المجموع : 22
هَذه الأَرضُ قد سقتها السَماءُ
هَذه الأَرضُ قد سقتها السَماءُ / فاِسقِياني سَقَتكما الأَنواءُ
بنتَ كَرمٍ قَد هامَ كُلُّ كَريم / في هَواها وَطابَ منها الهَواءُ
واِجلواها عَذراءَ تَحكي عروساً / أَلبسَتها نطاقَها الجَوزاءُ
وأَعيدا مَديح يحيى ليحيا / مَيتُ هَجرٍ قد عزَّ منه الشِفاءُ
هُوَ عَوني عَلى العُلى وَرَجائي / حبَّذا العَونُ في العُلى وَالرَجاءُ
وَهوَ أنسي في وحشَتي وَسُروري / في هُمومي وَديمتي الوطفاءُ
شملَ الخَلقَ فضلُه فَأَقرَّت / بنداهُ الأَمواتُ والأَحياءُ
فَبِيَحيى لا يَبرح الفَضلُ يحيا / وَالمَعالي به لهنَّ اِعتلاءُ
أَحكَم الوُدّ منه عقد إِخائي / هَكَذا هَكَذا يَكونُ الإِخاءُ
أَشرقت في غلالةٍ زَرقاءِ
أَشرقت في غلالةٍ زَرقاءِ / فأَغارَت شمسَ الضحى في السَماءِ
وَأَضاءَت في غَيهَب الشعرِ الوَح / فِ فأَزرَت بالبَدر في الظَلماءِ
وَتَحَلَّت من مُنتَقى اللّؤلؤ الرّط / بِ وِشاحاً أَبهى منَ الجَوزاءِ
وَثنت سَمهريَّ قامتها اللَّد / نَ فأَلوت بالصَعدة السَمراءِ
وَتَجَلَّت تَختالُ في حِبَرات ال / عُجبِ تيهاً وحُلَّة الكبرياءِ
يا لبيضاءَ زانَت الوجنة الحم / راءَ منها بالشامة الخَضراءِ
أَنا من فَرقها ومن فَرعها الفا / حِم في صَبوَةٍ صباحَ مَساءِ
ذاتَ قَلبٍ أَقسى على الصبِّ من صخ / رٍ وَجِسمٍ أَرقَّ من صهباءِ
بَسمت فاِنثنيتُ أثني على تِل / كَ الثَنايا وأَينَ منها ثَنائي
وَعَجيبٌ والطَرفُ منها / كَيفَ أَدمَت بحدِّه أَحشائي
هيَ مَعنى هِندٍ وَدَعدٍ وأَسما / ءَ وَما هذه سِوى أَسماءِ
لَو أَبانَت حجابَها أَسماءُ
لَو أَبانَت حجابَها أَسماءُ / ما أَبانَت عَن غيرها الأَسماءُ
سَترت حُسنها بحُجبِ سَناها / فعَدانا عنها سَنىً وَسَناءُ
هي أَسمى من أَن تَراها بعينٍ / كُلُّ عَينٍ من دونها عَمياءُ
شَهِدَ القَلبُ حُسنَها فهَداهُ / بهداهُ إذ ضَلَّت الآراءُ
عَقَل العَقل كُنهُها عَن وصولٍ / فَأَقَرَّت بِعجزها العُقَلاءُ
واِختفَت بالجَلال حينَ تَجَلَّت / فَلَها بالظُهور منها خَفاءُ
كَم أَضَلَّت وكَم هَدت من أُناسٍ / وَلِكُلٍّ فيما أرته اِرتياءُ
ضَلَّ من ضَلَّ في هَواها ولَم يَد / رِ أَمامٌ سَبيلُها أَم وَراءُ
واِهتَدى مَن هَدَته بَدءاً وَلَكِن / لَيسَ يَدري ما يَقتَضيه القَضاءُ
يَدَّعي وصلَها الجَهولُ وحاشا / أَن يَنال المصونَ منها اِدِّعاءُ
رامَ من رامَ أَن يَراها عياناً / فاِنثَنى لَم يَنَله إِلّا العَناءُ
دُكدِكت دونَها جِبالٌ فأَضحَت / وَهيَ مِن نورها المَضيء هَباءُ
دَع دَعاوى قَومٍ أَتوها بِجَهلٍ / فالدَعاوى أَبناءُها أدعياءُ
