المجموع : 32
الليالي يا ما أمرّ الليالي
الليالي يا ما أمرّ الليالي / غيبت وجهك الجميل الحبيبا
أنت قاس معذب ليت أني / أستطيع الهجران والتعذيبا
إن حبي إليك بالصفح سبّا / ق وقلبي إليك مهما أصيبا
يا حَبيبي كان اللقاء غريبا / وافترقنا فبات كل غريبا
غير أني أستنجد الدمع لا أل / قى مكان الدموع إلا لهيبا
آه لو ترجع الدموع لعيني / جف دمعي فلست أبكي حبيبا
وانتحينا معا مكاناً قصياً
وانتحينا معا مكاناً قصياً / نتهادى الحديث أخذاً وردا
سألتني مللتنا أم تبدلتَ سوا / نا هوىً عنيفاً ووجدا
قلت هيهات كم لعينيك عندي / من جميلٍ كم بات يهدى ويسدى
أنا ما عشت أدفع الدين شوقا / وحنيناً إلى حماك وسهدا
وقصيداً مجلجلاً كل بيت / خلفه ألف عاصف ليس يهدا
ذاك عهدي لكل قلبكم لم يق / ضِ ديون الهوى ولم يرع عهدا
والوعود التي وعدتِ فؤادي / لا أراني أعيش حتى تؤدى
أين شط الرجاء
أين شط الرجاء / يا عُباب الهموم
ليلتي أنواء / ونهاري غيوم
أعولي يا جراح / اسمعي الدّيان
لا يهم الرياح / زورق غضبان
البلى والثقوب / في صميم الشراع
والضنى والشحوب / وخيال الوَداع
اسخري يا حياه / قهقهي يا رعود
الصبا لن أراه / والهوى لن يعود
الأماني غرور / في فم البركان
والدجى مخمور / والردى سكران
راحت الأيام / بابتسام الثغور
وتولى الظلام / في عناق الصخور
كان رؤيا منام / طيفك المسحور
يا ضفاف السلام / تحت عرش النور
اطحني يا سنين / مزقي يا حراب
كل برق يبين / ومضه كذاب
اسخري يا حياه / قهقهي يا غيوب
الصبا لن أراه / والهوى لن يؤوب
السراب الخؤون والصحراء
السراب الخؤون والصحراء / والحيارى المشردون الظماء
وليالٍ في إثرهن ليالٍ / سنة أقفرَت وأخرى خلاء
قلّ زادي بها وشح الماء / وتولى الرفاق والخلصاء
كيف للنازح الحبيب ارتحالي / وجناحاي السقم والبرحاء
وجراحي المستنزفات الدوامي / وخطاي المقيدات البطاء
ادركي زورقي فقد عبث الي / م به والعواصف الهوجاء
والعباب العريض والأفق المو / حش واللانهاية الخرساء
أفق لا يحد للعين قد ضا / ق فأمسى والسجن هذا الفضاء
سهرت ترقب الصباح وعين الن / جم كلّت وما بها إغفاء
عجبي من ترقبي ما الذي أر / جو ولما يعد لقلبي رجاء
وأنا مرهف المسامع فيه / لي إلى كل طارق إصغاء
التقينا كما التقى بعد تطواف على القفر في السرى انضاء /
قطعوا شَوطهم على الدم والشوك وراحوا على اللهيب وجاءوا /
في ذراعيَّ أو ذراعيك أمن وسلام ورحمة ونجاء /
وعلى صدرك المعذب أو صدريَ حصن وعصمة واحتماء /
كم أناديك في التنائي فترتد بلا مغنم لي الأصداء /
وأناديك في دمائي فتنساب على حسرة لدي الدماء /
وأناديك في التداني وما أطمع إلا أن يستجاب النداء /
باسمك العذب أنه أجمل الأسماء مهما تعددت أسماء /
لفظة لا تبين تنطلق الأقدار عن قوسها ويرمي الفضاء /
وهي بين الشفاه ناي وتغريد وطير وروضة غناء /
وهي في الطرس قصة تذكر الأحباب فيها وتحشد الأنباء /
صدفة ثم وقفة فاتفاق فاشتياق فموعد فلقاء /
فقليل من السعادة لا يكمل فيه ولا يطول الهناء /
فحنين فلوعة فاحتراق فجحيم وقوده الشهداء /
ما بقائي وأجمل العمر ولّى / وانتظاري حتى يحين الشتاء
يطلع الفجر مرهقاً شاحب النور / عليه الكلال والإعياء
وبنفسي دب المساء وحل ال / ليل من قبل أن يحين المساء
زرتني كالربيع في موكب الزهر له روعة وفيه رواء /
ولك الوجه أومض الحسن فيه / والتقى السحر عنده والذكاء
