القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَني النابُلُسي الكل
المجموع : 23
نور هذا الوجود بالإيمانِ
نور هذا الوجود بالإيمانِ / لا بشمس ولا نجوم دواني
وبه الشمس والنجوم جميعاً / مشرقات من رحمة الرحمن
ولهذا الكسوف لا يعتريها / منه إلا عن غفلة وتواني
أي قلب من القلوب تجلّى / فيه ربي بغير ما إيمان
وعلوم الجميع علواً وسفلاً / واردات عن وردة كالدهان
فلك الماء والتراب مضيءٌ / بضياء الإيمان في كل آن
وبه لم يزل يدور ويبدي / صوراً بابتداعه ومعاني
أمِنَ الكلُّ من قلىً وبعادٍ / عندما آمنوا وهم في تداني
ولهم خلعة المهيمن جاءت / ثم فازوا من سلبها بالأمان
فتراهم بها يميلون زهواً / بين نيل المراد والحرمان
وعلى كل حالة هو أولى / بالذي جاء منه للأكوان
وهو إيمانه به فلهذا / مؤمن جاء عنه في القرآن
والمواليد معدن ونبات / ثم حيوانها مع الإنسان
وكذاك الآباء مع أمهات / كلهم في غد من الحيوان
مؤمنات جميعها بإلهٍ / واحدٍ ما له كما قال ثاني
ولهذا تأتي غدا شاهدات / مثل ما جاء في حديث الأذان
وشروط الشهادة الآن فيها / ثبتت بالدليل والبرهان
حيث عنها الإله أخبر بالتس / بيح والنطق والفنا في العيان
فتحقق بكل ما قلت وافهم / تلقَ لبَّ الكمال والعرفان
تب إلى الله من ذنوبك يكفي
تب إلى الله من ذنوبك يكفي / ك وإن لم تكن من العابدينا
وتحقق بأن ذنبك عمن / هو إياك قد لهاك يقينا
قل لمن قال عن ذوي العرفانِ
قل لمن قال عن ذوي العرفانِ / ورجال التحقيق والإيمانِ
طاعناً في اعتقادهم أوهاماً / وخيالاً جميع ذي الأكوان
مثل أهل الضلال ذا منك جهل / بنصوص الحديث و القرآن
إن أهل الضلال ليسوا بشيء / حاضر عندهم ذوي إذعان
لينالوا ثبوتَ ما غاب عنهم / بل همو بالجميع في كفران
أين منهم أهل التحقيق باللَ / هِ وأهل الكمال والعرفان
ونجوم الهدى لكل جهول / ورجوم لعصبة الشيطان
وإذا الشمس أشرقت لا تراها / دائم الدهر أعين العميان
إنما الله عندنا هو حق / لا سواه والكل في بطلان
واستمع أينما تولوا فثم ال / وجه والوجه ذاته يا معاني
لا تقل أينما تفيد مكاناً / وعليه استحال كل مكان
إنما تلك باعتبارك إذ ان / ت مع الكل في الفنا سيان
ما عدا الوجه فهو لا شك حق / والسوى فيه باطل باقتران
وكذا قول ربنا كل شيء / هالكٌ كلُّ من عليها فاني
وحديث النبيْ ألا كلُّ شيءٍ / ما خلا الله باطلٌ منك داني
ولهذا بربهم قام قومي / عابديه على تُقىً وعيان
جملة العارفين في كل وقت / حسنات الدهور والأزمان
أيها المنكر الذي ليس يدري / ما الذي فيه من غرور يعاني
قد أضاع الزمان بالقيل والقا / ل وفرط الضلال والطغيان
يحسب النفس منه تخلق شيئاً / فهو منها يبيت أسر الأماني
كل ما أنت فيه مع من يحاكي / ك به في اللسان أو في الجنان
عندكم ربكم خيالٌ ووهمٌ / وهو شيءٌ في عقلكم ذو معاني
وجيمعُ الأكوان حق وصدقٌ / عندكم بالعيان والبرهان
لو عقلتم تعاكسَ الأمرُ فيكم / وانجلى يا مظاهر الخذلان
لكن البغي والتنكُّر منكم / أوصلاكم فينا إلى الحرمان
ولهذا ملتم على ما سوى الل / ه سكارى كميلة الهيمان
