المجموع : 12
أخْلقَ الدهرُ لِمتى وأجّدا
أخْلقَ الدهرُ لِمتى وأجّدا / شعَراتٍ أرينني الأمرَ جِدَّا
لم يزلْ بي واشي اللياي إلى سم / ع معير الشباب حتى استردّا
صِبغةٌ كانت الحياةَ فما أف / رُقُ أوَدى دهري بها أو أردَ
يا بياض المشيب بِعْنِي بأيّا / مك ليلاً نضوتَه مسوَدَّا
يا لها سرحةً تَصاوَحُ تَنّو / ماً وعهدي بها تَفاوَحُ رَندا
لم أقل قبلها لسوداءَ عطفاً / واقتراباً ولا لبيضاءَ بُعدا
عدَّتِ الأربعون سنَّ تمامي / وهي حلّت عُرايَ عَقداً فعَقدا
بَانَ نَقْصِي بأن كَملتث وأحسس / ضُعفي لمّا بلغتُ الأشُدّا
رجعتْ عنّيَ العيون كما تر / جعُ عن حاجب الغزالة رُمْدا
ليت بيتاً بالخَيْفِ أمسِ استضفنا / قَرانَا ولو غَراما ووَجْدا
وسقاةً على القليب احتساباً / عوّضونا اللّمى شِفاءً وبَرْدا
راح صحبي بفوزة الحجِّ يحدو / ن وعَنسي باسم البخيلةِ تُحدَى
ولحاظي مقيَّداتٌ بسلعٍ / فكأنّي أضللتُ فيه المَجْدَا
ربَّ ليلٍ بين المُحصَّب والخَيْ / ف لبسناه للخلاعةِ بُرْدا
وخيامٍ بسَفح أُحْدٍ على الأُق / مار تُبْنَى فحيِّ يا رب أُحْدَا
لا عدا الرَّوْحُ في تِهامةَ أنفَا / ساً إذا استُروِحتْ تمنَّيتُ نجدا
وأعان الرقادُ حَيْرةَ طَرفٍ / لم يجِدْ في الطّلاب يقظانَ رُشْدا
نمتُ أرجو هنداً فكلَّ مثالٍ / خَيَّلَتْ لي الأحلامُ إلاّ هندا
عَجباً لي ولابتغائي مَودّا / تِ ليالٍ طباعُها لِيَ أعدَا
نطَقَتْ في نفوسها وتعفَّف / تُ فما وُدُّ من يَرَى بك صدّا
أجلبتْ جِلدتي عريكةُ دهري / فرمَى بي وقام أملسَ جِلْدا
كلّ يومٍ أقولُ ذمّاً لعيشي / فإذا فاتني غداً قلتُ حَمْدا
زفراتٌ على الزمان إذا استب / ردتُ منها تنفُّساً زدن وَقْدا
يا لَحَظِّي الأعَمى أما يتلقَّى / قائداً يبتغِي الثوابَ فيُهْدَى
يا زمانَ النفاقِ مالك زاد / اللّهُ بيني وبن أهلك بُعدا
مَن عذيري من صحبة الناس ما أخ / فَرَها ذمّةً وأخبثَ عهدا
كم أخٍ حائم معي واصلٍ لي / فإذا خَلَّفتْ به الحالُ صدَّا
وصديقٍ سَبْطٍ وأيّامه وُسْ / طَى فلمّا انتهتْ تقلَصَ جَعْدا
ليته غيرَ منصِفٍ لِيَ إسعا / داً على الدهر منصفٌ لِيَ وُدّا
وإذا لم تَجِدْ من الصبر بُدَّاً / فتعزَّلْ وَجِدْ من الناس بُدَّا
يدفع اللّهُ لي ويَحمي عن الصا / حِبِ فَرداً كما وَفَى لِيَ فردا
أَجِنَتْ أوجهُ الرجالِ فما أن / كَرتُ من بِشر وجههِ العذبِ وِرْدا
كيفما خالَفتْ عِطاشُ أماني / نا إليه كان النميرَ العِدَّا
مَلَكَ الجودُ أمرَهُ فحديث ال / مال عن راحتيه أعطَى وأجدَى
زد لجاجاً إذا سألتَ وإلحا / حاً عليه يزِدْك صبراً ورِفْدا
لا تَرَى والمياهُ تُعطى وتُكدِى / حافراً قطّ في ثراه أكدَى
كلما عرَّضَتْ له رغبةُ الدن / يا توانى عنها عَفافاً وزُهدا
كثَّر الناسٌُ مالَها واقتناها / سِيَراً تَشرف الحديثَ وحَمْدا
لحقتْه بغاية المجد نفسٌ / لم تحدِّد فضلاً فتبلغ حدّا
عدَّت الفقر في المكارم مُلكاً / وفَناءَ الأيّام في العزّ خُلدا
وأبٌ حَطَّ في السماء ولو شا / ء تخَطّى مكانَها وتعدَّى
من بهاليلَ أنبتوا ريشة الأر / ضِ وربُّوا عِظامَها والجِلْدا
أرضعتْها أيديهمُ دِرَّة الخِص / ب فروَّت تِلاعَها والوُهْدا
بين جَمٍّ منهُمُ وسابورَ أقيا / لٌ يعدُّون مَولد الدهر عَدَّا
لهمُ حاضرُ الممالك إن فا / خر قومٌ منها بقَفرٍ ومَبدَى
أخذوا عُذرةَ الزمان وسدُّوا / فُرَجَ الغِيلِ يقنصون الأُسْدا
سيَرُ العدلِ في مآثرهم تُر / وَى وحسنُ التدبير عنهم يؤدَّى
وإذا اغبّرتِ السنونَ وأبدَى / شَعثُ الأرض وجهَها المُربَدَّا
طردوا الأَزْلَ بالثراء وقاموا / أَثر المحلِ يخلُفون الأَنْدَا
تُوِّجوا مُضغةً وساد كهولَ ال / ناس أبناؤهم شباباً ومُردا
عدَّد الدهرُ سيّداً سيّداً من / هم وعدَّ الحسينُ جَدَّاً فجدَّا
حَبَسَ الناسَ أن يُجاروك في السؤ / دُدِ تعريجُهم وسَيْرُك قَصدا
ووقَى المُلكَ زَلّةَ الرأي أن صر / تَ بتدبير أمرِهِ مستبِدّا
لك يومٌ عنه مِرَاسٌ مع الحر / بِ يردُّ السوابقَ الشُّعْرَ جُرْدا
تركبُ الدهرَ فيه ظَهْراً إلى النص / ر وتستصحبُ الليالِيَ جُندا
وجدالٌ يوماً تَرَى منك فيه / فِقَرُ الوافدين خَصْماً ألدَّا
كلّ عَوصاءَ يسبِق الكَلِمُ الهدَّ / ارُ في شوطها الجوادَ النَّهُدا
أنا ذاك الحرُّ الذي صيَّرتْه / لك أخلاقُك السواحرُ عبدا
مُعلِقٌ من هواك كفِّي بحبلٍ / لم يزده البعادُ إلا عَقْدا
مَلكَ الشوقُ أمرَ قلبي عليه / مذ غد البينُ بيننا ممتدَّا
أشتكي البعدَ وهو ظلمٌ ولولا / لذّة القربِ ما أَلمِتُ البُعدا
ليت من يحملُ الضعيفَ على الأخ / طارِ ألقَى رَحلي إليك وأدَّى
فتروّت عيني ولو ساعةً من / ك فإني من بعدها لا أَصْدَى
وعلى النأيِ فالقوافي تحيّا / تُك منّي تسري مَراحا ومَغْذَى
كلّ عذراء تفضَح الشمسَ في الصب / ح وتُورِي في فحمة الليل زَندا
لم تُدنَّس باللمس جسماً ولم تَص / بُغْ لها غَضّةُ اللواحظِ خدَّا
أَرِجاتُ الأعطاف مُهدىً جَناها / لك يُهدِي إلى الربيع الوَردْا
فتلقَّ السلامَ والشوقَ منها / ذاك يُشْكَى وذا يطيبُ فيُهدَى
واحْبُ جيدَ النيروز منها بطوقي / ن وفصِّل لليلة العيدِ عِقْدا
وتسلَّم من الحوادث ما ك / رّ على عَقْبه الزمانُ وردَّا
ما أبالي إذا وجدتُك مَنْ تَف / قِدُ عيني لا أبصرتْ لك فَقدَا
حيِّها أوجُهاً على السَّفحِ غُرَّاً
حيِّها أوجُهاً على السَّفحِ غُرَّاً / وقِباباً بِيضاً ونُوقاً حُمرا
ورماحاً دون الحبائب يُهزَزْ / نَ ويُحطَمنَ في الكتائبِ كسرا
وسراحينَ كالحصونِ جياداً / تملأ الحُزْمَ مُهرةً أو مُهْرا
يَتمارَحنَ في الحبالِ فينقُض / نَ فتيلاً منها ويقطعنَ شَزْرا
وقِرىً بعضُه الوصالُ إذا أم / سى طما جَفنةً وزمْجَرَ قِدْرا
آهِ للشوقِ ما تأوَّهتُ منه / لليالٍ بالسفح لو عُدْنَ أخرى
كنَّ دُهماً من الدآدي وقد كُن / نَ بتلك الوجوه دُرْعاً وقُمْرا
حيثُ لا تظفرُ الوشاةُ بأسرا / رِي إذا ما الصباحُ أعلنَ سِرَّا
فإذا ما العذولُ قال عِقاباً / في ذنوبي قال الصِّبا بل غَفْرا
أجتنيها رَيْحانةَ العيشِ خضرا / ءَ وتُمسى فيها المُنَى لِيَ خُضْرا
يا مَغانِي الحمى سُقيتِ وما ين / فعُني الغيثُ أن يجودَكِ قَفْرا
أيُّ عين أصابتِ الدارَ أقذَى ال / لَهُ بعدِي أجفانَها وأضرَّا
عَرِيَتْ من ظبائها الآنساتِ ال / بِيضِ واعتاضتِ الظِّباءَ العُفْرا
لا تراها تُطيلُ بعد النوى غص / ناً ولا جوُّها يُتمِّمُ بدرا
غيرَ حُمٍّ من القطا جاثماتٍ / كنَّ جُوناً فعدنَ بالرَّهجْ كُدْرا
وبقايا مواقفٍ تصفُ الجو / دَ أباديدَ في يدِ الريح يُذرَى
قَلِّبوا ذلك الرَّمادَ تُصيبوا / فيه قلبي إن لم تُصيبوا الجمرا
ما لدهري قضَى الفراقَ عليها / عذَّبَ اللّهُ بالفراقِ الدهرا
اُنظرا لي وقبلُ كنت بصيراً / يا خليليَّ بين جوّ وبُصْرَى
أوميضٌ سَرَى فشقَّ قميصَ ال / ليل أم ذاك طيفُ سُعْدَى تَسَرَّى
زار وهْناً لا يُصغِر اللّهُ ممشا / هُ وحَيَّا فزاده اللّه بِرَّا
