المجموع : 12
يا بَني العُربِ إنّما الضعفُ عارٌ
يا بَني العُربِ إنّما الضعفُ عارٌ / إي ورَبّي سَلوا الشعوبَ القَويّه
كم ضَعيفٍ بكى ونادى فَراحَت / لِبُكاهُ تُقَهقِهُ المدفعيّه
لغةُ النارِ والحديدِ هيَ الفُص / حى وحظّ الضعيفِ مِنها المنيّه
ها هيَ الحربُ أشعلوها فرُحما / كَ إلهي بالأمّةِ العربيّه
يا بَني الفاتحينَ حتّامَ نَبقى / في رُكودٍ أينَ النفوسَ الأبيّه
غيرُنا حقّقَ الأماني وَبتنا / لَم نُحقّق لنا ولا أمنيّه
فمِنَ الغَبنِ أن نعيشَ عبيداً / أينَ ذاك الإباءُ أينَ الحَمِيّه
طلَع الفجرُ غَنِّ يا قمريّه / واطربي الروحَ بالأغاني الشَجيّه
واشدُ يا طيرُ بالغُصونِ وأيقِظ / بأناشيدِكَ الزهورَ النديّه
ملا الفجرُ أكؤسَ الوردِ راحاً / لك تُزري بالصرفَةِ البابليّه
فإذا ما اصطبَحتَ يا طيرُ عبّر / ما رأى الوردُ من رؤىً سِحريّه
وتقبّل وأنتَ نشوانُ شادٍ / قُبُلاتِ النسائم العطريّه
ها هو الصبحُ قد تبدّى تُحَلّي / ثَغرهُ الحلوَ بسمةٌ ورديّه
وانظُرِ الكونَ كَيفَ يَرفُل يا طي / رُ بتلكَ الغلائِلِ العَسجديّه
يا صَباحاً لِخَيرِ يومٍ تجلّى / جئتَ أهلاً وألف ألفِ تحيّه
بَزَغَت فوقَ فرقِكَ الشمسُ تاجاً / تَتلالا أنوارهُ الذهبيّه
غابَ بدرُ السماءِ لمّا تبَدّى / وتوارت منهُ النجومُ السنيه
كيف لا يُمنَحُ الجمالَ وفيهِ / أشرقَت طلعةُ النبي البهيّه
طلعةُ المنقذِ العظيمِ الذي / أنقذَهُم من مخالبِ الجاهليّه
طلعةُ المصلحِ الذي اسعد النا / سَ بظلّ الشريعةِ الأحمديّه
خصّهُ اللَهُ بالهدى فتجلّت / حِكمةُ اللَهِ خصّ نبيّه
قُرشِيٌّ صلّى عليهِ وأثنى / بالكتابِ المجيد ربُّ البريّه
يا بني العُربِ والكوارثُ تَترى / أوقِفوا سيرَها وصونوا البقيّه
يا بني الفاتحينَ إنّا بعَصرٍ / لا مُساواةَ فيه لا مدنيّه
لا إخاءٌ كما ادّعوا لا حقوقٌ / لضَعيفٍ عانٍ ولا حُريّه
بل بعصرٍ فيهِ الضعيفُ مُهانٌ / فالنجاةَ النجاةَ المشرفيّه
يا بني العربِ إنّما الضعفُ عارٌ / إي وربّي سلوا الشعوبَ القويّه
كم ضعيفٍ بكى ونادى فراح / ت لِبُكاهُ تُقَهقِهُ المدفعيّه
لُغَةُ النارِ والحديدِ هيَ الفُصح / ى وحظّ الضعيفِ منها المنيّه
ها هيَ الحربُ أشعَلوها فَرُ / حماكَ إلهي بالأمّةِ العربيّه
يا بني الفاتحين حتّامَ نبقى / في رُكودٍ أينَ النفوسَ الأبيّه
غَيرُنا حقّقَ الأماني وبتنا / لَم نُحقّق لنا ولا أمنيّه
فمِنَ الغَبنِ أن نعيشَ عبيداً / أينَ ذاك الإباءُ أينَ الحَمِيّه
قُم معي نَبكِ مجدَنا ونسحُّ / الدمعَ حُزناً ونندبُ القَوميّه
قُم معي نسألِ الطلولَ عساها / تَشفِ بالردّ غلّةً روحيّه
وعن ابنِ الخطّابِ من حكمهُ الع / دل وسعدٌ بوقعةِ القادسيّه
هاتِ يا ساقِ هاتِ بنتَ النخيلِ
هاتِ يا ساقِ هاتِ بنتَ النخيلِ / فعَساها تشفي عساها غليلي
هاتِ كأسي فيمَ التردّدُ واشرَب / فهيَ حسبي في محنَتي ووَكيلي
هاتِها علّني أذَوِّب أتراحي / فيها ودَع هُراءَ العذول
واتركِ العودَ واسقِنيها على نوح / فؤادي خِدنِ الضنى وعَويلي
جاءَ تَحريمُها وليسَ عَلَينا / بل على كلّ سافلٍ وجَهول
فبصدرِ المكروبِ نارٌ تلظّى / أوقَدتَها الأشجان عند الرحيل
يا خليلي كيفَ السبيلُ إلى الصبر / أجبني باللَهِ هل من سبيلِ
هل سلَوا أم قَضَوا غراما فإني / لم أجد بعدَهُم فتىً يرثي لي
يا حبيبي هيهاتَ يندَمِلُ الجُرح / ودائي استشرى فمن للعليل
وشُكوكي عاثَت بصدري فساداً / ويقيني ويلاهُ غيرُ كفيلي
آه يا مَنهلَ الفؤادِ لقد ضاقَ / نِطاقي وبتُّ كالمخبولِ
لا نَشيدُ الأمواجِ رفَّةَ عن نَفس / ي ولم تَشفِها كؤوسُ الشمولِ
ونسيمُ المساءِ أمسى شواظاً / من زفيري وباتَ غيرَ بليلِ
يا ضفافَ الخليجِ أخمَدتَ / إحساسي وماذا تجني وراءَ خمولي
غيرَ حرقِ البخورِ في كلّ آنٍ / وضروبِ التزميرِ والتطبيل
فاطغَ يا بحرُ آن أن تطغى واغمُر / كلّ ربعٍ منَ الربوعِ محيل
وانعَقي يا بومُ انعقي لا تخافي / وانعَبي يا غربانُ فوقَ الطلول
واصرَخي يا جنوبُ في كلّ وجه / كالح واعصِفي بجفنِ الدخيلِ
