المجموع : 21
بارك اللَه في جُلوسك للمل
بارك اللَه في جُلوسك للمل / ك وَأَسنى إِلى أَخيك الجَزاءا
يا شَبيه الآباء حَزماً وَعَزماً / وإباء وَهَيبة وَبَهاءا
وَالرَجا فيك أَن تَزيد عَليهُم / بَعدَ أَن كُنت وَالمُعز سِواءا
حَسب الدست حينَ جئت إِلَيهِ / لِتليه بِأَن مزعل جاءا
وَلِذا باسمه دَعاك وَلَكن / رامَ خَيراً فَأَبدل الميم خاءا
فَتَهنّا بِه وِراثة آباء كِرا / م حَبوا بِها الأَبناءا
لَم تَنلها المُلوك إِلا إِذا ما / رامَت الأَرض أَن تَنال السَماءا
جَمع الدَهر لي سُروراً وَحُزناً / أَنسياني الهَنا لَكُم وَالرِثاءا
فَتمحضت لِلّذي هُوَ كَالسَي / ف بِيمنى الأمير أَعني الدُعاءا
ملكت فكرتي بكار المَعاني
ملكت فكرتي بكار المَعاني / وَإِلى الآن ما ملكت كِتابا
هب زمان الصبا استقل وَغابا
هب زمان الصبا استقل وَغابا / أَعلى المَرء سبَّة أَن تصابي
إِنَّ في القَلب أَريحية حبّ / لزمتني مِن يَوم كُنت شَبابا
شاب صَفو الوداد كُل خَليل / لي لَما رَأى قذالي شابا
عبن مني المشيب وَهوَ وَقار / لا تَرى المَرء في سِواه مهابا
إِن لَون البزاة يَنفر مِنهُ الر / ريم خَوفاً وَلَيسَ يَخشى الغَرابا
دَع كَثير الجَوى وَخلِّ الوَجيبا
دَع كَثير الجَوى وَخلِّ الوَجيبا / وَانتشق مِن نَسيب حَيدر طيبا
فَجَميل إِلى إلهنا أَن تَجيبا / نَفحات السُرور أَحيت حَبيبا
فَحبتنا مِن النَسيب نَصيبا /
باكرتنا بَشيرة بالتهاني / نسمات سرت مِن النعمان
أنعشت مِن ذوي الهَوى كُل فاني / وَأَعادَت لَنا صَريع الغَواني
يَستَرقُّ الغَرام وَالتَشبيبا /
أنشقتنا بِالخيف نشر رَبيع / يَشتَفي فيهِ كُل صَب وَجيع
وَحَمام الحِمى بِسجع بَديع / غادرتنا نجرُّ رجل خَليع
غَزل كَالصبا يَعد المشيبا /
حَبَّذا أَنسنا بِأَطيب أَرض / بَينَ آس زَهى وَنَرجس رَوض
حَيث عَين الزَمان مِن بَعد غَضِّ / نعمتنا بناعم القَد غَض
قَد كَساه الشَباب بَردا قَشيبا /
كَم نَشَرنا مطويَّ شَوق إِلَيه / فَثَنى عَن وَصالنا عارضيه
وَمُذ العَتب رَقَّ مِنا لَديه / زارَنا وَالنَسيم نمّ عَلَيه
فَكَأن النَسيم كانَ رَقيبا /
جاءَنا في الدُجى وَأَبدى المحيّا / فَحسبنا الشُموس ضاءَت عَشيّا
وَسَعى مِنهُ بَيننا بِالحميا / رَشأ عاطش الموشح ريا
إن بماء الصبا يَميس قَضيبا /
أخجل النيرين لما تَجلى / بِمحيا قَد راق حُسناً وَشَكلا
بَدر حسن لَم يَحكه البَدر كُلا / ما نَضى برقع المحاسن إِلّا
لَبس البَدر لِلحَياء الغُروبا /
صَبغت خدَّه الطلا فاستنارا / مِثلما أَوقدت يَد البَرق نارا
أَي وَخد بِوصفه الفكر حارا / لِو رَأَت نار وَجنَتيهِ النَصارى
عبدت كَالمَجوس مِنها اللَهيبا /
لا وَلا لِليَهود يُعرف سَبت / وَلنار المَجوس لَم يَبق بَيت
إن يَقل راهب لَها لا سَجدت /
أَولحاها قسسها لأَتت تو / قَد فيها ناقوسها وَالصَليبا
أَغيد يَعذب الهَوى بلقاه / شَهدة النَحل تَجتَني مِن لماه
بأَن عذري مَهما أَزد في هَواه / كَم لحاني العَذول ثُم رآه
فَغدا شَيّقا إِلَيهِ طروبا /
وَدَعى مَن يُحب تِلكَ الخُدودا / عاش في لذة الهَوى مَسعودا
فَتَولى صَبا وَزادَ وُقودا / جاءَني لائِماً فَعادَ حَسودا
ربّ داء سَرى فَأعدى الطَبيبا /
فاعد يا مُدير صَرف الحَميا / أَنت نَبهت لِلتَصابي وَعيّا
ذكر ريم قَد أَهلت كَثب رَيا /
يا نَديمي أطرَبت سَمعي بلميا / ء وَيا رَب زدتَني تَعذيبا
زنت خَلق السَما بِكَف خضيب / لَيسَ يَحمى عَن شاحط وَقَريب
وَإِنا لي أَن تُومي كَف حَبيب / لي فيها جَعلت أَلف رَقيب
وَلشهب السَما جَعلت رَقيبا /
ذات خَد يَزهو وَإِن لَم تَزنه / ذات وَرد تَحكي الشَقائق عَنه
ذات عَهد لشق لَم تَخنهُ / ذات قَد تَكاد تَقصف مِنهُ
نَسمات الدَلال غُصناً رَطيبا /
حُبُّ ذات الوِشاح خامر لبي / وَبِها قَد شجبت مِن دُون صحبي
يا نَديمي وَحُب لَمياء دَأبي / فَأعد ذكرها لِسَمعي وَقَلبي
كادَ شَوقاً لذكرها أَن يَذوبا /
كَم رَشفنا يَوم اللقا سَلسَبيلا / وَشَفينا بِالغانيات غَليلا
حَيث لا نَبتَغي بلميا بَديلا / كَفلا ناعِماً وَطَرفا كَحيلا
وَحشاً مخطفا وَكفّاً خَضيبا /
أَخجل الياسمين مايس قَدٍّ / مثمر لِلهَوى أَعاجيب وَرد
فكزهر الأَكمام بَهجة نَهد / وَكوشي الرِياض وَجَنة خَد
يَقطف اللَثم مِنهُ وَرداً عَجيبا /
كُلَّما همَّ عاشق بِجناه / أَرسل الصَدغ عَقرَبا فحماه
وَرد خَد طابَ الهَوى بِشَذاه / كُلَّما طلَّه الحَيا بِنداه
رش ماء فبلَّ فيهِ القُلوبا /
يا شَهيّ الرِضاب أَضنيت حالي / حينَ أَحرَمتَني نَعيم الوِصال
يا قَريباً لَولا اشتباك العَوالي / يا بَعيداً أثمرن مِنهُ أَعالي
غُصن القَدّ لي عَناقا قَريبا /
لم تَزل وَالظبا بِأَطيَب كَثب / مُستلذا مِن النَسيم بِعَذب
يا غَزالاً زَهى بِهِ كُل سرب / لَم تَزل تَألف الكَثيب وَقَلبي
يَتمنّى بِأَن يَكُون الكَثيبا /
صاحَ داعي هَواك وَالنَفس لَبَّت / وَلَظى الشَوق في الجَوانح شَبَّت
فَأَنا الصب كُلَّما الريح هَبَّت / أَو بَخديك عقرب الصدغ دَبت
بِفُؤادي لَها وَجدت دَبيبا /
قَد وَجَدت الهَوى قَليل المعاون / فَتخلصت يا بَديع المَحاسن
وَأَنا فيكَ لَستُ بِالمُتهاون / أَنتَ رَيحانة المشوق وَلَكن
جاءَنا ما يَفوق ريّاك طيبا /
ما تَرى الكَون يَزدَهي جانباه / وإمام الهُدى يرفّ لِواه
إِن تَكدر خَواطر لعداه / فَلَنا عَن محمد بشذاه
نَسمات الإقبال طابَت هَبوبا /
جاءَ يَعدو بَشيره فاستبقنا / لِفَتى مِنهُ بَرق قدس رمقنا
لفَّنا شَوقه فَلمّا اعتنقنا / نفحتنا أعطافه فانتشقنا
أرجا عطَّر الصِبا وَالجُنوبا /
رحب البَيت مُذ سَعى وَهُوَ حافي / وَاقتفته الأَملاك عِندَ الطَوافِ
وَهُوَ مُذ جاءَ فَوقَ بَدن خفاف / أَكثرت شَوقَها إِلَيهِ القَوافي
فَأَقلَّت لِلمَدح فيهِ النَسيبا /
علم الدين إِنكم حَيث كُنتُم / أَشرَف الخَلق سرتم أَم قطنتم
لم يَخف مهتدٍ بِما قَد سننتم / لحظات الإِله في الخَلق أَنتُم
وابن رَيب مِن رَدَّ ذا مستريبا /
كَم سَبقتُم إِلى العُلا وَرهنتم / وَانفردتم بقصبة الفَخر أَنتُم
خفَّ لِلصَيد جانِباً إن وَزنتم / وَمتى تنتظم قنا الفَخر كُنتُم
صَدرَها وَالكِرام كانوا كعوبا /