بشَّرتني مقدّماتٌ به يح / ملُ فيها ذيل النسيم العِطرا
واعتنقنا وليس همّي سوى مس / ألةِ الليل أن يُميتَ الفجرا
زورة لم تكن بخطِّ بناني / في كتابِ الآمال إلا سطرا
سَرَقَتها لِيَ الحظوظُ وخَنسا / ءُ استلاباً من الزمان وطَرَّا
وأبيها ما حفظَها الدهرَ أَنكر / تُ ولكن أنكرتُ بُعدَ المَسرَى
جشَّمتْها الأشواقُ في ساعةٍ شُق / قَةَ ما تخبِطُ السحائبُ شهرا
فَرحَةٌ طار لي غراباً بها اللي / لُ وطارت عنّي مع الصبح نَسرا
اِرتجِعْها يا دهرُ لا زلتَ تستَرْ / جِعُ لؤماً ما كنتَ أعطيتَ نَزْرا
وتعلَّمْ أَنِّي بمكرك لا أح / فِلُ ممّا ألفتُ منك المكرا
أنكَرَ الغدرَ مرّةً منك قلبي / ثم صارت سجيّةً فاستمرّا
لا حَمَى اللّهُ حازماً غرَّه من / ك سرابٌ شعشعتَهُ فاغتَّرا
كُلْ بنابَيْك ملءَ جنبيك لحمي / وتخذَّلْ عنّي متى قلتُ نصرا
قَلَّ صبري على اقتنائِيَ للمج / د وأمّا عنك الغداة فصبرا
أنت ذاك الذي أمتَّ شبابي / عَبطةً وهو ما تَملَّى العمرا
ورددتَ العيونَ عنّي وقد كن / تُ لها الكحلَ حائصاتٍ خُزْرا
صار عِهْناً تحتَ المراحل ينقا / دُ وقد كان عاصيَ النَّبتِ شَعْرا
ومَشيتَ الضَّراءَ كيداً لأحبا / بي فرِيعُوا في الأَرضِ شَلَّاً ونَفْرا
صُدِعُوا مَطرحَ الزُّجاج تَشَظَّى / وتداعَوْا عَطَّ الأديم تَفَرَّى
قَسمتْهم يدُ الشتاتِ فشطراً / للتنائي وللنوائبِ شطرا
فكأنّ الأرضَ الحَمولَ أبتْ أن / يجِدوا فوقَها لرِجلٍ مَقَرَّا
خولسوا من يدِي غصوناً رطيبا / تٍ وغابوا عنّي كواكبَ زُهْرا
أَقتضيهم مطلَ الإِيابِ وقد وف / فَى الفراقُ الوشيكُ فيهم نَذْرا
صحِبَ اللّهُ راكبين إلى العز / زِ طريقاً من المخافةِ وَعْرا
سمعوا هَتفةَ الحُمول فطاروا / يأخذون الأرزاقَ بالسيف قَهرا
شربوا الموتَ في الكريهة حُلواً / خوفَ يومٍ أن يشربوا الضيمَ مُرَّا
طَرَحوا حاجَهم وراء متونِ ال / خيلِ ركضاً والسمهريَّةِ جَرَّا
كلُّ عجلانَ خَطُّهُ لأَخيه / العَلاءَ العلاءَ إن كنتَ حُرَّا
يملأون الحُبا جُلوساً فإن ثا / روا ملأتَ الفضاءَ بِيضاً وسُمرا
وإذا استُصرخوا لعضَّةِ عامٍ / ركبوا الجودَ يطردون الفقرا
لا يبالي الحيرانُ ما أَطلقوا الأي / مانَ أَن تُمسكَ السماءُ القَطرا
إخوتي من بني الوفاء ورهطي / يومَ أغزو الملوكُ من آلِ كسرَى
غادروني فرداً ومرُّوا مع الأي / يام والحظُّ بعدَهم أن أمُرَّا
أتشكَّى القذَى بمقلةِ حيرا / نَ عليهم إلى ضلوعٍ حَرَّى
ليتَ شِعري بمن أُعوَّض عنكم / يومَ آبى ضيماً وأدفعُ عُسرا
فسدَ الناسُ بعدكم فاستوى في ال / عيش مَن سرَّني نفاقاً وضَرَّا
ونجا بي ما شئتُ يأسِيَ منهم / نال خيراً من ظنَّ بالناس شرَّا
وبلى قد أفادني الدهرُ خِلَّاً / لَمَّ شَعثِي وشَدَّ منِّيَ أَزْرا
واحداً أعلقتْ يدي غلطةُ الأي / يام منه حبلَ الوفاءِ المُمَرَّا
أَلمعيَّاً رأَى بعينِ ابنِ ليلٍ / خافياً من مَحاسني مستسِرَّا
فاقتناني تغنُّماً وافتراطاً / واستباني قولاً لطيفاً وبِرَّا
وتحرَّى تفضُّلاً أن يرى الفض / لَ مضاعاً والحرُّ من يَتحرَّى
صدَقَتْ في أبي طريفٍ ميامي / نُ ظنوني وقد تعيّفن زَجْرا
وتجلَّت غشاوةُ الدهرِ عن قل / بي وفكَّتْ عنِّي الليالي الحَجْرا
وأتاني يتوبُ من ذنبه الده / رُ احتشاماً له وكان مُصِرَّا
ألحَقَتْني به غريباً من الآ / مال قُربَى تُعَدُّ صِنْواً وصِهرا
فتحنَّى لها ورقَّ عليها / ورأى الدهرَ عقَّ فيها فبَرَّا
وصَلَ الودَّ لي بآخيّة الجا / ه فكانا عُجالةً لي وذُخرا
وأتاه صوتي فنبَّه منه / عُمَراً حين نبَّهَ الناسُ عَمْرا
شيمةٌ منك ياابن باسِلَ في السؤ / دُدِ لم تُعتَسَفْ عليها قَسرا
وعروقٌ زَكَى ثراهنّ في المج / دِ فأرعَى نباتُهن وأثْرى
طاب مَجْناكَ فاهتصرتُك وَرْداً / ليِّنَ الغصنِ واعتصرتُك خَمرا
كان نصري عليك دَيْناً فما كن / تَ بغير القضاء منه لتَبْرا
نَدبتْك العُلا له فتجرّدْ / تَ حساماً فيه وقمتَ هِزَبْرا
مِلَّةٌ في الوفاء ضيَّعها النا / سُ وأحييتَها سَناءً وفخرا
ولسانٌ في الحمد كان عقيماً / قبلُ أولدتَهُ ثناءً وشُكرا
فتأهَّبْ لوافداتِ القوافي / يعتملنَ الدُّجَى وما كُنَّ سَفْرا
ضارباتٍ في الأرض طولاً وعرضاً / وهي لم تلق جانباً مغبرّا
حاملاتٍ لحُرِّ عرضك من بح / ر ضميري ملءَ الحقائب دُرَّا
كلّ غراءَ تجتليها على شر / طك في الحسن ثيِّباً أو بِكرا
لم أكلِّفك أن تسوقَ مع الرغ / بة فيها سوى المودةِ مَهرا
وبحقٍّ لم ينشرح لك صدري / بمديحٍ حتى ملأت الصدرا
ورآك الشِّعرُ العزيزُ على غي / رك كُفئاً فلانَ شيئاً وقَرَّا
كم عظيمٍ أبَى عليه وجبّا / رٍ ثنَى عنه جيدَه وأمرَّا
فتهنَّ انقيادَه لك واعلمْ / أيّ طِرْفٍ جعلتهُ لك ظَهرا
والبس المهرجانَ حُلَّةَ عزٍّ / لستَ من لُبسِها مدى الدهر تعرَى
طاعنا في السنين تطوي عليهن / نَ طوالَ السنين عصراً فعصرا
واعلُ حتى أراكَ أشرفَ كعباً / من مكان السُّهَى وأَنبَهَ ذِكرا
لمن الظُّعْنُ تهتدي وتجورُ
لمن الظُّعْنُ تهتدي وتجورُ / سائقٌ منجدٌ وشوقٌ يغيرُ
تُتبعُ الخطوَ قاهراً بين أيدي / ها ومن خلفها هوىً مقهورُ
وهي في طاعةِ التلفُّتِ حيَّا / تٌ وفي طاعة الحبالِ سطورُ
ووراءَ الحُدوجِ في البيد أروا / حُ المقيمين في الديارِ تسيرُ
رفعوها وهي الخدورُ وراحوا / وهي مما تحوي القلوبَ صدورُ
يا عقيدي على الغرام بليل / قم وفيّاً وغيرك المأمورُ
وأَعِرْني إن كان ممّا يُعار ال / قلبَ أو كنتَ أنت ممّن يُعيرُ
لِيَ وِترٌ بين الركاب وأَوْلَى / من تولَّيتَ نصرَه الموتورُ
حكَمتْ في دمي فتاةٌ من الحي / يِ مباحٌ لها الدمُ المحظورُ
غادةٌ بين ظبيةِ البانِ والبا / نِ اهتزازٌ في خَلْقِها وفتورُ
بهما تَخلِسُ العقولَ وتَرعَى / في حِمَى كلِّ مهجةٍ وتُغيرُ
فمتى استعصمتْ فعاقلتاها / رَشأٌ أحورٌ وغصنٌ نضيرُ
مَن عذيري منها وأين من القا / تل يَجنِي ولا يُقادُ عذيرُ
قامرتني بطَرفها يومَ ذي البا / ن وراحت ولبِّيَ المقمورُ
دونها من إبائها شيمةُ الغد / ر ومن قومها القنا المشجورُ
قال عنها الواشون حقّاً فعِفْنا / وقنِعنا بالطيف والطيفُ زورُ
ومن النزْح صادقٌ وهو مذمو / م لدينا وكاذبٌ مشكورُ
زارنا بالعراق زَورةَ ذي الجَن / بِ وماوَانُ دونه فَجَفِيرُ
يركب الليل قعدةً والليالي / صَهَواتٌ فُرسانهنّ البدورُ
يقطعُ التيهَ والجمالُ دليل / بين عينيه والظلامُ خفيرُ
فإذا مَضْجَعي القضيضُ مهيدٌ / وإذا ليلِيَ الطويلُ قصيرُ
ما لظمياء تنطوي شِرَّةُ العم / رِ فيبلَى وحسنها منشورُ
وعظَ الشَّيبُ والحوادثُ فيها / وفؤادي ذاك المصرُّ الجسورُ
ومشيرٍ ولَّيتُهُ صفحةَ الإع / راض عنها والحبُّ لا يستشيرُ
نكِرَ البيضَ والصبابةَ بالبي / ضِ وأين الصِّبا وأين النكيرُ
إن تراني على يديك خفيفاً / سلسَ السهم مِقودي والقتيرُ
لَيِّناً تحت غمزة الحائلِ الفا / طرِ تنماعُ طينتي وتخورُ
فبما أكرهُ الحفيظَ ولا يَط / عم نوماً على انتباهي الغيورُ