واِتَّبع سُبلَ من دَعَتهم إِلَيها / رَغبَةً لم يَشُب صَفاها رياءُ
واِقضِ وَجداً في حُبِّها تحيَ ما شِئ / تَ فأَمواتُ حبِّها أَحياءُ
نَفَحَتنا بنشرها المُستَطابِ
نَفَحَتنا بنشرها المُستَطابِ / مُعرباً عَن دُعائها المستَجابِ
كَلِماتٌ كأَنَّها اللؤلؤُ المَك / نونُ أَسلاكُها سطورُ الكِتابِ
نظمتها قَريحةٌ لإِمامٍ / سَيِّدٍ ناطِقٍ بفصل الخِطابِ
هُوَ في الزُهدِ والعِبادَةِ فَردٌ / وهو في الفَضل جامعُ الآدابِ
خَطبَ الدينَ والزَهادةَ طِفلاً / وأَبانَ الدُنيا زَمانَ الشَبابِ
وَرأى ما عَلى التُراب اِحتقاراً / مِن مَتاعِ الغُرور مثلَ التُرابِ
واِقتَفى إِثرَ جَدِّه وأَبيه / سالِكاً مَنهجَ الهُدى والصَوابِ
يا أَجلَّ الوَرى لديَّ ثَناءً / وأَعزَّ الأَصحاب والأَحبابِ
لَكَ عِندي مودَّةٌ أَحكمَتها / يَدُ صِدقٍ وثيقةُ الأَسبابِ
فَبِما شِئتَ فاِختبرني فإنّي / عَبدُ ودٍّ لمن يودُّ جَنابي
واِبسط العذرَ في الجَواب فقد قا / بلتُ شَمسَ الضحى بِضَوءِ التُرابِ
حرَّكتني أَناملُ العزِّ للشَّع / رِ وَهيهاتَ أَينَ منها جَوابي
فَجوابي شِعرٌ وشعرُكَ سِرٌّ / حار في دَركه أُولو الأَلبابِ
أَنتَ تُملي من عالَمِ الغَيبِ إِلها / ماً وَشِعري من عالم الأَسبابِ
غير أَنّ الإخلاص أَوجبَ ما أَو / جَبَ منّي في رَفع هَذا الحِجابِ
فاِلحظَنّي بنظرةٍ منك في السِر / رِ تَقيني من كُربةٍ واِكتِئابِ
واِبقَ واِسلم ممتَّعاً بنَعيمٍ / ساحِباً ذيله لَدى الأَحبابِ
خطرَت في شَمائِلٍ ونُعوتِ
خطرَت في شَمائِلٍ ونُعوتِ / نَفتِ العَقلَ في مَحلِّ الثُبوتِ
وَتَجَلَّت تَميسُ في ثَوب حُسنٍ / حيكَ بالكبرياءِ والجَبَروتِ
شاهدَ العَقلُ من وَميضِ سَناها / ما سَباهُ فظلَّ كالمَبهوتِ
وَرآها قَد أَرخصَت كلَّ غالٍ / فَتَغالى في حُسنها المَنعوتِ
رامَ ذو النُطق أَن يَفوهَ بِقَولٍ / فاِنثنى لم يَسَعه غير السكوتِ
إن تيمَّمتَ سَمتها فتجنَّب / يا أَخا العَزم عَن جَميع السموتِ
وإذا ما دَنوتَ قُربَ حِماها / فاِخلع النَعلَ خاضِعاً بقُنوتِ
واِحفظِ القَلبَ أَن يَبوحَ بسرٍّ / واِنتظِرها لوَقتِها المَوقوتِ
وإذا أَصفَتِ الهَوى وأَدارَت / في صفا الدرِّ ذائبَ الياقوتِ
فاِغتبِقها ولا تمِل لِسِواها / فهي تُغني المحبَّ عن كُلِّ قوتِ
لَو تَجَلّى منها على الكون كأسٌ / أَسكرَت كلَّ ناطِقٍ وَصَموتِ
ولَعمري لَولا سَناها بِلَيلٍ / ما اِهتَدى مُدلجٌ إِلى الحانوتِ
يا سُروري بها وقد وَلِهَ القل / بُ فأَلهت بِسِرِّها اللاهوتي
آنسَت وحشةَ الفؤادِ وجلَّت / عنه بالنور ظُلمَةَ الناسوتِ