وقفي يا شمسَ الهجير وصُبّيهِ / لعاباً يَغلي ببطنِ الأكولِ
واخرجي يا أشباحُ في غَيهَبِ / الغي وطوفي بطغمةِ التدجيل
وارقُصي وانفُثيه سما زعافاً / يا أفاعي الخنا بكل رذيلِ
وانهشي يا عقاربَ الحقدِ من / خصمي بقايا فؤادهِ المأكولِ
والفُظِ الروحَ يا فقيرُ ولا ل / ومَ على مَذبحِ المرابي الكسولِ
وانثُرِ الشوكَ أيّها الأرقُ المرُّ / على مضجعِ الدعيّ الملولِ
واغسلِ النفسَ أيها الخائنُ النادمُ / بالدمعِ فهوَ خيرُ غسولِ
والطمي الصدرَ يا ابنةَ الطَ / هر وابكيهِ فللّهِ قلبُ كل ثكولِ
يا ضِفافَ الخليجِ حطّمتَ آما / لي واثقلتَ كاهلَ المسؤولِ
أنتَ يا مسرحَ الأسى والرزايا / وصُنوف العذابِ والتنكيلِ
ضِقتَ بي والجناحُ منّى مهيضٌ / يا لَحُزني وحيرَتي وذُهولي
لم يَطب لي لؤلا الحبيبُ مقام / بك يا سجنَ كل حرّ نبيلِ
فحياتي روايةٌ ذاتُ فصلٍ / واحدٍ فيكَ وهيَ ذاتُ فصولِ
أنا مثّلتُها على مسرحِ الحرمان / والبؤسِ وانتَهى تمثيلي
وبقَلبي داءٌ وفي النفسِ ما فيها / وعاثَ الضنى بجسمي النحيلِ
وبصَدري سرٌّ دَفينٌ فوا / خوفي عليهِ من قلبيَ المتبولِ
آهِ مَن لي ولَو ببعضِ التأسّي / أنا إن لم أمُت فبعدَ قليلِ
احفروا لي قبراً على شاطىء البحر / سميري في وحدَتي ومُقيلي
لم تَطِب لي دُنيا الشقاءِ فوا / لهفي وشَوقي للعالمِ المجهول
يا ضِفافَ الخليج شرّدتَ / أحلامي فدَع لي عواطفي ومُيولي
إن لي فيكَ والمحبّةُ قيدُ / أغيَداً ذا خلقٍ وخُلقٍ نبيلِ
وجبينٍ زاهٍ وقدّ رشيقٍ / وعيونٍ نشوى وخدٍّ أسيلِ
ومُحَيّاً كالبَدرِ شعَّ سناهُ / أو كشَمسِ الربيع عندَ الأفولِ
وطباعٍ أرقَّ من بسمَةِ الفجرِ / وروح أنقى من السلسبيلِ
ودلالٍ ألذَّ من حلمِ العذراء / في فجر حُبِّها المعسول
طرَق القلبَ حُبُّهُ وهو إذا ذاك / غريرٌ فنالَ حُسنَ القبولِ
فتَكَتَّمتُ يومَ ذاك ولم يحمِل / فؤادٌ كعبءِ حُبّي الثقيل
وكَتَمتُ الأحلام في الحبّ عنهُ / يومَ كنّا مخافةَ التأويل
ومضت يا لتعسِ حظّي سنون / وغنيٌّ حالي عن التفصيل
وانطوَت شُقَّةُ النوى والتقينا / بعدَ لأيٍّ وبعد قالٍ وقيل
فسَفَحتُ الدموعَ بين يديهِ / وهو في شبه حيرة المذهولِ
ينكثُ الرملَ مُطرقاً وأنا / أشكو إليه آلامَ دائي الوبيل
آه لو كان ريقهُ السلسَلُ / المعسولُ دمعي وشَعرُه منديلي
آه ما أعطشَ الفؤادَ إلى دمعَ / ةِ عطفٍ من جفنهِ المكحول
يا لمرآى الدموع وهيَ بناتُ الش / عر في مُقلةِ الحييِّ الخجول
فخرجنا من صمتِنا واعتنَقنا / وأخذنا بالضم والتقبيل
وشربنا بنتَ النخيل وما أعذب / ها في ظل الوصال الظليل
فسَكِرنا فرُحت أنشد شعراً / وهو يُصغي لشعريَ المعسول
ليلةٌ ذِكرياتُها ملءُ ذهني / وهيَ في ظلمةِ الأسى قنديلي
ليلةٌ لا كليلَةِ القدرِ بل خيرٌ / وخيرٌ واللّهِ من ألفِ جيلِ
أنا ديني الهوى ودمعي نبيّي / حينَ أصبو ووحيُهُ إنجيلي
رُبَّ صمتٍ يا صاح أوقعُ بل / أبلغُ في سحرهِ منَ التنزيلِ
ودموعُ العشّاقِ فيضٌ منَ الخل / دِ وشعرٌ يُزري بشعرِ الفُحولِ
وتناغي الأحبابِ في روضَةِ الوَص / لِ هديلٌ يغري ولا كالهَديلِ
وخفوقِ القلوبِ ضربٌ من / التسبيحِ عندَ اللقاءِ والتهليلِ
يا عروسَ الإلهامِ موعدُكِ الشاطىءُ / مأوى العشاقِ عندَ الأصيل
فإلى الملتقى هناكَ وهاتِ الشعرَ / من وحيِ دمعيَ المطلولِ
وزَفيري على المنى وشهيقي / وهيَ صرعى على يقيني القتيلِ
وصراخُ الأشجانِ في مُهجَةِ النف / سِ وصمتُ الأسى الممضّ الطويل
ونواحُ الآمالِ في غمرَةِ اليأ / سِ وجهشُ المعذّبِ المخذولِ
نفّسي عن مُعَذَّبِ الصدرِ حبّاً / ليعودَ الكرى لجَفني الكليل
فالمنى والرؤى وحلمُ الصبا وهمٌ / ولا عاشَ كلٌّ صبٍّ بخيلِ
بكِ بالشوقِ بالضنى يا جاره
بكِ بالشوقِ بالضنى يا جاره / اسعِفيني بالكأسِ والسيجارَه
يا ابنةَ الجارِ أرمَضَ الصحوُ قلبي / وشجا خاطري وشَقَّ المرارَه
اخرِجيني من الظلامِ إلى النور / وفرضٌ أن يُسعِفُ الجارُ جارَه
يا عروسَ الأحلامِ باللَهِ هاتي / وخُذي ولنَفُضُّ هذي البكارَه
أشعِلي تلكَ تارةً واترعي من / خمرةِ الرافدين هاتيكَ تارَه