غير عودي الملوِي وغير عصاي ال / ملتحِي بالملامةِ المقشورُ
حيث حُكمِي فصلُ القضاء على الده / ر وأمري على الحسان أميرُ
فخذ الآن كيف شئتَ بحبلي / قد كفاك الجذابَ أني أسيرُ
يا بني الدهر كم يَصَمّ عن الزج / رِ وكم يكمهُ السميعُ البصيرُ
سَقَمٌ ماطلٌ أما آن أن يف / رق شيئاً على الرُّقَى المسحورُ
ملكَ الجورُ أمرَكم فالفتى المغ / رورُ بالعيش فيكُمُ معذورُ
فتساقيتم الفراقَ بكأسٍ / هي فيكم على السماء تدورُ
كلّ يومٍ حقٌّ مضاعٌ عليكم / ووفاءٌ لديكُمُ مكفورُ
يفرحُ المنتشِي بها اليومَ أو ين / سَى غداً ما يكابد المخمورُ
وثناءٌ تزكو تجارةُ أعرا / ضِكُمُ منه وهو فيكم يبورُ
وجناحٌ إذا المنى ريَّشتْهُ / عاد فيكم باليأس وهو كسيرُ
وأخٌ وجهه الحيا البارد العذ / بُ ومكنونه الأُجاجُ المريرُ
عُدَّتي منه رَثَّةٌ وعديدي / يومَ ألقى العدا به مكثورُ
ومتى هُزَّ للحقوقِ نبا من / هُ صديقٌ يكورُ ثمَّ يحورُ
وافترقنا وقد سلا الغادرُ الها / جرُ منّا وما سلا المهجورُ
لو تأسّي بكاملٍ كلُّ من يس / ألُ نَصْفاً لم تلقَ خَلْقاً يجورُ
تلك طُرْقٌ على المسالك عميا / ءُ وظهرٌ على العراك عسيرٌ
وعناءٌ على النواظر أن يُط / لَبَ للشمس في السماء نظيرُ
ترك الناسَ خلفَه سابق النا / سِ وقافت به الصَّبا والدَّبورُ
وسما للعلا فأشرقَ من أش / رفِ أفلاكها الهلالُ المنيرُ
طالباً قدرَ نفسه يكفُل السع / يَ له النجاحُ والمقدورُ
همّةٌ قارنت قريناً من السع / د فسارت في الأفق حيث يسيرُ
وعطايا رأت معيناً من الشك / ر فدامت ما كلُّ مُعطىً شَكورُ
ولد الدهرُ منك والدهرُ هِمٌّ / ما تمنّت على الشباب الدهورُ
واستقلّت بنعمة اللّه جنبا / ك وكلٌّ بثقلها مبهورُ
ورأى الناسُ معجزاتِك فاستي / قن من شكَّ واستجاب الكَفورُ
فسماحٌ أعمَى مسحتَ بكفَّي / ك عليه فارتدَّ وهو بصيرُ
ودفينٌ من الفضائل نادا / ك من التُّربِ مَيْتُه المقبورُ
مستجيراً من الردى بك فانتا / شَ فأعجِبْ بميِّتٍ يستجيرُ
جدتَ عذبَ الندى غزيراً وجودُ ال / غيث ملحٌ في سُحبِه منزورُ
وتعذَّرتَ من كثيرك والبح / رُ وقد قلَّ رفدُه معذورُ
في زمانٍ إذا الرجالُ سخَوا في / ه فما فرطُ نَيْلهم تبذيرُ
جودُ من لا غداً يَخافُ ولا اليو / م عليه مُسَيطرٌ ومشيرُ
سائرٌ بالثناء وهو مقيمٌ / وغنيٌّ بالذكر وهو فقيرُ
زاده بالثنا ولوعاً ووجداً / قولُ قومٍ هذا هو التدبيرُ
لك يومان في الندى شائعٌ با / دٍ ومُلْقىً قِرامُهُ مستورُ
فعطاءٌ وربُّه مشكورُ / وعطاءٌ وربُّه مأجورُ
قد أريقت إلّا لديك المروءا / ت وضاقت إلّا عليك الأمورُ
وتفردتَ بالمحاسن في ده / رٍ بأوصافه تُشاهُ الدهورُ
ملكَ العجزُ فيه ناصيةَ الفض / لِ فطالت ذُرَى الجبالِ الصخورُ
وتواصى الرجالُ باللؤم حتى ال / مجد عارٌ والجودُ ذنبٌ كبيرُ
أقحطتْ أوجهُ البلادِ ومِن حو / لك للخِصبِ روضةٌ وغديرُ
فإلى بابك الحوائجُ تحدو / ولك العِيرُ في العلا والنفيرُ
عادةٌ من ورائها شافعُ النف / س وأصلٌ بفرعه منصورُ
واكتسابٌ أعانه شرفُ المي / راثِ والمجدُ أولٌ وأخيرُ
ويميناً لَمَنْ تمدُّ بأعرا / قك في الفخر أن يسودَ جديرُ
دوحةٌ من ثمارها أنت والمَغ / رَسُ منها بَهرامُ أو أردشيرُ
خير ما تربةٍ على الأرض لم يُش / عَبْ على اللؤم طينُها المفطورُ
طاب صلصالُ عِيصها وبريّا / ها ثرىً ماجدٌ وماءٌ طهورُ
قومُك الغالبون عزّاً وهم قو / مي على الأرض وهي ماءٌ يمورُ
ركِبوا الدهرَ وهو بعدُ فَتيٌّ / جَذَعٌ وهو قارحٌ مقرورُ
ملكوا الناس آمرين وما في ال / ناس إلّا مستعبَدٌ مأمورُ
كلُّ خوفٍ بهم أمانٌ ومهجو / رِ خرابٍ بعدلهم معمورُ
أيّ مجدٍ يضمُّنا وفخارٍ / يومَ أنسابُنا إليه تصيرُ
إن يَفُتنا الخطيبُ والمِنبر المن / صوبُ فالتاج حظُّنا والسريرُ
حسْبنا أن تعلَّم الملكُ منّا / والسياساتُ فيه والتدبيرُ
وكفيناه أمرَ رستُمَ في الحر / بِ إذا عُدِّد الرجالُ الذُّكورُ
والذي قد سَقَى من الدمِ ذو الأك / تاف حتى روَّى الثرى سابورُ
ولدوا منك كوكباً ضوءُه السا / ري دليلٌ عليهِمُ ونذيرُ
واستسلُّوا لفخرهم من لساني / صارماً غَربُهُ الكلامُ الغزيرُ
تُحطَمُ الذُّبَّلُ الصِّعَادُ ويَسرِي / صدأ السيف وهو ماضٍ طريرُ
فلهذا إذا مدحتُك في عِز / زِي أسَدِّي وفي علائي أُنيرُ
منك أن تُحسنَ الصَّنيعَ وأن تر / عَى ومنّي التنميقُ والتحبيرُ
وكلانا بحظِّه من أخيه / جَذِلٌ يومَ كسبه مسرورُ
غير أني يبقَى قليلُ الذي أع / طِي ويفنَى عطاؤك الموفورُ
كلّ كنزٍ في الأرض تأكلُه الأر / ضُ وكنزي مؤبَّد مذخورُ
وسوى ما أقول جَندَلةٌ تُق / ذَفُ في الماء أو سفاءٌ يطيرُ
كَلِمٌ أعور المعادن مطرو / قٌ ومعنىً مردّدٌ مطرورُ
سرقاتٌ خُلْسٌ كما يرد المذ / عورُ خوفاً أن يصطلي المقرورُ
ولعمري إن القريضَ إذا عُد / دَ كثيرٌ وما يَسيرُ يسيرُ
لِيَ وحدي إعجازهُ والدعاوَى / طَبقُ الأرض فيه والتزويرُ
ويُطيقُ المغمَّرون الذي أب / دعَ فيه طريقه المسطورُ
غرقوا منه في بحور الأعاري / ض وكيف المنصوب والمجرورُ
واليتامَى من دُرِّه في خليج / ضَيِّق ليس منه هذي البحورُ
وإذا المهرجانُ جاءك يهدي / ه فقد طاب زائرٌ ومَزورُ
ذاك يومٌ فردٌ وذا كَلِمٌ فص / لٌ وكلٌّ بفضله مشهورُ
فاقتبلْ منهما السعودَ وباكر / صفوةَ العيش فالمعاشُ البُكورُ
وتملَّ الزمانَ تجري على حك / مك قسراً أيّامُه والشهورُ
تقع الدائرات دونك حَسرَى / ورحاها على عداك تدورُ
غُصّة الغيظِ حظُّ حاسدك البا / غي وحظّاك غِبطةٌ وسرورُ
نام عنك المكلَّفون وليلي / ساهرٌ ما لنجمه تغويرُ
نَفَسٌ طال كان لولاك يغني ال / عفوُ منه ويُقنع الميسورُ
فوفاءً أبا الوفاء فلم تُقْ / ضَ إذا ما لم تَقْضِ فيَّ النذورُ
كن غيوراً عليّ من أن يلي غي / رك نصري إن الكريمَ غيورُ
فكثيرُ الجزاءِ منك قليلٌ / وقليلٌ من آخرين كثير
سائل الدارَ إن سألتَ خبيرا
سائل الدارَ إن سألتَ خبيرا / واستجِرْ بالدموع تدعُ مجيرا
وتعوَّذْ بالذكر من سُبَّة الغد / ر فلا حب أن تكون ذكورا
المغاني أحفى بقلبي من العذ / ل وإن هجن لوعةً وزفيرا
أفهمتني على نحولِ رباها / فكأنّي قرأتُ منها سطورا
يا مُعيرِي أجفانَه أنا أغنَى / بجفوني الغِزارِ أن أستعيرا
دمُ عيني بالسَّفح حَلَّ لدارٍ / لا يرى أهلُها دماً محظورا
ومثيرٍ بالعذل كامنَ أشوا / قي مشيرٍ ولم أكن مستشيرا
لامني في الوفاء مات ملوماً / فيه أو عاش عاشقاً مهجورا
يا حُداةَ الركَابِ لا وأَل القا / صدُ منكم غير الحمى أن يجورا
رامةٌ بي وأين رامةُ منّي / أنجدَ الركبُ والهوى أن أغورا
هي دار العيش الغرير بما ضم / مت قضيباً لَدْنا وظبياً غريرا
ما تخيّلتُ أنها جنةُ الخل / د إلى أن رأيتُ فيها الحورا
يا لُواةَ الديون هل في قضايا ال / حسن أن يمطُلَ الغنيُّ الفقيرا
لِيَ فيكم عهدٌ أُغيرَ عليه / يومَ سَلع ولا أسمِّي المغيرا
اِحذروا العارَ فيه والعَارُ أن يم / سي ذمامي في رعيهِ مخفورا
