المجموع : 16
يا أبا أحمد رويدا رويدا
يا أبا أحمد رويدا رويدا / أنا في الشعر صاحب المعجزات
إن شعر الألى غريب المعاني / رنق غير رائق الكلمات
لو يريد الإنسان أمثال هذا / لأتى بالألوف لا بالمئات
فلهذا صددت عنه صدودا / وتعوضت عنه بالبينات
كنقاخ وطحلب وجفاخ / وسنير وشبرق وطخات
لا أرى مركب الجموح صوابا / ليس قول الفلاة كالموماة
هي حزوى ونشرها الفياح
هي حزوى ونشرها الفياح / كل قلب لذكرها يرتاح
مرضت سلوتي وصح غرامي / يلحاظ هي المراض الصحاح
ليت شعري وللهوى عطفات / هل يباح الدنو أو لا يباح
عجبا كيف لا يباح دنوي / عند قوم وقتل مثلي مباح
كل سر لهم بقلبي مصون / غير إن الهوى لدي مباح
يا نسيم الصبا بروضة خد / لك منها إذا اعتللت ارتياح
جز بحزوى فثم عالم لطف / من بقايا أجسامه الأرواح
هجروا والهوى وصال وهجر / هكذا سنت الغرام الملاح
أيها الورق ليس وجدك وجدي / أين من ذي الصبابة المرتاح
بت في الروض لا محاجر قرحي / من دموع ولا فؤاد متاح
لك دأب الغنا ولي النوح دأب / أين من نشوة الغناء النواح
عرجى بالنقا على دار قوم / عندهم يحسد المساء الصباح
وقفثي منهم بوادي سلام / فيه تأوي الأرواح والأشباح
واذكريني بأفصح الذكر في تل / ك المغاني إن أمكن الافصاح
لا تنوحي إلا علي لديهم / ما على كل من يموت يناح
ووراء الكثيب سرحة عين / ما لها في سوى القلوب سراح
كل قد للفتك فيه مجال / تتلوى به القنا والصفاح
قذفتها النوى فغابت شموس / أوجه العيش بعدهن قباح
ليت شعري ما للفراق وللأح / باب إن الفراق وجه وقاح
وبذاك اللمى أحاديث ورد / شرحها للمتيمين انشراح
إن هدى فرعه أضل بفرع / أهو الليل أم هو الا صباح
قمر ماس تحته خيزران / كل روح اليهما ترتاح
يا غزال الصريم يهنيك رقي / ولمثلي على الأسود جماح
لا تلمني على إباحة سري / كل عشق لأهله فضاح
ومن الظلم إن تلام ببخل / إنما البخل في الملاح سماح
غر لين القوام منك أناسا / ومن البأس إن تلين الرماح
إن للَه أسهما في العيون ال / نجل لم تندمل لهن جراح
يا ظما الوجد ما أرى لك ريا / بعد ثغر لماه للراح راح
يا حمام الأراك بلغ سلامي / أهل ودي فما عليك جناح
كيف لا تملك الجآذر رقي / وقضاء الهوى قضاء متاح
قل لهم هل رأيتم الليث ملقى / صافحته من اللحاظ صفاح
تتعاطاه راحة الوجد حتى / لا هدوء له ولا مستراح
صدني عنه تمنطق بالاج / ناد لكن له القلوب مراح
بين جنبيه للصبابة واد / كل آن حمامه نواح
لا جواه يفني ولا الصبر باق / كيف يفني جد ويبقى مزاح
إن في القلب حاجة هي في الصد / ر غليل وفي الضلوع جراح
ما نعتني عنها رماح قدود / بعد ما صاحت الأمان الرماح
هكذا الحب ذلة والتياع / وكذا الحسن غرة ومراح
جد مزح اللهوى فاضنى وافنى / وكذا أول الحروب مزاح
وتسلحت بالعزاء فما أغ / نى ولكن نعم المعين السلاح
أي عيش بغير قربك يفني / إن فضل الكؤوس لا شك راح
يا شجا القلب أين روض المنى أم / أين مني نسيمه الفياح
وعلى الإبرقين معهد صب / ساكنوه لقتل عهدي أباحوا
عذبوا مهجتي بإحياء وجدي / ما عليهم بقتله لو أراحوا
يا ليالي الوصال هل من بلوغ / فلقد آن مني الافتضاح
اين منك الذي تمنطق بالأب / صار لكن له القلوب وشاح
علليني يواضح من لماه / كأن منه لك اللما الوضاح
حبذا ليلة برامة صفت / ذهب العيش لي بها الأفراح
ليلة كان لي بها الف صبح / يا ترى ما الذي أراد الصباح
نسفتها أيدي الحوادث نسفا / مثلما تنسف الرمال الرياح
زار أفق السماء ريحان فجر / غاب عن افقنا به التفاح
يا غليل الفؤاد صبرا جميلا / ربما يعقب الفساد الصلاح
عن أبي ذر الغفاري يروي
عن أبي ذر الغفاري يروي / خبر قاله النبي الحميد
جدد الفلك فالعباب عميق / وخذ الزاد فالمزار بعيد
واطرح حملها فإن وراها / عقبات يشيب منها الوليد
واجتهد مخلصا لربك واعلم / أنه ناقد بصير شديد
من يقدم غير الحسام نذيراً
من يقدم غير الحسام نذيراً / يجد الناس آثماً أو كفورا
