القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِيليا أَبو ماضي الكل
المجموع : 27
أَيُّ شَيءٍ في العيدِ أُهدي إِلَيكِ
أَيُّ شَيءٍ في العيدِ أُهدي إِلَيكِ / يا مَلاكي وَكُلُّ شَيءٍ لَدَيكِ
أَسِواراً أَم دُمُلجاً مِن نُضارٍ / لا أُحِبُّ القُيودَ في مِعصَمَيكِ
أَمخُموراً وَلَيسَ في الأَرضِ خَمرٌ / كَالَّتي تَسكُبينَ مِن لَحظَيكِ
أَم وُروداً وَالوَردُ أَجمَلُهُ عِندي / الَّذي قَد نَشَقتُ مِن خَدَّيكِ
أَم عَقيقاً كَمُهجَتي يَتَلَظّى / وَالعَقيقُ الثَمينُ في شَفَتَيكِ
لَيسَ عِندي شَيءٌ أَعَزُّ مِنَ الروحِ / وَروحي مَرحونَةٌ في يَدَيكِ
نَسِيَ الطينُ ساعَةً أَنَّهُ طينٌ
نَسِيَ الطينُ ساعَةً أَنَّهُ طينٌ / حَقيرٌ فَصالَ تيها وَعَربَد
وَكَسى الخَزُّ جِسمَهُ فَتَباهى / وَحَوى المالَ كيسُهُ فَتَمَرَّد
يا أَخي لا تَمِل بِوَجهِكَ عَنّي / ما أَنا فَحمَة وَلا أَنتَ فَرقَد
أَنتَ لَم تَصنَعِ الحَريرَ الَّذي / تَلبَس وَاللُؤلُؤَ الَّذي تَتَقَلَّد
أَنتَ لا تَأكُلُ النُضارَ إِذا جِع / ت وَلا تَشرَبُ الجُمانَ المُنَضَّد
أَنتَ في البُردَةِ المُوَشّاةِ مِثلي / في كِسائي الرَديمِ تَشقى وَتُسعَد
لَكَ في عالَمِ النَهارِ أَماني / وَرُأى وَالظَلامُ فَوقَكَ مُمتَد
وَلِقَلبي كَما لِقَلبِكَ أَحلا / مٌ حِسانٌ فَإِنَّهُ غَيرُ جَلمَد
أَأَمانِيَّ كُلَّها مِن تُرابٍ / وَأَمانيكَ كُلَّها مِن عَسجَد
وَأَمانِيَّ كُلُّها لِلتَلاشي / وَأَمانيكَ لِلخُلودِ المُؤَكَّد
لا فَهَذي وَتِلكَ تَأتي وَتَمضي / كَذَويها وَأَيُّ شَيءٍ يُؤَبَّد
أَيُّها المُزدَهي إِذا مَسَّكَ السُقــ / ـمُ أَلا تَشتَكي أَلا تَتَنَهَّد
وَإِذا راعَكَ الحَبيبُ بِهَجرٍ / وَدَعَتكَ الذِكرى أَلا تَتَوَجَّد
أَنتَ مِثلي يَبَشُّ وَجهُكَ لِلنُعمى / وَفي حالَةِ المَصيبَةِ يَكمَد
أَدُموعي خِل وَدَمعُكَ شَهدٌ / وَبُكائي زُل وَنَوحُكَ سُؤدُد
وَاِبتِسامي السَرابُ لا رَيَّ فيهِ / وَاِبتِساماتُكَ اللَآلي الخَرَّد
فَلَكٌ واحِدٌ يُظِلُّ كِلَينا / حارَ طَرفي بِه وَطَرفُكَ أَرمَد
قَمَرٌ واحِدٌ يُطِلُّ عَلَينا / وَعَلى الكوخ وَالبِناءِ المُوَطَّد
إِن يَكُن مُشرِقاً لِعَينَيكَ إِنّي / لا أَراهُ مِن كُوَّةِ الكوخِ أَسوَد
النُجومُ الَّتي تَراها أَراها / حينَ تَخفى وَعِندَما تَتَوَقَّد
لَستَ أَدنى عَلى غِناكَ إِلَيها / وَأَنا مَعَ خَصاصَتي لَستُ أُبعَد
أَنتَ مِثلي مِنَ الثَرى وَإِلَيهِ / فَلِماذا يا صاحِبي التيه وَالصَد
كُنتَ طِفلاً إِذ كُنتُ طِفلا وَتَغدو / حينَ أَغدو شَيخاً كَبيراً أَدرَد
لَستُ أَدري مِن أَينَ جِئت وَلا ما / كُنتُ أَو ما أَكونُ يا صاحِ في غَد
أَفَتَدري إِذَن فَخَبِّر وَإِلّا / فَلِماذا تَظُنُّ أَنَّكَ أَوحَد
أَلَكَ القَصرُ دونَهُ الحَرَسُ الشا / كي وَمِن حَولِهِ الجِدارُ المُشَيَّد
فَاِمنَعِ اللَيلَ أَن يَمُدَّ رَواقاً / فَوقَه وَالضَبابَ أَن يَتَلَبَّد
وَاِنظُرِ النورَ كَيفَ يَدخُلُ لا يَط / لُبُ أُذناً فَما لَهُ لَيسَ يُطرَد
مرقَدٌ واحِدٌ نَصيبُكَ مِنهُ / أَفَتَدري كَم فيكَ لِلذَرِّ مَرقَد
ذُدتَني عَنه وَالعَواصِفُ تَعدو / في طِلابي وَالجَوُّ أَقتَمَ أَربَد
بَينَما الكَلبُ واجِدٌ فيهِ مَأوىً / وَطَعاما وَالهُرُّ كَالكَلبِ يُرفَد
فَسَمِعتُ الحَياةَ تَضحَكُ مِنّي / أَتَرَجّى مِنك وَتَأبى وَتُجحِد
أَلَكَ الرَوضَةُ الجَميلَةُ فيها / الماء وَالطَير وَالأَزاهِر وَالنَد
فَاِزجِرِ الريحَ أَن تَهُز وَتَلوي / شَجَرَ الرَوضِ إِنَهُ يَتَأَوَّد
وَاِلجُمِ الماءَ في الغَدير وَمُرهُ / لا يُصَفِّق إِلّا وَأَنتَ بِمَشهَد
إِنَّ طَيرَ الأَراكِ لَيسَ يُبالي / أَنتَ أَصغَيتَ أَم أَنا إِن غَرَّد
وَالأَزاهيرُ لَيسَ تَسخَرُ مِن فَق / ري وَلا فيكَ لِلغِنى تَتَوَدَّد
أَلَكَ النَهرُ إِنَّهُ لِلنَسيمِ الرَط / بِ دَرب وَلِلعَصافيرِ مَورِد
وَهوَ لِلشُهبِ تَستَحِمُّ بِهِ في الصَي / فِ لَيلاً كَأَنَّها تَتَبَرَّد
تَدَّعيهِ فَهَل بِأَمرِكَ تَجري / في عُروقِ الأَشجارِ أَو يَتَجَعَّد
كانَ مِن قَبلُ أَن تَجيء وَتَمضي / وَهوَ باقٍ في الأَرضِ لِلجَزر وَالمَد
أَلَكَ الحَقلُ هَذِهِ النَحلُ تَجني / الشَهدَ مِن زَهرِه وَلا تَتَرَدَّد
وَأَرى لِلنِمالِ مُلكاً كَبيراً / قَد بَنَتهُ بِالكَدحِ فيه وَبِالكَد
أَنتَ في شَرعِها دَخيلٌ عَلى الحَق / ل وَلِصٌّ جَنى عَلَيها فَأَفسَد
لَو مَلَكتَ الحُقولَ في الأَرضِ طُرّاً / لَم تَكُن مِن فَراشَةِ الحَقلِ أَسعَد
أَجَميلٌ ما أَنتَ أَبهى مِنَ الوَر / دَةِ ذاتِ الشَذى وَلا أَنتَ أَجوَد
أَم عَزيز وَلِلبَعوضَةِ مِن خَدَّي / كَ قوت وَفي يَدَيكَ المُهَنَّد
أَم غَنِيٌّ هَيهاتِ تَختالُ لَولا / دودَةُ القَزِّ بِالحَباءِ المُبَجَّد
أَم قَوِيٌّ إِذَن مُرِ النَومَ إِذ يَغـ / ـشاك وَاللَيلُ عَن جُفونِكَ يَرتَد
وَاِمنَعِ الشَيبَ أَن يَلِمَّ بِفَو / دَيك وَمُر تَلبُثِ النَضارَةُ في الخَد
أَعَليمٌ فَما الخَيالُ الَّذي يَطـ / ـرُقُ لَيلاً في أَيِّ دُنيا يولَد
ما الحَياةُ الَّتي تَبين وَتَخفى / ما الزَمانُ الَّذي يُذَم وَيُحمَد
أَيُّها الطينُ لَستَ أَنقى وَأَسمى / مِن تُرابٍ تَدوسُ أَو تَتَوَسَّد
سُدتَ أَو لَم رَسُد فَما أَنتَ إِلّا / حَيَوانٌ مُسَيَّرٌ مُستَعبَد
إِنَّ قَصراً سَمَكتُهُ سَوفَ يَندَكُّ / وَثَوباً حَبَكتَهُ سَوفَ يَنقَد
لا يَكُن لِلخِصامِ قَلبَكَ مَأوىً / إِنَّ قَلبي لِلحَبيبِ أَصبَحَ مَعبَد
