المجموع : 20
أطلع البدر من جبينك صبحاً
أطلع البدر من جبينك صبحاً / فاعترض آية الظلام لتمحي
سافراً عن سوالف كم أرتنا / في ضحاها لداجن الصدغ جنحا
رف بنداً فقلت يا ملك الحسن / بهذا اللواء أدركت فتحا
أفرغ الجعد جوشنا وتقلد / طرفك السيف واهزز القد رمحا
كم ثنايا حميتها بثنايا / موريات بين الجوانح قدحا
وسمت خيل أدمعي فتجارت / عاديات في موكب العشق ضبحا
الأمان الأمان نادك قلب / ما رأى منك عند بطشك صفحا
هو من جملة الصفايا فخذه / إن تكن تصطفي وجيبا وبرحا
لك قد وناظر ثعلي / أكثرا في النفوس طعناً وذبحا
كم جنحنا منك اختياراً / وعقدنا على الحواجب صلحا
أيها الفاتن العقول بثغر / علم البرق كيف يومض لمحا
إن في غصن فدك الغصن حليا / أطرب العندليب سجعاً وصدحا
قم تنبا بمعجز علم الطير / فنوناً ونفثة السحر أوحى
لغةً من أعاجم الحلي جاءت / تعرب اللحن معجماً وهي فصحى
رنحت معطفي فهل هي أملت / في بني صالح ثناء ومدحا
مرسلي السيب حيث دجلة منه / تنهل الآملين منا ونجحا
وبشرقيها لهم بيت عز / حسدت منه دارة البدر صرحا
إن تزن أرضه عددت ثراه / لسواه من المعاقل سطحا
خرق الماء جدره فتلاقت / بحماه الأنهار تبهر طفحا
مستفيضاً رواية لو عليل ال / زهر عنها روى الحديث لصحا
يفعم البركة التي باكرتها / نسمات الأزهار بالطيب نفحا
قابلت جدول المجرة ليلاً / فتجارت بها الكواكب سبحا
ومصابيحها اللوامح كادت / تخطف النيرات ومضا ولمحا
لو بها راكب الدجنة أمسى / ساحباً حلة الظلام لأضحى
نورها والنمير كم أرينا / بارقاً في الزوراء جاور سفحا
أوقفتنا منها على نحو ود / واختلاف من الزهور وأنحا
فوجدنا كسراً لآس وضماً / لشقيق وللسواسن فتحا
ونرى الجلنار يحمر خدا / أفثغر الأقاح أدماه جرحا
وكرات الليمون كم أقرأتنا / من علوم النبات متناً وشرحا
أيها القصر من كواك أطلعنا / فعبرنا مجاري الشهب مسحا
قد طردت السماح في شرفٍ كم / زاحمت متن كوكب فتنحى
رفعتك البناة في مدرج لا / تخطئ العين فيه سرباً وسرحا
باسطتنا به الصفاء الليالي / فطوينا عما سوى اللهو كشحا
وشع الحسن جلنارا وآسا
وشع الحسن جلنارا وآسا / من عذار خلال خديك جاسا
قابلت وجهك السماء فأبدت / صورة البدر من سناك انعكاسا
وسبى ثغرك الثريا فأبدت / بالدراري تشبها وجناسا
وتمنى الهلال لو صيغ طوقا / لك فاستام حليك الوسواسا
والتوى الصدغ حارساً وجنات / أشكل الورد عندهن التباسا
كم أردنا من وردهن اقتطافا / فاصطلينا من جمرهن اقتباسا
يا غزال الحمى وقلت غزالا / حين أبصرت في ضلوعي كناسا
حسبو غند مقلتيك نعاسا / ومن الغنج ما يخال نعاسا
أتها المرتمي ارتم فسديد / أنت واستهدف الحشا قرطاسا
أبلحظ وحاجب ثعلي / قد فضحت النبال والأقواسا
لك يا واهن الحشا أي بطش / فيه تقوى على الأسود افتراسا
من كسا خدك الشقيق كساني / من بهار الضنا عليك لباسا
موج ماء الصبا بخديك أجرى / سحب عيني تدفقاً وانبجاسا
