المجموع : 41
بَكِّرا صاحِبَيَّ يَومَ الإِيابِ
بَكِّرا صاحِبَيَّ يَومَ الإِيابِ / وَقِفا بي بِعَينِ شَمسٍ قِفا بي
إِنَّني وَالَّذي يَرى ما بِنَفسي / لَمَشوقٌ لِظِلِّ تِلكَ الرِحابِ
يا أَميناً عَلى الحَقيقَةِ وَالإِف / تاءِ وَالشَرعِ وَالهُدى وَالكِتابِ
أَنتَ نِعمَ الإِمامُ في مَوطِنِ الرَأ / يِ وَنِعمَ الإِمامُ في المِحرابِ
خَشَعَ البَحرُ إِذ رَكِبتَ جَواري / هِ خُشوعَ القُلوبِ يَومَ الحِسابِ
وَبَدا ماؤُهُ كَخاطِرِكَ المَص / قولِ أَو كَالفِرِندِ أَو كَالسَرابِ
يَتَجَلّى كَأَنَّهُ صُحُفُ الأَب / رارِ مَنشورَةً بِيَومِ المَآبِ
عَلِمَت مَن تُقِلُّ فَاِنبَعَثَت لِل / قَصدِ مِثلَ اِنبِعاثِهِ لِلثَوابِ
فَهِيَ تَسري كَأَنَّها دَعوَةُ المُض / طَرِّ في مَسبَحِ الدُعاءِ المُجابِ
وَضِياءُ الإِمامِ يوضِحُ لِلرُب / بانِ سُبلَ النَجاةِ فَوقَ العُبابِ
باتَ يُغنيهِ عَن مُكافَحَةِ البَح / رِ وَرُقبى النُجومِ وَالأَقطابِ
وَسَرى البَرقُ لِلجَزائِرِ بِالبُش / رى بِقُربِ المُطَهَّرِ الأَوّابِ
فَسَعى أَهلُها إِلى شاطِئِ البَح / رِ وُفوداً بِالبِشرِ وَالتِرحابِ
أَدرَكوا قَدرَ ضَيفِهِم فَأَقاموا / يَرقُبونَ الإِمامَ فَوقَ السَحابِ
لَيتَ مِصراً كَغَيرِها تَعرِفُ الفَض / لَ لِذي الفَضلِ مِن ذَوي الأَلبابِ
إِنَّها لَو دَرَت مَكانَكَ في المَج / دِ وَمَرماكَ في صُدورِ الصِعابِ
وَتَفانيكَ في سَبيلِ أَبي حَف / صٍ وَمَسعاكَ عِندَ دَفعِ المُصابِ
لَأَظَلَّتكَ بِالقُلوبِ مِنَ الشَم / سِ وَوارَت عِداكَ تَحتَ التُرابِ
أَنتَ عَلَّمتَنا الرُجوعَ إِلى الحَق / قِ وَرَدَّ الأُمورِ لِلأَسبابِ
ثُمَّ أَشرَقتَ في المَنارِ عَلَينا / بَينَ نورِ الهُدى وَنورِ الصَوابِ
فَقَرَأنا عَلى ضِيائِكَ فيهِ / كَلِماتِ المُهَيمِنِ الوَهّابِ
وَسَكَنّا إِلى الَّذي أَنزَلَ اللَ / هُ وَكُنّا مِن قَبلِهِ في اِرتِيابِ
أَيُّهَذا الإِمامُ أَكثَرتَ حُسّا / دي فَباتَت نُفوسُهُم في اِلتِهابِ
أَبصَروا مَوقِفي فَعَزَّ عَلَيهِم / مِنكَ قُربي وَمِن عُلاكَ اِنتِسابي
أَجمَعوا أَمرَهُم عِشاءً وَباتوا / يُسمِعونَ الوَرى طَنينَ الذُبابِ
وَنَسوا رَبَّهُم وَقالوا ضَمِنّا / بُعدَهُ عَن رِحابِ ذاكَ الجَنابِ
قُل لِجَمعِ المُنافِقينَ وَمِنهُم / خُصَّ بِالقَولِ عَبدَ أُمِّ الحَبابِ
عَبدَ تِلكَ الَّتي يُحَرِّمُها اللَ / هُ إِزاءَ الأَزلامِ وَالأَنصابِ
إِنَّ نَفسَ الإِمامِ فَوقَ مُناهُم / ما تَمَنَّوا وَإِنَّني غَيرُ صابي
شابَ فيهِم وَلاؤُهُم حينَ شابوا / وَوَلائي في عُنفُوانِ الشَبابِ
لَم نَجِد ما يَفي بِقَدرِكَ في المَج
لَم نَجِد ما يَفي بِقَدرِكَ في المَج / دِ فَيُهدى إِلى حِماكَ الكَريمِ
فَبَعَثنا إِلَيكَ بِاِسمِكَ مَكتو / باً عَلى صَفحَةِ الوَلاءِ المُقيمِ
هَل رَأَيتُم مُوَفَّقاً كَعَلِيٍّ
هَل رَأَيتُم مُوَفَّقاً كَعَلِيٍّ / في الأَطِبّاءِ يَستَحِقُّ الثَناءَ
أَودَعَ اللَهُ صَدرَهُ حِكمَةَ العِل / مِ وَأَجرى عَلى يَدَيهِ الشِفاءَ
كَم نُفوسٍ قَد سَلَّها مِن يَدِ المَو / تِ بِلُطفٍ مِنهُ وَكَم سَلَّ داءَ
فَأَرانا لُقمانَ في مِصرَ حَيّاً / وَحَبانا لِكُلِّ داءٍ دَواءَ
حَفِظَ اللَهُ مِبضَعاً في يَدَيهِ / قَد أَماتَ الأَسى وَأَحيا الرَجاءَ
جازَ بي عَرفُها فَهاجَ الغَراما
جازَ بي عَرفُها فَهاجَ الغَراما / وَدَعاني فَزُرتُها إِلماما
جَنَّةٌ تَبعَثُ الحَياة وَتَجلو / صَدَأَ النَفسِ رَونَقاً وَنِظاما
زُرتُها مَوهِناً وَفي طَيِّ نَفسي / ذِلَّةَ الصَبِّ وَاِنكِسارُ اليَتامى
وَتَنَقَّلتُ في خَمائِلِها الخُض / رِ يَميناً وَيَسرَةً وَأَماما
