المجموع : 5
بين صدق النهى وكذب الأماني
بين صدق النهى وكذب الأماني / وقف الرأي والهوى ينظران
للهوى جرأة وللرأي حكم / والبرايا لديهما شيعتان
يا نفوساً جنى الشباب عليها / قضي الأمر لديهما واستراح الجاثي
لست الحاك في زمان غرور / فلقد مر في الغرور زماني
والخيال الذي صبوت إليه / منذ عشرين حجة أصباني
خبر الناس أيها النيل عني / وأشهدا معه أيها الهرمان
المغاني التي بكيت عليها / باقيات تكلمي يا مغان
غازلتني عيون زهرك حيناً / وقماريك رددت ألحاني
وإذا أنت حال عهدك بعدي / فكما شئت مهجتي ولساني
يا ربوع الهوى بأية كأس / قد سقاني فيك الهوى من سقاني
بلبل مشتك وورد مصيخ / أنظروا كيف يهنأ العاشقان
أضحك الدهر معشراً جهلوه / وأنا مذ عرفته أبكاني
كلما قلت للمنى أدناني / جد حتى عن المنى أقصاني
ايها الشرف كيف حالك فينا / ينجلي نازل فيغشاك ثان
هدمتك الخطوب صرحاً فصرحاً / قوضت من علاك شم المباني
يظلم الناس بعضهم منذ كانوا / طال ظلم الأنسان للأنسان
وإذا كان في الحياة قليل / من نعيم فذاك للتيجان
والعقول التي نخال انارت / استسرت في ظلمة الأديان
أنت يا أيها الكتاب أميني
أنت يا أيها الكتاب أميني / غير أني أخاف حتى الأمينا
صنت سري في الحب عنك وعني / فاسترحنا وبات سري مصونا
كلما ضاقت القلوب بسر / فجرت منه في العيون عيونا
وصدور الأوراق أهون كشفاً / لمريد أن يستبين شؤونا
ليس في دولة المحاسن قلب / عالم بي إلا يظن الظنونا
ومحال في سنة الدهر أن يم / نع أمراً قد كان من أن يكونا
رب سر أودعته في قلوب / كزجاج الأقداح منها استبينا
قد طويت الكتاب عن أعين الخل / ق وأبقيت لي أنا المضمونا
رُبّ فجر كالكأس قد أكفأوها
رُبّ فجر كالكأس قد أكفأوها / بعد ما طوّفت على الندمانِ
شُربت خمرها فلم يبق من آ / ثارها في الزجاج غير الدخان
تتراءى في جوفها قطرات / من بقايا النبيذ كالأرجوان
ملك شعر ومعه ملك بيان
ملك شعر ومعه ملك بيان / هكذا المجد أيها الهرمان
نتغنى ومصر تطرب سكراً / عجباً منكما ألا تطربان
ولقد زادها دلالاً علينا / أن ذا الحسن هاج تلك الأغاني
والغواني تهزهن القوافي / والقوافي تفيضهن المعاني
كم معان تضمنتها دموع / ودموع تضمنتها معان
تتهادى الأرواح منها غراماً / تجتلي سره لحاظ الحسان
سن في الشرق للقريض رهان / لم ينل سبقه سوى مطران
شاعر مفرد تسامت به الشا / م ومصر فليفخر الوطنان
قد كفى الأرض نير واحد وال / أفق لم يكف بعضه نيران
إن مطران ساحراً بيراع / مثل مطران ساحراً بلسان
فهو في سحره بكل زمان / وهو في سحره بكل مكان
قد دعاه عصر البخار فلبى / وصبا غيره لعصر الهجان
يتحرى الصدور الهامه يك / شف منها كوامن الأشجان
كنسيم الصباح في الروض لا يه / مل حتى خفية الأفنان
كلنا شاعر ولكن ما في ال / طير شاد بنغمة القيروان
ولمطران خاطر مستقل / قد علا عن خواطر الأنسان
جنة الشام لا جفاك ربيع / أستزيدي من هذه الأغصان
رضي الله عن شيوخ كرام / خلفوا فيك أكرم الفتيان
درة أنت زينت تاج عثما / ن كما زان سائر التيجان
استعيدي لا بد أن تستعيدي / نضرة قد ذوت بغير أوان
بين مصر وبينك الدهر قربى / أنتما منذ كنتما أختان
فأقما على أئتلاف صحيح / واذكرا اليوم حين تختلفان
لك يا شام في فؤادي حب / ما أدعى مثله محب ثان
همت شوقاً ببعلبك وماسا / ءلت أطلال بعلبك زماني
غير أن الخليل كان بكاها / وبكاء الخليل قد أبكاني
يا وسام الأمير زينت صدراً / زانه ربه بصدق الجنان
إن تكن أنت للرضاء ضماناً / فخليل منه ضمان الضمان
يا رياضاً جنيت منها فنوني
يا رياضاً جنيت منها فنوني / صدق الله فيك كل ظنوني
قد تزودت منك خيراً كثيراً / وهو ذخر إن صنته يغنيني
لست أدري غدي ولكن سيأتي / وغدي إن جهلته يدريني
تتراءى في أفقه آمال / ساطعات ضياؤها يعشيني
حسنت منظراً وزادت عديداً / وقليل من بينها يكفيني
حين أضحى في البيت أول يوم / ليس عندي من واجب يسليني
وتمر الساعات بي مسرعات / ولقدج كان جريها يلهيني
ويطل الصباح والناس غرقى / في كراها والكون تحت السكون
فسلام على غدي في سناه / قد تبينت فيه وجه الأمين
إن تكن جئت بالتجارب إني / في أنتظار لها بعزم متين
هذه همتي وهذا يراعي / فافتح اليوم يا كتاب شؤوني