المجموع : 30
أَنا عَبدٌ لِسَيِّدِ الأَنبِياءِ
أَنا عَبدٌ لِسَيِّدِ الأَنبِياءِ / وَولائي لَهُ القَديمُ وَلائي
أَنا عَبدٌ لِعَبدِهِ العَبدِ / عَبدٌ كَذا بِغَيرِ اِنتِهاءِ
أَنا لا أَنتَهي عَنِ القُربِ مِن با / بِ رِضاهُ في جُملَةِ الدُخَلاءِ
أَنشُرُ العِلمَ في مَعالِيهِ لِلنّا / سِ وَأَشدو بِهِ مَعَ الشُعَراءِ
فَعَساهُ يَقُولُ لي أَنتَ سَلما / نُ وَلائِي حَسّانُ حُسن ثَنائي
وَبِروحي أَفدي تُرابَ حِماهُ / وَلَهُ الفَضلُ في قَبُولِ فِدائي
فازَ مَن يَنتَمي إِلَيهِ وَلا حا / جَةَ فيهِ لِذَلِكَ الإِنتِماءِ
هُوَ في غنيةٍ عَنِ الخَلقِ طُرّاً / وَهُمُ الكُلُّ عَنهُ دُونَ غَناءِ
وَهوَ لِلّهِ وَحدَهُ عَبدُهُ الخا / لِصُ مَجلى الصِفاتِ وَالأَسماءِ
كُلُّ فَضلٍ في الخَلقِ فَهوَ مِنَ اللَ / هِ إِلَيهِ وَمِنهُ لِلأَشياءِ
طالَ شوقي لِطَيبَةِ الطَيِّباتِ
طالَ شوقي لِطَيبَةِ الطَيِّباتِ / مَوطِنِ المَكرُمات وَالبَرَكاتِ
لَيتَ شِعري يا سَعدُ بَعدَ نُزوحي / هَل أَراها بِأَعيُني النازِحاتِ
يا نُزُولاً بِها هَنيِئاً فَقَد فُز / تُم بِها في حَياتِكُم وَالمَماتِ
مِن جِنانٍ إِلى جِنانٍ فَأَنتُم / في كِلا الحالَتَينِ في جَنّاتِ
حَبَّذا العَيشُ عَيشكُم عِندَ مَثوى / أَكرَمِ الخَلقِ سَيِّدِ الساداتِ
أَحمَد المُصطَفى مُحَمَّد المَحمود / شَمسِ الوُجُودِ هادِي الهُداةِ
عِشتُمُ في جِوارِهِ في أَمانٍ / من صروفِ الرَدى وَخَوفِ العُداةِ
وَدَخَلتُم مِن نُورِهِ في حُصُونٍ / فَسَلِمتُم مِن هَذِهِ الظُلُماتِ
ظُلُمات لَولا سَواطِعُ أَنوا / رِ هُداهُ عَمَّت جَميعَ الجِهاتِ
ما غَبَطنا المُلوكُ لَكِن غَبَطنا / كَم عَلى نَيلِ أَحسَنِ الحالاتِ
مَيتُ أُنسي تَأتيهِ بِالوَصلِ روحُ
مَيتُ أُنسي تَأتيهِ بِالوَصلِ روحُ / طَيبَةٌ طِبَّةٌ وَطَهَ المَسيحُ
طالَ شَوقي إِلى الحَبيب وَقَد بَر / رحَ بِي مِن بِعادِهِ التَبريحُ
كَم تَجَلّى في النَومِ لي لَيسَ عَن حَق / قي وَلَكِنَّهُ الكَريمُ السَموحُ
وَمَضَت مُدَّةٌ عَمِيتُ فَلَم أَن / ظُر سَناهُ وَمِنهُ في الكَونِ يوحُ
سَيِّد الرُسلِ أَنتَ أَكرَم خَلقِ ال / لَه أنت المُحَمَّدُ المَمدوحُ
أَنا أَدري بِأَنَّني لَستُ أَهلاً / غَيرَ أَنّي عَلى نَداكُم طَريحُ
طارَ أُنسي وَطالَ تَعسي وَما لِل / قَلبِ إِلّا بِقُربِكُم تَفريحُ
كَم أُمورٍ قَد أَحزَنتني لا تَخ / فاكَ ما لي لِمَتنهِنَّ شُروحُ
أَنتَ أَدرى بِها وَبي مِن ضَميري / أَنتَ روحي بَل أَنتَ لِلروحِ روحُ
أَنا لا أَشتَكي لِغَيرِكَ أَمري / وَبِسِرّي إِلى السِوى لا أَبوحُ
لَكِ يا طَيبَةٌ عَلَينا عُهودُ
لَكِ يا طَيبَةٌ عَلَينا عُهودُ / ذِكرُها في القُلوبِ غَضٌّ جَديدُ
ما رَأَيناكِ بِالعُيونِ وَلَكن / بِقُلُوب فيها الهَوى لا يَبيدُ
أَخَذَ البيعَةَ الغَرامُ عَلَينا / لَكِ أَنَّ الجَمال فيكِ فَريدُ
مَن يَكُن شاهِداً بِفَضلٍ فَإِنّي / لَكِ بِالفَضلِ وَالكَمالِ شَهيدُ
سُدتِ كُلَّ البِلادِ أَهلاً وَفَضلاً / وَبِسُكّانِها الدِيارُ تَسودُ
حَلَّ خَيرُ الأَنامِ فيكِ وَجاءَ الن / نَصر لِلدّينِ مِنكِ وَالتَأييدُ
لَيتَ شِعري هَل تَقبليني بِشِعري / فيكِ أُبديهِ مُنشِداً وَأُعيدُ
أَمدَحُ المُصطَفى هُناكَ وَأَتلو / هُ كِفاحاً يَجودُ لي فَأُجيدُ
سَيِّدُ العالَمينَ طُرّاً تَساوى / تَحتَ علياهُ سَيِّدٌ وَمَسودُ
سادَهُ اللَّهُ وَحدَهُ فَهوَ عَبدُ ال / لَهِ حَقّا لَهُ الأَنامُ عَبيدُ
آه لَولا الجَناحُ مِنّي كَسيرُ
آه لَولا الجَناحُ مِنّي كَسيرُ / كُنتُ في الحالِ لِلحِجازِ أَطيرُ
وَيَقيني بِأَحمَدٍ جَبر كَسري / كُلُّ كَسرٍ بِأَحمَدٍ مَجبورُ
سَيِّدُ الخَلقِ صَفوَةُ الحَقِّ شَمسُ ال / أُفقِ أُفق الهُدى البَشيرُ النَذيرُ
مَن يَكُن زاعِماً بِدِين وَدُنيا / غُنيَةً عَنهُ إِنَّني لَفَقيرُ
سَيِّدي يا أَبا البَتُولِ أَغِثني / أَنتَ أَدرى بِما حَواهُ الضَميرُ
أَأُرَجّي مَعاشِراً فيهمُ الأَر / واحُ منّي لَها الجُسومُ قُبورُ
وَأَعَزُّ الأَنامِ أَنتَ لَدى اللَ / هِ تَعالى وَهوَ السَميعُ البَصيرُ
إِنَّ رَبّي لِما يَشاءُ لَطيفٌ / وَعَلى ما يَشاءُ رَبّي قَديرُ
بِكَ أَدعوهُ أَن يُيَسِّرَ عُسري / فَعَلَيهِ تَيسيرُ عُسري يَسيرُ
أَنتَ نِعمَ العَبدُ الكَريمُ عَلَيهِ / وَهوَ نِعمَ المَولى وَنِعمَ النَصيرُ
لَيتَ أَحبابَنا بِأَرضِ الحِجازِ
لَيتَ أَحبابَنا بِأَرضِ الحِجازِ / عامَلُونا بِالوَعدِ وَالإِنجازِ
كُلُّ خَيرٍ قَد جازَ لي مِن لَدُنهُم / غَيرَ وَصلي فَما لَهُ مِن جَوازِ
كُلَّما مَرَّ ذِكرُهُم في خَيالي / هَزَّني لِلقاءِ أَيَّ اِهتِزازِ
كُنتُ مِن قَبل حُبِّهِم تِربَ ذُلٍّ / وَأَنا اليَومَ مِنهُمُ في اِعتِزازِ
إِن يَكُن بِالهَوى لِقَومٍ خَسارٌ / فَبِحُبّي لِلهاشِميِّ مَفازِي
سَيِّد الخَلقِ مُصطَفى الحَقِّ مِن كُل / لِ البَرايا فَما لَهُ مِن مُوازي
أَفضَل العالَمِينَ أَكرَم خَلقِ ال / لهِ خَيرِ الوَرى وَحيدِ الطِرازِ
جاءَ وَالكُفرُ كَالنَعامَةِ فَاِنقَض / ضَ عَلى رَأسِهِ اِنقِضاضَ البازي
كَم جَزى المُحسِنينَ خَيرَ جَزاءٍ / وَلِمَن قَد أَساءَ لَيسَ يُجازي
لَيسَ فيهِ لِغَيرِ مَولاهُ عَوزٌ / وَلَهُ العالمونَ في إِعوازِ
لا تَلُمني عَلى ظُهورِ عُبوسي
لا تَلُمني عَلى ظُهورِ عُبوسي / فَبِقَلبي مِنَ النَوى كُلّ بوسِ
لَم تَنَل مِن وِصالِ طَيبَةَ نَفسي / سُؤلَها وَهيَ منيَةٌ لِلنُفوسِ
بَلدَةٌ سادَتِ البِلادَ وَأَضحَت / أَنفسَ الأَرضِ بِالنَبِيِّ النَفيسِ
هِيَ أُمُّ الأَنوارِ قَد حَلَّها المُخ / تارُ بَدرُ البُدورِ شَمسُ الشُموسِ
خيرُ كُلِّ الأَخيارِ أَعلى الأَعالي / في المَعالي رَئيسُ كُلِّ رَئيسِ
نُخبَةُ اللَّهِ مِن جَميعِ البَرايا / زُبدَةُ الخَلقِ صَفوَةُ القُدّوسِ
طَلَعَت مُعجِزاتُهُ وَاِستَمَرَّت / مُشرِقاتِ الأَنوارِ وَسطَ الطُروسِ
لَيسَ تَخفى إِلّا عَلى طامِسِ العَق / لِ غَرِيقِ الضَلالِ أَعمى تَعيسِ
أَسفَرَت كَالنُجومِ تَهدي وَتُردي / لِنَفيسٍ مِنَ الوَرى وَخَسيسِ
فَهيَ لِلمُؤمِنينَ سَعدُ سُعودٍ / وَعَلى الكافِرينَ نَحسُ نُحوسِ
مِن ثَنايا العَذراءِ لاحَ بَرِيق
مِن ثَنايا العَذراءِ لاحَ بَرِيق / فَجَرى مِن دُموعِ عَيني عَقيقُ
حَبَّذا حَبَّذا مَعاهِدُ سَلعٍ / وَرُبوعٌ فيها الحَبيبُ الحَقيقُ
أَحمَد حامِدٌ مُحَمَّد المَح / مود خَيرُ الوَرى النَبِيُّ الصَدُوقُ
سادَ كُلّ الوَرى بِكُلِّ كَمالٍ / خَيرُ حُرٍّ لِلّهِ عَبدٌ رَقيقُ
لَيسَ لِلّهِ عَزَّ جَلَّ تَعالى / غَيرَهُ لِلأَنامِ طُرّاً طَريقُ
لَم يُوَفَّق مُوَفَّقٌ قَطُّ إِلّا / جاءَهُ مِن طَريقِهِ التَوفيقُ
فَعَلَيهِ لِرَبِّهِ وَحدَهُ الحَق / ق وَكُلٌّ لَهُ عَلَيهِم حُقوقُ
خُلِقَ العالَمونَ مِن نُورِهِ فَه / وَ بِبِرِّ الأَبناءِ مِنهُم خَليقُ
والِد الكُلِّ في الحَقيقَةِ لَكِن / بَعضُ أَبنائِهِ لَدَيهِم عُقوقُ
خَلَقَ اللَهُ خَلقَهُ فَفَريقٌ / لِجِنانٍ وَلِلسَعيرِ فَريقُ
كُلَّما قُلتُ سُرَّ قَلبي الحَزينُ
كُلَّما قُلتُ سُرَّ قَلبي الحَزينُ / ثارَ مِن عَسكَرِ الهُمومِ كَمينُ
فَكَأَنَّ السُرورَ في وَسطِ حِصنٍ / حَولَهُ مِن صُروفِ دَهري حُصونُ
أَيُّها النَفسُ بِالمُشَفَّعِ لوذي / فَسَيَأتيكِ مِنهُ فَتحٌ مُبينُ
أَحمَدُ المُصطَفى مُحَمَّدٌ المُخ / تارُ هادي الوَرى النَبِيُّ الأَمينُ
خَيرُ عَبدٍ لِلّهِ سادَ جَميعَ ال / خَلقِ فَضلاً مَن كانَ أَو مَن يَكونُ
إِنَّ ظَنّي فيهِ جَميلٌ وَهَذا الظ / ظنُّ لَفظٌ مَعناهُ عِلمٌ يَقينُ