وعميتم بحبكم كلَّ شيء / وصممتم عن الهدى والبيان
وافتتنتم بما سوى الله جهراً / واشتغلتم بلذة الحيوان
حيث أشقت نفوسَكم شهواتٌ / عن حصول السعادة المتداني
فقفوا عند حدكم لا تغطّوا / خبثَكم بالفجور والبهتان
ها هنا غابة بها أسدُ حربٍ / مشرعاتٌ رماحهم للطعان
نحن قوم نهوى الوجوه الحسانا
نحن قوم نهوى الوجوه الحسانا / وبها الله زادنا إحسانا
وعلينا من المهين عين / أوسعتنا تحقُّقاً وعيانا
ولنا قد أدير خمر التجلي / وبه صار كأسنا ملآنا
وشهدنا الوجود حوضاً وكانت / صور الكل عندنا كيزانا
إن من نال شربة منه يوماً / لا تراه على المدى ظمآنا
وأناس قد بدلوا الدين عنه / طردوا فامتلوا له طغيانا
كل ما حاولوه أبعد عنهم / لا تلمهم أضلهم من هدانا
حوض خير الأنام عذبٌ زلالٌ / بارد سائغٌ لمن يتعانى
بيننا وعده على الحوض نلقى / صاحب الحوض مثل ما يلقانا
وبوجه المليح سرُّ شهودٍ / عنه مازالت الورى عميانا
ضل عنه من قبل إبليس جهلاً / وأبى عن كماله نقصانا
وإليه اهتدت ملائكة الل / ه وزادت بأمره إيقانا
حضرات الأسما به قد تبدت / وأبينت عند الجميع بيانا
وعليه السجود كان دليلاً / فتسمى الإسلام والإيمانا
كن به عارفا ودُمْ فيه مغريً / وتقرب له تكن إنسانا
والذي حاد عنه فهو جهول / حيث سماه ربه شيطانا
إنه الباب لكن الفتح صعب / زاد قوماً خوفاً وقوماً أمانا
كاس حسن وكاس عشق وإني / بهما الآن لم أزل سكرانا
هذه في العموم جملة حالي / وتعالى من أنزل الفرقانا
ولأهل الخصوص مني مقام / كل حال في ذاته يتفانى
كان في بيت عزتي من قديم / ثم صارت ثيابه الحدثانا
وهو قرآننا بليلة قدر / قد تلوناه ساعةً وتلانا
إن تكن قد مضت لأحمد صحبٌ / إننا لم نزل له إخوانا
هكذا جاء في الأحاديث عنه / ودَّ لو أنه يكون رآنا
ظاهر العلم في الصحابة باد / وهو علم التكليف إنساً وجانا
والذي قد بدا بنا هو علم / زاد عن كل باطن إبطانا
وهو علم التشريف علم المزايا / ليس ظناً لنا ولا حُسبانا
بل يقين محقق أخذته / قومُنا بالشهود آناً فآنا
وهو علم الإله يظهر فيمن / قرأ الله ذاته قرآنا
خذه منا بالحال والقال وادخل / لحمانا وافرغْ لنا عن سوانا
هو عشق لا وهمَ لا فهمَ فيه / لا تواني لا فكرَ لا إذعانا
يملأ العقل يملأ الحس نوراً / كل من عز في معانيه هانا
هو أمر ترى الجبان شجاعاً / إن بدا منه والشجاع جبانا
ليس يدريه غير صاحب قرب / كلما أبعد الجميع تدانى
عين حق إنسانها الإنسانُ
عين حق إنسانها الإنسانُ / وهي نار عنها سواها دخانُ
ما لها صورة سوى كل شيء / أمرها لابسٌ لنا عريان
إن بدت أفنت الجميع بوجه / مشرق زان حسنه الإحسان
وإذا ما اختفت أعارت سناها / كل شيء فلاحت الأعيان
بنت عقل أهل السوى عبدوها / ليت لو كان عندهم إذعان
يحسبون الذي يرون كمالاً / وهو لو يعقلونه نقصان
ويظنون أنهم في حصول / والذي حصلوا هو الحرمان
ينصرون الهوى على الشرع عمداً / وعليه يستحوذ الشيطان
بعدت درة الوجود عليهم / فبأصدافها لهم لَوَذان
علمهم قشرُ علمِنا ولبوبٌ / بقشورٍ عن الدواب تصان
عندهم من عقولهم حشراتٌ / ولهم من نفوسهم ثعبان
