القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي الجارم الكل
المجموع : 9
يا ابنةَ السابقين من قَحْطانِ
يا ابنةَ السابقين من قَحْطانِ / وتُراثَ الأمجادِ من عَدْنانِ
أنتِ علّمْتنِي البيان فما لي / كلّما لُحْتِ حار فيكِ بياني
رُبَّ حُسْنٍ يعوق عن وَصْفِ حُسْنٍ / وَجَمالٍ يُنْسي جَمالَ المَعَاني
كنْتُ أشْدو بَيْنَ الطُّيورِ بِذِكْرا / كِ فتعلو أَلْحانَها ألحاني
وأصوغُ الشِّعرَ الذي يَفْرَعُ النَّجْمَ / وتُصْغِي لِجَرْسِه الشِّعْرَيانِ
يا ابنةَ الضادِ أنتِ سرُّ من الْحُسْنِ / تَجلَّى عَلَى بَنِي الإِنسانِ
كنتِ في الْقَفْرِ جَنَّةً ظلَّلَتْها / حالِياتٌ من الْغُصونِ دَواني
لغةُ الفنِّ أنتِ والسحْرِ والشِّعْرِ / ونُورُ الْحِجَا وَوَحْيُ الْجَنانِ
رُبَّ جَيْشٍ من الْحَديدِ تَوَلَّى / واجِفَ القلبِ مِن حَديدِ اللِّسانِ
وبيَانٍ بَنَى لِصاحِبهِ الْخُلْدَ مُطِلاً / مِنْ قِمَّةِ الأزْمانِ
وقصِيدٍ قد خَفَّ حتَّى عَجِبْنا / كَيفَ نالَتْهُ كِفَّةُ الأوْزانِ
بلغ العُرْبُ بالبلاغَةِ والإِسلامِ / أَوْجاً أعْيَا عَلَى كَيْوانِ
لَبِسوا شَمْسَ دَوْلةِ الفُرْسِ تاجاً / ومَضَوْا ف مَغافِرِ الرومان
وجَرَوْا يَنْشرون في الأرْضِ هَدْياً / مِنْ سَنا العِلْمِ أو سَنا القُرآنِ
لا تَضِلُّ الشُعُوبُ مِصْباحُها العِلْمُ / يُؤاخِيهِ راسِخُ الإيمانِ
فإِذا أُطْفِىء السِّراجُ فَمَيْنٌ / وضَلالٌ ما تُبْصِرُ العَينانِ
أَينَ آلُ العبّاسِ رَيْحانَةُ الدهْرِ / وأينَ الكِرامُ مِنْ مَرْوانِ
خَفَتَ الصَوْتُ لا البِلادُ بِلادٌ / يَوْمَ بانوا ولا المغَانِي مَغَانِي
أزهرتْ في حِماهمُ الضادُ حِيناً / وذَوَتْ بَعْدَهُمْ لِغَيْرِ أَوانِ
إِنْ أصاخَتْ فالقَوْلُ غيرُ فَصِيحٍ / أَوْرَنَتْ فالوُجوهُ غيرُ حِسانِ
فمضتْ نحوَ مِصرَ مَثْلَ قَطاةٍ / فَزَّعَتْها كَوَاسِرُ العِقْبانِ
يكدُرُ العَيْشُ مرةً ثم يَصْفو / كَمْ لِهَذِي الْحَياةِ مِنْ أَلْوانِ
ثم هَبَّت زَعازِعٌ تَرَكَتْها / بَيْنَ مُرِّ الأسَى وذُلِّ الهَوانِ
وإِذا نَهْضَةٌ تَدِبُّ بِمِصْرٍ / كَدَبيِبِ الْحَياةِ في الأبْدانِ
وإِذا اليَوْمُ باسمٌ والليالي / مُشِرِقَاتٌ والدَهْرُ مَلْقى العِنانِ
وإذا الضَادُ تَسْتَعِيدُ جَمالاً / كادَ يَقْضِي عَلَيْه رَيْبُ الزَمانِ
نزلتْ في حِمَى فُؤادٍ فأضْحَتْ / مِنْ أَياديه في أعزِّ مَكانِ
مَلِكٌ شادَ لِلْكنانةِ مَجْداً / فَسَمَتْ باسْمِهِ عَلَى البُلدانِ
كُلَّ يَوْمٍ يَمُدُّ لِلْعِلْمِ كفاً / خُلِقَتْ للْوفاءِ والإِحْسانِ
إنّ دارَ العُلُومِ بِنْيَةَ إِسما / عِيلَ تُزْهَى بِه عَلَى كلِّ بانِ
مَنْ يُسامِي أبا المواهِبِ وَالأشْبالِ / في فَيْضِ جُودِهِ أو يُداني
هي في مِصْرَ كَعْبَةٌ بَعَثَ الشَرْ / قُ إليْها طوائِفَ الرُّكْبانِ
قد أَعادتْ عَهْدَ الأعارِيبِ في مِصْرَ / إلى ناعمٍ من العَيْشِ هاني
وأظلَّتْ بِنْتَ الفَدافِدِ والبِيدِ / بأَفْياءِ دَوْحِها الفَيْنانِ
دَرَجَتْ بَيْنَ فِتْيَةٍ وشُيوخٍِ / كلُّهُمْ يَنْتَمِي إلَى سَحْبانِ
وأَطَلّتْ من الخِباءِ عَلَيْهِمْ / فَسَبتْهُمْ بِسِحْرِها الفَتّانِ
فُتِنوا بالعُذَيْبِ والسَّفْحِ والجِزْ / عِ ووادِي العَقيقِ والصمَّانِ
