القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : يوسُف النَّبْهاني الكل
المجموع : 30
أَنا عَبدٌ لِسَيِّدِ الأَنبِياءِ
أَنا عَبدٌ لِسَيِّدِ الأَنبِياءِ / وَولائي لَهُ القَديمُ وَلائي
أَنا عَبدٌ لِعَبدِهِ العَبدِ / عَبدٌ كَذا بِغَيرِ اِنتِهاءِ
أَنا لا أَنتَهي عَنِ القُربِ مِن با / بِ رِضاهُ في جُملَةِ الدُخَلاءِ
أَنشُرُ العِلمَ في مَعالِيهِ لِلنّا / سِ وَأَشدو بِهِ مَعَ الشُعَراءِ
فَعَساهُ يَقُولُ لي أَنتَ سَلما / نُ وَلائِي حَسّانُ حُسن ثَنائي
وَبِروحي أَفدي تُرابَ حِماهُ / وَلَهُ الفَضلُ في قَبُولِ فِدائي
فازَ مَن يَنتَمي إِلَيهِ وَلا حا / جَةَ فيهِ لِذَلِكَ الإِنتِماءِ
هُوَ في غنيةٍ عَنِ الخَلقِ طُرّاً / وَهُمُ الكُلُّ عَنهُ دُونَ غَناءِ
وَهوَ لِلّهِ وَحدَهُ عَبدُهُ الخا / لِصُ مَجلى الصِفاتِ وَالأَسماءِ
كُلُّ فَضلٍ في الخَلقِ فَهوَ مِنَ اللَ / هِ إِلَيهِ وَمِنهُ لِلأَشياءِ
طالَ شوقي لِطَيبَةِ الطَيِّباتِ
طالَ شوقي لِطَيبَةِ الطَيِّباتِ / مَوطِنِ المَكرُمات وَالبَرَكاتِ
لَيتَ شِعري يا سَعدُ بَعدَ نُزوحي / هَل أَراها بِأَعيُني النازِحاتِ
يا نُزُولاً بِها هَنيِئاً فَقَد فُز / تُم بِها في حَياتِكُم وَالمَماتِ
مِن جِنانٍ إِلى جِنانٍ فَأَنتُم / في كِلا الحالَتَينِ في جَنّاتِ
حَبَّذا العَيشُ عَيشكُم عِندَ مَثوى / أَكرَمِ الخَلقِ سَيِّدِ الساداتِ
أَحمَد المُصطَفى مُحَمَّد المَحمود / شَمسِ الوُجُودِ هادِي الهُداةِ
عِشتُمُ في جِوارِهِ في أَمانٍ / من صروفِ الرَدى وَخَوفِ العُداةِ
وَدَخَلتُم مِن نُورِهِ في حُصُونٍ / فَسَلِمتُم مِن هَذِهِ الظُلُماتِ
ظُلُمات لَولا سَواطِعُ أَنوا / رِ هُداهُ عَمَّت جَميعَ الجِهاتِ
ما غَبَطنا المُلوكُ لَكِن غَبَطنا / كَم عَلى نَيلِ أَحسَنِ الحالاتِ
مَيتُ أُنسي تَأتيهِ بِالوَصلِ روحُ
مَيتُ أُنسي تَأتيهِ بِالوَصلِ روحُ / طَيبَةٌ طِبَّةٌ وَطَهَ المَسيحُ
طالَ شَوقي إِلى الحَبيب وَقَد بَر / رحَ بِي مِن بِعادِهِ التَبريحُ
كَم تَجَلّى في النَومِ لي لَيسَ عَن حَق / قي وَلَكِنَّهُ الكَريمُ السَموحُ
وَمَضَت مُدَّةٌ عَمِيتُ فَلَم أَن / ظُر سَناهُ وَمِنهُ في الكَونِ يوحُ
سَيِّد الرُسلِ أَنتَ أَكرَم خَلقِ ال / لَه أنت المُحَمَّدُ المَمدوحُ
أَنا أَدري بِأَنَّني لَستُ أَهلاً / غَيرَ أَنّي عَلى نَداكُم طَريحُ
طارَ أُنسي وَطالَ تَعسي وَما لِل / قَلبِ إِلّا بِقُربِكُم تَفريحُ
كَم أُمورٍ قَد أَحزَنتني لا تَخ / فاكَ ما لي لِمَتنهِنَّ شُروحُ
أَنتَ أَدرى بِها وَبي مِن ضَميري / أَنتَ روحي بَل أَنتَ لِلروحِ روحُ
أَنا لا أَشتَكي لِغَيرِكَ أَمري / وَبِسِرّي إِلى السِوى لا أَبوحُ
لَكِ يا طَيبَةٌ عَلَينا عُهودُ
لَكِ يا طَيبَةٌ عَلَينا عُهودُ / ذِكرُها في القُلوبِ غَضٌّ جَديدُ
ما رَأَيناكِ بِالعُيونِ وَلَكن / بِقُلُوب فيها الهَوى لا يَبيدُ
أَخَذَ البيعَةَ الغَرامُ عَلَينا / لَكِ أَنَّ الجَمال فيكِ فَريدُ
مَن يَكُن شاهِداً بِفَضلٍ فَإِنّي / لَكِ بِالفَضلِ وَالكَمالِ شَهيدُ
سُدتِ كُلَّ البِلادِ أَهلاً وَفَضلاً / وَبِسُكّانِها الدِيارُ تَسودُ
حَلَّ خَيرُ الأَنامِ فيكِ وَجاءَ الن / نَصر لِلدّينِ مِنكِ وَالتَأييدُ
لَيتَ شِعري هَل تَقبليني بِشِعري / فيكِ أُبديهِ مُنشِداً وَأُعيدُ
أَمدَحُ المُصطَفى هُناكَ وَأَتلو / هُ كِفاحاً يَجودُ لي فَأُجيدُ
سَيِّدُ العالَمينَ طُرّاً تَساوى / تَحتَ علياهُ سَيِّدٌ وَمَسودُ
سادَهُ اللَّهُ وَحدَهُ فَهوَ عَبدُ ال / لَهِ حَقّا لَهُ الأَنامُ عَبيدُ
آه لَولا الجَناحُ مِنّي كَسيرُ
آه لَولا الجَناحُ مِنّي كَسيرُ / كُنتُ في الحالِ لِلحِجازِ أَطيرُ
وَيَقيني بِأَحمَدٍ جَبر كَسري / كُلُّ كَسرٍ بِأَحمَدٍ مَجبورُ
سَيِّدُ الخَلقِ صَفوَةُ الحَقِّ شَمسُ ال / أُفقِ أُفق الهُدى البَشيرُ النَذيرُ
مَن يَكُن زاعِماً بِدِين وَدُنيا / غُنيَةً عَنهُ إِنَّني لَفَقيرُ
سَيِّدي يا أَبا البَتُولِ أَغِثني / أَنتَ أَدرى بِما حَواهُ الضَميرُ
أَأُرَجّي مَعاشِراً فيهمُ الأَر / واحُ منّي لَها الجُسومُ قُبورُ
وَأَعَزُّ الأَنامِ أَنتَ لَدى اللَ / هِ تَعالى وَهوَ السَميعُ البَصيرُ
إِنَّ رَبّي لِما يَشاءُ لَطيفٌ / وَعَلى ما يَشاءُ رَبّي قَديرُ
بِكَ أَدعوهُ أَن يُيَسِّرَ عُسري / فَعَلَيهِ تَيسيرُ عُسري يَسيرُ
أَنتَ نِعمَ العَبدُ الكَريمُ عَلَيهِ / وَهوَ نِعمَ المَولى وَنِعمَ النَصيرُ
لَيتَ أَحبابَنا بِأَرضِ الحِجازِ
لَيتَ أَحبابَنا بِأَرضِ الحِجازِ / عامَلُونا بِالوَعدِ وَالإِنجازِ
كُلُّ خَيرٍ قَد جازَ لي مِن لَدُنهُم / غَيرَ وَصلي فَما لَهُ مِن جَوازِ
كُلَّما مَرَّ ذِكرُهُم في خَيالي / هَزَّني لِلقاءِ أَيَّ اِهتِزازِ
كُنتُ مِن قَبل حُبِّهِم تِربَ ذُلٍّ / وَأَنا اليَومَ مِنهُمُ في اِعتِزازِ
إِن يَكُن بِالهَوى لِقَومٍ خَسارٌ / فَبِحُبّي لِلهاشِميِّ مَفازِي
سَيِّد الخَلقِ مُصطَفى الحَقِّ مِن كُل / لِ البَرايا فَما لَهُ مِن مُوازي
أَفضَل العالَمِينَ أَكرَم خَلقِ ال / لهِ خَيرِ الوَرى وَحيدِ الطِرازِ
جاءَ وَالكُفرُ كَالنَعامَةِ فَاِنقَض / ضَ عَلى رَأسِهِ اِنقِضاضَ البازي
كَم جَزى المُحسِنينَ خَيرَ جَزاءٍ / وَلِمَن قَد أَساءَ لَيسَ يُجازي
لَيسَ فيهِ لِغَيرِ مَولاهُ عَوزٌ / وَلَهُ العالمونَ في إِعوازِ
لا تَلُمني عَلى ظُهورِ عُبوسي
لا تَلُمني عَلى ظُهورِ عُبوسي / فَبِقَلبي مِنَ النَوى كُلّ بوسِ
لَم تَنَل مِن وِصالِ طَيبَةَ نَفسي / سُؤلَها وَهيَ منيَةٌ لِلنُفوسِ
بَلدَةٌ سادَتِ البِلادَ وَأَضحَت / أَنفسَ الأَرضِ بِالنَبِيِّ النَفيسِ
هِيَ أُمُّ الأَنوارِ قَد حَلَّها المُخ / تارُ بَدرُ البُدورِ شَمسُ الشُموسِ
خيرُ كُلِّ الأَخيارِ أَعلى الأَعالي / في المَعالي رَئيسُ كُلِّ رَئيسِ
نُخبَةُ اللَّهِ مِن جَميعِ البَرايا / زُبدَةُ الخَلقِ صَفوَةُ القُدّوسِ
طَلَعَت مُعجِزاتُهُ وَاِستَمَرَّت / مُشرِقاتِ الأَنوارِ وَسطَ الطُروسِ
لَيسَ تَخفى إِلّا عَلى طامِسِ العَق / لِ غَرِيقِ الضَلالِ أَعمى تَعيسِ
أَسفَرَت كَالنُجومِ تَهدي وَتُردي / لِنَفيسٍ مِنَ الوَرى وَخَسيسِ
فَهيَ لِلمُؤمِنينَ سَعدُ سُعودٍ / وَعَلى الكافِرينَ نَحسُ نُحوسِ
مِن ثَنايا العَذراءِ لاحَ بَرِيق
مِن ثَنايا العَذراءِ لاحَ بَرِيق / فَجَرى مِن دُموعِ عَيني عَقيقُ
حَبَّذا حَبَّذا مَعاهِدُ سَلعٍ / وَرُبوعٌ فيها الحَبيبُ الحَقيقُ
أَحمَد حامِدٌ مُحَمَّد المَح / مود خَيرُ الوَرى النَبِيُّ الصَدُوقُ
سادَ كُلّ الوَرى بِكُلِّ كَمالٍ / خَيرُ حُرٍّ لِلّهِ عَبدٌ رَقيقُ
لَيسَ لِلّهِ عَزَّ جَلَّ تَعالى / غَيرَهُ لِلأَنامِ طُرّاً طَريقُ
لَم يُوَفَّق مُوَفَّقٌ قَطُّ إِلّا / جاءَهُ مِن طَريقِهِ التَوفيقُ
فَعَلَيهِ لِرَبِّهِ وَحدَهُ الحَق / ق وَكُلٌّ لَهُ عَلَيهِم حُقوقُ
خُلِقَ العالَمونَ مِن نُورِهِ فَه / وَ بِبِرِّ الأَبناءِ مِنهُم خَليقُ
والِد الكُلِّ في الحَقيقَةِ لَكِن / بَعضُ أَبنائِهِ لَدَيهِم عُقوقُ
خَلَقَ اللَهُ خَلقَهُ فَفَريقٌ / لِجِنانٍ وَلِلسَعيرِ فَريقُ
كُلَّما قُلتُ سُرَّ قَلبي الحَزينُ
كُلَّما قُلتُ سُرَّ قَلبي الحَزينُ / ثارَ مِن عَسكَرِ الهُمومِ كَمينُ
فَكَأَنَّ السُرورَ في وَسطِ حِصنٍ / حَولَهُ مِن صُروفِ دَهري حُصونُ
أَيُّها النَفسُ بِالمُشَفَّعِ لوذي / فَسَيَأتيكِ مِنهُ فَتحٌ مُبينُ
أَحمَدُ المُصطَفى مُحَمَّدٌ المُخ / تارُ هادي الوَرى النَبِيُّ الأَمينُ
خَيرُ عَبدٍ لِلّهِ سادَ جَميعَ ال / خَلقِ فَضلاً مَن كانَ أَو مَن يَكونُ