سَيّدي يا أَبا البَتولِ دَهَتني / أَيُّ حَربٍ مِن الخُطوبِ زَبونُ
وَذُنوبي قَد أَثقَلتني وَديني / بِحقوقٍ لَم أقضِهِنَّ رَهينُ
هَذِهِ حالَتي وَما لي لَدى اللَ / هِ تَعالى سِواكَ رُكنٌ مَتينُ
فَاِرضَ عَنّي وَكُن شَفيعي إِلَيهِ / كُلُّ صَعبٍ إِذا رَضيتَ يَهونُ
زَعَمُوني أُحِبُّ هِنداً وَمَيّا
زَعَمُوني أُحِبُّ هِنداً وَمَيّا / قَد أَتى الزاعِمونَ شَيئاً فَرِيّا
ما لِهِندٍ وَلا لِمَيٍّ نَصيبٌ / في فُؤادِ اِمرِئٍ أَحَبَّ النَبِيّا
مُصطَفى اللَهِ مِن جَميعِ البَرايا / مُجتَباهُ حَبيبهُ القُرَشِيّا
أَشرَقَت شَمسُ فَضلِهِ فَرَآها / كُلُّ مَن لَم يَكُن غَبِيّاً غَوِيّا
جاءَ وَالناسُ عَن هُدى اللَهِ ضَلّوا / فَهَداهُم لَهُ الصِراطَ السَوِيّا
قَد أَقامَ الدَليلَ فيهِم كَلام ال / لَهِ أَو لا فَالصارِمَ المَشرَفِيّا
راقَ لِلعالَمينَ عَذبُ هُداهُ / وَعَلى العَرشِ قَد أَنافَ رُقِيّا
كَم عَظيمٍ بَينَ الوَرى اِمتازَ لَكِن / لَم يَحُز غَيرُهُ الكَمالَ الوَفِيّا
فَعَلَيهِ يا رَبِّ صَلِّي صَلاةً / تَجمَعُ الفَضلَ لا تُغادِرُ شَيّا
وَاِعفُ عَنّي بِهِ وَبارِك بِعُمري / وَاِجعَلِ الخَتمَ فيهِ مِسكاً ذَكِيّا
مِن هُدى المُصطَفى اِستَفادَ الهُداةُ
مِن هُدى المُصطَفى اِستَفادَ الهُداةُ / وَاِستَنارَت بِنورِهِ النَيّراتُ
فاعِلاتُن مُستَفعِ لن فاعِلاتُ / بِخَفيفٍ أَمداحُهُ راجِحاتُ
فضّلَ اللّه سيّد الخلقِ قدماً
فضّلَ اللّه سيّد الخلقِ قدماً / وَأَتاه مِن فضلهِ الإصطفاءُ
وَلَقد خصّه بِأعلى المَزايا ال / غرّ مِنها المعراج والإسراءُ
إِذ لهُ بِالبراقِ أرسل جِبري / لَ سَفيراً ما مثله سفراءُ
فَأَتاهُ فقالَ مولاكَ يَدعو / كَ إِليهِ وَحبّهذا الدعاءُ
قالَ فاِركب فجاءَ يركبُ لكن / قَد تَبدّى منَ البراق إباءُ
قالَ جبريلُ مَع محمّدٍ المخ / تارِ تَأبى أَما لديك حياءُ
إنّه أكرمُ البريّة لَم يَر / كبكَ مِن قبلُ مثلهُ كرماءُ
فَأطاعَ البراقُ واِرفضّ منهُ / عَرقٌ حين عمّه اِستحياءُ
فَعَلاه البدرُ التمامُ أبو القا / سمِ لَيلاً فضاء منه الفضاءُ
راحَ يَهوي بهِ وحدُّ اِنتهاءِ الط / طرفِ منهُ إِلى خُطاه اِنتهاءُ
مرّ في طَيبةٍ وَموسى وعيسى / وَلَقد شُرِّفت به إيلياءُ
ثمّ صلّى بِالأنبياءِ إِماماً / وَبهِ شرّفَ الجميعَ اِقتداءُ
وَمَضى سارِياً إلى الأفقِ الأع / لى وَحيثُ العلا وحيث العلاءُ
سَبَقته إِلى السمواتِ كَيما / ثمَّ تُجري اِستقباله الأنبياءُ
فَعَلى فوقَها كشمسِ نهارٍ / أَطلَعته بعدَ السماء سماءُ
رَحّبَ الرسلُ بالحبيبِ وكلّ / فيهِ إمّا أبوّةٌ أو إخاءُ
وَجميعُ الأفلاكِ مَع ما حوتهُ / قَد تَباهت وزادَ فيها البهاءُ
وَالسفيرُ الأمينُ خيرُ رفيقٍ / لَم يُفارِق وَهكذا الرفقاءُ
قالَ لمّا طابَ الوصول لِطوبى / لَو تقدّمتُ حلّ فيّ الفناءُ
سِر هَنيئاً واِذكر هناكَ اِحتياجي / يا شَفيعاً تحتاجهُ الشفَعاءُ
وَبهِ زُجَّ في البهاءِ وفي النو / رِ إِلى حيثُ كلّ خلقٍ وراءُ
وَرَأى اللَّهَ لا بكمٍّ وكيفٍ / لا مكانٌ له ولا آناءُ
فَلديهِ فوقَ السماءِ وتحتَ ال / أرضِ وَالعرشُ الحضيض سواءُ
وعليهِ صبَّ المكارمِ صبّاً / وَلهُ منه جلّتِ الآلاءُ
وَسَقاهُ مِن بحرهِ العذبِ أسرا / رَ علومٍ بها يدوم اِرتواءُ
لا نَبيٌّ ولا رسولٌ ولا الأم / لاكُ تَدري العطاءَ جلّ العطاءُ
أَنعمَ اللَّه بِالصلاةِ وبالخم / سينَ خَمساً فتمّت النعماءُ
ثمّ عادَ الضيفُ الكريمُ إلى الأَه / لِ وَقَد زادَ برّه والحباءُ
عادَ قبلَ الصباحِ فاِرتابَ في مك / كَة قَومٌ من قومه بلداءُ
أَعظَموا الأمرَ وهوَ فعلُ عظيمٍ / لَم تشابهِ صفاته العظماءُ
جلَّ قَدراً فالكائناتُ لديهِ / حُكمُها ذرّةٌ حواها الفضاءُ
جادَ ما جادَ للنبيِّ بليلٍ / بَعدهُ صبحهُ وقبلُ المساءُ
لَو أرادَ القديرُ كانَ بِلحظٍ / كلُّ هَذا ولم يكن إسراءُ
نورُكَ الكُلُّ وَالوَرى أَجزاءُ
نورُكَ الكُلُّ وَالوَرى أَجزاءُ / يا نَبِيّاً مِن جُندِهِ الأَنبِياءُ
رَحمَةَ الكَونِ كُنتَ أَنتَ وَلَولا / كَ لَدامَت في غَيبِها الأَشياءُ
مُنتَهى الفَضلِ في العَوالِمِ جَمعاً / فَوقَهُ مِن كَمالِكَ الإِبتِداءُ
لَم تَزَل فَوقَ كُلِّ فَوقٍ مُجِدّاً / بِالتَرَقّي ما لِلتَّرَقّي اِنتِهاءُ
جُزتَ قَدراً فَما أَمامَكَ خَلقٌ / فَوقَكَ اللَهُ وَالبَرايا وَراءُ
خَير أَرضٍ ثَوَيتَ فَهيَ سَماءٌ / بِكَ طالَت ما طاوَلَتها سَماءُ
يا رَعى اللَهُ طَيبَةً مِن رِياضٍ / طابَ فيها الهَوى وَطابَ الهَواءُ
شاقَني في رُبوعِها خَيرُ حَيٍّ / حَلَّ لا زَينَبٌ وَلا أَسماءُ
وَعَدَتني نَفسي الدُنُوَّ وَلَكِن / أَينَ مِنّي وَأَينَ مِنها الوَفاءُ
غادَرَتها الذُنوبُ عَرجاء وَالقَف / رُ بَعيدٌ ما تَصنَعُ العَرجاءُ
وَبِحارٌ ما بَينَنا وَقِفارٌ / ثُمَّ صَحراء بَعدَها صَحراءُ
فَمَتى أَقطَعُ البِحارَ بِفُلكٍ / ذي بُخارٍ كَأَنَّهُ هَوجاءُ
وَمَتى أَقطَعُ القِفارَ بِبَحرٍ / مِن سَرابٍ تَخوضُ بي وَجناءُ
في رِفاقٍ مِنَ المُحِبّينَ كُلٌّ / فَوقَهُ مِن غَرامِهِ سيماءُ
جَسَدٌ ناحِلٌ وَطَرفٌ قَريح / ظَلَّ يَهمي وَهامَةٌ شَعثاءُ
أَضرَمَ الوَجدُ نارَهُ بِحَشاهُم / وَلِثِقلِ الغَرامِ ناحوا وَناؤُوا
شَرِبوا دَمعَهُم فَزادوا أُواماً / ما بِدَمعٍ لِعاشِقِ إِرواءُ
لا تَسَل وَصفَ حُبِّهِم فَهوَ سِرٌّ / بِسوى الذَوقِ ما لَهُ إِفشاءُ
ساقَهُم لِلحِجازِ أَيُّ حنينٍ / ضَمَّهُ مِن ضُلوعِهِم أَحناءُ
أُحُدٌ شاقَهُم وَأَكنافُ سَلعٍ / لا رَوابي نَجدٍ وَلا الدَهناءُ
نَسَمات القَبول هَبَّت عَلَيهِم / رَنَّحَتهُم كَأَنَّها صَهباءُ
هِيَ كانَت أَرواحُهُم وَبِها كا / نَ لَهُم بَعدَ مَوتِهِم إِحياءُ
قُبضَ القَبضُ مِنهُم بُسِطَ البَس / طُ لَهُم حينَ بادَتِ البَيداءُ
بِاِنتِشاقِ النَسيمِ كُلٌّ عَراهُ / حينَ جازَت أَرضَ الحَبيبِ اِنتِشاءُ
لا بِبِنتِ الكُرومِ هاموا وَلَم يَع / بَث بِهِم أَهيَفٌ وَلا هَيفاءُ
إِنَّما اللَّهُ وَالنَبِيّ هَواهُم / وَجَميعُ الأَكوانِ بَعدُ هَباءُ
شاهَدوا النورَ مِن بَعيدٍ قَريباً / ساطِعاً أَشرَقَت بِهِ الخَضراءُ
مِنهُ بَرقٌ لَهُم أَضاءَ وَمِنهُم / كُلُّ عَينٍ سَحابَةٌ سَحّاءُ
لَيتَني مِنهُم وَماذا بِليتٍ / ما بِلَيتٍ سِوى العَناءِ غَناءُ
قَرَّبَتهُم أَحِبَّةٌ أَبعَدوني / بِذُنوبٍ تَنأى بِها الأَقرِباءُ
عَينيَ اِبكي مَهما اِستَطَعتِ وَماذا / لَو أَدَمتُ البُكاءَ يُغني البُكاءُ
لَو بَكَيتُ العَقيقَ بِالسَفحِ ما كا / نَ لِوَجدي غَيرَ اللِقاءِ شِفاءُ
لَو أَرادوا لَواصَلوني وَلَكِن / أَحسَنوا في قَطيعَتي ما أَساؤوا
لَستُ أَهلاً لِوَصلِهِم فَظَلامي / حائِلٌ أَن يَحُلَّ مِنهُم ضِياءُ
هَجَروني وَلَستُ أُنكِرُ أَنّي / لَم أَزَل مُذنِباً وَكُلّي خَطاءُ
غَيرَ أَنّي اِلتَجَأتُ قِدماً إِلَيهِم / وَعَزيزٌ عَلى الكِرامِ اِلتِجاءُ
وَرَجَوتُ النَوالَ مِنهُم وَظَنّي / بَل يَقيني أَن لا يَخيبَ الرَجاءُ
إِن أَكُن مُذنِباً فَهُم أَهلُ عَفوٍ / وَعَلى الكَونِ إِن رَضوني العَفاءُ
أَو أَكُن أَكدَرَ المُحِبّينَ قَلباً / فَلِمِثلي مِنهُم يَكونُ الصَفاءُ
أَو يَكُن في الفُؤادِ داءٌ قَديمٌ / فَلَدَيهِم لِكُلِّ داءٍ دَواءُ
أَو أَكُن فاقِداً فِعالَ مُحِبٍّ / فَلِقَلبي عَلى الوِدادِ اِحتِواءُ
أَو يَرَوني أَفلَستُ مِن عَمَلِ البر / رِ فَمِنهُم نالَ الغِنى الأَغنِياءُ
أَو أَكُن مُثرِياً وَلَستُ بِهَذا / فَمَعَ الهَجرِ ما يُفيدُ الثَراءُ
أَو أَكُن نازِحَ الدِيارِ فَمِنهُم / لَحَظاتٌ تَدنو بِها البُعَداءُ
لَيتَ شِعري كَيفَ الوُصولُ إِلى طي / بَةَ وَهيَ الحَبيبَةُ العَذراءُ