أَصبَح المَجد وَهُوَ داني الظلال / وَهمى في البِلاد غَيث النَوال
وَتَداعوا عَلى رِياض الكَمال / بَردت بِالهَنا ثُغور المَعالي
فَجَلى الابتسام مِنهُ الغُروبا /
شَبَّ دَهر مِن بَعد ما قَد تشيخ / وَبِطيب الإقبال زَهواً تضمخ
أَصبَح الكَون وَهُو يدعو بخٍ بخ / وَوُجوه الأَيام قَد أَصبَحَت تَخ
طب زَهواً وَكُنَّ قبل خطوبا /
فَغَدا الدين وَهُوَ باسم ثغرٍ / بِقدوم الهداة سادات فَهر
وَوُجوه الكِرام مِن كُل قُطرٍ / ضحكت بَهجة بِلامع بشر
لَم يَدع لِلتَقطيب فيهِ نَصيبا /
نَزلوا في حِمى الوصي فأَوحش / مَنزل كَم زَهى ببشرهم الهش
بشرهم شَمسنا إِذا الدَهر أغطش /
لَيت شعري أَكانَ للنجف الأَش / رف أَم لِلفَيحاء أَجلى شحوبا
زَهَت الأَرض وَالغياث أَتاها / وَالغريُّ اِزدَهى بقرة طَه
أَدرَكت فيهم المُلوك مُناها / فَتَعاطَت عَلى اِختِلاف هَواها
ضَربا هذه وَتلكَ ضَريبا /
ما دَعَوناك يا أَنيس التَوحش / لِمدام مِنها المَفاصل ترعش
فَبصفوٍ ما فيهِ شائِبة الغُش /
فِأَدر لي يا صاحِبي حلب البش / ر المصفى وَاترك لِغَيري الحَليبا
يا أَبا صالح وَفيك تَهنىَّ / قُبَّة الفَخر إذ لَها كُنت رُكنا
وَسعت كَفك الخَلائق مِنّا / أَيُّها القارم الَّذي تَتَمنى
كُل عَين رَأَته أَن لا يَغيبا /
لَم تَزل في الحِجاز كَهفاً وَظلا / فَجَبلا تَدني وَتؤوي جَبَلا
هَكَذا أَنتَ محرما أَو محلا / كُل فَج لَم تَرتَحل عَنهُ الا
وأقمت السَماح فيهِ خَطيبا /
لَكَ خيّم لَها الرَكائب تَأوي / كُل فَج يَروق فيها وَدوى
لَم يَطق جحد ما ادعيت عَدوي / قَد شَهدن الفجاج أَن بِتَقوي
ضك للجود في الفَلا تَطنيبا /
فَبِكَ الكَعبة انبرت تَتَباهى / إذ خَليل الرَحمان فيكَ بَناها
فَرحت فيكَ مُذ نَزلت حِماها / قَد بَذَلت القرى بِها وَسَقاها
بِكَ رَبُّ السَماء غَيثاً سَكوبا /
فَاهنأ اليَوم إِنَّما الأَمر أَمرك / يَفعل الدَهر ما يَشاء وَيَترك
كُل ملك كَالعبد حَولك يَبرك /
يا اِبن قَوم يَكاد يُمسكها الرك / ن كَما يَمسك الحَبيب حَبيبا
جئته وَالحَجيج خَلفك تَتَرى / فَغَدَت تَستَطيل مَكة فَخرا
يا كَريماً سَمى بِهِ البَيت قَدرا /
بِكَ باهى مَقام جَدك إِبرا / هيم لَما إِن قُمت فيهِ مُنيبا
جاوَبتك البِقاع غَرباً وَشَرقا / حينَ نادَيت رَبي لَبيكَ حَقا
لَو تَطيق التِلاع حَيَّتك شَوقا / وَلَو أَنَّ البِطاح تَملك نطقا
لَسمعت التَأهيل وَالتَرحيبا /
كادَ بَيت الخَليل شَوقاً يؤمك / حينَ أَهدى لَهُ شَذا الطَيب جسمك
وَالرُبوع التي بِها كان قَومك /
مِنكَ حيَّت عمر العلا ذَلِكَ المك / ثر للضيف زادَهُ وَالمَطيبا
يا بَهياً مِنهُ الشَمائل شاقَت / وَلَهُ طَلعة عَلى الشَمس فاقَت
كُل نَفس بِالبَيت نَحوَك تاقَت / وَارتها شَمائل لَكَ راقَت
إِن شَيخ البَطحاء قام مُهيبا /
أيقن الناس مِن هبات تَوالَت / عاد ذو الرحلَتين وَالأَرض سالَت
فَلذا مَكة سَمت وَاِستَطالَت / وَاستهلت طَير السَماء وَقالَت
مشبع الطَير جاءَ يَطوي السُهوبا /
أَنتَ فيها مِن شَيبة الحَمد أَولى / إِذ تَعديت فيهِ فَضلاً وَطُولا
وَلِهَذا مِن ذاكَ أَنشأ قَولا / إِن هَذا لَشيبة الحَمد أَولا
فابن من سادَها شَباباً وَشيبا /
رجع الدين مثل ما كانَ أوَّل / بابي صالح الإِمام المؤمل
فَكَأن الإِسلام لم يتبدل /
شَرَفاً يا بَني الإِمامة قَد أل / لَف مهديُّها عَليها القُلوبا
كَم دَعى الشرك ملة فَأَجابَت / وَعَلى دَكة القَضاء اِستَنابَت
خَسرت صَفقة العتاة وَخابَت / وَإِلَيهِ رِياسة الدين آبت
وَقصارى اِنتِظارها أَن تُؤوبا /
عَرفته الأَيام مُذ جَربته / ثاقب العَزم فَترة ما عَرته
جُودة الرَأي في الوَرى سَددته / كُلما عن مشكل حضرته
فكرة فيهِ أَطلعته الغُيوبا /
ذو جلاد عَلى الرَدى لَيسَ يَلوى / مِن خَطوب يَسيخ مِنهن رَضوى
أَفضل العالمين علماً وَتَقوى /
أَحزم العالمين رَأياً وَأَقوا / هُم عَلى العاجمين عوداً صَليبا
كُل سام لِشان وَلدك يَنحَط / وَهُم اليَوم قطب دائرة الخَط
ما اِستَنارَت شَمس عَلى مثلهم قَط /
يا أَبا الأَنجُم الزَواهر في الخَط / ب بِقَلب الحَسود أَبقوا ثقوبا
فَهُم لِلصَريخ أَبناء شَده / وَلقلب الضَعيف كنز وَعدَّه
كُل سَمح اليدين يَسعف وَفده /
حلف المَجد فيكَ لا يَلد الده / ر لَهُم في بَني المَعالي ضَريبا
زعماء الوَرى أَولو العقد وَالحل / وَبحور النَدى إِذا العام أَمحَل
وَبِهُم يَقطَع الخِطاب وَيفصل /
لَيتَ شعري هَل الصَوارم أَم ال / سنهم في الخِصام أَمضى غُروبا
لَو ت تَدلى إِلى قراهم اخوطيّ / لانثنى باهِتاً وَادرَكَهُ العي
لَيت شعري في الوَرى مثلهم حَي /
وَالغَوادي للعام أَضحك أَم أي / ديهم البيض إِن دجت تَقطيبا
أَنتَ حَقا أَورثَتهُم خَير فهم / صائب رَأيهم بظنّ وَوَهم
لا تَخف مِن آرائهم طَيش سَهم / إِن مِن عَن قسي رَأيك يَرمي
لجدير سهامه أَن تصيبا /
يا مَجداً قَد راحَ بِالقَفر يَنجو / إِن رَماه قَفر تَلَّقاه فَجُّ
فَزت إِن كُنت جَعفر الجُود تَرجو /
خَير ما اِستغزر الرَجا جَعفر الجُو / د وَناهيك أَن ترود وَهوبا
راحتاه حَوَت سَحائب عَشرا / لَم تَصلها البُحور صغرى وَكُبرى
أَي وَكفيهِ وَهِيَ بِالجُود أَحرى / لَو بصغرى البَنان ساجل بَحرا
لَأَرى البَحر أَن فيهِ نُضوبا /
وَقِرٌ وَالمَديح قَد يَستفزه / وَنَسيم الإِطراء دَوما يَهزه
شَيب في رقة الظَرافة عزه /
أَريحي أَرق طَبعاً مِن الزَه / ر المندى باكرته مستطيبا
أَنشأ الفكر في علاه اِمتِداحاً / فَثَنى التيه مِنهُ غُصناً رداحا
هُوَ طود رزانة وَرجاجا / عَجَباً هَزهُ المَديح اِرتِياحا
وَاهتِزاز الأَطواد كانَ عَجيبا /
هُوَ لِلجُود صالح لم يُساجل / وَجَميع الكَمال فيهِ تَكامل
هُوَ في مجلس الكِرام إِذا حَل /
أَطيب الناس مئزراً وَوراء ال / غَيب أَنقى عَلى العَفاف جُيوبا
تاجه يَستَنير مِن فَوق صَدغ / لَو رَأى الشَمس لَم تعاود لبزغ
يا نَديمي إِني دَعوتك فَاصغي / قُل لِمَن رامَ شَأوه أَينَ تَبغي
قَد تَعلقت ظَنَّك المَكذوبا /
كَم تَطيلون غَيَّكُم وَعماكم / فَإِلَيكُم عَن صالح وَوَراكم
أَو ما في الحسين ما قَد نَهاكُم / وَتَرمون نَيراً قَد سَماكُم