فَإِذا رَوضَتانِ في ذَلِكَ الرَو / ضِ تَميسانِ تَحتَ ريحِ الخُزامى
جاءَتا تَخطِرانِ وَالنَجمُ ساهٍ / وَعُيونُ الأَزهارِ تَبغي المَناما
جازَتا مَوضِعي فَهَبَّ نَسيمٌ / أَذكى مِنّي الأَسى وَهاجَ الهُياما
فَتَرَسَّمتُ مِنهُما أَثَرَ الخَط / وِ وَخافَتُّ في المَسيرِ اِحتِشاما
وَتَسَمَّعتُ عَلَّني أُطفِئُ الشَو / قَ وَأَروي مِنَ الفُؤادِ الأَواما
فَإِذا لَهجَتانِ مِن لَهَجاتِ ال / شَرقِ قَد شاقَتا فُؤادي فَهاما
تِلكَ سورِيَّةٌ تَفيضُ بَياناً / تِلكَ مِصرِيَّةٌ تَسيلُ اِنسِجاما
فِطنَةٌ عِندَ رِقَّةٍ عِندَ ظَرفٍ / عِندَ رَأيٍ تَخالُهُ إِلهاما
مالَتا نَحوَ دَوحَةٍ تُرسِلُ الأَغ / صانَ وَاِختارَتا لَدَيها مُقاما
ثُمَّ أَلقَت قِناعَها بِنتُ مِصرٍ / وَأَماطَت بِنتُ الشَآمِ اللِثاما
فَتَوَهَّمتُ أَن قَدِ اِنفَلَقَ البَد / رُ وَقَد كُنتُ أُنكِرُ الأَوهاما
فَتَوارَيتُ ثُمَّ عَلَّقتُ أَنفا / سِيَ ما اِسطَعتُ وَاِرتَدَيتُ الظَلاما
ظَنَّتا ذَلِكَ المَكانَ خَلاءً / لا رَقيباً يُخشى وَلا نَمّاما
فَجَرى فيهِ ما جَرى مِن حَديثٍ / كانَ بَرداً عَلى الحَشا وَسَلاما
حينَ قالَت لِأُختِها بِنتُ مِصرٍ / إِنَّكُم أُمَّةٌ أَبَت أَن تُضاما
صَدَقَ الشاعِرُ الَّذي قالَ فيكُم / كَلِماتٍ نَبَّهنَ مِنّا النِياما
رَكِبوا البَحرَ جاوَزوا القُطبَ فاتوا / مَوقِعَ النَيِّرَينِ خاضوا الظَلاما
يَمتَطونَ الخُطوبَ في طَلَبِ العَي / شِ وَيَبرونَ لِلنِضالِ السِهاما
فَاِنبَرَت ظَبيَةُ الشَآمِ وَقالَت / بَعضَ هَذا فَقَد رَفَعتِ الشَآما
أَنتُمُ الأَسبَقونَ في كُلِّ مَرمىً / قَد بَلَغتُم مِن كُلِّ شَيءٍ مَراما
إِنَّما الشامُ وَالكِنانَةُ صِنوا / نِ رَغمَ الخُطوبِ عاشا لِزاما
أُمُّكُم أُمُّنا وَقَد أَرضَعَتنا / مِن هَواها وَنَحنُ نَأبى الفِطاما
قَد نَزَلنا جِوارَكُم فَحَمِدنا / مِنكُمُ الوُدَّ وَالنَدى وَالذِماما
وَحَلَلنا في أَرضِكُم فَأَصَبنا / مَنزِلاً مُخصِباً وَأَهلاً كِراما
وَغَشينا دِيارَكُم حَيثُ شِئنا / فَلَقينا طَلاقَةً وَاِبتِساما
وَشَرِبنا مِن نيلِكُم فَنَسينا / ماءَ لُبنانَ سَلسَلاً وَالغَماما
وَقَبَسنا مِن نورِكُم فَكَتَبنا / وَأَجَدنا نِثارَنا وَالنِظاما
وَتَلَونا آياتِ شَوقي وَصَبري / فَرَأَينا ما يَبهَرَ الأَفهاما
مَلَآ الشَرقَ حِكمَةً وَأَقاما / في ثَنايا النُفوسِ أَنّى أَقاما
غَنَّيا المَشرِقَينِ ما تَرَكَ الأَف / لاكَ حَيرى وَأَذهَلَ الأَجراما
وَأَعادا عَهدَ الرَشيدِ لِعَبّا / سٍ فَكانا يَراعَهُ وَالحُساما
فَأَشارَت فَتاةُ مِصرَ وَقالَت / قَدكِ لَم تَترُكي لِمِصرَ كَلاما
أَنتُمُ الناسُ قُدرَةً وَمَضاءً / وَنُهوضاً إِلى العُلا وَاِعتِزاما
أَطلَعَت أَرضُكُم عَلى كُلِّ أُفقٍ / أَنجُماً إِثرَ أَنجُمٍ تَتَرامى
تَركَبُ الهَولَ لا تَفادى وَتَمشي / فَوقَ هامِ الصِعابِ لا تَتَحامى
قَد سَمِعنا خَليلَكُم فَسَمِعنا / شاعِراً أَقعَدَ النُهى وَأَقاما
وَطَمِعنا في شَأوِهِ فَقَعَدنا / وَكَسَرنا مِن عَجزِنا الأَقلاما
نَظَمَ الشامَ وَالعِراقَ وَمِصراً / سِلكُ آياتِهِ فَكانَ الإِماما
فَمَشى النَثرُ خاضِعاً وَمَشى الشِع / رُ وَأَلقى إِلى الخَليلِ الزِماما
وَرَأى فيهِ رَأيَنا صاحِبُ الني / لِ فَأَهدى إِلَيهِ ذاكَ الوِساما
شارَةً زانَتِ القَريضَ فَكانَت / شارَةَ النَصرِ زانَتِ الأَعلاما
فَعَقَدنا لَهُ اللِواءَ عَلَينا / وَاِحتَفَلنا نَزيدُهُ إِكراما
ذاكَ ما دارَ مِن حَديثٍ شَهِيٍّ / يَستَفِزُّ النُهى وَيَشجي النَدامى
قَد تَسَقَّطتُهُ وَخالَفتُ فيهِ / مَن يَرى النَقلَ سُبَّةً وَاِجتِراما
فَمِنَ النَقلِ ما يَكونُ حَلالاً / وَمِنَ النَقلِ ما يَكونُ حَراما