يتلقَّوْنَ وَحْيَها كُلَّ حِينٍ / ويناجُون طَيْفها كُلَّ آنِ
ويُغَنُّونَ باسمِها مثلَ ما غَنَّى / زُهَيْرٌ بِسِيرَةِ ابْنِ سِنانِ
نثرتْ دُرَّها الفَريدَ فكانوا / أسْرعَ الناسِ في الْتِقاطِ الجُمانِ
رُبَّ شَيْخٍ أفنَى سَوادَ الليالي / ساهِدَ العَيْنِ جاهِداً غَيْرَ واني
مِنْ بُحُوثٍ إلَى كتابةِ نَقْدٍ / ثُمَّ مِنْ مُعْجَمٍ إلَى دِيوانِ
يَقْنِصُ الآبِداتِ عَزَّتْ عَلىَ الصيَّدِ / فماسَتْ بَيْنَ الرُّبا والرِّعانِ
سارحاتٍ كأنّها قِطَعُ الوَشْيِ / يُطَرِّزْنَ سُنْدُسَ القِيعانِ
إِنْ تسمَّعْنَ نَبْأَةً غِبْنَ في الرِيحِ / كَسِرٍ يُصانُ بالكتِمانِ
فإِذا ما أَمِنَّ يَحْرجْن أَرْسا / لاً كَخْيلٍ نَشِطْن من أرْسانِ
كلُّ جُزْءٍ في جِسْمِهِنَّ له عَيْنٌ / على الشرِّ أو له أُذُنانِ
لم يَزَلْ صاحبي يُعالِجُ مِنْهُنَّ نِفارا / مُسْتَعْصِياًن ويُعانِي
في فَلاةٍ لا تَحْمِلُ الرِيحُ فيها / غَيْرَ رَنَّاتِ قَوْسِهِ المِرْنانِ
كلّما طارَ خَلفَهُنَّ تَسَرَّبْنَ / هَباءً في غَيْهَبِ النسْيانِ
فتراهُ حِيناً كما وَثبَ اللَّيْثُ / وحِيناً يَنْسابُ كالأُفْعُوانِ
وهي تلهو به فآناً تُجافِيهِ / وآناً تُمْلِي له فَتُداني
مرةً في مدَى يَدَيْهِ وأُخْرَى / ما له باقْتِناصِهِنَّ يَدانِ
لم يَقِفْ نادِماً يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ / فَعالَ الْمُجَوَّفِ الْحَيْرانِ
ثم كانتْ عَواقِبُ الصَبْرِ أَنْ ذَلَّتْ / له الشَارِداتُ بَعْدَ الحِرانِ
مَلَّكَتْهُ أعْناقَها في خُضوعٍ / وَحَبَتْه قِيادَها في لَيانِ
رُبَّ شِعْرٍ لَه يُرَدِّدُه الدهْرُ / فتُصْغِي مَسامِعُ الأكوانِ
يَتَمنََّى الربيعُ لو تَخِذَتْ مِنْهُ / حُلاها ذَوائِبُ الأغْصانِ
من بَناتِ الخيالِ لو كان يُسْقَى / لَعَدَدْناه من بَناتِ الدِّنانِ
ردّدَتْه القِيانُ يُكْسِبْنَهُ حُسْناً / فأرْبَى عَلَى جَمالِ القِيانِ
قد أثارَ الغُبارَ في وَجْهِ مَيْمُو / نٍ وَعَفَّى عَلَى فَتَى ذُبْيانِ
شيِخَةَ الدارِ أنْتُمُ خَدَمُ الفُصْحَى / وحُرَّاسُ ذلكَ البُنْيانِ
لَبِسَتْ جِدَّةَ الصِّبا في ذراكُمُ / وغَدَتْ من حُلاه في رَيْعانِ
غَيْرَ أنَّ الحياةَ تَعْدُو ولا يُدْ / رِكُ فيها طِلاَبَهُ الْمُتوانِي
سابِقوها بالدِينِ والْخُلُقِ السَّمْحِ / وصِدْقِ الوَفاءِ للإِخْوانِ
سابقوها بالْجِدِّ فالْجِدُّ والمَجْدُ / كما شاءتْ العُلا تَوْأمانِ
ذلِّلُوا للشَبابِ مُسْتَعْصِيَ الفُصْحَى / فإِنَّ الرَجَاءَ في الشبّانِ
وانثُرُوها قلائداً وعُقُوداً / تتَحدى قَلائدَ العِقْيانِ
بَسَم الدهرُ أَنْ رآكم بِناءً / عَبْقَرِيّاً مُوَطَّدَ الأركانِ
كم رَجا الدهْرُ أَنْ يُشاهدَ يَوْماً / جَمْعكم سالماً من الشَنَآنِ
إِنّما الكَفُّ بالبَنانِ ولا تُجْدِي / فَتِيلاً كَف بغير بَنانِ
جَمعتْكُمْ أَواصِرٌ وصِلاتٌ / طَهُرتْ من دخَائلِ الأضْغانِ
فاسلُكوا المَهْيعَ القَويمَ وسِيروا / في شُعاعِ الْمُنى وظِلِّ الأَماني
واشكُروا للوزير بِيضَ أيادِيهِ / ومِدْرارَ فَيْضِهِ الهَتّانِ
يَبذُلُ الْخيْرَ فِطْرَةً ليس يَثْنيه / عن الْخَيْر والصَنيعَةِ ثاني
هو ذخْرُ الطُلاّبِ كم وجدوا / فيهِ أَماناً من طَارِقِ الْحَدثانِ