إِن تَطيلوا وَراءه التَقريبا /
كُلَهُم ذو مَآثر تَتَبلج / وَسَجايا مِن طيبها الكَون يَأرج
أَهل بَيت فيهِ الشدائد تُفرج /
سادة لِلعُلا يرشحها المج / د وَليداً وَناشِئاً وَرَبيبا
رَكبو أَغارب السُعود وَجدوا / وَنَحوَها لِغاية لا تُحدُّ
فَهُم حَيثما المَعالي تَود / سَمروا في قباب مَجد أَعدُّوا
حارسيها التَرغيب وَالتَرهيبا /
كَم أَشادوا بِوافر الجُود مَجداً / وَسِواهُم أَعطى فَتيلاً وَأكدى
لا تحيّ الَّذي عَن الوَفد صَدا / حَي بسّامة العَشي تَفدّى
بوجوه كَم قَد دَجَت تَقطيبا /
مِن رآها أرته شؤماً وَنحسا / وَاستردت مِن يَأمل الخَير نَكسا
شهن تِلكَ الوُجوه تَبّاً وَتَعسا / كَم دَعاها الرَجا فَأَنشد يأَسا
مِن سَجايا الطُلول أَن لا تُجيبا /
قَد أَضعنا في مَدحهم قُرطاسا / فَأَدر لي وَاهج الأَعاجم كاسا
كان وَسم المَديح فيهم غَريبا / لا عدا ميسم الهجاء أُناسا
فَكَسونا مِن التَشكي لِباسا /
أَنا عِندي مِن غَير حَظ تَعسف / وَالغِنى بِالجُدود لا بِالتَكَلف
كُل قَلب بِالمال يَقوى وَيَضعف /
صبغ اللَه أَوجه البيض وَالصف / ر بِحَظ الَّذي يَكون أَديبا
كَم لَئيم بِها تَنعم دَوماً / وَكَريم لَم يُلفِها الدَهر يَوما
نَحنُ لمنا لَو تَسمع الصفر لَوما / كَم أَعارت مَحاسن الدَهر قَوما
مَلأوا عَيبة الزَمان عُيوبا /
لا تَفيق الحُظوظ مِن طُول نَوم / فَجُفون الجفاة يَوماً بِيَوم
يا مجيلا خَيل المَديح لسوم / فَأَعدلي وَدَعهم ذكر قَوم
لَكَ مَهما نَشرته اِزدادَ طِيبا /
ما بَلغنا وَفاء صدق الإِخاء / بِثَناكُم يا عترة الأمناء
جئت في عذر مفلق الشعراء / عترة الوَحي ما أَقلَّ ثَنائي
إنَّ ظهر الإِنشاد لَيسَ رَكوبا /
لا وَإيمانَكُم وَحسن السَجايا / وَاكف عودتموها العَطايا
ما تلجلجت مُنشداً في البَرايا / بَل بصدر القَول ازدحمن مَزايا
كَيف ضيَّقنه وَكانَ رَحيبا /
بلَّ رَوض الكَمال وَبَل نَداكُم / وَاِزدَهى قَولَنا بِنُور عُلاكُم
جئتكم ناسِجاً لِبَرد ثَناكُم / فَبثوب الزَمان لَيسَ سِواكُم
فَالبسوه عَلى الدَوام قَشيبا /
يا مُنَى النَّفس أَنتَ بَهجة أَنس
يا مُنَى النَّفس أَنتَ بَهجة أَنس / لي في حالَتي حُضور وَغَيبه
لَو رَأى البَدر حسن وَجهك لَيلاً / عادَ مُستَخفياً ليستر عَيبه
صَدرك الرَحب يَشهد اللَه فيهِ / أَنَّهُ لِلنهى وعاء وَعَيبه
أَنا اَرجو الدنوَّ مِنكَ وَدهري / لَم يَزَل معقبا رَجائي خَيبه
فَهَنيئاً لَكَ المَقام بِأَرض / شَملتها مِن نُور جَدي هَيبه
فَعَلى أَحمَد التَحيات مِني / طَيبات ما دامَ مَأواه طَيبه
لِلمَها مِنكَ نَظرة وَالتفات
لِلمَها مِنكَ نَظرة وَالتفات / وَببدر السَماء مِنكَ سِمات
وَلو رَد الرِياض مِنكَ اِبتِهاج / رَسمته الخُدود وَالوَجنات
وَقدود الغُصون إِن هِيَ مالَت / فَهِيَ شَوقاً إِلَيك منعطفات
لَكَ نَفسي الفِداء يا حامل ال / كاس أَرقها فإِن كاسي اللثات
حمل القَلب مِنكَ عَبأ ثَقيلا / يا خَفيفا خَفت بِهِ الحَرَكات
مِن عَذيري بِهِ رَخيم دَلال / فَتنتَني أَلحاظه الفاتِرات
وَنبات العذار زاد وُلوعي / وَمِن الجَهل أَن يعاف النَبات
عَكست خَده الطلا فاستنارَت / مِثلَما تَعكس الشُموس المراة
غنج اللحظ اتلع الجَيد يَحلو / مِنهُ دل وَغَمزة والتفات
ما أحيلاه وَالأ كاويب تجلى / بَيننا إذ نقول هاكُم وَهاتُوا
وَبخديه غض وَرد نَضير / قَطفته الشِفاه لا الراحات
دبَّ في خَده العذار فَزا / دَتني ملاما عَلى هَواه اللحات
لَيت شعري وَللندامى اجتِماع / في رِياض تَجلى بِها الكاسات
اشموس تَطلعت أم سقاة / وَرحيق في الكاس أَم وَجنات
قَد نعمنا بِها بأطيب عَيش / غاب حساده وَولّى الوشاة
عَميت أَعين الكَواشح عَنا / لَيسَ يَدرون أَين بِتنا وَباتوا
يا مبيتا بِهِ الصبا نَفحتنا / فَحمدنا الصبا وَطابَ البيات
وَعَلى غَفلة الرَقيب نعمنا / بِفَتاة تغار مِنها المهاة
فَإِذا طرفها رَنى فَهُوَ ريم / وَإِذ عَطفها اِنثَنى فقَناة
طرقتنا وَهنا وَقالت رضابي / لِقَتيل الغَرام فيهِ حياة
فَسقتنا مِن ريقها فَأَرتنا / كَيف تحيى العِظام وَهِيَ رفات
وَشربنا مِن العَقيق مذابا / فَهنيئاً للشارب الرشفات
وَانتشينا مِن خَمرة بلماها / فَسكرنا بِها وَنَحنُ صِحات
وَعجبنا من ثَغرِها كَيفَ فيهِ / يُوجد الدر وَهُوَ عَذب فُرات
هَذِهِ خمرة المحبين لاما / عتقتها بِدنّها الحانات
نُورَها قبلة المحبين طرا / وَبتذكارها تلج الحداة
يا نداماي لِلرِياض هلموا / وَإِلى الراح فَاِنهَضوا يا سقاة
فُرصة لِلشَباب فَاِنتَهَزوها / في زَمان أَعوامه ساعات
بادروا لذة الغَرام فللتأ / خير عَن كُلِّ لذة آفات
برضاب عَذب المَذاق وَلَكن / قَد حمته مِن الجُفون الرماة
لا نَخاف السُيوف إِلا إِذا ما / مِن سُيوف الظِبا تسل الظُباة
خَلياني إن الصَبابة ديني / وَعَلَيهِ المَحيا وَفيهِ الممات
ما أُبالي إذا ثقلن ذُنوبي / وَاستخفت بوزنها الحَسنَات
إِن حب الحسين شبل علي / فيهِ تَمحي الذُنوب وَالسَيئات
مِن بَني جَعفر الكِرام أَباة الض / ضَيم إِن عُدِّد الكِرام الأباة
علماء أيمة حكماء / سادة قادة أباة هداة
عرف الدين منهُم وَاليهم / خَبر العلم أَسندته الرواة
مَن يُشاهد كَشف الغِطاء عَيانا / لَم يُشكك بِأَنَّهُ آيات
وَبأنوارها استنارَت سراة ال / علم إِن ضل الطَريق السراة
لا تَقس غَيرهم بِهُم فلعمر ال / مَجد بالذر لا تُقاس الحصاة
لَهُم المَجد حبوة وَهومما / وَرثته الآباء وَالأُمَهات
رشحتهم لَهُ الأُسود الضَواري / وَسَقتهم لبانه اللبوات
لَهُم المَجد طارِفاً وَتَليدا / وَسِواهُم لا تَعرف المُكرمات
بَيتُهُم كَعبة لِكُل قَبيل / وَإِلَيها حَج الوَرى وَالصَلاة
وَورثنا من جعفر إرث أبنا / ه وَمثل البَنين تَحظى البَنات
إِن مَدحي للسيد ابن حسين
إِن مَدحي للسيد ابن حسين / حَسنات تَمحي بِها السَيئات
حسن أَهديت لَهُ بنت خدر / قارنتها السعود وَالبرَكات
فاقره يا نسيم عني التَهاني / فَرَسول المتيم النَسمات
فَرح اليَوم سَيد الرُسل طَه / بِزَفاف سُرَّت بِهِ السادات
شرفاء أَعزَّة كرماء / سادةٌ قادة هُداة وُلاة
بَيتُهُم في الكَمال بَيت قَديم / عَرف المَجد مِنهُ وَالمكرمات