وإذا اشتقت غير ضرب وطعن / فالبس الخنث واخلع التذكيرا
إنما الهزل للغواني ومن كا / ن لأخلاقها أخاً ونظيراً
وتجنب نقائص القول والفع / ل ورم بالكمال ملكا كبيرا
قسم لها ناهضاً على قدم الأق / دام واركب من كل خشناء كورا
إن من كان همه في المعالي / هجر الظل واستظل الهجيرا
ومن الجبن أن تؤخر مسعا / ك فأقدم واخر التأخيرا
أو لم يدر من توانى ملالا / أن قطر الندى يعود غديرا
ما على المبتغي أثارة عز / أن تصدّى للراقصات مثيرا
ليس شرط المنى التواني ومن م / شمر زنداً لم يذمم التشميرا
والمعالي أدق من عمل الأكسير م / علماً ومن رأى الأكسيرا
راحة المرء في الدؤوب ولولا / حدة الراح ما أفادت سرورا
من أعار الآمال سمعاً تلقى / كل مالا يفيد غلا عرورا
من يجد حال صحة وشباب / لم يكن في خموله معذورا
أخر البيض يوم غزوك والخي / ل وقدم أمامها التدبيرا
وإذا خانت المساعي فمهلا / ربما تحدث الأمور أمورا
هكذا تستدير دائرة الأيام م / يوماً صحوا ويوماً مطيرا
وإذا أحلولكت خطوب فناهي / ك بشمس النهى سراجا منيرا
وخذ الحذر في الأمور وإن كا / ن لعمري لا يدفع التقديرا
حيث أن الذي نرى من حديث م / الحزم أمراً يستحسن التحذيرا
وإذا الحلم لم يكن مستشاراً / يوم طيشٍ فمن تراه مشيرا
خلق العقل للقلوب أميراً / وعلى الجيش أن يطيع الأميرا
وإذا كنت عاشقاً حور الأعين م / فاعشق من أعين الطعن حورا
إن خلع العذار من شيم الشوس م / كما ملّت العذار ي الخدورا
كل من تاجر الظبي والعوالي / اعقبته تجارة لن تبورا
إن تحاول سلطان تلك الأماني / فاتخذ قائم اليماني وزيرا
لا تقصر في صحبة الجد يجعل / لك في جنة الأماني قصورا
وإذا ما جهلتها فتبين / من سليمان علمها المأثورا
الأبيّ الذي أطاعته غول / ما أطاعت كسرى ولا سابورا
باسم ثغره صبيحة يوم / كدرت شمسه به تكديرا
فارس الغازيات عربا وعجما / واطئات بطونهم والظهورا
أبرزت للعيون جنة حسن / وأعدت للظالمين سعيرا
صاحب المخذم الذي بات يشكو / الموت منه ويلا ويدعو ثبورا
فاتك بالكماة يزبدها البأ / س كما تزبد الرياح البحورا
مطمع بشره كأن بليلا / جاء للناس بالغمام بشيرا
إن تسل عن وجوده إنما / الإحسان والحسن ربياه صغيرا
أنخ العيس في مغانيه تنظر / كيف تهدي الأنواء تورا وتورا
وإذا قيس بالملوك وقيسوا / كان كالقطب للأثير مديرا
شيم لو تشكلت لم تكن إلا / شموساً وأنجماً وبدورا
مكرمات إن أدعاها سواه / جاء نكراً بها وظلماً وزورا
ما لكم تدعون وحدة مسعا / ه كذبتم فادعوا ثبوراً كثيرا
أريحيّ من الغوائل مأمون / وإن كان في الورى محذورا
فيلسوف ذو خبرة واطلاع / سل به إن شككت يوما خبيرا
يأخذ الرأي من طبيب المنايا / وبصير من استشار بصيرا
فكأن القضاء أنزل للحرب / كتاباً بنصره مسطورا
وإذا أعوز الملوك عبير / تخذ العشير المثار عبيرا
لست أنسى له اصطلاما عتيا / كان يوما على العتاة عسيرا
يوم طار البغاث إذ دهمتها / شزب الخيل حاملات صقورا
يوم طاش الحليم وارتبك / المقدام حتى ظننته مسحورا
يوم عضت على شكائمها الخيل / ورضت من الصدور صدورا
يوم غل الرقاب محدودب الظهر / كما غلّ أسرها مأسورا
يوم قامت به قيامة طعن / نقرت بالأسنة الناقورا
تحسب الحرب للمنايا كتاباً / وصفوف الكماة فيها سطورا
حبذا الضمر التي صبحتهم / فأحالت صباحهم ديجورا
فجأت دارهم وكانوا ملوكاً / فإذا هم لم يملكوا قطميرا
ودهاهم بصبية من كماة / تحسب القوم لؤلؤاً منثورا
يوردون الكماة أكواب حتفٍ / قدروها من طعنهم تقديرا
صبية تحسب الأسنة والماذية / الزعف جنّة وحريرا
لو ترى القوم والقنا مشرعات / لتحققت من قلوب صخورا
فأعادوا الأعداء فوجين فوجا / مرتعاً للظبى وفوجاً أسيرا
سقطوا رمّة وطاروا سراعاً / حيث أن النسور كانت قبورا
بأبي قاصم الظهور بعزم / لا تراه للمجرمين ظهيرا
إن للَه في مرامي سطاه / قدراً من قضائه مقدورا