قد رآها الكَليمُ نورَ هُداهُ / ثُمَّ كانَت سَكينَةَ التابوتِ
أَمَّ طالوتُ حانَها فحبَتهُ / مُلكَ قَوم طالوا على طالوتِ
واِحتَساها داودُ صِرفاً فأَضحى / ظافِراً في الوَغى على جالوتِ
وأَضَلَّت عقولَ قَومٍ فَقالوا / هيَ سِحرٌ يُعزى إلى هاروتِ
وَطَغى من طَغى بِجَهلٍ عليها / فهدَتهُ للجِبتِ والطاغوتِ
وَنَفَته عَن مَشهد القُربِ منها / فَنَفاها بِعَقلهِ المَسبوتِ
زادَتِ العالِمَ الوَقورَ ثَباتاً / واِستخفَّت بالجاهِل المَمقوتِ
كيفَ يَخفى عن العيون سَناها / وهوَ بادٍ في المُلك والمَلَكوتِ
قل لِنَفسٍ قد نازَعَتكَ إِليها / إِن تَرومي بها الحَياةَ فَموتي
طابَ نَشرُ الصَبا وَوَقتُ الصَباح
طابَ نَشرُ الصَبا وَوَقتُ الصَباح / وَزَمانُ الصِبا ووصلُ الصِباحِ
فاِسقني الراحَ يا نديمي ودَعني / أَتلهّى ما بين رَوحٍ وراحِ
ما تَرى الرَوضَ مُذ بَكى الغيمُ فيها / كَيفَ يَضحكنَ عن ثُغور الأَقاحِ
قَد وفى لي الرَبيعُ منه بشَرطي / وَضَماني عليه وِفق اِقتِراحي
بَرِحَ اليَومَ عَن هَوايَ خَفاهُ / ما لِقَلبي عن الهَوى مِن بَراحِ
فاِسقِنيها وداوِ قرحَ فؤادي / واِجتَنِب مزجَها بماءٍ قَراحِ
ذاتَ لَونٍ كأَنَّما اِعتَصروها / من جَنى الوَرد أَو خُدودِ المِلاحِ
اِغتَنِم بهجةَ الرَبيع وقَضِّ / باِقتراحي لَياليَ الأَفراحِ
مَرحَباً بالرَّبيع والعَزفِ والقَص / فِ وحثِّ الكؤوس والأَقداحِ
إِن يَكن للخَليع فيكَ اِصطِباحٌ / يا صباحي فذا أَوان اِصطِباحي
يا نَسيمَ الصَبا مَتىَ جُزتَ نَجدا
يا نَسيمَ الصَبا مَتىَ جُزتَ نَجدا / فَلَقَد هِجتَ لي غَراماً وَوَجدا
عَمرَكَ اللَه هَل مَرَرتَ سُحيراً / بزرودٍ فزدتَ طيباً وَبَردا
أَم بِلَيلى عَرَّجتَ لَيلاً فَقَبَّل / تَ ثُغَيراً منها وَعانقتَ قَدّا
أَم تنسَّمتَ نَفحَةً من ثَراها / حيث جرَّت مُختالَةٌ فيه بُردا
إنَّ عَهدي بِغيدِ وَجرةَ يسحب / نَ بُروداً تَضوعُ مسكاً وَندّا
كُلُّ غَرّاءَ لا تَرى البَدرَ مثلاً / لسَناها ولا الغَزالَةَ نِدّا
نشرَت من دُجى الغياهِبِ فَرعاً / وَتَحَلَّت زُهرَ الكواكِب عِقدا
يا رَعى اللَهُ بالحِمى عصرَ أنسٍ / عشتُ فيه حيناً من الدَهر رَغدا
حيث رَوضُ الشَباب غضٌّ نَضيرٌ / وَغصونُ الصِبا ترفُّ وَتَندى
وَزَماني ذاك الزَمانُ المُهَنّى / وَحَبيبي ذاكَ الحَبيبُ المُفَدّى
يا هُماماً له المَعالي قُصورُ
يا هُماماً له المَعالي قُصورُ / لا تَلُمني إِن عنَّ منّي قُصورُ
حكم الدَهرُ كيف شاء بهضمي / وَشَبابي وَالعمرُ غضٌّ نَضيرُ
عُمُري لم يكن يزيدُ على اِثني / نِ وَعشرين وَالشَّبابُ غرورُ
