المجموع : 7
طالَ ليلي من شَعرِها النَّضناضِ
طالَ ليلي من شَعرِها النَّضناضِ / فوقَ بُردٍ مُهلهلٍ فضفاضِ
ثغرُها العذبُ فيهِ رقراقُ وادٍ / شفَّ يومَ الهجيرِ عن رَضراضِ
فهي روضٌ من الجمالِ أريضٌ / لي غِنىً فيهِ عن جميعِ الرياضِ
حينَ جادت بخدِّها قلتُ هذا / ليسَ شيئاً عِندي ولستُ براضِ
مَن تجُد بالقليلِ تُعطِ كثيراً / إنَّ بُشرى السحابِ بالإيماضِ
فاقشَعرَّت لجرأتي ثمَّ قالت / رَدعُ هذا الصبيّ بالإعراضِ
إنما حبُّهُ شفيعٌ إلينا / فعلينا بالغضّ أو بالتغاضي
نلتُ منها بالذلِّ عزاً وقولي / رُبَّ عزٍّ قد نلتهُ بانخفاض
هكذا الذلُّ في الهوى لمرامٌ / وحياةُ الإنسانِ بالأغراض
سألتني عن عِلَّتي وعيائي
سألتني عن عِلَّتي وعيائي / وهي أدرى من الطَّبيبِ بدائي
قلتُ داوي قَلبي المريضَ فقالت / مرضُ القلبِ ما لهُ من دواءِ
نوَّلتَني ذاتُ الجديلِ الخصيبِ
نوَّلتَني ذاتُ الجديلِ الخصيبِ / من نَصيبَينِ وردَ خدٍّ نصيبي
قلتُ آبى إلا نَصيبَينِ قالت / كِبَرُ النَّفسِ منهُ قَطعُ النصيب
مِسنَ في الوشي بينَ زهرٍ ونورِ
مِسنَ في الوشي بينَ زهرٍ ونورِ / وحَللنَ الشعورَ فوقَ الصدورِ
فرأيتُ اصطدامَ صبحٍ وليلٍ / وسطَ روضٍ مُعطَّرٍ ممطور
شاقَني والشعورُ تُرخى سُتوراً / فوقَ تلك الصدورِ هَتكُ الستور
فرفعتُ الشعورَ عنها رُويداً / وجَسستُ النهودَ تحت الشعور
حبُّ ما شفَّتِ الغلائلُ عنه / بين شوقٍ ولذّةٍ وحبور
حيثُ كاسي قد أترَعتها رداحٌ / فتجرَّعتُ من ألذِّ الخمور
كان سكري من خمرةٍ وحديثٍ / إذ رأيتُ الكؤوسَ مثلَ الثغور
بثلاثٍ من النساءِ حِسانٍ / مرَّ ليلي وكنتُ كالمسحور
كنَّ يُسمِعنني غِناءً رَخيماً / أو يغازلنني بصوتِ الطيور
وأنا هكذا صريعُ الغواني / والقناني في مجلسٍ مستور
فأقولُ الجنّاتُ والحورُ عندي / يا سماءُ اهبطي ويا أرضُ مُوري
أيُّها الرسمُ تكلَّم فالبيانْ
أيُّها الرسمُ تكلَّم فالبيانْ / من محيّا ناطقٍ لا مِن لِسانْ
طالما آنستَني في وحشَتي / وعنِ القلبِ تشفُّ المُقلتان
حَسَنٌ أنتَ وحسناءُ التي / رغَّبتني بكَ عن كلِّ الحِسان
بعدَها أنتَ لقلبي سَلوةٌ / ولعيني بهجةٌ مثلُ الجنان
أنتَ منها بعدَ عينٍ أثرٌ / وَسطَ أحداقي وأحشائي يُصان
كم قضيتُ الليلَ أرنو مُغرماً / وسِراجي وفراشي شاهدان
طالما أرَّقتَني إذ شُقتَني / حيثُ طرفي وفؤادي ساهران
روحُها ما انحجبت فيك فمِن / نورِها فوقَ المحيّا فيضان
فهي جمرٌ خامدٌ في صورةٍ / إنما في العينِ منهُ لمعان
لم يَزَل فيكَ فؤادٌ خافقٌ / أبداً أسمَعُ منه الخفقان
وعلى الثغرِ تباشيرُ الهوى / وعلى العينينِ آثارُ الحنان
ودَّعَتني عندَ السفينِ أصيلا
ودَّعَتني عندَ السفينِ أصيلا / وهي تبكي وتنشرُ المنديلا
وعلى الوجهِ صفرةٌ ظلَّ منها / في جبيني ما أشبَهَ القنديلا
ثم مدَّت يمينَها فأرَتني / زنبقاً فاحَ في الغياضِ بليلا
فتزوّدتُ قُبلةً من يمينٍ / علّمَتني أن أُكثِرَ التقبيلا
لا يَقُل أحمقُ النساءُ بلاءُ
لا يَقُل أحمقُ النساءُ بلاءُ / هنَّ واللهِ رحمةٌ وعزاءُ
من فؤادي لكلِّ أُنثى نصيبٌ / فهو عرشٌ عزَّت عليهِ النساء
إذ أضاعَ الجنَّاتِ آدمُ جَهلاً / خَفَّفَت عنهُ همَّهُ حواء
وعلى الخطةِ التي رَسَماها / يتمشَّى البناتُ والأبناء
برقَ الأنسُ في تبسُّمِ أُنثى / منهُ سعدٌ وقوةٌ ورجاء
حبُّها نعمةٌ لنا وَلدَيها / تتَساوى السرَّاءُ والضرّاء
كملاكٍ في الارضِ حلّت وجلّت / والمحيّا فيهِ السَّنى والسناء
فطيوبُ الحياةِ في شَفَتيها / ما لقلبٍ عن حبِّها استِغناء
فهو روضٌ من حبِّها وهي ماءٌ / وهو طيرٌ يحومُ وهي الهواء
جمَّةٌ في الحياةِ أدواءُ كلٍّ / ولكلِّ الأدواءِ منها دواء
هي مثلُ النسيمِ والماءِ لطفاً / وصفاءً وفي حِماها السماء
وجهُها عن أشعةِ الشمسِ يُغني / وسطَ مَغنىً فيهِ الظلامُ ضياء
عبد الأقدمونَ منها مثالاً / وبها قد تغزَّل الشعراء
ليستِ المرأةُ الضعيفة عندي / إنما نحن في الهوى الضعفاء
كم جَثَونا ذلّاً على قدميها / وبكينا وَجداً ولذَّ البكاء
في هواها يهونُ كلُّ عزيزٍ / ويذلُّ الملوكُ والأمراء
ويضلُّ الرهبانُ إن طرقتهم / في صلاةٍ ويجهلُ الحكماء
أيها المدَّعونَ بُغضَ نساءٍ / كم عليكم تسلّطت حسناء
فأقلُّوا من الملامِ وذلّوا / فلديهنَّ يضعفُ الأقوياء
هُنَّ أوفى في الحبِّ منكم وأقوى / لا تقولوا منهنَّ قلَّ الوفاء
وفسادُ النساءِ منكم فلولا / غدرُكم دامَ للجمالِ الحياء
أنصِفوا المرأة التي خُنتُموها / فهي في الخدرِ نجمةٌ زهراء
وهي سلطانةٌ تُدَبِّرُ مُلكاً / وهي ليلى في الشعرِ والخنساء
وهي أختٌ تحنُو وأمُّ تصلِّي / وهي زوجٌ من نسلِها الأنبياء