وشحوب كظل خمر وللندمان تجلو شحوبها الصهباء /
ولك الجيد أتلعا أودع الصانع فيه من قدرة ما يشاء /
قدَّ من مرمر وشعشعه الفجر بورد وصب فيه الضياء /
وأنا الطائر الذي تصطبي نفسي السماوات والذرى الشماء /
راشني صائد رماني فأدماني وولّى الجاني وعاش الداء /
مرحباً بالهوى الكبير فإن يبق وإن تسلمي يطب لي البقاء /
فهو القمة التي تهزم الموت ولا يرتقي إليها الفناء /
مرّ يومي كأمسه مسرحاً تعرض فيه الحياة والأحياء /
آدم كالقديم قلباً وتفكيراً ولكن تبدل الأزياء /
لم يحل طبعه ولا ذات يوم / لبست غير نفسها حواء
والنضار المعبود قدس وقربان ورب والشهرة الجوفاء /
والحطام الفاني عليه اقتتال / والأماني بريقها إغراء
وسفين تمر إثر سفين / والرياح للذات والأهواء
والغيوب المحجبات رحاب / تعبت في رموزها الحكماء
عندها المرفأ المؤمل والشطّ المرجّى والصخرة الصماء /
مرّ يومي كأمسه وأتى لَيلٌ بهيج تزف فيه السماء /
قد جلت فيه عرسها كل نجم / قدح يستحم فيه الضياء
لم تزل تسكب السلاف وللأقداح فيها تجدد وامتلاء /
لم تزل حتى هوّم الحان نعسان وأغفى البساط والندماء /
غير نجم في جانب الليل يقظان له روعة بها وجلاء /
ذاك نجم الحبيب مني له الشّوق ومنه الوميض والإيماء /
كم أغنيه بالحنين كما غنت على فرع غصنها الورقاء /
وذراعي في انتظارٍ وصدري / فيه بالضيف فرحة واحتفاء
موقداً للغريب نار ضلوعي / فعسى للغريب فيها اهتداء
لم خليتني وباعدت مسرا / ك ومالي إلى ذراك ارتقاء
بالذي فيك من سنا لا تدعني / فيم هذا المطال والإبطاء
ما تراني وقد ذهبت بحظي / أخطأني من بعدك النعماء
وانتهى بعدك الجميل فلا فض / لٌ لمسد ولا يدٌ بيضاء
ومشى الحسن في ركابك والإح / سان طراً والغرة السمحاء
حسنات كانت يد الدهر عندي / فانطوت بانطوائك الآلاء
يا سجين الحياة أين الفرار
يا سجين الحياة أين الفرار / أوصد الليل بابه والنهار
فلمن لفتةٌ وفيم ارتقاب / ليس بعد الذي انتظرت انتظار
والتعلات من هوى وشباب / قصة مسدل عليها الستار
ما الذي يبتغي العليل المسجى / قد تولى العواد والسمار
طال ليل الغريب وامتنع الغم / ض وفي المضجع الغضا والنار
وهَب السجن بابه صار حرا / لكَ لا حائل ولا أسوار
وعفا القيد عنك كفاً وساقا / فإذا الأرض كلها لك دار
أين أين الرحيل والتسيار / بعدت شقة وشط مزار
والخطى المثقلات باليأس أغلا / ل لساقيك والمشيب عثار
ما انتفاع الفتى إذا عفت الجن / نة واجتاح دوحها الإعصار
عشتُ حتى أرى خمائل حبي / تتهاوى كشامخ ينهار
تحت عيني ويذبل الحسن فيها / ويموت الربيع والأنوار
ما انتفاع التي بموحش عيش / بقيت كأسه وطاح العقار
وبقاء البساط بعد الندامى / كأس سم بها يدور البوار
ما انتفاعي وتلك قافلة العي / ش وفي ركبها اللظى والدمار
الدمار الرهيب والعدم الشام / ل واللفح والضنى والأوار
يا ديار الحبيب هل كان حلما / ملتقى دون موعد يا ديار
يا عزيز الجنى عليك سلام / كيف جادت بقربك الأقدار
بورك الكرم والقطوف وأوقا / ت كأن العناق فيها اعتصار
كلما أطلقتك كفي استردت / ك كما يحفز الغريم الثار
أنت فوق التكريم فوق الثناء
أنت فوق التكريم فوق الثناء / جلّ ما قد أسديت عن إطراء
يا عظيم الشؤون جلّت شؤون / أنت منها في الذروة الشماء
يا عظيم الأوقاف جلت أمور / عرّفتنا مواقف العظماء
لم نكرمك للوزارة والمنصب والمجد والسنا والرواء /
نحن قوم نهيم بالرجل الكامل يمضي للأمر دون التواء /