إِنَّ ظَنّي فيهِ جَميلٌ وَهَذا الظ / ظنُّ لَفظٌ مَعناهُ عِلمٌ يَقينُ
سَيّدي يا أَبا البَتولِ دَهَتني / أَيُّ حَربٍ مِن الخُطوبِ زَبونُ
وَذُنوبي قَد أَثقَلتني وَديني / بِحقوقٍ لَم أقضِهِنَّ رَهينُ
هَذِهِ حالَتي وَما لي لَدى اللَ / هِ تَعالى سِواكَ رُكنٌ مَتينُ
فَاِرضَ عَنّي وَكُن شَفيعي إِلَيهِ / كُلُّ صَعبٍ إِذا رَضيتَ يَهونُ
زَعَمُوني أُحِبُّ هِنداً وَمَيّا
زَعَمُوني أُحِبُّ هِنداً وَمَيّا / قَد أَتى الزاعِمونَ شَيئاً فَرِيّا
ما لِهِندٍ وَلا لِمَيٍّ نَصيبٌ / في فُؤادِ اِمرِئٍ أَحَبَّ النَبِيّا
مُصطَفى اللَهِ مِن جَميعِ البَرايا / مُجتَباهُ حَبيبهُ القُرَشِيّا
أَشرَقَت شَمسُ فَضلِهِ فَرَآها / كُلُّ مَن لَم يَكُن غَبِيّاً غَوِيّا
جاءَ وَالناسُ عَن هُدى اللَهِ ضَلّوا / فَهَداهُم لَهُ الصِراطَ السَوِيّا
قَد أَقامَ الدَليلَ فيهِم كَلام ال / لَهِ أَو لا فَالصارِمَ المَشرَفِيّا
راقَ لِلعالَمينَ عَذبُ هُداهُ / وَعَلى العَرشِ قَد أَنافَ رُقِيّا
كَم عَظيمٍ بَينَ الوَرى اِمتازَ لَكِن / لَم يَحُز غَيرُهُ الكَمالَ الوَفِيّا
فَعَلَيهِ يا رَبِّ صَلِّي صَلاةً / تَجمَعُ الفَضلَ لا تُغادِرُ شَيّا
وَاِعفُ عَنّي بِهِ وَبارِك بِعُمري / وَاِجعَلِ الخَتمَ فيهِ مِسكاً ذَكِيّا
مِن هُدى المُصطَفى اِستَفادَ الهُداةُ
مِن هُدى المُصطَفى اِستَفادَ الهُداةُ / وَاِستَنارَت بِنورِهِ النَيّراتُ
فاعِلاتُن مُستَفعِ لن فاعِلاتُ / بِخَفيفٍ أَمداحُهُ راجِحاتُ
فضّلَ اللّه سيّد الخلقِ قدماً
فضّلَ اللّه سيّد الخلقِ قدماً / وَأَتاه مِن فضلهِ الإصطفاءُ
وَلَقد خصّه بِأعلى المَزايا ال / غرّ مِنها المعراج والإسراءُ
إِذ لهُ بِالبراقِ أرسل جِبري / لَ سَفيراً ما مثله سفراءُ
فَأَتاهُ فقالَ مولاكَ يَدعو / كَ إِليهِ وَحبّهذا الدعاءُ
قالَ فاِركب فجاءَ يركبُ لكن / قَد تَبدّى منَ البراق إباءُ
قالَ جبريلُ مَع محمّدٍ المخ / تارِ تَأبى أَما لديك حياءُ
إنّه أكرمُ البريّة لَم يَر / كبكَ مِن قبلُ مثلهُ كرماءُ
فَأطاعَ البراقُ واِرفضّ منهُ / عَرقٌ حين عمّه اِستحياءُ
فَعَلاه البدرُ التمامُ أبو القا / سمِ لَيلاً فضاء منه الفضاءُ
راحَ يَهوي بهِ وحدُّ اِنتهاءِ الط / طرفِ منهُ إِلى خُطاه اِنتهاءُ
مرّ في طَيبةٍ وَموسى وعيسى / وَلَقد شُرِّفت به إيلياءُ
ثمّ صلّى بِالأنبياءِ إِماماً / وَبهِ شرّفَ الجميعَ اِقتداءُ
وَمَضى سارِياً إلى الأفقِ الأع / لى وَحيثُ العلا وحيث العلاءُ
سَبَقته إِلى السمواتِ كَيما / ثمَّ تُجري اِستقباله الأنبياءُ
فَعَلى فوقَها كشمسِ نهارٍ / أَطلَعته بعدَ السماء سماءُ
رَحّبَ الرسلُ بالحبيبِ وكلّ / فيهِ إمّا أبوّةٌ أو إخاءُ
وَجميعُ الأفلاكِ مَع ما حوتهُ / قَد تَباهت وزادَ فيها البهاءُ
وَالسفيرُ الأمينُ خيرُ رفيقٍ / لَم يُفارِق وَهكذا الرفقاءُ
قالَ لمّا طابَ الوصول لِطوبى / لَو تقدّمتُ حلّ فيّ الفناءُ
سِر هَنيئاً واِذكر هناكَ اِحتياجي / يا شَفيعاً تحتاجهُ الشفَعاءُ
وَبهِ زُجَّ في البهاءِ وفي النو / رِ إِلى حيثُ كلّ خلقٍ وراءُ
وَرَأى اللَّهَ لا بكمٍّ وكيفٍ / لا مكانٌ له ولا آناءُ
فَلديهِ فوقَ السماءِ وتحتَ ال / أرضِ وَالعرشُ الحضيض سواءُ
وعليهِ صبَّ المكارمِ صبّاً / وَلهُ منه جلّتِ الآلاءُ
وَسَقاهُ مِن بحرهِ العذبِ أسرا / رَ علومٍ بها يدوم اِرتواءُ
لا نَبيٌّ ولا رسولٌ ولا الأم / لاكُ تَدري العطاءَ جلّ العطاءُ
أَنعمَ اللَّه بِالصلاةِ وبالخم / سينَ خَمساً فتمّت النعماءُ
ثمّ عادَ الضيفُ الكريمُ إلى الأَه / لِ وَقَد زادَ برّه والحباءُ
عادَ قبلَ الصباحِ فاِرتابَ في مك / كَة قَومٌ من قومه بلداءُ
أَعظَموا الأمرَ وهوَ فعلُ عظيمٍ / لَم تشابهِ صفاته العظماءُ
جلَّ قَدراً فالكائناتُ لديهِ / حُكمُها ذرّةٌ حواها الفضاءُ
جادَ ما جادَ للنبيِّ بليلٍ / بَعدهُ صبحهُ وقبلُ المساءُ
لَو أرادَ القديرُ كانَ بِلحظٍ / كلُّ هَذا ولم يكن إسراءُ
نورُكَ الكُلُّ وَالوَرى أَجزاءُ
نورُكَ الكُلُّ وَالوَرى أَجزاءُ / يا نَبِيّاً مِن جُندِهِ الأَنبِياءُ
رَحمَةَ الكَونِ كُنتَ أَنتَ وَلَولا / كَ لَدامَت في غَيبِها الأَشياءُ
مُنتَهى الفَضلِ في العَوالِمِ جَمعاً / فَوقَهُ مِن كَمالِكَ الإِبتِداءُ
لَم تَزَل فَوقَ كُلِّ فَوقٍ مُجِدّاً / بِالتَرَقّي ما لِلتَّرَقّي اِنتِهاءُ
جُزتَ قَدراً فَما أَمامَكَ خَلقٌ / فَوقَكَ اللَهُ وَالبَرايا وَراءُ
خَير أَرضٍ ثَوَيتَ فَهيَ سَماءٌ / بِكَ طالَت ما طاوَلَتها سَماءُ
يا رَعى اللَهُ طَيبَةً مِن رِياضٍ / طابَ فيها الهَوى وَطابَ الهَواءُ
شاقَني في رُبوعِها خَيرُ حَيٍّ / حَلَّ لا زَينَبٌ وَلا أَسماءُ
وَعَدَتني نَفسي الدُنُوَّ وَلَكِن / أَينَ مِنّي وَأَينَ مِنها الوَفاءُ
غادَرَتها الذُنوبُ عَرجاء وَالقَف / رُ بَعيدٌ ما تَصنَعُ العَرجاءُ
وَبِحارٌ ما بَينَنا وَقِفارٌ / ثُمَّ صَحراء بَعدَها صَحراءُ
فَمَتى أَقطَعُ البِحارَ بِفُلكٍ / ذي بُخارٍ كَأَنَّهُ هَوجاءُ
وَمَتى أَقطَعُ القِفارَ بِبَحرٍ / مِن سَرابٍ تَخوضُ بي وَجناءُ
في رِفاقٍ مِنَ المُحِبّينَ كُلٌّ / فَوقَهُ مِن غَرامِهِ سيماءُ
جَسَدٌ ناحِلٌ وَطَرفٌ قَريح / ظَلَّ يَهمي وَهامَةٌ شَعثاءُ
أَضرَمَ الوَجدُ نارَهُ بِحَشاهُم / وَلِثِقلِ الغَرامِ ناحوا وَناؤُوا
شَرِبوا دَمعَهُم فَزادوا أُواماً / ما بِدَمعٍ لِعاشِقِ إِرواءُ
لا تَسَل وَصفَ حُبِّهِم فَهوَ سِرٌّ / بِسوى الذَوقِ ما لَهُ إِفشاءُ
ساقَهُم لِلحِجازِ أَيُّ حنينٍ / ضَمَّهُ مِن ضُلوعِهِم أَحناءُ
أُحُدٌ شاقَهُم وَأَكنافُ سَلعٍ / لا رَوابي نَجدٍ وَلا الدَهناءُ
نَسَمات القَبول هَبَّت عَلَيهِم / رَنَّحَتهُم كَأَنَّها صَهباءُ
هِيَ كانَت أَرواحُهُم وَبِها كا / نَ لَهُم بَعدَ مَوتِهِم إِحياءُ
قُبضَ القَبضُ مِنهُم بُسِطَ البَس / طُ لَهُم حينَ بادَتِ البَيداءُ
بِاِنتِشاقِ النَسيمِ كُلٌّ عَراهُ / حينَ جازَت أَرضَ الحَبيبِ اِنتِشاءُ
لا بِبِنتِ الكُرومِ هاموا وَلَم يَع / بَث بِهِم أَهيَفٌ وَلا هَيفاءُ
إِنَّما اللَّهُ وَالنَبِيّ هَواهُم / وَجَميعُ الأَكوانِ بَعدُ هَباءُ
شاهَدوا النورَ مِن بَعيدٍ قَريباً / ساطِعاً أَشرَقَت بِهِ الخَضراءُ
مِنهُ بَرقٌ لَهُم أَضاءَ وَمِنهُم / كُلُّ عَينٍ سَحابَةٌ سَحّاءُ
لَيتَني مِنهُم وَماذا بِليتٍ / ما بِلَيتٍ سِوى العَناءِ غَناءُ
قَرَّبَتهُم أَحِبَّةٌ أَبعَدوني / بِذُنوبٍ تَنأى بِها الأَقرِباءُ
عَينيَ اِبكي مَهما اِستَطَعتِ وَماذا / لَو أَدَمتُ البُكاءَ يُغني البُكاءُ
لَو بَكَيتُ العَقيقَ بِالسَفحِ ما كا / نَ لِوَجدي غَيرَ اللِقاءِ شِفاءُ
لَو أَرادوا لَواصَلوني وَلَكِن / أَحسَنوا في قَطيعَتي ما أَساؤوا
لَستُ أَهلاً لِوَصلِهِم فَظَلامي / حائِلٌ أَن يَحُلَّ مِنهُم ضِياءُ
هَجَروني وَلَستُ أُنكِرُ أَنّي / لَم أَزَل مُذنِباً وَكُلّي خَطاءُ
غَيرَ أَنّي اِلتَجَأتُ قِدماً إِلَيهِم / وَعَزيزٌ عَلى الكِرامِ اِلتِجاءُ
وَرَجَوتُ النَوالَ مِنهُم وَظَنّي / بَل يَقيني أَن لا يَخيبَ الرَجاءُ
إِن أَكُن مُذنِباً فَهُم أَهلُ عَفوٍ / وَعَلى الكَونِ إِن رَضوني العَفاءُ
أَو أَكُن أَكدَرَ المُحِبّينَ قَلباً / فَلِمِثلي مِنهُم يَكونُ الصَفاءُ
أَو يَكُن في الفُؤادِ داءٌ قَديمٌ / فَلَدَيهِم لِكُلِّ داءٍ دَواءُ
أَو أَكُن فاقِداً فِعالَ مُحِبٍّ / فَلِقَلبي عَلى الوِدادِ اِحتِواءُ
أَو يَرَوني أَفلَستُ مِن عَمَلِ البر / رِ فَمِنهُم نالَ الغِنى الأَغنِياءُ
أَو أَكُن مُثرِياً وَلَستُ بِهَذا / فَمَعَ الهَجرِ ما يُفيدُ الثَراءُ
أَو أَكُن نازِحَ الدِيارِ فَمِنهُم / لَحَظاتٌ تَدنو بِها البُعَداءُ