يبْعَثُ الغَيْثَ والرجاءَ لقاصٍ / ويَمُدُّ اليَمينَ بِرّاً لِداني
كم له مِنَّةٌ عَلَى الضَادِ هَزَّتْ / كُلَّ لَفْظٍ فيها إلَى الشكْرانِ
سَعِدَ العِلْمَ واسْتَعَزَّ بِحلْمِي / وغَدَا دَوْحُهُ قريبَ المَجاني
سار مُسترشداً بِهدْيِ مَلِيكٍ / ما لَهُ في أصَالةِ الرَأي ثاني
مَلِكٌ تَسْعَدُ البِلادُ بِنُعْما / هُ ويُزْهَى بنورِه القَمَرانِ
عاشَ للدِينِ والمَكارِمِ / والنُّبْلِ وَبَثِّ الْحَياةِ والعِرْفانِ
ولْيَعِشْ للبِلادِ فاروقُ مِصْرٍ / قُدْوَةَ الناهِضِينَ رَمْزَ الأمَاني
قد قرأنا الحياةَ سَطْراً فسطراً
قد قرأنا الحياةَ سَطْراً فسطراً / وشهِدنْا صروفَها ألوانَا
ورأينا المِقْدامَ يسمو إلى الع / زِّ ولا يرتضي النجومَ مكانا
ولمحنا بجانبيه أُناساً / قُتِلوا ذِلَةً وماتوا هوانا
إنَّما المَنْصِبُ الكريمُ بمن في / ه وليس القنَاةُ إلاَ سِنانا
قد حبَسْنا المديحَ عن كلِّ مُسْتا / مٍ وأجْدِرْ بشعرنا أنْ يُصانا
لا تَزينُ العقودُ جِيداً إذا لم / يَكُ بالحسن قبلَها مُزدانا
رُبَّ دُرٍ لاقَى من الصدرِ دُرَاً / وجُمانٍ في النَحْرِ لاقى جُمَانَا
لو مدحنا من لا يَحِقُّ له المد / حُ لوَى الشعرُ رأَسه فهجانا
الرسولُ الكريمُ أنطق حَسَا / ناً ولولاه لم يكنْ حَسَانا
وابنُ حَمْدانَ لقَّنَ المتنبِّي / غُرَرَ المدحِ في بني حَمْدَانا
يصدُق الشعرُ حينما يصدُق النا / سُ فيشدو بمدحِهم نَشْوانا
وإذا عزَتِ المكارمُ ولَى / مُطرِقَ الرأسِ واجماً خَزْيانا
ومضَى يشتكي الزمانَ ويبكي / دارساتِ الطُلولِ والأْظعانا
فإذا شئتَ أن أكونَ زُهَيْراً / فأَعِنِّي وهاتِ لي ابنَ سِنانا
هَلْ نَعَيْتُم لِلْبُحْتُرِيِّ بَيَانَهْ
هَلْ نَعَيْتُم لِلْبُحْتُرِيِّ بَيَانَهْ / أوْ بَكَيْتُم لِمَعْبَدٍ أَلْحَانَهْ
أوْ رَأَيتُم رَوْضَ الْقَريضِ هَشِيماً / بعْدَ مَا قَصَّف الرَّدَى ريحانَه
فُزِّعَتْ طَيْرُه فَحَوَّمْنَ يَبكِينَ / ذُبُولَ الْخَمِيلَةِ الْفيْنَانَهَ
كُنَّ في ظِلِّهَا يُغَنِّينَ لِلشَّرْ / قِ وَيُنْهِضْنَ لِلْعُلاَ شُبَّانَه
كُنَّ في ظلِّها يُحَيِّينَ مَجْداً / صَاعِداً ضَلَّتِ النُّجُومُ مَكَانَه
كُنَّ في ظِلِّها يُنَاغِينَ آما / لاً ويَبْعَثْنَ هِمَّةً وَهْنَانَهْ
أَيُّهَا الطَّيْرُ ضَنَّ مَاءُ الْقَوافِي / فَبذَلْنَا دُمُوعَنَا الهَتَّانَهْ
مَاتَ يَا طَيْرُ صَادحٌ تَسْجُدُ الطَّيْرُ / إِذَا رَجَّعَ الصَّدَى تَحْنَانَهْ
نَبَرَاتٌ تَخَالُهَا صَوْتَ دَاوُ / دَ بِلَفْظٍ تَخَالُهُ تِبْيَانَهْ
عَلَّمَتْ الابْتِسَامَ زنْبَقَةَ الْوَا / دِي وَأوْحَتْ لِغُصْنِهِ مَيَلانَهْ
مَاتَ شَوْقي وَكانَ أنفَذَ سَهْمٍ / صَائِبِ الرَّمْيِ مِنْ سِهَامِ الكِنَانَهْ
اِبْكِ لِلشَّمْسِ في السَّماءِ أَخَاهَا / وَابْكِ لِلدَّهْرِ قَلْبَهُ وَلِسَانَهْ
وَابْكِهِ لِلنُّجُوم كَم سَامَرتْهُ / مَالِئاتٍ بِوَحْيها آذَانَهْ
وَابْكِ لِلرَّوْضِ وَاصِفاً يَخْجَلُ الرَّوْ / ضُ إذَا هَزَّ بِالْيَرَاعِ بَنَانَهْ
وَابْكِهِ لِلْخَيالِ صَفْواً نَقِيّاً / إنَّهُ كانَ في الْوَرَى تَرْجُمَانَه
مَلأَ الشَّرْقَ مَوْتُ مَنْ مَلأَ الشَّرْ / قَ حَيَاةً وَقُوَّةً وَزَكانَهْ