الرحيب الصدر القوي على الخطب السريع الهدم السريع البناء /
قد رأيناك كالمنار المعلى / مثلاً للقوي في الأقوياء
ورأيناك في الرجال فريداً / فاقتفينا خطاك أي اقتفاء
وحببناك ما بنا من نفاق / لا ولا في قلوبنا من رياء
أي وربي لأنتَ من صور الماضي ومجد الجدود والآباء /
وجلال الصعيد والملك في الوادي عزيز البنود ضافي اللواء /
قد ينام التراث جيلاً فجيلا غافياً في مجاهلٍ خرساء /
وتنام الروح العريقة في المجد لتبدو في طلعة سمراء /
فتراها مصرية السمت والقوة والعزم والحجى والمضاء /
قسماً قد غفا الجلال ليصحو / من جديد في وجهك الوضاء
أيها الكوكب الدؤوب على الدهر بلا فترة ولا إبطاء /
تصنع الخير واضحاً شبه نجم / ساكب نوره بعرض الفضاء
وتؤديه خافياً مثل نجم / مستسر خافٍ خلال السماء
غير أن النفوس تعلم مسراه وإن كان ممعنا في الخفاء /
وعظيم الفعال يجمل بالإفصاح عنه كالسيف غب الجلاء /
ما جمال الربيع في الروض إن لم / يشد طير في الروضة الغناء
ما جمال السماء والبدر إن لم / يشدُ سار في اليلة القمراء
واضياع النبوغ في مصر إن لم / تتحدث منابر الخطباء
واضياع النبوغ في مصر إن لم / يَك تخليده على الشعراء
طاقة الشعر طاقة الورد معنى / جلَّ قصداً وقلَّ في الإهداء
لست تجزى به أقل الجزاء / فتقبله آية من وفاء
كيف ننساك والعفاة على بابك حشد يموج بالبأساء /
الشريد الطريد والعامل المرهق يشقى من صبحه للمساء /
وبيوت هي العريقة في الأمجاد صارت عريقة في الشقاء /
لم تطق أن ترى دموع اليتامى تترامى على أكف السخاء /
والأيامى كالكأس بعد الندامى / ذكرت حظها من الصهباء
وقف الدهر دونهم كل باب / طرقوا صم عن ذليل النداء
غير باب من المروءات سمح / لك ما ردّ مرة عن نداء
انظر الحفل داوياً بالدعاء / وانظر البحر زاخراً بالنداء
أنت ورد النبوغ جادت به الدنيا لقوم إلى المعالي ظماء /
كلما أطلعت لهم عبقرياً جعلوا منه معقداً للرجاء /
حمدوا فيك يومهم واطمأنوا / مشرئبين للغد المترائي
كيف ننساك في المحاماة حراً / طاهراً ذيله عفيف الرداء
وقف المجلس المحير يوما / مرهف المسمعين بالإصغاء
إذ يرى فيك نائباً وخطيباً / دامغاً بالحقيقة البيضاء
مفعماً مقحماً قوياً جريئاً / ماحقاً للخصوم والأعداء
عش مديدا وجدد
عش مديدا وجدد / واعل والمع كفرقد
لو رأى الحق عبده / وهو بالحق يهتدي
وعلى الحق رائحاً / وعلى الحق يغتدي
بسط التاج باليد / قائلاً قم تقلدِ
قم تقلَّد تقلدِ / يا أميري وسيدي
وبإيمان ركع / وتسابيح سجد
بايع الحق عبده / والبرايا بمشهد
انظر الساح داوياً / بالنداء المردد
انظر البحر زاخراً / بالشباب المجند
حمدوا فيك يومهم / مشرئبين للغد
عش مديدا لتبتني / كل صرح ممرد
فلك الرأي قاطعاً / ما به من تردد
يهدأ السيف في القراب / ويثوى بمرقد
ولك السيف ساهراً / يقظاً غير مغمد
خذ بياناً نظمته / شبه عقد منضد
ما به من تزلف / جل شعري ومقصدي
خالد أنت بالعلى / والفعال المسدد
فتقبل على المدى / كل شعر مخلد
أنتِ إن تؤمني بحبي كفاني
أنتِ إن تؤمني بحبي كفاني / لا غرامي ولا جمالك فاني
أجدب الهجرُ خاطري وخيالي / وأجف النوى دمي ولساني
فتعالي روّي الظما في عيوني / واجنوني لقطرة من حنانِ
طال والله في تنائيك ذلي / ووقوفي على ديار الهوانِ
أي روح أحسه أي سر / في جناحيك كلما ظللاني
أي روح أحسه أي سحر / سكبت فيّ هاته العينان