وغذا ما اختلست نظرة عين / منك سلت مني الفؤاد اختلاسا
هب جميع الورى أحبتك حبي / غير أني قاسيت ما لا يقاسى
يا خليلي بالضنا واسياني / لست أوسي فعلني أن أواسى
فاسقني لا عطشت ريقاً وثغرا / يوم تسقي النديم خمراً وكاسا
وارع لي ذمة لديك وعهدا / يوم تنسى العهود أو تتناسى
وبذاك الفريق ساقي حميا / إن دجا الليل شبهاً نبراسا
ملء برديه عفة ودلال / حرس اللَه قده المياسا
وقر الكبر مشيه فتولت / عطفه نشوة الدلال فماسا
يتهادى بين الربى حاليات / ما رستها غفر الظباء مراسا
عاقدات من لؤلؤ الطل تاجا / ناشرات وشي الرياض لباسا
وهو يجلو سوالفاً وسلافا / بأباريقها وجاماً وطاسا
لي طبع يروض فيك القوافي / طيعات إذا تلوت شماسا
ولكم لي بديعة مثل هذي / فيك غنت بها أناس أناسا
هي سكر النديم دون الحميا / إذ يحيي النديم والجلاسا
هي مثل العروس تحلو فتجلو / بجلاها الأعياد والأعراسا
بك شبهتها وفي عرس هادي / بالتهاني أزرتها العباسا
قمر مشرق بهالة سعد / ما رأته الأقمار إلا التماسا
و لأنواره الفقاهة أهدت / مثل أنوارها فنال اقتباسا
وهو البغية التي تبتغيها / والمعاني مؤلفات جناسا
هو من غرسها كما هي منه / غصناً دوحة تطيب غراسا
لا تقس فضله بفضل سواه / رب فضل بفضله لن يقاسا
وكذاك الورى معادن شتى / فنضاراً بها ترى ونحاسا
بلوى الرقمتين من أم أوفي
بلوى الرقمتين من أم أوفي / طلل بان أهله فتعفى
غيرته الأعصار يوماً وليلا / وشمالاً يعصفن بالربع عصفا
ومحاه مسرى الرياح حنوبا / واهطال السماء سحا ووكفا
وثلاث لم يبلها صوب قطر / لا ولا كابدت من البين صرفا
قربت بينها ولائد بكرٌ / وارتضتها مواقد الحي إلفا
بين تؤيين خلت ظمياء ألقت / من حلي لها سواراً ووقفا
قال لي صاحبي وقد أخضل الدم / ع ردائي ومزنة الشوق وطفا
طارحا بالطلول عبء دموع / أثقلت ناظري عسى أن يخفا
أو تبكيك باللوى عرصات / دارسات الطلول من أم أوفى
صاح دعني في أربع نعمتني / بلعوب لطفيفة الخصر هيفا
كان عهدي بها قريبة عهد / لم ترعني في موعد الوصل خلفا
تتمشى مدلة بين بيتي / جارتيها ممكورة تتكفا
بقضيب يهزه اللين قدا / وكثيب يرجه الثقل ردفا
هي روض الجمال يرتادها الطر / ف اختلاساً وتمنع الكف قطفا
مبسماً واضحاً ووجهاً أغرا / وحشا مخطفاً وزنداً ألفا
وثنايا كأنهن لئالٍ / نسقتها نساقة الغيد رصفا
هي أحلى من الرحيق إذا ما / خلطوها بالزنجبيل المصفى
وجفوناً أودى بها السقم حتى / كدن يحكينني سقاماً وضعفا
فتنت نرجس البطاح إذا ما / نبهته الصبا وقد كان أغفى
ريشت نبلها وريشت نبلي / فمضى لحظها وأرعشت كفا
وارتمينا فكنت أكذب مرمى / وانثنينا فكنت أصدق حتفا
هز منها الصبا قضيبي أراك / للتصابي ولفنا الشوق لفا
إن تعشقتها هوى لعمري / أنا ممن إذا تعشق عفا
أدعي حبها لينصل مني / رب مبدٍ أبدى هواه ليخفى
أهلها قربوا الجمال وخطوا / حجبها للنوى حجلاً وسجفا
فتبدت من القطيفة شمساً / واستقلت على الرحالة خشفا