لَيتَ شِعري كَيفَ الوُصولُ إِلى طي / بَةَ وَهيَ الحَبيبَةُ العَذراءُ
فَتُداوي سَوداءَ قَلبٍ مُحِبٍّ / أَثَّرت فيهِ عَينُها الزَرقاءُ
حَبَّذا العيدُ يَومَ يَبدو المُصَلّى / وَالنَقا وَالمَناخَةُ الفَيحاءُ
يَنحَني المُنحَنى هُناكَ عَلى الصَب / بِ حُنُوّاً وَتَعطِفُ الزَوراءُ
وَلَهُ تَضحَكُ الثَنايا إِذا ما / ثارَ مِن شِدَّةِ السُرورِ البُكاءُ
حَيِّ يا بَرقُ بِالحِجازِ عُرَيباً / مِن نَداهُم لِكُلِّ روحٍ غِذاءُ
حَيِّ يا بَرقُ بِالمَدينَةِ حَيّاً / لِعُلاهُم قَد دانَتِ الأَحياءُ
مِنهُمُ الغادِياتُ نالَت حَياها / وَاِستَمَدَّت حَياتَها الأَحياءُ
حَيِّ عَنّي عُرباً بِطَيبَةَ طابوا / طابَ فيهِم شِعري وَطابَ الثَناءُ
حَيِّ عُرباً هُم سادَةُ الخَلقِ طُرّاً / لَهُمُ الناسُ أَعبُدٌ وَإِماءُ
خَيَّموا ثمَّ في رِياضِ جِنانٍ / حَسَدَتها الخَضراءُ وَالغَبراءُ
حَيِّ عَنّي سَلعاً وَحَيِّ العَوالي / حَبَّذا حَبَّذا هُناكَ العَلاءُ
حَيِّ عَنّي العَقيقَ حَيِّ قُباء / أَينَ مِنّي العَقيقُ أَينَ قُباءُ
حَيِّ عَنّي البَقيعَ وَالسَفحَ وَالمَس / جِدَ حَيثُ الأَنوارُ حَيثُ البَهاءُ
حَيثُ روحُ الأَرواحِ حَيثُ جِنانُ ال / خُلدِ حَيثُ النَعيمُ وَالنَعماءُ
حَيثُ بَحرُ اللَهِ المُحيطُ بِكُلِّ ال / فضلِ كُلُّ الوُرّادِ مِنهُ رِواءُ
حَيثُ رَبعُ الحَبيبِ يَعلوهُ مِن نو / رٍ قِبابٌ أَقَلُّها الخَضراءُ
حَيثُ يَثوي مُحَمَّدٌ سَيِّدُ الخَل / قِ وَفي بابِهِ الوَرى فُقَراءُ
يَقسِمُ الجودَ بَينَهُم وَمِنَ اللَ / هِ أَتاهُم عَلى يَدَيهِ العَطاءُ
وَهوَ سارٍ بَينَ العَوالِمِ لَم تَح / صُرهُ مِن رَوضِ قَبرِهِ أَرجاءُ
فَلَدَيهِ فَوقَ السَماءِ وَتَحتَ ال / أَرضِ وَالعَرشُ وَالحَضيضُ سَواءُ
هُوَ حَيٌّ في قَبرِهِ بِحَياةٍ / كُلُّ حَيٍّ مِنها لَهُ اِستِملاءُ
مَلَأَ الكَونَ روحُهُ وَهوَ نورٌ / وَبِهِ لِلجِنانِ بَعدُ اِمتِلاءُ
هُوَ أَصلٌ لِلمُرسَلينَ أَصيلٌ / هُم فُروعٌ لَه وَهُم وُكَلاءُ
يَدَّعي هَذِهِ الرِسالَةَ حَقّاً / وَعَلَيها جَميعُهُم شُهَداءُ
قُدوَةُ العالَمينَ في كُلِّ هَديٍ / لِهُداةِ الوَرى بِهِ التَأساءُ
شَرعُهُ البَحرُ والشَرائِعُ تَجري / مِنهُ إِمّا جَداوِلٌ أَو قِناءُ
بَهَرَ الناسَ مِنهُ خَلقٌ فَما الشَم / سُ وَخُلقٌ ما الرَوضَةُ الغَنّاءُ
بَحرُ حِلمٍ لَو قَطرَةٌ مِنهُ فَوقَ الن / نارِ سالَت لَزالَ مِنها الصلاءُ
وَلَو الرُحمُ حينَ يَغضَبُ لِلَ / هِ عَداهُ لَذابَتِ الأَشياءُ
أَعقَلُ العاقِلينَ في كُلِّ عَصرٍ / عُقِلَت عَن لحاقِهِ العُقَلاءُ
عَقلُهُ الشَمسُ وَالعُقولُ جَميعاً / كَخُيوطٍ مِنها حَواها الفَضاءُ
أَعلَمُ العالَمينَ أَعذَبُ بَحرٍ / لِسِوى اللَّهِ مِن نَداهُ اِستِقاءُ
فَلِأَهلِ العُلومِ مِنهُ اِرتِشافا / تٌ وَلِلأَنبِياءِ مِنهُ اِرتِواءُ
أَعدَلُ الخَلقِ ما لَهُ في اِتِّباعِ ال / حَقِّ في كُلِّ أُمَّةٍ عُدَلاءُ
أَعرَفُ الكُلِّ بِالحُقوقِ وَلا تَث / نيهِ عنها الأَهوالُ وَالأَهواءُ
مَصدَرُ المَكرُماتِ مَورِدَها العَذ / بُ كِرامُ الوَرى بِهِ كُرَماءُ
أَفرَغَ اللَهُ فيهِ كُلَّ العَطايا / وَالبَرايا مِنهُ لَها اِستِعطاءُ
صَفوَةُ الخَلقِ أَصلُ كُلِّ صَفاءٍ / نالَهُ الأَتقِياءُ وَالأَصفِياءُ
كَم لَهُ في أَماثِلِ الدَهرِ شِبهٌ / إِن تَكُن تُشبِهُ البِحارَ الإِضاءُ
أَفضَلُ الفاضِلينَ مِن كُلِّ جِنسٍ / وَاِترُك اِلّا فَما هُنا اِستِثناءُ
إِنَّما ما حَوى الزَمانُ مِنَ الفَض / لِ وَما حازَهُ بِهِ الفُضَلاءُ
كُلُّهُ عَنهُ فاضَ مِن غَيرِ نَقصٍ / مِثلَما فاضَ عَن ذكاءَ الضِياءُ
كُلُّ فَضلٍ في الناسِ فَردُ أُلوفٍ / نالَها مِن هِباتِهِ الأَولِياءُ
وَنِهاياتُهُم قُبَيلَ بِدايا / تٍ عَلاها فَوقَ الوَرى الأَنبِياءُ
وَلَدى الأَنبِياء مِن فَضلِهِ الجُز / ءُ وَلَكِن لا تُحصَرُ الأَجزاءُ
وَهوَ وَالرُسلُ وَالمَلائِكُ وَالخَل / قُ جَميعاً لِرَبِّهِم فُقَراءُ
هُوَ بَعدَ اللَهِ العَظيمِ عَظيمٌ / دونَ أَدنى مَقامِهِ العُظَماءُ
هُوَ أَدنى عَبيدِ مَولاهُ مِنهُ / ما لِعَبدٍ لَم يُدنِهِ إِدناءُ
مَن أَرادَ الدُخولَ لِلَّهِ مِن با / بٍ سِواهُ جَزاؤُهُ الإِقصاءُ
يَرجِعُ الحُبُّ مِنهُ فيهِ إِلى اللَ / هِ تَعالى وَمِنهُ فيهِ القَلاءُ
مَن يُحِبُّ الحَبيبَ فَهوَ حَبيبٌ / وَعُداةُ الحَبيبِ هُم أَعداءُ
قُل لِمَن يَسأَلُ الحَقيقَةَ لا يَن / فَكّ مِنهُ عَن أَحمَدَ اِستِفتاءُ
هِيَ سِرٌّ بِعِلمِهِ اِستَأثَرَ اللَ / هُ وَحارَت في شَأنِها العُقَلاءُ
قَد عَلِمناهُ عَبدَ مَولاهُ حَقّاً / لَيسَ لِلَّهِ وَحدَهُ شُرَكاءُ
ثُمَّ لَسنا نَدري حَقيقَةَ هَذا ال / عَبدِ لَكِن مِن نورِهِ الأَشياءُ
صِفهُ وَاِمدَح وَزَكِّ وَاِشرَح وَبالِغ / وَليُعنكَ المَصاقعُ البُلَغاءُ
فَمُحالٌ بُلوغُكَ الحَدَّ مَهما / قُلتَ أَو شِئتَ مِن غُلُوٍّ وَشاؤوا
لَو رَقى العالمونَ كُلَّ ثَناءٍ / فيهِ مَهما عَلا وَعالَ الثَناءُ
لَدَعاهُم إِلى الأَمامِ مَعانٍ / عَرَّفَتهُم أَنَّ الجَميعَ وَراءُ
قَد تَساوى بِمَدحِهِ الغايَة القُص / وى قُصوراً وَالبَدءُ وَالأَثناءُ
أَيُّ لَفظٍ يَكونُ كُفؤاً لِمَعنا / هُ وَفي الخَلقِ ما لَهُ أَكفاءُ
هو واللَه فوق كلّ مديحٍ / أَنشَدتهُ الرواةُ والشعراءُ
كلُّ مَدحٍ له وللناس طرّاً / كان فيه من مادحٍ إطراءُ
هوَ منهُ مثل الندى سيقَ لِلبح / ر وأينَ البحارُ والأنداءُ
ليس يدري قدر الحبيب سوى اللَ / هِ فَماذا تقولهُ الفصحاءُ
غالِ مَهما اِستطعتَ في النظمِ والنث / رِ وأينَ الغلوُّ والغلواءُ
ما بِتطويلِ مدحهِ ينتهي الفض / لُ فَقصّر أو قل بهِ ما تشاءُ
عظَّم اللَّه فضلهُ عظّمَ الخل / قَ ومنهُ بعَمرهِ إيلاءُ
فَمديحُ الأنامِ مِن بعدِ هذا / خَبرٌ صحّ مُنتهاه اِبتداءُ
خَيرُ وَصفٍ له العبودة للَ / هِ فَما فوقها بمدحٍ علاءُ
وَتأمّل سُبحان مَن منه فضلاً / كانَ ليلاً بعبدهِ الإسراءُ
هوَ نورُ الأنوارِ أصلُ البرايا / حينَ لا آدمٌ ولا حوّاءُ
هوَ فردٌ باللَّه والكلّ منه / ليس ثانٍ هنا وليس ثناءُ
منهُ عرشٌ ومنه فرشٌ ومنه / قلمٌ كاتبٌ ولوحٌ وماءُ
منهُ كلّ الأفلاكِ كانت وما دا / رَت بهِ والذواتُ والأسماءُ
منهُ نورُ النجومِ والشمسِ والبد / رِ وَمثلُ البصائرِ البُصراءُ
فَهو للكلِّ والِدٌ وَأبو الخَل / قِ جَميعاً وهم له أبناءُ
رَحمةُ العالمينَ كلٌّ نصيباً / نالَ لَكن تفاوتَ الأنصباءُ
فازَ مِنها الروحُ الأمين بسهمٍ / قَد أصابَ الأمانَ وهو الثناءُ
وَبهِ آدمٌ جنى العفوَ حلواً / فهو جانٍ قد جاءه الإجتباءِ
وبهِ النارُ للخليلِ جِناناً / قَد أُحيلت وعكسهُ الأعداءُ
خيرةُ اللَّه مُنتقى كلّ خلق / وَلكلٍّ منَ الأصولِ اِنتقاءُ
خارهُ واِصطفاهُ فهو خيارٌ / مِن خيارٍ ومن صفاءٍ صفاءُ
حلَّ نوراً بآدَمٍ فاِستَنارَ الص / صلبُ منه والجبهة الغرّاءُ
وَسَرى في الجدودِ كالروح سرّاً / صانهُ الأمّهات والآباءُ
هو كنزُ الرحمنِ في كلّ عصرٍ / هُم جميعاً أرصادهُ الأمناءُ
كنزُ درّ قد فاقَ فهو يتيمٌ / وعليهِ جميعهُم أوصياءُ
قَد تحرّى كَرائماً وكراماً / ما اِبتغى قطّ في حماهُم بغاءُ
بِصحيحِ النكاحِ دون سفاحٍ / فهوَ نعم النكاحُ نعمَ الرفاءُ
حلَّ شَيثاً إدريس نوحاً وإبرا / هيمَ نوراً ومَن أَتاهُ الفداءُ
ثمَّ عدنان ناله ومعدٌّ / وَنزارٌ وهكذا نجباءُ
مُضَرُ الخيرِ واِبنه اِلياسُ والمُد / ركُ مِن كلّ رفعةٍ ما يشاءُ
وخزيمٌ كنانةُ النضرُ والما / لكُ فهرٌ وغالبٌ واللواءُ
ثمَّ كعبٌ ومرّةٌ وكلابٌ / وقصيٌّ وكلُّهم كرماءُ