فَتُداوي سَوداءَ قَلبٍ مُحِبٍّ / أَثَّرت فيهِ عَينُها الزَرقاءُ
حَبَّذا العيدُ يَومَ يَبدو المُصَلّى / وَالنَقا وَالمَناخَةُ الفَيحاءُ
يَنحَني المُنحَنى هُناكَ عَلى الصَب / بِ حُنُوّاً وَتَعطِفُ الزَوراءُ
وَلَهُ تَضحَكُ الثَنايا إِذا ما / ثارَ مِن شِدَّةِ السُرورِ البُكاءُ
حَيِّ يا بَرقُ بِالحِجازِ عُرَيباً / مِن نَداهُم لِكُلِّ روحٍ غِذاءُ
حَيِّ يا بَرقُ بِالمَدينَةِ حَيّاً / لِعُلاهُم قَد دانَتِ الأَحياءُ
مِنهُمُ الغادِياتُ نالَت حَياها / وَاِستَمَدَّت حَياتَها الأَحياءُ
حَيِّ عَنّي عُرباً بِطَيبَةَ طابوا / طابَ فيهِم شِعري وَطابَ الثَناءُ
حَيِّ عُرباً هُم سادَةُ الخَلقِ طُرّاً / لَهُمُ الناسُ أَعبُدٌ وَإِماءُ
خَيَّموا ثمَّ في رِياضِ جِنانٍ / حَسَدَتها الخَضراءُ وَالغَبراءُ
حَيِّ عَنّي سَلعاً وَحَيِّ العَوالي / حَبَّذا حَبَّذا هُناكَ العَلاءُ
حَيِّ عَنّي العَقيقَ حَيِّ قُباء / أَينَ مِنّي العَقيقُ أَينَ قُباءُ
حَيِّ عَنّي البَقيعَ وَالسَفحَ وَالمَس / جِدَ حَيثُ الأَنوارُ حَيثُ البَهاءُ
حَيثُ روحُ الأَرواحِ حَيثُ جِنانُ ال / خُلدِ حَيثُ النَعيمُ وَالنَعماءُ
حَيثُ بَحرُ اللَهِ المُحيطُ بِكُلِّ ال / فضلِ كُلُّ الوُرّادِ مِنهُ رِواءُ
حَيثُ رَبعُ الحَبيبِ يَعلوهُ مِن نو / رٍ قِبابٌ أَقَلُّها الخَضراءُ
حَيثُ يَثوي مُحَمَّدٌ سَيِّدُ الخَل / قِ وَفي بابِهِ الوَرى فُقَراءُ
يَقسِمُ الجودَ بَينَهُم وَمِنَ اللَ / هِ أَتاهُم عَلى يَدَيهِ العَطاءُ
وَهوَ سارٍ بَينَ العَوالِمِ لَم تَح / صُرهُ مِن رَوضِ قَبرِهِ أَرجاءُ
فَلَدَيهِ فَوقَ السَماءِ وَتَحتَ ال / أَرضِ وَالعَرشُ وَالحَضيضُ سَواءُ
هُوَ حَيٌّ في قَبرِهِ بِحَياةٍ / كُلُّ حَيٍّ مِنها لَهُ اِستِملاءُ
مَلَأَ الكَونَ روحُهُ وَهوَ نورٌ / وَبِهِ لِلجِنانِ بَعدُ اِمتِلاءُ
هُوَ أَصلٌ لِلمُرسَلينَ أَصيلٌ / هُم فُروعٌ لَه وَهُم وُكَلاءُ
يَدَّعي هَذِهِ الرِسالَةَ حَقّاً / وَعَلَيها جَميعُهُم شُهَداءُ
قُدوَةُ العالَمينَ في كُلِّ هَديٍ / لِهُداةِ الوَرى بِهِ التَأساءُ
شَرعُهُ البَحرُ والشَرائِعُ تَجري / مِنهُ إِمّا جَداوِلٌ أَو قِناءُ
بَهَرَ الناسَ مِنهُ خَلقٌ فَما الشَم / سُ وَخُلقٌ ما الرَوضَةُ الغَنّاءُ
بَحرُ حِلمٍ لَو قَطرَةٌ مِنهُ فَوقَ الن / نارِ سالَت لَزالَ مِنها الصلاءُ
وَلَو الرُحمُ حينَ يَغضَبُ لِلَ / هِ عَداهُ لَذابَتِ الأَشياءُ
أَعقَلُ العاقِلينَ في كُلِّ عَصرٍ / عُقِلَت عَن لحاقِهِ العُقَلاءُ
عَقلُهُ الشَمسُ وَالعُقولُ جَميعاً / كَخُيوطٍ مِنها حَواها الفَضاءُ
أَعلَمُ العالَمينَ أَعذَبُ بَحرٍ / لِسِوى اللَّهِ مِن نَداهُ اِستِقاءُ
فَلِأَهلِ العُلومِ مِنهُ اِرتِشافا / تٌ وَلِلأَنبِياءِ مِنهُ اِرتِواءُ
أَعدَلُ الخَلقِ ما لَهُ في اِتِّباعِ ال / حَقِّ في كُلِّ أُمَّةٍ عُدَلاءُ
أَعرَفُ الكُلِّ بِالحُقوقِ وَلا تَث / نيهِ عنها الأَهوالُ وَالأَهواءُ
مَصدَرُ المَكرُماتِ مَورِدَها العَذ / بُ كِرامُ الوَرى بِهِ كُرَماءُ
أَفرَغَ اللَهُ فيهِ كُلَّ العَطايا / وَالبَرايا مِنهُ لَها اِستِعطاءُ
صَفوَةُ الخَلقِ أَصلُ كُلِّ صَفاءٍ / نالَهُ الأَتقِياءُ وَالأَصفِياءُ
كَم لَهُ في أَماثِلِ الدَهرِ شِبهٌ / إِن تَكُن تُشبِهُ البِحارَ الإِضاءُ
أَفضَلُ الفاضِلينَ مِن كُلِّ جِنسٍ / وَاِترُك اِلّا فَما هُنا اِستِثناءُ
إِنَّما ما حَوى الزَمانُ مِنَ الفَض / لِ وَما حازَهُ بِهِ الفُضَلاءُ
كُلُّهُ عَنهُ فاضَ مِن غَيرِ نَقصٍ / مِثلَما فاضَ عَن ذكاءَ الضِياءُ
كُلُّ فَضلٍ في الناسِ فَردُ أُلوفٍ / نالَها مِن هِباتِهِ الأَولِياءُ
وَنِهاياتُهُم قُبَيلَ بِدايا / تٍ عَلاها فَوقَ الوَرى الأَنبِياءُ
وَلَدى الأَنبِياء مِن فَضلِهِ الجُز / ءُ وَلَكِن لا تُحصَرُ الأَجزاءُ
وَهوَ وَالرُسلُ وَالمَلائِكُ وَالخَل / قُ جَميعاً لِرَبِّهِم فُقَراءُ
هُوَ بَعدَ اللَهِ العَظيمِ عَظيمٌ / دونَ أَدنى مَقامِهِ العُظَماءُ
هُوَ أَدنى عَبيدِ مَولاهُ مِنهُ / ما لِعَبدٍ لَم يُدنِهِ إِدناءُ
مَن أَرادَ الدُخولَ لِلَّهِ مِن با / بٍ سِواهُ جَزاؤُهُ الإِقصاءُ
يَرجِعُ الحُبُّ مِنهُ فيهِ إِلى اللَ / هِ تَعالى وَمِنهُ فيهِ القَلاءُ
مَن يُحِبُّ الحَبيبَ فَهوَ حَبيبٌ / وَعُداةُ الحَبيبِ هُم أَعداءُ
قُل لِمَن يَسأَلُ الحَقيقَةَ لا يَن / فَكّ مِنهُ عَن أَحمَدَ اِستِفتاءُ
هِيَ سِرٌّ بِعِلمِهِ اِستَأثَرَ اللَ / هُ وَحارَت في شَأنِها العُقَلاءُ
قَد عَلِمناهُ عَبدَ مَولاهُ حَقّاً / لَيسَ لِلَّهِ وَحدَهُ شُرَكاءُ
ثُمَّ لَسنا نَدري حَقيقَةَ هَذا ال / عَبدِ لَكِن مِن نورِهِ الأَشياءُ
صِفهُ وَاِمدَح وَزَكِّ وَاِشرَح وَبالِغ / وَليُعنكَ المَصاقعُ البُلَغاءُ
فَمُحالٌ بُلوغُكَ الحَدَّ مَهما / قُلتَ أَو شِئتَ مِن غُلُوٍّ وَشاؤوا
لَو رَقى العالمونَ كُلَّ ثَناءٍ / فيهِ مَهما عَلا وَعالَ الثَناءُ
لَدَعاهُم إِلى الأَمامِ مَعانٍ / عَرَّفَتهُم أَنَّ الجَميعَ وَراءُ
قَد تَساوى بِمَدحِهِ الغايَة القُص / وى قُصوراً وَالبَدءُ وَالأَثناءُ
أَيُّ لَفظٍ يَكونُ كُفؤاً لِمَعنا / هُ وَفي الخَلقِ ما لَهُ أَكفاءُ
هو واللَه فوق كلّ مديحٍ / أَنشَدتهُ الرواةُ والشعراءُ
كلُّ مَدحٍ له وللناس طرّاً / كان فيه من مادحٍ إطراءُ
هوَ منهُ مثل الندى سيقَ لِلبح / ر وأينَ البحارُ والأنداءُ
ليس يدري قدر الحبيب سوى اللَ / هِ فَماذا تقولهُ الفصحاءُ
غالِ مَهما اِستطعتَ في النظمِ والنث / رِ وأينَ الغلوُّ والغلواءُ
ما بِتطويلِ مدحهِ ينتهي الفض / لُ فَقصّر أو قل بهِ ما تشاءُ
عظَّم اللَّه فضلهُ عظّمَ الخل / قَ ومنهُ بعَمرهِ إيلاءُ
فَمديحُ الأنامِ مِن بعدِ هذا / خَبرٌ صحّ مُنتهاه اِبتداءُ
خَيرُ وَصفٍ له العبودة للَ / هِ فَما فوقها بمدحٍ علاءُ
وَتأمّل سُبحان مَن منه فضلاً / كانَ ليلاً بعبدهِ الإسراءُ
هوَ نورُ الأنوارِ أصلُ البرايا / حينَ لا آدمٌ ولا حوّاءُ
هوَ فردٌ باللَّه والكلّ منه / ليس ثانٍ هنا وليس ثناءُ
منهُ عرشٌ ومنه فرشٌ ومنه / قلمٌ كاتبٌ ولوحٌ وماءُ
منهُ كلّ الأفلاكِ كانت وما دا / رَت بهِ والذواتُ والأسماءُ
منهُ نورُ النجومِ والشمسِ والبد / رِ وَمثلُ البصائرِ البُصراءُ
فَهو للكلِّ والِدٌ وَأبو الخَل / قِ جَميعاً وهم له أبناءُ
رَحمةُ العالمينَ كلٌّ نصيباً / نالَ لَكن تفاوتَ الأنصباءُ
فازَ مِنها الروحُ الأمين بسهمٍ / قَد أصابَ الأمانَ وهو الثناءُ
وَبهِ آدمٌ جنى العفوَ حلواً / فهو جانٍ قد جاءه الإجتباءِ
وبهِ النارُ للخليلِ جِناناً / قَد أُحيلت وعكسهُ الأعداءُ
خيرةُ اللَّه مُنتقى كلّ خلق / وَلكلٍّ منَ الأصولِ اِنتقاءُ
خارهُ واِصطفاهُ فهو خيارٌ / مِن خيارٍ ومن صفاءٍ صفاءُ
حلَّ نوراً بآدَمٍ فاِستَنارَ الص / صلبُ منه والجبهة الغرّاءُ
وَسَرى في الجدودِ كالروح سرّاً / صانهُ الأمّهات والآباءُ
هو كنزُ الرحمنِ في كلّ عصرٍ / هُم جميعاً أرصادهُ الأمناءُ
كنزُ درّ قد فاقَ فهو يتيمٌ / وعليهِ جميعهُم أوصياءُ
قَد تحرّى كَرائماً وكراماً / ما اِبتغى قطّ في حماهُم بغاءُ
بِصحيحِ النكاحِ دون سفاحٍ / فهوَ نعم النكاحُ نعمَ الرفاءُ
حلَّ شَيثاً إدريس نوحاً وإبرا / هيمَ نوراً ومَن أَتاهُ الفداءُ
ثمَّ عدنان ناله ومعدٌّ / وَنزارٌ وهكذا نجباءُ
مُضَرُ الخيرِ واِبنه اِلياسُ والمُد / ركُ مِن كلّ رفعةٍ ما يشاءُ
وخزيمٌ كنانةُ النضرُ والما / لكُ فهرٌ وغالبٌ واللواءُ
ثمَّ كعبٌ ومرّةٌ وكلابٌ / وقصيٌّ وكلُّهم كرماءُ
ثمَّ بدرُ البطحاءِ عبدُ منافٍ / هاشمٌ شيبةُ الفتى المعطاءُ