فبعيني ظعائناً جزن بالرم / ل وراء الهضاب يحدون عنفا
أيها الراكب التي أنتجوها / من ظليم أصاب وجناء حرفا
فهي خلق ما بين ذاك وهذا / أعلمت للسرى جناحاً وخفا
عج إذا جزت أرض بدرة واقصد / شعب جصان جادها الغيث وكفا
واخلع النعل في مقدس واد / لو أتاه المشوق يوماً تحفى
واقرأن السلام عني خليلا / قد قرأنا هواه حرفاً فحرنا
علوياً حاز المعالي لا بل / زانها مبسماً وجيداً وطرفا
يا أبا الفضل كنية قد أبانت / لك فضلاً فأصبحت لك وصفا
وعميد الوغى إذا هيج يوماً / وحليف الإبا إذا سيم خسفا
رف شوقاً إلى لقاك فؤادي / عمرك اللَه هل فؤادك رفا
لم يزل بي إلى لقائك لوح / ولو أني أفنيت دجلة رشفا
إن تسلني كيف استمرت حياتي / فبطي الكتاب جاءتك لفا
أم تراك الغداة تذكر عهداً / قد تقضى ومعهداً قد تعفى
أزعجتنا النوى وكنا جيمعا / بربي الكرخ في نعيم وزلفى
في مشيد من القصور منيف / أوطأته حمراء دجلة كتفا
فسما تحسب البسيطة رامت / إن تشم السما فمدته أنفا
شامخ الركن والأزاهير تزهو / جهتي أرضه أماما وخلفا
تحت وردية إذا ضربها / رفعت تشتكي إلى اللَه طرفا
هي في طرحها سدى وإذا ما / ضربت جللت على الجو سقفا
ضربوها وهل تحد فتاة / ما رمى عرضها الكواشح قذفا
زانها الفرس بالتصاوير حتى / مثلت إلى الظباء صنفا فصنفا
ورواها البديع نوعين منه / دون كل الفنون نشراً ولفا
فانتظمنا عقداًوواسطة العق / د أغر قد راق طبعاً وشفا
ذاك من علم الهيام فؤادي / وسقاني مدامة الحب صرفا
ذاك معنى الثنا بكل لسان / ملأ الدهر من مزاياه صحفا
ذاك خلي محمد الحسن الأخ / لاق والخلق أحسن الخلق وصفا
لم نفه باسمه المطيب إلا / وفضحنا أرواح دارين عرفا
فعليك السلام منه ومني / ما تغنى الحمام يشتاق إلفا
سائق العيس هل تريح الركابا
سائق العيس هل تريح الركابا / حيث ربعي أميمة وربابا
فلتلك الرسوم تحكي خطوطاً / ولتلك الديار تحكي الكتابا
علنا أن نبل حر غليل / زاد بالبين حرقة والتهابا
حيث تغدو مرامعي كقطار / وجفوني تروح تحكي السحابا
سائلاً والمجيب سائل دمعي / هل ترى ويك سائلاً قد أجابا
من عذيري من العذول سحيراً / إذا رأى الدمع ليس يفنى انصبابا
كيف أصغي لعاذل لست أدري / خطأً قال في الهوى أم صوابا
ليس يرجو بذاك قرب حبيب / كيف ترجو من الحبيب اقترابا
سلب القلب طرفه إذ رماني / سهم عشق مسدداً فأصابا
لا تلوماه سالباً ولتلوما / أظلعي حيث أمكنته استلابا
قد أصيب الفؤاد بالعشق لما / خفت للعين إذ رنت إن تصابا
أين تلك القباب من أرض نجد / أترى البين حل تلك القبابا
لك في الحي نظرة لمهاة / راهب الدير لو رآها تصابى
لو رأى الغصن قدها ما تثنى / حين تهتز نشوة وشبابا
لست أدري وربما كنت أدري
لست أدري وربما كنت أدري / أي ظبي عشقت من آل فهر
عاقداً للنطاق يعقد فيه / ثقل أردافه بدقة خصر
ما بخديك من وميض سناء / ماء حسن يموج أم ومض جمر
قل لنا أيها البديع جمالا / أببغداد يوسف أم بمصر
لاح كالشمس مشرقاً وسقاني / من لماه السلاف من غير عصر
