لا تلوميهِ في الهَوَى واعذرِيهِ
لا تلوميهِ في الهَوَى واعذرِيهِ / هل يُفيدُ المَلامُ مَن لا يَعيهِ
للهوى كالمَلام داعٍ فإنْ قُل / تِ بتركِ الداعي إذَنْ فاترُكيهِ
حَدَقُ الغيدِ فاتناتٌ وإلاّ / فَجَمادٌ فُؤادُ من تلتقيهِ
والهوى في القُلوبِ شَرْطٌ فإن لم / يَكُ بالمُشتَهى فبالمكروه
كُلُّنا يبتغي من العَيشِ ضَرْباً / وسُرورُ الفتى بما يبتغيهِ
إنما نحنُ في اختِلافِ عُقولٍ / مِثلَما نحنُ في اختلافِ وُجوهِ
رُبّما طابَ للفتَى ما كَرِهنا / وَهْوَ منّا وعافَ ما نشتهيهِ
لو تَساوى المذاقُ لم يَكُ في الد / دُنيا خسيسٌ ولم تَقُمْ بالنبيهِ
صُنتُ نفسي عن جاهلٍ صانَ عنّي / نفسَهُ يشكوني كما أشتكيه
وإذا لم ألقَ السفيهَ بحِلمٍ / ضاعَ حِلمي فكنتُ عينَ السفيهِ
كانَ للعلمِ دولةٌ عندَ قومٍ / عَرَفوهُ فأكرَموا عارفيهِ
ليسَ فينا من يَقبَلُ العلمَ عَفْواً / فإذا بِعتَهُ فَمن يشتريهِ
قد هجونا بني الزَمانِ فنِلنا / حَظَّ هجوٍ لأنّنا مِن بنيهِ
سيفُ أهل الشِعرِ الهِجاءُ ولكِنْ / قَلَّ من هذا السيفُ يقطعُ فيهِ
علّمتني تجاربُ الدَّهرِ ما لا / كنتُ أدرِي من آلهِ وذَويِهِ
وتركتُ القَرِيضَ أنتهِزُ الفُر / صةَ حتى رأيتُ من يقتضيهِ
صِفَةٌ أصْفَتِ القَريحةَ حتّى / سَهَّلت في البديعِ نظمَ البَديهِ
مُعجِزاتٌ في الفِعلِ مُمكِنةٌ في ال / قَولِ لكن بعيدةُ التشبيه
إنما نائبُ الوزير وزيرٌ / قامَ بالفضل وهْو لا يدَّعيهِ
عُمدةُ العاجزِ الكلامُ ولِلفَعْ / عَالِ فِعلٌ عن قولهِ يُغنيهِ
كَلَّفَ الناسَ وصفَهُ وهْوَ لو كُلْ / لِفَهُ ما استطاعَ أنْ يُحصيهِ
يَسَعُ المُلكَ صدرُهُ مثلَ عَينٍ / وَسِعتْ كُلَّ فَدفَدٍ تجتليهِ
كاتبٌ يقطعُ السُيوفَ يَراعٌ / في يديهِ وليسَ ضَرْبٌ يَليهِ
زاهدٌ يلبَسُ السوادَ ويمشي / في بَياضٍ لديهِ مِشْيةَ تِيهِ
وإذا غابَتِ الصحائفُ عنهُ / حَضَرَتْهُ صَفائحٌ تقتفيهِ
عَلِمَ السيفُ أنَّهُ يكِسبُ البِي / ضَ فِرِنْداً فجاءَهُ يجتديهِ
طالما أخجَلَ الكِرامَ كريمٌ / أكثرَ اللهُ في الوَرَى حاسِديهِ
عَجِبوا من صَغيرِ ما لاحَ من أفْ / عالهِ والكبيرُ لا يُرضيهِ
ليسَ يكفي الأميرَ ما قد كفى الرا / جي فيُعطيه فوقَ ما يرتجيهِ
ذاكَ يرجو بحَسْبِ مِقدارِهِ وَهْ / وَ عَلى قَدْرِ نفسِهِ يُعطيهِ
يَفخَرُ الغيثُ إذ يُشَبَّهُ في الجُو / دِ بهِ مُنكِراً على واصفِيهِ
ذاك يجري بالماء حيناً وهذا / بِنُضارٍ يَدومُ للسائليهِ
من لزَهرِ الرُّبى بحُسنِ مُحيّا / هُ وزُهرُ النُجومِ لا تَحْكيهِ
يُطبَعُ السيفُ من مَضاءِ يديهِ / وتُصاغُ الحُلِيُّ من لَفْظِ فيهِ
يا عِماداً لدَولةٍ مَن تُصافي / هِ تُصَفيّهِ قبلَ أن تَصطفيهِ
أنتَ مَن ينبغي لهُ الشِعرُ لكنْ / لكَ حَقٌّ ما كُلُّ شِعرٍ يَفيهِ