ودعيني ما بينَ سيجارتي والكاس / أبكي الصبا وآخذُ ثارَه
خفّفي العتبَ أوصدي البابَ قومي / واطمئنّي فالشيخُ غادرَ دارَه
لستُ أخشى عليكِ من أمّكِ السوء / فكم رحّبَت بهذي الزيارَه
يا ابنةَ الشيخِ يا مُنى النفسِ يا / ريحانَةَ الحيّ أوقدَ الشوقُ نارَه
إنقَعي غُلّتي فبَينَ ضُلوعي / خافِقٌ شفَّهُ الصدى لا حِجارَه
واخرُجي بي من عالمِ الإفكِ والبُه / تانِ والبَغيِ والخَنا والدَعارَه
لسَماءِ الروى وشتّى الأماني / فبَناتُ القَريضِ رهنُ الإشارَه
حيثُ يحلو الهوى ويَسكُب فجرُ / الحبِّ في كلِّ خافقٍ أنوارَه
عانِقيني وأطفئي غُلَّةَ الروح / فجِسمي براهُ ما ف القَرارَه
وضعي ثغرَكِ الشنيبَ على / ثغري وهاتي صهباءَهُ بحرارَه
اسقنيها على وجيبِ فؤادَينا فقد / أسدَلَ الدجى أَستارَه
واصهَري كلّ ما يجيشُ بصَدري / من شعورٍ هضمُ الحقوق أثارَه
يا ابنةَ الجارِ يا مُنى النفسِ لا تَ / أسَي إذا ما الواشي أثارَ غُبارَه
ذابَ قلبي أو كادَ يا ربَّةَ الحُ / سنِ خُذيهِ واستَطلِعي أسرارَه
يا فتاتي باللَهِ عفواً إذا ما رحتُ / أشكو إليكِ فوضى الإدارَه
سائلي الحيَّ لا عدِمتُكِ عن عَبدا / نهِ حينَ ضايقوا احرارَه
سائليهِ عن الفقير لهُ اللَهُ / وكم باتَ يشتكي تُجّارَه
الأفاعي في أفقهِ تنفثُ السُمَّ / وقد أخرسَ الفحيحُ هزارَه
كم ملاكٍ أمسى فأصبح شيطاناً / رجيماً مُذ سمَّمَت أفكارَه
أينَ منهُ أقمارهُ لهفَ نفسي / غَيَّبَ الدهرُ ويحَهُ أقمارَه
أينَ منهُ الكؤوسُ واحرَّ قلبي / الحُمَيّا كم ضاحكَت أسحارَه
أينَ منهُ سمّارُهُ والندامى / والدراري كم راقَصَت أسمارَه
سائِليهِ وحدّثي الشاعر المن / كودَ عنهُ وَسَجّلي استِنكارَه
وارفَعي شكواهُ إلى اللَهِ وهناً / وأذيعي لا تكتُمي أخبارَه
يا فَتاتي رُحماكِ قد يَمَّمَ الدارَ / أسيرُ الأسى فحلّي إسارَه
كيفَ أشدو والوضعُ حطّمَ عودي / والأراجيفُ قطَّعَت أوتارَه
ورياحُ الحِرمانِ هبَّت على رَو / ضِ شبابي وصوّحَت أزهارَه
وخريفُ الحياةِ أخرَسَ لمّا / صرَخَت بي شجونُه أطيارَه
ما رَنينُ الأوتارِ إلّا صدى / إرنانِ قلبي وأنَّةِ القيثارَه
وقصيدي بقيّةٌ من فُؤادٍ / عَصَرَتهُ الآلامُ فهوَ عُصارَه
يا فتاتي رحماكِ قد يمَّمَ الدارَ / أسيرُ الأسى فحلّي إسارَه
كم هَفَت روحهُ إليكِ وقد / جاءَ بها لا بنفسهِ الأمّارَه
ليلُهُ حالِكُ السوادِ طويلٌ / والشجا المرُّ قد أحال نهارَه
فاترِكيهِ حتى الصبح صريعاً / وإذا ما أفاقَ داوي خمارَه
ما رَبحنا يا وضعُ قطُّ ولكن / حسبُنا لو أشفَقتُ تلكَ الخَساره
أسفر الصبح قم نحيي الصباحا
أسفر الصبح قم نحيي الصباحا / يا منى القلب واترع الأقداحا
واصح وافتح طرفا مريضا صحيحا / إن قلبي يهوى المراض الصحاحا
وأعر طلعة الصباح ضياء / من محياك كم أعرت الصباحا
يا حبيبي كفى مناما فهيا / نتساقى على الرمال الراحا
أطفا الصحو مشعلي فاسكب ال / زيت وأشعل بربك المصباحا
وأدرها علي جهرا فإن ال / راح أمست للعاشقين مباحا
خمرة تملأ النفوس سروراً / واغتباطا وتطرد الأتراحا
زعموا أنها فساد فلولا / أترعوا جامها لشاموا الصلاحا
كذبوا فالفساد ما اقترفوه / جهرة لم يروا عليهم جناحا
يا ملاكي الصحو قص جناحي / واصطباحي منها يريش الجناحا
اسقنيها فالصحو شرد أحلام / فؤادي وما بلغت نجاحا
اسقنيها فالصحو بعثر آلامي / وأدنى العذال والنصاحا
ها هي الشمس يا حبيبي أطلت / قم نغني وننعش الأرواحا
فضياها الوهاج ذهب خديك / وأندى جبينك الوضاحا
ونسيم الصباح في الروض يسري / عطرا من شذا عبيرك فاحا
قم نغني معا نشيد هوانا / ونناجي الشويطيء الصداحا
ونناغي الطيور وهي على الشاطىء / تشدو وتعلين الأفراحا
ثم نلهو على الرمال كطفلين / ونهتز نشوة ومراحا
وإذا ما افترشت يا حلو أحضاني / وصيرت ساعدي وشاحا
نم وضع رأسك الجميل على صد / ري لأجني شقائقا وأقاحا
يا صغيرا أطل من كوة الرؤيا / على مهجتي ولاح صباحا
أنا بالصحو يا ملاكي جموح / آه ما ضر لو كبحت الجماحا
يا حبيبي والشمس في كبد الأفق / سئمت النداء والإلحاحا