لكأن الرميم ما تبعثان / وكأن النشور ما تسكبان
وكأني محلق في سماء / ومطل منها على الأكوان
مستعز بما منحت قوي / أجمع الكون كله في عنان
يا حبيبي اسقني الأماني واشرب
يا حبيبي اسقني الأماني واشرب / بوركت خمرة الرضا وهي تسكب
بورك الكأس والحباب الذي يرقص في الكأس والشعاع المذهب /
نضبت رحمة الوجود جميعاً / وبك الرحمة التي ليس تنضب
وإذا ضاقت السماء بشجوي / فالسماء التي بعينيك أرحب
كم تمنيت والصدور تجافيني وتزور والوجوه تقطب /
كم تمنيت صدرك البر يرتاحُ على خفقه الطريد المعذب /
هات وسّدني الحنان عليه / جسدي متعب وروحي متعب
أنا وحدي في البِيدِ حيرانُ هائم
أنا وحدي في البِيدِ حيرانُ هائم / فمتى تَذكُرُ القفارَ الغمائم
رحمةً يا سماءُ إن فمي جف / ف وحَلقي عن المواردِ صائم
غاض نبعُ المُنى ولم يبقَ حتّى / ومضةُ الحُلمِ في محاجرِ نائم
أيّها الطاعمُ الكَرى ملءَ جَفنَي / ك وجفني من الكرى غيرُ طاعم
أَبكِني واستَبِدَّ بي واقضِ ما شا / ءَ لَك الحسنُ فيَّ واظلم وخاصم
غيرَ هذا النّوَى فإِنّ ليا / ليه ظلالٌ من المنايا حوائم
تضمحلُّ الحياةُ فيه وتنهد / دُ كأَنَّ النهارَ معولُ هادم
لا تَكلنِي لذلك الأبَدِ الأَس / وَدِ في قاعِ مُزبِدِ اللُج قاتم
لا تَكلنِي لِهُوَّةٍ تعصِفُ الأش / باحُ في جَوفِها وتَعوي السَّمائم
يسأل الزهرَ والخمائلَ والأن / وار عن تربِها الضحوكِ الباسم
ذاق ما ذاق فيّ الصبابة إلا / ذَبحَةَ الرُّوحِ وانفصالَ التوائم
إن تَعُد محسِناً إليّ فَعُد بي / للعهودِ المقدّساتِ الكرائم
وإذا ما رأيتَ عزميَ ينها / رُ فثَبِّت بالذِّكرَياتِ الدعائم
جئتنِي في الخريفِ والروضُ عارٍ / فكسوتَ الرُّبَى عذَارَى البراعم
وأجالَ الربيعُ أخضَرَ كفَّي / هِ ليمحو اصفرارَه المُتراكم
رحلةٌ للنجوم لم تَكُ أوها / ماً وبعضُ النعيم أوهامُ حالم
آهِ كم ليلةٍ أراجعُ أيا / مِي أعُدُّ العُلَى وأُحصِي العظائم
وحسبتُ الخسارَ فيها فكانَ ال / غَبنُ عندي زَمانِيَ المتقادم
قبلَ أن نلتَقي فلما تلاقَي / نا عرفتُ الغِنَى وذُقتُ المغانم
حيثما أغتَدِي فإنّ الدراري / ملءُ رُوحي وفي خيالي بواسم
إن أبِت جائعاً فثمّةَ زادي / أو أبِت مُعسراً فثَمَّ الدراهم
وعجيبٌ قد كنتَ لي حسدَ الحسّا / دِِ فيها وكنتَ أنت التمائم
بالذي صُنتُ عهده لم أخُنه / ومتى خانت الأكفُّ المعاصم
والذي حُكمُه كأقدارِ عَيني / ك فما منهما ولا منه عاصم
أيُّ صوتٍ من الغيوب ينادي / ني فأطوي له الدُّنَى والمعالم
قَدَرٌ مُشعَلٌ على شفةٍ تد / عو فأَخطو على اللَّظَى غيرَ نادم
وفؤادي يحومُ بالنّارِ لا يَح / فِلُ أنّي على المنيَّةِ حائم
الهوى مَصرَعي وكم من حِمامٍ / كان باباً إلى الخلود الدائم
وطريقاًَ من الأسنّةِ والشو / كِ رَوَت أرضُه الدموعُ السواجم
شهد اللهُ ما قضيتُ الليالي / ناعمَ الجَنبِ فوق مَهدٍ ناعم
أيُّ جَيشَيك مُغرِقي ليليَ الطا / غِي أم الشوقُ وحده وهو عارم
آه مِن رُبَّما ومن أملٍ يُم / سك نفسي رجاءَ يومٍ قادم
قد تجيءُ الأنباءُ من شاطئ الن / نيل غداً والمبشّراتُ النسائم
وتكونُ النجاةُ في القمر السا / ري على زورقٍ من النورِ حالم
أيها الغائبُ العزيزُ النائي
أيها الغائبُ العزيزُ النائي / فَسدت ليلتي وضاع هنائي
قَمَري أنتَ ليسَ لي منك بدٌّ / في اعتكار السحائبِ السّوداء
هذه الشُّرفَةُ التي جَمَعتنا / يا حبيبي بوجهِك الوضَّاء