أو فردُّوا عليَّ حيرانَ أعشى / ناظراً قد أخذتموه بصيرا
أنا ذاك اعتبدتُ قلبي وأنفق / تُ دموعي عليكُمُ تبذيرا
فاحفظوا في الإسار قلباً تمنَّى / شغفاً أن يموتَ فيكم أسيرا
وقتيلاً لكم ولا يشتكيكم / هل رأيتم قبلي قتيلاً شكورا
اِعرفوا لي إذا الجوارحُ عوفي / نَ ندوباً في أضلعي وكسورا
باقياتٍ وقد جررنَ عليهن / نَ الليالي معدودةً والشهورا
نَصَلَ الحولُ بعدكم وأراني / بعدُ من سكرة النوى مخمورا
اِرجعوا لي أيامَ رامةَ إن كا / ن كما كان وانقضى أن يحورا
وشباباً ما كنتُ من قبلِ نشر ال / شيبِ أخشى غرابَهُ أن يطيرا
إن تكن أعينُ المها أنكرتني / فلعمري لقد أصبن نكيرا
زاورتْ خَلَّتين منِّيَ إقتا / راً يُقَذّي عيونَها وقتيرا
كنتُ ما قد عرفن ثم انتحتني / غِيَرٌ لم أُطقْ لها تغييرا
وخطوبٌ تُحيلٌ صِبغتُها الأب / شارَ فضلاً عن أن تُحيلَ الشعورا
وافتقادي من الكرام رجالاً / كان عيبي في ظلِّهم مستورا
ينضحون الفتيقَ منّي بأيدٍ / ناعشاتٍ ويجبرون الكسيرا
فارقوني فقلَّلوني وكم كا / ثرتُ دهري بهم فكنتُ كثيرا
ولعمري لربما عاسر الحظ / ظُ على القَوْد ثم جاء يسيرا
ولقد أبقت الليالي أبا الفض / ل فأبقت في المجد فضلاً كبيرا
قسماً بالمقلَّداتِ إلى جَم / عٍ عهوناً محبوكةً وضفورا
يتلاحكن في المضايق أو يُد / مِينَ فيها صلائفاً ونحورا
كلّ تلعاءَ كالبنيّة تعطي / ك سَناماً طوراً وعيناً خفيرا
سرَّها ما تزيَّنتْ ولأمرٍ / ساءها عجَّلوا عليها السرورا
بينما أن رأيتَها وهي ملءُ ال / عين حسناً حتى تراها عقيرا
منحوها ذاتَ الإله فلم يف / ترضوها إلا الصفِيَّ الأثيرا
والملبّين حرّموا اللُّبسَ والطِّي / بَ احتساباً والحَلْقَ والتقصيرا
هوَّنوا الأنفسَ الكرامَ فباعو / ها على الرُّخصِ يشترون الأُجورا
يُجهدون الأرماقَ أو شهدوا بال / خَيفِ ذاك المسعَى وذاك النفيرا
حَلِفٌ لا تَعيثُ فيه يدُ الحِنْ / ثِ بإفكٍ ولا يكون فُجورا
أنّ كافي الكُفَاةِ خيرُهُم بال / بيت والنفس أوَّلاً وأخيرا
من رجالٍ إذا انتموا نسبوا بَي / تاً من المجد آهلاً معمورا
بالمساميح الطّيبين بني الطّي / يِبِ أضحى سَبطُ الترابِ عطيرا
يُمتَرَى ماؤه عُقاراً ويُستا / ف ثراه أَلُوَّةً وعبيرا
شرفٌ زاحمَ النجومَ على الأُفْ / ق فأربَى عزّاً عليها ونورا
درجوا فيه سيّداً سيّداً قِدْ / ماً وزالوا عنه وزيراً وزيرا
يتواصَوْن بالمعالي فيقتا / فُ الفتى الحيُّ منهم المقبورا
وإذا حوسبوا على الحسَب الأب / عدِ عَدُّوا بَهرام أو سابورا
ومناجيب محصنات توحَّدْ / ن بأن لا يلدنَ إلا الذُّكورا
زعماء على الملوك إذا ما اع / تورَ الملكُ ناصحاً ومشيرا
وكماة على الوسائد إمَّا اق / تعدوها يُقَسِّمون الأمورا
غوّروا غورةَ النجوم وبقَّوا / عَلَماً ردّ طيَّهم منشورا
وتصفَّوا من ناصر الدولة ابناً / يشهدُ الفخر ظافراً منصورا
لحِقَ الأصلَ ثم ساد بنفسٍ / ظفِرتْ بالندى وزادت كثيرا
فضحتْ بالندى الغمامَ وردَّتْ / بالمساعي شَوطَ الرياح حسيرا
أنِفتْ أن تَرى لها في بني الده / ر إذا نوظر الرجالُ نظيرا
فامتطت وحدَها إلى غاية المج / د ظُهوراً خُشْناً وطُرْقاً وُعُورا
راكبُ العزّ في مفاوزها اليَهْ / ماءِ سارٍ لا يركب التغريرا
يبتغي حقَّه من الشرف الأب / عدِ خوضاً إليه أو تشميرا
وانتهى حيث لا يَرَى النجمُ في الأف / ق صعوداً ولا الهلالُ مسيرا
تارةً بالمَضاء يستخدمُ العز / مَ وطوراً يستخدم المقدورا
مدَّ باعاً في الفضل طال لأمرٍ / كان عنه باعُ الزمان قصيرا
لم يلامسْ خطباً وكان جسيماً / في المعالي إلا رآه حقيرا
وأظنُّ استقلالَه الدَّستَ أن ير / كَبَهُ يملكُ الزمانَ السريرا
قهر الدهرَ وهو يقهره الجو / دُ فناهيك قاهراً مقهورا
واكتسى حُلّةَ الغنَى وسلبنا / ه فأكرمْ به غنيّاً فقيرا
لاح فينا فأقمرتْ ليلةُ البد / رِ وأعطَى فكان يوماً مطيرا
وسَلَونْا بجودِهِ الحيِّ أَيْما / ناً دُروساً من الكرام دُثورا
وشهدنا نداه حقّاً يقيناً / وسمعنا عنهمْ ضجيجاً وزورا
ورَوِينا بماله الوشَلِ العِد / دِ وأعطَى قومٌ وكانوا بحورا
وسَرى ذكرُه فلم يُبْقِ يوماً / لَهُمُ في سماحهم مذكورا
يا أبا الفضلِ والفضائلُ إن قا / ضين يحكمنَ فِيَّ أن لا تجورا
أتناسيتَ أو نسيتَ حقوقاً / لِيَ لم آلُكم بها تذكيرا
ووعوداً يكنّ عند الكريم ال / عهدِ حتى يفي بهنّ نذورا
وغُروساً لي في ثراك الزكيّ ال / رَطبِ يرجو مثلي بها التثميرا
وصِفاتي على لسانك يُسمع / ن الصفا الصلدَ والفتى الموقورا
فعلام استردَّك الدهرُ منّي / مكرهاً بعد خِبرتي مقسورا
نعمةٌ نُفِّرتْ وما كنتُ يوماً / بالعطاء الهنيِّ منها كفورا
وعَذارَى من القوافي تعوّض / تُ بهنّ التعليلَ والتعذيرا
لم يكن حجُّها وقد جهدَتْ في / ه إلى كعبة العلا مبرورا
ألظنٍّ وربما كان إثماً / كنتَ لو قد عصيتَه مأجورا
لم تدنَّسْ عِرضاً ولم تؤت بالذن / ب اعتماداً فيه ولا تقصيرا
لم تكن صدقت بأوّل مدحٍ / ضاق وقتٌ عن ملكه فاستعيرا
لمتموني فيه وربَّ ملومٍ / كان في غيبِ أمره معذورا
هو شعري وفيك قيل ابتداءً / جاء أو كان راجعاً مكرورا
ولَعَمرُ الواشي لقد كان ذنباً / هيناً لو وهبتموه يسيرا
واعترافي بالهفوة الآن يمحو / من خبايا الصدور تلك الوغورا
والقوافي عني عبيدٌ منيبا / تٌ فكن لي بالصفح ربّاً غفورا
لك أُبرزنَ بعد أن رُدَّ عنهن / نَ بُعولٌ أَسْنَوا إليّ المهورا
وأرى النزرَ من ودادك أو رف / دِك حظّاً في مهرهن خطيرا
باقيات في الدهر ما بقيَ الده / رُ وناصى رضوَى أخاه ثبيرا
فاستمعها مختومةَ العذرِ أبكا / راً إلى اليوم ما برحنَ الخدورا
تُتلفُ المالَ لا تبالي إذا أح / رزتَ في الأرض كنزها المذخورا
وإذا ما وجدن عِرضاً بهيماً / مدلَهِمَّاً طلعنَ فيه بدورا
عِوَضاً من عتابك المرِّ حتّى / تشربَ الشكرَ منك عذباً نميرا
نِعْمَ ما تقتني مقيماً وإن سا / فرتَ كانت إلى النجاح سفيرا
فاحتفظ قاطناً بها واسْرِ مغبو / طاً على ملك مثلها محبورا
وتزوَّدْ منها على صحبة اللا / ه متاعاً إذا عزمتَ المسيرا
وكُنِ القَرْمَ من ملوكِ بني مر / وانَ لي أن أكونَ فيك جريرا
مِلْ معي لا عليك ضرّي ونفعي
مِلْ معي لا عليك ضرّي ونفعي / نسأل الجَزْعَ عن ظباءِ الجزعِ
قلتَ لا تنطق الديار ولا يم / لك بالي الطلولِ سمعاً فيُرعي
وعليّ السؤالُ ليس عليّ ال / عارُ إن ضنّت المغاني برجعِ
لم أكن أوّلَ الرجال التوى صَغْ / وي لدار الأحباب أو مال ضلعي
قد شجا قلبيَ البكاءُ بنزف ال / أربع الحمرِ في الثلاثِ السُّفعِ
هل مجابٌ يدعو مبدِّد أوطا / ري بجمَع يردُّ أيامَ جَمعِ
أو أمينُ القوى أحمّله هم / ماً ثقيلاً بحطِّهِ دون سَلعِ
وعلى ذكره جرى باسمه المح / فوظُ من عهد أهله والمرعي
فافرُجا لي عن نفحةٍ من صَباه / طال مدّى لها الصليفَ ورفعي
إن ذاك النسيمَ يجري على أر / ضٍ ثراها في الريح رقيةُ لَسعي