أزفت ساعة الرحيل وقد ودع / مهد الصبا الظبا والملاحا
أنا أخشى عليك من أهلك / السوء فهلا جعلتني مرتاحا
يا حبيبي تغلغل الألم اللاذع / في مهجتي وأنكا الجراحا
يا حبيبي تاصل الداء بالروح / وعز الدوا فناح وباحا
يا حبيبي تمركز الشجن الصارخ / بالقلب عنوة واستباحا
قم أثر غافي المخاوف إني / أبدا أعشق الأسى والنّواحا
قم أثرها حربا عليّ عواناً / ثمّ دعني معذّبا ملتاحا
فأنا شاعرٌ خلقت لأشقى / لا لألقى سعادةً وفلاحا
خار عزمي مذ صارعتني الليالي / ثم ألقيت رغم أنفي السّلاحا
ما الذي أبقت المصائب منّي / من حياة حتى أو إلي الكفاحا
إيه رُبّان زورقي هاك قلبي / إنّني قد جعلته ملّاحا
إنّني ههنا على شاطيء الرمل / أُشاكي النوى مساء صباحا
وأنا ههنا مقيم على العهد / أناجي الأوهام والأشباحا
ما أعرنا عذل العواذل أذنا / إذ سمعنا عواءهم والنباحا
عشق المجد والهوى فكرةٌ تنمو
عشق المجد والهوى فكرةٌ تنمو / وتسمو بالروح والوجدان
واجتوى الذل كيف لا وهو حرّ / أيطيق الأحرار عيش الهوان
يا له اللَه من همامٍ غيورٍ / صادق العزم ثابت الإيمان
حمل قبل أن تدول الرحى لي / يٌ إذا أوشكت قويّ الجنان
يتغنى والموت منه قريب / بالمنى والجنديّ رمز التفاني
أيّ وقع في النفس صاح لمرأى / مستميت يختال في الأكفان
تتراءى في عينه صور قد / أخرست عبقريّة الفنان
رسمتها بريشة الحزم والعز / م يد الحق في أدق معان
وإذا ما دعاه قائده الباسل لب / ى بالروح لا باللسان
يتخطى الصعاب غير مبال / بزفير الآلات والنيران
وزئير الحديد في أذنيه / شدو قيثارة ورجع مثاني
وأنين الجرحى وحشرجة المو / تى هتافٌ لا عاش كلّ جبان
ويزيد الملاح في ثورة اليم / نشاطا مهارة الربّان
دمه في عروقه أجّجته / ثورة الروح فهو في غليان
هاتف صارخ به وهو في لي / لٍ من النقع بين سحب الدخان
وكؤوس الردى يطوف بها الهو / ل فللّه سكرة الندمان
كلما صفّق العلا لشهيد / هتف المجد للشهيد الثاني
أي بأس كبأسه حيثما ثار / بوجه الأعداء كالبركان
ثورة زلزلت قلوبا وأرواحا / فباء العدو بالخذلان
إن للحقّ صولةً تصرع الظلم / وتودي بالبغي والطغيان
وجنودا تمدّهم قوّة الل / هِ ويرعاهم بعين الحنان
وجلالاً ملءَ النفوسِ تجلى / بثبات الشيوخ والشبّان
وجمالاً حواه أسمى وسام / رصّعته الجروح بالمرجان
إيه يا ابن الحريّة البكر / أبليت فإن يهدموا فأنت الباني
فعليك السلام حيّا وميتا / وتقبّل منّا أحرّ التهاني
يا أخا الروح من يبلّ أوامي
يا أخا الروح من يبلّ أوامي / يا لحزني وأنت تحت الرجام
من لقلبي وقد تملّكه اليأس / ونفسي الثكلى وروحي الطامي
آه من لي بلمّ شمل القوافي / فأنا لم يعد بكفّي زمامي
ربّة الشعر هات ما شئت منه / واطلعي يا عرائس الإلهام
أسعفيني به قلست بقنّاص / فاصطاده وبلي أوامي
اسعفيني به لأرثي رفيقا / غيّبوه تحت الحصا والرغام
وا صديقاه وا حنيني إليه / واشتياقي وحرقتي وهيامي
يا أخا الروح آه ما ضرّ لو / ودّعتني أو خصصتني بالسلام
يا أخا الروح كيف أصدرت / الأقدار حكما عليك بالإعدام
كيف نفّذته بنفسك يا هذا / بلا رهبة ولا إحجام
وا صديقاه آه بل كيف يصفو / العيش لي بالقسوة الأحكام
كيف يحلو لي المقام بدار / الغدر والغشّ والفنا والسقام
كيف تحسو كاس الردى قبل أن / اشربه وهو غايتي ومرامي
ليتها إذ سقتك هذا غبوقا / أصبحتني الدنيا بكأس الحمام
لهف نفسي على شباب نضير / كفنوه واحرّ قلبي الدامي
لهف نفسي على المروءة والإخلاص / والنبل والشعور السامي
ذبل الغصن وهو غصن رطيب / وذوى الزهر وهو بالأكمام
وطويت البساط مذ غيّبوه / فدعوني يا معشر اللوام
حطّموا العود والكؤوس فلا / حاجة بالعود أو كؤوس المدام
واصرفوا عنّي الندامى / فقد عطّل نادي الغرام والأنغام
يا صديقي أما سمعت نواحي / كنواح الرضيع يوم الفطام
وأنيني أما سمعت أنيني / دونه يا أخي أنين الحمام
وا صديقاه وا حنيني إليه / واشتياقي وحرقتي وهيامي
ليتهم إذ رموه بالضعف ذاقوا / بعض ما ذاقه من الأيام
وادّعوا أنّه الجبان أمنهم / واحد قابل الردى بابتسام