أَنا أَولى بِالحُبِّ مِنك وَأَحرى / مِن كِساءٍ يَبلى وَمالٍ يَنفَد
لَوعَةٌ في الضُلوعِ مِثلَ جَهَنَّمِ
لَوعَةٌ في الضُلوعِ مِثلَ جَهَنَّمِ / تَرَكَت هَذِهِ الضُلوعَ رَمادا
بِتُّ مَرمى لِلدَهرِ بي يَتَعَلَّم / كَيفَ يُصمي القُلوب وَالأكبادا
كَيفَ يَنجو فُؤادُهُ أَو يَسلَم / مَن تَمادى بِهِ الأَسى فَتَمادى
أَنا لَولا الشُعورُ لَم أَتَأَلَّم / لَيتَ هذا الفُؤادَ كانَ جَمادا
كَيفَ لا أَبكي وَفي العَينِ دُموع / كَيفَ لا ئشكو وَفي القَلبِ صُدوع
قَلَّ في الناسِ مَن صَبَر / مُخـــــــــــــــــــــــــــتارا
لَحظَةٌ ثُمَّ صارَ ضِحكي وَجيبا / وَنَشيجا وَالنَومُ صارَ سُهادا
رَبِّ لَمّا خَلَقتَ هَذي الخُطوبا / لِمَ لَم تَخلُقِ الحَشا فولادا
كُلَّما قُلتُ قَد وَجَدتُ حَبيبا / طَلَعَ المَوتُ بَينَنا يَتَهادى
صِرتُ في هَذِهِ الحَياةِ غَريبا / لَيتَ سُهدي الطَويلَ كانَ رُقادا
فَتَجَلَّد أَيُّها القَلبُ الجَزوع / أَو تَدَفَّق كُلَّما شاءَ الوَلوع
عَندَماً أَو دَماً هُدِر / أَو نـــــــــــــــــــــــــــارا
مَن كانَ بَينَ الكَرى وَبَينِيَ صُلُحُ / فَأَرادَ القَضاءَ أَن نَتعادى
لَم أَكَد أَخلَعُ السَواد وَأَصحو / مِن ذُهولي حَتّى لَبِستُ السَوادا
في فُؤادي لَو يَعلَمُ الناسُ جُرحٌ / لا يُلاشى حَتّى يُلاشى الفُؤادا
يا خَليلي هَيهاتَ يَنفَعُ نُصحُ / بَعدَما ضَيَّعَ الحَزينُ الرَشادا
أَنتَ لا تَستَطيعُ إِحياءَ الصَريع / وَأَنا حَملَ الأَسى لا أَستَطيع
ذا الَّذي صَيَّرَ الكَدَر / إِكـــــــــــــــــــــــــــــــــدارا
يا ضَريحاً عَلى ضِفافِ الوادي / جادَ مِن أَجلِكَ الغَمامُ البِلادا
فيكَ أَودَعتُ مُنذُ سِتٍّ فُؤادي / وَبِرَغمي أَطَلتُ عَنكَ البِعادا
غَيرَ أَنّي وَإِن عَدَتني العَوادي / ما عَدَتني بِالروحِ أَن أَرتادا
أَنبَتَت حَولَكَ الزُهورُ الغَوادي / وَاللَيالي أَنبَتنَ حَولي القَتادا
وَذُبولُ الغُصنِ في فَصلِ الرَبيع / لَو رَآهُ شَجَرُ الرَوضِ المَريع
جَمَدَ الماءُ في الشَجَر / مُحـــــــــــــــــــــــــــــــــتارا
كَيفَ لا يَتَّقي الكَرى أَجفاني / وَجُفوني قَدِ اِستَحَلنَ صِعادا
وَدُموعي بِلَونِها الأُرجُواني / مَنهَلٌَ لَيسَ يُعجِبُ الوُرّادا
وَالَّذي في الضُلوعِ مِن نيرانِ / صارَ ثَوبا وَمَقعَدا وَوِسادا
كَيفَ يَقوى عَلى الشَدائِدِ عانِ / أَكَلَ السُقمُ جِسمَهُ أَو كادا
فَإِذا ما غَشِيَ الطَرفَ النَجيع / فَتَذَكَّر أَنَّهُ القَلبُ الصَديع
كَظَّهُ الحُزنُ فَاِنفَجَر / اِنفِجـــــــــــــــــــــــــــــــارا
طائِرٌ كانَ في الرُبى يَتَغَنّى / أَصبَحَ اليَومَ يَحمِلُ الأَصفادا
غُصنٌ كان وَالصِبا يَتَثَنّى / هَصَرَتهُ يَدُ الرَدى فَاِنآدا
نالَ مِنّي الزَمانُ ما يَتَمَنّى / وَأَبى أَن أَنالَ مِنهُ مُرادا
وَتَجَنّى ما شاءَ أَن يَتَجَنّى / وَاِستَبَدَّت صُروفُهُ اِستِبدادا
حَطَّمَ السَيف وَما أَبقى الدُروع / وَتَداعى دونَهُ السورُ المَنيع
وَأَراني مِنَ العِبَر / أَطــــــــــــــــــــــــــــــــــوارا
ما لِهَذي النُجومِ تَأبى الشُروقا / أَتَخافُ الكَواكِبُ الأَرصادا
فَرطَ البَينُ عِقدَها المَنسوقا / أَم لِما بي أَرى البَياضَ سَوادا
أَم فَقِدنَ كَما فَقَدتُ شَقيقا / فَلَبِسنَ الدُجى عَلَيهِ حِدادا
ما لِعَيني لا تُبصِرُ العَيّوقا / وَلَقَد كانَ ساطِعاً وَقّادا
سافِراً يَختالُ في هَذا الرَقيع / هَل أَتاهُ نَبَءُ الخَطبِ الفَظيع
أَم رَأى مَصرَعَ القَمَر / فَتَـــــــــــــــــــــــــــــــــوارى
سَدَّدَ الدَهرُ قَوسَه وَرَماني / لَم تَحُد مُهجَتي وَلا السَهمُ حادا
هَكَذا أَسكَتَت صُروفُ الزَمانِ / بُلبُلاً كانَ نَوحُهُ إِنشادا
فَهوَ اليَومَ في يَدِ السَجّانِ / يَشتَهي كُلَّ ساعَةٍ أَن يُصادا
فَاِحسِبوني أُدرِجتُ في الأَكفانِ / إِن أَنَفتُم أَن تَحسِبوا القَولَ بادا
لَيسَ في هَذي وَلا تِلكَ الرُبوع / ما يُسَلّي النَفسَ عَن ذاكَ الضَجيع
قَبرَهُ جادَكَ المَطَر / مِـــــــــــــــــــــــــــــــــــــدرارا
ما لِهِندٍ وَكُلُّ حَسناءَ هِندٌ
ما لِهِندٍ وَكُلُّ حَسناءَ هِندٌ / كُلَّ يَومٍ تَبدو بِزِيٍّ جَديدِ
تَلبِسُ الثَوبَ يَومَها وَهيَ تَطريـ / ـه وَتَطريهِ عِندَها كُلُّ خَودِ
فَإِذا جاءَ غَيرُهُ أَنكَرَتهُ / فَرَأَينا الحَميدَ غَيرَ حَميدِ
أَولَعَت نَفسَها بِكُلِّ طَريفٍ / لَيتَها أَولَعَت بِبَعضِ التَليدِ
أَصبَحَت تَعشَقُ المِشَد وَلَم أُبـ / ـصِر طَليقاً مُتَيَّماً بَِلقُيودِ
رَحمَةً بِالخُصورِ أَيَّتُها الغيـ / ـد وَرِفقاً رِفقاً بِتِلكَ القُدودِ
ما جَنَتهُ الزُنودُ حَتّى يَنالَ الـ / ـعُريُ مِنها يا عارِياتِ الزُنودِ
لَهَفَ نَفسي عَلى المَعاصِمِ تَغدو / غَرَضَ الحَرِّ عُرضَةً لِلجَليدِ
عَلامَ الأَذيالُ أَمسَت طِوالاً / كَلَيالي الصُدودِ أَو كَالبُنودِ
لَو تَكونُ الذُيولُ أَعمارَ قَومٍ / لَضَمِنّا لَهُم نَوالَ الخُلودِ
قَصَرَت هَمَّها الحِسانُ عَلى اللَه / و وَيا لَيتَ لَهوَها بِالمُفيدِ
ساءَ حالُ الأَزواجِ في عَصرِنا هَـ / ـذا وَساءَت أَحوالُ كُلِّ وَليدِ
كُلُّ زَوجٍ شاك وَكُلُّ صَغيرٍ / دامِعِ الطَرفِ كارِهٍ لِلوُجودِ
يَظلُمُ الدَهرُ حينَ يَعزو إِلَيهِ / البُؤس وَالبُؤسُ كُلُّ أُمٍّ كَنودِ
لا رَعى اللَهُ زَوجَةً تُنفِقُ الأَمـ / ـوال وَالعُمرَ في اِقتِناءِ البُرودِ
لَيسَ في اللَهو وَالبَطالَةِ فَخرٌ / إِنَّما الفَخرُ كُلُّ عُرسٍ كَدودِ