سألت عنك فالتفتُّ إليها / وبنفسي كوامنُ البُرَحَاء
قائلاً صَه بالله لا تسأليني / فكلانا من دونِها في عناء
أين ذاك الوجهُ الذي يُرسلُ النو / رَ ويُوحِي إشراقُه بالصَّفاء
أنت يا من جعلت روض حياتي
أنت يا من جعلت روض حياتي / مهدَ وردٍ إليك وردك رُدَّا
آيةُ الورد أنه نفحةٌ من / ك ومن عطرك العبيرَ استمدّا
هذه باقةٌ من الورد تجثو / مَلَكٌ في الرياضِ أصبح عبدا
يا جمال الجمال من خلَّد الحس / ن جميعاً في نظرةٍ منك تَندَى
يا صباح الصباح من يَملكُ الأض / واء وصفاً أو الفرائد عَدَّا
ليس بدعاً يا وردة العمر أن كا / نت لمغناك وردةُ الروض تُهدى
لا تظني ورداً يكافئ ورداً / أنت أغلى حسناً وأكرم وردا
غير أني وإن عجزت عن التق / دير حاولتُ ما تمكَّنتُ جهدا
باعثاً للوفاء ورداً وللقل / ب إلى أعمق السرائر ودّا
وإلى العيد أنت عيدٌ لأيَّا / مي جميعاً أنت الحبيبُ المُفدَّى
جدّدي الحبَّ واذكري لي الربيعا
جدّدي الحبَّ واذكري لي الربيعا / إنني عشت للجمال تبيعَا
أشتهي أن يلفَّني ورق الأَي / كِ وأَثوِى خلف الزهور صريعا
آه دُر بي على الرِّفاق جميعاً / واجعل الشمل في الربيع جميعا
لا تقل لي اشتر المسرَّة والجا / ه فإنّي حسن الربى لن أبيعا
فلغيري الدنيا وما في حماها / إنني أعشق الجمال الرفيعا
أنا من أجله عصيت وعُذِّب / تُ وأقسمت غيرَه لن أطيعا
وبطيبِ الربيع أقتات زهراً / وعبيراً ولا أُكابد جوعَا
فَهو حسبي زاداً إِذا عَفَت الدُّن / يا وأقوَت منازلاً وربوعَا
أملٌ ضائعٌ ولبٌّ مشرَّد
أملٌ ضائعٌ ولبٌّ مشرَّد / بين حبٍّ طغى وجُرحٍ تمرّد
وضلالٌ مشت إليه الليالي / هاتكاتٍ قناعه فتجرّد
وبدا شاحباً كيوم قتيلٍ / لم يكد يلثم الصباح المورّد
غفر الله وهمها من ليالٍ / صوّرت لي الربيع والروض أجرد
قاسمتني الورقاء أحزان قلبي / وشجاه وغَرَّدَت حين غرّد
ثم ولَّت والقلب كالوتر الدا / مي يتيمُ الدموع واللحن مفرد
ما بقائي أرى اطِّراد فنائي / وانتهائي في صورةٍ تتجدّد
ورثائي وما يفيد رثائي / لأمانٍ شقيةٍ تتبدّد
عبثاً أجمع الذي ضاع منها / والمنايا منِّي ومنها بمرصد
وبقائي أبكي على أملٍ با / لٍ وأحنو على جريحٍ موسَّد
واحتيالي على الكرى وبجفني / يَ قتادٌ ولي من الشوك مرقد
وشكاتي إِلى الدجى وهو مثلي / ضائعٌ صبحه ضليلٌ مسهَّد
وشخوصي إِلى السماء بطرفي / وندائي بها إلى كل فرقد
فجعتني الأيام فيه فلم يَب / قَ على الأرض ما يسرُّ ويحمد
ذهبت بالجميل والرائع الفخ / م وطاحت بكل قدسٍ ممجّد
مال ركنٌ من السماء وأمسى / هلهلَ النسج كلُّ صَرحٍ مُمرَّد
ربِّ عفواً لحيرتي وارتيابي / وسؤالٍ في جانحي يتردّد
هو همس الشقاء ما هو شك / لا ولا ثورةٌ فعدلك أخلد
أين يا رب أين من قبل حيني / ألتقي مرةً بحملي الأوحد
بخليلٍ ما ردَّه كيدُ نما / مٍ ولم يَثنِه وشاةٌ وحُسَّد
وحبيبٍ إِذا تدفَّق إحسا / سي جزاني بزاخرٍ ليس ينفد
وعناقٍ أُحِسُّه في ضلوعي / دافقاً في الدماء كاليمِّ أزبد
قلتُ للبحر إذ وقفت مساءَ
قلتُ للبحر إذ وقفت مساءَ / كم أطلت الوقوف والإصغاءَ
وجعلت النسيم زاداً لروحي / وشربت الظلالَ والأضواءَ
لكأنَّ الأضواء مختلفات / جَعَلَت منكَ رَوضَةً غنّاءَ
مَرَّ بي عطرها فأسكَرَ نفسي / وَسرَى في جوانحي كيف شاءَ
نشوة لم تطل صحا القلب منها / مثلَ ما كان أو أشدّ عناءَ
إنما يفهم الشبيه شبيهاً / أيها البحر نحن لسنا سواءَ