فمن الظلم أن يعذّب حرّ / ويعيش اللئام بعد الكرام
ومن الغبن أن تموت وما حقّقت / حلما وا ضيعة الأحلام
وا صديقاه وا حنيني إليه / واشتياقي وحرقتي وهيامي
حطمت جسمه صروف الليالي / ورمته بالبؤس دنيا الطغام
وسقته صاب القنوط دهاقا / إي وربّي ألجام بعد الجام
وا صديقاه وا حنيني إليه / واشتياقي وحرقتي وهيامي
كنت أشكو إليك آلامَ نفسي / حول ذاك الشاطي بجنح الظلام
فتواسي وما تملّ الموا / ساة فأرتاح ناسيا آلامي
كم سبحنا معا ونحن نشاوى / بسماء الخيال والأوهام
وسهرنا معا ونمنا وقمنا / وجلسنا العام بعد العام
وقتلنا مع الزمان ليالي الصي / ف بالشدو أو لذيذ الكلام
ولهونا على الرمال مع الصح / ب إلى أن يحين وقت المنام
يا لها من ذكرى تؤجج في القلب / ضراما ويا له من ضرام
وا صديقاه وا حنيني إليه / واشتياقي وحرقتي وهيامي
فاض كاسي وخار عزمي وأعلنت / خضوعي لليأس واستسلامي
لست أسطيع ردّ صرف الليالي / أنا أغمدت رغم أنفي حسامي
وا صديقاه وا حنيني إليه / واشتياقي وحرقتي وهيامي
يا صديقي الشهيد نم ناعمَ البال / ودعنا نعيش كالأنعام
نم فيومي الأخير ليس بناء / فمتى يا ترى يصيب الرامي
نم فإنّ المقام بالقبر خير / للكريم الأبيّ بين اللئام
فعلى روحك البريئة عبد اللَه / ألفا تحيّة وسلام
غادة حطّم الفؤاد بكاها
غادة حطّم الفؤاد بكاها / ليت شعري ما بالها ما دهاها
قد حباها اللَه الجمال ولكن / لم يصنه يا ليته ما حباها
وقفت حول ذلك الشاطيء / الرملي ليلا تبثّه شكواها
واستحال الإعوال فيها أنينا / حين جفّت من فرطه مقلتاها
تلطم الصدر تارة وتشق / الجيب أخرى حتى إذا أعياها
سامرت أنجم السماء وناجت / بسكون الدجى الهلال أخاها
ملأ اليأس قلبها يا لحزني / والآسى شفّ روحها وبراها
وتنادي والناس لاهون عنها / يا إلهي هلا أجبت نداها
لا قريب حنا عليها ولا / خل شفيق بحزنها واساها
فتح الليل صدره لثريا / وبكى الموج رحمة لصباها
أدهاها من الهوى ما دهاني / فقلاها حبيبها واجتواها
أم رماها كما رماني زماني / بعواديه ليته ما رماها
فحداني إلى الفتاة شعور / لاقت الروح منه ما أضناها
فحثثت الخطى إليها بجنح / الليل والناس نوّم لأراها
فإذا بي أمام عذراء تحكي / الورس من فرط حزنها وجنتاها
فدعتني إلى الدنوّ إليها / بعد لأي واغرورقت عيناها
حيث شاهدت هيكلا من عظام / حطّمته الأقدار ما أقساها
نظرة قطّعت نياط فؤادي / إن تسلني يا صاح عن عقباها
جرّعتها الأيّام صابا مريرا / وسقتني فكيف لا أرعاها
ونسى قلبي الحزين أساه / بعد ما شاطر الفتاة أساها
كفكفت دمعها وكفكفت دمعي / وسألت العذراء عما دهاها
فشكت ظلم أمها وأبيها / قاتل اللَه أمها وأباها
حمّلاها ويلاه عبئا ثقيلا / رزحت تحته فلم حمّلاها
أرغماها على الزواج بشيخ / ذي ثراء من أجل ذا أرغماها
حدّدا موعد الزفاف فجاءت / تندب الحظ حين خاب رجاها
وجه ذاك الشيخ المجعد ألقى / الرعب في قلبها وأطفا سناها
أمن العدل أن تزفّ ثريّا / لعجوز فأين أين فتاها
فمن الظلم أن تشاطره العي / ش وقد كان مصدرا لشقاها
ومن الظلم أن تساق إلى من / صوته لا تطيقه أذناها
ومن الغبن أن تلامس خدّاً / ذا غضون كخده خدّاها
ومن الغبن أن يداعب في كفّ / نحيل ككفّه نهداها
ومن الغبن أن تقبل ثغرا / خاويا مثل ثغره شفتاها
ومن الغبن أن ترفّ على فودي / عجوز كحامد خصلتاها
ومن الغبن أن يطوّق جيدا / معرقا مثل جيده ساعداها
هل رأيتم ورقاء هامت بنسر / وسمعتم بوكره نجواها
أو رأيتم غزالة عشقت يا / قوم ذئبا وطوّقته يداها
هيّا الشيخ يا إلهي نعشا / من حنايا ضلوعه لصباها
ثم راح العجوز ينسج أكفان / ثريا من لحية أرخاها
ومن أحضانه أعدّ لها قب / راً وهذا ما اختاره أبواها
ربّ رحماك بالفتاة ورفقا / فكفاها ما حمّلاها كفاها
أنهك الذلّ جسمها وهي في مق / تبل العمر لم تحقّق مناها
خسرت خالدا رفيق صباها / وعلى نبذ خالد أكرهاها
عاهدته على الزواج فلم تهو / سواه وما أحبّ سواها
هي لولاه لم يلذّ بها العيش وما / عاش خالد لولاها
خالد ذلك الفتى الطيب القل / ب النبيل الشعور لا ينساها