يتولاه في هدى وانتصار / وكفى اللَه هاديا ونصيرا
صعقت لاسمه الحوادث صرعى / وطوى اللَه رقّها المنشورا
وبما ضم أفقه من شهاب / يقذف المارد الرجيم دحورا
أشهر الخافقين ذكراً ولو لم / يودع السر لم يكن مشهورا
يا مجير الطريد كان لك اللَه / تعالى من كل بأس مجيرا
كم بذلت الحسنى لقوم أساؤا / فأبى الظالمون إلا كفورا
جمع الدهر فيك ما شت في / الناس فكنت الورى وكانوا الدهورا
زارك النجح والفلاح وحجج / المجد والجد بيتك المعمورا
جزرت دونك النهى واستمدت / أبحر الرأي بحرك المسجورا
وسقاك النصر الإلهي من رائق / أقداحه شراباً طهورا
وبلغت المنى واجلبت للأبطال / يوماً عليهم قمطريرا
وتولاك طالع اليمن بالنصر / ولقاك نضرة وسرورا
فأذقت العدى المنايا وفجرت / عليهم أنهارها تفجيرا
وأطرت القلوب في يوم بؤس / كان بالطعن شره مستطيرا
كل قوم لهم نذير ولكن / خلق السيف للئام نذيرا
كان كل أصم أعمى عن / الحق فصيرته سميعاً بصيرا
أنت ذاك القضاء لا تعرف / التقديم في حالة ولا التأخيرا
كم أذقت البوار أبطال قوم / لم يكونوا لولا حسامك بورا
فكأن النصال كانت كؤوسا / وكأن الرجال كانت ثغورا
كلما حاولت مقامك قوم / كان حجراً عليهم محجورا
كل جوّ جالت جيادك فيه / كان مسكاً وتربه كافورا
أبداً لا تمل خيلك غزواً / ومتى ملّت النجوم المسيرا
يا أبا المالك الذي قد تولى / من أمور العوالم الندبيرا
إي وعينيك إن طول القوافي / تشتكي في ثنائك التقصيرا
غير أني أرحت بالنفث صدراً / ربّ نفثٍ بروّح المصدورا
والهوى يركب الفتى كلّ صعب / ويريه الأمر العسير يسيرا
وأنا اليوم تائب من ضلالي / مستقيل فهل ترى لي عذيرا
كم أحالت على المقادير أقوام / أراهم لم يعرفوا التقديرا
ثم قالوا بالجبر قولا شنيعاً / أي ذنب لمن غدا مجبورا
هي نعم العروس زفت إلى دا
هي نعم العروس زفت إلى دا / رك بكراً وأنت نعم البعل
أنت أهل لحسنها علم الل / ه كما أنها لحسنك أهل
لا تظن الخليل من رقّ عطفا
لا تظن الخليل من رقّ عطفا / وحلا مبسما وراق مقولا
ليت شعري ما يرتجى من زمان / يستطب الحكيم فيه العليلا
فإذا لم تجد مكاناً لجود / فمن الحزم أن تكون بخيلا
وإذا لم تكن صقيل بنان / لم يفد حملك الحسام الصقيلا
وإذا سيمت النفوس بخسفٍ / لم يكن صبرها عليه جميلا
ربّ غِرٍّ مستنصرٍ بالأماني / مثلما استنصر الثكول العويلا
فاعل فعله الجميل قؤول / إن قيل الكرام أقول قيلا
هو وعدٌ لذي الجلال قديم / أنه كان وعده مفعولا
وإذا لاحظتك مقلة ضيم / فاحش أحداقها قنا ونصولا
ربَّ من تطلب الاعانة منه / فتراه محارباً وخذولا
طيّب الفعل من أطائب قوم / وكذا تتبع الفروع الأصولا
هو ذاك الطبيب لم يبق جسماً / من جسوم الأيام يشكو النحولا
أيها الماجد المشرف شعري / حمّلتني يداك حملا ثقيلا
قد كسوت الزوراء بردى سناءٍ / وسنىً خالدين لن يستحيلا
ولعمري لقد هززت العوالي / بالأيادي كما هززت الرّعيلا
كلما لاحظته عين المعالي / قبّلت ذلك المحيّا الأسيلا
يا هماماً لمثل خطبي يرجى / وكذا يدرا الجليل الجليلا
كيف يسري إلى نزيلك ضيم / وهو للنجم لا يزال نزيلا
شاخصاً للنجوم راقب منها / كلّ حين إناخةً وقفولا
كم عليل لم يمس إلا معافى / ومعافىً لم يمس إلا عليلا
بل إذا أنكرت حقوفك قوم / فاجعل السيف شاهداً ووكيلا
من عذيري إذا نبا ليَ حدَّ / ربما أعقب الضراب فلولا
أيها الليل كم تطول كأني / راكب منك أدهماً مشكولا
وله سطوة تدك الرواسى / لو رأته لعاقها أن تطولا
آخذ مأخذ الصلاح نفور / عن سلوك الفساد ساء سبيلا
زار والليل مؤذن بالرحيلِ
زار والليل مؤذن بالرحيلِ / ضيف طيف مبشّراً بالقبول
مرحبا بالخيال حيّا فأحيا / وقضى حقَّ مغرمٍ عن ملولِ
جاء يسعى في حلّتين بهاء / وتهادى مبشّراً بالوصول
يا خيالاً ألمّ دار خيالٍ / هل إلى آل وائل من سبيل
إن لي بينهم فرند جمالٍ / لاح في مرهف الزمان الصقيل
