القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَعرُوف الرُّصافِيّ الكل
المجموع : 4
صاح إن الخطوب في غليان
صاح إن الخطوب في غليان / فبماذا يَطّرِق المَلَوان
جلّ ربّ الأنام في كل يوم / هو من كبريائه في شان
خالق الكون ذو الجلال قديم / واحد عنده القرون ثوان
كل ما ضمّ ملكه كلماتٌ / وإليه انتهت جميع المعاني
نسمع اليوم للخطوب أزيزاً / كأزيز القدور في الفوران
إنني مبصرٌ تباشير صبح / مستفيض على ظلام الأماني
ليس تلك الدماء في الحرب إلا / شفقاً من ضيائه الأرجواني
إنني أستشف من غِيَر الده / ر انقلاباً يعمّ كل مكان
سيلوح الداني به وهو قاص / ويلوح القاصي به وهو دان
ويكون المُعَزّ غير مّعَزاً / ويكون المُهان غير مهان
وسيغدو الضعيفُ محترَمَ الح / قّ ويمسي الظلوم في خسران
والثريا ستعتلي في أمان / من عِداء العَيّوق والدَبَران
وستبدو أم النجوم رءوماً / يتدانى من نورها الفرقدان
يتجلّى ربّ السموات والأر / ض علينا بعدله والحنان
فيبوء المستعمرون بخُسرٍ / وتضيء البلاد بالعُمران
معشر العرب أين أنتم من القو / م إذا ما تمّ انقلاب الزمان
أنيام والدهر يفتح فيكم / من جديدَيْه مقلَتيْ يقظان
نقض القوم عهدكم قبل هذا / واستخفُوا بحفظه في صوان
واستهانُوا بالوعد إذ أخلفوه / واستغلّوا دفائن الأوطان
وأقاموا بها قواعد جوٍّ / لاحتشاد الجنود والطيران
ثم بثّوا بها العيون يعيثو / ن فساداً في سُوحها والمباني
ثم ساروا في حكمها سير فُلك / هم بها آخذون بالسُكّان
كل هذا وأنت مستقلّو / ن بزعم من عندهم وامتنان
قيّدوكم لنفعهم بعهود / ناطقات من أسركم بلسان
أوثقوكم بها إِساراً وقالوا / ليس هذا لكم سوى إحسان
ليس تلك العهود يا قوم إلا / كعهود الذئاب للحملان
أفلا تذكرون من أوّليكم / أنَفاً من مسيسهم بهوان
يوم سادوا والعز فيهم يُماشي / ضربهم بالمُشَطَّب الهندواني
وتعالت راياتهم خافقاتٍ / في جيوش عنا لها الخافقان
فانهضوا اليوم مستجدّين مجداً / كالذي كان دونه القمران
إن للمجد في المساعي محَلاً / عالياً لا يحلّه المتواني
قل لمن رام صدعنا بشقاق / أنت كالوعل ناطح الصفوان
ويك إن الإسلام أوجد فينا / وحدة مثل وحدة الرحمن
فاعتصمنا منها بحبلٍ وثيقٍ / هو حبل الإخاء والأيمان
ليس معنى توحيدِنا اللهَ في الملّ / ة إلا اتحادَنا في الكيان
فلهذا نعم لهذا لهذا / نحن دَنّا بوحدة الديّان
وحدة لا يَفُلّها المتوالي / من صروف الدهور والأزمان
وحدة جاءنا من الله فيها / مرسل بالكتاب والفرقان
فهدانا بها إله قديم / واحد عنده القرون ثوان
ما نرى سلطة علينا لخلقٍ / غير سلطان خالق الأكوان
أرى الشعر أحياناً بجيش بخاطري
أرى الشعر أحياناً بجيش بخاطري / ويبذل ما قد عزّ لي من مصونه
ويسكن أحياناً فاشجى وإنما / تحرّك شجوي ناشيٌ من سكونه
وقد أتوخّى الهزل منه مجارياً / لدهر أراه مُوغلاً في مجونه
ولكنّ نفسي وهي نفس حزينة / تميل إلى المشجي لها من حزينه
وقد علم الراوون شعري بأنهم / إذا أنشدوه أطربوا بلحونه
وإِنّي إذا استنبطته من قريحتي / شفيت صدى الراوي ببرد معينه
وإني على علم طويت سهوله / ولم أتحيّر خابطاً حزونه
وإني لمحّاص له بسليقة / أبت غثّه واستوثقت من سمينه
وهل يخطر الشعر الركيك بخاطري / إذا كان في طوعي اختشاب متينه
ألا لا اهتدت للشعر يوماً هواجسي / إذا هي لم تنزع إلى مسبيه
ولا غصت في بحر القريض مخاطراً / إذا لم أفز من درّه بثمينه
على أن لي طبعاً لبيقاً بوشيه / نزوعاً إلى أبكاره دون عونه
إذا انتظمت أبياته في قصائدي / ترى كل بيت ممسكاً بقرينه
وما كن دوح الشعر يوماً لتجتنى / بغير اليد الطولى ثمار غصونه