لَيسَ تَلجا العفاة إِلّا إليهم / أَن تَوالت سنينها الممحلات
فَلَهم تخدم المَلائك قدما / وَعليهم تَنزل الآيات
عرف الجُود مِنهُم وإليهم / خَبر البَذل أسندته الرواة
كَفلت رزقهم حُدود المَواضي / وَالأذلاء رزقها الصدقات
نار أسيافهم هِيَ المحرقات / وَأَياديهم هِيَ المورِقات
هِيَ فرع الزيتونة المتجلي / بِسناها المصباح وَالمَشكاة
كَم يَحلون مشكلا لِلبَرايا / وَأبوهم حُلّت بِهِ المُشكِلات
وَإِذا جمَّع القَبائل يَوماً / وَتصدت لرهنها الحلبات
فَهم آخر المغيرين لَكن / أَولا ما تَراهم القَصَبات
أَريحيون خفة الطَبع مِنهُم / بِقُلوب حلومها مثقلات
بذلهم يَسبق السؤال سماحاً / وَالجراحات عندَهُم نَغمات
أَيُّها السادة أَقبَلوا بِنت فكر / بِهَواكُم خَفت بِها النَشوات
مِن بِلاد الغريّ شَوقاً أَتَتكُم / تَعجل الخَطوَ وَهِيَ بكر فَتاة
سادة نَحنُ وَالأَنام عَبيد
سادة نَحنُ وَالأَنام عَبيد / وَلنا طارف العُلى وَالتَّليد
فَبإيماننا اِهتَدى الناس طرّاً / وَبِأَيماننا اِستَقام الوُجود
وَأَبونا محمد سَيد الكلْ / ل وَأَجدر بِولده أَن يَسودوا
ما عشقنا غَير الوَغى وَهِيَ تَدري / أنَّها سلوة لَنا لا الخود
تَتَفانى شَبابنا بِلُقاها / وَعَلَيها يَشبُّ مِنّا الوَليد
لَو تَرانا في الحَرب نَلتَفُّ بِالس / سمر عِناقاً كَأَنَّهن قُدود
وَإِذا فرَّت المَلاحم قُلنا / يا مُنى النَفس طالَ مِنكَ الصُدود
تحشر الخَيل كَالوُحوش وَلَكن / خَلفَها الطَير سائق وَشَهيد
كَيفَ لا تَقفها الطُيور وَفيها / كُل يَوم لَهُن نَحر وَعيد
ترجف الأَرض بِالجُيوش إِذا ما / طَلعت تَردف الجُنود جُنود
كُل مَلمومة إِذا ما ارجحنت / جللتها بَوارق وَرعود
غرر في خُيولها واضِحات / كَنُجوم يَلوح فيها السعود
وَلنا في الطفوف أَعظَم يَوم / هوَ لِلحَشر ذكره مَشهود
يَوم وافى الحسين يرشد قَوما / مِن بَني حَرب لَيسَ فيهُم رَشيد
خاف أَن يَنقضوا بِناء رَسول الل / له في الدين وَهُوَ غضٌّ جَديد
وَأَبى اللَه أَن يُحكَّم في الخَل / ق طَليق مستعبد وَطَريد
كَيفَ يَرضى بِأَن يَرى العَدل بادي الن / نقص وَالجائر المضلُّ يَزيد
فَغدا السبط يُوقظ الناس للرش / د وَهم في كرى الضَلال رقود
وَلَقد كذبته أَبناء حَرب / مِثلَما كذَّب المَسيح اليَهود
فَدعا آله الكِرام إِلى الحَر / ب فَهَبوا كَما تَهبُّ الأُسود
علويون وَالشَجاعة فيهُم / وَرثتها آباؤهم وَالجُدود
لَم يَهابوا جَمع العِدى يَوم صالوا / وَإِن استنزروا وقلّ العَديد
أَفرغوهن كالسَبائك بيضا / ضافيات ضيّقن مِنها الزرود
مَلأتها الأَعطاف عرضاً وَطُولاً / فَكَأن صاغَها لَهُم داود
وَأَقاموا قِيامة الحَرب حَتى / حَسب الحاضرون جاء الوَعيد
يَشرعون الرِماح وَهِيَ ظَوام / ما لَها في سِوى الصُدور وُرود
وَظباهم بيض الخُدود وَلَكن / زانَها مِن دَم الطَلا تَوريد
ما نَضوها بيض المَضارب إِلّا / صبغوها بِما حَباها الوَريد
كَم يَنابيع مِن دَم فَجَّروها / فَاِرتَوى عاطش وَأورق عُود
قَضب فلَّت الحَديد وَعادَت / جددا ما فُللن مِنها الحُدود
لَستُ أَدري مِن أَين صيغ شباها / أَكَذا يَقطَع الحَديدَ الحَديد
مَوقف مِنهُ رُجَّت الأَرض رَجّاً / وَالجِبال اضطربنَ فَهِيَ تَميد
وَسَكنَّ الرِياح خَوفاً وَلَولا / نَفس الخَيل ما خَفَقنَ البُنود
فَرُكود الأَحلام فيهن طَيش / وَعُروق الحَياة فيها رُكود
لاخبت مرهفات آل علي / فَهِيَ النار وَالأَعادي وُقود
عَقدوا بَينها وَبَينَ المَنايا / وَدَعوا ههنا تُوفَّى العقود
مَلأوا بِالعِدى جَهَنم حَتّى / قَنعت ما تَقول هَل لي مَزيد
وَمُذ اللَه جلَّ نادى هلموا / وَهُم المُسرِعون مَهما نُودوا
نَزَلوا عن خُيولهم لِلمَنايا / وَقصارى هَذا النُزول صُعود
فَقَضوا وَالصُدور مِنهُم تَلظى / بِضرام وَما أُبيح الوُرود
سَلَبوهم برودهم وَعَلَيهُم / يَوم ماتوا مِن الحفاظ بُرود
تَرَكُوهم عَلى الصَعيد ثَلاثاً / يا بِنَفسي مِن ذا يقلُّ الصَعيد
فَوقَهُ لَو دَرى هَياكل قُدس / هُوَ لِلحَشر فيهُم مَحسود
تَربة تَعكف المَلائك فيها / فَركوع لَهُم بِها وَسُجود
وَعَلى العيس مِن بَنات عليّ / نوّح كل لَفظِها تَعديد
سَلبتها أَيدي الجفاة حلاها / فَخَلا معصم وَعُطِّل جيد
وَعَلَيها السِياط لَما تلوَّت / خلفتها أَساور وَعُقود
وَوراها كَم غرّد الرَكب حدوا / لِلثَرى فوك أَيُّها الغرّيد
أَتجدّ السَرى وَهنَ نِساء / لَيسَ يَدرينَ ما السَرى وَالبيد
أَسعدتها النيب الفَواقد لَمّا / نُحن وَجداً وللشجي تَرديد
عَجَباً لَم تَلن قُلوب الأَعادي / لِحَنين يَلين مِنهُ الحَديد
وَقَسوا حَيث لَم يَعضوا بنانا / لِعَليل عَضت عَلَيهِ القُيود
وَلَهُ حنَّة الفَصيل وَلَكن / هَيَّمته أمية لا ثَمُود
يَنظر الرُوس حَوله زاهِرات / تَتَثنى بِها الرِماح الميد
وَإِذا ما رَفَعن في جنح لَيل / فَقَد إِنشَقَ لِلصَباح عَمود
فَدَعى أَرؤس الكِرام بِصَوت / مِن شَجاه تَفطر الجَلمود
يا كِرام الجُدود رُمتم مَراماً / في البَرايا لَو ساعدته الجُدود
أَنهضتكم حمية الدين لَما / نَشر الشُرك وَاِنطَوى التَوحيد
فَانتثرتم كَما اِنتَثَرن دراري ال / عقد شَتى وَالكُل مِنكُم فَريد
ما أَحيلى زَماننا يَوم كُنا / بِحِماكُم لَيتَ الزَمان يَعود
كَيفَ مَرّت تِلكَ اللييلات بيضا / ثُمَ عادَت أَيامُنا وَهِيَ سُود
لَيتَ شعري وَلِلرَدى وَثَبات / بَينَ أَهلي يَشيب مِنها الوَليد
هَل عَميد بَعد الحسين لِفهر / ما لِفهر بَعدَ الحسين عَميد
فَلَكِ السهد بَعده يا عُيوني / وَاقنعي أنّ حَظك التَسهيد
سر عَلى الرُشد آمنا كُل مَيل
سر عَلى الرُشد آمنا كُل مَيل / بِفلاً لَم تَجب بِعيس وَخيل
خُذ عَلى الجدي ناكِباً عَن سهيل / أَيُّها الراكب المَجد بليل
فَوق وَجناء مِن بَنات العيد /
جسرة شفَّها مِن الوَجد ماشف / فَاِستَطارت مثل الظَليم إِذا زف
أنعلت بالقتاد وَهيَ بِلا خف / قَدّ أَخفافها السرى طُول ماتف
لي بإِخفافها نَواصي البيد /
من رآها بالدو ردّد فكرا / أفبرق سَرى أَم الطَيف مرّا
تَرتمي تارة وَتعصف أُخرى /
فَهِيَ كَالسَهم أمكنته يَد الرا / مي أَو الريح هبَّ بَعد رُكود