صَدَقَ الغادَتانِ يا لَيتَ قَومَي / نا كَما قالَتا هَوىً وَاِلتِئاما
نَحنُ في حاجَةٍ إِلى كُلِّ ما يُن / مي قُوانا وَيَربِطُ الأَرحاما
فَاِجعَلوا حَفلَةَ الخَليلِ صَفاءً / بينَ مِصرٍ وَأُختِها وَسَلاما
وَاِسأَلوا اللَهَ أَن يُديمَ عَلَينا / مُلكُ عَبّاسَ ناضِراً بَسّاما
هُوَ آمالُنا وَحامي حِمانا / أَيَّدَ اللَهُ مُلكَهُ وَأَداما
وَسِعَ الفَضلَ كُلَّهُ صَدرُكَ الرَح
وَسِعَ الفَضلَ كُلَّهُ صَدرُكَ الرَح / بُ فَمَن شاءَ فَليُهَنِّئ وِسامَه
لَم يَزِدكَ الوِسامُ قَدراً وَلَكِن / زادَ قَدرَ العُلا وَقَدرَ الكَرامَه
كَم وِسامٍ كَم حِليَةٍ كَم شِعارٍ / فيكَ كَم شارَةٍ وَكَم مِن عَلامَه
لِإِباءٍ وَحِكمَةٍ وَإِخاءٍ / وَصَفاءٍ وَهِمَّةٍ وَشَهامَه
أَحمَدُ اللَهَ إِذ سَلِمتَ لِمِصرٍ
أَحمَدُ اللَهَ إِذ سَلِمتَ لِمِصرٍ / قَد رَماها في قَلبِها مَن رَماكا
أَحمَدُ اللَهَ إِذ سَلِمتَ لِمِصرٍ / لَيسَ فيها لِيَومِ جِدٍّ سِواكا
أَحمَدُ اللَهَ إِذ سَلِمتَ لِمِصرٍ / وَوَقاها بِلُطفِهِ مَن وَقاكا
قَد شُغِلنا يا سَعدُ عَن كُلِّ شَيءٍ / وَشُغِلنا بِأَن يَتُمَّ شِفاكا
في سَبيلِ الجِهادِ وَالوَطَنِ المَح / بوبِ ما سالَ أَحمَراً مِن دِماكا
قُل لِذاكَ الأَثيمِ وَالفاتِكِ المَف / تونِ لا كُنتَ كَيفَ تَرمي السِماكا
اِنَّما قَد رَمَيتَ في شَخصِ سَعدٍ / أُمَّةً حُرَّةً فَشُلَّت يَداكا
قَد قَرَأناكُمُ فَهَشَّت نُهانا
قَد قَرَأناكُمُ فَهَشَّت نُهانا / فَاِقتَبَسنا نوراً يُضيءُ السَبيلا
فَاِقرَأونا وَمَن لَنا أَن تُصيبوا / بَينَ أَفكارِنا شُعاعاً ضَئيلا
قَد قَرَأنا ظِلالَكُم فَاِشتَفَينا
قَد قَرَأنا ظِلالَكُم فَاِشتَفَينا / بارَكَ اللَهُ في ظِلالِ الدُموعِ
عَلَّمَتنا لَدى الأَسى كَيفَ تَشفي / مُرسَلاتُ الدُموعِ داءَ الضُلوعِ
وَأَرَتنا مِنَ الجَديدِ بَياناً / لَم يَكُن قَبلَها كَثيرَ الشُيوعِ
في طِرازٍ كَأَنَّما نَسَّقَتهُ / مِن مَجاني الرُبا بَنانُ الرَبيعِ
فَعَلى كاتِبِ الظِلالِ سَلامٌ / مِن حَزينٍ وَبائِسٍ وَصَريعِ
أَخرِقُ الدُفَّ لَو رَأَيتُ شَكيبا
أَخرِقُ الدُفَّ لَو رَأَيتُ شَكيبا / وَأَفُضُّ الأَذكارَ حَتّى يَغيبا
هُوَ ذِكري وَقِبلَتي وَإِمامي / وَطَبيبي إِذا دَعَوتُ الطَبيبا
لَو تَراني وَقَد تَعَمَّدتَ قَتلي / بِالتَنائي رَأَيتَ شَيخاً حَريبا
كانَ لا يَنحَني لِغَيرِكَ إِجلا / لاً وَلا يَشتَهي سِواكَ حَبيبا
لا تَعيبَنَّ يا شَكيبُ دَبيبي / إِنَّما الشَيخُ مَن يَدِبُّ دَبيبا
كَم شَرِبتَ المُدامَ في حَضرَةِ الشَي / خِ جِهاراً وَكَم سُقيتَ الحَليبا
فَسَلوا سُبحَتي فَهَل كانَ تَسبي / حِيَ فيها إِلّا شَكيباً شَكيبا
وَإِذا أَدنَفَ الشُيوخَ غَرامٌ / كُنتُ في حَلبَةِ الشُيوخِ نَقيبا
عُد إِلَينا فَقَد أَطَلتَ التَجافي / وَاِركَبِ البَرقَ إِن أَطَقتَ الرُكوبا
وَإِذا خِفتَ ما يُخافُ مِنَ اليَم / مِ فَرَشنا لِأَخمَصَيكَ القُلوبا
وَدَعَونا بِساطَ صاحِبِ بِلقي / سَ فَلَبّى دُعاءَنا مُستَجيبا
وَأَمَرنا الرِياحَ تَجري بِأَمرٍ / مِنكَ حَتّى نَراكَ مِنّا قَريبا
إِنَّ عَضّيكَ يا أَخي بِالمَلامِ
إِنَّ عَضّيكَ يا أَخي بِالمَلامِ / لا يُؤَدّي لِمِثلِ هَذا الخِصامِ
أَنتَ وَالشَمسِ وَالضُحى وَاللَيالي ال / عَشرِ وَالفَجرِ غَيرُ راعي الذِمامِ
ما عَهِدناكَ يا كَريمَ السَجايا / تَصرِفُ النَفسَ عَن هَناتِ الكِرامِ
لَيسَ في كُتبِنا سُؤالُ نَوالٍ / مِنكَ حَتّى خَشيتَ رَدَّ السَلامِ
نَحنُ نَرضى بِالقوتِ مِن هَذِهِ الدُن / يا وَإِن باتَ دونَ قوتِ النَعامِ
وَإِذا خانَ قِسمُنا ما شَكَونا / لِسِوى اللَهِ أَعدَلِ القُسّامِ