شمت من وامض الجمال بروقاً / جمعت لي غرائب التشكيل
أعشق السالف الطريّ وأهوى / ريَّ ذاك المفلّج المعسول
ويروق القدّ الأنيق لطرفي / لا على ضّمة ولا تقبيل
وإذا الحب لم يكن عن عفافٍ / كان كالخمر مفسداً للعقول
لست أنسى ركابنا يوم سلع / نوّخاً بين رقّة ونحول
نسأل الأرسم الدوارس عنهم / ربّ علمٍ أصبته من جهولِ
فأذلنا بقيّة الدم والدم / ع لما طلّ من بقايا الطلول
لا عداها حيّا يجس ثراها / مثل جسِّ الطبيب نبضَ العليل
باديار الأحباب كيف تنكّر / تِ ومن ذا رماكِ بالتَبديل
كنت ديباجة المنى بين خدّ / سندسيِّ وسالفٍ مصقول
فسقى ملعب الغزال وميض / يسحب الذيل من أجشَّ هطول
ما قضت عني السحائب ديناً / كان في ذمّتي لرسم محيلِ
يا جفوني أمّا وقد بخل الغي / ث فلا تبخلي بدمعٍ هطول
علّلاني يا صاحبيَّ فعندي / سكرة من شمائل وشمول
عنَّ لي في القِباب من عرفات / رشأ لحظه عِقال العقول
قمرٌ يقمر الفؤادُ يمر / آه ويشفى بريقه المعسول
نفحتنا منه الصبا فأتتنا / من عذاريه بالنَسيم البليل
بأبي أهيف عهودي لديه / مثل خِصر له ضعيف نحيلِ
عقدت وجنتاه وجدي ولكن / خلَّ صبري ببنده المحلول
فهنيئاً لا عينٍ كحلتها / فترات لاعينٍ كحلتها
علّلاني بذكر ميٍّ ألا ربَّ / عليل يصِحّ بالتَعليل
كنت في جانب العيش رغدٍ / بين شرخ الصبا وصفو الخليل
ما تيقظت للنوائب إلا / يوم نادى نفيرهم للرحيل
ما سمعت العذول فيهم وما كا / صواباً إلا مقال العذول
إن دهراً يذل كلّ عزيز / هو دهر يعزّ كلَّ ذليل
أيها الواشيان لا تهزءا بي / ربَّ عود يخضر بعد ذبول
إنَّ فتنة العيون السَواجي / عثرة ما لأهلها من مقيل
ما شعرنا إلا وللبين فتك / إن عمر السرور غير طويل
كم تقول الوشاة عني وعنهم / جهش السمع بين قال وقيل
يا كثير الملال جد بقليل / فقليل الحبيب غير قليل
إن برتنا النَوى فغير عجيب / ظمأ الأرض مؤذن بالذبول
كيف لا أذكر الديار بنجد / وبها مرتع الأغرّ الكحيل
إن نسيت الكرى فعن نكبات / لم تدع لي إلى الكرى من سبيل
كنت صعباً على المقادير لا تك / بو زنادي ولا تقاد خيولي
فاستشاطت عليّ مختلفاتٍ / كسرت أسهمي وأنبت نصولي
يا نديمي جفّ ضرعُ اللَيالي / فانهضا للمعتّق السلسبيل
أعطياني سلافة أتناسي / بحلاها مرَّ الزمان الوبيل
ذكّراني الصبا وأيام سعد / بندى أسعد المليك الجليل
باذخِ العزِّ حلَّ أي محل / من مقام التعظيم والتبجيل
فلك ذو مآثر دائرات / بالمصابيح من أثير الجميل
قرشيٌ تأملته المعالي / فرأته نهاية المأمول
عشت في ظلّه زماناً طويلا / بنوال له عريض طويل
أريحيِّ أراد رعي رسوم / في ربيع ارتياحه المبذول
حدّثاني عن علمه ونداه / وهما نيّرا الفخار الأثيل
عاوناني إن كنتما تسعداني / بمديحي له وإكرامه لي
خبّرا من يروم نيل علاه / ما إلى الشمس مطمع في الوصول
نام من رفدِه الأنام بمأوى / حرم آمنٍ وظلٍّ ظَليلِ
كلّما ما طلّ الزمان بوعد / خلته للزمان أيَّ كفيل
ثم لا تنكر التكرم منه / إنَّ ذاك الكريم فرع الرسول
كيف لا تحسن الصنيعة ذات / ركبت من محمّدٍ والبتولِ
وإذا الفرع لم يطب فتأمل / تجد الذّنب كلّه للأصول
أي عذر لمن رآك ولاما
أي عذر لمن رآك ولاما / عميت عنك عينه أم تعامى
أو لم ينظر اللواحظ تهدي / سقماً والشفاه تشفى السقاما
أو يرى ذلك القوام المفدّى / خيزرانا يقل بدراً تماما
لا هنيئاً ولا مريئاً لقوم / شربوا من سوى لماك المداما
أتراهم توهموها عصيراً / من محياك حين شبت ضراما
ما لمن يترك السلافة في في / كَ حلالا ويستحل الحراما
إن للناس حول خدّيك حوماً / كالفراش الذي على النار حاما
إي وعينيك ما المدام مدام / يوم تجفو ولا الندامى ندامى
أيها الريم ما ذكرتك إلا / واحتقرت الأقمار والآراما
لست أدري والحر بالصدق أحرى / إضراما قدحت لي أم غراما
بأبي أنت من خليل ملول / لم يدع عهده إذا الظل داما
لك خد ومبسم علّم الور / د ابتهاجاً والاقحوان ابتساما