مِن أُسودٍ تَسَربَلَت بِالحَديدِ
مِن أُسودٍ تَسَربَلَت بِالحَديدِ / وَمِنَ الجِنِّ في رَواءِ الجُنودِ
يُنشِدونَ الوَغى وَما يُنشِدُ / الحَسناءَ غَيرُ المُتَيَّمِ المَعمودِ
كُلُّ قِرمٍ عَلَيهِ دِرعٌ مِنَ الصَبرِ / وَدِرعٌ مَسرودَةٌ مِن حَديدِ
تَحتَهُ أَجرَدُ أَشَدُّ حنيناً / وَاِشتِياقاً إِلى الوَغى مِن نَجيدِ
سابِحٌ عِندَهُ العَسيرُ يَسيرٌ / وَالقَصِيُّ القَصِيُّ غَيرُ بَعيدِ
وَصَبا لِلنُجومِ مَن قَد عَلاهُ / أَصبَحَ الجَوُّ تَحتَهُ كَالصَعيدِ
تَحسَبُ الأَرضُ قَد جَرَت حينَ يَجر / وَتَراهُ كَأَنَّهُ في رُكودِ
إِنَّما يَركَبُ الجَوادُ جَوادٌ / وَيَصونُ الذَمّارَ غَيرُ بَليدِ
وَخَميسٍ يَحكي النُجومَ اِنتِظاماً / عَجَباً مِن كَواكِبٍ في بيدِ
أَوقَعَ الرُعبَ في قُلوبِ الضَواري / فَاِستَكانَت كَأَنَّها في قُيودِ
أَصبَحَت تَهجُرُ المِياه وَكانَت / لا تَرى الماءَ غَيرَ ماءِ الوَريدِ
خافِقاتٍ أَعلامُهُ أَرَأَيتُم / كَقُلوبِ العُشّاقِ عِندَ الصُدودِ
قادَهُ ذَلِكَ الغَضَنفَرُ نوجي / وَيُناطُ الحُسامُ بِالصِنديدِ
رَجُلٌ دونَهُ الرِجالُ مَقاماً / مُشبِهٌ في الأَنامِ بَيتَ القَصيدِ
كُلُّ سَيفٍ في غَيرِ قَبضَةِ نوجي / فَهوَ عِندَ السُيوفِ غَيرُ سَعيدِ
يا يَراعي سَل بورتَ آرثور عَنهُ / إِنَّ تِلكَ الحُصونِ خَيرُ شَهيدِ
مَعقِلٌ أَصبَحَت جَحافِلُ هيتو / حَولَهُ كَالعُقودِ حَولَ الجيدِ
هَجَموا هَجمَةَ الضَراغِمِ لَمّا / هَسَبوها فَريسَةً لِلأُسودِ
وَتَعالى الضَجيجُ لِلأُفقِ حَتّى / كادَ ذاكَ الضَجيجُ بِالأُفقِ يودي
وَتَوالى هُجومُهُم وَالمَنايا / ضاحِكاتٌ فَيا لَها مِن صُيودِ
كَم جَريحٍ مُضَرَّجٍ بِدِماهُ / وَقَتيلٍ عَلى الثَرى مَمدودِ
وَأَسيرٍ إِلى أَسيرٍ يُساقونَ / تِباعاً إِلى الشَقاءِ العَتيدِ
أَسطَرَتهُم مَدافِعُ الروسِ ناراً / أَصبَحوا بَعدَها بِغَيرِ جُلودِ
دامَتِ الحَربُ أَشهُراً كُلَّما قيلَ / خَبَت نارُها ذَكَت مِن جَديدِ
وَالمَنايا تَحومُ حَولَ الَرايا / حَومَةَ العاشِقينَ حَولَ الغيدِ
حَيثُ حَظُّ المِقدامِ مِثلُ سِواهُ / وَكَحَظِّ الكَبيرِ حَظُّ الوَليدِ
صَبَرَ الروسُ صَبرَ أَيّوبٍ لِلبَلوى / وَعَلى ذَلِكَ العَدُوِّ العَنيدِ
غَيرَ أَنَّ الأَيّامَ طالَت وِستوسَل / يُمني أَجفانَهُ بِالهُجودِ
فَتَوَلّاهُمُ القُنوطُ مِنَ النَصرِ / فَرَدّوا أَسيافَهُم لِلغُمودِ
كانَ هَذا لِلصُفرِ عيدا وَعِندَ / الروسِ ضَرباً مِنَ اللَيالي السودِ
قَلعَةٌ صانَها الزَمانُ فَلَولا / كَيدُ نوجي لَبَشَّرتُ بِالخُلودِ
أَنت وَالكَأسُ في يَدي
أَنت وَالكَأسُ في يَدي / فَلِمَن أَنتِ في غَدِ
فَاِستَشاطَت لِقَولَتي / غَضَباً في تَمَرُّدِ
وَأَشاحَت بِوَجهِها / وَاِدَّعَت أَنَّني رَدي
كاذِبٌ في صَبابَتي / ماذِقٌ في تَوَدُّدي
قُلتُ عَفواً فَإِنَّها / سَورَةٌ مِن مُعَربِدِ
وَجَرى الصُلح وَاِلتَقى / ثَغرَها ثَغرِيَ الصَدي
أَذعَنَ القَلبُ طائِعاً / بَعدَ ذاكَ التَمَرُّدِ
فَنَعِمنا هُنَيهَةً / بِالوَلاءِ المُجَدَّدِ
بَينَ ماءٍ مُصَفِّقٍ / وَهَزارٍ مُغَرِّدِ
ثُمَّ عادَت وَساوِسي / فَأَنا في تَرَدُّدِ
راعَها مِنِّيَ الحُبُّ السُكو / تُ فَذَمَّت تَبَلُّدي
قالَتِ الحُبُّ سَرمَدٌ / قُلتُ لا شَيءَ سَرمَدي
أَتُحِبّينَني إِذا / زالَ مَجدي وَسُؤدُدي
فَأَجابَت لِفَورِها / أَنتَ لا المَجَدَ مَقصَدي
قُلتُ هَل تَحفَظينَ عَه / دي إِذا صاغَ عَسجَدي
فَأَجابَت بِرِقَّةٍ / أَنتَ ما عِشتُ سَيِّدي
كُنتَ كَالشَمسِ في الغِنى / أَم فَقيراً كَجَدجَدِ
حَسَناً قُلتُ ضاحِكاً / يا مَلاكي وَفَرقَدي
إِنَّما هَل يَدومُ لي / حُبُّكِ المُشرِقُ النَدي
إِن حَنى الدَهرُ قامَتي / وَمَحا الشَيبُ أَسوَدي
وَاِنطَوى رَونَقُ الصِبا / مِثلَ بَرقٍ بِفَدفَدِ
قالَتِ الشَكُّ آفَةُ الحُب / بِ فَاِنبُذهُ تَسعَدِ
لَيسَ حُبّيكَ لِلصِبا / لَستَ فيهِ بِأَوحَدِ
بَل لِما فيكَ مِن صِفا / ت وَمِن طيبِ مُحتَدِ
قُلت وَالشَكُّ رائِحٌ / في ضَميري وَمُغتَدِ
وَإِذا غالَني الحَما / م وَأَصبَحتُ في غَدِ
جَنَّةً لَفَّها الثَرى / بَِلظَلامِ المُؤَبَّدِ
لَيسَ فيها لِصاحِبٍ / أَرَبٌ أَو لِحُسَّدِ
وَسَرى الدودُ حَولَها / يَتَغَذّى وَيَعتَدي
وَمَرَرتِ الغَداةَ بي / فَمَرَرتِ بِجامِدِ
وَنَظَرتِ فَلَم تَرَي / غَيرَ عَظمٍ مُجَرَّدِ
بَعثَرَتهُ يَدُ البِلى / كَنافِياتِ مَوقِدِ
هَل تُحِبّينَني إِذَن / لِخِلالي وَمَحتَدي
وَيكَ صاحَت وَدَمعُها / كَجُمانٍ مُبَدَّدِ
كَم تَظُنُّ الظُنونَ بي / أَيُّها الزائِغُ اِهتَدِ
أَشهِدُ الصُبحَ فائِضاً / في مُروجِ الزَبَرجَدِ
أَشهِدُ اللَيلَ لابِساً / طَيلَسانَ التَمَرُّدِ
أُشهِدُ الغَيثَ مُعطِياً / أُشهِدُ الحَقلَ يَجتَدي
وَذَواتِ الجَناحِ مِن / باغِمٍ أَو مُغَرِّدِ
وَالأَزاهير وَالشَذى / في وِهاد وَأَنجُدِ
أُشهِدُ الأَرض وَالسَما / أُشهِدُ اللَهَ موجِدي
سَوفَ أَحيا كَما تَرى / لِلهَوى وَالتَوَجُّدِ
فَأُناجيكَ في الضُحى / وَهوَ أَمراسُ عَسجَدِ
وَأُناجيكَ في المَسا / وَالأَصيلِ المُوَرَّدِ
في الرُبى تَخلَعُ الجَما / لَ بُرودا وَتَرتَدي
وَالسَواقي لَها غِنا / ءٌ كَأَلحانِ مَعبَدِ
وَالعَصافيرِ أَقبَلَت / نَحوَها لِلتَبَرُّدِ
أَسهَرُ اللَيلَ وَحشَةً / بِفُؤادٍ مُشَدَّدِ
وَإِذا نُمتُ كَي / يَطرُقَ الطَيفُ مَرقَدي
فَيَظَلَّ الهِيامُ بي / يَنتَهي حَيثُ يَبتَدي
وَبِحُزنٍ تَنَهَّدتُ / فَاِستَجاشَت تَنَهُّدي