كاثرَتني الخطوبُ والجَدُّ كابٍ / وَقَليلٌ من الخطوب كَثيرُ
حَزَنٌ شامِلٌ وَشَملٌ شَتيتٌ / وَهَوىً نازِحٌ وَقَلبٌ كسيرُ
وَفؤادٌ من المسرَّة قَفرٌ / وَجنانٌ من الأَسى مَعمورُ
كَم إِلى كَم قطيعةٌ وَصدودٌ / أَقُلوبٌ نَحيا بها أَم صخورُ
هَكَذا يَفدَحُ الزَمانُ وَيَلحو / كلَّ عودٍ وهو الممرُّ الجسورُ
أَينَ منّي ذاكَ الصَديقُ المفدّى / وَالحَيا العَذبُ والحُسام الغَريرُ
حيث عودي عَلى الزَمان صَليبٌ / وَبَعيدي دانٍ ووردي نَميرُ
أَيُّها الماجدُ الكَريمُ المُعَلّى / وَالفَتى القَرمُ وَالهمامُ الكَبيرُ
هاكَها نفثةً أَباحتكَ سرّي / نفثهُ السِحر قد وَحاها الضَميرُ
واِبقَ واِسلم على مَمرِّ اللَيالي / ما حَلا مَورِدٌ وَمَرَّت شهورُ
اِسقِياني على اِقتراحِ العَذارى
اِسقِياني على اِقتراحِ العَذارى / وَاِعذراني فَقَد خَلعتُ العِذارا
شمسَ راحٍ من كَفِّ خودٍ رَداحٍ / شَخصَت فيهما العُيونُ حَيارى
أَشرقَت في الكؤوس ناراً وَقِدماً / عبَدَتها المجوسُ في الدَنِّ نارا
واِجلواها وَالدَهرُ طلقُ المحيّا / وَالقَماري تنادمُ الأَقمارا
في عَذارى كأَنَّهُنَّ رياضٌ / وَرياضٍ كأَنَّهُنَّ عَذارى
لا تَلوما فَما التَصابي بعارٍ / قبل يَسترجع الصِبا ما أَعارا
وَدَعاني مُجاهِداً في غَرامي / إِنَّ داعي الهَوى دَعاني جِهارا
أَمعيرَ الظُبى شباً وَغِرارا / لحظُهُ والظِبا رَناً واِحوِرارا
ما لِقَلبي يَزيدُ فيك غَراماً / كلَّما زِدتَ عن هواه نِفارا
أَيُّ قَلبٍ ما هامَ فيك ولكن / زادَ قَلبي بحبِّك اِستِهتارا
خاطرَت في هَواكَ مهجةُ صَبٍّ / هَويَت منك ذابِلاً خَطّارا
من يُباريكَ يا مُنى النَفس حُسناً / لا وَعينيكَ لست مِمَّن يُبارى
ربَّ لَيلٍ قصَّرتُهُ بلقاهُ / وَليالي الهَنا تَكونُ قصارا
رُضتُه بالمُدام حتّى إِذا ما / تركتهُ لا يَستبِدُّ اِختيارا
نِلتُ ما شئتُ من هواه وَلَولا / عفَّة الحبِّ لاِرتكبت العارا
يا خَليلي عُج بالنَقا لنُقضّي / للهوى في ربوعِه أَوطارا
إِنَّ بَينَ النَقا وَبَينَ المصلّى / ظبياتٍ لها الأسودُ غيارى
نَتَمارى إِن لُحنَ هَل هُنَّ غيدٌ / أَم ظِباءٌ في حُسنها لا يُمارى
هيَ لَو لَم تَكُن ظِباً وَبُدوراً / ما صدَعنَ الدُجى وَجُبنَ القِفارا
لُحنَ للرَكبِ وَالعقولُ حَيارى / فاِختطفنَ العقولَ والأَبصارا
وأَرقنَ الدماءَ طَعناً وَقَتلاً / وَأَمِنَّ الجزا قِصاصاً وَثارا
يا لقَومي أَيذهبُ في الحُب / بِ دَمي باطِلاً وَجرحي جُبارا
طافَ بَدرُ الدُجى بِشَمسِ الكؤوسِ
طافَ بَدرُ الدُجى بِشَمسِ الكؤوسِ / في نُجومٍ من النَدامى جلوسِ