ربنا الله لا سواه وأما / ربهم فهو عسجدٌ وجمان
تعسوا أين هم وأين هوانا / هو فينا عز وفيهم هوان
فهوانا يزداد بالله طيباً / وهواهم بخبثهم يزدان
أمحلت أرضهم وغيثُ علومٍ / هو في كل أرضنا هتّان
وهي تعلو عنهم وتدنو إلينا / وهي فيهم خوف وفينا أمان
إن لله في الوجود رجالاً / كل حين بدين أحمد دانوا
أسلموا ثم آمنوا بأمور / تم فيها الإسلام والإيمان
هم على الجهل فطرة ليس يدرو / ن وما العلم غير ما فيه كانوا
هم أولوا العلم لا سواهم وفيه / لم يزالوا لما عليه تفانوا
قطعوا أنهم له بيقين / فاستراحوا وزالت الأوثان
ورموا بالسوى على الكشف منهم / في بحار الفنا فبان البيان
أمة المهيمن الحق قامت / وعلى عرشها استوى الرحمن
دخلت في غيب الغيوب فعنها / قد تولى مكانها والزمان
ذهب الجسم وانطوى الروح عنهم / ومضى الخمر واستقل الدنان
هم على حالهم به من قديم / وكذا عندهم به الأكوان
وهو أيضاً على الذي هو فيه / ما عليه بنا تغيَّرَ شان
حلة أهل ديننا لبسوها / ما بهم بدعة ولا طغيان
نحن قوم متنا به وفنينا
نحن قوم متنا به وفنينا / بتجلي وجوده الحق فينا
وحُشرنا إليه عمن سواه / ودخلنا جنانه خالدينا
قمر لا نضام فيه اجتلاء / بينته ذواتنا تبيينا
وإذا أظلم الكيان عليه / أطلعته الغيوب حيناً فحينا
يا أخلاي هذه نفحات / من رياض بها إليه أتينا
فلتشمّوا الأقاح والورد منها / والخزامى والآس والياسمينا
حضرات بها الوجود تجلَّى / زيَّنَتْه لمن يرى تزيينا
قد حمدنا السرى بهن إليها / حيث منها جئنا المقام الأمينا
وهي أم الكتاب سبع المثاني / نزلت مرتين عقلاً ودينا
فرقينا صفاتها درجات / وشربنا تسنيمها الصِرفَ عينا
وتلونا آياتها وقرأنا / هنَّ حاميم والكتابَ المبينا
وبدت عندنا معاني معانٍ / لمعان بذاتها تبتدينا
علمنا والكتاب والوصف منها / وهي ذات وراء ذا لن تبينا
كيف في الكل لن تبين وبانت / وهي نور لما يزل مستبينا
واعتباراتها الثلاث ظلام / زائل عندها عياناً يقينا
ثلّثوها حقيقةً لا اعتباراً / ثم ضلّوا ونحن فيها هدينا
فاعرف الكل هكذا وتحقيق / تعرف الحق والكفور اللعينا
ظهر الحق للعيان وبَيْنا
ظهر الحق للعيان وبَيْنا / نحن فيه إذ صار بعداً وبَيْنا
نقطة الإنفصال من كل نفس / تجعل العين في الشهادة غينا
رُتَبٌ تنقضي وأخرى توافي / باعتبار منه لهنَّ يقينا
كل هذا نراه إذ نحن خلق / وهو شيء منا لنا لاح فينا
والعظيم العظيم جل تعالى / أين من يعرف الحقيقة أينا
لكن الأمر هكذا هو ستر / وتجلٍّ مبيّنٌ تبيينا
ويدي هذه يدي وهي أيضاً / يده لي بها يكون معينا
وجميعي هذا وروحي وجسمي / فهو لي بي يفيض دنياً ودينا
والتصاوير والتماثيل منه / لمحات تلوَّنت تلوينا
وله الخلق مثل ما قال والأم / ر على قدر ما يريد يرينا
فتراه به كذلك طوراً / ويرانا طوراً بنا مستبينا
بصر واحد وسمع وعلم / يتبدى حيناً ويُستَرُ حينا
والذي قال عنه في الذكر إنِّي / قال عنا في الذكر إنَّ اللذينا
لي وجود بمن يقول أنا
لي وجود بمن يقول أنا / حاش لله أن أكون أنا
وأنا الحي والسميع به / حاش لله أن أكون أنا