فَاِعتَنَقنا سُوَيعَةً / مِثلَ جَفنِيَ مُسَهَّدِ
أَفلَتَ الأَمسَ هارِباً / وَغدٌ لَيسَ مِن غَدِ
وَصُرتُ وَحدي وَلَيسَ لي / أَرَبٌ في التَوَحُّدِ
يا نَديمي إِلى الكُؤو / س وَيا مِنشِدَ اِنشُدِ
زِد لِيَ الشَمرَ كُلَّما / قُلتُ يا صاحِبي زِدِ
لا تَقُل أَيُّ مَوسِمٍ / ذا فَذا يَومُ مَولِدي
أَنا ما زِلتُ في الحَيا / ةِ لي شَبابي وَسُؤدُدي
وَلُجَيني وَعَسجَدي / وَخِلالي وَمَحتَدي
إِنَّما تِلكُ أَخلَفَت / قَبلَ لَيلَينِ مَوعِدي
لَم تَمُت لا وَإِنَّما / أَصبَحَت في سِوى يَدي
آفَةُ الحُبِّ أَنَّهُ / في قُلوب وَأَكبُدِ
فَهوَ كَالنارِ لَم تَدُم / في هَشيمٍ لِمَوقِدِ
نَظَرَت دودَةٌ تَدُبُّ عَلى الأَرضِ
نَظَرَت دودَةٌ تَدُبُّ عَلى الأَرضِ / إِلى بُلبُلٍ يَطير وَيَصدَح
فَمَضَت تَشتَكي إِلى الوَرَقِ الساقِطِ / في الحَقلِ أَنَّها لَم تُجَنَّح
فَأَتَت نَملَةٌ إِلَيها وَقالَت / اِقنَعي وَاِسكُتي فَما لَكِ أَصلَح
ما تَمَنَّيتُ إِذ تَمَنَّيتُ إِلّا / أَن تَصيري طَيراً يُصاد وَيُذبَح
فَاِلزُمي الأَرضَ فَهيَ أَحنى عَلى الدودِ / وَخَلّي الكَلامَ فَالصَمتُ أَريَح
أَيُّها الشاعِرُ الَّذي كانَ يَشدو
أَيُّها الشاعِرُ الَّذي كانَ يَشدو / بَينَ ضاحٍ مِنَ الجَمالِ وَضاحِك
جَلَلٌ أَن يَصيدَكَ القَدَرُ الأَع / مى وَيَمشي مِقَصُّهُ في جَناحِك
وَمَوكِبُ الشِعرِ تائِهٌ في فَضاءٍ / لَيسَ فيهِ سِوى حَطيمِ سِلاحِك
وَالبَساتين وَالبَلابِلُ فيها / تَتَغَنّى حَزينَةٌ لِرَواحِك
وَقَنِعَت بِالنُواحِ مِنكَ فَلَمّا / زالَ عاشَت بِذِكرَياتِ نُواحِك
وَالدُجى وَالنُجومُ تَسطَعُ فيهِ / واجِمٌ حَسرَةً عَلى مِصباحِك
تَلمُسُ العَينُ أَينَما لَمَستُهُ / جَمَراتِ التَياحِنا وَالتَياحِك
قَد تَوَلَّت جَلالَةُ السِحرِ عَنهُ / وَاِضمَحَلَّت مُذ صارَ غَيرَ وِشاحِك
هَبَطَت رَبَّةُ الحَياةِ لِكَي تَس / كُبَ خَمرَ الجَمالِ في أَقداحِك
فَإِذا أَنتَ في السَريرِ مُسَجّى / سامِتٌ كَالطُيوفِ في أَلواحِك
فَتَوَلَّت مَذعورَةً تَلطُمُ الوَج / ه وَتُبكيكَ يا قَتيلَ سَماحِك
سَبَقَتها إِلاهَةُ المَوتُ كَي تُح / ظى وَلَو بِاليَسيرِ مِن أَفراحِك
وَيحَها وَيحَ حُبِّها مِن أَثيمٍ / طَرَدَتنا وَلَم تُقَم في ساحِك
أَيبَسَت رَوضَكَ الجَميل وَلَم تَظ / فَر بِغَيرِ التُرابِ مِن أَدواحِك
ذَهَب المَوتُ بِالكُؤوسِ جَميعاً / غَيرَ كَأسٍ مَلَأتَها مِن جِراحِك
كُلُّ مَيتٍ مَهما عَلا في حَياتِهِ
كُلُّ مَيتٍ مَهما عَلا في حَياتِهِ / كُلُّ ثاوٍ تَحتَ الثَرى مِن لِداتِه
لا حُدود وَلا مَقايِّسُ في المَوتِ / تَساوى الجَميعُ في ساحاتِه
حاصِدٌ حَقلَهُ الوجود وَما الأَحياءُ / إِلّا كَشَوكِه وَنَباتِه
مَن نَجا مِنه وَهوَ في رَوحاتِهِ / إِنَّما قَد نَجا إِلى غُدواتِه
لَيسَ زَرعُ الغَصّاتِ مِنهُ لِثَأرٍ / لَيسَ حَصدُ اللَذاتِ مِن لَذّاتِه
إِنَّهُ يَسلُبُ الغِوايَةَ كَالرُشدِ / فَلَيسَ التَميِّزُ مِن عاداتِه
لا تَقُل ما رَأوهُ ذاكَ سِرٌّ / خَبَأَتهُ الحَياةُ في ظُلُماتِه
رُبَّ قَبرٍ نَمشي عَلَيه وَفيهِ / شَهَواتٌ تُربي عَلى ذَراتِه
كُلُّ ذي رَغبَةٍ دَنَت أَو تَسامَت / سَوفَ يَمضي يَوماً بِلا رَغَباتِه
لَيسَ عُمرُ الفَتى وَإِن طالَ إِلّا / ما حَوَتهُ الحَياةُ مِن مَكرُماتِه
يَعيظُ النابِغُ الخَلائِقَ حَيّاً / إِنَّما مَوتُهُ أَجَلُّ عِظاتِه
ظَهَرَ المَوتُ لِلعُيونِ جَديداً / أَمسُ في بَطشِه وَفي فَتَكاتِه
وَهوَ تُربُ الإِنسانِ مُنذُ اِستَ / وى في الأَرضِ حَيّاً يَمشي عَلى خُطُواتِه
وَما الرَدى بِالحَديثِ في الناسِ لَكِن / نُكتَةُ العِلمِ ضاعَفَت رَوعاتِه
فَقَدَ الخَلقُ واحِداً مِن بَينِهِ / وَأَضاعَ القَريضُ خَيرَ حِماتِه
شاعِرٌ كانَ يَرقُصُ الدَهرُ أَحياناً / وَيَبكي حيناً عَلى نَغَماتِه
ذَهَب الساحِرون وَالسِحرُ باقٍ / في عُيونِ المَهى وَفي كَلِماتِه
مُنشِئٌ رَقَّ لَفظُهُ كَسَجاياهُ / وَرَفَّ الجَمالُ في جَنَباتِه
تَوَّجَ الضادَ بِالمَلاحَةِ حَتّى / خالَها القَومُ بَعضَ مُختَرعاتِه
نَقَلَ الأَعصُرَ الخَوالي إِلَينا / في كِتابٍ لِلَّهِ مِن مُعجِزاتِه
فَرَأَينا هوميرُ يُنشِدُ فينا / شِعرُهُ مِثلُ واحِدٍ مِن رُواتِه
كانَ في دَولَةِ السُيوف وَزيراً / أَلمَعِيّا وَدَولَةً في ذاتِه
ما بَكَينا الرُفاتَ لَمّا بَكَينا / كَم رُفاتٍ في الأَرضِ مِثلُ رُفاتِه
بَل بَكَينا لِأَنَّنا قَد حُرِمنا / بِالمَنونِ المَزيدَ مِن آياتِه
راعَنا أَن يَزولَ عَنّا وَإِنّا / لَم نُطِق أَن نُطيلُ جيلَ حَياتِه
قَد أَرَدنا حَملَ البَشائِرِ لِلعِلمِ / فَكُنّا لِأَهلِهِ مِن نُعاتِه
إِنَّ في مِصر وَالشَآمِ دَوِيّاً / ما سَمِعناهُ قَبلَ يَومِ وَفاتِه
وَأَحَسَّ العِراقُ حينَ أَتاهُ / النَعيُ طَعمَ الرَدى بِماءِ فُراتِه
وَبِلُبنانَ رَجفَةٌ تَتَمَشّى / في يَنابيعِه وَفي نَسَماتِه
فَتَّحَ المَوتُ حينَ أَغمَضَ عَينَيهِ / عُيونَ الوَرى عَلى حَسَناتِه
فَهوَ ماضٍ لَهُ جَلالَةُ آتٍ / مِن فُتوحاتِه وَمِن غَزَواتِه
وَالفَتى العَبقَرِيُّ يولَدُ إِذ يولَدُ / في مَهدِه وَيَومَ مَماتِه
سَئِمَت نَفسيَ الحَياةَ مَعَ الناسِ
سَئِمَت نَفسيَ الحَياةَ مَعَ الناسِ / وَمَلَّت حَتّى مِنَ الأَحبابِ
وَتَمَشَّت فيها المَلالَةُ حَتّى / ضَجِرَت مِن طَعامِهِم وَالشَرابِ
وَمِنَ الكَذِبِ لابِساً بُردَةَ الصِدقِ / وَهَذا مُسَربَلاً بِالكِذابِ