كَيفَ تَنسى يا بابِلِيُّ غَريباً / باتَ بَينَ الظُنونِ وَالأَوهامِ
وَحَزيناً إِذا تَنَفَّسَ عادَت / فَحمَةُ اللَيلِ جَمرَةً مِن ضِرامِ
وَإِذا أَنَّ كادَ يَنصَدِعُ الأُف / قُ وَتَعتَلُّ دَورَةَ الأَجرامِ
باتَ تَحتَ البَلاءِ حَتّى تَمَنّى / لَو يَكونُ المَبيتُ تَحتَ الرَغامِ
لي كِساءٌ أَنعِم بِهِ مِن كِساءِ
لي كِساءٌ أَنعِم بِهِ مِن كِساءِ / أَنا فيهِ أَتيهُ مِثلَ الكِسائي
حاكَهُ العِزُّ مِن خُيوطِ المَعالي / وَسَقاهُ النَعيمُ ماءَ الصَفاءِ
وَتَبَدّى في صِبغَةٍ مِن أَديمِ ال / لَيلِ مَصقولَةٍ بِحُسنِ الطِلاءِ
خاطَهُ رَبُّهُ بِإِبرَةِ يُمنٍ / أَوجَروا سَمَّها خُيوطُ الهَناءِ
فَكَأَنّي وَقَد أَحاطَ بِجِسمي / في لِباسٍ مِنَ العُلا وَالبَهاءِ
تُكبِرُ العَينُ رُؤيَتي وَتَراني / في صُفوفِ الوُلاةِ وَالأُمَراءِ
أَلِفَ الناسُ حَيثُ كُنتُ مَكاني / أُلفَةَ المُعدِمينَ شَمسَ الشِتاءِ
يا رِدائي وَأَنتَ خَيرُ رِداءٍ / أَرتَجيهِ لِزينَةٍ وَاِزدِهاءِ
لا أَحالَت لَكَ الحَوادِثُ لَوناً / وَتَعَدَّتكَ ناسِجاتُ الجِواءِ
غَفَلَت عَنكَ لِلبِلى نَظَراتٌ / وَتَخَطَّتكَ إِبرَةُ الرَفّاءِ
صَحِبَتني قَبلَ اِصطِحابِكَ دَهراً / بِدلَةٌ في تَلَوُّنِ الحِرباءِ
نَسَبوها لِطَيلَسانِ اِبنِ حَربٍ / نِسبَةً لَم تَكُن بِذاتِ اِفتِراءِ
كُنتُ فيها إِذا طَرَقتُ أُناساً / أَنكَروني كَطارِقٍ مِن وَباءِ
كَسَفَ الدَهرُ لَونَها وَاِستَعارَت / لَونَ وَجهِ الكَذوبِ عِندَ اللِقاءِ
يا رِدائي جَعَلتَني عِندَ قَومي / فَوقَ ما أَشتَهي وَفَوقَ الرَجاءِ
إِنَّ قَومي تَروقُهُم جِدَّةُ الثَو / بِ وَلا يَعشَقونَ غَيرَ الرُواءِ
قيمَةُ المَرءِ عِندَهُم بَينَ ثَوبٍ / باهِرٍ لَونُهُ وَبَينَ حِذاءِ
قَعَدَ الفَضلُ بي وَقُمتُ بِعِزّي / بَينَ صَحبي جُزيتَ خَيرَ الجَزاءِ
نَبِّئاني إِن كُنتُما تَعلَمانِ
نَبِّئاني إِن كُنتُما تَعلَمانِ / ما دَهى الكَونَ أَيُّها الفَرقَدانِ
غَضِبَ اللَهُ أَم تَمَرَّدَتِ الأَر / ضُ فَأَنحَت عَلى بَني الإِنسانِ
لَيسَ هَذا سُبحانَ رَبّي وَلا ذا / كَ وَلَكِن طَبيعَةُ الأَكوانِ
غَلَيانٌ في الأَرضِ نَفَّسَ عَنهُ / ثَوَرانٌ في البَحرِ وَالبُركانِ
رَبِّ أَينَ المَفَرُّ وَالبَحرُ وَالبَر / رُ عَلى الكَيدِ لِلوَرى عامِلانِ
كُنتُ أَخشى البِحارَ وَالمَوتُ فيها / راصِدٌ غَفلَةً مِنَ الرُبّانِ
سابِحٌ تَحتَنا مُطِلٌّ عَلَينا / حائِمٌ حَولَنا مُناءٍ مُداني
فَإِذا الأَرضُ وَالبِحارُ سَواءٌ / في خَلاقٍ كِلاهُما غادِرانِ
ما لِمَسّينَ عوجِلَت في صِباها / وَدَعاها مِنَ الرَدى داعِيانِ
وَمَحَت تِلكُمُ المَحاسِنَ مِنها / حينَ تَمَّت آياتُها آيَتانِ
خُسِفَت ثُمَّ أُغرِقَت ثُمَّ بادَت / قُضِيَ الأَمرُ كُلُّهُ في ثَواني
وَأَتى أَمرُها فَأَضحَت كَأَن لَم / تَكُ بِالأَمسِ زينَةَ البُلدانِ
لَيتَها أُمهِلَت فَتَقضي حُقوقاً / مِن وَداعِ اللِداتِ وَالجيرانِ
لَمحَةً يَسعَدُ الصَديقانِ فيها / بِاِجتِماعٍ وَيَلتَقي العاشِقانِ
بَغَتِ الأَرضُ وَالجِبالُ عَلَيها / وَطَغى البَحرُ أَيَّما طُغيانِ
تِلكَ تَغلي حِقداً عَلَيها فَتَنشَق / قُ اِنشِقاقاً مِن كَثرَةِ الغَلَيانِ
فَتُجيبُ الجِبالُ رَجماً وَقَذفاً / بِشُواظٍ مِن مارِجٍ وَدُخانِ
وَتَسوقُ البِحارُ رَدّاً عَلَيها / جَيشَ مَوجٍ نائي الجَناحَينِ داني
فَهُنا المَوتُ أَسوَدُ اللَونِ جَونٌ / وَهُنا المَوتُ أَحمَرُ اللَونِ قاني
جَنَّدَ الماءَ وَالثَرى لِهَلاكِ ال / خَلقِ ثُمَّ اِستَعانَ بِالنيرانِ
وَدَعا السُحبَ عاتِياً فَأَمَدَّت / هُ بِجَيشٍ مِنَ الصَواعِقِ ثاني