وَأَبو المُصطفى الحلاحلُ عبد ال / لَهِ والكلّ سادةٌ نبلاءُ
هَكَذا المجدُ وَالمفاخرُ وَالأن / سابُ تَعلو وَهكذا النسباءُ
هَكَذا المجدُ والجدودُ فنادِ ال / خلقَ أينَ الأشباه والأكفاءُ
كلُّ فَردٍ منهم فريدٌ ولم يُن / ظَر لهُ في زمانه نظراءُ
وَلهُ الأمّهات كلُّ حَصانٍ / تَتباهى بِمجدِها الأحماءُ
حبَّذا أمّهاتُ خير نبيٍّ / شرّفَ الكون حبّذا الآباءُ
لَم يَزل سارياً سُرى الشمسِ والده / رُ منَ الشركِ ليلةٌ ليلاءُ
مِن سَماءٍ إلى سماءٍ وأعني / كلَّ أصلٍ له بقولي سماءُ
لَم يَزَل سارياً إلى أَن تجلّت / شمسُ أنوارهِ وفاض الضياءُ
وَهبَ اللَّه بنتَ وهبٍ به كل / لَ هناءٍ وزالَ عَنها العناءُ
كَم رَأت آيةً له وهيَ حُبلى / وَبمَولى كلِّ الورى نفساءُ
جاءَها الطلقُ وهيَ في الدارِ من دو / نِ أنيسٍ وقَد نأى الأقرباءُ
فَأتَتها قوابلٌ من جنانِ ال / خلدِ منها العذراء والحوراءُ
وَتَدلّت زهرُ النجومِ إليها / كَالمصابيحِ ضاءَ منها الفضاءُ
حَمَلته هَوناً وقد وضعتهُ / أَنظفَ الناسِ ما به أقذاءُ
وَلَدتهُ كالشمسِ أشرقَ مسرو / راً وتمّت بختنه السرّاءُ
أَبصَرَت نورهُ أنارَ بِبُصرى / فَرَأتها كأنّها البطحاءُ
وَلَقد هزّت الملائكُ مَهداً / كانَ مِن فوقهِ له اِستلقاءُ
حادثَ البدرَ وهو كان له في ال / مهدِ كالظئرِ طابَ منها الغناءُ
خَدَمتهُ عوالمُ الملأ الأع / لى وهل بعد ذا لعبدٍ علاءُ
وَاِستَفاضت أخبارهُ في البرايا / فَحَكاها الملّاح والحدّاءُ
غيرَ أنّ القلوبَ فيها عيونٌ / بَعضها عن رشدِها عمياءُ
ليسَ لي حيلةٌ بتعريفِ أعمى / كنهَ شيءٍ خصّت به البصراءُ
وَإِذا ما هَدى الإلهُ بَهيماً / كانَ مِن دونِ فهمه الأذكياءُ
أَحجمَ الفيلُ عَن حِمى اللّه لمّا / قَصَدَت هدمَ بيته الأشقياءُ
وَبطيرٍ جاءت لنصرةِ طهَ / وَهو حملٌ بادوا وبالخسرِ باؤوا
وَبميلادهِ لقد فاض نورٌ / ضاقَ عَن وسعهِ الملا والخلاءُ
فاضَ طوفانهُ فغاضَت مياهُ ال / فرسِ وَالنارُ عمّها الإطفاءُ
شُرفات الإيوانِ إيوان كسرى / منهُ خرّت واِنشقّ هذا البناءُ
وَرَأى الموبَذانُ رُؤيا حكاها / هيَ حقٌّ وليس فيها اِمتراءُ
هَجَمَ العُربُ بالعرابِ ولم يم / نَع هُجوماً من نهرِ دجلة ماءُ
وبميلادهِ تنكّستِ الأص / نامُ جُنّت أم مسّها إغماءُ
حلّ فيها داءُ الرَدى فأساءَ الش / شركَ داءٌ أودَت به الشركاءُ
جاءَ كالدرّةِ اليتيمةِ فرداً / تيّمَ الكونَ حسنهُ الوضّاءُ
فَأَبتهُ كلُّ المراضعِ لليتمِ وقد / ذلَّ في الوَرى اليتماءُ
أَرضَعته فتاةُ سعدٍ فَفازت / برضيعٍ ما مثله رضعاءُ
أَرضَعته وَالعيشُ أغبر فاِخضر / رَ وَبئس المعيشة الغبراءُ
رَكِبت في المجيء شرَّ أتانٍ / سَبَقتها لضعفها الرفقاءُ
ثمَّ عادَت تعدو علَيها فلم تد / رِ أتانٌ أم سابقٌ عدّاءُ
وَشياهٌ لَها بمحلٍ شديدٍ / مصَّ ماء الثرى أتاه الثراءُ
أَقبَلت لُبّناً شباعاً وأهل ال / حيِّ مَع شائِهم جياعٌ ظماءُ
بَركاتٌ أرخَت عليها رخاءً / في زمانٍ غالَ الجميع الغلاءُ
شقَّ منهُ جبريلُ أفديهِ صدراً / قَد وَعى العالمينَ منه وعاءُ
وَحَشاه بِحكمةٍ وبإيما / نٍ وتمَّ الختام تمّ الوكاءُ
هوَ بحرٌ ولستُ أدري وقد شق / قَ لِماذا لَم تغرقِ الأرجاءُ
هوُ بحرُ التوحيدِ فاضَ وكلّ ال / أرض بالشرك بقعةٌ جدباءُ
فَأَتاها مِن فيضهِ الخصب حتّى / حَيِيَت بعد مَوتها الأحياءُ
ماتَت أمُّ النبيِّ وهو ابن ستٍّ / وَأبوه وبيتهُ الأحشاءُ
ثمَّ أَحياهُما القديرُ فحازا / شرفَ الدين حبّذا الإحياءُ
وَهُما ناجيانِ من غير شكٍّ / فَترةٌ أو حياةٌ أو حنفاءُ
رضيَ اللَّه عنهُما وكرام الن / ناس منّا ولتسخطِ اللؤماءُ
لَيسَ يرتابُ في نَجاتهما إل / لا رَقيعٌ في الدين أو رقعاءُ
كيفَ تُرجى النجاةُ للناس ممّن / ما أتى والديه منه النجاءُ
كَم أَتانا بأمرِ بِرٍّ ونهيٍ / عَن عقوقٍ وهو الفتى المئتاءُ
وَمحالٌ تكليفهُ الناس خيراً / هوَ منهُ حاشا وحاشا براءُ
أَيَرون الدعاءَ ما كان منهُ / لَهُما أو دعا وخاب الدعاءُ
بَل دَعا اللَّه واِستجاب له اللَ / هُ فحيّا تلكَ القبور الحياءُ
خصّهُ اللَّه بالنبوّة قدماً / وَسِوى نورهِ الكريم فناءُ
كلُّ خلقِ الرحمنِ أمّتهُ النا / سُ رَعايا والأنبيا وزراءُ
هوَ سُلطانهم وكلٌّ أميرٌ / غيرُ بدعٍ أن تسبق الأمراءُ
بَشَّروا أَحسنوا البشائرَ لكن / جاءَ قومٌ من بعدهم فأساؤوا
بعضُهم صرّح الكلامَ كعيسى / وَكلامُ الكليم فيه اِكتفاءُ
وَبسفرِ الزبورِ أقوى دليلٍ / وَأشاعَ البُشرى به شعياءُ
وَأَتت عَن سواهم كلّ بشرى / عطّر الكونَ من شَذاها الذكاءُ
أَظهَروه وبيّنوهُ ولكن / كَتمتهُ معاشرٌ سخفاءُ
سَتروا الحقّ حرّفوا اللفظَ والمع / نى وَكم ذا بدت لهم عوراءُ
جَعلوه ما بينَهم أيّ سرٍّ / وإِلى الحشرِ ما له إفشاءُ
وَبرغمٍ مِنهم فشا وبأهل ال / علمِ مِن قَومنا لهم إبداءُ
وَبِكلِّ الأعصارِ أظهره اللَ / ه بِقومٍ منهم هم النبهاءُ
نِعمَ بحرُ العلومِ منهم بَحيراً / وَنصيرُ الإيمانِ نسطوراءُ
نعمَ حَبرٌ قد أسلمَ اِبن سلامٍ / حينَ جاءَت ببهتهِ السفهاءُ
وَلَنِعم الحبرُ الكريم مخيري / قٌ شهيدُ المعارك المعطاءُ
وَعنِ الجنِّ كم بشائر للإن / سِ رَواها الكهّان والعلماءُ
وَبشهبٍ حمراء أشرقتِ الغب / راءُ لمّا رمتهمُ الخضراءُ
وَبإلهامِ يقظةٍ ومنامٍ / دَرتِ الأرضُ ما درته السماءُ
قبلهُ عمّتِ البرايا جَهالا / تٌ وضلّ المَرؤوسُ والرؤساءُ
لا حرامٌ ولا حلالٌ ولا دي / نٌ صحيحٌ ولا هدىً واِهتداءُ
كانَ في الناسِ ملّتان وكلٌّ / مِنهُما مثل أختها عوجاءُ
أَهلُ أصنامِهم وأهل كتابٍ / شَيخُهم في دروسهِ الغوّاءُ
بَدّلوهُ وحرّفوه وزادوا / فيهِ ما شاء من ضلالٍ وشاؤوا
فَهُم يَخبطونَ فيه وهل تب / صرُ رُشداً بخبطها العشواءُ
بَينَما الكفرُ هكذا أحرقَ الخل / قَ لظاهُ واِشتدّت الظلماءُ
وَاِشتَكت كعبةُ الإله أذاهم / وَاِستَغاثَت مِن شركهم إيلياءُ
أَطلعَ اللَّه شمسَ أحمدَ في الأر / ضِ فَعمّت أقطارها الأضواءُ
قَد أَتى المُصطفى نبيّاً رسولاً / طِبقَ ما بشّرت به الأنبياءُ
لِجميعِ الأنامِ أرسله اللَ / هُ خِتاماً للرسل وهو اِبتداءُ
أَطلعَ اللَّهُ شمسه فاِستنارَت / قبلَ كلِّ الأماكنِ البطحاءُ
مَلأ العالمينَ نوراً ولولا / نورهُ لاِستحالَ فيها الضياءُ
وَقلوبُ العتاةِ فيها عيونٌ / طَمَستها مِن شركهم أقذاءُ
إِنّما هَذه القلوبُ مرايا / فَوقَها مِن ظلالٍ لكلِّ مرأى مراءُ
كلَّما جاءَهم بآيةِ صدقٍ / كَذّبوه فيها وبالإفك جاؤوا
جاءَهم هادِياً بأفصحِ قولٍ / عَجزت عن أقلّهِ الفصحاءُ
طالَ تَقريعُهم بهِ والتحدّي / أَينَ أينَ المصاقعُ البلغاءُ
وَهمُ القومُ أفصحُ الناس طبعاً / شُعراءٌ بينَ الورى خطباءُ
عَدَلوا عنهُ للشتائمِ والحر / بِ اِفتراقٌ جوابهم واِفتراءُ
أَتُراهم لو اِستطاعوا نَظيراً / راقَهم عنهُ أن تراق دماءُ
فيهِ إعجازُهم وفيه هداهُم / فَهو سُقمٌ لهم وفيه شفاءُ
فيهِ إِخبارُهم وفيهِ هُداهم / فَهو سُقمٌ لهم وفيه شفاءُ
فيهِ إخبارُهم بِما كان في الده / رِ وَيأتي تساوَتِ الآناءُ
وَالنبيُّ الأمّيُّ قد علموهُ / ما لهُ في كمالِه قرناءُ
أَصدقُ الناسِ لهجةً ما أتاه / قطّ من قومه بكذبٍ هجاءُ
لقّبوهُ الأمينَ من قبل هذا / وقليلٌ بين الورى الأمناءُ
لا كِتابٌ ولا حسابٌ ولا غر / بَةَ طالت ولا له اِستخفاءُ
بِكتابٍ منَ المليكِ أَتاهم / كلُّ لفظٍ بصدقه طغراءُ
حجّةُ اللَّهِ فوقَ كلّ البرايا / فيهِ عن كلّ حجّةٍ إغناءُ
كلُّ علمٍ في العالمين فمنهُ / عنهُ فيه لهُ عليهِ اِرتقاءُ
غَلبَ الكلّ بالبراهينِ لكن / بَعضُهم غالبٌ عليه الشقاءُ