ثمَّ بدرُ البطحاءِ عبدُ منافٍ / هاشمٌ شيبةُ الفتى المعطاءُ
وَأَبو المُصطفى الحلاحلُ عبد ال / لَهِ والكلّ سادةٌ نبلاءُ
هَكَذا المجدُ وَالمفاخرُ وَالأن / سابُ تَعلو وَهكذا النسباءُ
هَكَذا المجدُ والجدودُ فنادِ ال / خلقَ أينَ الأشباه والأكفاءُ
كلُّ فَردٍ منهم فريدٌ ولم يُن / ظَر لهُ في زمانه نظراءُ
وَلهُ الأمّهات كلُّ حَصانٍ / تَتباهى بِمجدِها الأحماءُ
حبَّذا أمّهاتُ خير نبيٍّ / شرّفَ الكون حبّذا الآباءُ
لَم يَزل سارياً سُرى الشمسِ والده / رُ منَ الشركِ ليلةٌ ليلاءُ
مِن سَماءٍ إلى سماءٍ وأعني / كلَّ أصلٍ له بقولي سماءُ
لَم يَزَل سارياً إلى أَن تجلّت / شمسُ أنوارهِ وفاض الضياءُ
وَهبَ اللَّه بنتَ وهبٍ به كل / لَ هناءٍ وزالَ عَنها العناءُ
كَم رَأت آيةً له وهيَ حُبلى / وَبمَولى كلِّ الورى نفساءُ
جاءَها الطلقُ وهيَ في الدارِ من دو / نِ أنيسٍ وقَد نأى الأقرباءُ
فَأتَتها قوابلٌ من جنانِ ال / خلدِ منها العذراء والحوراءُ
وَتَدلّت زهرُ النجومِ إليها / كَالمصابيحِ ضاءَ منها الفضاءُ
حَمَلته هَوناً وقد وضعتهُ / أَنظفَ الناسِ ما به أقذاءُ
وَلَدتهُ كالشمسِ أشرقَ مسرو / راً وتمّت بختنه السرّاءُ
أَبصَرَت نورهُ أنارَ بِبُصرى / فَرَأتها كأنّها البطحاءُ
وَلَقد هزّت الملائكُ مَهداً / كانَ مِن فوقهِ له اِستلقاءُ
حادثَ البدرَ وهو كان له في ال / مهدِ كالظئرِ طابَ منها الغناءُ
خَدَمتهُ عوالمُ الملأ الأع / لى وهل بعد ذا لعبدٍ علاءُ
وَاِستَفاضت أخبارهُ في البرايا / فَحَكاها الملّاح والحدّاءُ
غيرَ أنّ القلوبَ فيها عيونٌ / بَعضها عن رشدِها عمياءُ
ليسَ لي حيلةٌ بتعريفِ أعمى / كنهَ شيءٍ خصّت به البصراءُ
وَإِذا ما هَدى الإلهُ بَهيماً / كانَ مِن دونِ فهمه الأذكياءُ
أَحجمَ الفيلُ عَن حِمى اللّه لمّا / قَصَدَت هدمَ بيته الأشقياءُ
وَبطيرٍ جاءت لنصرةِ طهَ / وَهو حملٌ بادوا وبالخسرِ باؤوا
وَبميلادهِ لقد فاض نورٌ / ضاقَ عَن وسعهِ الملا والخلاءُ
فاضَ طوفانهُ فغاضَت مياهُ ال / فرسِ وَالنارُ عمّها الإطفاءُ
شُرفات الإيوانِ إيوان كسرى / منهُ خرّت واِنشقّ هذا البناءُ
وَرَأى الموبَذانُ رُؤيا حكاها / هيَ حقٌّ وليس فيها اِمتراءُ
هَجَمَ العُربُ بالعرابِ ولم يم / نَع هُجوماً من نهرِ دجلة ماءُ
وبميلادهِ تنكّستِ الأص / نامُ جُنّت أم مسّها إغماءُ
حلّ فيها داءُ الرَدى فأساءَ الش / شركَ داءٌ أودَت به الشركاءُ
جاءَ كالدرّةِ اليتيمةِ فرداً / تيّمَ الكونَ حسنهُ الوضّاءُ
فَأَبتهُ كلُّ المراضعِ لليتمِ وقد / ذلَّ في الوَرى اليتماءُ
أَرضَعته فتاةُ سعدٍ فَفازت / برضيعٍ ما مثله رضعاءُ
أَرضَعته وَالعيشُ أغبر فاِخضر / رَ وَبئس المعيشة الغبراءُ
رَكِبت في المجيء شرَّ أتانٍ / سَبَقتها لضعفها الرفقاءُ
ثمَّ عادَت تعدو علَيها فلم تد / رِ أتانٌ أم سابقٌ عدّاءُ
وَشياهٌ لَها بمحلٍ شديدٍ / مصَّ ماء الثرى أتاه الثراءُ
أَقبَلت لُبّناً شباعاً وأهل ال / حيِّ مَع شائِهم جياعٌ ظماءُ
بَركاتٌ أرخَت عليها رخاءً / في زمانٍ غالَ الجميع الغلاءُ
شقَّ منهُ جبريلُ أفديهِ صدراً / قَد وَعى العالمينَ منه وعاءُ
وَحَشاه بِحكمةٍ وبإيما / نٍ وتمَّ الختام تمّ الوكاءُ
هوَ بحرٌ ولستُ أدري وقد شق / قَ لِماذا لَم تغرقِ الأرجاءُ
هوُ بحرُ التوحيدِ فاضَ وكلّ ال / أرض بالشرك بقعةٌ جدباءُ
فَأَتاها مِن فيضهِ الخصب حتّى / حَيِيَت بعد مَوتها الأحياءُ
ماتَت أمُّ النبيِّ وهو ابن ستٍّ / وَأبوه وبيتهُ الأحشاءُ
ثمَّ أَحياهُما القديرُ فحازا / شرفَ الدين حبّذا الإحياءُ
وَهُما ناجيانِ من غير شكٍّ / فَترةٌ أو حياةٌ أو حنفاءُ
رضيَ اللَّه عنهُما وكرام الن / ناس منّا ولتسخطِ اللؤماءُ
لَيسَ يرتابُ في نَجاتهما إل / لا رَقيعٌ في الدين أو رقعاءُ
كيفَ تُرجى النجاةُ للناس ممّن / ما أتى والديه منه النجاءُ
كَم أَتانا بأمرِ بِرٍّ ونهيٍ / عَن عقوقٍ وهو الفتى المئتاءُ
وَمحالٌ تكليفهُ الناس خيراً / هوَ منهُ حاشا وحاشا براءُ
أَيَرون الدعاءَ ما كان منهُ / لَهُما أو دعا وخاب الدعاءُ
بَل دَعا اللَّه واِستجاب له اللَ / هُ فحيّا تلكَ القبور الحياءُ
خصّهُ اللَّه بالنبوّة قدماً / وَسِوى نورهِ الكريم فناءُ
كلُّ خلقِ الرحمنِ أمّتهُ النا / سُ رَعايا والأنبيا وزراءُ
هوَ سُلطانهم وكلٌّ أميرٌ / غيرُ بدعٍ أن تسبق الأمراءُ
بَشَّروا أَحسنوا البشائرَ لكن / جاءَ قومٌ من بعدهم فأساؤوا
بعضُهم صرّح الكلامَ كعيسى / وَكلامُ الكليم فيه اِكتفاءُ
وَبسفرِ الزبورِ أقوى دليلٍ / وَأشاعَ البُشرى به شعياءُ
وَأَتت عَن سواهم كلّ بشرى / عطّر الكونَ من شَذاها الذكاءُ
أَظهَروه وبيّنوهُ ولكن / كَتمتهُ معاشرٌ سخفاءُ
سَتروا الحقّ حرّفوا اللفظَ والمع / نى وَكم ذا بدت لهم عوراءُ
جَعلوه ما بينَهم أيّ سرٍّ / وإِلى الحشرِ ما له إفشاءُ
وَبرغمٍ مِنهم فشا وبأهل ال / علمِ مِن قَومنا لهم إبداءُ
وَبِكلِّ الأعصارِ أظهره اللَ / ه بِقومٍ منهم هم النبهاءُ
نِعمَ بحرُ العلومِ منهم بَحيراً / وَنصيرُ الإيمانِ نسطوراءُ
نعمَ حَبرٌ قد أسلمَ اِبن سلامٍ / حينَ جاءَت ببهتهِ السفهاءُ
وَلَنِعم الحبرُ الكريم مخيري / قٌ شهيدُ المعارك المعطاءُ
وَعنِ الجنِّ كم بشائر للإن / سِ رَواها الكهّان والعلماءُ
وَبشهبٍ حمراء أشرقتِ الغب / راءُ لمّا رمتهمُ الخضراءُ
وَبإلهامِ يقظةٍ ومنامٍ / دَرتِ الأرضُ ما درته السماءُ
قبلهُ عمّتِ البرايا جَهالا / تٌ وضلّ المَرؤوسُ والرؤساءُ
لا حرامٌ ولا حلالٌ ولا دي / نٌ صحيحٌ ولا هدىً واِهتداءُ
كانَ في الناسِ ملّتان وكلٌّ / مِنهُما مثل أختها عوجاءُ
أَهلُ أصنامِهم وأهل كتابٍ / شَيخُهم في دروسهِ الغوّاءُ
بَدّلوهُ وحرّفوه وزادوا / فيهِ ما شاء من ضلالٍ وشاؤوا
فَهُم يَخبطونَ فيه وهل تب / صرُ رُشداً بخبطها العشواءُ
بَينَما الكفرُ هكذا أحرقَ الخل / قَ لظاهُ واِشتدّت الظلماءُ
وَاِشتَكت كعبةُ الإله أذاهم / وَاِستَغاثَت مِن شركهم إيلياءُ
أَطلعَ اللَّه شمسَ أحمدَ في الأر / ضِ فَعمّت أقطارها الأضواءُ
قَد أَتى المُصطفى نبيّاً رسولاً / طِبقَ ما بشّرت به الأنبياءُ
لِجميعِ الأنامِ أرسله اللَ / هُ خِتاماً للرسل وهو اِبتداءُ
أَطلعَ اللَّهُ شمسه فاِستنارَت / قبلَ كلِّ الأماكنِ البطحاءُ
مَلأ العالمينَ نوراً ولولا / نورهُ لاِستحالَ فيها الضياءُ
وَقلوبُ العتاةِ فيها عيونٌ / طَمَستها مِن شركهم أقذاءُ
إِنّما هَذه القلوبُ مرايا / فَوقَها مِن ظلالٍ لكلِّ مرأى مراءُ
كلَّما جاءَهم بآيةِ صدقٍ / كَذّبوه فيها وبالإفك جاؤوا
جاءَهم هادِياً بأفصحِ قولٍ / عَجزت عن أقلّهِ الفصحاءُ
طالَ تَقريعُهم بهِ والتحدّي / أَينَ أينَ المصاقعُ البلغاءُ
وَهمُ القومُ أفصحُ الناس طبعاً / شُعراءٌ بينَ الورى خطباءُ
عَدَلوا عنهُ للشتائمِ والحر / بِ اِفتراقٌ جوابهم واِفتراءُ
أَتُراهم لو اِستطاعوا نَظيراً / راقَهم عنهُ أن تراق دماءُ
فيهِ إعجازُهم وفيه هداهُم / فَهو سُقمٌ لهم وفيه شفاءُ
فيهِ إِخبارُهم وفيهِ هُداهم / فَهو سُقمٌ لهم وفيه شفاءُ
فيهِ إخبارُهم بِما كان في الده / رِ وَيأتي تساوَتِ الآناءُ
وَالنبيُّ الأمّيُّ قد علموهُ / ما لهُ في كمالِه قرناءُ
أَصدقُ الناسِ لهجةً ما أتاه / قطّ من قومه بكذبٍ هجاءُ
لقّبوهُ الأمينَ من قبل هذا / وقليلٌ بين الورى الأمناءُ
لا كِتابٌ ولا حسابٌ ولا غر / بَةَ طالت ولا له اِستخفاءُ
بِكتابٍ منَ المليكِ أَتاهم / كلُّ لفظٍ بصدقه طغراءُ
حجّةُ اللَّهِ فوقَ كلّ البرايا / فيهِ عن كلّ حجّةٍ إغناءُ
كلُّ علمٍ في العالمين فمنهُ / عنهُ فيه لهُ عليهِ اِرتقاءُ
غَلبَ الكلّ بالبراهينِ لكن / بَعضُهم غالبٌ عليه الشقاءُ