كَمْ يَتِيمٍِ مِنَ الْمعَانِي غَرِيبٍ / مَسَحَتْ كَفُّهُ عَلَيْهِ فَصَانَه
وَشَمُوسٍ رَنَا إلَيْهِ فَأَلْقَى / رَأْسَهُ خَاضِعاً وَأعْطَى عنَانَهْ
ونَفُورٍ أزْرَى بصَيَّادِهِ الطبِ / وأَعْيَا قِسِيَّهُ وَسِنَانَهْ
نَظْرَةٌ تَلْتَقي بِهِ يَنْهَبُ الْوَا / دِي وأُخْرَى تَراهُ يطْوِي رِعَانَهْ
تَسْبِقُ السَّهْمَ عينُهُ فَتَرَاهُ / يَتَلَوَّى تَلوِّيَ الخَيْزُرانَه
ثمَّ يَخْفَى فَلاَ تَرَاهُ عُيُونٌ / ثُمَّ يَبْدُو فَلاَ تَشُكَّ عِيَانَه
أَجْهَدَ الْفَارِسَ المُلِحَّ وَأفْنَى / نَبْلَهُ حَوْلَهُ وَأضْنَى حِصَانَه
وَهْوَ يَعْدُو لاَ الرَّأْسُ مَالَ مِنَ الأَيْنِ / وَلا قَلْبُهُ شَكَا خَفَقَانَهْ
مَدَّ شَوْقي إِلَيْهِ نَظْرَةَ سِحْرٍ / عَوَّقَتْ دُونَ شَوْطِهِ جَريَانَه
فَأَتَى مِشْيَةَ المُقَيَّدِ يَسْعَى / بَيْنَ هَوْلٍ وَذِلَّةٍ وَاسْتِكَانَه
غَزَلٌ كالشَّبَابِ ينْضَحُ آما / لاً ويهْتزُّ في حلىً فَتَّانَهْ
تَسْمعُ الْحُبَّ في نَواحِيهِ هَمْساً / يتَناجَى ويَشْتَكي أشْجَانَه
وتُحِسُّ الْهَوَى يرِفُّ حناناً / شَرَكُ الحُبِّ أنْ تُحِسَّ حَنَانَه
وإِذَا جَالَ وَاصِفاً رَاعَك الْحُسنُ / وَأكْبَرْتَ فنَّهُ وافْتِنَانَه
صُوَرٌ زَيْتُها بَيَانٌ سَرِيُّ / مَزَجَ اللّهُ وَحْدَهُ أَلْوَانَه
لَوْ رُفَائِيلُ راءها غَالَهُ الْبَهْرُ / وَأَلْقَى ألْوَاحَهُ وَدِهَانَه
عالِمٌ بِالنُّفُوسِ ما غَاصَ مِيلٌ / في خَفَايَا النُّفُوسِ حتَّى أبَانَه
أَوْدَعَ الدَّهْرُ مِسْمَعَيْهِ عَنِ الكَوْ / نِ حَدِيثاً فلَمْ يُطِقْ كِتْمَانَهْ
ذَأكَ سِرُّ الإِلَه يختَصُّ مَنْ شَا / ءَ بآثارِ فَضْلِهِ سُبْحَانَه
وَرِثَاءٌ لوْ كَان يَسْمَعُهُ المَيْتُ / لأَحْيَا بِسِحْرِهِ جُثْمَانَه
عَرَفَ المَوْتَ والْحَياةَ جَميعاً / ورَأى بَعْدَ حَيْرَةٍ بُرْهانَه
والرّوَايَاتُ أدْهَشَتْ كلَّ لُبٍ / ثُمَّ أَرْبَتْ فَأَدْهَشَتْ شَيْطَانَه
يُغْمِضُ الْعَيْنَ في اضْطِرَابٍ إذَأ حَسَّ / طُروقَ الإلْهَام أَوْ غِشْيَانَه
ثُمَّ يُمْلي كَأَنهُ مِنْ كِتابٍ / قَارِىءٌ في سُهولَةٍ ومَرَانَهْ
جَوْهَرِيٌّ وَدَّ الكَواعِبُ لَوْ يَشْرِينَ / يوماً بِحُسْنِهنَّ جُمَانَه
زَانَ مِصْراً بلؤلىءٍ يَبْهَرُ الْعَيْنَ / وَأوْلَى تَارِيخَهَا عِقْبَانَهْ
كَانَ صَبّاً بِمِصْرَ كَمْ هَامَ شَوْقاً / بِرُبَاهَا وَبَثَّهَا أَحْزانَهْ
دَفَنَ اللَّهْوَ وَالصِّبا في ثَرَاهَا / وَطَوَى مِنْ شَبابِه عُنْفُوَانَه
هِيَ بُسْتَانهُ فَغَرَّدَ فِيهِ / وحَبَا كُلَّ قَلْبِهِ بُسْتانَه
يحْرُسُ الْفَنَّ في ظِلالِ نَوَاحِيهِ / وَيَرْمِي عَنْ دَوْحِهِ غِرْبَانَه
يَعْشَقُ النِّيلَ والْخَمَائِلُ تَهْتَزُّ / بِشَطَّيْه خُضْرَةً وَلَدَانَهْ
يَعْشَقُ النِّيلَ وَالْجزِيرةُ تُغْرِيهِ / وَقَدْ لَفَّ حَوْلَهَا أرْدانَهْ
يَعْشَقُ الْجسْرَ والسَّفَائِنُ تَهْفُو / حَوْلَهُ كَالْحَمائِم الظَّمْآنهْ
وَيُحِبُّ السَّوَادَ مِنْ عَيْنِ شَمْسٍ / مَالِئاً مِنْ رُوَائِهِ أَجْفَانَه
كُلُّ شَيءٍ بِمِصْرَ يَبْهَرُ عَيْنَيْهِ / جَمَالاً ويَسْتَثِيرُ جَنَانَه
كُلَّمَا هَزَّهُ إِلَى الشِّعْرِ شَوْقٌ / جَذَبَ الْحُبُّ نَحْوَهَا وِجْدَانَه