وَمِنَ القُبحِ في نِقابٍ جَميلٍ / وَمِنَ الحُسنِ تَحتَ أَلفِ نِقابِ
وَمِنَ العابِدينَ كُلَّ إِلَهٍ / وَمِنَ الكافِرينَ بِالأَربابِ
وَمِنَ الواقِفينَ كَالأَنصابِ / وَمِنَ الساجِدينَ لِلأَنصابِ
وَمِنَ الراكِبينَ خَيلَ المَعالي / وَمِنَ الراكِبينَ خَيلَ التَصابي
وَالأُلى يَصمُتونَ صَمتَ الأَفاعِ / وَالأُلى يَهزِجونَ هَزجَ الذُبابِ
صَغُرَت حِكمَةُ الشُيوخِ لَدَيها / وَاِستَخَفَّت بِكُلِّ ما لِلشَبابِ
قالَتِ اِخرُج مِنَ المَدينَةِ لِلقَفرِ / فَفيهِ النَجاةُ مِن أَوصابي
وَليَكُ اللَيلُ راهِبي وَشُموعي الـ / ـشُهبُ وَالأَرضُ كُلُّها مِحرابي
وَكِتابي الفَضاءُ أَقرَأُ فيهِ / سُوَراً ما قَرَأتُها في كِتابِ
وَصَلاتي الَّذي تَقولُ السَواقي / وَغِنائي صَوتُ الصَبا في الغابِ
وَكُؤوسي الأَوراقُ أَلقَت عَلَيها / الشَمسُ ذَوبَ النُضارِ عِندَ الغِيابِ
وَرَحيقي ما سالَ مِن مُقلَةِ الفَجرِ / عَلى العُشبِ كَاللُجَينِ المُذابِ
وَلتُكَحِّل يَدُ المَساءِ جُفوني / وَلتُعانِق أَحلامُهُ أَهدابي
وَليُقَبِّل فَمُ الصَباحِ جَبيني / وَليُعَطِّر أَريجُهُ جِلبابي
وَلأَكُن كَالغُرابِ رِزقِيَ في الحَقـ / ـلِ وَفي السَفحِ مَجثَمي وَاِضطِرابي
ساعَةٌ في الخَلاءِ خَيرٌ مِنَ الأَعـ / ـوامِ تُقضى في القَصرِ وَالأَحقابِ
يا لَنَفسي فَإِنَّها فَتَنَتني / بِالحَديثِ المُنَمَّقِ الخَلّابِ
فَإِذا بي أُقلى القُصورَ وَسُكنا / ها وَأَهلَ القُصورِ ذاتِ القِبابِ
فَهَجَرتُ العُمرانَ تَنفُضُ كَفّي / عَن رِدائي غُبارَهُ وَإِهابي
وَتَرَكتُ الحِمى وَسِرتُ وَإِيّا / ها وَقَد ذَهَّبَ الأَصيلُ الرَوابي
نَهتَدي بِالضُحى فَإِن عَسعَسَ اللَي / لُ جَعَلنا الدَليلَ ضَوءَ الشِهابِ
وَقَضَينا في الغابِ وَقتاً جَميلاً / في جِوارِ الغُدرانِ وَالأَعشابِ
تارَةً في مَلاءَةٍ مِن شُعاعٍ / تارَةً في مَلاءَةٍ مِن ضَبابِ
تارَةً كَالنَسيمِ نَمرَحُ في الوا / دي وَطَوراً كَالجَدوَلِ المُنسابِ
في سُفوحِ الهِضابِ وَالظِلُّ فيها / وَمَعَ النورِ وَهوَ فَوقَ الهِضابِ
إِنَّما نَفسي الَّتي مَلَتِ العُمـ / ـرانَ مَلَّت في الغابِ صَمتَ الغابِ
فَأَنا فيهِ مُستَقِلٌّ طَليقٌ / وَكَأَنّي أَدُبُّ في سِردابِ
عَلَّمَتني الحَياةُ في القَفرِ أَنّي / أَينَما كُنتُ ساكِناً في التُرابِ
وَسَأَبقى ما دُمتُ في قَفَصِ الصَلـ / ـصالِ عَبدَ المُنى أَسيرَ الرَغابِ
خِلتُ أَنِّي في القَفرِ أَصبَحتُ وَحدي / فَإِذا الناسُ كُلُّهُم في ثِيابي
خَرَجَ الناسُ يَشتَرونَ هَدايا
خَرَجَ الناسُ يَشتَرونَ هَدايا / العيدِ لِلأَصدِقاءِ وَالأَحبابِ
فَتَمَنَّيتُ لَو تُساعِفُني الدُنيا / فَأَقضي في العيدِ بَعضَ رِغابي
كُنتُ أُهدي إِذَن مِنَ الصَبرِ أَرطا / لاً إِلى المُنشِئينَ وَالكُتّابِ
وَإِلى كُلِّ نابِغٍ عَبقَرِيٍّ / أُمَّةً أَهلُها ذَوو أَلبابِ
وَإِلى كُلِّ شاعِرٍ عَرَبِيٍّ / سَلَّةً مِن فَواكِهِ الأَلقابِ
وَإِلى كُلِّ تاجِرٍ حُرِمَ التَو / فيقَ زِقَّينِ مِن عَصيرِ الكُذابِ
وَإِلى كُلِّ عاشِقٍ مُقلَةً تُب / صِرُ كَم مِن مَلاحَةٍ في التُرابِ
وَإِلى الغادَةِ الجَميلَةِ مِرآ / ةً تُريها ضَمائِرَ العُزّابِ
وَإِلى الناشِىءِ الغَريرِ مِراناً / وَإِلى الشَيخِ عَزمَةً في الشَبابِ
وَإِلى مَعشَرِ الكَسالى قُصوراً / مِن لُجَينٍ وَعَسجَدٍ في السَحابِ
عَلَّني أَستَريحُ مِنهُم فَقَد صا / روا كَظِلّي في جَيئَتي وَذَهابي
وَإِلى ذي الغِنى الَّذي يَرهَبُ / الفَقرَ اِزدِيادَ الَّذي بِهِ مِن عَذابِ
كُلَّما عَدَّ مالَهُ مُطمَئِنّاً / أَبصَرَ الفَقرَ واقِفاً بِالبابِ
وَإِلى الصاحِبِ المُراوِغِ وَجهاً / أَسوَداً حالِكاً كَوَجهِ الغُرابِ
فَإِذا لاحَ فَرَّتِ الناسُ ذُعراً / مِن طَريقِ المُنافِقِ الكَذّابِ
وَإِلى المُؤمِنينَ شَيئاً مِنَ الشَكِّ / وَبَعضَ الإيمانِ لِلمُرتابِ
وَإِلى مَن يَسُبُّني في غِيابي / شَرَفاً كَي يَصونُهُ مِن سِبابي
وَإِلى حاسِدِيَّ عُمراً طَويلاً / لِيَدومَ الأَسى بِهِم مِمّا بي
وَإِلى الحَقلِ زَهرُهُ وَحُلاهُ / مِن نَدىً لامِعٍ وَمِن أَعشابِ
فَقَبيحٌ أَن نَرتَدي الحُلَلَ القُش / بَ وَتَبقى الرُبى بِغَيرِ ثِيابِ
لَم يَكُن لي الَّذي أَرَدتُ فَحَسبي / أَنَّني بِالمُنى مَلَأتُ وِطابي
وَلَوَ اَنَّ الزَمانَ صاحِبَ عَقلٍ / كُنتُ أُهدي إِلى الزَمانِ عِتابي
سَمِعَ اللَيلُ ذو النُجومِ أَنيناً
سَمِعَ اللَيلُ ذو النُجومِ أَنيناً / وَهوَ يَغشى المَدينَةَ البَيضاءَ
فَاِنحَنى فَوقَها كَمُستَرِقِ الهَمـ / ـسِ يُطيلُ السُكوتَ وَالإِصغاءَ
فَرَأى أَهلَها نِياماً كَأَهلِ الـ / ـكَهفِ لا جَلبَةً وَلا ضَوضاءَ
وَرَأى السَدَّ خَلفَها مُحكَمَ البُنـ / ـيانِ وَالماءَ يُشبِهُ الصَحراءَ
كانَ ذاكَ الأَنينُ مِن حَجَرٍ في الـ / ـسَدِّ يَشكو المَقادِرَ العَمياءَ
أَيُّ شَأنٍ يَقولُ في الكَونِ شَأني / لَستُ شَيئاً فيهِ وَلَستُ هَباءَ
لا رُخامٌ أَنا فَأَنحَتُ تِمثا / لاً وَلا صَخرَةٌ تَكونُ بِناءَ
لَستُ أَرضاً فَأَرشُفُ الماءَ / أَو ماءً فَأَروي الحَدائِقَ الغَنّاءَ
وَلَستُ دُرّاً تُنافِسُ الغادَةُ الحَس / ناءُ فيهِ المَليحَةَ الحَسناءَ
لا أَنا دَمعَةٌ وَلا أَنا عَينٌ / لَستُ خالاً أَو وَجنَةً حَمراءَ
حَجَرٌ أَغبَرٌ أَنا وَحَقيرٌ / لا جَمالاً لا حِكمَةً لا مَضاءَ
فَلأُغادِر هَذا الوُجودَ وَأَمضي / بِسَلامٍ إِنّي كَرِهتُ البَقاءَ
وَهَوى مِن مَكانِهِ وَهوَ يَشكو الـأ / رضَ وَالشُهبَ وَالدُجى وَالسَماءَ