فتراني والسكر سكر هيام / إذا سقاني والخمر خمرة ثغر
فأنا ابن الهوى أجل وأبوه / ما تربى هواك إلا بحجري
ليس للحب غاية وانتهاء / فهو عيش ما وقتوه بعمر
لا يحاججني العذول عليه / فهو من أول الشبيبة عذري
أيها المظمئ لورد رضاب / فيه لا في ابنة العناقيد سكري
لك نجلاء مقلة ضاق عنها / وسع صدري وانهد شاهق صبري
أيا راكباً ظهر مجدولة / سرت تترامى سرى الناشط
أرحها على الرمل من عالج / وعرج على المنزل الشاحط
وسل عن فؤادي فما غيره / بسقط العقيقين من ساقط
فيا حباذا الربع حيث الحمى / ووادي الأراكة للهابط
بحيث الصبا صابغ لمتي / ولم يكن الشيب بالواحظ
وعيش رقيق الحواشي مضى / ولم تعده غبطة الغابط
ما لقلبي تهزه الأشواق
ما لقلبي تهزه الأشواق / خبرينا أهكذا العشاق
كل يوم لنا فؤاد مذاب / ودموع على الطلول تراق
عجباً كيف تدعي الورق وجدي / ولدمعي بجيدها أطواق
كم لنا بالحمى معاهد أنس / والصبا يانع الجنى رقراق
عهد لهوي به الليالي ترامت / ما لها عرست به الأحداق
يا لظعنٍ به النياق تهادى / نهنهي السير ساعة يا نياق
فبأحداجك استقلت ظباء / آنسات بيض الخدود رقاق
فارحمي يا أميم لوعة صب / شفه الوجد بعدكم والفراق
كاد يقضي من الصبابة لولا / أن تحاماه في الوداع العناق
لست للراح صاحباً ورفيقا
لست للراح صاحباً ورفيقا / فدع الكأس لا تدر لي رحيقا
واسقني من لماك علّاً فعلي / من لماك الشنيب أن ألا أفيقا
وأدر يا فداك نفسي وأهلي / مبسماً ضم لؤلؤاً وعقيقا
يشبه الشهب في ثناياً عذاب / تستعير البروق منه البريقا
قلت للريح لا أبا لك هلا / جزت بالجزع عالجاً وعقيقا
فلنا بالعقيق من أرض نجد / رشأ قد أذاب قلبي حريقا
هو يلقى من الهوى ما لقينا / فلقد كان عاشقاً معشوقا
أو ميضٌ يشع أم مقباس
أو ميضٌ يشع أم مقباس / أم على دير راهب نبراس
أم تخيلت والخيال كليلٌ / وبعينيك إذ نظرت التباس
نار موسى تأججت فاقتبس لي / من سناها إن أمكن الاقتباس
وربوع الرباب هذي ولكن / قد تعفت وعمها الأندراس
أيها البدر أنت بدر السماء
أيها البدر أنت بدر السماء / أم غزال لقاعة وعساء
قد قطعت الوصال عني حتى / ليس يحكيك صارم في المضاء
أنفت أن تمس وجه الصعيد
أنفت أن تمس وجه الصعيد / فمشت في محجة من حديد
ما لفودي ينكران المشيبا
ما لفودي ينكران المشيبا / أحسن الشهب طالع لن يغيبا
وسواد الدخان يسحم حتى / نضع النار فيه شب لهيبا
ما رعى ذمتي المشيب ولكن / من ترعه الأيام يلق المشيبا
هل اراك الزمان بالشيب مرداً / وأراني الزمان بالمرد شيبا
كان لي لو يعودا مسود شعر / يفضح الليل لو يرى عنه نيبا
هيجتني إليه طرة مهر / فتمنيت جزها والسبيبا
أسلمتني يد الصبا ولعمري / لا يسر الزمان مني كئيبا
ما تعيفت أزجر الطير إلا / ووجدت السرور مرمى شطيبا
كل طير يهدي لقلبي حزناً / واكتئاباً وإن يكن عندليبا
ولعندي كأسحم الريش ورق / قلبت بالأراك كفا خضيبا
