقد كل فكري / والمراثي ملت حديث لساني
كل عام للموت عندي نصيب / في سراة البنين والأخوان
فأرى الموت والخطوب جميعاً / يثكلاني فكيف لا ينكلان
فأنا الدهر لم أزل باكي / العين كئيباً مكابد الأحزان
لا تلمني يا عاذلي إن قلبي / موجع من تفرق الأقران