فَتَحَ الفَجرُ جَفنَهُ فَإِذا الطو / فانُ يَغشى المَدينَةَ البَيضاءَ
لَو رَأى آدَمٌ فَتاهُ لَزالَ الـ
لَو رَأى آدَمٌ فَتاهُ لَزالَ الـ / ـحِقدُ مِن قَلبِهِ عَلى حَوّاءِ
صَيَّرَ الأَرضَ جَنَّةً دونَها الجَنـ / ـنَةُ في الحُسنِ وَالبَها وَالرُواءِ
ما أَظُنُّ النَعيمَ فيهِ الَّذي في الـ / ـأَرضِ مِن بَهجَةٍ وَمِن لَألاءِ
كُلُّ ما في الوُجودِ لِلمَرءِ عَبدٌ / وَهوَ عَبدُ الشَهواتِ وَالأَهواءِ
كائِنٌ كُلُّ كائِنٍ حارَ فيهِ / فَهوَ حُلوٌ مُرٌّ وَدانٍ ناءِ
وَهوَ طَوراً يَكونُ نِصفَ إِلَهٍ / وَهوَ طَوراً أَدنى مِنَ العَجماءِ
عَجَباً كَيفَ طاعَهُ الطينُ وَالما / ءُ وَما كانَ غَيرَ طينٍ وَماءِ
سادَ في الكَونِ مِثلَما سادَ فيهِ / خالِقُ الكَونِ مُبدِعُ الأَشياءِ
فَهوَ في الماءِ سابِحٌ وَعَلى الغَبـ / ـراءِ ماشٍ وَطائِرٌ في الفَضاءِ
تَخِذَ الجَوَّ مَلعَباً ثُمَّ أَمسى / راكِضاً في الهَواءِ رَكضَ الهَواءِ
فَهوَ فَوقَ السَحابِ يَحكيهِ في مَسـ / ـراهُ لَكِنَّهُ أَخو خُيَلاءِ
وَهوَ بَينَ الطُيورِ تَحسَبُهُ العَنـ / ـقاءَ لَولا اِستِحالَةُ العَنقاءِ
أَبصَرَتهُ فَأَكبَرَت أَن تَرى في ال / جَوِّ صَيّادَها عَلى الغَبراءِ
فَاِستَوى في قُلوبِها الذُعرُ حَتّى / كادَ يَحكي البَلاءَ خَوفُ البَلاءِ
وَتَناجَت تَبغي النَجاةَ فِراراً / أَينَ أَينَ المَفَرُّ مِن ذا القَضاءِ
وَيحَ هَذي الطُيورِ تَجني عَلى المَو / تى وَتَرجو سِلماً مِنَ الأَحياءِ
إِهبِطي أَو فَحَلِّقي أَو فَسيري / إِنَّما المُنتَهى إِلى الأَرزاءِ
وَهوَ بَينَ النُجومِ يَستَرِقُ السَم / عَ وَلا يَتَّقي رُجومَ السَماءِ
مَشهَدٌ رَوَّعَ الدَراري فَباتَت / حائِراتٍ في القُبَّةِ الزَرقاءِ
نافِراتٍ كَأَنَّها ظَبَياتٌ / رَأَتِ القانِصينَ في البَيداءِ
سائِلاتٍ أَذا رَسولُ سَلامٍ / مِن بَني الأَرضِ أَم نَذيرُ فَناءِ
هالَها أَن تَرى مِنَ الأُنسِ قَوماً / يَتَهادَونَ مِثلَها في الفَضاءِ
فَرَأَيتَ الجَوزاءَ تَشكو الثُرَيّا / وَالثُرَيّا تَشكو إِلى الجَوزاءِ
لا تُراعي يا شُهبُ مِنّا فَإِنّا / ما حَمَلنا إِلَيكِ غَيرَ الوَلاءِ
قَد كَرِهنا المُقامَ في الأَرضِ لَمّا / قيلَ إِنَّ السَما مَقَرُّ الهَناءِ
إِنَّما شَوقُنا إِلَيكَ الَّذي أَسـ / ـرى بِنا لا الهِيامُ في الإِسراءِ
فَصِلينا نَزدَد غَراماً وَوَجداً / غَيرُ مُستَحسِنٍ كَثيرُ الإِباءِ
نَحنُ يا شُهبُ في حِماكِ ضُيوفٌ / وَجَميلٌ رِعايَةُ الغُرَباءِ
أَكرِمي ذَلِكَ المُحَلِّقِ فَوقَ الـ / ـسُحبِ يُثني عَلَيكِ خَيرَ ثَناءِ
وَأَنيري طَريقَهُ إِن دَجا اللَي / لُ وَدَبَّت عَقارِبُ الظَلماءِ
صاغَكِ اللَهُ شُعلَةً مِن ضِياءٍ / وَبَرا المَرءَ شُعلَةً مِن ذَكاءِ
تَخِذيهِ أَخاً يَكُن لَكِ عَوناً / كُلُّ نَفسٍ مُحتاجَةٌ لِلإِخاءِ
لا تُفاخِر بِالواخِداتِ وَلا بِالـ / ـخَيلِ مِن أَدهَمٍ وَمِن شَهباءِ
هانَ عَصرُ النِياقِ وَالراكِبيها / عِندَ عَصرِ البُخارِ وَالكَهرُباءِ
مَهبَطَ الوَحيِ مَطلَعَ الأَنبِياءِ
مَهبَطَ الوَحيِ مَطلَعَ الأَنبِياءِ / كَيفَ أَمسَيتِ مَهبِطَ الأَرزاءِ
في عُيونِ الأَنامِ عَنكِ نُبوٌّ / لَم يَكُن في العُيونِ لَو لَم تُسائي
أَنتِ كَالحُرَّةِ الَّتي اِنقَلَبَ الدَهـ / ـرُ عَلَيها فَأَصبَحَت في الإِماءِ
أَنتِ كَالبُردَةِ المُوَشّاةِ أَبلى الطـ / ـطَيُّ وَالنَشرُ ما بِها مِن رُواءِ
أَنتِ مِثلُ الخَميلَةِ الغَنّاءِ / عُرِّيَت مِن أَوراقِها الخَضراءِ
أَنتِ كَاللَيثِ قَلَّمَ الدَهرُ ظُفرَي / هِ وَأَحنى عَلَيهِ طولُ الثَواءِ
أَنتِ كَالشاعِرِ الَّذي أَلِفَ الوِح / دَةِ في مَحفَلٍ مِنَ الغَوغاءِ
أَنتِ مِثلُ الجَبّارِ يَرسُفُ في الأَغ / لالِ في مَشهَدٍ مِنَ الأَعداءِ
لَو تَشائينَ كُنتِ أَرفَهَ حالاً / أَوَ لَستِ قَديرَةً أَن تَشائي
أَنا ما زِلتُ ذا رَجاءٍ كَثيرٍ / وَلَئِن كُنتُ لا أَرى ذا رَجاءِ
قَد بَكى التارِكوكِ مِنكِ قُنوطاً / فَبَكى الساكِنوكِ خَوفَ التَنائي
كَثُرَ النائِحونَ حَولَكِ حَتّى / خِلتُ أَنّي في حاجَةٍ لِلعَزاءِ
بَذَلوا دَمعَهُم وَصُنتُ دُموعي / إِنَّما اليائِسونَ أَهلُ البُكاءِ
لَو تُفيدُ الدُموعُ شَيئاً لَأَحيَت / كُلِّ عافٍ مَدامِعُ الشُعَراءِ
أَنتِ في حاجَةٍ إِلى مِثلِ موسى / لَستِ في حاجَةٍ إِلى أَرمِياءِ
مُقلَةَ الشَرقِ كَم عَزيزٌ عَلَينا / أَن تَكوني رَمِيَّةَ الأَقذاءِ
شَرَّدَت أَهلَكِ النَوائِبُ في الأَر / ضِ وَكانوا كَأَنجُمِ الجَوزاءِ
وَإِذا المَرءُ ضاقَ بِالعَيشِ ذَرعاً / رَكِبَ المَوتَ في سَبيلِ البَقاءِ
لا يُبالي مُغَرِّبٌ في ذَويهِ / أَن يَراهُ ذَووهُ في الغُرَباءِ
أَرضَ آبائِنا عَلَيكِ سَلامٌ / وَسَقى اللَهُ أَنفُسَ الآباءِ
ما هَجَرناكِ إِذ هَجَرناكِ طَوعاً / لا تَظُنّي العُقوقَ في الأَبناءِ
يُسأَمُ الخُلدُ وَالحَياةُ نَعيمٌ / أَفَتَرضى الخُلودَ في البَأساءِ
هَذِهِ أَرضُنا بَلاقِعُ تَمشي / فَوقَها كُلُّ عاصِفٍ هَوجاءِ
هَذِهِ دورُنا مَنازِلُ لِلبو / مِ وَكانَت مَنازِلَ الوَرقاءِ
بَدَّلَتها السُنونُ شَوكاً مِنَ الزَهـ / ـرِ وَبِالوَحشِ مِن بَني حَوّاءِ
ما طَوَت كارِثاً يَدُ الصُبحِ إِلّا / نَشَرَتهُ لَنا يَدُ الإِمساءِ
نَحنُ في الأَرضِ تائِهونَ كَأَنّا / قَومُ موسى في اللَيلَةِ اللَيلاءِ
تَتَرامى بِنا الرَكائِبُ في البَي / داءِ طَوراً وَتارَةً في الماءِ
ضُعَفاءٌ مُحَقَّرونَ كَأَنّا / مِن ظَلامٍ وَالناسُ مِن لَألاءِ