وأنا العالم البصير به / حاش لله أن أكون أنا
وأنا القادر المريد به / حاش لله أن أكون أنا
صار عقلي به يصرفه / حاش لله أن أكون أنا
أعقل الشيء منكرا فهما / حاش لله أن أكون أنا
ثم عقلي فوق العقول به / حاش لله أن أكون أنا
شاكرا نعمة الشكور به / حاش لله أن أكون أنا
صابرا باسمه الصبور هنا / حاش لله أن أكون أنا
إن علمي عن العقول علا / حاش لله أن أكون أنا
أفعل الفعل ثم أترُكُهُ / حاش لله أن أكون أنا
جامعاً فارقاً بقدرته / حاش لله أن أكون أنا
حيث لي طاعة ومعصية / حاش لله أن أكون أنا
وأنا نيتي به وله / حاش لله أن أكون أنا
ولمن شئته أكلمه / حاش لله أن أكون أنا
كل مالي من الصفاء به / حاش لله أن أكون أنا
كل شيء أراه قال كذا / حاش لله أن أكون أنا
إنما ذاك واحد أحد / حاش لله أن أكون أنا
ظاهر بالذي يريد له / حاش لله أن أكون أنا
فاسمعوا القول يا خليقته / حاش لله أن أكون أنا
واسمي العبد للغني به / حاش لله أن أكون أنا
كنت لا شيء ثم صرت كذا / حاش لله أن أكون أنا
حاصل الأمر لا أنا أبداً / حاش لله أن أكون أنا
إنما وحدة الوجود فنونُ
إنما وحدة الوجود فنونُ / وهو قول الإله كن فيكونُ
ليس للكون غيرها من وجود / كل وقت له بها تكوين
وهي أمر الإله بالخلق يبدو / مثل ما قاله الكتاب المصون
إنما أمرنا لشيء إذا ما / قد أردناه فالمقول شئون
تختفي تارة وتظهر طوراً / لمحَ طرفٍ ولمعَ برقٍ يبين
فتراه العقول تحسب جهلاً / إن هذا تحرُّكٌ وسكون
وهي تجديد كل شيء سريعاً / وبه كل عاقل مجنون
إنما العقل ربط شيءٍ بشيءٍ / ذاك معناه فاسمعوا يا عيون
يا عيون القلوب حسِّي بهذا / قبلَ ما تنطوي عليكِ الجفون
شهد الله أن ما قلتُ حقٌّ / والنبيون والكتاب المبين
هو هذا نعم وما هو هذا / والتجلي له به تلوين
لا تقل لا إني نصحتك فاسمع / وبغيري فإنك المفتون
حالة مثل ما الجميع عليها / لكن الفهم معرض مغبون
وجميع الذي تقول وقلنا / هو قول الناس الذي يستبين
نحن ذقناه باليقين وأما / غيرنا فهو عندَهم مظنون
غير أن الوجود لله لا لل / خلق والخلق بالوجود يكون
وسوانا يقول ذاك وجود / غير هذا فيفتري ويخون
جعلوه جنساً وقد نوعوه / كل نوع وإن هذا جنون
ليس ينعدُّ حادثٌ مع قديمٍ / باطلٌ معْ حقٍ وعالٍ ودونُ
إنما الحادث الثبوت له في / نفسه لا الوجود يا مسكين
والوجود الحق القديم وجود / هو حق مقرَّرٌ لا يهون
متجلٍّ على الدوام بما في / علمه من ثوابتٍ فتبين
علمه فيه ثابت كل شيء / يتجلَّى به فتبدو الفنون
يا نديمي إن غابت الناس عني
يا نديمي إن غابت الناس عني / فتبدت حقيقة الحق مني
غابت الناس أَبطَنوا بظهورٍ / منك لي حالةً تخالفُ ظني
أنت كلمتني بأحرف ذاتي / وأجبت الكلام بي لك عني
إنني في يديك تفعل بي ما / شئتَ قدماً من راحةٍ وتعني
وأنا الحادث الذي بالتجلي / منك أبدو وأختفي بالتجني
قدرتني الأسماء منك قديماً / بعد علمٍ أحاط بي قدَّرتني
تارة أنت معرض عن ودادي / ثم طوراً تمدني بالتمني
فتريني الإقبال منك اعتناءً / بي وفن لي منك طوراً وفني