قَد دَعاها مِن الصَبابة داع / فَمشت عَن زرود لا عَن وَداع
وَهِيَ مُذ أَزمَعَت لِخَير بِقاع / لَم يَعقها جذب البَرى عَن زماع
لا وَلا الشيح مِن ثَنايا زرود /
همُّها قصدها فَلم تَكُ تَعلم / أَتجلي صُبح أَم اللَيل أَظلم
أَيّ كَوماء مِن كَرائم شدقم /
تَتَرامى ما بَين أَكثبة الرم / ل تَرامي الصَلال بَينَ النُجود
يَممت للعراق في عصفات / كَم أَحالت مِنها جَميل صِفات
لا تَراها سِوى عِظام رفات / تَرتَمي كالقسي منعطفات
أَو كشطن مِن الطَوي البَعيد /
وَإِذا فيكَ جانب الكَرخ جاءَت / نلت ما شئت مِن مناك وَشاءَت
خُذ بِها حَيث لَمعة القُدس ضاءَت / لا تَقم صَدرَها إِذا ما تَراءَت
نار مُوسى مِن فَوق طور الوُجود /
تِلكَ أَنوار رَحمة حسبتها / نَفس مُوسى ناراً وَما اقتبستها
أَي نار يَد الهُدى شَعشعتها / تِلكَ نار الكَليم قَد آنستها
نَفسه حينَ بِالنبوة نُودي /
أبصر الناس لَيسَ كَالنار نعتا / بَهَت القَلب بِالتشعشع بهتا
أَحدقت فيهِ مِن جَوانب شَتى / وَتجلَّت فَأَبهَت حَتّى
صَعقا خرّ فَوق وَجه الصَعيد /
إن يُشارق سراك واديه فاحبس / وَبطهر الولاء قَلبك فاغمس
وَاخلع النعل فَهوُ واد مقدس /
وَترجل فذاكَ مزدحم الرس / ل وَهم بَينَ ركع وَسُجود
ذاكَ بَيت جبريل مِن طائفيه / وَكِرام الأَملاك مِن عاكفيه
وَيَحق العكوف مِن عارفيه / كَيفَ لا تَعكف المَلائك فيه
وَبِهِ كَنز علة المَوجود /
لا تَزال الإِسلام تَلجأ فيهِ / إِن باب الحاجات مِن قاطنيه
صاحب اسم سام وَجاه وَجيه / وَهِيَ لَولاه لَم تَرد وَأَبيه
صفو عَذب مِن سلسل التَوحيد /
هُوَ نُور الجَلال مِن غَير لَبس / سَيد الخافقين جنّ وَإنس
حدّ مَعنى الهَدى بطرد وَعكس / ملك قائم عَلى كُل نَفس
بهدى المهتدي وكفر العَنيد /
لا تخصص بِهِ مَكاناً وَوقتا / هُوَ ملئ الجهات أَنّي التَفتا
يمنة يسرة وَفوقا وَتَحتا / آية تملأ العَوالم حَتّى
جاوَزت بِالصُعود قَوس الصُعود /
جعفر عِندَه عُهود نبوه / قُل لِمُوسى خُذ الكِتاب بِقُوه
فَحَباه السرّ الخَفي المموَّه /
لَم يَحطه وَهم وَهَل يَرتَقي الوه / م لِأَدنى طرافه المَمدود
هُوَ عَن رَبه معبّر صدق / ذو عروج بِلا التئام وَخرق
لا تَرم حده بممكن نَطق / من تعرى عَمَن سِواه بسبق
كَنه مَعناه جلَّ عَن تَحديد /
كاظم الغَيظ منبع الفيض أَمسى / لطفه يَملأ العَوالم قدسا
قف علَى رمسه وَيا طاب رَمسا / حيَّ مِن مَطلع الإِمامة شَمسا
هِيَ عَين القَذى لِعَين الحَسود /
تَربة ما السَما وَلا نَيّراها / بالغات لدون أَدنى ذراها
شرف الكاظمين لما كَساها / بَهج الكائِنات لمع سَناها
وَلقلب الجحود ذات الوُقود /
أَيُّها المُشتَكي مِن الدَهر ضرّا / وَمِن الذَنب قَد تَحمل وَزرا
زُر لِمُوسى وَلِلجَاد مَقَراً / وَاِنتَشق مِن ثَرى النُبوة عُطرا
نَشرَه ضاعَ في جِنان الخُلود /
إِن تَقبل ثَراه حال سُجود / خلت أَطيابه مجامر عُود
نل بِباب المُراد أَعلى سُعود / وَالتَثم لِلجَواد كَعبة جُود
تَعتَصم عِندَهُ بِرُكن شَديد /
ربعه كَعبة وَيا طاب ربعا / مَوقف فيهِ لِلحَجيج وَمَسعى
هُوَ لَيث الجلاد أَن يَلق جَمعا /
هُوَ غَيث البِلاد إِن قطَّب العا / م وَغَوث للخائف المَطرود
كان نُوراً في العَرش زاه يَلوح / حَيث لَيسَت بِجسم آدم رُوح
وَبِهِ أنعش الرفات المَسيح / هُوَ سر الإِله لَولاه نوح
فلكه ما اِستَقر فَوقَ الجُودي /
آية لَم يَصل لَها الفكر كنها / مثل رُوح الإِنسان إِن لَم يَكنها
جَنَّة خابَ مِن لَوى الجيد عَنها / جُنَّة أتقن المهيمن مِنها
محكم السَرد لا يَدا داود /
مَن تَوقى الآثام فيها كُفيها / فَهُوَ لَم يَخشَ زَلة يتّقيها
درع أَمن يَقي الَّذي يَرتَديها / لا تُبالي إِذا تَحرّزت فيها
برقيب مِن زلة أَو عَتيد /
أَنا وَاللَه مُهتدي بِهداكم / سنتي حبكم وَرفض عداكم
لَيسَ لي مسكة بِغَير ولاكم / يا أَميريّ لا أَرى لي سِواكُم
آمرا ماسكا بحبل وَريدي /
فيكُم آية التَباهل نصُّ / وَلَكُم آية السؤال تَخص
لي عَلى حُبكُم بَني الوَحي حرص /
أَنتُم عصمَتي إِذا نُفِخَ الص / ور وَأمني مِن هَول يَوم الوَعيدِ
حبكم مضغتي تُشير إِلَيهِ / إِن سرّ الفَتى عَلى أَبويه
لَستُ أَخشى غَداً ضَلالة تيه / قَد تَغذَّيت حبكم وَعَليه
شد عَظمي وَأبيضَّ بِالرَأس فُودي /
مالك النار لَم يَجد لي طَريقاً / حَيث أَعددت حُبكم لي رَفيقا
قَد شَربت الوَلاء كَأساً رَحيقا / كَيفَ أَخشى مِن الجَحيم حَريقا
وَبِماء الوَلاء أَورق عُودي /
لَكَ أَهدي السَلام يا خَبر خلّ
لَكَ أَهدي السَلام يا خَبر خلّ / فازَ في طارف العُلا وَالتَليد
لَيسَ بِدعا إِذا لَبست المَعالي / أَنتَ أَولى الوَرى بِتلك البُرود
هِيَ مِن متعب أَتَت لَك إرثا / وَهُوَ قَد نالَها بإرث الجُدود
نسب كانَ كَاليمانيِّ وَمضا / وَالرَديني بِأَطراد العُقود
يفرح الدست كُل ما قال قائل / عَبد العَزيز بن متعب بن رشيد
ما حلت لي مَجالس لَست فيها
ما حلت لي مَجالس لَست فيها / كَيفَ تَحلو وَأَنتَ عَنها بَعيد
إِن دَعوني أَهل الغَريّ إِليهُم / قُلت يا قَوم لَيسَ فيكُم رَشيد
أَقبلت وَقت رَقدة الحراس
أَقبلت وَقت رَقدة الحراس / بالرحيقين ريقها وَالكاس
وَلخوفي بان تراها عُيون الن / ناس عوذتها برب الناس
طفلة تألف البُيوت وَلَكن / إِن لَوَت جيدها فعفر كناس
ضحكت حين سلمت فأَرَتني / برد الطل أَو حباب الكاس
كسرت جفنها حياء فَخلنا / إِن في عَينها بَقايا نعاس
وَأَدارت عَلى السَوالف صدغا / مِثلما لفّع الأَقاح بآس
طربت حينَ رَق عَتبي لَدَيها / وَتَثنت بقدها المياس
وَحَسوت اللمى فذقت برودا / لَيسَ يَبقي عَلى غَليل الحاسي
وَعَهدت اللمى كَساكب كاس / فَهوَ لا يَستَحيل بِالانعكاس
فَوقت حاجباً وَعَيناً فَحتفي / بَينَ تِلكَ السِهام وَالأَقواس
وَاصَلَتني مِن بَعد يَأسيَ مِنها / ما الَّذ الوصال بَعد الياس
فَأَضاءَت مَرابِعي حينَ أَبدَت / غرة في الجَمال كَالنبراس
وَبِقَلبي من عَذلِ مَن لام فيها / وَهُو َخلو الحَشا كَحز المواسي
هوَ في رُؤية الكَواعب مثلي / غَير أني قاسيت مالا يُقاسي
فَبأي الحَواس أَصبو إِلَيهِ / وَالهَوى آخذ بِخَمس حَواسي
كُل جَرح لَهُ أَساة وَلَكن / ما لجرح الهَوى بِقَلبي آسي
