لَجَّ بَرقُ الأَحَصِّ في لَمَعانِهِ
لَجَّ بَرقُ الأَحَصِّ في لَمَعانِهِ / فَتَذكَّرتُ مَن وَراءَ رِعانِهُ
فَسَقى الغَيثُ حَيثُ يَنقَطِعُ الأَو / عَسُ مِن رَندِهِ وَمَنبَتِ بانِه
أَو تَرى النَورَ مِثلَ ما يُنشَر البُر / دُ حَوالي هِضابِهِ وَقُنانِهُ
تَجلِبُ الرِيحُ فيهِ أَذكى مِنَ المِس / ك إِذا مَرَّتِ الصَبا بِمَكانِه
صاحِ هَل شاقَكَ العَشِيَّةَ بِالوَعساءِ / بَرقٌ يَشِبُّ في لَمَعانِهِ
لاحَ في حِندِسِ الظَلامِ كَما لا / حَ سَنا الوَقدِ بارِزاً مِن دُخانِهِ
مُستَطيراً كَأَنَّهُ الأَسمَرُ الما / رِنُ في لِينِهِ وَفي عَسَلانِهِ
أَو كَما يَشهَدُ الوَغا أَسوَدُ الخَيلِ / فَتَدمى كُلومُهُ في لَبانِه
يا خَليلّي عَرّجا نَسألِ المَسكَنَ / عَمَّن نُحِبُّ مِن سُكّانِه
أَنحَلَته حَوادِثُ الدَهرِ حَتّى / صارَ يَخفى نُحولُهُ عَن عِيانِه
أَذكَرَتنا رَيّاهُ رَيّا خُزاما / هُ وَرَيّا النَسيمِ مِن حَوذانِه
كُلَّما هَبَّتِ الصَبا نَثَرَت فيهِ / شَبيهاً بِالوَردِ مِن ايهَقانِه
مَنزِلٌ كُلَّما نَزَلنا بِمَغنا / هُ نَعِمنا بِحُورِهِ في جِنابِه
حَبَّذا العَيشُ فيهِ لَو دامَ ذاكَ العَيشُ / فيهِ وَالعُمرُ في عُنفُوانِه
قَبلَ أَن يَنهَجَ الشَبابُ الَّذي وَلّى / وَيَذوي الرَطيبُ مِن أَغصانِه
عَيَّرتَني المَشيبَ أَسماءُ وَالخَطّيُّ / ما شانَهُ بَياضُ سِنانِه
وَالدُجى حُسنُه النُجومُ وَحُسنُ الر / روض حُسنُ البَياضِ في أُقحُوانِه
وَرِكابٌ تَجفُو المَبارِكَ في البَيْ / داء وَاللَيلُ بارِكٌ بِجِرانِه
كُلَّما داسَتِ الحَصا خَضَبَتهُ / فَتَساوى عَقيقُهُ بِجُمانِه
حامِلاتٍ غَرائِبَ الأَدَبِ المَرغُو / بِ فيهِ إِلى غَريبِ زَمانِه
عَلَمِ الدَولَةِ الَّذي غَرَّق العا / لَم في فَضلِهِ وَفي إِحسانِه
مَلِكٌ ضاقَ وُسعُ ما تَقطَعُ العِي / سُ إِلَيهِ عَن وُسعِ ما في جَنانِه
مُدرِكيُّ النِجارِ يَنفَحُ نَشرُ ال / مِسك مِن عِرضِهِ وَمِن أَردانِه
خَيرُ أَثوابِهِ العَفافُ وَأَسنى الذِك / ر أَسنى ما صِيغَ مِن تيجانِه
يَخزِنُ المالَ في صَنائِعه الغُر / ر وَيُفني ما في حُوى خُزّانِهُ
وَإِذا كانَ طَبعُهُ كَرَمُ النَفيِ / س فَمَن ذا يُحيلُهُ عَن كِيانِه