أنت باقٍ ونحن حرب الليالي / مَزَّقتنا وصيرتنَا هباءَ
أنت عاتٍ ونحن كالزبد الذا / هبِ يعلو حيناً ويمضي جفاءَ
وعجيبٌ إليك يممتُ وَجهي / إذ مللتُ الحياةَ والأحياءَ
أبتغي عندك التأسّي وما تَم / لِك رَدَّاً ولا تجيب نداءَ
كل يومٍ تساؤلٌ ليت شعري / من ينبّي فيحسن الإِنباءَ
ما تقول الأمواج ما آلَم الشم / سَ فولّت حزينة صفراءَ
تركتنا وخلفت ليلَ شكٍّ / أبديٍّ والظلمةَ الخرساءَ
وكأنَّ القضاء يسخر مني / حين أبكى وما عرفتُ البكاءَ
ويح دَمعي وويح ذلة نفسي / لَم تدع لي أحداثه كبرياءَ
يا جمال الصِّبا وأنس النفوسِ
يا جمال الصِّبا وأنس النفوسِ / خبِّرينا عن زوجك المنحوسِ
حَدِّثي أنت عن عماه الحيسي / وصفي لي الغرام بالتحسيسِ
حدثينا عن اللهيب المفدَّى / وجمالٍ يُصَيِّر الحرَّ عَبدا
وجنون الأعمى إذا ما استجدى / وهو يعشو لناره كالمجوس
يا جمالاً في الترب يُلقَى ويُرمَى / يا لظلم الحظوظ والحظ أعمى
وبلائي أني أسميه ظلما / وهو لفظ ما جاء في القاموس
آه من قسوةِ الطبيعة شقت / ظلمة في مكان نورٍ ورقت
دونَ قصدٍ لعينه فاستبقت / كوّةً في فضائها المطموس
كوَّةً تنفذ الحفيظة عنها / ويُطلُّ الدهاءُ والخبثُ منها
طالعتنا في طلعة لم تزنها / كالفتيل الحقيرِ في الفانوس
كذليل الأبقار إذ ربطوه / وتراهم بخرقةٍ عَصَّبوه
فإذا ما عصاهمو ضربوه / وتمشَّى على غناءِ الألوس
وتراه تقولُ يقطر بغضا / حيوانٌ يريد أن يَنقَضَّا
حسبك الله عشت تنظر أرضا / فابق فيها حُرمتَ نورَ الشموس
بي نزوع إلى الدموع الهوامي
بي نزوع إلى الدموع الهوامي / غير أني أخاف من آلامي
أيهذا المكان يا غالي التر / ب ومثوى عبادتي واحترامي
أنت مثوى الذكرى ومدفنها الغالي / القصّي المجهول في الأيام
هذه خلوتي فلا تمنعوني / ما الذي تحذرون يا خلاني
إنها عادتي التي كنت أعتاد / وأهوى في سالف الأزمان
أخذتني لذِي الرحاب وقادت / قدمي في سبيل هذا المكان
أنظروا هذه السفوح وهذا النب / ت إذ قام مزهراً تيّاها
لكأني ما زلتُ تسمع أذني / في صموت الرمال وقع خطاها
وكأن النجوى بكل ممرٍّ / طوقتني في ستره يمناها
قد تراءى الصنوبر النضر إذ أين / نَع في قاتمٍ من الألوان
وتراءَى ليَ المضيق البعيد ال / غور يمتد في رخيّ المجاني
موحشات لكنما كن ألافي / ومهد الهنيء من أزماني
أنا ما جئت ها هنا أذكر الأش / جان في موطن عرفت فيه هنائي
ذلك الغاب رائع الحسن والصم / ت مثال الجلال والكبرياءِ
وفؤادي عاتٍ كرائع هذا / الغاب مستكبر على البرحاءِ
من يشأ أن يفيض يوماً بشك / واه فما هذا موضع الأحزان
قل لشاكٍ هلا مضيت لتجثو / عند مثوى ميت من الخلان
كل شيء حيّ هنا ونبات القبر / ينمو في غير هذا المكان
طلع البدر يرتقي ذروة الأفق / ويجتاز حالك الأسداد
يا أمير الظلام إنك تبدو / حائر الرأي واضح الترداد
ثم تمضي مجاوزاً حجب الليل / وترمي بنورك الوقَّاد
كلّما شارف الثرى فيض نور / مرسل من جبينك الوضّاح
وإذ الأرض قد تضوع منها / عن ثراها النديّ عطر الصباح
استثارت عطر القديم من الحب / دفين العبير في الأرواح
أيهذا الوادي المحبب ما زرتك / حتى سألت عن أوصابي
أين راحت لواعجي أين آلامي / اللواتي أهرمنني في الشباب
عاودتني طفولتي فيك حتى / خلت أني ما اجتزتُ يوم عذاب
يا خفاف السنين يا صولة الدهر / قوياً مثل الجبابر عاتي
كل ماضي صبابة قد أخذتن / فمن مدمع ومن حسرات