لا تقسني بالورق يا غصن إني / أنا من علّم النواح الحماما
ليس من يشرب المدامة أحيا / ناً كمن يشرب المدام دواما
إن تصلني فصل وغلا فعدني / ربّما علّل السراب الاواما
لو ملكنا ملك العراق ومصر / دون رؤياك ما بلغنا المراما
يا لقومي من لي بخلّ وفيّ / لا يرى القتل في الغرام حراما
يا مديراً ما لم تشب بالثنايا / أحميماً أدرتها أم حماما
وعدونا فأخلونا وخانوا / أنّهم اخلفوا الوعيد أثاما
ظعن الركب بغتة واستهاما
ظعن الركب بغتة واستهاما / يقطعون الأوهاد والآكاما
فمن المبلغ الأحبّة عنّي / أنني ما برحت فيهم هياما
ومذ استقبلوا متالعَ نجد / وتلقّوا شمالها والخزامى
حجبوها عن الرياح لأنّي / قلت يا ريح بلغيها السلاما
وبنفسي ركائب أدلجوها / آل ميّ قد أرقلت تتراما
لو رضوا بالحجاب هان ولكن / منعوها يوم الوداع الكلاما
فتنفست ثم قلت لطيفي / ويكَ إنزرت طيفها إلماما
دعهم يمنعونها ما استطاعوا / لن يسدوا الأفكار والافهاما
هي منّي برغمهم نصب عيني / فليؤموا نجداً وينحو شآما
وسألناهم الرقاد فشحّوا / يا جفوني بالدمع كوني كراما
كنت أدري من قبل يوم نواهم / أنّ للدهر مقلةً لن تناما
لم أزل برهةً أجاذب نفسي / ثم ألقيت للزمان الزّماما
كلما قلت مر عنّي سهم / فوّقت لي أيدي الليالي سهاما
فتيقظ إذا رأيت عيون ال / حظّ يقظى ونم إذا الحظّ ناما
وتلقّ المنى بصحّة عزم / صحّة البري تصلح الأقلاما
لم يعودوا إلّا بعتبٍ علينا / زار ذاك الغمام لكن جهاما
وأبوا أن يفوا لنا فوفينا / إن للخلف عند قوم ذماما
ولنا العذر ان ندر حيث داروا / فهوى النفس ينقل الاقداما
ليت شعري أنحن بالوجد همنا / ساعة النفر أم بنا الوجد هاما
قد ينال المرام غير مجدّ / بل وقد يحرم المجد المراما
ذكراني يوم العقيق فقد عبّ / عقيق الدموع منّي انسجاما
يوم ملنا من شدّة السكر صرعى / تحسب القوم وهي يقضى نياما
يا طبيب الآلام هل من علاج / إن آمالنا بكت آلاما
إن تزر ساعة فلسنا نبالي / بافتقاد الأقمار عاما فعاما
كل فجّ خلا محيّاك منه / أذن اللَه أن يكون ظلاما
مثل دار السلام لولا سليما / ن لما اوشكت تنال السلاما
علم يحمل العلوم بجنبي / ه كما تحمل الثرى الاعلاما
وأخو النائل العجيب بأدنى / مدد منه يعدم الاعداما
ناظم بالسنان عينا فعينا / نائر بالحسام لاما فلاما
إن في برده لدى السر منه / جوهارً ليس يقبل الانقساما
مصدر الخيل بعد ورد المنايا / لابسات من أعين الصيد لاما
هو معطي السيوف إحكام فطع / وهي تعطيه من علا أحكاما
وهو أنموذج المعارف والعر / ف ويدعونه المليك الهماما
كلما مسّ مائلات أمور / قوّم اللَه ميلها فاستقاما
لا تسل غير رأيه عن عويص / ثاقب الرأي ليس يخطى مراما
مدرك كلّ ما رماه برأي / رب رأي تخاله إلهاما
وتمام الآداب والعقل أسنى / من بلوغ الإنسان حظا تماما
إن للسعد من كلا ساعديه / اسهماً قبل رميه تترامى
راكب من عزائم الأمر خيلا / لا تمل السراج والألجاما
ثابت حيث للكماة اختلاج / كلما أفطروا عن الذعر صاما
وإذا ما اعتبرت قتلى يديه / تلف إمّا لهىً وإما لهاما
ممطر بالنجيع كلّ رعيل / طبقت سحبه فكانت ركاما
إن في لبدتيه للَه أسداً / تحجم الخيل دونه إحجاما
هازمٌ كلّ هازمٍ لا يبالي / قوض الموت رحله أم أقاما
كلما استمطت الرقاب ظباه / رجّلت من فوارس الدهر هاما
وإذا قامت الصفوف أمام ال / حرب صلّى بالدارعين إماما
لا ترم شأوه الملوك وأنّى / يطمع الخفّ أن يكون سناما
ما رآه الراءون إلا وعادوا / بقلوبٍ من العقول يتامى
أودع اللَه فيه للحرب أقسا / ماً وللعلم والنهى أقساما
صيغ تمثاله نعيماً لقوم / ولقوم إهانةً وانتقاما
بأبي العوذة التي عوّذ الل / ه بها المسلمين والإسلاما
صاحب الدولة التي أزكت الوس / طى الذي عزّ جارها أن يضاما
دولة كلها عقود معالٍ / أحكمتها له العوالي نظاما
دولة مطمئنة ضربت في / كلّ واد من الجميل خياما