حارَبَ العُرب وَالأعاجمَ منه / بِسلاحٍ له السلاح فداءُ
كلُّ حرفٍ سيفٌ ورمحٌ وسهمٌ / وَمِجنٌّ ونثرةٌ حصداءُ
لَيسَ يهدي القرآنُ مِنهم قلوباً / ما أَتاها مِن ربّها الإهتداءُ
لا يُطيقُ الإفصاحَ بالحقِّ عبدٌ / روحهُ مِن ضلالهِ خرساءُ
إِنّ قُرآنه الكريم لكلّ ال / كتبِ مِن فيضِ فضله اِستجداءُ
كلُّ فردٍ قَد حازَ أقسام فضلٍ / دونَ فشلٍ وقد يكون وطاءُ
جمعَ الكلَّ وحدهُ فلديهِ / لِجميعِ الفضائل اِستيفاءُ
زادَ عَنها أَضعافها فهو فردٌ / ضِمنهُ العالمون والعلماءُ
وَاِنقَضت مُعجزات كلِّ نبيٍّ / باِنقِضاه وما لِهذا اِنقضاءُ
واِهتَدى سادةٌ فصارَ لهم بالس / سبقِ وَالصدقِ رتبةٌ علياءُ
سَبَقتهم خديجةٌ وأبو بك / رٍ عليٌّ زيدٌ بلالٌ وِلاءُ
وَتَلاهم قومٌ كرامٌ كَذي النو / رَين عُثمان سادةٌ نبلاءُ
عامرٌ طلحة الزبير وسعدٌ / واِبنُ عوفٍ مع صاحب الغارِ جاؤوا
وَسَعيدٌ عُبيدةٌ حمزة المر / غمُ أنفَ الضلال منه اِهتداءُ
أَسدُ اللَّهِ والرسول الّذي دا / نَت لهُ بِالسيادة الشهداءُ
وَالإمامُ الفاروقُ بعدُ منَ المخ / تارِ في حقّة اِستجيب الدعاءُ
كانَ إِسلامهُ عَلى الشركِ خفضاً / وَبهِ صارَ للهدى اِستعلاءُ
عُمَرُ القرمُ ذو الفتوح الّذي عز / رَ بهِ الدين حينَ عزّ العزاءُ
وَنِساءٌ أمّ الجميلِ وأمّ ال / فضل أمٌّ لأيمنٍ أسماءُ
وَسِواهُم من سادةٍ وعبيدٍ / سابقَتهم حرائرٌ وإماءُ
ثمّ لمّا تَظاهروا لقريشٍ / حينَ زالَ الخفاء زاد الجفاءُ
نوَّعوا فيهمُ العذابَ وكانت / مِن لَظاهم بالأبطح الرمضاءُ
لَهفَ قَلبي على بلالٍ فقد صُب / بَ عليهِ وفاض عنه البلاءُ
لَهف قلبي على الوليِّ أَبي اليق / ظان إذا آل ياسرٍ أسراءُ
لهفَ قَلبي على الجميعِ وما ين / فعُ لَهفي وما يفيد البكاءُ
رَحمةُ اللَّه صاحَبَت خير صحبٍ / حينَ عزّت في مكّة الرحماءُ
أَحسنَ اللَّه صَبرهم فاِستلذّوا / بِالبَلايا وخفّت اللأواءُ
وَلهَذا تحمّلوا ما الجبال الش / شمُّ عَن حملِ بعضه ضعفاءُ
هاجَروا للحُبوش خوفاً على الدي / نِ فَهُم مثل دينهم غرباءُ
وَالنبيّ الأمّيُّ كالليثِ يُردي الش / شركَ منهُ تقدّمٌ واِجتراءُ
لَم تَرُعه الأهوالُ في نشر دينٍ / هوَ وَحيٌ وما به أهواءُ
كَم أساؤوهُ كَي يكفَّ فما كف / فتهُ عَن أمرِ ربّه الأسواءُ
وَاِستَوى منهمُ لديه جفاءٌ / وَوفاءٌ والضرّ والسرّاءُ
ربّ يومٍ أتاهُ عقبةُ أشقى ال / قوم يَسعى وفي يديه سلاءُ
بِخبيثٍ أتى خبيثٌ وهل يأ / تي بِغير الخبائثِ الخبثاءُ
قَد رماهُ حينَ السجودِ عليه / وَاِنثنى منه تضحكُ الأشقياءُ
فَأطالَ السجودَ حتّى أتتهُ / فَأزالتهُ بنته الزهراءُ
ليتَ شِعري إِذ ذاكَ ما منع الأر / ضَ منَ الخسف أو تخرّ السماءُ
قَومُ نوحٍ لم يَفعلوا مثل هذا / وَلَقد أغرقَ البريّة ماءُ
غيرَ أنّ الغَريمَ كانَ كريماً / وَحليماً فأُخّرَ الإقتضاءُ
راحَ شمسُ الوجودِ يَدعو عليهم / وببدرٍ قد اِستُجيب الدعاءُ
صُرِعوا كلّهم هناكَ ومنهم / في قليبٍ قد أُلقيت أشلاءُ
كلَّفوهُ بشقِّه القمر الزا / هرَ ليلاً تكليفَ ما لا يشاءُ
فَدعا فاِستبانَ شقّين في الحا / ل ِوبينَ الشقّين بان حراءُ
فاِستَرابوا بأنّه السحرُ حتّى / جاءَ مِن كلّ واردٍ أنباءُ
أَخبَروهم بصدقهِ فاِستَمرّوا / وَالعَمى لا تفيدهُ الأضواءُ
هالَهم أمرهُ فَخافوا وما هم / بعدَ حينٍ من فتكه أمناءُ
عرَضوا أن يكونَ فيهم مليكاً / وَإِليه الأموالُ والآراءُ
ثمَّ يَدنو ولا يسفِّه أحلا / ماً فما هم بزعمهم سفهاءُ
فَأبى مُلكَهم ولَو لهوى النف / سِ دَعاهم لما تأتّى الإباءُ
ثمّ ناداهُم فقالَ وهل يس / مِعُ أهلَ القبور منه النداءُ
لَو وَضَعتم بدرَ السما في شمالي / وَبِيُمنايَ كانَ منكم ذكاءُ
ما تَركتُ الدعاءَ للّه حتّى / يحكمُ اللَّه بينَنا ما يشاءُ
فَأَساؤوهُ بالمقالِ وبالأف / عالِ واِشتدّ منهم الإعتداءُ
فَرَأوهُ مثلَ الهزبرِ وهل صَد / دَ هزبراً من الكلابِ عواءُ
قَد دَعا قومهُ لتسليمهِ لل / قتلِ بَغياً فخابَ هذا الدعاءُ
هَجروهُم في الشِعبِ لا قرب لا حب / بَ وَلا بيعَ منهمُ لا شراءُ
وَمَضت هكذا سنون ثلاثٌ / جارَ فيها العِدا وراج العداءُ
وَأرادَ الرحمنُ تفريجَ هذا ال / كربِ عَنهم فاِنشقّت الأعداءُ
خالفَ البعضُ مِنهم البعضَ والقو / مُ جَميعاً في شركهم شركاءُ
وَاِستَمرّوا على الخلافِ إلى أن / فرّ ذاكَ الجفا وقرّ الوفاءُ
ينصرُ اللَّه مَن يشاءُ بما شا / وَمنَ السمّ قد يكون الشفاءُ
وَأَتى عمّهُ الحميمَ حمامٌ / ما لِحيٍّ من الحمام اِحتماءُ
كانَ تُرساً يقيهِ عادية الأع / داءِ رأساً تهابهُ الرؤساءُ
مُستقيماً على الولاءِ وللأض / لاعِ منهُ على الحنُوِّ اِنحناءُ
قَد رَأى صدقَهُ بِمرآة قلبٍ / صَقَلَتها رويّةٌ واِرتِياءُ
غيرَ أنَّ الخفاءَ كانَ مُفيداً / ربَّما يجلبُ الظهورَ الخفاءُ
مدحَ المُصطفى بنظمٍ ونثرٍ / كَم لهُ فيه مدحةٌ غرّاءُ
وَلَدى الإحتِضارِ أصفى قريشاً / خيرَ نُصحٍ فلم يكن إِصغاءُ
أَوضحَ الحقّ في كلامٍ طويلٍ / كانَ في قلبهِ عليه اِنطواءُ
وَمَضى راشِداً وقد أسمع العب / باسَ قَولاً به يكون النجاءُ
فَاِستمرّت على العناد قريشٌ / ما لديها رعايةٌ واِرعواءُ
وَبموتِ الشيخِ المهيبِ اِستطالت / بِأذاهُ وزادَ منها البذاءُ
وَهوَ في صدعِها بما أمرَ الجب / بارُ ماضٍ كالسيفِ فيه مضاءُ
ليلهُ مثلُ يومهِ باِجتهادٍ / في هُداها وكالصباحِ المساءُ
ثمَّ ماتَت خَديجةٌ فأتاهُ / أيُّ رُزءٍ جلَّت به الأرزاءُ
كَم رَأت سيّد الورى في عناءٍ / وَبِها زالَ عنه ذاك العناءُ
كُلَّما جاءَها بعبءٍ ثقيلٍ / هوّنتهُ فخفّت الأعباءُ
ما أتاهُ مِن قومهِ السخطُ إلّا / كانَ مِنها لقلبه إرضاءُ
كلُّ أَوصافِها البديعة جلّت / عَن شبيهٍ وكلّها حسناءُ
فهيَ هارونهُ بِها اللَّه شدّ ال / أزرَ منه وما بها إزراءُ
وَهيَ كانت وزيرهُ الناصحَ الصا / ئبَ رَأياً وهكذا الوزراءُ
وازَرته على النبوّة لمّا / جاءَهُ الوحي كان منها الوحاءُ
إِذ أَتاه الأمينُ جبريلُ في غا / ر حراءٍ فزاد فخراً حراءُ
غطّهُ مرّةً وأُخرى وأُخرى / قائل اِقرأ ولم يكن إقراءُ
فَاِبتدا وحيهُ بسورةِ إقرأ / ثمّ فاضَ القرآنُ والقرّاءُ
فَاِنثنى ترجفُ البوادرَ منه / لِخديجٍ وحبّذا الإنثناءُ
فَرَأته فاِستَفهمته فلمّا / علمَت أمرهُ أتاها الهناءُ
عَلِمت أنّه النبيّ الّذي في الن / ناسِ عنهُ قد شاعت الأنباءُ
آمَنت أسلَمَت أعانَت وقد زا / دَ لَديها في شأنه الإعتناءُ
خصّها اللَّه بِالسلامِ وجِبري / لُ المؤدّي ونعم هذا الأداءُ
كلُّ أولادِ صلبهِ غيرَ إبرا / هيم منها وما لها ضرّاءُ
رضيَ اللَّه والنبيُّ وهذا الد / دين عنها فليسَ يكفي الثناءُ
لَو رأيتَ النبيّ من بعدُ في الطا / ئفِ سالت بالحصبِ منه الدماءُ
وَسمِعت التخييرَ فيهم من اللَ / هِ فكانَ اِختياره الإبقاءُ
كنتَ شاهدتَ أعظمَ الخلقِ حلماً / وَتمنّيت أن يعمّ الفناءُ
كانَ يَلقى عنهُ الحجارةَ زيدٌ / إنّ روحي لنعلِ زيدٍ فداءُ
قرّب اللَّه سيّد الخلقِ حتّى / غَبَطَ العرش قُربه والعماءُ
لا جِهاتٌ تَحوي الإله تعالى / ليسَ شَخصاً لذاته أنحاءُ
فَلَديهِ كلُّ الجِهات وقبلَ الد / دهرِ والدهرُ والمعاد سواءُ
أَينَما كانَ خلقهُ فهوَ مَعهم / لا مَكانٌ له ولا آناءُ
وعَلى عرشهِ اِستوى ليس يدري / غيرهُ كيفَ ذلِك الإِستواءُ
لا كشيءٍ في العالمينَ ولا تش / بههُ جلّ قدرهُ الأشياءُ
لا غنيّاً من الخلائقِ عنه / وهوَ عن كلّهم له اِستغناءُ
كلُّ آتٍ في البالِ فهو سوى اللَ / هِ تَعالى وأين أين السواءُ
كلُّ نقصٍ عنه تنزّه قدماً / وَكمالُ السنا له والسناءُ
وَلهُ الخلقُ وحدَهُ ولهُ الأم / رُ وَيَجري في ملكهِ ما يشاءُ