ورحمتنَّ لي أزاهر ذكرى / علقت في ذبولها بالحياة
فسلام مني على الأيام / كيف آست في النازلات الجسام
لم أكن أدري أن جرحاً بما / كابدت منه من فاتك الآلام
معقبٌ لذة لنفسي / وإحساس هناء لديّ بعد التئام
فليبن عني السخيف من الرأي / وتنأى سفاسف الأقوال
وهمومٌ كواذبٌ كفنت أثوابها / حب عاشقين ضآل
جعلوها مظاهراً لهواهم / والهوى الحق ليس منهم ببال
إيه دانتي أأنت ذاك الذي قال / قديماً عن ذكريات الهناءِ
إنها إن مرّت على ذاكريها / زمن الحزن فهي أشقى الشقاء
أي بؤسي أملت عليك مرير ال / قول حقاً أسأت للبأساء
أو إن أقبل الدجى بعد إدبا / ر نهارٍ صافي الضياء قضيته
تنكر النور في الوجود فيغدو / محض وهمٍ كأنه ما رأيته
ذلك القول وهو جدّ عجيب / أيها الخالد الآسي كيف قلته
قسماً بالطهور من لهب الحب / مضيئاً في القلب شبه المنار
ما عهدنا في قلبك الوافر / الإيمان هذا الضلال في الأفكار
لا أرى للهناء والله صدقاً / مثل صدق الهناء بالتذكار
أو إن أبصر الشقي وميضاً / في رماد الهوى فقام إليه
باسطاً نحوه يديه بلهفٍ / حارصاً أن يمر من كفيه
وبه من إشعاعه أثر البرق / إذا مرّ خاطفاً ناظريه
أو إن غاصت روحه في عباب الذ / ذكريات التي طوتها السنين
وعلى مرآة مجرحة من / ها جرى دمعه السخيّ الهتون
أو هذا السرور من ذكر الما / ضي تسميه بالعذاب المبين
إن تروا أدمعي فلا تزجروني / ودعوني إني أحب الدموعَا
لا تجفف أيديكم أدمعا تنفع / قلباً لمّا يزل موجوعا
أدمعي سترٌ مسبلٌ فوق ماضٍ / قد تولى ما يستطيع رجوعا
موقفٌ حانَ فاغتنم
موقفٌ حانَ فاغتنم / وتخير من الكلم
كلَّ لفظٍ أرقَّ مِن / ضحكة الزهر للدِّيم
مستَمَدٍّ من الرُّبى / مُستعارٍ من النّسم
اجمع الآنَ طاقةً / غضّةَ النور تبتسم
أُهدِها روحَ شاعرٍ / خالدٍ بالذي نَظم
قلمي ما الذي لدي / كَ من الخيرِ يا قلم
قم فذكّر وناج قو / مَك واخطُب وقل لهم
قل لأهل الغناء في / كنف المعهد الأشَم
ذلك الشاعرُ الذي / باتَ في خاطر الظُّلم
هو منكم وفنُّهُ / علمَ الله فنكم
كان لحناً فصار ذِك / راً كما يُذكَرُ الحُلم
إنما الشعر مزدهرٌ / قد حكى قصة الأمم
وبأوتاره المنى / تتلاقى وتزدحم
هو نايٌ مُرجِّعٌ / لشجيٍّ وما كتم
هو قيثارةُ الزما / نِ ونجواه مِن قِدَم
هو أنشودة الحيا / ةِ وفيضٌ من النغم
أيها المعهدُ الذي / بلغ المجدَ واستتم
كلُّ لحنٍ مذكرٍ / أشعل القلب فاضطرم
نظمته يدُ الأسى / وقَعته يدُ السقم
وأناشيدكم وما / صاغه الفنُّ من عِظم
هي أنّات أنفسٍ / بالمقاديرِ ترتطِم
وصباباتُ أعينٍ / يشهد الليل لَم تنم
وأغانيكُم التي / هي في قمةِ القمَم
هي آهات شاعرٍ / عرف الحبَّ والألم
ذلك الشاعرُ الذي / روحه الآن بينكم
لكأني أراه حَي / ياً وألقاهُ عن أمَم
وَهو في ذِروة الشبا / بِ وفي خفةِ القَدَم
غاشياً كلَّ منتدى / عاليَ الرأسِ محترم
كلما قال شعرَه / غمر السهلَ والعلم
دافقاً ليس ينتهي / أبداً سيله العرِم
باذلا للصديق والأه / لِ كلّ الذي غنِم
زوجه والبنون هُم / مجده والرجاء هُم
درجوا في ذرا العلا / نوَّروا في رُبى النعم
نشأوا في حمى العفا / فِ وجلُّوا عن التُّهم
حين ظنوا بأنَّ ما / أمَّلوا في الزمانِ تَم
إذ شكا الضعفَ سيد ال / بيت خارت به الهِمم
نام في حضنِه الضَّنى / وعلى صدره جَثم
وإذا بالطيور قد / دخل الموت وكرهُم
شِبهَ لصٍّ مخادعٍ / غشى البيت فالتهَم
وإذا الفاقةُ الجَري / ئةُ تَطغَى وتَنتَقِم