مكرمات لبيت حمير تترى / ما تريك الكرام إلا لئاما
هممٌ يتحدن في جوهر المج / د اتحادا ويلتحمن التحاما
سل به الوفد كيف منّ عليهم / بمنىً كنّ قبله أوهاما
جامع الخيل للرجال ومخلي / من جموع الضراغم ألا جاما
كذب الباسل المسامي سطاه / إن كيوان كوكب لا يسامى
كلما أخصبت مراعي ملوك / أرسل المرهفات فيها سواما
وإذا أخر الفوارس إقدا / م المنايا وجدته المقداما
واسع الصدر واسع الدار يقري / الضيف وفراً وعزّة واحتشاما
قل لمن ظنّ أن في المال غنماً / حلية الغمد لا تفيد الحساما
يا أبا أحمد لجودك زوّج / ت ركابي دكادكا وأكاما
هادياً من لواقح عاصفاتٍ / ملأت عقوة الثريّا قتاما
ولكَ الصاحالت تصلح فيها / مفسدات الدنيا وتحييى الرماما
إن نظرت الحطام كان جنيّاً / أو نظرت الجنيَّ كان حطاما
كم عصرنا ماء الغِنى من أياديك / كما تعصر الرياح الغماما
ووردنا ما لم يخض شامخ الأع / لام في لجه ولا النجم عاما
إن للعيد في مغانيك عيداً / يسع الناس نشره أعواما
أقصرَ الحاسدين منك كمال / أمسكت دونه العقول هياما
وجرت للورى غواديك جرباً / بنعيمٍ كما تهب النعامى
كم رفعنا إليك عذراء مدح / أصبحت عندها العذارى أيامي
فأتت كالفتاة طاب افتتاحاً / نشر ديباجها وطاب اختتاما
يا نديميّ روّحاها فهذي
يا نديميّ روّحاها فهذي / نار نعمى بدت فلاح الفلاح
تعد الوصل ثم تلوي كما لاح / على البعد بارق لمّاح
لأذيلنّ دون وصلك دمعي / قلّ دون الهوى دم يستباح
كيف آسى على نعيم تقضى / أي سحب ما مزقتها الرياح
فانزلا منزلا قريب حماها / فعلى البعد تنكر الأشباح
واسألا الحي هل لطارق ليل / مسرح في ربوعهم أو مراح
همه أن يرى المنازل من / بعد فيرتاح قلبه الملتاح
رب قوم هم بالأيادي كرام / ولذا الطارق الملمّ شحاح
أو يرى ومضة تلوح فيهدأ / ناظر من غرامه طمّاح
حل في حيّكم كسير جناح / فعسى عندكم يراش الجناح
فتواضع فإنها خطرات / دونها أرؤس الملوك تطاح
فأجابوا بخٍ بخٍ أن للوفد / لدينا أرؤس الملوك تطاح
هل على ابن السبيل يوماً سبيل / أم مباح غدوّه والرواح
كم فرحنا بهم قديماً ولكن / جدّ جدّ الهوى فرحنا وراحوا
ليت شعري أيّ البلاد استقلوا / أروابٍ سالت بهم أم بِطاح
أحمد أوحد المحامد طراً
أحمد أوحد المحامد طراً / علم العلم مورد الورّاد
مدرك للصلاح كل محل / ساطح للعلاء كل مهاد
واسع الحلم والمكارم ملك / حكمه حاطم حدود الحداد
كم محا أرسماً للؤم ومكرٍ / وكسا أهلها سواد السواد
أحمد العود عوده وسطاه / ماسح الهام حاسم الأعواد
لاح مرآه طالعاً كهلال / ولهاه للدهر كالأمداد
كرم هام كسّح ركام / أو كمهر معوّد للطراد
كرم معدم المحول محال / عده وهو أول الأعداد
كم وكم شدّ ساعداه حساما / صلدَ الحدّ صادعاً للصّلاد
أسعد مطلع السعود علاه / وحماه مسارح الروّاد
أودع اللَه صدره كل سر / هو للعلم مصدر الإمداد
حكم ما دعاه للسكر إلا / كأس راح لها وكاس وداد
حكم ملؤها مراد علوم / وسماح ممهد للمراد
كامل كله كمال وحلم / أسد وارد دم الآساد
داحر مارد المكارم رام / سهمه سهم سؤدد وسداد
عاكر للعدو كل مرام / وهو للملك طالع الاسعاد
درعه للملوك درع دلاص / ما أراها إلا عماد العماد
أروع أورع أمام همام / همه طال أطول الأطواد
سر مسراه للأمور ملاك / وهلاك للمال والحساد
معدم العدم مهلك كل عسر / أسد الأسد واحد الآحاد
أرسل اللحظ للقتال نذيرا
أرسل اللحظ للقتال نذيرا / ليته بالوصال جاء بشيرا
فترى العاشقين في الحب أما / شاكراً وصله وأما كفورا
أن أهل الهوى يخافون يوما / بالجفا كان شره مستطيرا
فوقاهم منه ولقاهم من / وجهه الغضّ نضرةً وسرورا
وجزاهم من وجنتيه بما قد / صبروا عنه جنّة وحريرا
ليته لو شفى سقامي بريق / وسقاني منه شراباً طهورا
كلما لاح لي رأيت بدوراً / من سنا وجهه وملكا كبيرا
عارضاه ووجنتاه عذولي / لفؤادي سلاسلاً وسعيرا كذا
وإذا ما رأيت فضل دموعي / تحسب الدمع لؤلؤاً منثورا