ولم يستقد إِلاّ لذي المعيّة / يكون كرأي العين رجم ظنونه
وإنّيَ قد مارسته بفطانة / يلوح سناها غرّةً في جبينه
لعمري أن الشعر صمصام حكمة / وأن النهي معدودة من قيونه
إذا جنّني ليل الشكوك سللته / عليه ففّراه بفجر يقينه
وما الشعر إلا مؤنسي عند وحشتي / ومسلي فؤادي عند وري شجونه
تقوم مقام الدمع لي نفثائه / إذا الدهر أبكاني بريب منونه
وأجعله للكون مرآة عبرةٍ / فيظهر لي فيها خيال شؤونه
فأبصر أسرار الزمان التي انطوت / بما دار في الأحقاب من منجنونه
وللشعر عين لو نظرت بنورها / إلى الغيب لاستشفيت ما في بطونه
وأذن لو اسصغيتها نحو كاتم / سمعت بها منه حديث قرونه
وليل إلى شعراه أرسلت فكرتي / رسولاً بشعري حاملاً لرقينه
سل الليل عنَي سره وسماكه / ونجم سهاه والجديّ خدينه
فكم بتّ في نهرة المجرّة في الدجى / من الشعر اجري منشآت سفينه
هو الشعر لا أعتاض عنه بغيره / ولا عن قوافيه ولا عن فنونه
ولو سلبتنيه الحوادث في الدنى / لما عشت أو مارمت عيشاًبدونه
إذا كان من معنى الشعور اشتقاقه / فما بعده للمرء غير جنونه
أم كلثوم في فنون الأغاني
أم كلثوم في فنون الأغاني / أمةٌ وحدها بهذا الزمان
هي في الشرق وحدها ربّة الفّن / فما أن للفنّ ربّ ثان
ذاع من صوتها لها اليوم صيت / عمّ كلّ الأمصار والبلدان
ما تغنّت إلا وقد سحرتنا / بافتنان لها وأيّ افتنان
في الأغاني تمثّل الحبّ تمثي / لاً صريحاً بصوتها الفتّان
يتجلّى في لحنها مشهد الحبّ / أوان الوصال والهجران
فتريك المحبّ عند التنائي / وتريك المحبّ عند التداني
وتريك الحبيب عند افتراق / وتريك الحبيب عند اقتران
كل هذا في صوتها يتجلّى / من خلال الأنغام والألحام
صفحات من الغرام تراها / ظاهراتٍ في صوتها للعيان
تنشد الشعر في الغناء فتأتي / بلحون مطابقات المعاني
فإذا أنشدت عن الوصل أبدت / فيه لحن المسرور والجذلان
وإذا أنشدت عن الهجر جاءت / بلحون تدعو إلى الأحزان
كم سقتنا كأس السرور بلحنٍ / وبلحن كأساً من الأشجان
تفهم الروح منطق الحبّ مما / تتغنّى به بلا ترجمان
فكأنّ الأنغام في الصوت منها / ناطقات لنا بغير لسان
قد سمعنا غناءها فعرفنا / كيف فعل الغناء في الإنسان
حسن صوت يزينه حسن لحن / فيه للسامعين حسن بيان
نبرات في صوتها مشجيات / تترك السامعين في هيجان
تسترق القلوب منا بصوت / نعبد الحسن منه بالآذان
كل لحن إذا سمعناه منها / دبّ فينا دبيب بنت الحان
في وقار الحليم تجعلنا طو / راً وطوراً في خفّة النشوان
نتفانى في الاستماع إليها / ونرى لذّة لنا في التفاني
وترانا نهتز حين تغنّي / فكأنها في حالة الطيران
وكأن الأرواح إذا تتعالى / طرباً جردت من الأبدان
هي في مرتقى الأغاريد تعلو / حين تشدو ونحن في خطران
يشعر المرء حين يصغي إليها / بغرام من صوتها روحاني
بنت فنّ غنّت لنا فسقتنا / من فنون الغناء بنت دنان
هكذا فلتكن يد الفن عليا / هكذا فليكن علا الفنّان
هل سمعتم منيرة مذ أفاضت
هل سمعتم منيرة مذ أفاضت / من بديع الغناء في كلّ فنّ
مذ أقرّت برقصها كل عين / واسترقّت بصوتها كل أذن
رقصها يرقص القلوب على أنّ / غناها عن المزامير يُغني
هي أن أقبلت بثنية عطف / أقبلت بالمهفهف المطمئنّ
وهي أن أدبرت بهزّة ردف / أدبرت بالمرجرج المرجحنّ
خلق اللّه صوتها العذب كيما / يعرف الناس كيف حسن التغنّي
وبراها ممشوقة القد كيما / يعرف الناس كيف حسن التثنّي
بنت فنّ غنّت لنا فسقتنا / من أفانين لحنها بنت دنّ
سحرتني مذ أقبلت تتثنّى / فكأني مذ أقبلت لست منّي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025