وخيام تُثنَى على كلّ بدرٍ / ملكَ الحسنَ بين خمسٍ وتسعِ
وبما ضاق منكما واستباح ال / حبّ سلبي يا صاحبيّ وفجعي
غنياني بأمّ سعدٍ وقلبي / معَها إن قلبيَ اليومَ سمعي
واصرفا عنّيَ الملامة فيها / لستما تنقُلان باللوم طبعي
سألتْ بي أنَّى أقام وهل نا / م بعينيه بعد هجري وقطعي
قيل يبكي في الرَّبع قالت فما با / لي أرى يابساً ترابَ الربعِ
خار قلبي فغاضَ في الدار جفني / فاستحلَّت دمي بتفريط دمعي
كم بنجدٍ لو وفَى أهلُ نجدٍ / لفؤادي من شَعبةٍ أو صدعِ
وزفيرٍ علَّمتُ منه حمامَ ال / دوح ما كان من حنينٍ وسجع
وليالٍ قنعتُ منها بأضغا / ثِ الأماني ومخلبات اللمعِ
ما أخفَّ الأقدارَ في غبنِ حظّي / وتعفِّي أنسي وتفريق جمعي
كلّ يوم صَرفٌ يخابط أورا / قي من الدهر أو يخالس فرعي
أرفع الضيم بالتجمل حتى / مرَدَ الخرقُ عن خياطِ الرقعِ
رفض الناسُ مذهب الجود حتّى / ما يدينون للسماح بشرعِ
فسواء عليهمُ أبحمدٍ / طرَقَ الشِّعرُ أم بسبٍّ وقذعِ
وأمرَّ العطاءَ نزرٌ كثيرُ ال / منِّ حتى استحليت طعم المنعِ
أسأل الباخلين واللّه أولى / بكريم الجدا وحُسن الصنعِ
وعلى خطّة العلا بعد قومٍ / طال باعي فيهم وأرحبَ ذرعي
هم حَموني وما حمى حدّ سيفي / ووقَوني ما لا تقينيَ درعي
وأهابوا فزعزعوا الدهرَ عنّي / وهو ليثٌ على الفريسة مقعي
قسماً بالمنقَّباتِ الهدايا / شُقَقِ الضالِ أو قسيِّ النبعِ
كلّ جرداءَ لفّها السيرُ بالسي / ر فعادت في النِّسع مثلَ النسعِ
خضعت تحت رحلها بعسيبٍ / كان بالأمس مشرفاً كالجِذعِ
نفضت بين بابلٍ ومنىً قا / ب ثلاثين ليلة في سبعِ
تدرج الليل بالنهار فما تأ / نس فرقاً ما بين رفع ووضعِ
طُلَّعاً من أبي قُبيس يُخيَّل / نَ حَماماً على الهضابِ الفُرعِ
تحملُ السُّهَّمَ الملاويحَ أشبا / حاً توافَوا من كلّ فَجٍّ وصُقعِ
زمّلوا أوسُقَ الذنوب وقضَّو / ها حِصاباً في السبع بعد السبعِ
لَحَلا من بني المزرّع مجنا / يَ وزكَّى غرسي وريَّع زرعي
المَلبّون غدوةً والملبّو / ن دفاعاً ولات ساعةَ دفعِ
كلمّا هُزَّت الحفائظُ منهم / أطلعوها ملمومةً كلَّ طِلعِ
حملوا فوقها الشموسَ وقادو / ها فجاءت من الدجى في قِطعِ
يغسل العارَ عنهمُ لذعُ خُرصا / نِ قناها إن همّ عارٌ بلذعِ
وإذا فار فيهمُ عرقُ طيٍّ / أضرم الأصلُ نارَه في الفرعِ
لبسوا النقع حاسرين فشقّوا / بنجوم العلا ظلامَ النقعِ
بأنوفٍ فوق الملاثم شمٍّ / ورقابٍ تحت المغافر تُلعِ
كلُّ تالٍ أباه يجري كما يج / ري ويسعَى إلى العلاء ويُسعي
سلكوا في الكمال فانتظموه / مُولَج الخيط في ثقوبِ الجَزعِ
يُرطبون القرى وقد أعجفَ العا / مُ ومُدَّت فيهم ذراعُ الضَّبْعِ
بِعلابٍ مفهَّقاتٍ إذا ما / ردَّ شُخبيهِ حالبٌ في الضَّرعِ
وإذا عزّت البِكارُ عليهم / لم يُغِذُّوا أعيارَها بالكسعِ
فزت منهم على الظما بقليبٍ / لم يكدّر جمّاتهِ طولُ نزعي
جئته ساغباً مُحلّاً عن النا / س جميعاً فكان رِيِّي وشِبعي
وصلتْ بي حبلَ المهذَّبِ أنوا / ءُ سعودٍ ما كنَّ أنجمَ قَطعِ
ودعتني إلى هواه سجايا / هنّ صَرفي عن سواه وردعي
بالبديع الغريب فيهم وما جا / ءك من فضله فليس ببدعِ
سوَّد الناسُ ودَّهم وجلا لي / عن وجوهٍ بيضٍ من الودّ نُصعِ
ردّ صوتي ملبّياً ورعاني / بيدٍ كالغمام تُروي وتُرعي
لا بملغٍ غريبها ملء أيّا / مِيَ فيه ولا بوَأْدٍ مقعي
يا غياثي المبلوغَ قبل اجتهادي / وربيعي قبل ارتيادي ونَجعي
وظِلالي من الأذى بين قومٍ / هجَّروا بي في القرقريّ النقعِ
كم كمين من راحتيك كريم / لم أُثِرهُ برُقيتي وبخَدعي
جاء عفواً وعاد وَتراً وقد كا / ن كفاني منه وفورُ الشَّفعِ
لم تُصِخْ للعذول في فرط أشعا / ري ولم تزدجر بنهيٍ ووزعِ
شيمة ما نقلتُها عن أناسٍ / حملوا هضبةَ العلا غير ظُلْعِ
كلّ ليثٍ مشى الرُّوَيدَ وخفَّف / تَ إلى سبقه خُفوفَ السِّمعِ
بك طالت يدي وخفَّ على كل / لِ فؤادٍ يستثقل الفضل وقعي
وتنزَّهتُ عن معاشرَ لا يف / تحُ أبوابَ جودهم طولُ قرعي
صدتُ بالمضرحيّ أزرقَ فاستح / ييت صيدي بالناعقات البُقعِ
لامني الحاسدون فيك فآبوا / بين زَبنٍ شاهَ الوجوهَ وقَمعِ
ما لهم معرضين عنّي ومصغي / ن لقولي إلا اصطلامي وجدعي
ولك الصائبات حَبَّ الأعادي / بسهام يدمين قبل النزعِ
كلّ ركّاضةٍ بذكرك في الأر / ض على ألسن الرواة الدُّلْعِ
ماشيات على الظرابِ ولم تحْ / فَ ولا قيّدت قِبالاً بشسعِ
لا يزاحمن ذا كُراعٍ ولا يُض / رَبْنَ حول الحياض ساعةَ كرعِ
تقطع البرَّ بالمهارى الجديلي / يات والبحرَ بالسفين القُلْعِ
نظَمتْها سماتُ مجدك في الأس / ماع نظمَ العذراء خيطَ الودْعِ
من علاك انتخبتُ حِليةَ صوغي / مستعيناً واخترت دُرَّة رصعي
فاستمعها لم يلقَ قبلي ولا قب / لك ذو منطقٍ بها ذا سَمعِ
ساق منها النيروزُ عذراءَ لم تس / مح لصهرٍ سواك قطّ ببُضْعِ
كثرت وهي دون قدرك فاعذر / في قصوري واقنع بما قال وُسعي
قل لها أيها الخيالُ الطروقُ
قل لها أيها الخيالُ الطروقُ / نفَّرَ العشقَ ما جَنَى المعشوقُ
بردتْ بعدكِ الضلوعُ من الوج / د وخفَّ الهوى وجفَّ الموقُ
ومن الصبر ما يساعدُ إن ري / م وفي العاشقين من يستفيقُ
كبدي فوق أن أكلِّفها من / كِ على البعد حمل ما لاتُطيقُ
وفؤادي يعزُّ عنديَ أن يط / معَ في أسره فؤادٌ طليقُ
يا نديمَيَّ بالصَّراة اغصبا ذا ال / يومَ رهناً بذا الصَّبوح الغبوقُ
واكفياني أمر المِراح الذي يُح / سَبُ بِرَّاً فالبِرُّ وقتاً عقوقُ
فدم الدَّنّ صِرفُه كدم الخش / فِ متى غُشَّ لم تسغه العروقُ
ومدير سيّان عيناه والإب / ريقُ فتكاً وريقُه والرحيقُ
ملَّكتني له الخلاعةُ واقتا / د له رقِّيَ الفؤادُ الرقيقُ
يا ليالي بغدادَ طبت ولكن / غصبتكِ البدرَ التمامَ الصليقُ
حلَّها الغيثُ في عَزاليهِ والشم / سُ ففيها الحيا ومنها الشروقُ
بأبي ذلك القريبُ وإن نا / زعني سمعَه المكانُ السحيقُ
سل بما سرّ غير قلبيَ فالحز / نُ به مذ نأيتُ عنك مُحيقُ
أنزلتْني الأيامُ بعدكُمُ حي / ث تضاع العلا وتُلوَى الحقوقُ
وعرفتُ الرجالَ والجودَ والبخ / لَ وكيف المحرومُ والمرزوقُ
اِستمع أسمعتْ عطاياك أُذْنَي / ك ثناءً تبحُّ منه الحلوقُ
أخلَق الدهرُ من سماحك ما أن / تَ بتجديده عليّ خليقُ
فاكسني صرَّحَ الشتاءُ وما أن / تَ إلى مكرماته مسبوقُ
جُبَّةً جُنَّةً من القُرِّ قد وا / فق معنَى تصحيفِها التحقيقُ
كسجاياك نزهة القلب والعي / نين تحلو ملبوسةً وتروقُ
ولِيَتْ خلقَ ثوبها يدُ رَبٍّ / لم يفته التغريب والتدقيقُ
نقَشَ الروضةَ الأنيقة ألوا / ناً كما راقك الشبابُ الأنيقُ
يحسَبُ الناظرُ المشير إليه / أنه من خميلةٍ مسروقُ
راق لوناً ورقَّ ليناً على اللا / مسِ فهو الدقيقُ منها الصفيقُ
وله إن أماجت الريحُ قُطري / ه كما تُنتضَى السيوفُ بريقُ
وحبيب إليّ ما ريحك الطي / يِبُ مسكٌ من نشره مفتوقُ
طرفُ نجديّةٍ وطرفُ عِراقي
طرفُ نجديّةٍ وطرفُ عِراقي / أيّ كأس يديرها أيّ ساقي