يا حبيبي ارجع إلى اللَه فينا / أنه كان بالعباد بصيرا
بين وادي النقا وبين المصلّى
بين وادي النقا وبين المصلّى / زمن مر ما ألذ وأحلى
إن يوم اللقا لأعظم يوم / جلبته لنا المنى فاستهلا
حيّ ذاك المحلّ من حيّ نعم / طاب ما كان بالنعيم محلّا
فانثنى ذلك الزمان زمان / وكذاك المحلّ جدباً ومحلا
لا تلم بالسواد صحف الليالي / خط في لوحها القضاء فأملى
قم بنا نسأل الفلا والمطايا / كيف نيل العلى وأين استقلا
إن أيدي النياق أذرع عزّ / تذرع الحادثات حزناً وسهلا
كيف ترجى الحياة لولا المعالي / وإذا الروح فارق الجسم ولّى
خلّها في السرى تمد خطاها / فعساها ترى الثريا محلّا
يترامى بها إلى خير واد / داء شوق يصحه من أعلّا
إن براها السرى فحل براها / لبست عقد عزمة لن يحلا
شامت البارق الإلهي وهنا / فترامت كأنما هي شكلا
أخذتها تلك المطالع حتى / عقلتها تلك الأشعة عقلا
وبدا خير طالع من معالي / خادم المصطفى فأهلاً وسهلا
نور علم لا يمتري الظن فيه / أنه الشمس بل أجلّ وأعلا
وبقول النبيّ سلمان منّا / شرف يحتذي من الشمس نعلا
أحدقت بالوجود منه أمور / بالغات بها غدا الدهر طفلا
صيّرت ذاته الغيوب حيارى / ليس تدري أصدره اللوح أم لا
حلّ منه النهى بتمثال لطفٍ / كان بالجوهر الربوبيّ شكلا
كلما حاولت منى راحتيه / غصن أكرومة دنا فتدلى
ذاك روح القدس الذي مذ حواه / هيكل الدهر كان للدهر مثلا
جوهر لو يقاس بالجوهر الفر / د علاه لكان أعلى وأغلى
هيكل طلسمته أيدي المعالي / فحشت جانبي هيولاه فضلا
بأبي ناظر بمرآة عِلم / أوجه الغيب دونها تتجلى
بأبي من له المعالي تخلت / مخلصات وللمعالي تخلى
بأبي الماجد الذي اتخذته / كل بكر من الفضائل بعلا
يا أخا المكرمات إن ذنوبي / حملتني إلى معادي ثقلا
إن تكن شافعي فغير عجيب / أنت بالسيد المشفع أولى
من معيني على مدائح ندب / صح عنه الكمال نقلا وعقلا
وأخيه الفتى حذيفة لا ير / هج قولا ولا يرنق فعلا
وأمين النبي في كل سرّ / كان للمخبر الإلهي أهلا
قد رمى في الحشا لحاظاً صحاحا / فاصابت هادي الورى والمضلا
كيف يطوي النفاق أهلوه عمّن / حشى العلم فيه حاشا وكلا
لحظت مقلة الشجاعة منه / أسدا لم يزل له الموت شبلا
سيد يلتقى صدور المعالي / مثلما تلتقي الجواهر وبلا
سل قنا الخط أو ظبى الهند عنه / تلف عزَّ الدنيا بكفيه ذلّا
حبذا من نسيم وادي المصلّى
حبذا من نسيم وادي المصلّى / نفحات سرت فأهلاً وسهلا
يا زمان الحمى نعمت زمانا / حلبته أنواؤنا فاستهلا
متجر للهوى مضى في عكاظ / كان من جوهرية الروح أغلا
ومناخ للركب غير حرام / لحرام الميمين استحلا
موقف لم يدع لذي الروح روحا / يوم حزوى ولا لذي العقل عقلا
قدك يا بعد قد نزعت قلوبا / كنّ ملأى قوىً فأقوين هزلا
وانتدبناك باللقاء لداء / طالما عاده الطبيب فملّا
وأسياني أن الخليل المواسي / لم يدع للخليل في الأرض حملا
لا تكونا زيفاً إذا اشتد سبك / ولعمري كم زيّف السبك خلا
وانهضا نخطب العلى بالعوالي / فالأماني لم ترض بالعجز بعلا
لم ينل بالإقامة العزّ حتى / ينقل الماء بالغرابيل نقلا
إنما تقذف الهموم المطايا / مثلما تقذف السنابك نعلا
والليالي ذوات أيدٍ يعود / السهل حزناً بهنّ والحزن سهلا
وأمون تطوي من الشفّ / والوجد رباها طيّ الأكفّ السجلّا
لم تكن تعرف الهوى غير أن / الوجد منها بها عليها استدلا
شغل الرعي غيرها وطوته / إن للوامقين في الحب شغلا
جهلت ما بها اللحاة فلجّت / ربّ علم يظنه المرء جهلا
شفها من ربيع أحمد مرعى / كان أمرا من الرحيق وأحلا
ملِك غير أنه ملَكيّ / الطبع لم ترضه الثريئا محلا
عزّ بالبيض وهو للبيض عزّ / كل من لم تعزُّه البيض ذلّا
جاور المجد فهو للمجد جار / أي جدّ من ذلك المجد أعلى
كلما مدّ راحتيه ليجني / غصن أكرومة دنا فتدلى
صاحب السؤدد الذي حدثان / الدهر يبلى وذكره ليس يبلى
بأبي ذو منائح هرم الدهر / على أن يرى لجدواه مثلا