لا أَرى غَير حُبَها وَاعتِقادي / قول مَن لامَني مِن الوَسواس
وَأَسياني عَلى الغَرام بلميا / يا خَليليَّ وَالخَليل المواسي
أَو بَأس بحبها لا وَرَبي / لا أَرى في هَوى المَها مِن باس
لَم نَزَل نَهبط الرؤوس إِلَيها / وَنَرى العز في هُبوط الراس
فَأَغد يا رَسولها القَول لَكن / أَنتَ نَبهت ذاكِراً غَير ناسي
غنّ لي باسمها لِيَأنس قَلبي / إِن في الحُب لَذة استيناس
شبَّ حَرباً بجسك العُود وَاعلم / إِن حَرب البَسوس مِن جسّاس
أَنتَ منك التَرديد في وَتر ال / عود وَمني التَرديد في أَنفاسي
وأجل في مغامر الأُنس شعري / رب شعر يجال كَالأَفراس
إِنَّ عرس ابن كائم بَهناه / بَعث البشر في جَميع الناس
فَرحة أَصبَح المبشر فيها / مِن أُناس يَهدي بِها لا ناس
إِن دار العُلى بكاظم أَضحَت / تَضع الفرقدين تَحتَ الأَساس
هوَ لَيث يَحوط خيس المَعالي / وَكَذا اللَيث حائط الأخياس
عربي لَهُ فَصاحة سحبان / ذكي لَهُ ذَكاء إياس
أثكل الدولتين في شعراها / وَهم في القريض أَهل مراس
مَدحه في بَني النُبوة لا / بِالعبشميين أَو بني العباس
كَم لَهُ في مَديحهم بنت فكر / حليت مِن بَديعها بِالجناس
هوَ شَخص سَما بِنَوع كَمال / فَأَرى الصنف عاليَ الأجناس
وَأَرى جَلبي القَريض إِلَيهِ / مثل جَلب الإِماء لِلنخاس
تَتَمنى مَنابر الذكر أَن لا / يَرتَقي غَيره عَلى الجلاس
لا تَقسه بالناس وَالفرق باد / عَدم الفرق مِن شُروط القِياس
إِن من قاسه بِشخص سِواه / مثل مَن قاسَ عسجداً بِنحاس
طبعه رقَّ كَالنَسيم وَلَكن / أين من حلمه الجبال الرَواسي
لَم يَزَل مالئ الجفان فَلا غر / و إِذا بات فارغ الأَكياس
منفق لَو كُنوز قارون يَحوي / ما تَخطى عَن خطة الإِفلاس
سرت العيس بالدمى تغليسا
سرت العيس بالدمى تغليسا / حي تِلكَ الدُمى وَحي العيسا
مائلات الرقاب يَمشين هَونا / موقرات أَهلة وَشُموسا
يَتدافعن في هَوادج تَزهو / بِالتصاوير تَشبه الطاووسا
مثقلات قَد خففت وَطأها ال / أرض فمرت وَما سَمعنا حَسيسا
كُل صرح يَضم بيضة خدر / مثلما ضمَّ عرشُها بلقيسا
لَو يَرودون حَيث سحَّت دُموعي / لأَحبوا بعشبها تَعريسا
بَينهم فتنة المشوق لَميس / لارمت اسهم البعاد لميسا
كَم حَبتني كدر فيها خطابا / وَجلت لي كوجنَتيها كُؤوسا
قابلت خدَها الطلا فَأَرَتني / كُل مثل بمثله معكوسا
إِن تَشوَقت للطلا وَإليها / شمت نورين خمرة وَعروسا
أبصرتَني كعازر مِن هَواها / فَأَمدّت علي راحة عيسى
وَدَعتني أَخيَّ دلّاً وَلَكن / أَنا في لثمِها اتبعت المَجوسا
وَبجرس الحلي قَد غادَرتَني / أَتَمنى أَن أَسمَع الناقوسا
أَنا سلم الَّتي سَنا وَجنَتيها / بَينَ أَهل الغَرام يَحمي الوَطيسا
فَاكهتنا وَهِيَ البشوش وَلَكن / سعرت حربنا فكانَت بسوسا
جرحتنا بطرفها وَشممنا الط / طيب مِنها فجرحنا لَيسَ يوسي
وَشَكَونا وَخز الرِماح العَوالي / مُذ دَعاها دلالها أَن تَميسا
وَحَنَت قَوس حاجب فَنهضنا / نَتشَكى الحنوَّ وَالتَقويسا
وَرجفنا مِن ثَغرِها مُذ أَرانا / جَوهر البَرق بارِزاً مَحسوسا
لَكَ أَفدي الشَقيق يا وَجنة ال / خَد وَنعمان وابنه قابوسا
صبغة اللَه عندمتك وَلَكن / وَرست كُل عاشق تَوريسا
حرست خَدَها عقارب صدغ / يا سقى الطل وَرده المَحروسا
فَتنت كُل ناسك وَأَعانَت / بِتصانيف خدعها ابليسا
سَعد دَعني مِن الهَوى إِن قَلبي / كانَ طَوع المَها وَصارَ شموسا
ضلة يا نَديم تذكارنا ال / بيض وَقَد عمَّم البَياض الرُوسا
قَد لَقينا وَصل المَها وَجفاها / وَعَرَفنا نَعيمها وَالبوسا
فَاتبعني للانس في بَيت مَجد / دامَ بِاللَه عامراً مَأنوسا
لِنَزور العَباس في رَوضة الأُن / س وَنَقضي فَرض التَهاني جُلوسا
فرح دائم وَساعة يمن / سَعدَها المستهل يَمحو النحوسا
قَد لَقينا بِها نَعيماً مُقيما / وَلَقى ضدنا عَذاباً بَئيسا
بِهَنا المُرتَضى اصطبحنا فملنا / كَالنشاوى إِذ عاقروا الخَندريسا
قَد نظمنا بِهِ عُقود قَريض / وَرَصفنا التَرصيع وَالتَجنيسا
أَيّ عُرس بِهِ اللَيالي أرتنا / وَجهها ضاحِكاً وَكانَ عَبوسا
قُل زَليخا أَتَت لِيُوسف تَسعى / أَو سليمان قَد أَتى بلقيسا
نجل بَحر لجعفر الفَضل ينمى / نجتني العلم مِنهُ درّاً نَفيسا
لا تَقس علم جَعفر بِسواه / قَد نَهى شَرع جعفر أَن تَقيسا
معشر في النَوال سحوا غيوثا / وَبِأُفق الكَمال شَعوا شُموسا
يا رَئيسي دين النبي وَكُل / مِنكُما يفضل ابن سينا الرَئيسا
وَحكيمي رياضة غبرا في / وَجه بقراطها وَجالينوسا
رضتما الأَنفُس الطَواهر خَوف الل / ه لا خدعة وَلا تَدليسا
وَتوازرتما عَلى نصرة الد / ين كَهارون حينَ وازر موسى
فيكما اليَوم نثلب الجبت وَالطا / غوت وَالجاثليق وَالقسيسا
جعفريون تجلسون مُلوكا / وَتسرون بِالخِطاب الجَليسا
تَنزل الناس كَالوفود عَلَيكُم / يمترون التعليم وَالتَدريسا
وَيصفون كَالجُيوش صُفوفاً / فَتعبونها خَميساَ خَميسا
وَلَكُم تَهبط المَلائك لَيلاً / يَرفعون التَسبيح وَالتَقديسا
أسس الدين جعفر فنهضتم / تستجدون ذَلِكَ التَأسيسا
وَكَشَفتُم لنا الغِطاء فَشمنا / مِنهُ نُور الفَقاهة المَأنوسا
وَاعدتم معالم الدين تَزهو / في رِياض الهُدى وَكانَت دُروسا
أَنتُم الأَسد وَالشَريعة خَيس / وَالأُسود الوراد تَحمي الخيسا
تَأنس الناس بِالمَلاهي وَأَنتُم / ما رَضيتُم سِوى الكِتاب أَنيسا
فَوانعامكم عَلى الناس طرا / لِأرى هذهِ يَمينا غَموسا
إنكم أصبح الأَنام وُجوهاً / بَل وَأَعلى قَدرا وَأَزكى نُفوسا
قَد مَحَوتُم لَنا ذُنوب زَمان / نَحن في عدها صبغنا الطُروسا
جبر اللَه قَلب كُل أَديب / لَم يَزَل يَحمل العَنا وَالبُوسا
لَو أَتى البَحر وَهُوَ طام لِيَروي / مِنهُ أَظماءه لعاد يَبيسا
لَم يَفده الهيام في كُل واد / إِن يَكُن عَنهُ رزقه مَحبوسا
وَأَمض الجُروح أَن رَئيسا / من ذوي الفضل يَمدح المرؤوسا
لا أَراني الإِله أَمدح قَوماً / كانَ عَيش العَفيف فيهم خَسيسا
أَهل حرص قَد كَسَروا الفلس جم / عين وَصاغوه أَفلَسا وَفُلوسا
لي لِسان كَالصل لَم يَقرب النا / س بِسُوء إِلا إِذا ماديسا
كَم لَديغ بِهِ يحوقل راقيه / فَما كانَ برؤه مَأيوسا