حارَبَ العُرب وَالأعاجمَ منه / بِسلاحٍ له السلاح فداءُ
كلُّ حرفٍ سيفٌ ورمحٌ وسهمٌ / وَمِجنٌّ ونثرةٌ حصداءُ
لَيسَ يهدي القرآنُ مِنهم قلوباً / ما أَتاها مِن ربّها الإهتداءُ
لا يُطيقُ الإفصاحَ بالحقِّ عبدٌ / روحهُ مِن ضلالهِ خرساءُ
إِنّ قُرآنه الكريم لكلّ ال / كتبِ مِن فيضِ فضله اِستجداءُ
كلُّ فردٍ قَد حازَ أقسام فضلٍ / دونَ فشلٍ وقد يكون وطاءُ
جمعَ الكلَّ وحدهُ فلديهِ / لِجميعِ الفضائل اِستيفاءُ
زادَ عَنها أَضعافها فهو فردٌ / ضِمنهُ العالمون والعلماءُ
وَاِنقَضت مُعجزات كلِّ نبيٍّ / باِنقِضاه وما لِهذا اِنقضاءُ
واِهتَدى سادةٌ فصارَ لهم بالس / سبقِ وَالصدقِ رتبةٌ علياءُ
سَبَقتهم خديجةٌ وأبو بك / رٍ عليٌّ زيدٌ بلالٌ وِلاءُ
وَتَلاهم قومٌ كرامٌ كَذي النو / رَين عُثمان سادةٌ نبلاءُ
عامرٌ طلحة الزبير وسعدٌ / واِبنُ عوفٍ مع صاحب الغارِ جاؤوا
وَسَعيدٌ عُبيدةٌ حمزة المر / غمُ أنفَ الضلال منه اِهتداءُ
أَسدُ اللَّهِ والرسول الّذي دا / نَت لهُ بِالسيادة الشهداءُ
وَالإمامُ الفاروقُ بعدُ منَ المخ / تارِ في حقّة اِستجيب الدعاءُ
كانَ إِسلامهُ عَلى الشركِ خفضاً / وَبهِ صارَ للهدى اِستعلاءُ
عُمَرُ القرمُ ذو الفتوح الّذي عز / رَ بهِ الدين حينَ عزّ العزاءُ
وَنِساءٌ أمّ الجميلِ وأمّ ال / فضل أمٌّ لأيمنٍ أسماءُ
وَسِواهُم من سادةٍ وعبيدٍ / سابقَتهم حرائرٌ وإماءُ
ثمّ لمّا تَظاهروا لقريشٍ / حينَ زالَ الخفاء زاد الجفاءُ
نوَّعوا فيهمُ العذابَ وكانت / مِن لَظاهم بالأبطح الرمضاءُ
لَهفَ قَلبي على بلالٍ فقد صُب / بَ عليهِ وفاض عنه البلاءُ
لَهف قلبي على الوليِّ أَبي اليق / ظان إذا آل ياسرٍ أسراءُ
لهفَ قَلبي على الجميعِ وما ين / فعُ لَهفي وما يفيد البكاءُ
رَحمةُ اللَّه صاحَبَت خير صحبٍ / حينَ عزّت في مكّة الرحماءُ
أَحسنَ اللَّه صَبرهم فاِستلذّوا / بِالبَلايا وخفّت اللأواءُ
وَلهَذا تحمّلوا ما الجبال الش / شمُّ عَن حملِ بعضه ضعفاءُ
هاجَروا للحُبوش خوفاً على الدي / نِ فَهُم مثل دينهم غرباءُ
وَالنبيّ الأمّيُّ كالليثِ يُردي الش / شركَ منهُ تقدّمٌ واِجتراءُ
لَم تَرُعه الأهوالُ في نشر دينٍ / هوَ وَحيٌ وما به أهواءُ
كَم أساؤوهُ كَي يكفَّ فما كف / فتهُ عَن أمرِ ربّه الأسواءُ
وَاِستَوى منهمُ لديه جفاءٌ / وَوفاءٌ والضرّ والسرّاءُ
ربّ يومٍ أتاهُ عقبةُ أشقى ال / قوم يَسعى وفي يديه سلاءُ
بِخبيثٍ أتى خبيثٌ وهل يأ / تي بِغير الخبائثِ الخبثاءُ
قَد رماهُ حينَ السجودِ عليه / وَاِنثنى منه تضحكُ الأشقياءُ
فَأطالَ السجودَ حتّى أتتهُ / فَأزالتهُ بنته الزهراءُ
ليتَ شِعري إِذ ذاكَ ما منع الأر / ضَ منَ الخسف أو تخرّ السماءُ
قَومُ نوحٍ لم يَفعلوا مثل هذا / وَلَقد أغرقَ البريّة ماءُ
غيرَ أنّ الغَريمَ كانَ كريماً / وَحليماً فأُخّرَ الإقتضاءُ
راحَ شمسُ الوجودِ يَدعو عليهم / وببدرٍ قد اِستُجيب الدعاءُ
صُرِعوا كلّهم هناكَ ومنهم / في قليبٍ قد أُلقيت أشلاءُ
كلَّفوهُ بشقِّه القمر الزا / هرَ ليلاً تكليفَ ما لا يشاءُ
فَدعا فاِستبانَ شقّين في الحا / ل ِوبينَ الشقّين بان حراءُ
فاِستَرابوا بأنّه السحرُ حتّى / جاءَ مِن كلّ واردٍ أنباءُ
أَخبَروهم بصدقهِ فاِستَمرّوا / وَالعَمى لا تفيدهُ الأضواءُ
هالَهم أمرهُ فَخافوا وما هم / بعدَ حينٍ من فتكه أمناءُ
عرَضوا أن يكونَ فيهم مليكاً / وَإِليه الأموالُ والآراءُ
ثمَّ يَدنو ولا يسفِّه أحلا / ماً فما هم بزعمهم سفهاءُ
فَأبى مُلكَهم ولَو لهوى النف / سِ دَعاهم لما تأتّى الإباءُ
ثمّ ناداهُم فقالَ وهل يس / مِعُ أهلَ القبور منه النداءُ
لَو وَضَعتم بدرَ السما في شمالي / وَبِيُمنايَ كانَ منكم ذكاءُ
ما تَركتُ الدعاءَ للّه حتّى / يحكمُ اللَّه بينَنا ما يشاءُ
فَأَساؤوهُ بالمقالِ وبالأف / عالِ واِشتدّ منهم الإعتداءُ
فَرَأوهُ مثلَ الهزبرِ وهل صَد / دَ هزبراً من الكلابِ عواءُ
قَد دَعا قومهُ لتسليمهِ لل / قتلِ بَغياً فخابَ هذا الدعاءُ
هَجروهُم في الشِعبِ لا قرب لا حب / بَ وَلا بيعَ منهمُ لا شراءُ
وَمَضت هكذا سنون ثلاثٌ / جارَ فيها العِدا وراج العداءُ
وَأرادَ الرحمنُ تفريجَ هذا ال / كربِ عَنهم فاِنشقّت الأعداءُ
خالفَ البعضُ مِنهم البعضَ والقو / مُ جَميعاً في شركهم شركاءُ
وَاِستَمرّوا على الخلافِ إلى أن / فرّ ذاكَ الجفا وقرّ الوفاءُ
ينصرُ اللَّه مَن يشاءُ بما شا / وَمنَ السمّ قد يكون الشفاءُ
وَأَتى عمّهُ الحميمَ حمامٌ / ما لِحيٍّ من الحمام اِحتماءُ
كانَ تُرساً يقيهِ عادية الأع / داءِ رأساً تهابهُ الرؤساءُ
مُستقيماً على الولاءِ وللأض / لاعِ منهُ على الحنُوِّ اِنحناءُ
قَد رَأى صدقَهُ بِمرآة قلبٍ / صَقَلَتها رويّةٌ واِرتِياءُ
غيرَ أنَّ الخفاءَ كانَ مُفيداً / ربَّما يجلبُ الظهورَ الخفاءُ
مدحَ المُصطفى بنظمٍ ونثرٍ / كَم لهُ فيه مدحةٌ غرّاءُ
وَلَدى الإحتِضارِ أصفى قريشاً / خيرَ نُصحٍ فلم يكن إِصغاءُ
أَوضحَ الحقّ في كلامٍ طويلٍ / كانَ في قلبهِ عليه اِنطواءُ
وَمَضى راشِداً وقد أسمع العب / باسَ قَولاً به يكون النجاءُ
فَاِستمرّت على العناد قريشٌ / ما لديها رعايةٌ واِرعواءُ
وَبموتِ الشيخِ المهيبِ اِستطالت / بِأذاهُ وزادَ منها البذاءُ
وَهوَ في صدعِها بما أمرَ الجب / بارُ ماضٍ كالسيفِ فيه مضاءُ
ليلهُ مثلُ يومهِ باِجتهادٍ / في هُداها وكالصباحِ المساءُ
ثمَّ ماتَت خَديجةٌ فأتاهُ / أيُّ رُزءٍ جلَّت به الأرزاءُ
كَم رَأت سيّد الورى في عناءٍ / وَبِها زالَ عنه ذاك العناءُ
كُلَّما جاءَها بعبءٍ ثقيلٍ / هوّنتهُ فخفّت الأعباءُ
ما أتاهُ مِن قومهِ السخطُ إلّا / كانَ مِنها لقلبه إرضاءُ
كلُّ أَوصافِها البديعة جلّت / عَن شبيهٍ وكلّها حسناءُ
فهيَ هارونهُ بِها اللَّه شدّ ال / أزرَ منه وما بها إزراءُ
وَهيَ كانت وزيرهُ الناصحَ الصا / ئبَ رَأياً وهكذا الوزراءُ
وازَرته على النبوّة لمّا / جاءَهُ الوحي كان منها الوحاءُ
إِذ أَتاه الأمينُ جبريلُ في غا / ر حراءٍ فزاد فخراً حراءُ
غطّهُ مرّةً وأُخرى وأُخرى / قائل اِقرأ ولم يكن إقراءُ
فَاِبتدا وحيهُ بسورةِ إقرأ / ثمّ فاضَ القرآنُ والقرّاءُ
فَاِنثنى ترجفُ البوادرَ منه / لِخديجٍ وحبّذا الإنثناءُ
فَرَأته فاِستَفهمته فلمّا / علمَت أمرهُ أتاها الهناءُ
عَلِمت أنّه النبيّ الّذي في الن / ناسِ عنهُ قد شاعت الأنباءُ
آمَنت أسلَمَت أعانَت وقد زا / دَ لَديها في شأنه الإعتناءُ
خصّها اللَّه بِالسلامِ وجِبري / لُ المؤدّي ونعم هذا الأداءُ
كلُّ أولادِ صلبهِ غيرَ إبرا / هيم منها وما لها ضرّاءُ
رضيَ اللَّه والنبيُّ وهذا الد / دين عنها فليسَ يكفي الثناءُ
لَو رأيتَ النبيّ من بعدُ في الطا / ئفِ سالت بالحصبِ منه الدماءُ
وَسمِعت التخييرَ فيهم من اللَ / هِ فكانَ اِختياره الإبقاءُ
كنتَ شاهدتَ أعظمَ الخلقِ حلماً / وَتمنّيت أن يعمّ الفناءُ
كانَ يَلقى عنهُ الحجارةَ زيدٌ / إنّ روحي لنعلِ زيدٍ فداءُ
قرّب اللَّه سيّد الخلقِ حتّى / غَبَطَ العرش قُربه والعماءُ
لا جِهاتٌ تَحوي الإله تعالى / ليسَ شَخصاً لذاته أنحاءُ
فَلَديهِ كلُّ الجِهات وقبلَ الد / دهرِ والدهرُ والمعاد سواءُ
أَينَما كانَ خلقهُ فهوَ مَعهم / لا مَكانٌ له ولا آناءُ
وعَلى عرشهِ اِستوى ليس يدري / غيرهُ كيفَ ذلِك الإِستواءُ
لا كشيءٍ في العالمينَ ولا تش / بههُ جلّ قدرهُ الأشياءُ
لا غنيّاً من الخلائقِ عنه / وهوَ عن كلّهم له اِستغناءُ
كلُّ آتٍ في البالِ فهو سوى اللَ / هِ تَعالى وأين أين السواءُ
كلُّ نقصٍ عنه تنزّه قدماً / وَكمالُ السنا له والسناءُ
وَلهُ الخلقُ وحدَهُ ولهُ الأم / رُ وَيَجري في ملكهِ ما يشاءُ