وَاِغتِرابُ القَوِيِّ عِزٌّ وَفَخرٌ / وَاِغتِرابُ الضَعيفِ بَدءُ الفَناءِ
عابَنا البيضُ أَنَّنا غَيرُ عُجُمٍ / وَالعِبَدّى بِالسِحنَةِ البَيضاءِ
وَيحَ قَومي قَد أَطمَعَ الدَهرُ فيهِم / كُلَّ قَومٍ حَتّى بَني السَوداءِ
فَإِذا فاتَنا عَدُوٌّ تَجَنّى / فَأَرانا الأَحبابَ في الأَعداءِ
أَطرَبَتنا الأَقلامُ لَمّا تَغَنَّت / بِالمُساواةِ بَينَنا وَالإِخاءِ
فَسَكِرنا بِها فَلَمّا صَحَونا / ما وَجَدنا مِنها سِوى أَسماءِ
نَحنُ في دَولَةٍ تَلاشَت قُواها / كَالنُضارِ المَدفونِ في الغَبراءِ
أَو كَمِثلِ الجَنينِ ماتَت بِهِ الحا / مِلُ حَيّاً يَجولُ في الأَحشاءِ
عَجَباً كَيفَ أَصبَحَ الأَصلُ فَرعاً / وَالضُحى كَيفَ حَلَّ في الظَلماءِ
ما كَفَتنا مَظالِمُ التُركِ حَتّى / زَحَفوا كَالجَرادِ أَو كَالوَباءِ
طُرِدوا مِن رُبوعِهِم فَأَرادوا / طَردَنا مِن رُبوعِنا الحَسناءِ
ما لَنا وَالخُطوبُ تَأخُذُ مِنّا / نَتَلَهّى كَأَنَّنا في رَخاءِ
ضِيمَ أَحرارُنا وَريعَ حِمانا / وَسَكَتنا وَالصَمتُ لِلجُبَناءِ
نَهضَةً تَكشِفُ المَذَلَّةَ عَنّا / فَلَقَد طالَ نَومُنا في الشَقاءِ
نَهضَةً تَلفِتُ العُيونَ إِلَينا / إِنَّ خَوفَ البَلاءِ شَرُّ بَلاءِ
نَهضَةً يَحمِلُ الأَثيرُ صَداها / لِلبَرايا في أَوَّلِ الأَنباءِ
نَهضَةً تَبلُغُ النُفوسُ مُناها / فَهيَ مُشتاقَةٌ إِلى الهَيجاءِ
إِنَّ ذا المُلكَ هَيكَلٌ نَحنُ فيهِ الـ / ـقَلبُ وَالقَلبُ سَيِّدُ الأَعضاءِ
زَعَمَ الخائِنونَ أَنّا بِما نَبغيـ / ـهِ نَبغي الوُصولَ لِلعَنقاءِ
سَوفَ يَدرونَ أَنَّما العُربُ قَومٌ / لا يُبالونَ غَيرَ رَبِّ السَماءِ
يَومَ لا تُنبِتُ السُهولُ سِوى النا / سِ وَغَيرَ الأَسِنَّةِ السَمراءِ
يَومَ تَمشي عَلى جِبالٍ مِنَ الأَش / لاءِ تَمشي في أَبحُرٍ مِن دِماءِ
يَومَ يَستَشعِرُ المُراؤونَ مِنّا / إِنَّما الخاسِرونَ أَهلُ الرِياءِ
لا تَسَلني عَنِ السَماءِ فَما عِندِيَ
لا تَسَلني عَنِ السَماءِ فَما عِندِيَ / إِلّا النُعوتُ وَالأَسماءُ
هِيَ شَيءٌ وَبَعضُ شَيءٍ وَحيناً / كُلُّ شَيءٍ وَعِندَ قَومٍ هَباءُ
فَسَماءُ الراعي كَما يَتَمَنّاها / مُروجٌ فَسيحَةٌ خَضراءُ
تَلبِسُ التِبرَ مِئزَراً وَوِشاحاً / كُلَّما أَشرَقَت وَغابَت ذُكاءُ
أَبَداً في نَضارَةٍ لا يَجُفُّ العُش / بُ فيها وَلا يَغيضُ الماءُ
وَهيَ عِندَ الأُمِّ الَّتي اِختَرَمَ المَو / تُ بَنيها وَضَلَّ عَنها العَزاءُ
مَوضِعٌ لا يَنالَهُم فيهِ ضَيمٌ / لا وَلا يُدرِكُ الشَبابَ الفَناءُ
وَكَذا يولَدُ الرَجاءُ مِنَ اليَأسِ / إِذا ماتَ في القُلوبِ الرَجاءُ
وَهيَ عِندَ الفَقيرِ أَرضٌ وَراءَ الـ / أُفقِ فيها ما يَشتَهي الفُقَراءُ
لا يَخافُ المَثري وَلا كَلبَهُ الضـ / ـضاري وَلا لِاِمرِئٍ بِهِ اِستِهزاءُ
وَهيَ عِندَ المَظلومِ أَرضٌ كَهَذي الـ / أَرضِ لَكِن قَد شاعَ فيها الإِخاءُ
يَجمَعُ العَدلُ أَهلَها في نِظامٍ / مِثلَما يَجمَعُ الخُيوطَ الرِداءُ
لا ضَعيفٌ مُستَعبَدٌ لا قَوِيٌّ / مُستَبِّدٌ بَل كُلُّهُم أَكفاءُ
كُلُّ شَيءٍ لِلكُلِّ مِلكٌ حَلالٌ / كُلُّ شَيءٍ فيها كَما الكُلُّ شاءوا
وَهيَ عِندَ الخَليعِ أَرضٌ تَميسُ الـ / ـحورُ فيها وَتَدفُقُ الصَهباءُ
كُلُّ ما النَفسِ تَشتَهيهِ مُباحٌ / لا صُدودٌ لا جَفوَةٌ لا إِباءُ
أَكبَرُ الإِثمِ قَولَةُ المَرءِ هَ / ذا الأَمرُ إِثمٌ وَهَذِهِ فَحشاءُ
لَيسَ بَينَ الصَلاحِ وَالشَرِّ حَدٌّ / كَالَّذي شاءَ وَضعُهُ الأَنبِياءُ
وَإِذا لَم يَكُن عَفافٌ وَفِسقٌ / لَم تَكُن حِشمَةٌ وَلا اِستِحياءُ
كُلُّ قَلبٍ لَهُ السَماءُ الَّذي يَهوى / وَإِن شِئتَ كُلُّ قَلبٍ سَماءُ
صُوَرٌ في نُفوسِنا كائِناتٌ / تَرتَديها الأَفعالُ وَالأَشياءُ
رُبَّ شَيءٍ كَالجَوهَرِ الفَردِ فَذِّ / عَدَّدَتهُ الأَغراضُ وَالأَهواءُ
كُلُّ ما تَقصُرُ المَدارِكُ عَنهُ / كائِنٌ مِثلَما الظُنونُ تَشاءُ
أيّهذا الشّاكي وما بك داء
أيّهذا الشّاكي وما بك داء / كيف تغدو اذا غدوت عليلا؟
انّ شرّ الجناة في الأرض نفس / تتوقّى قبل الرّحيل الرّحيلا
وترى الشّوك في الورود وتعمى / أن ترى فوقها النّدى إكليلا
هو عبء على الحياة ثقيل / من يظنّ الحياة عبئا ثقيلا
والذي نفسه بغير جمال / لا يرى في الوجود شيئا جميلا
ليس أشقى مّمن يرى العيش مرا / ويظنّ اللّذات فيه فضولا
أحكم النّاس في الحياة أناس / عللّوها فأحسنوا التّعليلا
فتمتّع بالصّبح ما دمت فيه / لا تخف أن يزول حتى يزولا
وإذا ما أظلّ رأسك همّ / قصّر البحث فيه كيلا يطولا
أدركت كنهها طيور الرّوابي / فمن العار أن تظل جهولا
ما تراها_ والحقل ملك سواها / تخذت فيه مسرحا ومقيلا
تتغنّى والصّقر قد ملك الجوّ / عليها ولصائدون السّبيلا
تتغنّى وقد رأيت بعضها يؤخذ / حيّا والبعض يقضي قتيلا
تتغنّى وعمرها بعض عام / أفتبكي وقد تعيش طويلا؟
فهي فوق الغصون في الفجر تتلو / سور الوجد والهوى ترتيلا
وهي طورا على الثرى واقعات / تلقط الحبّ أو تجرّ الذيولا
كلّما أمسك الغصون سكون / صفّقت الغصون حتى تميلا
فاذا ذهّب الأصيل الرّوابي / وقفت فوقها تناجي الأصيلا
فأطلب اللّهو مثلما تطلب الأطيار / عند الهجير ظلاّ ظليلا
وتعلّم حبّ الطلّيعة منها / واترك القال للورى والقيلا
فالذي يتّقي العواذل يلقى / كلّ حين في كلّ شخص عذولا
أنت للأرض أولا وأخيرا / كنت ملكا أو كنت عبدا ذليلا
لا خلود تحت السّماء لحيّ / فلماذا تراود المستحيلا ؟..