عدمٌ كلنا وأنت وجود / عنك بالحق لا نزال نُكنِّي
أنت حق وباطل نحن هذا / جاءنا في تصديق قولِ المغني
كل شيء مما خلا الله ربي / باطلٌ والصحيح أنك أني
قلت بي كلما أقول وما قد / قلت في خمرة وفي وصف دن
وغلام وروضة ورداح / وانعطاف وميلة وتثني
وهو قولي لأنه هو مثلي / وهو فاني ونور وجهك يغني
إن أهل التمكين في التلوينِ
إن أهل التمكين في التلوينِ / ليس عنهم لي حالة تلويني
علمنا كلنا بنا وبما نح / ن به عالمون في كل حين
عدم في وجود علم قديم / وكلامٍ لله حقٍّ مبينِ
قد أتاه الوجود من قول ربي / كن وهذا وجوده عن يقين
لا تقل عن وجود كن ولدٌ كا / نَ فإن التوليد أكثر مَين
ربنا الله لم يلد لا ولم يو / لد كما جاء في الكتاب المبين
إنما ربنا المؤثر فينا / ظاهراً باطناً على التعيين
فإذا العين أبصرت أثر الإب / صار فيها بأمره المستبين
وإذا ما سمعت بالإذن فالتأ / ثير في السمع للقوي المتين
وكذا الرجل أثَّر المشيُ فيها / ربها الحق مثل حكم اليدين
وكذا العقل أثَّر العقلُ فيه / كلَّ معنى يلوح بالتكوين
فإذا ما كنا فإنا جميعا / هو فينا مؤثر كل حين
وسوى ذلك المؤثر شانٌ / هو فيه بحكم دنيا ودين
فتأمل مقالتي وتحقق / ها بتأثير أمر رب معين
ادخلو في تصرف الرحمانِ
ادخلو في تصرف الرحمانِ / واخرجوا عن تصرف نفساني
أيها الناس إن هذا غرور / صادر من وساوس الشيطان
ما سمعتم بأن ربي محيط / بجميع الأشياء إنسٍ وجان
وهو الله في سماء وأرض / لا بمعنى الحلول يا إخواني
بل هو الله لا سواه وكلٌّ / هالك في وجوده الحق فاني
ليس إلا المخلوق والخالق الرب / ب وما ثم ثالث في العيان
ليس شيء سواهما ثالث في / خطرات العقول والأذهان
خالق ربنا الأماكن طراً / وعليه استحال كل مكان
وكذا الأزمان خالقها الل / ه عليه استحال كل زمان
وهو الله خالقٌ كلَّ شيءٍ / واحد ما له على القطع ثاني
يتجلى بفعله فنراه / ظاهراً باطناً بعين العيان
معنا لا يغيب عنّا لأنّا / فعله وهو فاعل متداني
وإلينا بنا قريب بعيد / غير أنا لم يدره وهو داني
صدقتَ عبادُ اللهِ أسماؤُه الحسنى
صدقتَ عبادُ اللهِ أسماؤُه الحسنى / تجلَّى بهم كالشمس في القمر الأسنى
نوابتُ أعيانٍ بلا جعْل جاعلٍ / قديمة عهد لا وجود لها يفنى
وهاتيك معلوماتُ علم إلهِنا / به كاشفٌ عنها قديماً كما قلنا
مرتبةٌ أعيانُها هكذا على / نظامٍ تراه في ثلاثٍ وفي مثنى
ونور التجلي من قديم يعمُّها / على حسب الترتيب فيهن والمبنى
وذاك وجودٌ مطلقٌ متوجه / عليها يسمى الوجه أوجد أو أفنى
فيظهر بالترتيب من علمه الورى / وتنكشف الأشياء شأناً به شأنا
وما الكل إلا حادثٌ عندنا به / قديم عديم عنده قط ما كنا
وما ظاهر إلا الوجود بكلهم / مقام يسمى قاب قوسين أو أدنى
ألا نحن أهل الله ما بيننا انتفت / إضافة أهل بالفنا هكذا أنّا
ورثنا رسول الله علماً محققاً / لتنزيل قرآن لدينا بنا منا
ألا إن أهل الجنة الغافلون إن / على الصدق في الإيمان دانوا كما دنّا
وفي شغل عن ربهم أهل جنة / كما الله في القرآن أسمعه الأذنا
وهم يتقون الله مع جهلهم به / إذا جانبوا التأويل والمذهب الأدنى