خالقٌ كلّ ما عداه ولا بد / ءَ لهُ في وجودهِ لا اِنتهاءُ
واجبٌ كالوجودِ كلُّ الكمالا / ت محالٌ أضدادها والفناءُ
واحدُ الذاتِ وَالصفاتِ والأفعا / لِ وفي الكلّ ما له شركاءُ
عالمٌ قادرٌ مريدٌ سميعٌ / وبصيرٌ حيٌّ له الأسماءُ
ذو كلامٍ بقول كُن منهُ كان ال / خلقُ سيّان عرشهُ والهباءُ
كلُّ عِلمٍ يكونُ أَو كان مع ما / أَنتَجتهُ الأفكار والآراءُ
هوَ مِن علمهِ كقطرةِ بحرٍ / لَو عدا البحرَ غايةٌ واِبتداءُ
مالكُ الملكِ ذو الجلال له ال / كلُّ اِستحالَ الشريك والوزراءُ
حارَ في كنههِ الملائكُ عجزاً / عنهُ والأنبياءُ والأولياءُ
بَهَرتهُم أنوارهُ حيّرتهم / حبّذا حَيرةٌ هي الإهتداءُ
ليسَ يدريهِ غيرهُ فجميع ال / خلقِ في كنهِ ربّهم جهلاءُ
مَن رَأى بانياً دراه بناءٌ / أينَ هَذا البناء والبنّاءُ
مَن رَأى الشمسَ في النهارِ دَرتها / وهيَ عَنها الظلالُ والأفياءُ
أَثرٌ ما دَرى المؤثِّر فيهِ / وَلهذينِ بالحدوثِ اِستواءُ
أَتُرى الحادثات تَدري قديماً / كيفَ تَدري خلّاقها الأشياءُ
قَد رَقى العارِفون باللَّه مرقى / ما لخلقٍ إلى عُلاه اِرتقاءُ
فَأقرّوا مِن بعدِ كلّ تعلٍّ / وَتَجلٍّ أنّ الخفاء خفاءُ
وَلَقد ضلّ معشرٌ حَكموا العق / لَ وما هُم بحكمهم حكماءُ
حينَما سافَروا على غير هديٍ / عُقِلَ العقلُ منهم والذكاءُ
كيفَ تَدري العقولُ كنهَ إلهٍ / كانَ مِن بعضِ خلقهِ العقلاءُ
ما لهُ ما عليهِ نفعٌ وضرٌّ / مِن براياهُ أحسَنوا أَو أَساؤوا
كلُّ شَيءٍ منَ الخلائق فانٍ / وَلهُ وحدهُ تعالى البقاءُ
أَرسلَ الرسلَ للأنام ليمتا / زَ لَديهم سعادةٌ وشقاءُ
صِدقُهم واجبٌ وفهمٌ وتبلي / غُ هداهُ وكلُّهم أمناءُ
وَمُحالٌ أضدادها ومعاصي / هِ وَغيرَ العيوبِ جازَ السواءُ
رُسُلُ اللَّه هُم هداةُ البرايا / وَلكلٍّ محجّةٍ بيضاءُ
خصَّ مِنهم محمّداً بالمزايا ال / غرّ منها المِعراجُ والإسراءُ
أَرسلَ الروحَ بالبراقِ كما تف / علهُ لِلكرامة الكرماءُ
فَعلاهُ البدرُ التمام أبو القا / سمِ لَيلاً فضاء منه الفضاءُ
راحَ يَهوي بهِ وحدُّ اِنتهاءِ الط / طرفِ منهُ إلى خطاهُ اِنتهاءُ
مرّ في طيبةٍ وموسى وعيسى / ولَقد شَرُفت به إيلياءُ
ثمّ صلّى بالأَنبِياءِ إماماً / وبهِ شَرّفَ الجميعَ اِقتداءُ
وَمَضى سارياً إِلى العالمِ العل / وِيّ حيثُ العلا وحيث العلاءُ
سَبَقته إلِى السمواتِ كيما / ثمَّ تُجري اِستقباله الأنبياءُ
فَعلا فَوقَها كشمسِ نهارٍ / أَطلَعته بعدَ السماء سماءُ
رحّب الرسلُ بالحبيبِ وكلٌّ / فيهِ إمّا أبوّةٌ أو إخاءُ
وَجَميعُ الأفلاكِ مع ما حوتهُ / قَد تَباهَت وزاد فيها البهاءُ
وَالسفيرُ الأمينُ خير رفيقٍ / لَم يُفارِق ما مثله سفراءُ
وَلَدى السدرةِ الجوازُ عليهِ / صارَ حظراً فكان ثمّ اِنتهاءُ
فَدَعاه النبيّ حين عَلا السد / رةَ نورٌ منهُ عليها غشاءُ
هَهُنا يتركُ الخليلُ خليلاً / أَينَ ذاكَ الصفاءُ أين الوفاءُ
قالَ عُذراً فلَن أُجاوزَ حدّي / لَو تقدّمت حلّ فيَّ الفناءُ
وَبهِ زُجّ في البهاءِ وفي النو / ر إِلى حيثُ كلّ خلقٍ وراءُ
وَرَأى اللَّه لا بِكيفٍ وحصرٍ / لا مَكانٌ يحويه لا آناءُ
فَوقُ فوقٍ وتَحتُ تحتٍ لديه / قبلُ قبلٍ وبعدُ بعدٍ سواءُ
إنّما خصّصَ الحبيبَ بسرٍّ / لِسِواه ما زالَ عنه الخفاءُ
وَعليهِ صبَّ الكمالَ وزالَ ال / كيفُ والكمّ حين زاد الحباءُ
وَسَقاهُ بُحورَ علمٍ فَعِلمُ ال / خَلق منها كالرشح وهو الإناءُ
وَحباهُ أنواعَ كلِّ صفاءٍ / نَفحةٌ منه ما حوى الأصفياءُ
لا نبيٌّ ولا رسولٌ ولا جب / ريلُ يَدري العطاءَ جلّ العطاءُ
ثمَّ عادَ الضيفُ الكريمُ إلى الأه / لِ وَتمّت من ربّه النعماءُ
عادَ قَبل الصباحِ فاِرتابَ في مك / كَةَ قومٌ من قومه بلداءُ
أَعظَموا الأمرَ وهو فعلُ عظيمٍ / لَم تُشابه صفاته العظماءُ
جلَّ قَدراً فالكائناتُ لديهِ / حُكمُها ذرّةٌ حواها الفضاءُ
لَو أَرادَ القديرُ كانَ بلحظٍ / كلّ هَذا ولم يكن إسراءُ
وَلَكم طافَ في القبائلِ يستن / صِرُها حين عزّت النصراءُ
أيُّ قَومٍ أَبناءُ قيلةَ لا الأق / يالُ تَحكيهم ولا الأذواءُ
بايَعوا المُصطفى فَفازوا وباعوا ال / لَهَ أَرواحَهم وتمّ الشراءُ
أَسعدٌ رافعٌ عبادةُ عبد ال / لَه سَعدٌ ومنذرٌ والبراءُ
وَأُسيدٌ سعدٌ رفاعة عبد ال / لَه سعدٌ يا حبّذا النقباءُ
وَلِكلٍّ بالمكرُمات اِئتزار / ولِكلٍّ بالمكرماتِ اِرتداءُ
زادَ أهلُ الضلالِ فيه لجاجاً / حينَما قَد أُتيح هذا اللجاءُ
وَعَلى صحبهِ الأذى ضاقَ عنه ال / وسعُ مِنهم واِستحكم الإعتداءُ
كانَ عندَ الأنصارِ إذ أقحط الأم / نُ عَليهم في طيبةٍ أكلاءُ
وَهوَ في قومهِ ينادي وقل / بُ الشركِ أَعمى وأذنهُ صمّاءُ
ثمَّ لمّا رَأوه يزدادُ صحباً / كلّ يومٍ مِنهم إِليه اِنتماءُ
وَإِذا أسلمَ الفَتى فأبوهُ / مِنهمُ عندهُ وكلبٌ سواءُ
راعَهم ما رَأوهُ منهُ فراموا / قتلهُ كيفَ تقتلُ القتلاءُ
وَأَتاهُ بِمَكرهم جبرئيلٌ / فَبدا كيدُهم وخابَ الدهاءُ
فَفداهُ بنفسهِ ذلك اللي / ثُ عليٌّ ونعم هذا الفداءُ
حَصَروهُ فمرّ عَنهم ولم يخ / لُص لِذاك الوليِّ منهم عناءُ
نَثَرَ التربَ بالروسِ فكلٌّ / عَينه مثل قلبه عمياءُ
وَمَضى نحوَ طيبةٍ أطيبُ الخل / قِ فَطابَت بطيبهِ الأرجاءُ
كانَ صدّيقهُ الكبيرُ أبو بك / رٍ رفيقاً إذ عزّت الرفقاءُ
وَاِقتفاهُ فِتيانهم وَذوو النج / دةِ منهم وقُبّح الإقتفاءُ
وَاِستكنَّ البدرُ المنيرُ بثورٍ / لَم يضرهُ مِن العدا عوّاءُ
شَرّفَ اللَّهُ غارَ ثورٍ فَغارَ ال / كهفُ منهُ واِستشرفت سيناءُ
وَبِمرِّ السنينَ يَزدادُ مَجداً / حَسَدتهُ لأجلهِ زيتاءُ
ما لِزيتاءَ ما لسيناءَ ما لل / كهفِ كالغارِ بالحبيبِ اِلتقاءُ
وَأَتاهُ الكفّارُ مِن كلِّ نحوٍ / واِستمرّ التحذيرُ والإغراءُ
وَالرفيقُ الرفيقُ مِن عينهِ الوط / فاء سالَت سَحابةٌ وطفاءُ
وَالنبيُّ الأمينُ أَغفى لبعد ال / خوفِ منه واِزدادَ فيه الرجاءُ
نَسجَ العنكبوتُ دِرعاً حَصيناً / ضاعَفَتهُ ببيضها الورقاءُ
تاهَ بِالتيهِ قَبلهم قومُ موسى / وَهوَ أَرضٌ فسيحةٌ فيحاءُ
وَقُريشٌ من أجلهِ في فناءِ ال / غارِ تاهَت وما يكون الفناءُ
ثمَّ سارَت شمسُ الوجودِ بليلٍ / معَها البدرُ أفقها البيداءُ
وَاِقتَفاها سُراقةٌ لاِستراقِ الن / نورِ مِنها كأنّه الحرباءُ
وَعَد النفسَ بالثراءِ ولكن / ربَّ فقرٍ أَشرّ منه الثراءُ
صَيَّرَ الخسف تحتهُ الأرضَ بحراً / غَرِقت فيه سابحٌ جرداءُ
فَفَدى نفسهُ ببذلِ خضوعٍ / حينَ مِنها لم يبق إلّا الذماءُ
وَحباهُ وَعداً بإِسوارِ كسرى / فَأتاهُ مِن بعدِ حينٍ وفاءُ
وَأَتتهُ مِن أمّ مَعبدٍ إذ أع / وَزَها القوتُ حائلٌ عجفاءُ
حلبَ الضرعَ أشبعَ الركب منها / بإِناءٍ وزادَ عنهم إناءُ
وَلهُ اِشتاقَت المدينةُ فالأن / صارُ فيها مِن شَوقهم أنضاءُ
وَهُناكَ المهاجرونَ لَديهم / مُهجٌ برّحت بها البُرَحاءُ
بَينَما هُم بالإنتظارِ وَمِنهم / كلُّ وقتٍ لشأنه اِستِقراءُ
فَاجَأتهم أَنوارهُ فَأزالت / كلَّ حزنٍ وعمّتِ السرّاءُ
حيِّ أنصارَهُ فَلا حيّ في العُر / بِ سِوى حيِّه لهم أكفاءُ
عاهدوهُ فَما رَأَينا وَلَم نَس / مَع بِقومٍ هم مثلهم أوفياءُ
أَحسَنوا أحسَنوا بغيرِ حسابٍ / مِثلَما قومهُ أساؤوا أساؤوا
مِنهمُ سيّدٌ لهُ اِهتزّ عرشَ ال / لَهِ شَوقاً ومنهم النقباءُ
وَكفاكَ المُهاجرونَ كفاةً / أيّ مَدحٍ لما أتوه كفاءُ
آمَنوا النبيِّ حينَ جزاءُ ال / مرءِ قتلٌ أو ردّةٌ أو جلاءُ
فارَقوا الدارَ والأحبّة في اللَ / هِ وللَّه هجرهم واللقاءُ
مِنهمُ السابقونَ للدينِ وَالعش / رَةُ مِنهم ومنهمُ النجباءُ
كلُّ أصحابهِ هُداةٌ فما أخ / سَرَ قوماً بهم لهم إغواءُ