وكأن الحمام أغربه البين / أخال الهديل منها نعيبا
ضيق الدهر في مجالي حتى / بالأماني لم يكن لي مثيبا
لا يصد الزمان بيني فإني / ممتط غارب النوائب نيبا
أنا لو لم يكن بقربي إلا / صدر رمحي لكان عندي رحيبا
هصرتني الأرزاء عوداً يبيسا / ولقد كنت قبل غصناً رطيبا
هي حال الزمان تعقب حالا / بعد حال فلا تري ذا عجيبا
قد قضيت الصبا ولم أقض فيه / إرباً لا ولا صحبت أريبا
أيها الحاملون نعش جواد / منعش جوده المحل الجديبا
أجهشت خلفك النواظر عبرى / فاضحاً دمعها الحيا المسكوبا
ما همي الغيث فوق قبرك جوداً / إنما صار أدمعاً كي يصوبا
قل لمن أنب البواكي رويداً / أغرقت زجرة البكا التأنيبا
ما قضت نحبها عليه فدعها / كي تطيل البكا له والنحيبا
أنت من راقب الإله فأرضى / بتقىً لم يزل عليه رقيبا
ومحضت الأعمال لله حسبا / لم تراع الترغيب والترهيبا
وألفت الردى أدكارا فلما / حل ناديك لم تجده غريبا
فبعين الورى أغر جواد / ما عقدنا المصاب تى أصيبا
إن نعاك التقى فليس ببدع / قد نعى قبله الربيب ربيبا
أو بكتك العلى بشجو فكم قد / بكت العين نورها المحجوبا
إن تكن غائباً فكم لك نور / رصد اللَه نوره إن يغيبا
فلنسل الجواد ملجىً بطه / خير من تقتفي كهولاً وشيبا
لم تسمك الخطوب خسفاً ولكن / غمزت من قناك عوداً صليبا
يصبر المرء في النكائب علما / إن في الصبر ما يسلي الكئيبا
يا خصم العلوم لم نر يوماً / لعباب أتحفت فيه نضوبا
ملك أنت شاطر الناس منه / ملكاً هادياً ورأياً مصيبا
لست من فرعهم وإن عم لفظ / إنما هادياً ورأياً مصيبا
وبعبد الحسين حق التعزي / إن أراك الزمان يوماً عصيبا
صيغ من معدنين بشرٍ ونشر / واكتسى للبهاء برداً قشيبا
فبعين الزمان يبهج حسناً / وبعين الزمان يأرج طيبا
حاز رهن السباق في المجد ملكا / حازه المجد وارتضاه ربيبا
قد دعته والكل أوجم لكناً / مقصر عنه فوت المطلوبا
أترى خالق الورى لم يقدر / لسواه من المعالي نصيبا
لا ترى بعدها كما قدر رأوها / فتناولت ما رأيت قريبا
أيها المصطفى اصطفتك المعالي / من ذويها كما اجتبتك حبيبا
أنت كالغيث لا يحل بأرض / دون أرض ألا استهل صبيبا
تزهر الأرض من أياديك جودا / إن أردت التشريق والتغريبا
حاك من جودك الربيع مزايا / كست الملس والأراك السليبا
طاب عرق طويت فيه وعرق / مته المجد حقه أن يطيبا
ورعت لحظة الإله كريماً / قد رعى المجد معسراً وخصيبا
ما لنفسي ذابت وطارت شعاعاً
ما لنفسي ذابت وطارت شعاعاً / ولقلبي إثر الأحبة ضاعا
ليس عهد الحياة إلا كزرع / قد ذوى حين أعجب الزراعا
من يسر الزمان سيء وكل / كايلته الأيام صاعاً فصاعا
ريعت الأرض واقشعرت بقاعا / لسحاب أوفى فكف انقشاعا
حسن أين حسن ذاك المحيا / أم إلى النيران أهدى الشعاعا
عقدت تاجها عليك المعالي / وارتضتك الملوك ملكاً مطاعا
أهل ودي ومن رأى أهل ودي / هام وجداً يثقف الأضلاعا
فاجأتنا ظعونكم بالتنائي / قبل أن تعلن الحداة الوداعا
لو تباع الحياة منكم شرينا / ها بكل ومن لنا أن تباعا