فَكأَنَّ المُدام في الكأس إذ تُج / لى سِراجُ يُضيء في فانوسِ
قَهوةٌ عسجديَّةٌ مِن كُناها / بنت رأسٍ مَقرُّها في الرؤوسِ
هي لَهوٌ لنا إذا حلَّت الكأ / س ولاةٌ في دَنِّها للمجوسِ
لُقِّبت بالعَجوز وهي عَروسٌ / فاِعجب اليوم للعَجوز العَروسِ
قامَ يَسعى بها كميتاً كعينِ الد / ديكِ ساقٍ في حُلَّة الطاووسِ
ذو دَلالٍ يُبدي نفيسَ جَمالٍ / فيُفدّى بغالياتِ النُفوسِ
راضه السُكرُ فاِقتَني الرَشأ الوح / شيّ أنساً من خُلقه المأنوسِ
بَين حورٍ من الحِسانِ بدورٍ / وَحَوالٍ من الغَواني شُموسِ
وَرياضٍ لها الأَقاح ثُغورٌ / يتبسَّمنَ في الزَمانِ العَبوسِ
يا لَيالي الهَنا إِلينا فإنّا / في ضمان المُدام من كُلِّ بوسِ
قد حَسونا من السُلافِ رُضاباً / وَرَشفنا الثغورَ رشفَ الكؤوسِ
وجمَحنا عَن الهُموم شِماساً / مذ غَدونا على الكميتِ الشَموسِ
يا نَدامايَ للمُدامَةِ هُبّوا / قبلَ قرع القِسِّيس للنّاقوسِ
بادِروا الصُّبحَ بالصَّبوح وثو / بُ اللَّيل مُلقىً كالمُنهَجِ المَلبوسِ
وَسماءُ الدُجى تُشيرُ إلينا / بعيونٍ من الكواكِب شوسِ
مَن لِشَملي لو فاز منكم بجمع
مَن لِشَملي لو فاز منكم بجمع / في لَيالي منىً وأَيّام جمعِ
يا رَعى اللَه عَهدَنا بالمُصلّى / وَسَقى عصرَنا بكثبان سَلعِ
وَلَيالٍ خلت فعوِّضتُ عَنها / بليالٍ تمرُّ من غير نفعِ
يا عُريباً لَولاهم لم يَشقني / ذكرُ دارٍ ولا تذكّر ربعِ
وإِذا ما سمعت عنهم حَديثاً / حسدت مقلتي لذلك سمعي
ليت شِعري هل يسمح الدهر يوماً / بالتَداني وهل يَعود برجعِ
ضقت ذَرعاً بالبعد فيكم وَلَولا / حبُّكم لم يضق من البين ذرعي
أرجف العاذلون أَنّيَ سالٍ / وأَرادوا منكم بذلك قَطعي
كيفَ أَسلو وحبُّكم ليَ طَبعٌ / وسلوّي سجيَّة غير طَبعي
آدَ جهدي هواكمُ ونواكم / حمَّلتني من الجَوى غيرَ وسعي
قرِّبوا لا نأيتُمُ الدارَ منّي / واِسمَحوا بالعَطاءِ من بعد مَنعِ
وَمَتى شئتُمُ الغَضا ففؤادي / أَو أَردتُم سفحَ العَقيق فدمعي
مزجت كأسَها بخمرٍ وريق
مزجت كأسَها بخمرٍ وريق / وَتَثنَّت كغصن بانٍ وَريقِ
وأَماطَت لثامَها عَن مُحيّاً / لَو تَجلّى للبدر قال شَقيقي
وأَدارَت على النَدامى مُداماً / أَذكَرتنا لَياليَ التَشريقِ
وَجلَت إِذ تبسَّمت مِن لَماها / خمرَ ريق في أَكؤسٍ من شَقيقِ
كَم رَشيقٍ بأَسهم اللَحظ منها / وَطعينٍ برمح قدٍّ رَشيقِ
غادَةٌ كلَّما نظرتُ إِليها / بسمت لي عَن لؤلؤٍ في عَقيقِ
وَمهاةٌ أَسكنتُها من ضلوعي / وَدُموعي بالمُنحنى وَالعقيقِ
رقَّ شعري لخصرِها الرَقِّ فاِعجب / لِلآلٍ بِيعت بسوقِ الرَقيقِ