لَو وَزنّاهُ بِالَّذي تَحمِلُ الأَر / ضُ عَلَيها لَمالَ في ميزانِه
يَدَّعي الناسُ فَضلَهُ وَيَبينُ ال / حقُّ عِندَ اِمتِحانِهِم وَامتِحانِه
بَحرُ جُودٍ إِذا طَما جُودُ كَفَّيهِ / رَأَينا البِحارَ مِن خُلجانِه
لَو جرى ما يُنيلُه لاحتَقَرنا / عَصرَ نُوحٍ وَالفَيضَ مِن طُوفانِه
طالَ حَتّى رَأَيتَ كَيوانَ مِنهُ / مِثلَه بِالقِياسِ مَع كِيوانِهُ
وَعَلا قَدرُهُ فَكُلُّ مَكانٍ / دُونَ باريهِ دُونَهُ في مَكانِهِ
لَمَسَت كَفُّهُ العِنانَ فَكادَ العُشبُ / يُلفى مِن لَمسِهِ في عِنانِه
وَمَشى تَحتَه الجَوادُ فَكانَ الماءُ / يَجري مِن تَحتِ وَطءِ حِصانِه
دائِمُ النَصرِ لا يُريدُ عَلى الأَعداءِ / عَوناً وَاللَهُ مِن أَعوانِه
وَرِثَ الفَخرَ عَن أَبيهِ وَمَيراثَ / العُلى عَن ضِرابِهِ وَطِعانِه
وَبَنى القَصرَ بَعدَ ما عَجِبَ العا / جِبُ مِن هَدمِهِ وَمِن بُنيانِه
وَرَأَيناهُ في الإِوانِ فَخِلنا / أَنَّ كِسرى ممثَّلاً في إِوانِه
أَمِنَ الدَهرُ عَدلَهُ فَغَدا الدَهرُ / وَمَن فيهِ آمِناً في أَمانِه
شَرَفاً يَزحَمُ النُجومَ وَعِزّاً / أَمَّنَ اللَهُ أَهَلُه مِن هَوانِه
قَد شَكَرنا زَمانَنا وَأَمِنّا / بِالفَتى المُدرِكيّ مِن حَدَثانِه
زادَ قَدري بَقَدرِهِ وَعَلا عِندَ / مُلوكِ البِلادِ شاني بِشانِه
تَحسَبُ الطَودَ ذَرَّةً مِن حِجاهُ / وَتَرى البَحرَ قَطرَةً مِن بَنانِه
أَيُّها العادِلُ الَّذي أَمِنَ الأُسدُ / مِن جَورِهِ وَمِن عُدوانِه
صُنعتُ صِدقَ الكَلامِ فيكَ فَما / أَخجَلُ مِن زُورِهِ وَمِن بُهتانِه
إِنَّما أَنتَ غايَةُ الكَرَمِ المَن / عوتِ في قَيسِهِ وَفي قَحطانِه
لَيسَ في ناظِرِ المَكارِمِ إِنسا / نٌ يَراهُ كَأنتَ في إِنسانِه
يا ابنَ أَعلى المُلوكِ ذِكراً وَيا أَك / رَمَ مَن في زَمانِهِ وَأَوانِه
دُونَكَ الحَمدَ خالِداً مِن مُحِبٍّ / لَكَ في سِرِّهِ وَفي إِعلانِه
أَنتَ طَوَّلتَ قَدرَهُ وَتَطوَّل / تَ عَلَيهِ فَطالَ شُكرُ زَمانِه
يا تَقِيّاً في فِعلِهِ وَنَقِيَّ ال / فِعلِ في فِطرِهِ وَفي رَمَضانِه
ضَمِنَ الدَهرُ أَن يَمُدَّ لَكَ العُم / رَ فَلا زالَ وافياً بِضَمانِه
فَلَقَد حَسَّنَت مِناقِبُكَ الدَه / رَ فَأَغنَت سِخابُهُ عَن جُمانِه