كنت للخائفين معقل أمن / فيه تطغى على الخطوب امتناعا
هل درى حاملوك أن ثبيرا / فوق أكتافهم أجد زماعا
يا عماد الدين الحنيفي أني / لك أفضت كف المنايا انتزاعا
ما عجبنا للدهر أن رام صعبا / بل عجبنا للدهر كيف استطاعا
هل لذا الدهر من مساعيك حظ / رام فيه إلى علاك اطلاعا
هو لم لم ينل بعزك عزاً / وتعاطاك كان أقصر باعا
قد أرانا أشد مما استفدنا / فهو ينشي خلق الرزايا ابتداعا
سوف يبكي عليك ثغر مخوف / لثناياه لم تزل طلاعا
سوف يبكي عليك ليل بهيم / لم تزل في دجاه تبكي انخشاعا
إن أهدى الأنام من تتبعه / تقتف سنة الهداة اتباعا
صرفت كفه اليراعة والسمر / سواء فراش فيها وراعا
إن قرم الرجال يخشى ويرجى / ما بكفيه هزةً وانتفاعا
وازن الراسيات حلماً وعزماً / وكطبع النسيم خف طباعا
صاح قرب بكر السرى وابتعده / شدقمياً ينصاع فيك انصياعا
خف يفري نحر الفلا بخف / ذرع الأرض بالوجيف وباعا
إن يسابقه بارق ضاق ذرعا / وهو يشؤ البرق اللموع ذراعا
جبعاً يممن وعرج ملماً / بعلي أندى الأنام رباعا
لست أدري أذكره فاح طيباً / أم عبير الطلق ضاعا
ثم عز محمداً بأخيه / من أساغا در المعالي رضاعا
حيه واقرأ السلام عليه / وادعه بالذي يروق سماعا
أنت سكنت روعة المجد يا من / هو لولاك لم يزل مرتاعا
لا ينل من جنابك الحزن روعا / واحم عنه جوانباً لن تراعا
يقطع السيف بالضريبة لكن / بالصفا الصلد لم يكن قطاعا
سدع الدهر من صفاتك فاجبر / صدعها أنت لا لقيت انصداعا
جمعت في العلي نفس حسين / وهي لولا العلي طارت شعاعا
يا بني الحر إنما الدهر عبد / لكم كان إن عصى أو أطاعا
إنما بينهم على ما عراه / بيت عز شأى البيوت ارتفاعا
كالسما تعقب البدور بدوراً / والزبى تعقب السباع سباع
أنتما فرقداً سماء المعالي / لا تجازان رفعة واجتماعا
فاسلما للعلى بكل مرام / يا خليلي ساعداً وذراعا
وسقى ربنا زكي تراب / طاب بالمجتبي الزكي بقاعا
سحب عفو يسوقها روح لطف / واصطيافاً تروده وارتباعا
ما تحرجت يا يد البين بطشاً
ما تحرجت يا يد البين بطشاً / يفتى ثل للشريعة عرشا
أحمد شرع أحمد فيك أضحى / مقفر الربع بدل الأنس وحشا
ما عهدنا للبدر قبلك قبرا / لا لعمري ولا لثهلان نعشا
لسعتنا عليك أفعى الليالي / بين نابين تنهض القلب نهشا
فقديماً ندعو الكواكب شهباً / وحديثاً ندعو الكواكب رقشا
أسرع الحزن بالفؤاد ارتكاضا / يوم تنعى وبالعظام تمشى
فاستقامت لك الأضالع قصفا / واستهلت لك المدلع رشا
فببيض طوراً وطوراً بحمر / أنقش الترب من ورائك نقشا
قد تشب الأنفاس وهي نفوس / وتهامى ماء البكا وهو أحشا
رعت أقدام حامليك فطاشت / وتلوت أيديهم لك رعشا
كم تهجت تحت جنح ظلام / مستمراً ترجو الإله وتخشى
وهجرت الصبا وصمت هجيرا / بعيون تندي البكا وهي عطشى
لو بغير الثرى لنا صح دفن / واتخذنا لطائر القدس عشا
لحفرنا لك الفؤاد ضريحا / واتخذنا لك النواظر فرشا
وبلى صرت بين حور قصور / قد أعدت لك الحرير الموشى