كَم غَدونا نجرُّ ذيلَ التَصابي / بِصَبوحٍ من كأسِها وَغَبوقِ
وَاللَيالي ولا أَذمُّ اللَيالي / جَمعت بين شائقٍ ومَشوقِ
مَع خَلٍّ من الملام خليٍّ / وَرَفيقٍ مهذَّبٍ بي رَفيقِ
كَوكبُ الصُبح قد بَدا يَحكيك
كَوكبُ الصُبح قد بَدا يَحكيك / فاِمزج الكاسَ يا رشا من فيك
بادِر الصُبحَ بالصَبوح فقد / فاح ريحُ الصَبا وصاحَ الديك
وأَدِرها عليَّ مُشرقةً / عَن سَنى البدر في الدُجى تُغنيك
واِدعُ في الأنس وَالسرور بها / وَدَعِ الهمَّ شأنُه شانيك
هيَ عينُ الحياة فاِحي بها / روحَ صبٍّ بروحِه يَفديك
إن ضَللتَ السَبيلَ في غَسَق / فبِمِشكاةِ نورها تَهديك
واصِل الراحَ ما حَييتَ ولا / تُصغ سَمعاً لعاذلٍ يُغويك
واِهجر اللائمين إِن غَضِبوا / إِنَّ فيها جميعَ ما يُرضيك
هيَ لا شكَّ آيةٌ ظهرت / فاِنفِ عنها مقالَ ذي التَشكيك
قل لميتِ الغَرام قُم سَحَراً / واِصطحبها فإِنَّها تُحييك
لا تقل إِثمُها يَحلُّ بنا / فهيَ من كُلِّ مأثم تُنجيك
يا عذولي أَسرفتَ في عَذلي / كفَّ عنّي فَما جرى يكفيك
خلِّني وَالمُدام في شُغُلٍ / واِشتغِل أَنتَ بالَّذي يَعنيك
يا غَزالاً يُخفي سناه الغَزالَه
يا غَزالاً يُخفي سناه الغَزالَه / فَتَنتني لحاظُك الغَزّالَه
مرَّ دَهرٌ وَالعَيشُ صفوٌ إِلى أَن / ذاقَ قَلبي طَعمَ الهوى فَحَلا لَه
ما لِقَلبي والحبِّ لَو لَم تُمِله / للتَصابي أَعطافُك الميّاله
زادَني لحظُك السَقيم اِعتلالاً / لا شَفى اللَهُ سقمَه واِعتلالَه
كُنتُ غِرّاً بالحبِّ حتّى دَهَتني / بِرَناها لحاظُكَ المُغتالَه
كَيفَ أَرجو الوَفا وأَنتَ على العَه / دِ بطيءُ الرِضا سَريعُ المَلالَه
قُلتُ لمّا أَطال فيكَ عَذولي / أَنا راضٍ به عَلى كُلِّ حاله
يا نَسيماً سَرى من الغَور وَهناً / ساحباً في رُبى الحِمى أَذيالَه
طابَ نشراً بطيب من سكن الجِز / عَ وَوافى يجرُّ بُردَ الجَلاله
فَروى أَحسنَ الحَديث صَحيحاً / مُسنداً عنهُمُ وأَدّى الرِسالَه
هاتِ كرِّر ذاكَ الحَديث لسَمعي / وَلك الطَولُ إِن رأَيتَ الإِطالَه
قد نكأتَ الغداة في القَلب جُرحاً / كُنتُ أَرجو بعد البِعاد اِندِمالَه
يا لك الخير إِن أَتَيتَ رُبى سَل / عٍ وَشارَفت كثبَه وَرمالَه
قِف بأَعلامِه وَسل عن فؤادٍ / خَتَلَته ظباؤُهُ المُختالَه
وَتلطَّف واِشرَح لهم حالَ صبٍّ / غَيَّرَ السقمُ حاله فأَحالَه
ما سرى بارقٌ برامةَ إلّا / واِستَهَلَّت دموعيَ الهَطّالَه
وَتذكَّرتُ مربع الأنس واللَّه / وِ وَعصرَ الصِّبا وَعَهدَ البِطالَه
حيثُ ظلّي من الشَباب ظَليلٌ / وَالهَوى مُسبِغٌ عليَّ ظِلاله
وَعَلى سَلبها الوقارَ فَكَم أه