كلّ نجم إلى الأقوال ولكنّ / آفة النّجم أن يخاف الأقولا
غاية الورد في الرّياض ذبول / كن حكيما واسبق إليه الذبولا
وإذا ما وجدت في الأرض ظلاّ / فتفيّأ به إلى أن يحولا
وتوقّع إذا السّماء اكفهرّت / مطرا في السّهول
قل لقوم يستنزفون المآقي / هل شفيتم مع البكاء غليلا؟
ما أتينا إلى الحياة لنشقى / فأريحوا أهل العقول العقولا
كلّ من يجمع الهموم عليه / أخذته الهموم أخذا وبيلا
كن هزارا في عشّه يتغنّى / ومع الكبل لا يبالي الكبولا
لا غرابا يطارد الدّود في الأرض / ويوما في اللّيل يبكي الطّلولا
كن غديرا يسير في الأرض رقراقا / فيسقي من جانبيه الحقولا
تستحم النّجوم فيه ويلقى / كلّ شخص وكلّ شيء مثيلا
لا وعاء يقيّد الماء حتى / تستحل المياه فيه وحولا
كن مع الفجر نسمة توسع الأزهار / شمّا وتارة تقبيلا
لا سموما من السّوافي اللّواتي / تملأ الأرض في الظّلام عويلا
ومع اللّيل كوكبا يؤنس الغابات / والنّهر والرّبى والسّهولا
لا دجى يكره العوالم والنّاس / فيلقي على الجميع سدولا
أيّهذا الشّاكي وما بك داء / كن جميلا تر الوجود جميلا
سال حبر اليقين من أبياتي
سال حبر اليقين من أبياتي / شاهرا فكرتي على صفحاتي
في هدوء من ليلة الشعر تسري / في دجاها الأفكار كالنسمات
وهلال الوجدان مبتسم الوجه / مليء من كل ذات دواة
بين نفسي والروح تلهو شجون / طيرها بث أعذب النغمات
في فؤاد له من الكتب بيت / ليس يرضى سواه حتى الممات
يا نداءا دوى بغار حراء / وهي الأرض لجة الظلمات
و سماءا تشكي جهالة قوم / لم يروا لطفها بعين الهداة
وترى أحرفا على الأفق تهتز / في جمال يفوق حكم الصفات
همزة الوصل باتصال هداها / وبقاف اقتراننا بالحياة
وترى الراء رافلا في نعيم / من جنان العلوم والخيرات
همزة القطع شاهد العز عدل / شمس اقرأ شعت على الكائنات
أحرف من ضيائها نحن كنا / خير قوم ندعو لدرب النجاة
حدثينا يا كتب عن مجد قوم / رهنوه في لذة الشهوات
إذ نسوا العز كيف صار إليهم / ورضوا الذل في ثياب الحياة
قطعوا الحبل بين ماض عظيم / فتهاوو نحو الردى في سبات
أيقضيهم يا كتب من غفلات / واحفظيهم من لوثة القنوات
فالملايين ليس تغني إذا ما / ضحك الجهل مؤذنا بالشتات
إن ليل القراء لو طال دهرا / فهو يحوي لا شك ضوء الحياة
وحروف الكتاب سود و لكن / هي نور يفضي إلى الجنات
ورؤوس الأقلام تفعل مالا / يفعل السيف في عرين الممات
ربّ ليل نجومه ضاحكات
ربّ ليل نجومه ضاحكات / مثل أحلام غادة في صباها
لمست إصبع السكينه أشوا / في فهبّت مذعورة من كراها
كطيور في الأسر تبغي انعتاقا / قبل أن يفسد الإسار لغاها
أبق النوم فانطلقت إلى النّهر / بنفس كادت تسيل دماها
و معي صاحب رقيق الحواشي / تجد النّفس في رؤاه رؤاها
إن دجت ليلة أراك ضحاها / أو ذوت زهرة أراك شذاها
قال : ما أجمل الكواكب ! ما / أحلى سناها ! فقلت : ما أحلاها !
قال : لا شوق لا صبابة لولا / ها ! فتمتمت قائلا : لولاها !
قال : هل تشتهي الوصول إليها ؟ / قلت : إنّي لا أشتهي إلاّها !
كان طرفي يجول في العالم الأ / على وروحي تجول في مغناها
و جليسي يظنّ في الشهب قصدي / و أنا أحسب الجليس عناها
قال : و النهر كم طوى من صبابا / ت ! فأطرقت أستشفّ المياها
فإذا النهر فيه رعشة روحي / حين يدوّي فيها صدى ذكراها
قال : و اللّيل ... قلت : حسبك إعنا / ت لنفسي و حسب نفسي دجاها
فانقطعنا عن الكلام و بتنا / كلّ نفس لذاتها نجواها
خلت أنّي إذا بعدت سأنسا / ها و يطوي الزّمان سفر هواها
و توهّمت أنّني سوف ألقى / ألف ليلى و ألف هند سواها
فإذا الحبّ كالفضاء و قلبي / طائر في الفضاء ضلّ وتاها
قد نشقت الأزهار في كلّ أرض / يا شذاهنّ لست مثل شذاها !
كيف أنسى و أينما سرت في الد / نيا أراني أسير في دنياها
و إذا ما لمحت في الأرض حسنا / فكأنّي لمحتها إيّاها
و إذا داعب النسيم ردائي / قلت : قد علّمته هذا يداها !
هي أدنى من الأماني إلى قل / بي و قلبي يصيح : ما أقصاها !
لست أشكو النّوى ملالا و لكن / طرب الرّوح أن تذيع جواها
قال قوم : إنّ المحبّة إثم ! / ويح بعض النفوس ما أغباها
إنّ نفسا لم يشرق الحبّ فيها / هي نفس لم تدر ما معناها
خوّفوني جهنّما و لظاها / أيّ شيء جهنّم و لظاها ؟
ليس عند الإله نار لذي حبّ / و نار الإنسان لا أخشاها !
أنا بالحبّ قد وصلت إلى نفسي / و بالحبّ قد عرفت الله !
أنا أن أغمض الحمام جفوني
أنا أن أغمض الحمام جفوني / ودوى صوت مصرعي في المدينة
وتمشىّ في الأرض دارا فدارا / فسمعتِ دويّه ورنينه
لا تصيحي واحسرتاه لئلّا / يدرك السّامعون ما تضمرينه
و إذا زرتني و أبصرت وجهي / قد محا الموت شكّه و يقينه
و رأيت الصّحاب جاثين حولي / يندبون الفتى الذي تعرفينه
و تعال العويل حولك ممّن / مارسوه و أصبحوا يحسنونه
لا تشقي على ثوبك حزنا / لا و لا تذرفي الدموع السخينه
غالبي اليأس و اجلسي عند نعشي / بسكون إنّي أحبّ السّكينة
إنّ للصمت في المآتم معنى / تتعزّى به النّفوس الحزينة
و لقول العذّال عنك بخيل / هو خير من قولهم مسكينة
و إذا خفت أن يثور بك الوجد / فتبدو أسرارنا المكنونة
فارجعي و اسكبي دموعك سرّا / و امسحي باليدين ما تسكبينه
يا ابنة الفجر من أحبّك ميْتٌ / و لأنت بمثل هذا مهينة
زايل النور مقلتيه و غابت / تحت أجفانه المعاني المبينة
فأصيخي هل تسمعين خفوقا / كنت قبلا في صدره تسمعينه
وانظري ثمّ فكّري كيف أمسى / ليس يدري عدوّه من خدينه
ساكتا لا يقول شيئا و لا يسـ / ـمع شيئا و ليس يبصر دونه
لا يبالي أأودعوه الثريا / أم رموه في حمأة مسنونة
و إذا الحارسان ناما عياء / و رأيت أصحابه يتركونه
فتعالي و قبّلي شفتيه / و يديه و شعره و جبينه
قبل أن يسدل الحجاب عليه / و يوارى عنك فلا تبصرينه
واحذري أن تراك عين رقيب / و لئن كان جل ما تحذرينه
فاذا ما أمنت لا تتركيه / قبلما يفتح الصّباح جفونه
و إذا السّاعة الرّهيبة حانت / و رأيت حرّاسه يحملونه
و سمعت النّاقوس يقرع حزنا / فيردّ الوادي عليه أنينه
زوّدي الرّاحل الذي مات وجدا / بالذي زوّد الغريق السفينة
نظرة تعلم السماوات منها / أنّه مات عن فتاة أمينة
طوت الأرض من طوى الأرض حيّا / و علاه من كان بالأمس دونه
و اختفى في التراب وجه صبيح / و فؤاد حرّ و نفس مصونه
و إذا ما وقفت عند السّواقي / و ذكرت وقوفه و سكونه
حيث أقسمت أن تدومي على العهـ / ـد وآلى بأنّه لن يخونه
حيث علّمته القريض فأمسى / يتغنّى كي تسمعي تلحينه
فاذكريه مع البروق السّواري / واندبيه مع الغيوث الهتونه
و إذا ما مشيت في الروض يوما / ووطأت سهوله و حزونه
و ذكرت مواقف الوجد فيه / عندما كنت بالهوى تغرينه
حيث علّمته الفتون فأضحى / يحسب الأرض كلّها مفتونة
حيث وسّدته يمينك حتّى / كاد ينسى شماله و يمينه
حيث كنت و كان يسقيك طورا / من هواه و تارة تسقينه
حين حاك الربيع للروض ثوبا / كان أحلى لديه لو ترتدينه
فالثمي كلّ زهرة فيه إنّي / كنت أهوى زهوره و غصونه
ثمّ قولي للطير مات حبيبي / فلماذا يا طير لا تبكينه !
و إذا ما جلست وحدك في اللّيـ / ـل و هاجت بك الشّجون الدّفينة
و رأيت الغيوم تركض نحو الـ / ـغرب ركضا كأنّها مجنونه
و لحظت من الكواكب صدا / و نفارا و في النسيم خشونه
فغضبت على اللّيالي البواقي / و حننت إلى اللّيالي الثّمينه
فاهجري المخدع الجميل وزوري / ذلك القبر ثمّ حيّي قطينه
وانثري الورد حوله و عليه / واغرسي عند قلبه ياسمينه
اسألوها أو فاسألوا مضناها
اسألوها أو فاسألوا مضناها / أيّ شيء قالت له عيناها ؟
فهو في نشوة و ما ذاق خمرا / نشوة الحبّ هذه إيّاها
ذاهل الطرف شارد الفكر / لا يلمح حسنا في الأرض إلاّ رآها
ألسواقي لكي تحدّث عنها / و الأقاحي لكي تذيع شذاها
و حفيف النسيم في مسمع / الأوراق نجوى تبثّها شفتاها
يحسب الفجر قبسه من سناها / و نجوم السماء بعض حلاها
و كذلك الهوى إذا حلّ في الأرواح / سارت في موكب من رؤاها
كان ينهى عن الهوى نفسه الظمأى / فأمسى يلوم من ينهاها
لمس الحبّ قلبه فهو نار / تتلظّى و يستلذّ لظاها !
كلّ نفس لم يشرق الحبّ فيها / هي نفس لم تدر ما معناها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025