فَشَدَا بِاسْمِهَا كَمَا تَصْدحُ الطَّيْرُ / وَقَدْ شمَّرَ الدُّجَى طَيْلَسَانَه
وَجَلا مَجْدَهَا الْقَدِيمَ جَدِيداً / بَعْدَ مَا هَدَّمَ الْبِلَى أَرْكَانَهْ
في خُشُوعٍ يُشِيدُ باسمْ فُؤَادٍ / مِثْلَمَا رَدَّدَ المُصَلِّي أَذَانَهْ
مَلِكٌ مَدَّ لِلْفُنُونِ يَمِيناً / عَلَّمَتْ كُلَّ مُحْسِنٍ إِحْسَانَهْ
نَظْرَةٌ مِنْهُ زَادَت الشِّعْرَ زَهْواً / وَأعَادَتْ لِعَهْدِهِ رَيْعَانَه
نَحْنُ في ظِلِّ تَاجِهِ في زَمَانٍ / وَدَّ هَارُونُ أَنْ يَكُونَ زَمَانَه
أَوَّلُ السَّابِقينَ شَوْقِي إذَا جَا / لَ ذَوُو السَّبْقِ يَبْتغونَ رِهَانَه
شِعْرهُ حِكْمَةٌ وَصِدْقُ خَيَالٍ / وَجَمَالٌ وَرَوْعَةٌ وَرَصَانَه
وَمَعَانٍ شَوْقِيَّةٌ في سِيَاقٍ / بُحْتُرِيٍ وَرِقَّةٌ في مَتَانَهْ
يَا مُجِيرَ الْفُصْحَى وَقَدْ عَقّهَا / الدَّهْرُ وأَغْرَى بِقَوْمِها حِدْثَانَه
نَزَلَتْ في ذَرَاكَ رَوْضاً مَرِيعاً / هَدَلَ النَّوْرُ والْجَنَى أَغْصَانَه
واستَعادَتْ حُسْن الشَّبَابِ وَكَانَتْ / رَمَقاً بَيْنَ كَبْرَةٍ وَزَمَانَهْ
وَحَمَتْهَا يَدَاكَ مِنْ شَرِّ باغٍ / في زَمَانٍ طَغَتْ عَلَيْهِ الرَّطَانَه
ذَكَّرَتْهَا رَنَّاتُ صَوْتِكَ قَوْماً / سَلَفُوا مِنْ هَوَازِنٍ وَكِنَانَهْ
رَفَعَتْ مِصْرُ رَايَةَ الشِّعْرِ في الشَّرْ / قِ وَأوْلَتْ أَمِيرَهُ صَوْلَجَانَهْ
وَمَشَى الدَّهْرُ في الْوُفُودِ إِلَى / الْبَيْعَةِ يَحْتَثُّ نَحْوَهُ رُكْبَانَه
وَرَأَيْنَا بِكُلِّ أُفْقٍ رَنِيناً / رَدَّدَتْه الْقَصَائِدُ الرَّنَّانَه
هَكَذَا كُلُّ مَنْ يُرِيدُ خُلُوداً / يَجْعَلُ الْكَوْنَ كلَّهُ مَيْدَانَهْ
هَكَذَا فَلْيَسِرْ إِلَى الْمَجْدِ مَنْ شَا / ءَ وَيَرْفَعْ بِذِكْرِهِ أَوْطَانَه
خُلُقٌ كَالنَّدَى وَقَدْ نَقَّطَ الزَّهْرَ / فحَلَّى وَشْيَ الرِّياضِ وَزَانَه
وَصِباً يَمْلأُ الزَّمَانَ ابْتِسَاماً / وَحِجاً يَمْلأُ الزَّمَانَ رَزَانَه
وَسَمَاحٌ يَلْقَى الصَّرِيخَ بِوَجْهٍ / تَحْسُدُ الشَّمْسُ في الضُّحَا لَمَعَانَه
شَمَمٌ في تَوَاضُعٍ وَحَياءٌ / في وَقَار وفِطْنَةٌ في لَقَانَه
وَحَدِيثٌ حُلْوٌ لَهُ رَوْعَةُ الشِّعْرِ / فَلَوْ كَانَ ذَا قَوَافٍ لَكَانَهْ
وَيَقِينٌ باللّه ما مَسَّهُ الضَّعْفُ / وَلاَ طَائِفٌ مِنَ الشَّكِّ شَانَه
هُوَ في الشَّمْسِ والْكَوَاكِب نُورٌ / وَهْوَ في الأَرْض وَالْجِبَالِ رَكَانَه
مَلَكَ الدِّينُ قَلْبَهُ وَهَوَاهُ / وَجَلاَ الشِّعْرُ سَاطِعاً إِيمَانَه
يَمْدَحُ الْمُصْطَفَى فَتَلْمَحُ حُبّاً / عَاصِفاً آخِذاً عَلَيْهِ كِيَانَه
وَتَرَاهُ يَذُودُ عَنْ آلِهِ الْغُرِّ / وَفَاءً لِحُبِّهِمْ وَصِيانَهْ
حَسْبُهُ أَنْ يَجِيءَ في مَوْقِفِ الْحَشْرِ / فَيَلْقَاهُ مَالِئاً مِيزَانَه
طَوَّفَتْ حَوْلَهُ الْمَلاَئِكةُ الطُّهْرُ / وَمَسَّتْ بِطِيبِها أَكْفَانَهْ
إنَّ مَعْنَى الْحَيَاةِ فِيهِ مِنَ الْمَوْ / تِ مَعَأنٍ لَوْ يَفْهَمُ الْمَرءُ شانهْ
يُهْدَمُ الْمَرْءُ كُلَّ يومٍ وَيُبْنَى / ثم يَهْوِي فَلاَ تَرَى بُنْيَانَه
نَحْنُ حَبٌّ في قَبْضَةِ الدَّهْرِ يُلقيهِ / وَيَجْنِيه مُدْرِكاً إِبَّانَه
نَحْنُ في دَوْحَةِ الأَمَاني زَهْرٌ / يَهْصِرُ الْمَوتُ لِلْبِلَى أَفْنَانَه