خالقٌ كلّ ما عداه ولا بد / ءَ لهُ في وجودهِ لا اِنتهاءُ
واجبٌ كالوجودِ كلُّ الكمالا / ت محالٌ أضدادها والفناءُ
واحدُ الذاتِ وَالصفاتِ والأفعا / لِ وفي الكلّ ما له شركاءُ
عالمٌ قادرٌ مريدٌ سميعٌ / وبصيرٌ حيٌّ له الأسماءُ
ذو كلامٍ بقول كُن منهُ كان ال / خلقُ سيّان عرشهُ والهباءُ
كلُّ عِلمٍ يكونُ أَو كان مع ما / أَنتَجتهُ الأفكار والآراءُ
هوَ مِن علمهِ كقطرةِ بحرٍ / لَو عدا البحرَ غايةٌ واِبتداءُ
مالكُ الملكِ ذو الجلال له ال / كلُّ اِستحالَ الشريك والوزراءُ
حارَ في كنههِ الملائكُ عجزاً / عنهُ والأنبياءُ والأولياءُ
بَهَرتهُم أنوارهُ حيّرتهم / حبّذا حَيرةٌ هي الإهتداءُ
ليسَ يدريهِ غيرهُ فجميع ال / خلقِ في كنهِ ربّهم جهلاءُ
مَن رَأى بانياً دراه بناءٌ / أينَ هَذا البناء والبنّاءُ
مَن رَأى الشمسَ في النهارِ دَرتها / وهيَ عَنها الظلالُ والأفياءُ
أَثرٌ ما دَرى المؤثِّر فيهِ / وَلهذينِ بالحدوثِ اِستواءُ
أَتُرى الحادثات تَدري قديماً / كيفَ تَدري خلّاقها الأشياءُ
قَد رَقى العارِفون باللَّه مرقى / ما لخلقٍ إلى عُلاه اِرتقاءُ
فَأقرّوا مِن بعدِ كلّ تعلٍّ / وَتَجلٍّ أنّ الخفاء خفاءُ
وَلَقد ضلّ معشرٌ حَكموا العق / لَ وما هُم بحكمهم حكماءُ
حينَما سافَروا على غير هديٍ / عُقِلَ العقلُ منهم والذكاءُ
كيفَ تَدري العقولُ كنهَ إلهٍ / كانَ مِن بعضِ خلقهِ العقلاءُ
ما لهُ ما عليهِ نفعٌ وضرٌّ / مِن براياهُ أحسَنوا أَو أَساؤوا
كلُّ شَيءٍ منَ الخلائق فانٍ / وَلهُ وحدهُ تعالى البقاءُ
أَرسلَ الرسلَ للأنام ليمتا / زَ لَديهم سعادةٌ وشقاءُ
صِدقُهم واجبٌ وفهمٌ وتبلي / غُ هداهُ وكلُّهم أمناءُ
وَمُحالٌ أضدادها ومعاصي / هِ وَغيرَ العيوبِ جازَ السواءُ
رُسُلُ اللَّه هُم هداةُ البرايا / وَلكلٍّ محجّةٍ بيضاءُ
خصَّ مِنهم محمّداً بالمزايا ال / غرّ منها المِعراجُ والإسراءُ
أَرسلَ الروحَ بالبراقِ كما تف / علهُ لِلكرامة الكرماءُ
فَعلاهُ البدرُ التمام أبو القا / سمِ لَيلاً فضاء منه الفضاءُ
راحَ يَهوي بهِ وحدُّ اِنتهاءِ الط / طرفِ منهُ إلى خطاهُ اِنتهاءُ
مرّ في طيبةٍ وموسى وعيسى / ولَقد شَرُفت به إيلياءُ
ثمّ صلّى بالأَنبِياءِ إماماً / وبهِ شَرّفَ الجميعَ اِقتداءُ
وَمَضى سارياً إِلى العالمِ العل / وِيّ حيثُ العلا وحيث العلاءُ
سَبَقته إلِى السمواتِ كيما / ثمَّ تُجري اِستقباله الأنبياءُ
فَعلا فَوقَها كشمسِ نهارٍ / أَطلَعته بعدَ السماء سماءُ
رحّب الرسلُ بالحبيبِ وكلٌّ / فيهِ إمّا أبوّةٌ أو إخاءُ
وَجَميعُ الأفلاكِ مع ما حوتهُ / قَد تَباهَت وزاد فيها البهاءُ
وَالسفيرُ الأمينُ خير رفيقٍ / لَم يُفارِق ما مثله سفراءُ
وَلَدى السدرةِ الجوازُ عليهِ / صارَ حظراً فكان ثمّ اِنتهاءُ
فَدَعاه النبيّ حين عَلا السد / رةَ نورٌ منهُ عليها غشاءُ
هَهُنا يتركُ الخليلُ خليلاً / أَينَ ذاكَ الصفاءُ أين الوفاءُ
قالَ عُذراً فلَن أُجاوزَ حدّي / لَو تقدّمت حلّ فيَّ الفناءُ
وَبهِ زُجّ في البهاءِ وفي النو / ر إِلى حيثُ كلّ خلقٍ وراءُ
وَرَأى اللَّه لا بِكيفٍ وحصرٍ / لا مَكانٌ يحويه لا آناءُ
فَوقُ فوقٍ وتَحتُ تحتٍ لديه / قبلُ قبلٍ وبعدُ بعدٍ سواءُ
إنّما خصّصَ الحبيبَ بسرٍّ / لِسِواه ما زالَ عنه الخفاءُ
وَعليهِ صبَّ الكمالَ وزالَ ال / كيفُ والكمّ حين زاد الحباءُ
وَسَقاهُ بُحورَ علمٍ فَعِلمُ ال / خَلق منها كالرشح وهو الإناءُ
وَحباهُ أنواعَ كلِّ صفاءٍ / نَفحةٌ منه ما حوى الأصفياءُ
لا نبيٌّ ولا رسولٌ ولا جب / ريلُ يَدري العطاءَ جلّ العطاءُ
ثمَّ عادَ الضيفُ الكريمُ إلى الأه / لِ وَتمّت من ربّه النعماءُ
عادَ قَبل الصباحِ فاِرتابَ في مك / كَةَ قومٌ من قومه بلداءُ
أَعظَموا الأمرَ وهو فعلُ عظيمٍ / لَم تُشابه صفاته العظماءُ
جلَّ قَدراً فالكائناتُ لديهِ / حُكمُها ذرّةٌ حواها الفضاءُ
لَو أَرادَ القديرُ كانَ بلحظٍ / كلّ هَذا ولم يكن إسراءُ
وَلَكم طافَ في القبائلِ يستن / صِرُها حين عزّت النصراءُ
أيُّ قَومٍ أَبناءُ قيلةَ لا الأق / يالُ تَحكيهم ولا الأذواءُ
بايَعوا المُصطفى فَفازوا وباعوا ال / لَهَ أَرواحَهم وتمّ الشراءُ
أَسعدٌ رافعٌ عبادةُ عبد ال / لَه سَعدٌ ومنذرٌ والبراءُ
وَأُسيدٌ سعدٌ رفاعة عبد ال / لَه سعدٌ يا حبّذا النقباءُ
وَلِكلٍّ بالمكرُمات اِئتزار / ولِكلٍّ بالمكرماتِ اِرتداءُ
زادَ أهلُ الضلالِ فيه لجاجاً / حينَما قَد أُتيح هذا اللجاءُ
وَعَلى صحبهِ الأذى ضاقَ عنه ال / وسعُ مِنهم واِستحكم الإعتداءُ
كانَ عندَ الأنصارِ إذ أقحط الأم / نُ عَليهم في طيبةٍ أكلاءُ
وَهوَ في قومهِ ينادي وقل / بُ الشركِ أَعمى وأذنهُ صمّاءُ
ثمَّ لمّا رَأوه يزدادُ صحباً / كلّ يومٍ مِنهم إِليه اِنتماءُ
وَإِذا أسلمَ الفَتى فأبوهُ / مِنهمُ عندهُ وكلبٌ سواءُ
راعَهم ما رَأوهُ منهُ فراموا / قتلهُ كيفَ تقتلُ القتلاءُ
وَأَتاهُ بِمَكرهم جبرئيلٌ / فَبدا كيدُهم وخابَ الدهاءُ
فَفداهُ بنفسهِ ذلك اللي / ثُ عليٌّ ونعم هذا الفداءُ
حَصَروهُ فمرّ عَنهم ولم يخ / لُص لِذاك الوليِّ منهم عناءُ
نَثَرَ التربَ بالروسِ فكلٌّ / عَينه مثل قلبه عمياءُ
وَمَضى نحوَ طيبةٍ أطيبُ الخل / قِ فَطابَت بطيبهِ الأرجاءُ
كانَ صدّيقهُ الكبيرُ أبو بك / رٍ رفيقاً إذ عزّت الرفقاءُ
وَاِقتفاهُ فِتيانهم وَذوو النج / دةِ منهم وقُبّح الإقتفاءُ
وَاِستكنَّ البدرُ المنيرُ بثورٍ / لَم يضرهُ مِن العدا عوّاءُ
شَرّفَ اللَّهُ غارَ ثورٍ فَغارَ ال / كهفُ منهُ واِستشرفت سيناءُ
وَبِمرِّ السنينَ يَزدادُ مَجداً / حَسَدتهُ لأجلهِ زيتاءُ
ما لِزيتاءَ ما لسيناءَ ما لل / كهفِ كالغارِ بالحبيبِ اِلتقاءُ
وَأَتاهُ الكفّارُ مِن كلِّ نحوٍ / واِستمرّ التحذيرُ والإغراءُ
وَالرفيقُ الرفيقُ مِن عينهِ الوط / فاء سالَت سَحابةٌ وطفاءُ
وَالنبيُّ الأمينُ أَغفى لبعد ال / خوفِ منه واِزدادَ فيه الرجاءُ
نَسجَ العنكبوتُ دِرعاً حَصيناً / ضاعَفَتهُ ببيضها الورقاءُ
تاهَ بِالتيهِ قَبلهم قومُ موسى / وَهوَ أَرضٌ فسيحةٌ فيحاءُ
وَقُريشٌ من أجلهِ في فناءِ ال / غارِ تاهَت وما يكون الفناءُ
ثمَّ سارَت شمسُ الوجودِ بليلٍ / معَها البدرُ أفقها البيداءُ
وَاِقتَفاها سُراقةٌ لاِستراقِ الن / نورِ مِنها كأنّه الحرباءُ
وَعَد النفسَ بالثراءِ ولكن / ربَّ فقرٍ أَشرّ منه الثراءُ
صَيَّرَ الخسف تحتهُ الأرضَ بحراً / غَرِقت فيه سابحٌ جرداءُ
فَفَدى نفسهُ ببذلِ خضوعٍ / حينَ مِنها لم يبق إلّا الذماءُ
وَحباهُ وَعداً بإِسوارِ كسرى / فَأتاهُ مِن بعدِ حينٍ وفاءُ
وَأَتتهُ مِن أمّ مَعبدٍ إذ أع / وَزَها القوتُ حائلٌ عجفاءُ
حلبَ الضرعَ أشبعَ الركب منها / بإِناءٍ وزادَ عنهم إناءُ
وَلهُ اِشتاقَت المدينةُ فالأن / صارُ فيها مِن شَوقهم أنضاءُ
وَهُناكَ المهاجرونَ لَديهم / مُهجٌ برّحت بها البُرَحاءُ
بَينَما هُم بالإنتظارِ وَمِنهم / كلُّ وقتٍ لشأنه اِستِقراءُ
فَاجَأتهم أَنوارهُ فَأزالت / كلَّ حزنٍ وعمّتِ السرّاءُ
حيِّ أنصارَهُ فَلا حيّ في العُر / بِ سِوى حيِّه لهم أكفاءُ
عاهدوهُ فَما رَأَينا وَلَم نَس / مَع بِقومٍ هم مثلهم أوفياءُ
أَحسَنوا أحسَنوا بغيرِ حسابٍ / مِثلَما قومهُ أساؤوا أساؤوا
مِنهمُ سيّدٌ لهُ اِهتزّ عرشَ ال / لَهِ شَوقاً ومنهم النقباءُ
وَكفاكَ المُهاجرونَ كفاةً / أيّ مَدحٍ لما أتوه كفاءُ
آمَنوا النبيِّ حينَ جزاءُ ال / مرءِ قتلٌ أو ردّةٌ أو جلاءُ
فارَقوا الدارَ والأحبّة في اللَ / هِ وللَّه هجرهم واللقاءُ
مِنهمُ السابقونَ للدينِ وَالعش / رَةُ مِنهم ومنهمُ النجباءُ
كلُّ أصحابهِ هُداةٌ فما أخ / سَرَ قوماً بهم لهم إغواءُ