فَاِستَحالَ النَجاءُ وَاِستَحكَمَ اليَأ / سُ وَخارَت عَزائِمُ الشُجعانِ
وَشَفى المَوتُ غِلَّهُ مِن نُفوسٍ / لا تُباليهِ في مَجالِ الطِعانِ
أَينَ رِدجو وَأَينَ ما كانَ فيها / مِن مَغانٍ مَأهولَةٍ وَغَواني
عوجِلَت مِثلَ أُختِها وَدَهاها / ما دَهاها مِن ذَلِكَ الثَوَرانِ
رُبَّ طِفلٍ قَد ساخَ في باطِنِ الأَر / ضِ يُنادي أُمّي أَبي أَدرِكاني
وَفَتاةٍ هَيفاءَ تُشوى عَلى الجَم / رِ تُعاني مِن حَرِّهِ ما تُعاني
وَأَبٍ ذاهِلٍ إِلى النارِ يَمشي / مُستَميتاً تَمتَدُّ مِنهُ اليَدانِ
باحِثاً عَن بَناتِهِ وَبَنيهِ / مُسرِعَ الخَطوِ مُستَطيرَ الجَنانِ
تَأكُلُ النارُ مِنهُ لا هُوَ ناجٍ / مِن لَظاها وَلا اللَظى عَنهُ واني
غَصَّتِ الأَرضُ أُتخِمَ البَحرُ مِمّا / طَوَياهُ مِن هَذِهِ الأَبدانِ
وَشَكا الحوتُ لِلنُسورِ شَكاةً / رَدَّدَتها النُسورُ لِلحيتانِ
أَسرَفا في الجُسومِ نَقراً وَنَهشاً / ثُمَّ باتا مِن كِظَّةٍ يَشكُوانِ
لا رَعى اللَهُ ساكِنَ القِمَمِ الشُم / مِ وَلا حاطَ ساكِنَ القيعانِ
قَد أَغارا عَلى أَكُفٍّ بَراها / بارِئُ الكائِناتِ لِلإِتقانِ
كَيفَ لَم يَرحَما أَنامِلَها الغُ / رَّ وَلَم يَرفُقا بِتِلكَ البَنانِ
لَهفَ نَفسي وَأَلفَ لَهفٍ عَلَيها / مِن أَكُفٍّ كانَت صَناعَ الزَمانِ
مولَعاتٍ بِصَيدِ كُلِّ جَميلٍ / ناصِباتٍ حَبائِلَ الأَلوانِ
حافِراتٍ في الصَخرِ أَو ناقِشاتٍ / شائِداتٍ رَوائِعَ البُنيانِ
مُنطِقاتٍ لِسانَ كُلِّ جَمادٍ / مُفحِماتٍ سَواجِعَ الأَفنانِ
مُلهَماتٍ مِن دِقَّةِ الصُنعِ مالا / يُلهَمُ الشِعرُ مِن دَقيقِ المَعاني
مِن تَماثيلَ كَالنُجومِ الدَراري / يَهرَمُ الدَهرُ وَهيَ في عُنفُوانِ
عَجَبٌ صُنعُها وَأَعجَبُ مِنهُ / صُنعُهُ تِلكَ قُدرَةُ الرَحمَنِ
إيهِ مِسّينَ آنِسي اليَومَ بُمبِي / يَ فَقَد أَوحَشَت بِذاكَ المَكانِ
آنِسي الدُرَّةَ الَّتي كانَتِ الحِل / يَةَ في تاجِ دَولَةِ الرومانِ
غالَها قَبلَكِ الزَمانُ اِغتِيالاً / وَهيَ تَلهو في غِبطَةٍ وَأَمانِ
جاءَها الأَمرُ وَالسَراةُ عُكوفٌ / في المَلاهي عَلى غِناءِ القِيانِ
بَينَ صَبٍّ مُدَلَّهٍ وَطَروبٍ / وَخَليعٍ في اللَهوِ مُرخى العِنانِ
فَاِنطَوَوا كَاِنطِواءِ أَهلِكِ بِالأَم / سِ وَزالَت بَشاشَةُ العُمرانِ
أَنتِ مِسّينَ لَن تَزولي كَما زا / لَت وَلَكِن أَمسَيتِ رَهنَ الأَوانِ
إِنَّ إيطاليا بَنوها بُناةٌ / فَاِطمَئِنّي ما دامَ في الحَيِّ باني
فَسَلامٌ عَلَيكِ يَومَ تَوَلَّي / تِ بِما فيكِ مِن مَغانٍ حِسانِ
وَسَلامٌ عَلَيكَ يَومَ تَعودي / نَ كَما كُنتِ جَنَّةَ الطُليانِ
وَسَلامٌ مِن كُلِّ حَيٍّ عَلى الأَر / ضِ عَلى كُلِّ هالِكٍ فيكِ فاني
وَسَلامٌ عَلى الأُلى أَكَلَ الذِئ / بُ وَناشَت جَوارِحُ العِقبانِ
وَسَلامٌ عَلى اِمرِئٍ جادَ بِالدَم / عِ وَثَنّى بِالأَصفَرِ الرَنّانِ
ذاكَ حَقُّ الإِنسانِ عِندَ بَني الإِن / سانِ لَم أَدعُكُم إِلى إِحسانِ
فَاِكتُبوا في سَماءِ رُدجو وَمِسّي / نا وَكالَبرِيا بِكُلِّ لِسانِ
هاهُنا مَصرَعُ الصِناعَةِ وَالتَص / ويرِ وَالحِذقِ وَالحِجا وَالأَغاني
اِرحَمونا بَني اليَهودِ كَفاكُم
اِرحَمونا بَني اليَهودِ كَفاكُم / ما جَمَعتُم بِحِذقِكُم مِن نُقودِ
وَأَصفَحوا عَن عُقولِنا وَدَعوا الخَل / قَ بِسِرِّ التَوراةِ وَالتُلمودِ
لا تَزيدوا عَلى الصُكوكِ فِخاخاً / مِن غِناءٍ ما بَينَ دُفٍّ وَعودِ
وَيحَكُم إِنَّ جاكَ أَسرَفَ حَتّى / زادَ في قَومِهِ عَلى داوودِ
أَسكِتوهُ لا أَسكَتَ اللَهُ ذاكَ ال / صَوتَ صَوتَ المُتَيَّمِ الغِرّيدِ
أَو دَعوهُ فِداؤُهُ إِن تَغَنّى / كُلُّ نَفسٍ وَكُلُّ ما في الوُجودِ