لم يزل مكثرا على المال جوراً / وإذا جار حادث كان عدلا
إن حال المليّ وهو شحيح / مثل حال النحاس بالتبريطلي
فاضل لم يقس بفضل سواه / من يساوي بصورة الطين عقلا
تجتلي العين منه أبهى مرأىً / هو أشهى للنفس من أن يملا
شيم كالكواكب الزهر تمحو / مسدفات الدجى وتهدي المضلّا
ما تخطّى الصلاح عنه ولكن / هابه ما رد الفساد فولّى
قد سقاه ساقي الهداية نهلا / وسقى سائر الخلائق علّا
شرف مثلما جلا الصقل درعا / أو كما جودت يد القين نصلا
ونِجار مؤثّل كفرند / أخلصته يد الصياقل صقلا
وأياد كأنهن رياح / خضلات يهطلن بالمزن هطلا
حسبه الحكمة التي طاوعتها / كيمياء الأحكام عقداً وحلا
منعم للعفاة لمّا تلته / بكتاب من المآرب يتلى
وبه أكثر المقل ونادى / هاتف الجود من يرى لي مقلا
كم نحاه عافٍ فعاد مليّا / لم يزل دفتر الغنى عنه يملى
كلّا رمت وصف بعض علاه / قال لي قائل البلاغة كلا
سل به المكرمات تخبرك عنه / أنه أحمد الخلائق فعلا
هات زدني من ذكر ذات دلال
هات زدني من ذكر ذات دلال / إن في ذكرها شفاء العضال
غادة كلما تنسم منها / نسمة آذنت برخص الغوالي
يا لقومي من أخت حيّ جديس / عقلت مهجتي بغير عقال
كيف أبكي الصبا وقد كان حتفي / إن شرخ الشباب شيخ الضلال
أيها اللائم المفنّد قلبي / ويك عني ما للملام ومالي
لا تزد قلبي الكليم كلوما / إن للوجد فيه وقع النبال
يا نديميّ هل إلى أم أوفى / من سبيل مساعد بالوصال
أطرباني بطيب ذكر سليمان / المعالي وباسمه غنيّا لي
حكم حكمه يعيد لعمري / مائلات الأحكام ذات اعتدال
كم له مربعاً يروقك منه / ما ترى من مسارح الآمال
وصلاح مستردف بنجاح / ونوال يسير اثر نوال
وأياد يمسحن ما تصبغ / اللأواء مسح البدور صبغ الليالي
واقتبال بكلّ حظّ سعيد / طالع يمنه طلوع الهلال
راكب للندى جواد غمام / تلثم الأرض منه وقع النعال
عزّ في الخلق مثله وعزيز / في مهافي الرياح برد الزلال
فلك قد قضى لنا نيّراه / باقتبال الفتوح والاقبال
بزغت شمس سؤدد في ذراه / زان في جيدها حليّ الكمال
كفه الريح في السماح وأما / ضربها في الوغى فدك الجبال
ليست السبعة الكواكب إلا / راميات عن قوسه بالنبال
أريحيّ كأنما خلق الجود / على ما حواه من تمثال
نمنمت داره الوفود كما نمنم / صحن الخدود ترصيع خال
من رجال تخيط أيدي المنايا / بأنابيبهم برود النزال
وكأن الكمال صيغ على / صورة تمثاله البديع المثال
يا أخا النيرين دوموا بسعد / لا أصابتكم سهام الوبال
بين جنبيك همة من جلاد / خلقت في الوغى صقال النصال
لك رأي كأنه الشهب تقضي / بالغنى والفنا بغير قتال
لمعاليك كلّها يا همام
لمعاليك كلّها يا همام / رقصت في حليها الأيام
ولك الرتبة التي لم يصافح / صفحها قيصر ولا بهرام
طلعت للسخاء منك جوار / منشئات كأنها الأعلام
ولقد زين المكارم مسعا / ك كما زين العقود النظام
حمدتك الحساد كرها فقلنا / ربما جادت النفوس اللئام
وحثثنا المطا إلى ذي محل / باذخ الأوج جاره لا يضام
نمت عن كل ما يسوء ولكن / لك في الخير مقلة لا تنام
قصر الناس عن مساعيك كلا / أنها الغاية التي لا ترام
أنت للوفد مربع وربيع / طرفاه الأكرام والأنعام
لك من رأيك الصقيل حسام / رأي كل امرىء لديه كهام
أنت للعالم الطبيب المداوي / كلما عنّ للجسوم سقام
أنت للملك خاتم الأمن / واليمن وللمجد مبدأ وختام
أنت من عنصر الكرام ولكن / أين من نظرة النضار الرغام
أنبتت كفّك الغنى والمعالي / مثلما ينبت الربيع الغمام
قلّ في المكرمات مثلك يا بحر / كما قلّ في الأنام الكرام
حيثما كنت ليس يألفك / اللؤم وهل يألف الضياء الظلام
أنت يا أحمد الفعال نسيم / بشذاه تروّح الأجسام
أنت للدرع لا محالة درع / يوم روع وللحسام حسام
كل فضل له إليك احتياج / مثلما احتاج للرعاء السوام
كن كما شئت من عطاء ومنع / ليس للجود في سواك مرام
وإذا لم تكن لحاجة مرء / فعليها طول الزمان السلام