بَينما هُم في الجهلِ غرقى إذا هم / لِلبَرايا أئمّةٌ علماءُ
لَحَظاتٌ أحالَتِ الجهلَ علماً / مِنهم فهيَ الإكسيرُ والكيمياءُ
كلُّ علمٍ في الناسِ قَد فاضَ منهم / هُم بحورُ العلوم والأنواءُ
شُهبٌ أحرَقوا شياطينَ قومٍ / وَلِقَومٍ نورٌ بهم يستضاءُ
هَكذا الوردُ للأطايبِ طيبٌ / وَشفاءٌ وللخبائثِ داءُ
حبُّهم وَالشقاءُ ضدّان لن يج / تَمِعا وَالنجاة والبغضاءُ
حبُّهم جنّةُ المحبّ وبغض ال / بَعضِ نارٌ والمبغض الحلفاءُ
كُلُّهم سادةٌ عدولٌ ثقاتٌ / صلحاءٌ أئمّةٌ أتقياءُ
أَفضلُ الناسِ غير كلِّ نبيٍّ / بِسواهم لا يحسن اِستثناءُ
كلُّ هديٍ منَ النبيّ فَعَنهم / ما لَنا غيرهُم طريقٌ سواءُ
شاهَدوا صِدقهُ فَكانوا شهوداً / هُم لَدى كلِّ مسلمٍ أزكياءُ
أَتَقولُ الضلّالُ ما هم عدولٌ / مَن تُرى ثابتٌ به الإدّعاءُ
هُم نجومٌ في أفقِ شَرع أبي القا / سمِ بانوا للمُؤمنين أضاؤوا
بَعضُهم كالنجومِ أضوأُ مِن بع / ضٍ وَبعضٌ مثل السها أخفياءُ
هُم سُيوفٌ للمُصطفى ورماحٌ / وَهوَ رَأسٌ وهم له أعضاءُ
أيّدوهُ وبلّغوا الدين عنهُ / فهمُ الناصِحون والنصراءُ
وَبِهم حاربَ البريّة ما قا / لَ هلمّوا إلّا أَجابوا وجاؤوا
قادَ مِنهُم نحوَ العداةِ أسوداً / رَجَفت مِن زئيرها الأنحاءُ
كلُّ لَيثٍ لا يرهبُ الموتَ لا تن / فَكّ منهُ إلى الوغى رغباءُ
عَجِلٌ إِن دُعي وإن فرّ قرنٌ / فبهِ عَن لحوقه إبطاءُ
وَإِذا ما اِدلهمّ ليلُ حروبٍ / أَسفَرت مِنه طلعةٌ غرّاءُ
هُم سُيوفٌ للَّه جلّ تعالى / وَلَها في يدِ النبيِّ اِنتضاءُ
قَطعوا المُشركينَ والشركَ لم تث / لم ظُباهم وما عراها اِنثناءُ
فَبروحي أَفدي الجميعَ وإن جل / لَ المُفدّى وقلّ منّي الفداءُ
رَضيَ اللَّه والنبيّ وأهل ال / حقّ عَنهم وإِن أبى البُغَضَاءُ
قَوِيَ المُصطفى بصحبٍ بلِ الصح / بُ بهِ بل بربّه أقوياءُ
أَذنَ اللَّه بِالقتالِ ومنهُ الن / نصرُ قلّت أَو جلّت الأعداءُ
بَعضُهم للنبيّ أَصغى وبعضٌ / لِسوى السيفِ ما له إصغاءُ
كلُّ قومٍ يأتيهمُ كلّ يومٍ / منهُ شرعٌ أو غارةٌ شعواءُ
قَد دَعا الناسَ بِالكتابِ وبعضُ ال / حقّ يَخفى إن ضلّت الآراءُ
شَرَحت فوقَ أحمرِ المتنِ سمرُ ال / خطّ حتّى بَدا وزال الخفاءُ
فَسّرته لَهُم خطوطُ العوالي / فَأقرّوا أَن ليسَ فيه خطاءُ
أَوضَحَته لطاعنٍ ضاقَ فهماً / طَعنةٌ في فؤاده نجلاءُ
صَدِئَت منهُم القلوبُ فصدّت / وَلَها من ظُبا السيوف جلاءُ
ربَّ سيفٍ مُذ قام يشرح شرحاً / عَلِمَت دينَ أحمد الجهلاءُ
كَم قلوبٍ لهم قسَت رقّقتها / مِن سيوفٍ لصحبهِ خُطَباءُ
طَلَعوا في سماءِ بدرٍ نُجوماً / بَينَهم سيّدُ الأنامِ ذكاءُ
أَحرَقت شُهبُهم عتاةَ قريشٍ / وَلهيبُ الحريقِ تلك الدماءُ
كلُّ قِرنٍ منهم بغير قرينٍ / وَلَنِعمَ الثلاثةُ القرناءُ
حَمزةٌ مع عبيدةٍ وعليٍّ / طَحَنوا الشركَ والرحا الهيجاءُ
هُم أَساساً للنصرِ كانوا وهل يث / بُتُ إلّا عَلى الأساس البناءُ
وَأَتاهُ عوناً ملائكة اللَ / هِ وَعنهم بنصره اِستغناءُ
وَرَماهم خيرُ الورى بسهامٍ / راشَها ربُّه هي الحصباءُ
فَأَصابت بكفّه الجيشَ طرّاً / إِذ منَ اللَّه ليسَ منه الرماءُ
كَعَصاةِ الكليمِ كلّ حصاةٍ / كانَ مِن دونِ رَميها الإلقاءُ
يَدُ خيرِ الوَرى رَمتهم ففرّوا / إنّ هذي هيَ اليدُ البيضاءُ
هُزِمَ الجمعُ مِثلَما أخبر اللَ / ه وفرّت حياتهم والحياءُ
صَفَعَتهم سيوفهُ أيّ صفعٍ / حينَ ولّوا وبانتِ الأقفاءُ
وَعَليهم قَست صدورُ العوالي / وهيَ لَولا عقوقهم رحماءُ
أَفَلا يَذكرونَ أيّام يؤذي / سيّدَ الخلقِ منهمُ اِستهزاءُ
قال إنّي بُعثتُ بالذبحِ يا قو / مُ إِليكم هل صحّت الأنباءُ
عيّنَ المُصطفى مصارع قومٍ / فَجَرى بالّذي قضاه القضاءُ
وَمَشى صحبهُ عليهِم فَمن ها / مِ الأعادي لكلّ رجلٍ حذاءُ
حينَما اِنقضّ جندهُ كنسورٍ / نُبِذَت بِالعراءِ تلك الحداءُ
عُوِّضوا في القِفار بعدَ الحشايا / فُرُشَ التربِ وَالقتامُ غطاءُ
وَشَكَت مِنهمُ البلاقعُ إِذ خي / فَ جوىً مِن جسومهم واِجتواءُ
فَرُموا في القليبِ شرِّ وعاءٍ / بِئسَما قَد حَواه ذاك الوعاءُ
أَودعوهُ أَشلاءَهم أتُراهم / ذَكَروا كيفَ تطرحُ الأسلاءُ
شَحنوهُ منهُم بشرّ ظروفٍ / حَشوُها الشركُ حشوُها الشحناءُ
وَنَحا طيبةَ النبيُّ بجيشٍ / ضاعَفته الأسلاب والأسراءُ
غَزوةٌ آذَنَت بفتحٍ مبينٍ / رافعاً للهُدى بها الإبتداءُ
هيَ بَدرٌ والفتحُ شمسٌ وباقي ال / غَزَوات النجوم والأضواءُ
غَيرَ أنَّ الضلالَ مِنهم أَحاطت / بقريشٍ سَحابةٌ دكناءُ
سَترت عن عُيونها نورَ بدرٍ / قَد رآهُ مُشيرها الغوّاءُ
ثمَّ جاؤوا مُحاربينَ له في / أُحدٍ حيثُ هاجت الهيجاءُ
صَدّهم أيّ صَدمةٍ آلمَتهم / سالَ مِنها دُموعهم والدماءُ
أَلحَق اللَّه بالقليبِ وأهلي / هِ عتاةً منهم عناها اللواءُ
فَعَراهُم كَسرٌ بهِ حصلَ الجب / رُ وخفضٌ بهِ لنا اِستعلاءُ
ثمَّ لمّا أَرادَ ربُّك أن يأ / تيه مِن جنوده شهداءُ
خالَفوا المُصطَفى بتركِ مكانٍ / منهُ جاءَت خيلُ العدا من وراءُ
فقضى من قضى شهيداً ولا حي / لَة تُنجي ممّا يسوق القضاءُ
وَحَلا الصبرُ النبيَّ وقَد شد / دَ عليه بِساعديه البلاءُ
كَسَرَ القومُ منهُ إِحدى الثنايا / فَزكا حُسنها وزاد الثناءُ
هَشَموا فيه بيضةَ الدرعِ حتّى / دَمِيت منهُ جبّةٌ بيضاءُ
وَمَضى حَمزة شَهيداً فجلّ ال / خَطب فينا وأُخرسَ الخطباءُ
عَينيَ اِبكي على الشهيدِ أبي يع / لى دماءً وقلّ منّي البكاءُ
عَينيَ اِبكي وأسعديني فَقد عي / لَ اِصطباري وعزّ منّي العزاءُ
عَينيَ اِبكي عليهِ فحلَ قريش / جلّ قَدراً فجلّ فيه الرثاءُ
قَتلوهُ بقَومهم يومَ بدرٍ / وَبشِسعٍ مِن نعلهِ هم بواءُ
بَطلٌ صالَ فيهم كَهزبرٍ / ضرَّ سِربَ الوحوشِ منه الضراءُ
قَتلتهُ بالغدرِ حربةُ عبدٍ / قَتلتهُ مِن بعد ذاك الطلاءُ
لستُ أَدري ماذا أَقولُ ولكن / ما لِذاكَ لوحشيّ عندي رعاءُ
إنَّ هَذا منَ الإلهِ اِبتلاءٌ / وَمنَ اللَّه يحسنُ الإبتلاءُ
كلُّ قتلاهم بنارٍ وقتلا / نا لَديه في جنّةٍ أحياءُ
كَم عُيونٍ بَكت عليهم وكَم ذا / ضَحِكت مِن لقائهم عيناءُ
عَجَباً تضحكُ الجِنانُ لشيءٍ / طَرفُ طَه مِن أجلهِ بكّاءُ
قَد بَكى حَمزةً بكاءً قضتهُ / رِقّةٌ في فُؤاده وصفاءُ
لَم يَرُعهُ مِن قبله قطّ شيءٌ / مثلهُ إِذ أحيل منه الرواءُ
طَلَبَت صحبهُ الدعاءَ عَليهم / وَبغفرِ الذنوبِ كان الدعاءُ
ذلكَ الحِلمُ لا يقاسُ به حل / مٌ وإِن جلّ في الورى الحلماءُ
خَشِيَ القومُ أَن تهبَّ بنكبا / تِ الرزايا عليهمُ النكباءُ
عَلِموا الحربَ شرّ نارٍ فخافوا ال / حَرقَ إِن دامَ منهم الإصطلاءُ
وَدَروهُ الليثَ الجريءَ فإن أُح / رِجَ زادَ الإقدام والإجتراءُ
وَرَأوا صحبهُ أُسوداً وأَقوى ال / أسدِ بَأساً ما ناله إزراءُ
فَتَداعَوا إِلى الفرارِ وفرّوا / وَلهُم خشيةَ الأسودِ عواءُ
وَاِقتَفَتهم تلكَ الصقورُ فَطاروا / وَلَهُم كالبغاثِ يَعلو زقاءُ
ثمَّ هاجَت خزاعةٌ بالمريسي / عِ فَأخزَت جُموعَها الهيجاءُ
قَتَل اللَّه عشرةً ورئيسُ ال / قومِ والقومُ كلّهم أسراءُ
وَاِصطفى بنتهُ النبيُّ عَروساً / هُم جَميعاً لأجلها عتقاءُ
وَبيومِ الأحزابِ جاءت جيوشٌ / خَلَطوها وقد بَغى الخلطاءُ
هُم يهودٌ هوازنٌ والأحابي / شُ قريشٌ وبئست الحلفاءُ
وَالنبيِّ الأمّيُّ لو جاءَ أهلَ ال / أرضِ حَرباً ما اِختلّ فيهِ الرجاءُ
وَعَدَ اللَّه أَن يُمكّن هَذا الد / دينَ حتّى يُستخلفَ الخلفاءُ
وَوَفى اللَّه وعدهُ وله الحم / دُ وَحتّى المعاد هذا الوفاءُ
غَيرَ أنّ الأصحابَ زادوا اِضطراباً / إِذ بَدا النِفاقُ داءٌ عياءُ