سنحتْ والقلوب مطلَقةٌ تر / عَى وعاشت وكلُّها في وثاقِ
لم تزلْ تخدع العيونَ إلى أن / عَلَّقتْ دمعةً على كلّ ماقِ
ما أعفَّ النفوسَ يا صاحبَيْ شك / واي لولا غرامةُ الأحداقِ
وبنفسي المحلّ ليس رفيقاً / للسوافي ولا لتيه الرفاقِ
في مكان الوحش العواطل تلقى ال / إنس فيه حَواليَ الأعناقِ
يتعرَّضن ما لهنّ من اللم / س نفورٌ ولا من الصيد واقي
كلّ محبوبةٍ إلى الحُقْبِ مستن / نَةِ لُبسِ الخَلخال عند الساقِ
لم تفوِّز ليَ الأماني ولم تر / م بأشباحنا ظهورُ النياقِ
بين آمالنا ببغداد والنج / حِ مدىً بين رميةٍ وفُواقِ
ضمنت حورُها لنا العيشَ والصا / حب فيها الكفيل للأرزاقِ
لم يجز غيرَه الكمالُ ولكن / ظهرتْ فيه قدرةُ الخلاّقِ
باطنٌ مثل ظاهرٍ إنّ حسن ال / خَلْقِ بُشرى محاسنِ الأخلاقِ
لو تراه وأنت تشناه أبلس / تَ فعوَّذته من الإشفاقِ
خذ هنيئاً شجاعةً وسماحاً / أوطآ أخمصيك أعلَى المراقي
وقريناً أقرَّ عينَ المعالي / ونفوسُ العدا له في السِّياقِ
وُصلَ البدرُ ليلةَ التمّ بالشم / س صباحاً والشمسُ في الإشراقِ
صدق الفألُ يومَ بشَّر أصها / راً نعيب العلا لهم في الصداقِ
اِجتماعاً في اللّه يُعطي به الل / ه أماناً شمليكما من فراقِ
بأبي أنت فدية لست أرضا / ها وغير الفداء غير مُطاقِ
أكثر الناسُ من ندى يدك القو / لَ وسارت نعماك في الآفاقِ
واسترقَّ الأسماعَ وصفُك فاشتق / تُ فهل من عطف على المشتاق
ومجيري انفتاحُ كفِّك طلْقاً / من أكفٍّ وقفٍ على الانغلاقِ
ورجال يلقَون بِشْرِيَ بالبش / رِ وقولي الجزاءَ بالإطراقِ
موضع الشعر منهمُ موضع العذ / ذال يومَ النوى من العشّاقِ
وعدتني الآمالُ فيك غنىً قو / وَت به نُصرتي على الإخفاقِ
فمتى نابني الزمانُ بما يص / عُبُ هدّدتُه بأنكَ باقي
في الظباء الغادين أمسِ غزالُ
في الظباء الغادين أمسِ غزالُ / قال عنه ما لايقول الخيالُ
طارقٌ يزعم الفراقَ عتاباً / ويرينا أنّ الملالَ دلالُ
لم يزل يخدع البصيرةَ حتّى / سرّنا ما يَقول وهو مُحالُ
لا عدمتُ الأحلامَ كم نوَّلتْني / من منيعٍ صعبٍ عليه النوالُ
لم تنغِّصْ وعداً بمطل ولم يو / جِبْ له منَّةً عليّ الوصالُ
فلليلي الطويل شكري ودِينُ ال / عشق أن تُكرهَ الليالي الطّوالُ
لمن الظُّعْنُ غاصبتنا جَمالاً / حبذا ما مشت به الأجمالُ
كانفاتٍ بيضاءَ دلَّ عليها / أنّها الشمس أنّها لا تُنالُ
جمحَ الشوقُ بالخليع فأهلاً / بحليمٍ له السلوُّ عِقالُ
كنتُ منه أيّامَ مرتعُ لذَّا / تي خصيبٌ وماءُ عيشي زُلالُ
حيث ضِلعي من الشباب وسَمعي / غَرَضٌ لا تصيبهُ العُذَّالُ
يا نديميّ كنتما فافترقنا / فاسلواني لكلّ شيء زوالُ
لِيَ في الشيب صارفٌ ومن الحُز / نِ علي آل أحمدٍ إشغالُ
معشر الرشد والهدى حَكَمَ البغ / يُ عليهم سفاهةً والضلالُ
ودعاة الله استجابت رجالُ / لهمُ ثم بُدِّلوا فاستحالوا
حَمَلوها يومَ السَّقِيفة أوزا / راً تخفُّ الجبالُ وهي ثِقالُ
ثم جاءوا من بعدها يستقيلو / نَ وهيهات عثرةٌ لا تقالُ
يا لها سوءةً إذا أحمد قا / م غداً بينهم فقال وقالوا
ربعُ همّي عليهمُ طلَلٌ با / قٍ وتَبلى الهمومُ والأطلالُ
يا لَقومٍ إذ يقتلون عليّاً / وهو للمَحْل فيهمُ قَتّالُ
ويُسِرُّون بُغضَهُ وهو لا تُق / بَلُ إلا بحبّه الأعمالُ
وتحالُ الأخمارُ والله يدري / كيف كانت يومَ الغدير تُحالُ
ولِسبطيْن تابعَيه فمسمو / مٌ عليه ثرى البقيعِ يُهالُ
درسوا قَبرَه ليَخفَى عن الزو / وارِ هيهات كيف يخفَى الهلالُ
وشهيدٍ بالطَّفّ أبكَى السموا / تِ وكادت له تزول الجبالُ
يا غليلي له وقد حُرِّمَ الما / ءُ عليه وهو الشرابُ الحلالُ
قُطِعتْ وُصلة النبيِّ بأن تُق / طَعَ من آل بيته الأوصالُ
لم تُنجِّ الكهولَ سنٌّ ولا الشُب / بَانَ زهدٌ ولا نجا الأطفالُ
لهفَ نفسي يا آل طه عليكم / لهفةً كسبُها جوىً وخَبالُ
وقليلٌ لكم ضلوعِي تَهتز / زُ مع الوجد أو دموعي تُذالُ
كان هذا كذا وودّي لكم حس / ب ومالي في الدِّين بعدُ اتصالُ
وطروسي سودٌ فكيف بِيَ الآ / نَ ومنكم بياضُها والصِّقالُ
حبّكم كان فكَّ أسري من الشِّر / ك وفي منكبي له أغلالُ
كم تزمّلْتُ بالمذلَّة حتى / قمتُ في ثوب عزّكم أختالُ
بركاتٌ لكم محت من فؤادي / ما أَمَلّ الضلالَ عمٌّ وخالُ
ولقد كنتُ عالماً أن إقبا / لي بمدحي عليكُمُ إقبالُ
لكُمُ من ثنايَ ما ساعَدَ العم / رُ فمنه الإبطاء والإعجالُ
وعليكم في الحشر رُجحانُ ميزا / ني بخيرٍ لو يُحصَرُ المِثقالُ
ويقيني أنْ سوف تصدُقُ آما / لي بكم يومَ تكذِب الآمالُ
ذكَرَ العيشَ بالحمى فبكى لَهْ
ذكَرَ العيشَ بالحمى فبكى لَهْ / ورأى العذلَ حظَّهُ فاستقالَهْ
وأخو الشوق مَنْ أطاعَ هواه / وفتَى العهدِ من عصَى عُذَّالَهْ
من تناسَى بالبان مغنَى هواه / فبنفسي غصونه الميّالَهْ
ونسيم من تُربه حملتْه / لفؤادي ريحُ الصَّبا الحمّالَهْ
كلّما قلت قرَّ قلبي على با / بلَ هبّت فهيّجتْ بَلبالَهْ
وجدتني أني يئستُ فعادت / لوعتي جمرةً وكانت ذُبالَهْ
لا وأيّامِ حاجرٍ وليالي / ه تُقَضَّى قصيرةً مستطالَهْ
وزمانٍ أعاده الله بالجز / عِ تُبارِي أسحارُه آصالَهْ
وأحاديثَ كالسقيط من العق / دِ فإن كنّ السحرَ كنّ حلالَهْ
لايقول الوشاةُ عنّي محبٌّ / غيَّرَ النأيُ ودَّه فأحالَهْ
ومتى ما سلوتُ يأساً وحزماً / فتعلَّم أني سلوتُ ملالَهْ
من عَذيري والليلُ تختلب العي / نَ على جوزِه البروقُ الخالَهْ
فيريني تلك الثنايا الطريرا / تِ وتلك المراشفَ السلسالَهْ
أنا في صِبغةِ الوفاء وإن حَو / ولَ دهري في لِمَّتي أحوالَهْ
أنكرتني مع البياضِ وقالت / قَبَسٌ يَكرهُ الظلامُ اشتعالَهْ
مَن جناها حَرباً عَواناً على رأ / سك أم من أثارها قَسطاله
لُثْ عليها الرداءَ فالشّعَر المق / تول داءٌ في الأعين القتّالَهْ
قلتُ لكنّها الهدى من ضلالي / والهدَى عندهنّ تلك الضلالَهْ
يا ثقاتي على الغرام وأحلا / فيَ في طاعة الصبا والبطالة
أكل الدهرُ بعدكم ما كفاه / من مِراحي وضامَني ما بدا لَهْ
غادرتْ عُودِيَ الصليبَ ليالي / ه سَفاةً على الصعيد مذالَهْ
تتْبع الريحَ شأمةً ويميناً / وتطيعُ المساحبَ الذياّلَهْ
واحداً أزحمُ الأعادي بصدرٍ / لو بغى مثلَه البعوضُ أمالَهْ
ما غَناء الوحيد غاب مَوالي / ه وبَتَّ المصارمون حبالَهْ
ورماه في أهل وصلته الده / رُ ولكن رمى بهم أوصالَهْ
وَحدةَ السيف مغمَداً غير أن قد / شرب الغمدُ ماءه وصِقالَهْ
وبرأيٍ يضيع عند زمانٍ / لا مفيد ولا مؤدٍّ حَمالَهْ
والذي في يدي من الناس محلو / لُ الأواخي مقلقَلٌ جَوّالَهْ
في الغنى عنه صاحبي ومع الحا / جة خصمٌ لا أستطيع جدالَهْ
فكأني راميتُ أعزلَ منه / نَغِلاً أو أمنتُ ودَّ ثُعالَهْ
وإذا ما انتصرت بالفضل يوماً / نصرتْني معونةٌ خَذّالَهْ
فاتني حظّه وعاد وبالاً / وشقاءً لا يُنعم الله بالَهْ
رحل الحاملون كُلفتَه عن / ني وبقَّوا لكاهلي أثقالَهْ
كلّ حامٍ لسرحه قائم الحف / ظ على رعيه أمين الكفالَهْ