عاصِفٌ يَرتَمي وَبَحرٌ يُغيرُ
عاصِفٌ يَرتَمي وَبَحرٌ يُغيرُ / أَنا بِاللَهِ مِنهُما مُستَجيرُ
وَكَأَنَّ الأَمواجَ وَهيَ تَوالى / مُحنَقاتٍ أَشجانُ نَفسٍ تَثورُ
أَزبَدَت ثُمَّ جَرجَرَت ثُمَّ ثارَت / ثُمَّ فارَت كَما تَفورُ القُدورُ
ثُمَّ أَوفَت مِثلَ الجِبالِ عَلى الفُل / كِ وَلِلفُلكِ عَزمَةٌ لا تَخورُ
تَتَرامى بِجُؤجُؤٍ لا يُبالي / أَمِياهٌ تَحوطُهُ أَم صُخورُ
أَزعَجَ البَحرُ جانِبَيها مِنَ الشَد / دِ فَجَنبٌ يَعلو وَجَنبٌ يَغورُ
وَهوَ آناً يَنحَطُّ مِن عَلُ كَالسَي / لِ وَآناً يَحوطُها مِنهُ سورُ
وَهيَ تَزوَرُّ كَالجَوادِ إِذا ما / ساقَهُ لِلطِعانِ نَدبٌ جَسورُ
وَعَلَيها نُفوسُنا خائِراتٌ / جازِعاتٌ كادَت شَعاعاً تَطيرُ
في ثَنايا الأَمواجِ وَالزَبَدِ المَن / دوفِ لاحَت أَكفانُنا وَالقُبورُ
مَرَّ يَومٌ وَبَعضُ يَومٍ عَلَينا / وَالمَنايا إِلى النُفوسِ تُشيرُ
ثُمَّ طافَت عِنايَةُ اللَهِ بِالفُل / كِ فَزالَت عَمَّن تُقِلُّ الشُرورُ
مَلَكَت دَفَّةَ النَجاةِ يَدُ اللَ / هِ فَسُبحانَ مَن إِلَيهِ المَصيرُ
أَمَرَ البَحرَ فَاِستَكانَ وَأَمسى / مِنهُ ذاكَ العُبابُ وَهوَ حَصيرُ
أَيُّها البَحرُ لا يَغُرَّنكَ حَولٌ / وَاِتِّساعٌ وَأَنتَ خَلقٌ كَبيرُ
إِنَّما أَنتَ ذَرَّةٌ قَد حَوَتها / ذَرَّةٌ في فَضاءِ رَبّي تَدورُ
إِنَّما أَنتَ قَطرَةٌ في إِناءٍ / لَيسَ يَدري مَداهُ إِلّا القَديرُ
إيهِ اِسبيرِيا فَدَتكِ الجَواري / مَنشَآتٍ كَأَنَّهُنَّ القُصورُ
يا عَروسَ البِحارِ إِنَّكِ أَهلٌ / أَن تُحَلّيكِ بِالجُمانِ البُحورُ
فَاِلبَسي اليَومَ مِن ثَنائِيَ عِقداً / تَشتَهيهِ مِنَ الحِسانِ النُحورُ
إيهِ إيطالِيا عَدَتكِ العَوادي / وَتَنَحّى عَن ساكِنيكِ الثُبورُ
فيكِ يا مَهبِطَ الجَمالِ فُنونٌ / لَيسَ فيها عَنِ الكَمالِ قُصورُ
وَدُمىً جَمَّعَ المَحاسِنَ فيها / صَنَعُ الكَفِّ عَبقَرِيٌّ شَهيرُ
قَد أُقيمَت مِنَ الجَمادِ وَلَكِن / مِن مَعاني الحَياةِ فيها سُطورُ
فَهيَ تَبدو مِنَ المَلائِكِ يَكسو / ها جَمالٌ عَلى حِفافَيهِ نورُ
أُمِرتُ بِالسُكوتِ مِن جانِبِ الحَق / قِ بِدُنيا فيها الأَحاديثُ زورُ
أَرضُهُم جَنَّةٌ وَحورٌ وَوِلدا / نٌ كَما تَشتَهي وَمُلكٌ كَبيرُ
تَحتَها وَالعِياذُ بِاللَهِ نارٌ / وَعَذابٌ وَمُنكَرٌ وَنَكيرُ
إِنَّ يَوماً كَيَومِ رِدجو وَمِسّي / نا وَكالَبرِيا لَيَومٌ عَسيرُ
ساعَةٌ مِنهُ تُهلِكُ الحَرثَ وَالنَس / لَ وَتَمحو ما سَطَّرَتهُ الدُهورُ
ذاكَ فيزوفُ قائِماً يَتَلَظّى / قَد تَعالى شَهيقُهُ وَالزَفيرُ
يُنذِرُ القَومَ بِالرَحيلِ وَلَكِن / لَيسَ يُغني مَعَ القَضاءِ النَذيرُ
وَكَذاكَ الأَوطانُ مَهما تَجَنَّت / لَيسَ لِلحُرِّ عَن حِماها مَسيرُ
شَمسُهُم غادَةٌ عَلَيها حِجابٌ / فَهيَ شَرقِيَّةٌ حَوَتها الخُدورُ
شَمسُنا غادَةٌ أَبَت أَن تَوارى / فَهيَ غَربِيَّةٌ جَلاها السُفورُ
جَوُّهُم في تَقَلُّبٍ وَاِختِلافٍ / غَيرَ أَنَّ الثَباتَ فيهِم وَفيرُ
جَوُّنا أَثبَتُ الجِواءِ وَلَكِن / لَيسَ فينا عَلى الثَباتِ صَبورُ
وَلَدَيهِم مِنَ الفُنونِ لُبابٌ / وَلَدَينا مِنَ الفُنونِ قُشورُ
أَنكَرَ الوَقفَ شَرعُهُم فَلِهَذا / كُلُّ رَبعٍ بِأَرضِهِم مَعمورُ
لَيسَ فيها مُستَنقَعٌ أَو جِدارٌ / قَد تَداعى أَو مَسكَنٌ مَهجورُ
كُلُّ شِبرٍ فيها عَلَيهِ بِناءٌ / مُشمَخِرٌّ أَو رَوضَةٌ أَو غَديرُ
قَسَّموا الوَقتَ بَينَ لَهوٍ وَجِدٍّ / في مَدى اليَومِ قِسمَةً لا تَجورُ
كُلُّهُم كادِحٌ بَكورٌ إِلى الرِز / قِ وَلاهٍ إِذا دَعاهُ السُرورُ
لا تَرى في الصَباحِ لاعِبَ نَردٍ / حَولَهُ لِلرِهانِ جَمٌّ غَفيرُ