خَندَقوا حولَهم وكم معجزاتٍ / شاهَدوها فكانَ فيها عزاءُ
وَأَتوهم مِن فوقُ من تحتُ فالأب / صارُ زاغت وحارتِ الحوباءُ
وَدَعا للبرازِ عمرٌو وهل يب / رُزُ إلّا من الشقيّ الشقاءُ
فَبراهُ بذي الفقارِ أبو السب / طينِ ليث المعاركِ العدّاءُ
سَيفُ خيرِ الورى بكفِّ عليٍّ / ليسَ شَيئاً تَقوى له الأشياءُ
وَأَتى النصرُ بالصبا وجنودٍ / لَم يرَوها سيئت بها الأعداءُ
زَلزلوهم وَالريحُ هاجت فكلٌّ / كُفِئَت قدرهُ وخرّ الخباءُ
شتَّت اللَّه شَملهم فتولّوا / مِثلَما سارَ في السيوف الغُثاءُ
ثمّ صدّوه سائِراً لاِعتمارٍ / حيثُ ضمّت جموعَهُ الحدباءُ
بايَعتهُ الأصحابُ فيها فنالوا الر / رِبحَ لَكن بالصلحِ تمّ القضاءُ
عاهدَ القومَ صابِراً لشروطٍ / هيَ صَبرٌ والصبرُ فيه الشفاءُ
وَتَأمّل نزولَ إنّا فَتَحنا / لكَ فَتحاً يزولُ عنك الخفاءُ
وَأَتى عمرةَ القضاءِ بجيشٍ / أيُّ جَيشٍ للفتح لولا الوفاءُ
دَخلوا مكّة ففرّت أسودٌ / مِن قُريشٍ كأنّما هم ظباءُ
وَأقاموا بِها ثلاثاً وطافوا / حلّقوا قصّروا وَسيقت دماءُ
ثمَّ عادَ النبيُّ يتبعهُ السع / دُ وَتَمشي أمامه السرّاءُ
خانتِ المُصطفى اليهودُ ومنهم / ليسَ بدعاً خيانةٌ وخناءُ
فَغَزَاهم وسطَ الحصون وفيهم / كثرةٌ نجدةٌ سلاحٌ ثراءُ
حلَّ فيهم جيشانِ رعبٌ وصحبٌ / واحدٌ منهما به الإكتفاءُ
أَسلَمتهم حُصونُهم لِرسول ال / لهِ يُجري في شأنِهم ما يشاءُ
لِنضيرٍ ضيرٌ قريضة قرضٌ / خَرِبَت خيبرٌ وعمّ البلاءُ
وَجَلا قبلهم بنو قينقاعٍ / وَبِوادي القرى أُريقت دماءُ
ما شَفى النفسَ بعدَ هذا وهذا / غيرُ فتحٍ به اِستمرّ الشفاءُ
فَتحُ أمِّ القرى وسيّدة الكل / لِ سِوى طيبةٍ فكلٌّ إماءُ
أيُّ فَتحٍ للمُصطفى كان فيه / فوقَ عرشِ البيتِ الحرامِ اِستواءُ
أيّ فتحٍ للمصطفى كان عرساً / ولأمّ القرى عليه جلاءُ
أيّ فتحٍ للمصطفى كان ديناً / فَوفتهُ الغرامة الغرماءُ
أيّ فَتحٍ لوقعهِ اِهتزّت الأر / ضُ سروراً وشاركتها السماءُ
أيّ فَتحٍ منه أتى كلّ فتحٍ / مُنِحَته الغزاةُ والأولياءُ
أيُّ فَتحٍ بهِ على كلّ خلق ال / لَهِ للمُصطفى اليد البيضاءُ
أَشرَقَت شمسهُ ببرجِ كداءٍ / فاِستنارَت على البطاح كداءُ
حَسَدتها كُدىً فلمّا اِستشاطت / هاجَ فيها الغواة والغوغاءُ
ثارَ فيها أوباشُهم كوحوشٍ / بانَ مِنها للقانصِ الأخفياءُ
فَلَهُم بالحرابِ كانَ اِص?
أَنا عبدٌ لسيّد الأنبياءِ
أَنا عبدٌ لسيّد الأنبياءِ / وَولائي لهُ القديم ولائي
أَنا عبدٌ لعبدهِ ولعبد ال / عَبد عبدٌ كذا بغير اِنتهاءِ
أَنا لا أَنتهي عنِ القرب من با / بِ رضاه في جملةِ الدخلاءِ
أَنشرُ العلمَ في معاليه للنا / سِ وَأَشدوا به مع الشعراءِ
فَعَساهُ يقولُ لي أنتَ سلما / نُ وَلائي حسّان حُسن ثنائي
وَبروحي أَفدي ترابَ حماهُ / وَله الفضلُ في قَبول فدائي
فازَ مَن يَنتمي إليهِ ولا حا / جةَ فيه لذلك الإنتماءِ
هوَ في غنيةٍ عن الخلقِ طرّاً / وَهمُ الكلُّ عنه دون غناءِ
وَهوَ للَّه وحدهُ عبدهُ الخا / لِصُ مَجلى الصفات والأسماءِ
كلُّ فضلٍ في الخلق فهو من اللَ / هِ إِليهِ ومنه للأشياءُ
طالَ شَوقي لطيبةِ الطيبّاتِ
طالَ شَوقي لطيبةِ الطيبّاتِ / موطنِ المكرُمات والبركاتِ
ليتَ شِعري يا سعدُ بعدَ نزوحي / هَل أَراها بأعيني النازحاتِ
يا نُزولاً بِها هنيئاً فقد فز / تُم بِها في حياتِكم والمماتِ
مِن جنانٍ إلى جنانٍ فأنتم / في كِلا الحالتين في جنّاتِ
حبّذا العيشُ عَيشكم عندَ مثوى / أكرمِ الخلقِ سيّد الساداتِ
أَحمدَ المُصطفى محمّدٍ المح / مود شمسِ الوجودِ هادي الهداةِ
عِشتم في جِواره في أمانٍ / مِن صروفِ الردى وخوف العداةِ
وَدَخلُتم مِن نوره في حصونٍ / فَسلمتُم مِن هذه الظلماتِ
ظُلماتٌ لولا سواطعُ أنوا / رِ هداهُ عمّت جميع الجهاتِ
ما غَبطنا الملوكَ لكن غَبطنا / كُم على نيل أحسن الحالاتِ
مَيتُ أُنسي يأتيهِ بالوصل روحُ
مَيتُ أُنسي يأتيهِ بالوصل روحُ / طيبةٌ طبّةٌ وطهَ المسيحُ
طالَ شَوقي إِلى الحبيبِ وقد بر / رَحَ بي مِن بعادهِ التبريحُ
كَم تجلّى في النومِ لي ليسَ عن حق / قي وَلكنّه الكريم السموحُ
وَمَضت مدّةٌ عميتُ فلم أن / ظُر سَناه ومنه في الكون يوحُ
سيّد الرسلِ أنتَ أكرم خل / قِ اللَّه أنتَ المحمّد الممدوحُ
أَنا أَدري بأنّي لستُ أهلاً / غيرَ أنّي على نداكم طريحُ
طارَ أُنسي وطالَ تَعسي وما لل / قلبِ إلّا بقربكم تفريحُ
كَم أُمورٍ قد أحزَنتنيَ لا تخ / فاكَ ما لي لِمتنهنّ شروحُ
أنتَ أَدرى بها وَبي مِن ضميري / أنتَ روحي بل أنتَ للروح روحُ
أَنا لا أَشتكي لِغيركَ أمري / وَبسرّي إِلى السِوى لا أبوحُ
لكِ يا طيبةٌ علَينا عهودُ
لكِ يا طيبةٌ علَينا عهودُ / ذِكرُها في القلوب غضٌّ جديدُ
ما رَأيناكِ بالعيونِ ولَكن / بقلوبٍ فيها الهوى لا يبيدُ
أَخذَ البيعةَ الغرامُ علينا / لكِ أنّ الجمالَ فيك فريدُ
مَن يكُن شاهداً بفضلٍ فإنّي / لكِ بالفضلِ والكمالِ شهيدُ
سُدتِ كلَّ البلادِ أَهلاً وفضلاً / وَبِسكّانها الديارُ تسودُ
حلَّ خيرُ الأنامِ فيك وجاءَ الن / نَصر لِلدين منك والتأييدُ
ليتَ شِعري هل تَقبليني بشعري / فيكِ أُبديهِ مُنشداً وأعيدُ
أَمدحُ المُصطفى هناكَ وأَتلو / هُ كِفاحاً يجود لي فأجيدُ
سيّد العالمينَ طرّاً تساوى / تحتَ علياهُ سيّدٌ ومسودُ
سادَه اللَّه وحدهُ فهوَ عب / دُ اللَّه حقّاً له الأنام عبيدُ
آهِ لَولا الجناحُ منّي كسيرُ
آهِ لَولا الجناحُ منّي كسيرُ / كنتُ في الحالِ للحجازِ أطيرُ
وَيَقيني بأحمدٍ جبر كسري / كلّ كسرٍ بأحمدٍ مجبورُ
سيّد الخلقِ صفوةُ الحقّ شمس ال / أُفقِ أفقِ الهدى البشير النذيرُ
مَن يَكُن زاعِماً بدينٍ ودنيا / غُنيةً عنه إنّني لفقيرُ
سيّدي يا أبا البتولِ أَغثني / أنتَ أَدرى بما حواه الضميرُ
أَأُرجّي مَعاشراً فيهمُ الأر / واحُ موتى لها الجسوم قبورُ
وَأَعزُّ الأنامِ أنتَ لدى اللَ / هِ تَعالى وهو السميع البصيرُ
إنَّ ربّي لما يشاءُ لطيفٌ / وَعلى ما يشاءُ ربّي قديرُ
بكَ أَدعوهُ أَن ييسّر عُسري / فَعليهِ تيسيرُ عسري يسيرُ
أنتَ نعمَ العبدُ الكريم عليه / وَهوَ نعمَ المولى ونعم النصيرُ
ليتَ أَحبابَنا بأرضِ الحجازِ
ليتَ أَحبابَنا بأرضِ الحجازِ / عامَلونا بالوعد والإنجازِ
كلُّ خيرٍ قد جازَ لي من لَدُنهم / غيرَ وَصلي فما له من جوازِ
كلّما مرَّ ذِكرهم في خيالي / هزّني للّقاءِ أيّ اِهتزازِ
كنتُ مِن قبل حبّهم تِربَ ذلٍّ / وَأَنا اليوم منهم في اِعتزازِ
إِن يَكُن بِالهوى لِقومٍ خسارٌ / فَبحبّي للهاشميِّ مفازي
سيّدُ الخلقِ مُصطفى الحقّ مِن كل / لِ البَرايا فَما له مِن موازي
أَفضلُ العالمين أكرمُ خلقِ ال / لَه خيرُ الورى وحيد الطرازُ
جاءَ والكفرُ كالنعامةِ فاِنقض / ضَ على رأسه اِنقضاضَ البازي
كَم جَزى المُحسنين خيرَ جزاءٍ / وَلِمَن قَد أساءَ ليس يُجازي
ليسَ فيهِ لغيرِ مَولاه عوزٌ / ولهُ العالمونُ في إعوازِ
لا تَلُمني عَلى ظهورِ عُبوسي
لا تَلُمني عَلى ظهورِ عُبوسي / فَبِقلبي منَ النوى كلّ بوسِ
لَم تَنل مِن وصالِ طيبة نفسي / سُؤلَها وهيَ منيةٌ للنفوسِ
بَلدةٌ سادَتِ البلادَ وأَضحت / أَنفسَ الأرضِ بالنبيّ النفيسِ
هيَ أمُّ الأنوارِ قد حلّها المخ / تارُ بدر البدورِ شمس الشموسِ
خيرُ كلّ الأخيارِ أعلى الأعالي / في المعالي رئيسُ كلّ رئيسِ
نخبةُ اللَّه مِن جميعِ البرايا / زبدةُ الخلقِ صفوةُ القدّوسِ
طَلعت مُعجزاتهُ واِستمرّت / مُشرقات الأنوارِ وسط الطروسِ
لَيسَ تَخفى إلّا عَلى طامسِ العق / لِ غريقِ الضلال أعمى تعيسِ
أسفرَت كالنجومِ تَهدي وتُردي / لِنفيسٍ من الورى وخسيسِ
فهيَ لِلمُؤمنين سعدُ سعودٍ / وَعَلى الكافرينِ نحس نحوسِ