كيف ينسى تلك الفتاة التي كم / أعربت عن إخلاصها ووفاها
كيف ينسى تلك الفتاة التي لم / ير في هذه الدنيا إلّاها
كيف ينسى تلك التي ودّعته / ببكاها وأودعته حشاها
كيف ينسى تلك التي يذرف الدم / ع إذا ما مرّت به ذكراها
كيف ينسى تلك التي كم وكم ضاهى / بإخلاصها العظيم وباهى
كيف ينسى تلك التي تترامى / بين أحضانه وتشكو هواها
كيف ينسى تلك التي كم وكم بل / كم وروّى غليله من لماها
هيَ بالأمس غادةٌ ذات دلّ / يملأ النفس غبطة مرآها
هي بالأمس وردةٌ تنعش الأرواح / بل يسكر القلوب شذاها
هي بالأمس دمية تبعث الإيمان / بالقلب جلّ من سوّاها
وهي اليوم هيكل من عظام / قاتل اللَه أمّها وآباها
طلع الفجر وافترقنا ولم أد / ر أتسطيع حملها قدماها
أرغمتني على التخلف عنها / إي وربّي وخلّفتني وراها
بأبي غادة تسير الهوينا / حول ذاك الشاطي تجرّ رداها
وبأمّي عذراء حطّمت الأوصاب / في ميعة الشباب قواها
وبروحي هيفاء تهتزّ لا تيها / ولكن من فرط ما قد عراها
تتخطّى الصخور حتى إذا ما / خار عزم الفتاة ألقت عصاها
وقفت حول ذلك الصخر كالتمثال / فاهتزّ هزّة من بكاها
ظمئت روحها ولم تر كأسا / غير كاس الردى تبلّ صداها
سكنت روحها إلى خاطر مرّ / بها رغم أنّه أدماها
ثمّ صاحت لبّيك والبحر ساجٍ / ليت شعري من الذي ناداها
أدعاها الردى فلبّت نداه / أم دعته يا ليته ما دعاها
رفعت وجهها ونادت إلهي / قد دعتك العذراء فاقبل دعاها
رأت العيش في جوارك أمنا / فاجعل الخلد يا إلهي قراها
حست الكاس وهي صاب مرير / لا تلمها فكم محبّ حساها
إيه يا مذبح الهوى ها هي الرو / ح فخذها من بائس أهداها
ووداعا يا سؤل قلبي وداعا / من فتاة لم ترو منك ظماها
من فتاة فدتك بالروح فاحفظ / عهدها وانتظر فسوف تراها
أرسلت نظرة إلى البحر لم يعرف / سوى البحر ويحه مغزاها
أعقبتها بصرخة ردّد الأفق / وقد خيّم السكون صداها
نكثَت شعرها فراح نسيم / الفجر يلهو به ويلثم فاها
حملته إلى رفيق صباها / قبلاً لو سمعت موسيقاها
حجبت وجهها بكلتا يديها / لا عن الموت حينما وافاها
بل عن الشمس أختها إذ أطلّت / لو رأت وجهها هوت من سماها
فتح البحر والشوطيء باك / لثريّا أحضانه فاحتواها
يا ثريا قضوا عليك فواها / يا ثريا على شبابك واها
أعف يا ربّ عن ثريّا فهذا / ما جنوه لا ما جنته يداها
قتلوها أب وأمّ وزوج / آه لو مات هؤلاء فداها
ربّ رحماك بالحبيب إذا ما / عاد والشوق شفّه للقاها
كم فتاة ربّ اسعدها / الحسن وهذي جمالها أشقاها
خفقانُ الفؤادِ ويحي بصدري
خفقانُ الفؤادِ ويحي بصدري / كهدير الأمواج من بعد هجري
فألق مرساك وانتشلني بأجري / يا شراعاً وراء دجلةَ يجري
في دموعي تجنّبتك العوادي /
صدت قلبي ريم الفراتين صيدا / كدت بي بعد صيد قلبي كيدا
فهواهُنّ آهلٌ في السوَيدا / سر على الماء كالمسيح رُوَيدا
واجر في اليمّ كالشعاع الهادي /
هنّ عذّبن مهجتي تعذيبا / فحمامي أراه منّي قريبا
سر بيُمن وقيت يوما عصيبا / وأْتِ قاعاً كرفرف الخلد طيبا
أو كفردوسه بشاشة وادي /
فإذا لاح اخضرا مستطيلا / زاهراً والطيور تعلو النخيلا
بمروج تزهو تربّت قليلا / وانظر الشطّ بالملاهي أصيلا
هل من الغيد رائح أو غادي /
وإذا ما أتيت منه بقرب / لأراهنّ قبل أقضيَ نحبي
ورأيت الملاح في شكل سرب / قف تمهّل وخذ أماناً لقلبي
من عيون المها وراء السواد /
عاريات يسبحن وسط الغدير / خارجات منه لقطف الزهور
راكضات معا وراء الطيور / لابساتٌ جلابيا من حرير
بهواهنّ قد فقدت رشادي /
هنّ ذكّرتني مواقف تشفي / يوم منا الثغور تلهو برشف
نقتل الوقت بين لهو وقصف / وقيانٍ على نشيد وعزف
وشراب على طعام وزاد /
نشرب الخمر سائغا سلسبيلا / ثمّ نتلو سفر الهوى ترتيلا
إتّخذنا الخبار دوحا ظليلا / عن وشاة لقد أضلّوا السبيلا
ذاك سؤلي بل ذاك كلّ مرادي /
مع أناس ترجو العروبة منهم / عزّها والأسود تفرق إن هم
ذكروا تأخذ المسرّة عنهم / والنواسيّ والندامى أمنهم
سامرٌ يملأ الدجى أو ناد /
شعب ملك العروبة الفذّ أعني / بطل الرافدين نجل الحسين
فيصل من أقام في عشر قرن / أمّة تنشيء الحياة وتبني