صحب الله والثناء رجالاً / ناهضوا دهرهم فكانوا رجالَهْ
أدركوه معنَّساً أشمطَ الرأ / س فردّوا شبابَهُ واقتبالَهْ
أعجز البُزلَ داؤه فتلافو / ه وكانوا جِذاعَهُ وفِصالَهْ
دُعِّم الملك منهمُ بأكفٍّ / صعبةِ الأسرِ جَلْدةٍ عَمّالَهْ
لم يخنها ضعفُ العروق الأصيلا / ت ولا طينةِ الثرى الهلهالَهْ
طاب عبدُ الرحيم في تُربها عِي / صاً وطابت عُصارةً وسُلالَهْ
ركبوا أنجمَ السرايا وصالوا / ورؤوا أنجم الحجا والأصالَهْ
فهُمُ في الوغى السيوفُ المصالي / ت وفي الندوة الملوكُ القالَهْ
ووفى ذو الرياستين بسعيٍ / أعرض المجدَ ما اشتهى وأطالَهْ
أحرز السؤددَ التليدَ ومُدَّتْ / يدُه تبتغي المزيدَ فنالَهْ
عَلِقَ الحظّ والغَناءُ بكفّي / ه فكافى بفضله إقبالَهْ
واستردّ الكهولُ مقتبلَ العم / ر تودّ اجتماعَه واعتدالَهْ
لا الحصور الذي إذا ازدحم القو / ل على بابه أضاق مجالَهْ
وإذا أظلم الصوابُ على الرأ / ي أضاءت له فجاجُ المجالَهْ
ملَك الجودَ يُعطي على البح / ر فأمواهُهُ تُظلِّمُ مالَهْ
وشكاه بدرُ السماء إلى الأر / ض وقد بزَّ نورَه وجمالَهْ
فحمى اللهُ مَن غدا البحرُ والبد / رُ معاً يطلبان منه الإقالَهْ
أيّ غمزٍ في الملك مذ لم تثقّف / ه ومذ لم تَرِشْ يداك نِبالَهْ
لكفاه نقصاً رضاه بأن تب / عدَ عنه وقد دعاك كمالَهْ
غبت عنه نجماً وغاب أخوك ال / بدرُ فالتيهُ سيرُهُ والضلالَهْ
ومتى البطشُ والدفاعُ إذا فا / رق جسمٌ يمينَه وشمالَهْ
خبط الملكُ بعدكم يخطب الأك / فاءَ للأمر والكفاةَ العالَهْ
فإذا بالصدى الغَرورِ يلبّي / ه ورجع المنى يجيبُ سؤالَهْ
فهو يستولد البطونَ العقيما / تِ ويسترفد الظنونَ المُحالَهْ
ويبيح السنَّ البنان إذا ما / غاله من ندامةٍ ما غالَهْ
زال عنه وعن وزارته ظل / لكُمُ وهو بالعقوق أزالَهْ
بات يدعو طُلسَ الذئابِ إليها / ويُدبُّ العقاربَ الشوّالَهْ
كلّهم أجنبون عنها وأنتم / زعماءٌ لها وآلٌ وآلَهْ
وإليكم مسيرها إن قضى الل / ه لها ما يسرها وقضى له
نُذُرٌ فيكُمُ وآياتُ صدقٍ / لِيَ فيها شريعةٌ ومقالَهْ
قول شعري فيها قَسامةُ صدقٍ / وحديثي فيها زكيّ العدالَهْ
ويَرَى بُعدَها العدا وأراها / رجعةَ الطرف سرعةً وعجالَهْ
ما لعينيّ قُرّةٌ ولقلبي / غيرُكم إذ أرى غداً أطلالَهْ
وأرى منك ملءَ سرجك ليثاً / يَرهَبُ الناسُ بطشَه وصِيالَهْ
تجتليك الأبصارُ بدراً مكانَ ال / تاج منه عِمامةٌ كالهالَهْ
فوق طِرْفٍ مثلِ الغزالِ عليه / منك وجهٌ يُزرِي بوجه الغزالَهْ
أمَلٌ من مفجَّعٍ بنواكم / كان منكم مبلَّغاً آمالَهْ
ظلُّكم ربُعه الأنيسُ وأيا / مُكُمُ الصالحات تُصلح حالَهْ
سالِم الغيبِ فيكُمُ كلّما بد / دَل دهرٌ بأهله أبدالَهْ
واحد القلبِ واللسانِ سواءٌ / ما نواه في مدحكم أو قالَهْ
ترك الناسَ جانباً وثنَى نح / وكُمُ عيسه وحطَّ رحالَهْ
لا يبالي إذا بقيتم مَن الحا / بسُ عنه النوالَ أو مَن أنالَهْ
فافترعها مع الملاحة والدل / لِ سليساً قيادُها وَصَّالَهْ
حفِظتكم فما أخلَّ لها رس / مٌ بكم تُنكر العلا إخلالَهْ
هجرتْ قومَها إليك ومغنا / ها وزارتك بَرزةً مختالَهْ
لم تخف جانبَ المحُول من الأر / ض ولم تخشَ في السُّرى أهوالَهْ
يصحب المهرجانُ منها جمالاً / يقتفي إثره ويحذو مثالَهْ
ويَكُرَّانِ يطرُقانِك ما قا / مت بنعمانَ بانةٌ أو ضالَهْ
ما على منجد رأى ما أهمَّهْ
ما على منجد رأى ما أهمَّهْ / فامتطى ليلَه وجرّد عزمَهْ
وسرى هارباً من الضيم يعدو / غارةً بالسُّرى ويغسلُ وصمَهْ
يستنير النجمَ الخفيَّ ويستق / دحُ أيدي القِلاصِ والليلُ فحمَهْ
وإذا رابه مريبٌ من الوح / شة شام الحسامَ أنساً وضمَّهْ
أنكرتْ صبغتين خنساء في شَع / ري بياضاً وفي أديميَ أُدمَهْ
فاعجبي أن جنَى البياضَ على المف / رِقِ سهمٌ جنى على الوجهِ سُهمَهْ
ليت هذي البيضاء تأثيرها في ال / وجه أعدى تأثيرها في اللِّمَّهْ
ولكم عيشةٍ من الغُرِّ بيضا / ءَ تسرَّت من ليلةٍ مدلهمَّهْ
أنحلتني الدنيا ولم ينحل العم / رُ ومن عزَّ قلبُه كدَّ جسمَهْ
واقتسمت الهمومَ في صدْع دهرٍ / ليس من خُلقه اعتدالُ القِسمَهْ
ماحقات من الحوادث لو غط / طَتْ على الهلال لم نَرَ تِمَّهْ
كلّ يوم تقودني حاجةُ الدن / يا ويعتاصُ بي علوّ الهِمَّهْ
فيدي تبتغي مجاذبة الرز / ق ورأسي يأبى جذاب الأزمَّهْ
لو أطعتُ العفاف ما دنَّستني / خُلطةٌ في رَعاعِ هذي اللُّمّهْ
أو شكرتُ الصنع الجميلَ كفتتي / نعمةُ الله في ربيبِ النَّعمَهْ
وهبَ الله للعلا من بنيها / حسنَ البِرِّ إن فتىً عقَّ أمَّهْ
وأضاءت على المحاسن شمسٌ / تتجلَّى بنورها كلُّ ظُلمَهْ
وسقى المجدَ من أراكة إسما / عيلَ غصناً أطاله وأتمَّهْ
عمَّ بالجود والوفاءِ أبيٌّ / مشبهاً فيهما أباه وعمَّهْ
ورعى الفضلَ مبرِمُ العهد لم تُخ / فَرْ لديه ولم تُرَعْ قطُّ ذِمَّهْ
أَريَحِيٌّ إذا ذكرتَ الندى أص / غى بِأُذْنَيه مُخلِياً لك فهمَهْ
وإذا قيل سائلٌ ظنّها فَغْ / مَةَ مِسكٍ من طيبها أو نَغْمَهْ
طاهر الشيمتين معتدل الأخ / لاق جمّ العطاء عذب الجُمَّهْ
لو تعاطيت عصرَ أخلاقه من / كَرَمٍ لاعتصرت ماءَ الكَرْمَهْ
من رجالٍ نَشَوْا ملوكاً على الأف / ق وداسوا شمسَ الفخار ونجمَهْ
ومضوا راكبين في طلب السؤ / دد شُهبَ الزمان قِدْماً ودُهْمَهْ
سُمُحاً لا يُصرّمون شهور ال / محل عن ثَلَّةٍ ولا عن صِرمَهْ
جُجَحٌ في الندى إذا اتُّبعوا في / سُنَنِ المكرمات كانوا أَئِمَّهْ
وإذا ثوّبَ الصريخُ توافَوا / يملأون الفضا كهولاً وغلْمَهْ
كلّ غَمرٍ كأنَّ في كفّه من / حتفه في الوغى أماناً وعِصْمَهْ
يمنع الجانبَ العريضَ إذا سُد / دَتْ به ثُغرةُ الأمورِ المهمَّهْ
يزِنُ الراسيات حلماً فإن كف / فَ يداً بالقناة أنكر حِلمَهْ
يكتفي في الدجى بشُعلة عيني / ه ويكفي الحسامَ إن شَهَرَ اسمَهْ
وإذا أخدج النساءُ تمطَّتْ / عنهُ في المنجباتِ أمٌّ متِمَّهْ
دَرَجوا طيِّبي الحديثِ وبقَّوْ / ك على شَعْثِ مجدهم لتَلُمَّهْ
وإذا كنت عَقْبَ مَيْتٍ فلم تع / فُ له آيةٌ ولم تَبلَ رِمَّهْ
لا خلَتْ منك أربُعُ الدهر تُحيِي / ذِكرهَ دارساً وتحفظ رسمَهْ
وفَدَى تُربَ أخمَصَيْك بعيني / ه أصمُّ الأذْنين إن سِيلَ أكمَهْ
مات هزلاً بالذمّ واللؤم حتى / أسمن البخلُ مالَه وأجمَّهْ
يتمنى أثواب فخرك عُريا / نَ ومن للحليق يوماً بجُمّهْ
أبصرتْ مقلتاك طُرْقَ المساعي / وهو يَعمَى عن ضيقهنَّ ويَعمَهْ
ونَسبتَ الجبالَ وهو يدارِي / نسبةً مستدِقَّةً مسترِمَّهْ
أنا من قيَّدَ الهوى لك والود / دَ بحبلٍ لا يملكِ الغدرُ فصمَهْ
حبَّبَتْني لك الأيادي الفسيحا / ت فأسمحتُ والعطايا الضخمَهْ
وحلَتْ لي طعوم أخلاقك الغُر / رِ وكم صاحبٍ تمرَّرتُ طعمَهْ
بك جاريت من يروض وحارب / ت زماني من بعد ما كنت سَلمَهْ
وتيقَّنتُ أنّ لي ناصراً يد / فع دوني في صدرِ كلِّ مُلِمَّهْ
لم تزل بي تختصُّ كلَّ مكانٍ / من فؤادي حتى ملكتَ أعمَّهْ