بَينما هُم في الجهلِ غرقى إذا هم / لِلبَرايا أئمّةٌ علماءُ
لَحَظاتٌ أحالَتِ الجهلَ علماً / مِنهم فهيَ الإكسيرُ والكيمياءُ
كلُّ علمٍ في الناسِ قَد فاضَ منهم / هُم بحورُ العلوم والأنواءُ
شُهبٌ أحرَقوا شياطينَ قومٍ / وَلِقَومٍ نورٌ بهم يستضاءُ
هَكذا الوردُ للأطايبِ طيبٌ / وَشفاءٌ وللخبائثِ داءُ
حبُّهم وَالشقاءُ ضدّان لن يج / تَمِعا وَالنجاة والبغضاءُ
حبُّهم جنّةُ المحبّ وبغض ال / بَعضِ نارٌ والمبغض الحلفاءُ
كُلُّهم سادةٌ عدولٌ ثقاتٌ / صلحاءٌ أئمّةٌ أتقياءُ
أَفضلُ الناسِ غير كلِّ نبيٍّ / بِسواهم لا يحسن اِستثناءُ
كلُّ هديٍ منَ النبيّ فَعَنهم / ما لَنا غيرهُم طريقٌ سواءُ
شاهَدوا صِدقهُ فَكانوا شهوداً / هُم لَدى كلِّ مسلمٍ أزكياءُ
أَتَقولُ الضلّالُ ما هم عدولٌ / مَن تُرى ثابتٌ به الإدّعاءُ
هُم نجومٌ في أفقِ شَرع أبي القا / سمِ بانوا للمُؤمنين أضاؤوا
بَعضُهم كالنجومِ أضوأُ مِن بع / ضٍ وَبعضٌ مثل السها أخفياءُ
هُم سُيوفٌ للمُصطفى ورماحٌ / وَهوَ رَأسٌ وهم له أعضاءُ
أيّدوهُ وبلّغوا الدين عنهُ / فهمُ الناصِحون والنصراءُ
وَبِهم حاربَ البريّة ما قا / لَ هلمّوا إلّا أَجابوا وجاؤوا
قادَ مِنهُم نحوَ العداةِ أسوداً / رَجَفت مِن زئيرها الأنحاءُ
كلُّ لَيثٍ لا يرهبُ الموتَ لا تن / فَكّ منهُ إلى الوغى رغباءُ
عَجِلٌ إِن دُعي وإن فرّ قرنٌ / فبهِ عَن لحوقه إبطاءُ
وَإِذا ما اِدلهمّ ليلُ حروبٍ / أَسفَرت مِنه طلعةٌ غرّاءُ
هُم سُيوفٌ للَّه جلّ تعالى / وَلَها في يدِ النبيِّ اِنتضاءُ
قَطعوا المُشركينَ والشركَ لم تث / لم ظُباهم وما عراها اِنثناءُ
فَبروحي أَفدي الجميعَ وإن جل / لَ المُفدّى وقلّ منّي الفداءُ
رَضيَ اللَّه والنبيّ وأهل ال / حقّ عَنهم وإِن أبى البُغَضَاءُ
قَوِيَ المُصطفى بصحبٍ بلِ الصح / بُ بهِ بل بربّه أقوياءُ
أَذنَ اللَّه بِالقتالِ ومنهُ الن / نصرُ قلّت أَو جلّت الأعداءُ
بَعضُهم للنبيّ أَصغى وبعضٌ / لِسوى السيفِ ما له إصغاءُ
كلُّ قومٍ يأتيهمُ كلّ يومٍ / منهُ شرعٌ أو غارةٌ شعواءُ
قَد دَعا الناسَ بِالكتابِ وبعضُ ال / حقّ يَخفى إن ضلّت الآراءُ
شَرَحت فوقَ أحمرِ المتنِ سمرُ ال / خطّ حتّى بَدا وزال الخفاءُ
فَسّرته لَهُم خطوطُ العوالي / فَأقرّوا أَن ليسَ فيه خطاءُ
أَوضَحَته لطاعنٍ ضاقَ فهماً / طَعنةٌ في فؤاده نجلاءُ
صَدِئَت منهُم القلوبُ فصدّت / وَلَها من ظُبا السيوف جلاءُ
ربَّ سيفٍ مُذ قام يشرح شرحاً / عَلِمَت دينَ أحمد الجهلاءُ
كَم قلوبٍ لهم قسَت رقّقتها / مِن سيوفٍ لصحبهِ خُطَباءُ
طَلَعوا في سماءِ بدرٍ نُجوماً / بَينَهم سيّدُ الأنامِ ذكاءُ
أَحرَقت شُهبُهم عتاةَ قريشٍ / وَلهيبُ الحريقِ تلك الدماءُ
كلُّ قِرنٍ منهم بغير قرينٍ / وَلَنِعمَ الثلاثةُ القرناءُ
حَمزةٌ مع عبيدةٍ وعليٍّ / طَحَنوا الشركَ والرحا الهيجاءُ
هُم أَساساً للنصرِ كانوا وهل يث / بُتُ إلّا عَلى الأساس البناءُ
وَأَتاهُ عوناً ملائكة اللَ / هِ وَعنهم بنصره اِستغناءُ
وَرَماهم خيرُ الورى بسهامٍ / راشَها ربُّه هي الحصباءُ
فَأَصابت بكفّه الجيشَ طرّاً / إِذ منَ اللَّه ليسَ منه الرماءُ
كَعَصاةِ الكليمِ كلّ حصاةٍ / كانَ مِن دونِ رَميها الإلقاءُ
يَدُ خيرِ الوَرى رَمتهم ففرّوا / إنّ هذي هيَ اليدُ البيضاءُ
هُزِمَ الجمعُ مِثلَما أخبر اللَ / ه وفرّت حياتهم والحياءُ
صَفَعَتهم سيوفهُ أيّ صفعٍ / حينَ ولّوا وبانتِ الأقفاءُ
وَعَليهم قَست صدورُ العوالي / وهيَ لَولا عقوقهم رحماءُ
أَفَلا يَذكرونَ أيّام يؤذي / سيّدَ الخلقِ منهمُ اِستهزاءُ
قال إنّي بُعثتُ بالذبحِ يا قو / مُ إِليكم هل صحّت الأنباءُ
عيّنَ المُصطفى مصارع قومٍ / فَجَرى بالّذي قضاه القضاءُ
وَمَشى صحبهُ عليهِم فَمن ها / مِ الأعادي لكلّ رجلٍ حذاءُ
حينَما اِنقضّ جندهُ كنسورٍ / نُبِذَت بِالعراءِ تلك الحداءُ
عُوِّضوا في القِفار بعدَ الحشايا / فُرُشَ التربِ وَالقتامُ غطاءُ
وَشَكَت مِنهمُ البلاقعُ إِذ خي / فَ جوىً مِن جسومهم واِجتواءُ
فَرُموا في القليبِ شرِّ وعاءٍ / بِئسَما قَد حَواه ذاك الوعاءُ
أَودعوهُ أَشلاءَهم أتُراهم / ذَكَروا كيفَ تطرحُ الأسلاءُ
شَحنوهُ منهُم بشرّ ظروفٍ / حَشوُها الشركُ حشوُها الشحناءُ
وَنَحا طيبةَ النبيُّ بجيشٍ / ضاعَفته الأسلاب والأسراءُ
غَزوةٌ آذَنَت بفتحٍ مبينٍ / رافعاً للهُدى بها الإبتداءُ
هيَ بَدرٌ والفتحُ شمسٌ وباقي ال / غَزَوات النجوم والأضواءُ
غَيرَ أنَّ الضلالَ مِنهم أَحاطت / بقريشٍ سَحابةٌ دكناءُ
سَترت عن عُيونها نورَ بدرٍ / قَد رآهُ مُشيرها الغوّاءُ
ثمَّ جاؤوا مُحاربينَ له في / أُحدٍ حيثُ هاجت الهيجاءُ
صَدّهم أيّ صَدمةٍ آلمَتهم / سالَ مِنها دُموعهم والدماءُ
أَلحَق اللَّه بالقليبِ وأهلي / هِ عتاةً منهم عناها اللواءُ
فَعَراهُم كَسرٌ بهِ حصلَ الجب / رُ وخفضٌ بهِ لنا اِستعلاءُ
ثمَّ لمّا أَرادَ ربُّك أن يأ / تيه مِن جنوده شهداءُ
خالَفوا المُصطَفى بتركِ مكانٍ / منهُ جاءَت خيلُ العدا من وراءُ
فقضى من قضى شهيداً ولا حي / لَة تُنجي ممّا يسوق القضاءُ
وَحَلا الصبرُ النبيَّ وقَد شد / دَ عليه بِساعديه البلاءُ
كَسَرَ القومُ منهُ إِحدى الثنايا / فَزكا حُسنها وزاد الثناءُ
هَشَموا فيه بيضةَ الدرعِ حتّى / دَمِيت منهُ جبّةٌ بيضاءُ
وَمَضى حَمزة شَهيداً فجلّ ال / خَطب فينا وأُخرسَ الخطباءُ
عَينيَ اِبكي على الشهيدِ أبي يع / لى دماءً وقلّ منّي البكاءُ
عَينيَ اِبكي وأسعديني فَقد عي / لَ اِصطباري وعزّ منّي العزاءُ
عَينيَ اِبكي عليهِ فحلَ قريش / جلّ قَدراً فجلّ فيه الرثاءُ
قَتلوهُ بقَومهم يومَ بدرٍ / وَبشِسعٍ مِن نعلهِ هم بواءُ
بَطلٌ صالَ فيهم كَهزبرٍ / ضرَّ سِربَ الوحوشِ منه الضراءُ
قَتلتهُ بالغدرِ حربةُ عبدٍ / قَتلتهُ مِن بعد ذاك الطلاءُ
لستُ أَدري ماذا أَقولُ ولكن / ما لِذاكَ لوحشيّ عندي رعاءُ
إنَّ هَذا منَ الإلهِ اِبتلاءٌ / وَمنَ اللَّه يحسنُ الإبتلاءُ
كلُّ قتلاهم بنارٍ وقتلا / نا لَديه في جنّةٍ أحياءُ
كَم عُيونٍ بَكت عليهم وكَم ذا / ضَحِكت مِن لقائهم عيناءُ
عَجَباً تضحكُ الجِنانُ لشيءٍ / طَرفُ طَه مِن أجلهِ بكّاءُ
قَد بَكى حَمزةً بكاءً قضتهُ / رِقّةٌ في فُؤاده وصفاءُ
لَم يَرُعهُ مِن قبله قطّ شيءٌ / مثلهُ إِذ أحيل منه الرواءُ
طَلَبَت صحبهُ الدعاءَ عَليهم / وَبغفرِ الذنوبِ كان الدعاءُ
ذلكَ الحِلمُ لا يقاسُ به حل / مٌ وإِن جلّ في الورى الحلماءُ
خَشِيَ القومُ أَن تهبَّ بنكبا / تِ الرزايا عليهمُ النكباءُ
عَلِموا الحربَ شرّ نارٍ فخافوا ال / حَرقَ إِن دامَ منهم الإصطلاءُ
وَدَروهُ الليثَ الجريءَ فإن أُح / رِجَ زادَ الإقدام والإجتراءُ
وَرَأوا صحبهُ أُسوداً وأَقوى ال / أسدِ بَأساً ما ناله إزراءُ
فَتَداعَوا إِلى الفرارِ وفرّوا / وَلهُم خشيةَ الأسودِ عواءُ
وَاِقتَفَتهم تلكَ الصقورُ فَطاروا / وَلَهُم كالبغاثِ يَعلو زقاءُ
ثمَّ هاجَت خزاعةٌ بالمريسي / عِ فَأخزَت جُموعَها الهيجاءُ
قَتَل اللَّه عشرةً ورئيسُ ال / قومِ والقومُ كلّهم أسراءُ
وَاِصطفى بنتهُ النبيُّ عَروساً / هُم جَميعاً لأجلها عتقاءُ
وَبيومِ الأحزابِ جاءت جيوشٌ / خَلَطوها وقد بَغى الخلطاءُ
هُم يهودٌ هوازنٌ والأحابي / شُ قريشٌ وبئست الحلفاءُ
وَالنبيِّ الأمّيُّ لو جاءَ أهلَ ال / أرضِ حَرباً ما اِختلّ فيهِ الرجاءُ
وَعَدَ اللَّه أَن يُمكّن هَذا الد / دينَ حتّى يُستخلفَ الخلفاءُ
وَوَفى اللَّه وعدهُ وله الحم / دُ وَحتّى المعاد هذا الوفاءُ
غَيرَ أنّ الأصحابَ زادوا اِضطراباً / إِذ بَدا النِفاقُ داءٌ عياءُ
خَندَقوا حولَهم وكم معجزاتٍ / شاهَدوها فكانَ فيها عزاءُ