كم كَريم أَركبته غارب ال / فَخر وَنذل أَنزلته مَنكوسا
بِالثَنا تارة أَعلّي رُؤوسا / وَالهجا تارة أَنكس رُوسا
فَاقبلوا مِن نتايج الفكر بكرا / أَنا أَهديتها إِليكُم عروسا
رفلت نَحوَكُم بِثَوب ثَناء / لَم تمزق مِنهُ اللَيالي لَبوسا
خل عَينيك تَهملان الدُموعا
خل عَينيك تَهملان الدُموعا / فَالأَحباء أَزمَعوا تَوديعا
كَيفَ يرجى مِنكَ السلو إِذا ما / شَتت الدَهر شَملك المَجموعا
تَرَكوا فَسحة الغوير وَأمّوا / شعب نعمان يَطلبون الرَبيعا
ما يَريدون بِالغيوث إِذا ما / فَجَّرت مُقلَتي لَهُم يَنبوعا
عَرّفوني نَزع المَنية لَمّا / لَم تدع زفرَتي علي ضُلوعا
وَتنفست فَاِشتَكى القَلب لَما / أَلبَسوا العيس أَرحلاً وَنسوعا
لَست أَصغي إِلى حمام أَراك / تابعت فيه لَحنها المجوعا
فَنواح الحمام للصب عندي / رقية لَيسَ تَنفَع الملسوعا
لَست دُون الإِسلام وَجدا بعب / د اللَه إِذ باتَ بَعده مَفجوعا
سامهُ الخفض إِذ قَضى وَبِهِ كا / ن بِأَعلى دَعامة مَرفوعا
صاحَ ناعيه بِالعراق بِصَوت / مدهش كُل مَن دَعاه أَريعا
فاهَ فَوهُ بِمَوت مَن كانَ فيهِ / يَقصد اللاجِئون حُصناً مَنيعا
شَهد الدين إِنَّهُ كانَ قَدما / لِثَناياه حامياً وَطلوعا
بِخفي الأُمور كانَ بَصيراً / وَلداعي الإِيمان كانَ سَميا
ملك إِن رَقى عَلى منبر ال / علم وَحف الاعلام فيهِ جموعا
تُبصر الناس عِنده تَتَسنى / لَفظه العَذب إِن أَرادَ شُروعا
عَشقوا مِنهُ في بَيان المَعاني / مَنطقاً رايقا وَلَفظاً بَديعا
كُل يَوم تَراه مُستقرعاً با / باً مِن العلم لَم يَكُن مَقروعا
فَكأن اللَفظ الَّذي يَتأتى / مِنهُ للسمع لَم يَكُن مَسموعا
يَقطَع اللَيل في عَلائق وَصل / فَسُجود طوراً وَطوراً رُكوعا
وَتَرى الطَير إِن تَهجد لَيلاً / حَوّما حَول وَجهِهِ وَوقوعا
عَثر الدَهر فَاِستَقال وَأَنّى / لَست أَهدي لَسَمعه تَقريعا
لَو كَبا في العثار ليم وَلَكن / عثر الدَهر وَاِستَقال سَريعا
إِن هَوى كَوكَب الكَمال فَهَذا / حسن الوَجه قَد تَجلى طُلوعا
ذاكَ غَيظ الحَسود مِن آل فهر / كَفه للعفاة كانَت رَبيعا
بَينَ عَينيه للسيادة نُور / كُلما لاحَ خلت بَرقاً لَموعا
وَرثته آباؤه الصَيد مِنها / شَرَفاً بِاذِخاً وَمَجداً رَفيعا
عال بِالطَير جَده فَهوَ يبقي / رزقها في الجِبال كَي لا تَجوعا
زادَني حُبه ولوعا وَلَولا / ما أَرى مِنهُ لَم يَزدني ولوعا
وَإِذا العام طبق المحل فيهِ / وَتَساوَت مِنهُ الفُصول جَميعا
فَكأن الربيع كان شِتاء / وَكَأن الشِتاء كانَ رَبيعا
وَجد الناس في رِياض حِماه / مرتعاً يانِعاً وَغَيثاً مَريعا
شكر اللَه سَعيه مِن مجد / لَم تَذق قَط مُقلتاه الهجوعا
كَم أَشارَت لَهُ يَد الفَضل حَتّى / أَخَذت في كِلا يَديهِ جَميعا
يا ابن أَزكى الأَنام وَالصَبر منكُم / قَبل ذا كانَ حسنه مَشروعا
إِن شَخصاً لآل هاشم يُنمى / لحري أَن لا يَكون جَزوعا
جئت أَطوي الفَلا بِسَير عَنيف
جئت أَطوي الفَلا بِسَير عَنيف / قاصِداً مِنكَ كَعبة المَعروف
لَيسَ إِلّا لركن مجدك سَعيي / لا وَلا في سِوى صفاك وَقوفي
وَثَناياك لِلنَدى عَرَفات / يَممتها الوَرى بِلا تَعريف
كَم سَأَلت الركاب هَل مِن مَقام / فيهِ أَمسي عَلى حباء وَريف
ما أَشارَت أَنامل الركب إِلّا / لِمحل اللواء عَبد اللَطيف
ملك مهد البلاد برأي / هُوَ أَمضى مِن مُرهفات السُيوف
وَأَخاف العصاة بِالحَزم حَتّى / صَرف الدَهر عَن طِباع الصُروف
وَتَقوى بِهِ الضَعيف إِلى أَن / صارَ يَخشى القَوي بَأس الضَعيف
يا رَزين الوقار سفن القَوافي / لَكَ سيرتها ببحر خَفيف
وَاستضافَت قراك وَالعبربيُّ ال / محض يَستعجل القرى للضيوف
لَو سَأَلت السَماح هَل مِن حَليف / لَكَ نادى عَبد اللَطيف حَليفي
قَدمتك العلا كَما قَد رَأَينا / أَلف الخَط قَدمت في الحُروف
تَنقد العَين للعَطاء وَتَأبى / ساعة البَذل غَير عَد الأُلوف
قَد سَبقت الوَرى إِلى المَجد طرا / بِتَليد مِن العُلا وَطَريف
وَرَّثتك الأباء آباء صدق / هُم أَعز الوَرى بِرَغم الأُنوف
فَتورثت مِنهُم أَي فَخر / وَتَلقَّيت أَي مَجد مُنيف
لَم يَدنس رداك أَثم اِرتِكاب / يا عَفيف الرِداء وَابن العَفيف
خصك اللَه يا لَطيف المَعاني / بصفات جلت عَن التَكييف
فَاستمع مدحتي وَاشرف مَدح / تَصطَفيهِ المُلوك مَدح الشَريف
اَيُّها المنتمي لِقَوم كِرام / كانَ في بَيتِهم أَمان المخوف
عرف القلب مِنكَ همة أه / ليك فاطريتهم بِلا تَعريف
مثلما ترشد المخيلة أن ال / بَرق يَسمو مِن الغَمام الذروف
دُمت ما دامَت السَماوات وَالأَر / ض وَما لاحَ كَوكَب في السدوف
خُذ لَكَ الجام وَاسقِني مِنكَ ريقا
خُذ لَكَ الجام وَاسقِني مِنكَ ريقا / جامه كانَ لُؤلُؤاً وَعَقيقا
بِثناياك لا بِكأسك سُكري / فَاسقني الريق وَاهرق الراووقا
تشعل الشارب العقار حَريقا / فَاسقني مِن لَماك كَأساً رَحيقا
هات كاساً ابريقها فمك ال / عَذب وَخَل الكؤوس وَالابريقا
لَيسَ مَن يَشرَب الحَلال جَديداً / مثل مَن يَشرَب الحَرام العَتيقا
ذُقت مِن فيك نَهلة وَمحال / مدة العُمر مثلَها أن أَذوقا
يا رَشيق القَوام يَفديك مَضنى / بروءه إِن يَرى القوام الرَشيقا
لَيسَ لي في سِوى لُقاك مَرام / لَو رَأى الصَب للقاء طَريقا
قَد عَقدت الجُفون بِالنجم حَتّى / لا تُغطي بِخفقه النَوم موقا
فَليزرني وَلَو خَيالك لَولا / أَرق يَمنَع الخَيال الطَروقا
فَكرتي صورت خَيالك وَهما / فَلتصير تصوّري تَصديقا
بَيتك القَلب مِنكَ يَشكو حَريقا / وَحماك العُيون يَشكو الغَريقا
قَد حَباك الآله مِنهُ جَمالاً / قَبل اعطاه يُوسف الصديقا
لَو بَدا خَدك الموّرد للنعما / ن لاختاره وَعاف الشَقيقا
كَم جلاك الجَمال بَدراً مُنيرا / وَثَناك الدَلال غُصناً وَريقا
وَبخديك خفَّق القرط حَتّى / مثله صَيَّر الفُؤاد خَفوقا
ما لقرطيك غَير لَطمك ذَنب / فَلذا اِستوجَبا بِهِ التَعليقا
وَمُذ الحجل ضاقَ بِالساق ذرعا / زادَ صَدري مِن الصَبابة ضِيقا
تَناسيت أَم نَسيت زَماناً / فيهِ واصلت بِالصبوح الغَبوقا
حَيث غُصن الشَباب غَض نَضير / وَالصفا مِنكَ لَم يَكُن مَمذوقا
كُنت رَيحانَتي فَمُذ بنت عَني / عَفت لِلوَرد طيبه المَنشوقا
