سائِلُوا الشَرقَ أَيُّ خَطبٍ دَهاهُ
سائِلُوا الشَرقَ أَيُّ خَطبٍ دَهاهُ / عَلمُ الشَرقِ قَد هَوى عَن ذُراهُ
فجِّرَت إِثرَهُ القُلوبُ دُمُوعاً / لَو يَفي الدَمع بِالَّذي أَسداهُ
إِنَّما الشُكرُ وَالوَفاء مِن الحَي / يِ لِمَن ماتَ أَن يُطيلَ بُكاهُ
آلَ تَيمورَ في المُصابِ عَزاء / لَم يَمُت مَن حَياتُهُ ذِكراهُ
وَقُلوبُ الأحياءِ دُنيا لِذي الفَض / لِ إِذا ما انقَضَت بِه دُنياهُ
وَإِذا القَومُ خَلَّدُوا ذِكرَ باقٍ / خَلَقَ الذكرُ مَن يُتِمُّ بِناهُ
وَلِسانُ الآثارِ أَفصَحُ قَولاً / مِن لِسانٍ مُقَيَّدٍ بِلُغاهُ
باقِياتٌ عَلى الزَمانِ بَقاءَ النَ / نَجمِ تَهدي مَن ضَلَّ في مَسراهُ
أَمَدُ العُمرِ حَدَّدَته اللَيالي / وَبِها العُمرُ لا يُحدُّ مَداهُ
فَدَعوا كُتبَهُ الكَريمَةَ فيكُم / تَتَلُ ذِكراً مِن عِلمِهِ وَحِجاهُ
وَإِذَن تَسمَعُوا خَطِيبَ إِيادٍ / يَنفُثُ السِحرَ مُمسِكاً بِعَصاهُ
كُتُبٌ كَالرَبيعِ تَبعَثُ في النَف / سِ هَواها وَفي الفُؤادِ مُناهُ
مُغرِياتٌ كَأَن في كُلِّ لَفظٍ / نَبَأً عَن مُوَدِّعٍ أَلقاهُ
بَيِّناتٌ كَأَن في كُلِّ فَصلٍ / قَمَراً طالِعاً يَشِعُّ سَناهُ
وَإِذا العِلمُ زِنتَهُ بِبَيانٍ / وَأَراحَ الأَذهانَ طابَ جَناهُ
وَإِذا قَنَّعَ الغُمُوضُ مُحَيّا / هُ تَولّى الطُلابُ عَم جَدواهُ
كَم كِتابٍ حَوى كُنوزاً مِن الفَض / لِ أَضاعَ التَعقيدُ ما قَد حَواهُ
وَمُصَفّى مِنَ المَوارِدِ عَذبٍ / نَبتَ الشَوكُ حَولَهُ فَحَماهُ
ذاكَ سِرُّ الإِخفاقِ في طَلَبِ ال / عِلمِ فَعُذراً لِلنَشءِ إِذ يَأباهُ
إِنّ هَرونَ بِالفَصاحَةِ في القَو / لِ وَحُسنِ البَيانِ قَوَّى أَخاهُ
حَيِّ عِلماً كَالغَيثِ فاضَ وَخُلقاً / يُخجِلُ الرَوضَ حُسنُهُ وَحلاهُ
خُلُقٌ يَبهَرُ السُلافَةَ في الكَأ / سِ وَيَذكُو النَسيمُ مِن رَيّاهُ
وَسَجايا هِيَ الرِواءُ لِصادٍ / وَعَزاء المَحزُونِ مِن بَلواهُ
أَودَعت حُبَّهُ بِكُلِّ فُؤادٍ / فَهوَ أَنّى مَشى يُلاقي هَواهُ
يَسحَرُ السامِعينَ بِالمَنطِق العَذ / بِ وَيَغذُو الأَلبابَ مِن مَغزاهُ
مَنطِقٌ لا تُحِسُّ فيهِ فُضولاً / هَذَّبَتهُ أَناتُه وَنُهاهُ
يَتَجلّى الإخلاصُ فيهِ وَنُبلُ الط / طَبعِ في لَفظِهِ وَفي مَعناهُ
رائِعُ الحُسنِ تَستَشِفُّ جَمالَ الن / نَفسِ في بَدئِه وَفي مُنتَهاهُ
لا فَخُورٌ وَلا يَشاءُ اِدِّعاءً / أَيَّدَ الحَقُّ وَالوَرى دَعواهُ
لَيسَ يُجدِيهِ الافتِخارُ وَهَذا / فَضلُهُ ناطِقاً بِما أَغناهُ
وَإِذا مَنَّ غَيرُهُ بِنَوالٍ / لَم يُكَدِّر بِالمَنِّ ما أَجداهُ
وَإِذا حارَتِ العُقولُ وَضَلَّ الر / رَأيُ عَنها فَالرَأيُ ما أَملاهُ
أَيّ دَمعٍ يُريقُهُ العلمُ يَجزي / مَن حَمى سَرحَهُ وَصانَ حِماهُ
وَسَخا بِالشَبابِ جُوداً عَلَيهِ / وَعَصى داعِيَ الهَوى في صِباهُ
وَرَأى عَهدَهُ أَعَزَّ وَأَغلى / أَن يُرى مَركَباً لِغَيرِ عُلاهُ
وَرَأى المَجدَ زائِلاً غَيرَ مَجدٍ / شَيَّد العلمُ ركنَه وَبَناهُ
فَاِشتَرى بِالشَبابِ مَجداً مُقيماً / وَسواهُ في الغَيِّ قَد أَفناهُ
فَعُلاهُ عِلمٌ وَخُلقٌ كَريمٌ / زانَهُ محتدٌ رَفيعٌ وَجاهُ
حاوَلَ الشانِئونَ أَن يُدرِكوهُ / وَأَرادُوا وَلا يُريدُ اللَهُ
شَرَفٌ يَحسرُ العُيونَ وَنُبلٌ / لا مُدِلٌّ بِهِ وَلا تَيّاهُ
وَوَفاءٌ لَم يَنقُصِ النَأيُ مِنهُ / وَخِلالٌ في حُسنِها أَشباهُ
فَقَدتها البِلادُ فقدانَها الن / نيلَ إِذا أَمحَلَت وَطالَت نَواهُ
فَعَليهِ تَحيَةُ اللَهِ تَتَرى / وَسَلامٌ يَطيبُ مِنهُ ثَراهُ