وَأَتوهم مِن فوقُ من تحتُ فالأب / صارُ زاغت وحارتِ الحوباءُ
وَدَعا للبرازِ عمرٌو وهل يب / رُزُ إلّا من الشقيّ الشقاءُ
فَبراهُ بذي الفقارِ أبو السب / طينِ ليث المعاركِ العدّاءُ
سَيفُ خيرِ الورى بكفِّ عليٍّ / ليسَ شَيئاً تَقوى له الأشياءُ
وَأَتى النصرُ بالصبا وجنودٍ / لَم يرَوها سيئت بها الأعداءُ
زَلزلوهم وَالريحُ هاجت فكلٌّ / كُفِئَت قدرهُ وخرّ الخباءُ
شتَّت اللَّه شَملهم فتولّوا / مِثلَما سارَ في السيوف الغُثاءُ
ثمّ صدّوه سائِراً لاِعتمارٍ / حيثُ ضمّت جموعَهُ الحدباءُ
بايَعتهُ الأصحابُ فيها فنالوا الر / رِبحَ لَكن بالصلحِ تمّ القضاءُ
عاهدَ القومَ صابِراً لشروطٍ / هيَ صَبرٌ والصبرُ فيه الشفاءُ
وَتَأمّل نزولَ إنّا فَتَحنا / لكَ فَتحاً يزولُ عنك الخفاءُ
وَأَتى عمرةَ القضاءِ بجيشٍ / أيُّ جَيشٍ للفتح لولا الوفاءُ
دَخلوا مكّة ففرّت أسودٌ / مِن قُريشٍ كأنّما هم ظباءُ
وَأقاموا بِها ثلاثاً وطافوا / حلّقوا قصّروا وَسيقت دماءُ
ثمَّ عادَ النبيُّ يتبعهُ السع / دُ وَتَمشي أمامه السرّاءُ
خانتِ المُصطفى اليهودُ ومنهم / ليسَ بدعاً خيانةٌ وخناءُ
فَغَزَاهم وسطَ الحصون وفيهم / كثرةٌ نجدةٌ سلاحٌ ثراءُ
حلَّ فيهم جيشانِ رعبٌ وصحبٌ / واحدٌ منهما به الإكتفاءُ
أَسلَمتهم حُصونُهم لِرسول ال / لهِ يُجري في شأنِهم ما يشاءُ
لِنضيرٍ ضيرٌ قريضة قرضٌ / خَرِبَت خيبرٌ وعمّ البلاءُ
وَجَلا قبلهم بنو قينقاعٍ / وَبِوادي القرى أُريقت دماءُ
ما شَفى النفسَ بعدَ هذا وهذا / غيرُ فتحٍ به اِستمرّ الشفاءُ
فَتحُ أمِّ القرى وسيّدة الكل / لِ سِوى طيبةٍ فكلٌّ إماءُ
أيُّ فَتحٍ للمُصطفى كان فيه / فوقَ عرشِ البيتِ الحرامِ اِستواءُ
أيّ فتحٍ للمصطفى كان عرساً / ولأمّ القرى عليه جلاءُ
أيّ فتحٍ للمصطفى كان ديناً / فَوفتهُ الغرامة الغرماءُ
أيّ فَتحٍ لوقعهِ اِهتزّت الأر / ضُ سروراً وشاركتها السماءُ
أيّ فَتحٍ منه أتى كلّ فتحٍ / مُنِحَته الغزاةُ والأولياءُ
أيُّ فَتحٍ بهِ على كلّ خلق ال / لَهِ للمُصطفى اليد البيضاءُ
أَشرَقَت شمسهُ ببرجِ كداءٍ / فاِستنارَت على البطاح كداءُ
حَسَدتها كُدىً فلمّا اِستشاطت / هاجَ فيها الغواة والغوغاءُ
ثارَ فيها أوباشُهم كوحوشٍ / بانَ مِنها للقانصِ الأخفياءُ
فَلَهُم بالحرابِ كانَ اِص?
أَنا عبدٌ لسيّد الأنبياءِ
أَنا عبدٌ لسيّد الأنبياءِ / وَولائي لهُ القديم ولائي
أَنا عبدٌ لعبدهِ ولعبد ال / عَبد عبدٌ كذا بغير اِنتهاءِ
أَنا لا أَنتهي عنِ القرب من با / بِ رضاه في جملةِ الدخلاءِ
أَنشرُ العلمَ في معاليه للنا / سِ وَأَشدوا به مع الشعراءِ
فَعَساهُ يقولُ لي أنتَ سلما / نُ وَلائي حسّان حُسن ثنائي
وَبروحي أَفدي ترابَ حماهُ / وَله الفضلُ في قَبول فدائي
فازَ مَن يَنتمي إليهِ ولا حا / جةَ فيه لذلك الإنتماءِ
هوَ في غنيةٍ عن الخلقِ طرّاً / وَهمُ الكلُّ عنه دون غناءِ
وَهوَ للَّه وحدهُ عبدهُ الخا / لِصُ مَجلى الصفات والأسماءِ
كلُّ فضلٍ في الخلق فهو من اللَ / هِ إِليهِ ومنه للأشياءُ
طالَ شَوقي لطيبةِ الطيبّاتِ
طالَ شَوقي لطيبةِ الطيبّاتِ / موطنِ المكرُمات والبركاتِ
ليتَ شِعري يا سعدُ بعدَ نزوحي / هَل أَراها بأعيني النازحاتِ
يا نُزولاً بِها هنيئاً فقد فز / تُم بِها في حياتِكم والمماتِ
مِن جنانٍ إلى جنانٍ فأنتم / في كِلا الحالتين في جنّاتِ
حبّذا العيشُ عَيشكم عندَ مثوى / أكرمِ الخلقِ سيّد الساداتِ
أَحمدَ المُصطفى محمّدٍ المح / مود شمسِ الوجودِ هادي الهداةِ
عِشتم في جِواره في أمانٍ / مِن صروفِ الردى وخوف العداةِ
وَدَخلُتم مِن نوره في حصونٍ / فَسلمتُم مِن هذه الظلماتِ
ظُلماتٌ لولا سواطعُ أنوا / رِ هداهُ عمّت جميع الجهاتِ
ما غَبطنا الملوكَ لكن غَبطنا / كُم على نيل أحسن الحالاتِ
مَيتُ أُنسي يأتيهِ بالوصل روحُ
مَيتُ أُنسي يأتيهِ بالوصل روحُ / طيبةٌ طبّةٌ وطهَ المسيحُ
طالَ شَوقي إِلى الحبيبِ وقد بر / رَحَ بي مِن بعادهِ التبريحُ
كَم تجلّى في النومِ لي ليسَ عن حق / قي وَلكنّه الكريم السموحُ
وَمَضت مدّةٌ عميتُ فلم أن / ظُر سَناه ومنه في الكون يوحُ
سيّد الرسلِ أنتَ أكرم خل / قِ اللَّه أنتَ المحمّد الممدوحُ
أَنا أَدري بأنّي لستُ أهلاً / غيرَ أنّي على نداكم طريحُ
طارَ أُنسي وطالَ تَعسي وما لل / قلبِ إلّا بقربكم تفريحُ
كَم أُمورٍ قد أحزَنتنيَ لا تخ / فاكَ ما لي لِمتنهنّ شروحُ
أنتَ أَدرى بها وَبي مِن ضميري / أنتَ روحي بل أنتَ للروح روحُ
أَنا لا أَشتكي لِغيركَ أمري / وَبسرّي إِلى السِوى لا أبوحُ
لكِ يا طيبةٌ علَينا عهودُ
لكِ يا طيبةٌ علَينا عهودُ / ذِكرُها في القلوب غضٌّ جديدُ
ما رَأيناكِ بالعيونِ ولَكن / بقلوبٍ فيها الهوى لا يبيدُ
أَخذَ البيعةَ الغرامُ علينا / لكِ أنّ الجمالَ فيك فريدُ
مَن يكُن شاهداً بفضلٍ فإنّي / لكِ بالفضلِ والكمالِ شهيدُ
سُدتِ كلَّ البلادِ أَهلاً وفضلاً / وَبِسكّانها الديارُ تسودُ
حلَّ خيرُ الأنامِ فيك وجاءَ الن / نَصر لِلدين منك والتأييدُ
ليتَ شِعري هل تَقبليني بشعري / فيكِ أُبديهِ مُنشداً وأعيدُ
أَمدحُ المُصطفى هناكَ وأَتلو / هُ كِفاحاً يجود لي فأجيدُ
سيّد العالمينَ طرّاً تساوى / تحتَ علياهُ سيّدٌ ومسودُ
سادَه اللَّه وحدهُ فهوَ عب / دُ اللَّه حقّاً له الأنام عبيدُ
آهِ لَولا الجناحُ منّي كسيرُ
آهِ لَولا الجناحُ منّي كسيرُ / كنتُ في الحالِ للحجازِ أطيرُ
وَيَقيني بأحمدٍ جبر كسري / كلّ كسرٍ بأحمدٍ مجبورُ
سيّد الخلقِ صفوةُ الحقّ شمس ال / أُفقِ أفقِ الهدى البشير النذيرُ
مَن يَكُن زاعِماً بدينٍ ودنيا / غُنيةً عنه إنّني لفقيرُ
سيّدي يا أبا البتولِ أَغثني / أنتَ أَدرى بما حواه الضميرُ
أَأُرجّي مَعاشراً فيهمُ الأر / واحُ موتى لها الجسوم قبورُ
وَأَعزُّ الأنامِ أنتَ لدى اللَ / هِ تَعالى وهو السميع البصيرُ
إنَّ ربّي لما يشاءُ لطيفٌ / وَعلى ما يشاءُ ربّي قديرُ
بكَ أَدعوهُ أَن ييسّر عُسري / فَعليهِ تيسيرُ عسري يسيرُ
أنتَ نعمَ العبدُ الكريم عليه / وَهوَ نعمَ المولى ونعم النصيرُ
ليتَ أَحبابَنا بأرضِ الحجازِ
ليتَ أَحبابَنا بأرضِ الحجازِ / عامَلونا بالوعد والإنجازِ
كلُّ خيرٍ قد جازَ لي من لَدُنهم / غيرَ وَصلي فما له من جوازِ
كلّما مرَّ ذِكرهم في خيالي / هزّني للّقاءِ أيّ اِهتزازِ
كنتُ مِن قبل حبّهم تِربَ ذلٍّ / وَأَنا اليوم منهم في اِعتزازِ
إِن يَكُن بِالهوى لِقومٍ خسارٌ / فَبحبّي للهاشميِّ مفازي
سيّدُ الخلقِ مُصطفى الحقّ مِن كل / لِ البَرايا فَما له مِن موازي
أَفضلُ العالمين أكرمُ خلقِ ال / لَه خيرُ الورى وحيد الطرازُ
جاءَ والكفرُ كالنعامةِ فاِنقض / ضَ على رأسه اِنقضاضَ البازي
كَم جَزى المُحسنين خيرَ جزاءٍ / وَلِمَن قَد أساءَ ليس يُجازي
ليسَ فيهِ لغيرِ مَولاه عوزٌ / ولهُ العالمونُ في إعوازِ
لا تَلُمني عَلى ظهورِ عُبوسي
لا تَلُمني عَلى ظهورِ عُبوسي / فَبِقلبي منَ النوى كلّ بوسِ
لَم تَنل مِن وصالِ طيبة نفسي / سُؤلَها وهيَ منيةٌ للنفوسِ
بَلدةٌ سادَتِ البلادَ وأَضحت / أَنفسَ الأرضِ بالنبيّ النفيسِ
هيَ أمُّ الأنوارِ قد حلّها المخ / تارُ بدر البدورِ شمس الشموسِ
خيرُ كلّ الأخيارِ أعلى الأعالي / في المعالي رئيسُ كلّ رئيسِ
نخبةُ اللَّه مِن جميعِ البرايا / زبدةُ الخلقِ صفوةُ القدّوسِ
طَلعت مُعجزاتهُ واِستمرّت / مُشرقات الأنوارِ وسط الطروسِ
لَيسَ تَخفى إلّا عَلى طامسِ العق / لِ غريقِ الضلال أعمى تعيسِ
أسفرَت كالنجومِ تَهدي وتُردي / لِنفيسٍ من الورى وخسيسِ
فهيَ لِلمُؤمنين سعدُ سعودٍ / وَعَلى الكافرينِ نحس نحوسِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025