لم أخل يا أخي أن قريضي / لا وعينيك في مراثيك ينشى
لا يرعك المصاب جل طروقا / يا علي الجناب وقيت جهشا
يقطع السيف بالضريبة لكن / بالصفا الصلد لا يؤثر خدشا
حالفت بيتك المعالي كما قد / خالفت بيت من أسراك غشا
كل أهليك فضل هذا كهذا / ما تساوت هدب النواظر رمشا
من تجئه تجده غراً كريما / وفتى مفتياً وغيثا أجشا
وأويساً أويس زهد ورشد / وإياساً إياس فهم وانشا
يا ابن من قلد الجواهر عقداً / راق للشرح حليها يوم تنشى
هتك الستر ثم عن مشكلات / قد جلاها تجلو النواظر عمشا
يا سحاب الندى إذا المحل أكدى / وسراج الهدى إذا الليل يغشى
وإماماً به اقتدينا اهتدينا / وغوى من غوى بفيفاء غطشا
إين لا أين من يجاريك فضلا / وارتياحاً إلى المعالي وبطشا
بمنال يرد كف أشلٍّ / وانبلاج يصد مقلة أعشى
دمت للعالمين ليثاً وغيثا / بكلاً حالتيك ترجى وتخشى
هل سلا عاشق سواي فأسلو
هل سلا عاشق سواي فأسلو / والتأسي في شرعة الحب يحلو
زججت حاجباً لها وهو قوس / وبرمتني بلحظها وهو نبل
يا هلالاً وارى البعاد سناه / عن عيوني فما لها تستهل
فلقد أبكت الحمامة عيني / فهي تملي وأدمعي تستمل
ولقد شاق لحظ عينيك قلبي / ومتى شاق قلب جرحاه نصل
أنا حرمت في هواك رقادي / لم يا منيتي دمي تستحل
كتب الذكر نصب عيني كتابا / من معانيه لم أزل فيه أتلو
يا عريباً بين الرصافة والكر / خ أقاموا لا بل بقلبي حلوا
كم هجرتم وكم وصلتم مشوقا / وكذاك الزمان هجر ووصل
لي ما بين سربكم ريم سرب / لحظ عينيه صارم لا يفل
أيها العاقد النطاق بقلبي / لك بالقلب عقدة لا تحل
لا ترعني بسيف جفينك سلا / إن روحي تسل مهما يسل
لي على الكرخ رشةٌ من دموع / داميات وغلة لا تبل
أيها المدلجون للكرخ تحدي / بهم ضمرٌ نجائب بزل
يعملات كأنهن الحنايا / تقطع البيد والمرافق فتل
قد محاها السرى فلم ير منها / إن تراءت إلا نسوع ورحل
قف على الكرخ ثم حيي غزالا / قتل الصب منه سحر ودل
عن محب يزداد فيه ولوعا / فيه ما مر بين سميعه عذل
لا ومجري نطاقك المعقود
لا ومجري نطاقك المعقود / فوق مهتز قدك الأملود
لم تحل اللحاظ وهي سيوف / عقدة الوجد من حشا المعمود
ما أحيلاك ما ئساً تتثنى / بثياب من الصبا وبرودا
قصمت كأهلي محاسن طفل / قسم الحسن بين بيض وسود
هالة الحسن من سناه استنارت / فاستدارت بغيهب من جعود
لا تدر لي من صاب صدك صابا / إن طعم الصديد دون الصدود
لك صدغان فوق خديك لاحا
لك صدغان فوق خديك لاحا / مثلما التف بالشقيق بنفسج
يا قضيباً بقده أن تثنى / وكثيباً بردفه أن ترجرج
سعر الحسن خده فتلظى / وسقاه ماء الصبا فتموج
أو لم يدر قاتلي حرج القت / ل لعمري ولو درى ما تحرج
لهج المادحون في ولكن / أنا في غير ذكره لست ألهج
دب من صدغه على الخد عقرب
دب من صدغه على الخد عقرب / كلما رامه المتيم يلسب
فبنفسي أفدي بديع جمال / مستهام الفؤاد المعذب
مترف تقطف اللواحظ منه / ورد خدين بالجمال مشرب