وَعَلى سَلبها الوقارَ فَكَم أه / دَت ثباتاً إلى وقارِ الحليمِ
وأَذمَّت كرامَ قَومٍ فذُمَّت / وَذمامُ الكرام غيرُ ذميمِ
ذكرَ الخَيفَ والحِمى وَحَجونَه
ذكرَ الخَيفَ والحِمى وَحَجونَه / فَذرى دمعَه وأَبدى مَصونَه
وَأَعادَ الهوى له عيدَ وجدٍ / منع النوم بالبُكاءِ جفونَه
لا تَلوموه إِن بَكى من جَواهُ / وأَجدَّ الأَسى عليه جنونَه
كُلُّ صبٍّ إذا تذكَّرَ يوماً / هَيَّج الذكرُ وجدَه وشجونَه
يا نَزولاً ببطن مكَّةَ عَطفاً / بمحبٍّ أَبَحتُمُ اليومَ هونَه
مولَعٍ بالأَسى عزيزِ تأَسٍّ / قرَّح الدمعُ خدَّه وشؤونَه
قد أَطلتم مطلَ المحبِّين فاِقضوا / دَين صَبٍّ أَذقتموه مَنونَه
ثم إِن شئتُمُ صِلوا أَو فصدّوا / ما عليه إذا قضيتم ديونَه
بك في ملَّة الغَرام اِقتديتُ
بك في ملَّة الغَرام اِقتديتُ / أَتُراني إلى سواكَ اِنتميتُ
وَهَواكُ الَّذي عليه اِنطويتُ / لك طَرفي حمىً وَقَلبي بيتُ
فيهما عهدك القَديم خَبيتُ /
تحسبُ القَلبَ عنك مال وملّا / وَصحا بعد سُكره وتخلّى
لا وَعينيكَ لَستُ مِمَّن تسلّى / ومن السُكر ما صحوتُ وكلّا
كَيفَ أَصحو ومِن هواك اِنتشيتُ /
ما كَتمتُ الهوى وَفرطَ الهُيام / بك إلّا وزادَ حرُّ أوامي
وإذا فهتُ للوَرى بغَرامي / بسطَ العاذلون فيك مَلامي
وَبساطَ القبول عنهم طويتُ /
زعم اللائمُ الَّذي قد تعنّى / أَنَّني قد سَلوتُ وهماً وظنّا
وَفؤادي أَدرى بما قد أَجنّا / كَيفَ يَنوي السلوَّ عنك المُعنى
يا مُنى القلب وهو في الحَيِّ مَيتُ /
قَد أَطالَ الفراقُ والبين أَسري / وَقَضى لي عنكَ البعادُ بهجرِ
وَهَداني للصَبرِ من ليس يَدري / وَضلالٌ عن مثل حسنكَ صَبري
فَلِقَلبي الهَنا بأَنّي اِهتديتُ /
هامَ قَلبي عَلى حماك ولُبّي / وَغدا العَقلُ في هَواكَ يُلبّي
رمتُ قرباً فمذ خطيت بقرب / بك يا كعبةَ الوفا طافَ قَلبي
وَبدا بارقُ الصَفا فَسَعيتُ /
يَهلكُ المالُ بالعَطاءِ وَيَحيا
يَهلكُ المالُ بالعَطاءِ وَيَحيا / ميتُ فضلٍ فاِعجَب لمحيٍ مُميتِ
يا بَريقَ الحَيا وَيا عَذبَ البا
يا بَريقَ الحَيا وَيا عَذبَ البا / نِ لَقَد هجتُما لِقَلبيَ وَجدا
زِدتُماني شَوقاً لظبيٍ غَريرٍ / حين أشبهتُماهُ ثغراً وَقَدّا
هَكَذا كُلُّ مُغرمٍ إِن سَرى البر / قُ وهزَّ النَسيمُ باناً ورَندا
يَستجدُّ الأَشواقَ وجداً وَيزدا / دُ بِتذكارِه على الوَقدِ وَقدا
لا أَخصُّ النَسيمَ والبرقَ والبا / نَ وإِن جدَّدَت لِشَوقيَ عَهدا
كُلُّ ما في الوجود يُصبي المعنّى / بهوى ذلك الجمالِ المُفدّى
جُليت كالعَروس وهي عَجوزٌ
جُليت كالعَروس وهي عَجوزٌ / من عذيري مِن العَروسِ العَجوزِ