طاهرٌ طاهرٌ من الغشِّ لم يس / بق إليه ريْبٌ ولم تَسِر تهمَهْ
غيرَ أنّ الجفاءَ مستترٌ في / هِ ومعطٍ معناه ما يُفسِد اسمَهْ
كلَّما قلتُ يُنصف الوصلَ أمضى ال / هجرُ من جَوره على القلب حكمَهْ
فنواحي الهوى وِثاقٌ مصونا / تٌ وفي جانب التواصل ثُلمَهْ
والقوافي مستسقيات فهلّا / نزلَتْ في بيوتهنّ الرحمَهْ
كلّ حسَرى الجبين عاريةِ الجس / م فمن ذا أحلَّ هتكَ الحُرمَهْ
ومتى تكسُهنَّ من عرض ما تَل / بَسُ تَشفِ الصدى وتَجْلُ الغُمَّهْ
إنما السيف زُبرةٌ وحُلِيُّ ال / جفنِ يُلقي حُسْناً عليه ووسمَهْ
ربَّ وافي الجمالِ قد زاد فيه / رونقٌ في قميصهِ والعمَّهْ
خذ من العيدِ ناعمَ البال والني / روزِ سهماً يُسنِي لك اللهُ قِسمَهْ
وتَجَلبَبْ من السعادة ثَوباً / يسحبُ الفخرُ ذيلَهُ أو كُمَّهْ
كلما شذَّ عنك فائت حظٍّ / ضمِنتْ ذمّةُ المقادير غُرْمَهْ
فلقد فتَّ غايةَ المدح حتى / كاد مدحيكَ أن يكون مذمَّهْ
قد قنِعنا أن نرقُبَ الأحلاما
قد قنِعنا أن نرقُبَ الأحلاما / لو أذِنتم لمقلةٍ أن تناما
يالُواةَ الديون إني غريمٌ / لكُمُ لو قضيتموه الغَراما
مالَكم لا يُذمُّ منكم بغاةُ ال / عيبِ إلا إلّاً لكم أو ذِماما
بقلوبٍ لا تُحسن الصفحَ غُلظٍ / ووجوهٍ لا تُحسن الإجراما
لا أُحِلّ الفراقَ من رشإٍ في / كم أحلَّت نواه نفسا حراما
صار حظي من بعده عشق ذكرا / ه إلى أن عشقتُ فيه الملاما
لا ادعت بعده الغصونُ قَواما / عند عيني ولا البدور تَماما
يا صريعَ العيون إن فتَّر الغن / جُ لحاظا بها فَترتَ عِظاما
حبَّذا بابل على ذكرك السح / رَ وعيشٌ ببابل لو داما
وطريقٌ إلى المُرَاخِ نفضنا / ه على بعده ضناً وغراما
وربيعٌ من عصر لهوٍ عصرَنا / ه أنِ اللهُ لم يهبهُ أثاما
ومتى قلتَ عد ليوم مضى من / نِي فإني لا أعرف الأياما
قل لقوم عدُّوا الغنى كلَّه البخ / لَ وعدُّوا السماحةَ الإِعداما
حسبوا من قنوطهم أنهم لا / يجمعون النعيم والإنعاما
حسبُ عبد الرحيم أنَّ بنيه / وصلوا باتباعه الأرحاما
صدَقوا عنه فاستقاموا مصلّي / ن على إثره ومرَّ أماما
فاقَهم وهو منهم ابن عليٍّ / والخوافي مكفورة بالقدامى
ساد بالمجد ثمّ ما شئت من جَد / دٍ إذا اعوجَّت الخطوبُ استقاما
تأكل العينُ منه ما تشربُ النف / س اتفاقا في حبّه والتئاما
قمرٌ زُيِّنتْ سماءُ علاه / بنجوم من رهطه تتسامَى
لا يَعُدُّ الغلامُ منهم أخاه / ساد حتى يشأى الكهولَ غلاما
يالَ عبد الريم أحصدتُمُ لي / سببا كان في سواكم رماما
قعدَ الدهرُ بي لئيما فقمتم / تحمِلون الخطوبَ عنّي كِراما
أَنهِضوني بوصفكم إنني ما اع / تَدتُ أن أقهرَ الجبال زحاما
للتهاني وصفٌ يخُصُّ وإن كا / نت سعاداتُكم تعُمّ العاما
وَفَّر اللهُ يا أبا القاسم اليو / مَ من الخير عندك الأقسامَا
وأراني فيك التي خيرُ حُسَّا / دك حالاً من شمَّ فيها الرَّغاما
بالغا فوق ما تروم من العز / زِ إذا فات طالبا ما راما
في نحور العدا شجا ما غدا النا / سُ إلى النحر سائقين السَّواما
علَّمتْها الأيامُ أن تتجنَّى
علَّمتْها الأيامُ أن تتجنَّى / فأحالتْ أخلاقَها السُّمْحَ هُجْنا
وتعدَّى غدرُ الزمانِ إليها / فرأتْ رعيَها الأمانةَ غَبْنا
صبَغَ الدهرُ عندها بيضَ أيا / مِيَ سودا بولنه أو دُكْنا
فعهودٌ ما شئت تُلغَى وأيما / نٌ على غير حِلِّها تُستثنى
لم تزل تكذِبُ الأمانيُّ حتى / منعتْني بالغيب أن أتمنَّى
يا لَحا الله وُدَّ مثلكِ ما أن / زرَ رِفدا عندي وأكثرَ منَّا
كم خضوعٍ وليس يُخجِلُ عينا / وعتابٍ وليس يخرُق أُذْنا
أعتفي منكِ صخرةً ليس تُثنَي / وهي في العين بانَةٌ تتثنَّى
وأرى في جبينِك الشمسَ للعا / لَم حُسنا ولي شقاءً وحزنا
ما خَذولٌ في رأس أرعنَ يُمسي / شاهقا دون نيلها معتنَّا
عبرَتْ وحدَها به ترِد العذ / بَ لِصابا عُمقاً وترعَى الحَزنا
نجوةً توجَدُ الضحى هي والشم / سُ وتمسي مع الكواكب أمنا
لو رماها بكلّ ما عنده الطَّر / فُ لأعيا من دونها وتعنَّى
منكِ أنأَى ولستِ منها إذا كن / تِ مكانَ الوشاح منّيَ أدنى
أستعيد الأحلامَ ذكرَك إن خا / لس طرفي لُماظةَ النوم وهْنا
فكأنّي أدعو الصدى وكأنْ ما / سلَك الطيفُ قطُّ بالنوم جفنا
أسأل الدهرَ عن خلائقه الأو / لى وقد نُقِّلتْ فحالَ وحُلْنا
وأروم الوفاء من زمن الغد / ر وهل للسَّحوقِ باليد مجنَى
عجباً كيف لامني في قنوطي / من رأى البحرَ غاضَ والقَطرَ ضَنّا
كنتُ أشكو الأيام قبلُ وفي أخ / لافها مَذْقةٌ إذا ما حلبنا
وأذمُّ الدنيا وللناس آذا / نٌ بواقٍ إذا عُذلنَ سمعنا
فبودِّ المنى لوَ اَنّ ليالي / يَ اللواتي بكيتُ منهنّ عُدنا
حكَم اللهُ بين قلبي وإخوا / ني وولَّى الملامَ من جارَ مِنّا
ورعَى لي في دوحةِ المجد غصنا / كيفما هُزَّ هُزَّ أخضَرَ لَدْنا
نابتاً في أرومةٍ للعلا غي / ناءَ شَقَّتْ ترابَ أرضٍ غَنَّا
وَصَفَت طيبَ عِرقِها بالجنَى الحُل / وِ ومدَّت فنّا وَرِيقاً ففنَّا
وسقاها ماءَ الندى فكساها / واسعَ الظلِّ والثرى المطمئنّا
غَرسُ عبد الرحيم ثم أطال ال / لَهُ منها فرعا له ابنا فابنا
أسرة لم يكذب الدهر وعدا / في علاهم ولم يخيب ظنا
أمراءُ الجُلَّى وألسنة النا / دي إذا استُصرخوا خطابا وطعنا
لا يبالون والمكارمُ فيهم / باقياتٌ ما ابتزَّ خطبٌ فأفنَى
ركبوا كلَّ غايةٍ يأخذون ال / سبق حتى ردُّوا الصرائحَ هُجنا
وترى كلَّ نافر عندهُم يأ / نَسُ إلَّا ما كان بخلا وجبنا
وإذا العامُ جفَّ مدُّوا عليه / أيدياً يعصِرون منها المُزْنا
كلُّ رِخو الإزار حتى إذا سا / ر طوَى شَملةً وقلَّص رُدْنا
لا يهاب السرَى وراءَ المعالي / واحدا خاضَ ليلَها أو مَثْنى
يحمِل الطودَ مستقلّاً ولا يح / مِلُ وزنَ السَّفاةِ ثأرا وضِغنا
كعميدِ الكفاة لا تجد الغِي / بَةُ في جنبه ولا الغمزُ وهْنا
ساد رطبَ الشبابِ مقتبلَ الشر / خ كهولاً عَدّوا الحجا والسِّنا
أبصرَ الضيمَ خُطَّةً فأباها / ورأى العجزَ حاجةً فاستغنى
سبق الناسَ إنْ تعجَّلَ لم يك / بُ ولم يعلَقوا به إن تأنَّى
ووقتْه من رأيه جُنَّة لا / تتفَرّى وصعدةٌ لا تَحَنَّى
إن دعا في مواقف الفضل لم تُب / رِزْ إليه جحافلُ الفضل قِرْنا
وإذا قيل مَن توحَّد بالجو / د ومَن فهو واحد لا يُثنَّى
لا عفا منكَ بعدَ من بانَ منهم / ربعُ مجدٍ ولا تعطَّلَ مَغنَى
وبقيتَ السيفَ الذي هو أمضى / دونَهم في اليد التي هي يُمنَى
عانيات لك الليالي يُعفِّي / ن بحلم آثارَ ما قد جَهلنا
طالعا مطلعَ النجوم لك الشع / رى تُحيَّا بوفدها وتُهنَّا
كلّ وَلاجةٍ إذا امتطت القر / طاسَ لم تنتظر على السمع إذنا
تُطِربُ الحاضرَ البليغَ وإن مر / رَت بسمعِ البادي اشْرأبَّ وحنَّا
كلّما عرَّجت بنادي قبيلٍ / تركت ألسُنَ الفصاحةِ لُكْنا
في عداكم تُدافُ سُمّاً وتُهدِي / لكُمُ في الأعياد شهدا وسمنا
لكُمُ صفوُها وصفوُ ودادي / كلتُموني نَصْفا بها أو غَبْنا
لم أزل في الغنى وفي الفقر يخشا / ني زماني مذ قلتُمُ أنتَ مِنَّا