كبناء الأبوّة الأمجاد /
ذاك سفر التاريخ تلقاه يشدو / بمساع حميدة لا تعدّ
قد بنى صرح سؤدد لا يهدّ / خطرت فوقه المهابة تعدو
في غبار الآباء والأجداد /
أمّة أدركت مناها بملك / وتبارت والشهب تزهو بفلك
ضحكت بعدما غدت قبل تبكي / تحت تاج من القرابة والملك
على فرق أريحي جواد /
من علا عرشه على الجوزاء / ورقى جدّه لسبع سماء
وزكا أصله من الشرفاء / ملك الشطّ والفراتين والبطحاء
أعظم بفيصل والبلاد /
لي طرفٌ لم يدر ما الإغفاء
لي طرفٌ لم يدر ما الإغفاء / وفؤاد عاثت به الأدواء
يوم ولّت يقودها الرقباء / خدعوها بقولهم حسناء
والغواني يغُرُّهُنّ الثناء /
صحت لما حان الفراق وحمّا / ويك بالحب أشبعيني ضمّا
أنكرتني وأوسعتني ذمّا / أتُراها تناست اسميَ لما
كثرت في غرامها الأسماء /
يا ترى هل فؤادها يتألّم / بعدما حيل بينها والمتيّم
فاسألوها لأيّ شيء لأعلم / إن تراني تصدّ عنّي كان لم
تك بيني وبينها أشياء /
يوم جاءت فقلت جنّ الظلام / لا تخافي إنّ الوشاة نيام
فرنت ثمّ أقبلت والغرام / نظرةٌ فابتسامة فسلام
فكلام فموعد فلقاء /
منحتني من ثغرها الحلو منّا / وهبتني ولم تزل تنثني
قبلةً وهي كل ما أتمنّى / يوم كنا ولا تسل كيف كنّا
نتساقى من الهوى ما نشاء /
يوم قالت العيش ليس يطيب / يا حبيبي لمن جفاه الحبيب
فخذ العهد فالصباح قريب / وعلينا من العفاف رقيب
تعبت في مراسه الأهواء /
يوم قمنا وأدبرت فتعالت / من فؤادي التنهدات وآلت
ثم لما اطمأنّ قلبي ومالت / جاذبتني ثوب العصي وقالت
أنتم الناس أيها الشعراء /
فبخمر الجمال أنتم سكارى / لا تزالون ليلكم والنهارا
واتخذتم حب الغواني شعارا / فاتقوا اللَه في قلوب العذارى
فالعذارى قلوبهنّ هواء /
من لروحي فلا الرحيق رحيق
من لروحي فلا الرحيق رحيق / ولقلبي فلا الرفيق رفيق
يا ملاكي أوّاهُ أغربةُ البين / تعالى نعيبها والنعيق
يا عروس الخيال والصيف ولّى / تاركا في النفوس ما لا تطيق
شجنٌ صادح وشوق ملح / وجراح لم تندمل وحروق
آه شف الحنين روحي واضنى ال / وجد قلبي وأنه لخليق
يا منى القلب قد خلا شاطىء الرم / ل فلا عاشق ولا معشوق
ورياح الخريف تعصف في الأف / قِ تباعا ورعدهُ والبروقُ
بعدما كان يا شقيقة روحي / ملؤه الشدر إذ يدار الرحيق
لا الأخلّاءُ يا فتاتي فريقا / ن فريق يحسو ويلهو فريق
لا ولا العود في سكون الدجى يش / دو فيعلو الهتاف والتصفيق
لا ولا أكؤسُ الطلا مترعات / حفّها في دجى الظلام بريق
آه ما أعظم المصاب تعالَي / شاركيني الأسى فحزني عميق
يا فتاتي عرائس الوحي والإل / هام غابت متى يكون الشروق
كسر العود والندامى مع السمّ / ار راحوا وحطّم الإبريق
جفّ كأسي فلا الصبوح صبوح / بعد صحبي ولا الغبوق غبوق
فتعالي إلى الشوطيء وهنا / طارحيه الغرام فهو مشوق
ولنرق دمعنا على رمله الص / ادي ونشكو الهوى ولم لا نريق
شبّ واحسرتاه بين ضلوعي / منذُ أن غبت يا منايَ حريق
مزّق النفس من لظاه زفير / يلهبُ القلب حرّهُ وشهيق
يا غذاء الفؤاد يا فرحة النف / س تعالَي فإنّ عهدي وثيق
بأبى ثغرك الجميل فللقلب / رفيق حياله وخفوق
ومحيّاك يا فتاتي وفيه / أقحوانٌ ونرجس وشقيق
مبسم مشرق ووجه طليق / وخصال غرّ وطبع رقيق
وجبين زاه وخدّ اسيل / وعيون نشوى وقد رشيق
يا فتاتي سكرت من غير خمر / فمتى يا حياة روحي أفيق
يا فتاتي إنّي لديك رقيق / ومن الظلم أن يهان الرقيق
يا فتاتي إني ضللت وضاع ال / قلب منّي فأين أين الطريق
يا فتاتي إنّي غرقت فهل من / منقذ كم وكم ينادي الغريق
يا فتاتي إنّي أُسرت وكم ه / بّ لعذلي واحسرتاه طليق
يا فتاتي إنّي مسوق حناني / ك إذا ما أتى إليك المسوق
يا فتاتي رحماك إنّي شقيّ / فاسعديني وإنّني لحقيق
يا فتاتي حمّلتني فوق ما أس / طيع رحماك إنّني لا أطيق
لا حبيبٌ أشكو إليه فيرثي / لشكاتي ولا صديق صدوق
لا ولا والد يرقّ ولا أمّ / فتحنو ولا شقيق شفوق
قد سقاني الغرام سمّا زعافا / لك ما ذقته وما سأذوق
يا عروس الإلهام يا مصدر الوح / ي هلُمّي فإنّ عهدي وثيق