أرسل الجعد خيفة من رقيب / فهو شمس في جنح ليل تحجب
حاول الستر بالنقاب ولكن / أحرقته أنواره فتلهب
فهو ما انفك مسفراً لعيون / أن بدا مسفراً لنا أو تنقب
لو سرى في الشراة يوم كقاح / لاختشت حربه سراة المهلب
أنت يا قائد الجمال جموحا / كيف يدنو إليك قائد مقنب
وهو غصن النقا إذا ما تثني
وهو غصن النقا إذا ما تثني / وهلال السما إذا ما تبدى
زر برديه فوق روض جمال / تقطف العين منه زهراً مندى
فبأهلي هذا وإن عز أهلي / وبروحي أفديه وهو المفدى
فتكت بي سيوف تلك اللحاظ
فتكت بي سيوف تلك اللحاظ / في مغاني مني وسوق عكاظ
كم تخوفتها فلما لقتني / لم يفدني تخوفي واحتفاظي
ليس للطرس أن ينال ربيعاً
ليس للطرس أن ينال ربيعاً / قبل أن ينسق البيان البديعا
أو زهر الربى كزهر معان / وشع الدهر حسنها توشيعا
يمرع الروض ثم يذوي وهذي / لم تزل في الطروس روضاً مريعا
كان سر البيان قبلي مصونا / فتوليت هتكه فأذيعا
أيها المطلع المعاني شموسا / ما حيات من الظلام الهزيعا
ما الدراري من بحر فضلك إلا / درر زانت السما ترصيعا
أنت من نظم الدراري قواف / رخص المشتري لديها مبيعا
جعلت بيت حاسديك كبيت / للعروضي سامه تقطيعا
نخلة المسك عبقت بأريج / ضاع بالمسك نشرها كي يضيعا
سجعت ورقها بأحلى نشيد / علم ابن الأراكة التسجيعا
لو رأت غيره يفوه برجز / لأرته التوبيخ والتقريعا
والأديب المدعو صريع الغواني / لو رآها لغادرته صريعا
وبديع الزمان لو قد رآها / قال بدعاً أني أسمى البديعا
راق إملاؤها بغير عناء / فحسبنا أملاءها ترجيعا
ظل يشتارها محبك شهدا / إذا سقت حاسديك سما نقيعا
فهي تسقي من سلسبيل ولكن / كوثراً تارة وأخرى ضريعا
جمعت باقتران شطر كشطر / كلما طيبا ومعنى بديعا
فهي عون الألفاظ بكر المعاني / حسنت صنعة وراقت صنيعا
قد تعجبت والعجيب يراع / أشبع الطرس ريقه فأجيعا
مفحم بالمقال وهو فطيم / ويقول القول الفصيح رضيعا
ينتشي بالمدام حتى إذا ما / جف منه اللسان خر صريعا
هو صل والصل يلسع لكن / راق عند الرقى وراق لسيعا
أرضعته در المحابر كف / سقت السم من عداه نقيعا
معجز من محمد الحسن الندب / حمى الركب من حمى الركب ريعا
من حباه الإله معجز فصل / من خطاب فلو تنبا أطيعا
شرع الفضل للورى فاقتفوه / ورأوا فضل غيره تشريعا
ما أجال اليراع في الطرس إلا / خلت ذا ناطقاً وهذا سميعا
يتلقى السر المصون بصدر / لا يخاف الإهما والتصنيعا
يا أخا كل سؤدد وفخار / من يرم ما تروم لن يستطيعا
قد رووا عن علاك أصلاً جميلا / وعلى الأصل فرعوا تفريعا
سرت العيس من نداك ببحر / فهي فيه تشق ريعا فريعا
عابرات لها مجادف أيد / نزعت دانيا وأدنت نزيعا
كم فرت بالسرى نحور الفيافي / بيدٍ تخضب الصعيد نجيعا
جاورت أرض مكة ورباها / والمصلى ويثربا والبقيعا
أربعٌ زرتها بجدواك لكن / زرتها أربعاً فعادت ربيعا
ما رفعت القباب عنهن حتى / سمكت من علاك بيتاً رفيعا
ثم ودعت ما تودع منها / لك ذكراً لا يعرف التوديعا