إِن هَذِي الْحَيَاةَ بَحْرٌ وَكُلٌّ / بالِغٌ بَعْدَ سَبْحِهِ شُطْآنه
قَدْ قَضَى اللّهُ أَنْ نَكُونَ فَكُنَّا / وَقَضَينَا وَمَا قَضَيْنَا لُبَانَه
أَيُّهَا الرَّاحِلُ الْكَرِيمُ لَقَدْ كُنْتَ / سَوَادَ الْعُيُونِ أَوْ إِنْسَانَه
نَمْ قَرِيراً في جَنَّةِ الْخُلْدِ وَانْعَمْ / بِرِضَا اللّه وَاغْتَنِمْ غُفْرَانَهْ
وَالْتَمِسْ نَفْحَةَ الرَّسُولِ وَطَارِحْ / في أَفَانِينِ مَدْحِهِ حَسَّانَه
كَيْفَ يُوفي الشِّعْرُ الَّذِي مَلَك / الشِّعْرَ وألْقَى لِغَيْرِهِ أَوْزَانَه
وَرِثَاءُ الْبَيَانِ جُهْدُ مُقِلٍ / لِلَّذِي خَلَّدَ الزَّمَانُ بَيَانَه
ضلّ شعري وندّ عني بياني
ضلّ شعري وندّ عني بياني / ما على الشاعرين لو أرشداني
ضاع في ظلمةِ المشيبِ أنيناً / وبكى في الصبا بياضَ الأماني
مِزْهَرٌ أنَّ في قِفارِ فلاةِ / وابنُ غصنٍ شدا بلا أغصان
بين قومٍ ما رَنَّ في سمعِهم أح / لَى نشيداً من أصفرٍ رنّان
صدَفتهم عن خالدِ الفنِّ أضغا / ثٌ وزَهْوٌ من كاذبِ العيش فاني
هاتِ سمعاً أُسْمِعْكَ رائعَ أَنغا / مي وإلاَّ فاذهبْ ودعني وشاني
أنا في أمةٍ بها جدولُ الضر / بِ طغَى سيلُه على الأذهَانِ
إن رأَوْا صفحةً بها بيتُ شعرٍ / تركوه يبكي على كلِّ باني
صِحْتُ فيهم فعاد صوتي مع الري / حِ وعادت حزينةً ألحاني
في كسادِ القريضِ أخفيتُ دُرِّي / وخَزنتُ الغريبَ من مَرْجاني
وتمنّيتُ كلَّ شيءٍ على الل / هِ سوى أن أعيشَ من أوزاني
كلُّ شِبْرٍ بمصر خِصْبٌ على الهرَّا / جِ جدبُ الثرى على الفنّان
سكت العندليبُ في وحشةِ الدَّوْ / حِ وغنَّتْ نواعقُ الغِرْبان
فسمعنا من النشوز أفاني / نَ يروِّعْنَ صادحَ الأفنان
أسمَعونا برغمنا فصبرنا / ثم ثُرْنا غيْظاً على الآذَانِ
جلبوا للقريضِ ثوباً من الغَر / بِ ولم يجلِبوا سوى الأكفان
ثم قالوا مجدِّدون فأهلاً / بصناديدِ أخرياتِ الزمان
لا تثوروا على تُراثِ امرىء القيْ / سِ وصونوا ديباجةَ الذُبياني
واتركوا هذه المعاولَ باللّ / هِ فإني أخشى على البنيان
واحفظوا اللفظَ والأساليبَ والذو / قَ وهاتوا ما شئتُمُ من معاني
ما لسانُ القريضِ من عربيٍ / كلسانِ القريضِ من طُمْطُماني
إنّما الشعرُ قطعةٌ منكَ ليست / من دماءِ اللاتين واليونان
كلُّ فنٍّ له مكانٌ وأهلٌ / إن غَدا العلمُ ما له من مَكانِ
إن رأيتم أُخُوّةَ العودِ للجز / بنِد فابكوا سُلالةَ العيدان
لا يهُزُّ النخيلَ إلاّ حَنانُ الن / ايِ في صمتِ ليلةٍ من حنان
وِجْهَةُ الشرقِ غيرُها وجهةُ الغ / ربِ فأَنَّى وكيف يلتقيان
أين عهدُ الشباب واللّهوِ يا شع / رُ وأين الهَوى وأين المغاني
ذبُل الوردُ وانقضى مَوْسِمُ الريح / انِ واحسرتا على الريحان
وانطوَى مجلسُ الصحابِ بمن في / ه وما فيه من أمانٍ لِدان
كان أشهى للنفسِ من حَسْوَة الكأ / سِ وأحلَى من صادحاتِ الأغاني
لم تَدُرْ كأسُه على واغلٍ فَدْ / مٍ ولا واكلٍ عن المجدِ وانِي
يُنْثَرُ الشعرُ فيه كالزهرِ ريّا / نَ بلحنٍ من الصبا ريّان
كان فيه شوقي وكان أبو الحف / ظِ وحفنى وجملةُ الإخوان
وإمامُ العبدِ الذي كان رمزاً / لتآخي المصريِّ والسوداني
كان شوقي يُصْغِي وما كان يُصْغِي / هو في عالَمٍ من الفنِّ ثاني