بِكَ حارَبت مَعشري وَأَقامَت / صَبوَتي فيكَ للملاحة سوقا
استغش النَصوح فيكَ انهماكا / وَعَلى حبك اتهمت الصديقا
مل كَغُصن الأَراك قَداً وَلينا / وَأَبد كَالشَمس بَهجة وَشروقا
وَلَكَ العَهد إِن رآك عذولي / صارَ مثلي مَضنى الفُؤاد مشوقا
بِكَ اِستفتح القَصيد الموشى / فَأَجيد التَطريز وَالتَنميقا
وَبذكراك قَد نشطت لِمَدح / باقر العلم كانَ فيهِ خَليقا
سَيد جاءَ قادِماً في طَريق / قَد أَعدَّ التَوفيق فيهِ رَفيقا
زارَ اللَه بَيتَ قدس لعتق ال / عَبد فيهِ سَماه بَيتاً عَتيقا
ما ثَناه الهَجير عَن طاعة ال / لَّله وَلا هابَ ثُمَ فجاً عَميقا
أَيُّها القادم الَّذي تَرك النا / س حَيارى يَستشرفون الطَريقا
فَرح البَيت يا اِبن من شيدوه / حينَ قَبلت مِنهُ رُكناً وَثيقا
وَاعتنقت الحجر المشرف شَوقاً / مثلما عانق الشَقيق الشَقيقا
وَتمنى المَقام إِنك تَبقى / فَيَرى وَجهك البَهي الطَليقا
أسد كاسمه أَبوك وَلَكن / أَنتَ تَخشى إن لَم تَفقه العَقوقا
شيمة الوَرد أَن ذَوي خَلف ال / ماء لِيستاف مثله أَو يَفوتا
حَملتك إِبنة الجَديل وَمَرت / تَسبق السَهم خفة وَمروقا
تَترك النوق خَلفَها وَلَو أَن الر / ركب قَد صَيروا النَعائم نُوقا
هِيَ ريح وَمِنكَ تُزجي سَحاباً / أَمن الناس رَعده وَالبُروقا
ما اِستَخفت حجاك يا طود لَما / مَزقت جلدة الصَبا تَمزيقا
بَل سَرى عشقك المَساعي إِلَيها / وَخَفيف مَن يَقصد المَعشوقا
يا اِبن قَوم فاقوا الوَرى بِالمَعالي / وَحريّ لِنجلهم أَن يَفوقا
هُم مَعاني الهُدى فَمن طَبق ال / لفظ عَلى الغير أَخطأ التَطبيقا
عَرفوا الدين في حُقوق المَواضي / فَعَرفنا المَفهوم وَالمَنطوقا
بيض أَيامهم مَواسم كانَت / وَلَيالي سُعودهم تَشريقا
كُل فَرد كَبش الكَتيبة مِنهُم / تَخذ السمر وَالبَوارق روقا
هم فُروع مِن دَوحة لِجناها / أَوشج اللَه في الجنان عُروقا
جئت أَهلاً وَجبت في الأَرض سَه / لاً وَصحبت التَسديد وَالتَوفيقا
فَاز رَكب الحَجيج مِنكَ بِكَف / أَنبتت لِلسَماح رَوضاً أَنيقا
لا يؤم العافون مثلك غَيثا / لَو أَطالوا التَغريب وَالتَشريقا
أَنتَ تَقريهم هُدىً وَنَوالا / فَفَريقا تَهدي وَتجدي فَريقا
ما لِوَفد عَلَيكَ حَق وَلَكن / أَنتَ تَقضي لِلمكرمات حُقوقا
لَم تقوض عَن مَنزل بِت فيهِ / أَو يَرى الفَج مِن نَداك غَريقا
قَد وَسعت الحَجيج في طَيب خُلق / رَدعه طبق الفَجاج خَلوقا
طلت باعا وَصارماً وَلِسانا / فَزحمت السماك وَالعيوقا
لَم تقصر مِنكَ المَكارم إِلا / نَسَباً في بَني النَبي عَريقا
ما تَكلفت غَير طَبعك يَوماً / بَل رَأيناك هَكَذا مَخلوقا
أَكل اللَطم خَد غَيرك لَما / إِن تَجارَيتما وَكُنت سَبوقا
ما اِنجَلَت غبرة المَضامير حَتّى / ضَمَخوا مفرقيك مسكاً فَتيقا
مَن أَراد اللحوق فيكَ فَأَقصى / فَخره أَنه تَمَنى اللحوقا
بِكَ أَهدي إِلى الحسين التَهاني / فَهوَ قَد كانَ بِالتَهاني حَقيقا
رَبحت صَفقة العَوالم مِنهُ / بِمقيم لدين أَحمَد سوقا
قَد اَفاد الوَرى فَسمي مفيدا / وَفشا صدقه فَسمي صَدوقا
وَهدانا الطَريق في خَير رشد / حَيث لَولاه ما اِهتَدَينا الطَريقا
مَن تَرى مثله يَنضب ريق ال / شُرك في بَطشه وَيَشجي الحَلوقا
حَيث لَولا اِهتِمامه لاتبعنا ال / حبر وَالجاثليق وَالبَطريقا
ظَهر الحَق وَالَّذي مِنهُ خفنا / باطل لَم يَدُم وَكانَ زَهوقا
دُمت يا باقر العُلوم مهنى / ما اِستنارَت شَمس النَهار شُروقا
كل حي تَراه ناوٍ رَحيلا
كل حي تَراه ناوٍ رَحيلا / لا يُقيم القطين إِلا قَليلا
سلك الفارطون منا سَبيلا / وَكَأنا وَقَد سَلَكنا السَبيلا
لا يَنال المَرام إِلا صَبور / يا أَبا صادق فَصَبراً جَميلا
لا يَضق مِن ملمة صَدرك الر / رَحب وَمَهد لَها قراك الحَمولا
غمزتك العلى فألفتك رمحا / يَزنيا وَصارماً مَصقولا
لَكَ حلم إِذا الحلوم استخفت / يمسك الأَرض ثقله إِن تَزولا
أَو تَدري الخطوب إِذ هِيَ حلت / إِنَّها صادمت أَخاها الجَليلا
صادَمت مِنكَ يا لَها الوَيل طودا / يَعجز الطَير هامه وَالوعولا
وَإِذا قُمت للمهم خَفيفا / كانَ يَوماً عَلى العَدوّ ثَقيلا
لَن يَر الناظِرون مثلك إِلّا / أَن يَعيد العُيون حسنك حَولا
عشقت وَجهك الكَريم المَعالي / مثلما بثنة أَحبت جَميلا
وَلذا باسمك المرخم نادَت / يَوم قَد فارقت أَخاك النَبيلا
فكرة تَترك العَليم جَهولاً / وَأباء يَبقى العَزيز ذَليلا
وَيَمين لَو أَنَّها بِسني يو / سف كانَت لَم تَلف عاماً مَحيلا
وَلأجرت عَلى الذين بِمصر / ذهبا مثلما يَرون النَيلا
لَو نَظمت النُجوم فيكَ مَديحا / كانَ نَزراً فَما عَسى أَن أَقولا
ماط مِن هاشم سَحابةَ جُودٍ
ماط مِن هاشم سَحابةَ جُودٍ / بَعدَها أَصبَح الوُجود هَشيما
قادَ صَعباً مِنها وَكهَّم عَضباً / وَرَقى هَضبة وأردى زَعيما
نَثرت دَمعَها عَقيقاً لِصَرفٍ / حَلَّ مِنها سلكَ العُلى المَنظوما
إِن خطباً أَردى الحسينَ لَخَطبٌ / مِن فُؤاد العليا أَصابَ الصَميما
أَظلمت بَعده الرصافةُ حَتّى / ألبستها الأَرزاءُ لَيلاً بَهيما
أَيُّها الطالب الحسين أَلا اَرْبَع / أَنتَ لَم تبلغ النَعيم المُقيما
حَق أَن تسبل الدُموع لِخطبٍ / عادَ شكل الخُطوب عَنهُ عَقيما
ما عَلى الطَرف لَو يَسحُّ سَجوما / معصراً يَسفح الأَجشَّ الهَزيما
فَبأعلى الفردوس فَرد المَساعي / أَرخوه قَد فازَ فَوزاً عَظيما
أَخذ الريم مِنكَ سحر الجُفونِ
أَخذ الريم مِنكَ سحر الجُفونِ / وَرَوَت عَنكَ مائِساتُ الغُصونِ
وَاستفاد الهِلال مِنكَ ضِياءً / حينَ قابلته بِشَمس الجَبين
وَسرت مِن لَماك نَفحةُ سُكرٍ / أَخذت بَعضَها ابنةُ الزرجون
وَمِن اللؤلؤ الَّذي بِثَنايا / كَ صَفاء بِاللؤلؤ المَكنون
أَيُّها المَولى الَّذي زار بَيتاً
أَيُّها المَولى الَّذي زار بَيتاً / شادَ إِبراهيم مِنهُ المَباني
لَكَ دُون الناس مجد رَفيعٌ / ما تَرقى نَحوَهُ الفرقدان
حجك المبرور قد نلت فيهِ / غاية اليمن وَأَقصى الأَماني
شكر الرَحمن مِنكَ اِبن قدس / مُفرد في العلم من غير ثاني
سنة للبيت يَممتَ فيها / فَضلت كل سِنين الزَمان
بُوركت مِن سنة ذات يَمن / أَرخوها سنة الأشتياني