فخذ لب هذا الأمر واترك قشوره / لقوم به هم قانعون وجنّبنا
ولا تحتفل بالتابعين عقولهم / ودعهم يقولوا ما يقولونه ظنا
كما أنكروا توحيدنا بجهالة / وصاروا علوم الله ينفونها عنا
ونحن ملأنا الكون علماً بربنا / فلا منشدٌ إلا بأبياتنا غنى
وقد جاء في القرآن عن مثلهم فلا / نقيم لهم يوم القيامة أيْ وزنا
وحيَّ على ما قلتُه لك يا فتى / تجد علم أهل الله والمورد الأهنى
وحقق معاني ما ذكرت وقل به / وإلا فسلم واترك اللفظ والمعنى
وإياك إياك الجحود فإنه / هو الكفر عند الله في حكمه الأسنى
وإن كان في الدنيا نسميه مسلماً / لما أنه بالشرع قد دخل الحصنا
تمسك بآيات الكتاب فإنها / هي الحبل حبل الله والظهر والبطنا
وقل بعد هذا الله ألله لا سوى / بذات وأوصاف وأسمائه الحسنى
ستذكر يوما ما أقول فلا تضع / زمانك فيما ليس يعنيك واتبعنا
إنني كن وإنني فيكونْ
إنني كن وإنني فيكونْ / واحد وهو ظاهرٌ بشئونْ
كن وجود وغيره عدم / عنه كنَّى بقوله فيكونْ
وجهه كن وهالك أبداً / ما سواه فحقق المضمونْ
واشهد الحق في سواه به / وهو غيب عن كل ما يعنونْ
أمره واحد به كثرت / صور الخلق وهو ذات فنونْ
فاجمع الكل بالشهود وإن / شئت فرق ولا تكن مفتونْ
قل بطون له الظهور بنا / وظهور لنا بذاك بطونْ
إن تكن فانياً فقل هو لا / غيره في كتابه المكنونْ
ربنا الله لا سواه هنا / وهو عين قديمة وعيونْ
حادثات به له ظهرت / وهو حق وكلهن ظنونْ
فاعقل الشان وهو نفسك مع / كل شيء فليس ذاك جنونْ
وامنح الصادقين علمك لا / تخف شيئاً فتمنع الماعونْ
كل من يكتم الذي هو في / محكم الذكر إنه ملعونْ
صورة إن نظرتها كلفتني
صورة إن نظرتها كلفتني / وإذا لم أنظر لها شرَّفتني
شرفتني بكل أمر ونهي / أمرتني به وما قد نهتني
فأنا طائع ولست بعاص / هكذا دائماً كما خلقتني
محض فضل منها عليَّ وحفظ / لي بلا كلفة لها صورتني
ورجوعي لصورتي في شهودي / مقتها لي بكلفتي والتعني
أنا لا أستطيع شيئاً ولكن / بادِّعائي لصورتي مقتتني
كن بلا أنت إن أردت ارتياحاً / وقبولاً منها لنيل التمني
وتوقف ولا تقف عند شيءٍ / وتأمل وانقل حديثك عني
يا وجودي ويا وجود البرايا / كلهم لا أقول أنك أني
أنت فرد محقق ليس يخفى / وأنا الوهم ظاهر بالتثني
فاعف عني مما جنيتُ بجهل / قبل أن أدرك الردى فاعف عني
فر إبليس عن هدى العرفانِ
فر إبليس عن هدى العرفانِ / حين قيل اسجدوا وآدم داني
فتجلى به الإله وفعلٌ / هو بالله ظاهر الحدثان
ثم إبليس ضل عنه وفيه / حسد قام واعترته الأماني
كان في القلب منه جهل وكفر / بالإله المهيمن الرحمن
فبدا الله آدماً بالتجلي / وهو الحق ليس للحق ثاني
وتبدّى علم التجلي وما كا / ن وعلم التنزيه كان معاني
ثم إن الأملاك قد علموا من / آدمٍ علمَ ذا التجلي المصان
ولإبليس علم تنزيه ربي / ما له في علم التجلي يدان
حيث جاء اسجدوا لآدم حتى / سجدوا دونه لجهل يعاني
ما اسجدوا قال ربنا أيْ لمخلو / ق وحاشا فإن ذلك فاني
إنما الله ظاهر متجلٍّ / كان في آدم العظيم الشان
وهو الله لا سواه ولكن / ظاهر في أفعاله للعيان