كلّما مدّ رأسَه يرقُبُ الوح / يَ رأيتَ العينينِ تختلجان
ثم يُغْضي مُهمهِماً مثلما جرّ / بتَ بالْجَسِّ شادياتِ المثاني
ينظِمُ الشعرَ وهو يلقى الأحادي / ثَ فيأتي بآبداتِ البيان
رُوحُه في السماءِ وهو على الأر / ضِ كلا العَالمَيْنِ مختلفانِ
هو شوقي جسماً يُرَى ويُناجي / وهو في الشعرِ طائفٌ نوراني
شركسيٌّ أعيا على العُرْبِ مَأْتا / هُ فَحسّانُ ليس بالْحسّان
وله في المديح ما لم يُداني / ه ابنُ عَبْدانَ في بني حَمْدان
حكمةٌ مَشْرِقيّةٌ في خيالٍ / فارسيّ في منطقٍ عدناني
ينثُرُ الدرَّ عبقريّاً عجيباً / ليس من مَسْقَطِ ولا من عُمان
أنا بالدرِّ أخبرُ الناسِ لكن / ذلك النوعُ ندّ عن إمكاني
فاسألا كلَّ جوهرِيّ فإن قا / ل لديهِ مِثْلٌ له فاسألاني
يا خليلي لا تَهيجا لي الذك / رَى فقد نالني الذي قد كفَاني
ناولاني باللّه ديوانَ شوقي / لأراه كعهده ويراني
ثم سيرا على الأصابع في صمْ / تٍ وفي حضرةِ الأميرِ دعاني
مَرّةً أَلتقِي به أملدَ الع / ودِ نضيرَ الصبا طليق العِنان
بين راحٍ وروضةٍ وغدير / وحِسانٍ مضَى زمانُ الْحِسان
ووجوهُ الآمالِ أزهَى من الزهْ / رِ وغصنُ الشبابِ في رَيْعان
غَزَلٌ أذهل الغواني عن الحس / نِ ومن أين مثلُه للغواني
حين يشدو يُصغِي له الطيرُ حيرا / نَ مغيظاً مسائلاً مَن حكاني
ذاك صوتٌ به خُصِصْتُ من الل / هِ فمن أين جاء للإنسانِ
يصِفُ الجسر والجزيرةُ تهت / زُّ حَواليْهِ هِزَّةَ النشوان
في ثيابٍ من الطبيعة وشّا / ها كما شاء مُبدِعُ الألوان
ويَرى حبّه للدولةِ عثما / نَ شعاراً لصادقِ الإيمان
ذاك شعرُ الشبابِ والدارُ دارٌ / وأيادي العباسِ بيضٌ دواني
ثم ألقاه وهو في الأسرِ يشكو / فيُثير الكمينَ من أشجاني
ويناجِي شعره نائح الطَلْ / حِ فيُبكيه مثلَما أبكاني
زُحِمتْ مصرُ بالبُغاثِ من الطي / رِ وعِيقَ الشادي عن الطيران
أسروه ليحبسوا صوتَه العا / لي فنادَى بصوته الخافِقَانِ
احبسوا السيلَ إن قدرتم وسُدّوا / إن أردتم منافذَ البركان
ودعوا الشعرَ فهو طيرٌ من الفِرْ / دوسِ يأبَى مَسيسَه بالبنان
ثم طار الهَزَارُ للعُش غِرِّي / داً وعاد الغريبُ للأوطان
عاد زِريابُ بعد أن زاد أوتا / راً لأوتارِ عوده المِرْنان
فتغنّى بمصرُ في موكبِ الشر / قِ وعزِّ التاجيْنِ والصوْلجان
وشدا بالشموسِ من عبدِ شمسٍ / والغطاريفِ من بني مَرْوان
ألهب العزم في بني مصرَ ناراً / أيُّ خيرٍ في هذه النيران
ودعا بالشبابِ فابتدروا السبْ / قَ وآمَالُ مصرَ في الشبّانِ
والرواياتُ أعجزتْ كلّ شيطا / نٍ وأعيت في وصفِها شيطاني
حكمةُ الشَّيْبِ في مِراس التجاري / بِ وفكرٌ أمضى شَباً من سِنان
جَنتِ السِّنُّ ما جنت غير عقلٍ / زاد بالسِّنِّ صَوْلةً ولسان
كلما هدّتِ الليالي قُواه / بلغ الشعرُ قِمّة العُنفوان
شعرُ شوقي وديعةُ الزمنِ البا / قي وشوقي وديعةُ الرحمن
قد شُغِلْنا عن حافظٍ بأمير الشع / ر ويلي لو كان يدري لحاني
كان يجري على أعنّة شوقي / ويُعاني من رَكْضه ما يُعاني
لا الجوادانِ في النجار سواءٌ / حين تبلوهما ولا الفارسَانِ
يُلْهبُ الشعرَ حافظٌ أرعنَ السو / طِ وشوقي في آخرِ الميدان
ليت شعرَ القريضِ أيُّ سِباق / بين شعريْهما وأيُّ رِهان
حافظٌ زيَّن القريضَ بفنٍّ / بُحْتُرِيّ عذبٍ رشيق المباني