لا وَلا باهِلاً سَليمَ النَواحي / لِلقَهاوي رَواحُهُ وَالبُكورُ
لَم يَحُل بَينَهُم وَبَينَ المَلاهي / أَو شُؤونِ الحَياةِ جَوٌّ مَطيرُ
لا يُبالونَ بِالطَبيعَةِ حَنَّت / أَم تَجَنَّت أَمِ اِحتَواها النَعورُ
عَصَفَت فَوقَهُم رِياحٌ عَواتٍ / أَم أَجازَت بِهِم صَباً أَم دَبورُ
قَد أَعَدّوا لِحادِثاتِ اللَيالي / عُدَّةً لا يَحوزُها التَقديرُ
نَضَّروا الصَخرَ في رُؤوسِ الرَواسي / وَلَدَينا في مَوطِنِ الخِصبِ بورُ
قَد وَقَفنا عِندَ القَديمِ وَساروا / حَيثُ تَسري إِلى الكَمالِ البُدورُ
وَالجَواري في النيلِ مِن عَهدِ نوحٍ / لَم يُقَدَّر لِصُنعِها تَغييرُ
وَلِعَ القَومُ بِالنَظافَةِ حَتّى / جُنَّ فيها غَنِيُّهُم وَالفَقيرُ
فَإِذا سِرتُ في الطَريقِ نَهاراً / خِلتُ أَنّي عَلى المَرايا أَسيرُ
أَفرَطَ القَومُ في النِظامِ وَعِندي / أَنَّ فَرطَ النِظامِ أَسرٌ وَنيرُ
وَلَذيذُ الحَياةِ ما كانَ فَوضى / لَيسَ فيها مُسَيطِرٌ أَو أَميرُ
فَإِذا ما سَأَلتَني قُلتُ عَنهُم / أُمَّةٌ حُرَّةٌ وَفَردٌ أَسيرُ
ذاكَ رَأيي وَهَل أُشارَكُ فيهِ / إِنَّهُ قَولُ شاعِرٍ لا يَضيرُ
في جِبالِ التيرولِ إِن أَقبَلَ الصَي / فُ نَعيمٌ وَإِن مَضى زَمهَريرُ
أَذكَرَتني ما قالَهُ عَرَبِيٌّ / طارِقِيٌّ أَمسى اِحتَواهُ شُلَيرُ
حَلَّ تَركُ الصَلاةِ في هَذِهِ الأَر / ضِ وَحَلَّت لَنا عَلَيها الخُمورُ
إِنَّ صَدرَ السَعيرِ أَحنى عَلَينا / مِن شُلَيرٍ وَأَينَ مِنّا السَعيرُ
قَد بَلَوتُ الحَياةَ في الشَرقِ وَالغَر / بِ فَما في الحَياةِ أَمرٌ يَسيرُ
مِن ثَواءٍ فيهِ المَلالُ لِزامٌ / أَو رَحيلٍ فيهِ العَناءُ كَثيرُ
عَجِبَ الناسُ مِنكَ يا اِبنَ سُلَيما
عَجِبَ الناسُ مِنكَ يا اِبنَ سُلَيما / نَ وَقَد أَبصَروا لَدَيكَ عَجيبا
أَبصَروا في حِماكَ غَيثاً وَناراً / ذاكَ يَهمي وَتِلكَ تَذكو لَهيبا
وَنَسوا أَنَّ جودَ كَفِّكَ غَيثٌ / ظَلَّ لِلمُرتَجى الوُرودَ قَريبا
وَهيَ ضَيفٌ أَصابَهُ عَنَتُ الدَه / رِ وَأَلفى هَذا الفَناءِ رَحيبا
فَأَتى يُبرِدُ الغَليلَ بِقَطرٍ / مِن نَدى سَيِّدٍ يُواسي الغَريبا
ضِعتَ بَينَ النُهى وَبَينَ الخَيالِ
ضِعتَ بَينَ النُهى وَبَينَ الخَيالِ / يا حَكيمَ النُفوسِ يا اِبنَ المَعالي
ضِعتَ في الشَرقِ بَينَ قَومٍ هُجودٍ / لَم يُفيقوا وَأُمَّةٍ مِكسالِ
قَد أَذالوكَ بَينَ أُنسٍ وَكَأسٍ / وَغَرامٍ بِظَبيَةٍ أَو غَزالِ
وَنَسيبٍ وَمِدحَةٍ وَهِجاءٍ / وَرِثاءٍ وَفِتنَةٍ وَضَلالِ
وَحَماسٍ أَراهُ في غَيرِ شَيءٍ / وَصَغارٍ يَجُرُّ ذَيلَ اِختِيالِ
عِشتَ ما بَينَهُم مُذالاً مُضاعاً / وَكَذا كُنتَ في العُصورِ الخَوالي
حَمَّلوكَ العَناءَ مِن حُبِّ لَيلى / وَسُلَيمى وَوَقفَةِ الأَطلالِ
وَبُكاءٍ عَلى عَزيزٍ تَوَلّى / وَرُسومٍ راحَت بِهِنَّ اللَيالي
وَإِذا ما سَمَوا بِقَدرِكَ يَوماً / أَسكَنوكَ الرِحالَ فَوقَ الجِمالِ
آنَ يا شِعرُ أَن نَفُكَّ قُيوداً / قَيَّدَتنا بِها دُعاةُ المُحالِ
فَاِرفَعوا هَذِهِ الكَمائِمِ عَنّا / وَدَعونا نَشُمُّ ريحَ الشَمالِ
أَنكَرَ النيلُ مَوقِفَ الخَزّانِ
أَنكَرَ النيلُ مَوقِفَ الخَزّانِ / فَاِنثَنى قافِلاً إِلى السودانِ
راعَهُ أَن يَرى عَلى جانِبَيهِ / رَصَداً مِن مَكايِدِ الإِنسانِ
أَوشَكَ الديكُ أَن يَصيحَ وَنَفسي
أَوشَكَ الديكُ أَن يَصيحَ وَنَفسي / بَينَ هَمٍّ وَبَينَ ظَنٍّ وَحَدسِ
يا غُلامُ المُدامَ وَالكاسَ وَالطا / سَ وَهَيِّئ لَنا مَكاناً كَأَمسِ
أَطلِقِ الشَمسَ مِن غَياهِبِ هَذا الدَن / نِ وَاِملَإ مِن ذَلِكَ النورِ كَأسي
وَأَذَنِ الصُبحَ أَن يَلوحَ لِعَيني / مِن سَناها فَذاكَ وَقتُ التَحَسّي