صنعت في رجائهم / فعلَة الذئبِ بالغنم
كأتونٍ مسعَّرٍ / غاضبٍ ينثرُ الحُمَم
مَن رأى البؤس إن عدا / مَن رأى الضنك إن هَجَم
مَن رأى العفةَ العري / قةَ بالدهر تصطدم
أُمتي ليس يُهزَمُ ال / فنُّ في أُمة الشّمَم
أُمَّتي ليس يخذلُ ال / جُودُ في أمة الكرَم
أُمَّتي أمة العلا / وأبي الهول والهرَم
تحت عين الصباح والأنوارِ
تحت عين الصباح والأنوارِ / ورقيق الأنداء والأسحارِ
في حمى سنتريس شبَّ غلامٌ / شاعريُّ الكلام والأنظارِ
أزرق العين هادئ هدأة البح / ر بعيد الرضى بعيد القرارِ
ساهم يلمح السحائب في الأف / قِ بعين عميقة الأغوارِ
شبَّ في جيرة النسائم والزه / ر وفي صحبة الغدير الجاري
ونضيرِ الحقول والعشب المخضل / ل يكسو شواطئ الأنهارِ
ومصيخاً إلى غناء السواقي / شاكياتٍ سواخرَ الأقدارِ
باكياتٍ على الصبا والأماني / والهوى والنوى وبعدِ المزارِ
غير أن الذي شكا خطبه الأه / لُ وأمسى حديث جارٍ وجارِ
إنَّ ذاك الفتى الوديعَ الطهورَ ال / قلب في رقة النسيم الساري
مغرمٌ بالعصا فلو خلف سورٍ / لتخطى شواهق الأسوار
ولأجل العصا سطا على الأفرع الخض / راء زانت بواسق الأشجارِ
ولأجل العصا سطا على خشب البي / تِ طموحاً حتى لباب الدارِ
ولو أنَّ العصيَّ عزَّت عليه / لتمنَّى حتى عصا التسيارِ
إن تلك العصا لرَمزٌ على القو / ة في قلب ماردٍ جبّارِ
لا يرى القرية الصغيرة كفؤاً / لكبار الآمال والأوطارِ
ساخراً من هدوئها مستعداً / لصراع الخطوب والأخطارِ
أين يمضي للأزهر الشامخ الرأ / س القويّ الباقي على الأدهارِ
مطلع عبده وسعداً ورهط ال / مجد والبأس والعلى والفخارِ
فرح الأهلُ بالغلامِ الذي صا / رَ حديثاً في ندوة السُّمارِ
عمّموه وقفطنوه فأمسى / أمل القوم فارس المضمارِ
ومضى يطلب العلوم وحيداً / موحشاً قلبهُ غريبَ الدارِ
ناظراً في هوامشٍ تأكل العق / ل وتبلي نواضر الأبصارِ
لا يبالي الطول ولا يحفل الأقدا / ر جاءت بكل أمرٍ ضاري
لا يبالي غداة يصغي إلى الشي / خ وللشيخ هالة من وقارِ
أحصيرٌ ممزقٌ أم حريرٌ / مقعد للمجاهد الصبَّارِ
آهِ من هاته الشدائد فهي الن / نار تبلو القلوب في الأخيارِ
إنَّ قلب العظيم ياقوتةً تس / مو سمواً وتزدهي بالنارِ
أي شيء في الدهر كالألم الجب / بار يجلو ضمائر الأحرارِ
عجبي من مجاور ضاق بالأز / هر واحيرة النفوس الكبارِ
ثم أمسى مطربشاً واكتسى البذ / لة ما بين ليلةٍ ونهارِ
ثم ضاقت بهمه مصر فاشتا / ق لغير الأوطان في الأمصارِ
ضمَّ أشياءه إليه وأضحى / في سفينٍ تجوب عرض البحارِ
ثم أمسى مبرنطاً يقصد السي / ن ويغزو مدينة الأنوارِ
والذي يبعث السرور ويدعو / كلَّ نفس للزهو والإكبارِ
رجلٌ ما ازدهته فتنة باري / س وما في باريس من أسرارِ
ظلَّ في ذلك الحمى مصرياً / عربيَّ الحياة والأفكارِ
كلما هبَّت الغواني عليه / ضاق ذرعاً بالغادة المعطارِ
يزفر الزفرة العنيفة ترمي / من لظاها فحمَ الدُّجى بشرارِ
يذكر النيل والأحبة بالني / ل ويشدو برائع الأشعارِ
كرّموا نابغيكمو واعرفوهم / فضياع النبوغ في الإِنكارِ
فزكيّ مباركٌ شعلة في / مصر تهدي شبابها كالمنارِ
قسماً لو يُتاح لي الغارُ كلل / ت بكفي جبينُه بالغارِ
إقبلي يا أميرة اللطف حبي
إقبلي يا أميرة اللطف حبي / واقبلي من أبيك هذا الكتابا
إجعليه ذكرى له واجمعي الآرا / ء فيه واستكتبي الأصحابا
جعل الله كل عمرك عيداً / وربيعاً منضّراً وشبابا