أنا حلّقت ثمّ قصّ جناحي / يا ملاكي دهرٌ ظلومٌ عقوق
فأريشيه كي أحلّق في ج / وّ الأماني ما راقني التحليق
أي وعينيك فاض كأس غرامي
أي وعينيك فاض كأس غرامي / يا حبيبي وما بلغت مرامي
يا حبيبي تلك الدعايات لم ترو / وربّي صدى فؤادي الظامي
يا أسيل الخدّين باللَه هب لي / قبلةٌ من لماك واشف أوامي
بحقوق الحبّ المبرّح إرحم / وتصدّق بها على المستهام
يا حبيبي رحماك أنهكني الصحو / وفي ثغرك الجميل مدامي
أمن العدل أن تجرّعني الصاب / دهاقاً جاما على إثر جام
وأقاسي من الضنا والسقام / ما أقاسي وأنت تلهو أمامي
يا حبيبي وللفؤاد طوافٌ / فارعه حول ثغرك البسّام
يا حبيبي إليك فوّضت أمري / رغم أنف الوشاة واللوام
هاك قلبي وهاك عقلي وروحي / يا ملاكي وخذ إليك زماني
أنت ألهمتني القريض فأنصت / لنشيدي يا مصدر الإلهام
واصغ يا منيتي ومشعل روحي / بسكون الدجى إلى أنغامي
ساهراً حول شاطىء الرمل وحدي / نادبا شاكيا بجنح الظلام
وأنادي والقلب ذاب وجفّ ال / كاسُ أين الطلا وأين غلامي
وإذا ما بدا الصباح وبُحّ / الصوت منّي وسال جرحي الدامي
أدبر الليل حاملاً زفراتي / وأنيني وتاركا آلامي
يا حبيبي إليك وجّهت وجهي / أي وعينيك طيلة الأعوام
كيف لا والجمال فيك تجلّى / وبه قد عبدت ربّ الأنام
لك ثغر يفترّ عن بسمات / ضوؤها أيقظ الشعور السامي
بسمات ما افترّ مبسمك الور / ديّ عنها إلّا وطاطأت هامي
تتجلّى بها البراءة والطهر / وهذا وتلك سرّ غرامي
وحديث كم هزّ أوتار روحي / ودلال ألذّ من أحلامي
وطباع أرقّ من بسمة الفجر / وصوتٌ يزري بشدو الحمام
ومحيّا ملائكيّ جميل / في فضا الروح لاح بدر تمام
وبروحي روح أخفّ وأتقى / من رحيق الصباح بالأكمام
وقوام أين الأماليد منه / بالتثنّي أجمل به من قوام
يا حبيب الفؤاد زدني غراما / بخضوعي لديك واسترحامي
أنت تدري بأنّني بك صبٌّ / لست أعمى يا أيّها المتسامي
أصدر الحكم إنّ حكمك عدل / أنا راضٍ لو جرت بالأحكام
يا حبيبي حتّام أكتم حبّي / أي وعينيك فاض كأس غرامي
ليس عيداً بل مأتم يا صحابي
ليس عيداً بل مأتم يا صحابي / فاملأوا الكأس إن أردتم عذابي
إشربوا الراح يا ندامى هنيئا / ودعوني أحسو مرير الصاب
إنّ شدوا الأوتار يشجي فؤادي / وتثير الأسى كؤوس الشراب
يا رفاق الصبا دعوني فلا يجدي / فتيلاً لومي كفانيَ ما بي
أنا روح تنوح طورا على الأر / ضِ وطوراً على متونِ السحاب
أنا في هذه الحياة غريبٌ / بائس تائه وراء الضباب
أنا في الحبّ يا رفاقي شقيّ / وسعيدٌ وا فرحتي واكتئابي
أنا صديان يا لتعس نصيبي / أنا سهران يا لطول انتحابي
أنا ولهان من لقلبي وروحي / أنا حيران يا أولي الألباب
أنا سكران ما شربت مداما / فاسألوني وأنصتوا لجوابي
يا رفاقي لا تحفروا لي إذا ما / متّ شوقا قبراً بقفر يباب
احفروا لي قبرا على شاطىء البحر / لعلّ الأمواج تبكي شبابي
وادفنوني بين الصخور عسى يه / دأ روعي وثورتي واضطرابي
يا صخور الشاطي بربّك إن مرّ / على مرقدي هنا أحبابي
خبّريهم عمّا لقيت من الهمّ / وشتّى الآلامِ والأوصاب
ساءَهم أن أعيش صبّا أناغيهم / بأشعاري الرقاق العذاب
وأنا شاعر خلقتُ لأشدو / لا لأتلو القرآن في المحراب
فهل الحبّ والتغزّل ذنبٌ / آه واضيعة المنى والرغاب
فلأمت في سبيلهم ناعم البا / ل لعلّي أرتاح تحت التراب
يا ليالي الصيف الجميلة قد عد / ت فأين الصبا وأين التصابي
أين بنت الكروم أين حبيبي / أين كأسي بل أين منّي صحابي
كم تعلّلت بالأماني وهل يش / في غليل الظمآن لمع السراب
سائلي الرملَ والصخور وموج الب / حر عنّي يا منية الأتراب
أنا حطّمت رغم أنفي يراعي / يا لحزني وقد طويت كتابي
ثمّ كسّرتُ بعد ذلك إبري / قي وعودي ولم أدع أكوابي
يا صحابي ويلاه استأسد الثعلب / واستنعجت أسود الغاب
والهزير الهصور أصبح كبشا / خاضعا رغم أنفه للكلاب
وقضى نحبه هزاري لمّا / أصبح الروق مسرحا للغراب
وجناح الحياة منّي مهيض / وجوادي في حلبة السبق كابي
يا صحابي والدهر قد رفع العبدَ / وسام الأحرار سوءَ العذاب
بعدما طارد الرؤوسَ وأقصا / هُم وغصّ الميدانُ بالأذناب