وَاِدعُ نَدمانَ خَلوَتي وَاِئتِناسي / وَتَعَجَّل وَأَسبِل سُتورَ الدِمَقسِ
وَاِسقِنا يا غُلامُ حَتّى تَرانا / لا نُطيقُ الكَلامَ إِلّا بِهَمسِ
خَمرَةً قيلَ إِنَّهُم عَصَروها / مِن خُدودِ المِلاحِ في يَومِ عُرسِ
مُذ رَآها فَتى العَزيزِ مَناماً / وَهوَ في السِجنِ بَينَ هَمٍّ وَيَأسِ
أَعقَبَتهُ الخَلاصَ مِن بَعدِ ضيقٍ / وَحَبَتهُ السُعودَ مِن بَعدِ نَحسِ
يا نَديمي بِاللَهِ قُل لي لِماذا / هَذِهِ الخَندَريسُ تُدعى بِرِجسِ
هِيَ نَفسٌ زَكِيَّةٌ وَأَبوها / غَرسُهُ في الجِنانِ أَكرَمُ غَرسِ
هِيَ نَفسٌ تَعَلَّمَت حُسنَ أَخلا / قِ المولِحِيِّ في صَفاءٍ وَأُنسِ
خَصَّهُ اللَهُ حَيثُ يُصبِحُ بِالإِق / بالِ وَالعِزِّ وَالعُلا حَيثُ يُمسي
سائِلوا اللَيلَ عَنهُمُ وَالنَهارا
سائِلوا اللَيلَ عَنهُمُ وَالنَهارا / كَيفَ باتَت نِسائُهُم وَالعَذارى
كَيفَ أَمسى رَضيعُهُم فَقَدَ الأُم / مَ وَكَيفَ اِصطَلى مَعَ القَومِ نارا
كَيفَ طاحَ العَجوزُ تَحتَ جِدارٍ / يَتَداعى وَأَسقُفٍ تَتَجارى
رَبِّ إِنَّ القَضاءَ أَنحى عَلَيهِم / فَاِكشِفِ الكَربَ وَاِحجُبِ الأَقدارا
وَمُرِ النارَ أَن تَكُفَّ أَذاها / وَمُرِ الغَيثَ أَن يَسيلَ اِنهِمارا
أَينَ طوفانُ صاحِبِ الفُلكِ يَروي / هَذِهِ النارَ فَهيَ تَشكو الأُوارا
أَشعَلتَ فَحمَةَ الدَياجي فَباتَت / تَملَأُ الأَرضَ وَالسَماءَ شَرارا
غَشِيَتهُم وَالنَحسُ يَجري يَميناً / وَرَمَتهُم وَالبُؤسُ يَجري يَسارا
فَأَغارَت وَأَوجُهُ القَومِ بيضٌ / ثُمَّ غارَت وَقَد كَسَتهُنَّ قارا
أَكَلَت دورَهُم فَلَمّا اِستَقَلَّت / لَم تُغادِر صِغارَهُم وَالكِبارا
أَخرَجَتهُم مِنَ الدِيارِ عُراةً / حَذَرَ المَوتِ يَطلُبونَ الفِرارا
يَلبَسونَ الظَلامَ حَتّى إِذا ما / أَقبَلَ الصُبحُ يَلبَسونَ النَهارا
حُلَّةً لا تَقيهِمُ البَردَ وَالحَر / رَ وَلا عَنهُمُ تَرُدُّ الغُبارا
أَيُّها الرافِلونَ في حُلَلِ الوَش / يِ يَجُرّونَ لِلذُيولِ اِفتِخارا
إِنَّ فَوقَ العَراءِ قَوماً جِياعاً / يَتَوارَونَ ذِلَّةً وَاِنكِسارا
أَيُّهَذا السَجينُ لا يَمنَعُ السِج / نُ كَريماً مِن أَن يُقيلَ العِثارا
مُر بِأَلفٍ لَهُم وَإِن شِئتَ زِدها / وَأَجِرهُم كَما أَجَرتَ النَصارى
قَد شَهِدنا بِالأَمسِ في مِصرَ عُرساً / مَلَأَ العَينَ وَالفُؤادَ اِبتِهارا
سالَ فيهِ النُضارُ حَتّى حَسِبنا / أَنَّ ذاكَ الفِناءَ يَجري نُضارا
باتَ فيهِ المُنَعَّمونَ بِلَيلٍ / أَخجَلَ الصُبحَ حُسنُهُ فَتَوارى
يَكتَسونَ السُرورَ طَوراً وَطَوراً / في يَدِ الكَأسِ يَخلَعونَ الوَقارا
وَسَمِعنا في مَيتِ غَمرٍ صِياحاً / مَلَأَ البَرَّ ضَجَّةً وَالبِحارا
جَلَّ مَن قَسَّمَ الحُظوظَ فَهَذا / يَتَغَنّى وَذاكَ يَبكي الدِيارا
رُبَّ لَيلٍ في الدَهرِ قَد ضَمَّ نَحساً / وَسُعوداً وَعُسرَةً وَيَسارا
أَلبَسوكِ الدِماءَ فَوقَ الدِماءِ
أَلبَسوكِ الدِماءَ فَوقَ الدِماءِ / وَأَرَوكِ العِداءَ بَعدَ العِداءِ
فَلَبِستِ النَجيعَ مِن عَهدِ قابي / لَ وَشاهَدتِ مَصرَعَ الأَبرِياءِ
فَلَكِ العُذرُ إِن قَسَوتِ وَإِن خُن / تِ وَإِن كُنتِ مَصدَراً لِلشَقاءِ
غَلِطَ الناسُ ما طَغى جَبَلُ النا / رِ بِإِرسالِ نَفثَةٍ في الهَواءِ
أَحرَجوا صَدرَ أُمِّهِ فَأَراهُم / بَعضَ ما أَضمَرَت مِنَ البُرَحاءِ
أَسخَطوها فَصابَرَتهُم زَماناً / ثُمَّ أَنحَت عَلَيهِمُ بِالجَزاءِ
أَيُّها الناسُ إِن يَكُن ذاكَ سُخطُ ال / أَرضِ ماذا يَكونُ سُخطُ السَماءِ
إِنَّ في عُلوِ مَسرَحاً لِلمَقادي / رِ وَفي الأَرضِ مَكمَناً لِلقَضاءِ
فَاِتَّقوا الأَرضَ وَالسَماءَ سَواءً / وَاِتَّقوا النارَ في الثَرى وَالفَضاءِ