وهو غيب ولا تغيُّر للغي / ب سوى بالظهور في الإمكان
حاش لله أن أملاك ربي / سجدوا للمخلوق في الأكوان
هم أولوا العصمة التي هي فيهم / كلهم مع تحقق وبيان
ومحال أمر الإله بكفر / وضلال وزائد الطغيان
إنما الجاهل الذي ليس يدري / ظن سوءاً بِمُنزلِ القرآن
فأتاه كفر بما قال لما / صبغته عقيدة الشيطان
لا تقل كان قبله آدمٌ في / أمر ربي مقالة الحيران
إن هذا مثل التجلي لموسى / كان بالنار في نداء الأمان
وإذا كان قبله فتجلى / هو أيضا في مذهب العرفان
فخذ الأمر بالعموم وصرح / بالتجلي لله في كل شان
لمتى أنت في الضلال المبينِ
لمتى أنت في الضلال المبينِ / سلم الأمر واعتصم باليقينِ
يا ابن يومين لا تكن في جدال / أنت كالبرق نشؤُ حينٍ فحينِ
ربنا الله وحده يتجلى / عندنا بالتقبيح والتحسين
قال كن للورى فكانوا جميعاً / وهو أمر مرتب التعيين
حضرة بالجلال تبدو وتخفى / ظهرت بالجمال للتبيين
فبدا كل أحور الطرف أحوى / يتجلّى بوجه حور عين
إن تثنَّى فغصنُ بانٍ رطيبٍ / قابضٍ كلَّ مهجة باليمين
وهو لا شك وصف ولدان حور / حجبت بالجلال عن كل عين
دار دنيا ودار جنة خلد / واحد عند عارف مستكين
وهي عند الجهول نار تلظّى / سوف يدري بذاك من غير مين
فاكشفوا يا قلوب عمن رأيتم / ظاهراً بالوجود فالدين ديني
حجبتكم نفوسكم فجهلتم / أنه النور نور حق مبين
ونفتكم عن الهدى شهوات / من حلال ومن حرام مهين
وهواكم هوى الجهول خبيث / لم يطب باعتبار ما في الكمين
عهد ربي ألستُ خنتُم جهاراً / ما اتبعتم صراط طه الأمين
وكتاب الأبرار يعلو علوّاً / وكتاب الفجار في سجين
جعلوا رزقهم من الضعف أن قد / كذّبوا بالدين القوي المتين
يا جميل الوجه الذي هو داني
يا جميل الوجه الذي هو داني / لعيون الورى بلا كتمانِ
لكن الآن في العيون غبارٌ / ثائرٌ بالشخوص والأكوان
والمعاني التي تلوح وتخفى / من جميع الأنواع والألوان
والذي ينظر الوجود قليل / من قليل في سائر الأزمان
أنت نور أيا وجود علينا / تتجلى في عيننا والعيان
والمساكين نحن في غفلاتٍ / عنك يا ذا الحسنى وذا الإحسان
إن عيناً تراك في الدهر يوماً / تلك عين من العمى في أمان
ظاهرٌ لا يكون أظهر منهُ
ظاهرٌ لا يكون أظهر منهُ / غير أن الأكوان تحجب عنهُ
يتجلى في كل شيء ولكن / ما له في بصائر القوم كنهُ
زُرْ بناتِ القسوس في ديرِ هِنَّهْ
زُرْ بناتِ القسوس في ديرِ هِنَّهْ / وارتشفْ خمرهنَّ من يدِهِنَّهْ
وادخل الحان حان وصلك للغي / د اللواتي أعربن في لحنهنَّهْ
هن أصل الهوى وما هام يوماً / ذو الهوى في الأنام إلا بهنَّهْ
كل هيفاء بالتبسم تحيي / وتميتُ المشوق وجداً وحنَّهْ
إن أشارت إلى الكيان أبانت / عنه أو لا فإنه في أكِنَّهْ
وإذا ما دعت أجبنا حيارى / بنفوس في حبها مطمئنَّهْ
فق نديمي من نوم عقلك واركع / لغواني الوجود واسجد لَهُنَّهْ
وتأمل ما أنت فيه بعين / ربطتها مِلاحُها بالأَعِنَّهْ
واستمع رنة المزاهر تبدو / من خلال الستور أكمل رَنَّهْ
هذه هذه سعادة قومٍ / عملهم في الصدور لم يتسنَّهْ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025