لفظُه في يديه يختار منه / صَحْفةُ الدرِّ في يَدَيْ دِهْقَان
ولكم قد أعاد بيتاً مراراً / باحثاً عن فريدةٍ من جُمان
يتقَرّى في الشعر مَيل الجم / اهيرِ ليحظَى بصيحةِ استحسان
جال في حَوْمةِ السياسة وثَّا / باً فأذكَى حماسةَ الفِتيان
ورمَى الاحتلالَ حرّاً جريئاً / وتحدَّى العميدَ ثَبْتَ الْجَنانِ
في زمانٍ قد ذلَّ كلُّ إباءٍ / فيه وانقاد كلُّ صعبِ الْحِران
وظّفوه فأسكتوه فألقَى / شعْرَهُ في مَهامِه النِّسيان
ويحَ هذا الكِرْوانِ هل راقه الحب / سُ وأغراه عسجدُ القضبان
هَشّموا نابَي ابن بُرْدٍ وحالوا / بين كاس الطلا وبين ابنِ هاني
كان شوقي وحافظٌ إن دجَى الخط / بُ شعاعيْنِ في الدُّجَى يلمعان
فهما في أواخرِ الليلِ فجرا / نِ وفي أُولَياتِه شَفَقان
أيها الشاعرانِ قد صَوّح الدوْ / حُ وولّت بشاشةُ البستان
وخلا الربْعُ لا قراعُ كئوسِ / ضاحكات ولا رنين قِيَانِ
وتولَّى القُطّانُ لم يبق إلاَّ / حسراتٌ لفُرقةِ القُطّان
ومضَى الرَّكْب بالرفاقِ وخلاَّ / نِي وحيداً أبكي على خُلاّني
أيها الشاعران في جنّةِ الْخُلْ / دِ هَناءً بالْخُلْدِ والرِّضوان
مهِّدا لي إلى جِواركما مَثْ / وىً إذا آن للرحيلِ أواني
حَنّ شِعري إلى اللّقاءِ وأنَّا
حَنّ شِعري إلى اللّقاءِ وأنَّا / أَينَ ألقاكَ ليتَ شعري وأنَّى
ضَربتْ بينَنا المنونُ بِسُورٍ / حَجبتهُ العقُول عَنْها وعَنَّا
تتلاقَى بِه الدموعُ حَيارَى / وتَغُوصُ الظنونُ فيه فَتضنى
كم حوَى مِن ورائه زَهراتٍ / وغُصُوناً رَيّا المَعاطفِ لُدنَا
كم حوى من ورائِه عبقري / اتٍ ورأياً عَضْبَ الشباةِ وذهْنَا
كم حَوى مِن صحائفٍ لم تُتمَّمْ / وأناشيدَ لم تَعِشْ لتُغَنَّى
وأمانٍ زُغبٍ تطير إلى القَب / ر خِمَاص الحشى فُرادى ومَثْنَى
حَجَبَ السورُ خلفَه لي رجاءً / خانَه الدهرُ في صِباهُ وأخْنَى
أسكتَتهُ قوارعُ الموتِ لحناً / ولوتْهُ زَعازعُ الموتِ غُصنَا
هُو في البدرِ حينما يطلعُ البد / رُ وفي الروضِ حينَما يتَثَنَّى
ما بُكاءُ الأطفالِ أجدى عليهِ / لاَ ولاَ الصبرُ والتجلُّدُ أغنَى
فيه أسْعدتُ كلَّ باكٍ بِدَمعي / وأعرتُ الثكلى الحزينَةَ جفْنَا
كلَّما مرّت النوادبُ صُبحاً / ضربَ القَلبُ بالجَناحِ وحنَّا
يا شباباً فقدتُ فيه شَبابي / أدْركِ الوالهَ الشجي المُغنَّى
قد وأدتُ الرجاءَ في هذه الدنيا / فلا أرتجِي ولا أتَمنّى
وخنقتُ السنينَ أو ما علاها / فرأيتُ الميلادَ مَوْتاً ودَفْنا
مَنْ يُعمر يجد أخلاّءَهُ في الأر / ضِ أوفَى مِمَّن عليها وأحنَى
يذهب الأمسُ بالرجال فيُنسَوْن / وتَمضِي القُرون قرنا فقرنا
رِيشَةٌ في مهامهِ البيد طارَت / أيْنَ طارت اللّهُ أعلمُ مِنّا
وخضَمُّ الماضِي يَعُجُّ بمن في / ه ويغْشى قوْماً ويغمرُ مُدنَا
وظُعونُ المنونِ منذُ سليل الطي / نِ تَطوي الصحراءَ ظعنا فظعنَا
سُفن تلتقِي على شاطىء الغي / بِ لتَلقي هُناكَ سُفناً وسفنَا
ما لنا غيرَ أن نقولَ حيارى / بلسان الدموع كانُوا وكُنَّا
لا تقل إنّ صالحَ الذكرِ يبقى / كل شيءٍ في الدهرِ يبقى ليفْنَى
ما غنائي بالذكر يبقى جميلاً / حين أمسى تحت الصفائح رَهْنَا
ما رجائي والسيف أضحى حُطاماً / أن أرى بعده نِجاداً وجَفنَا
قد فقدنا أنطونَ بالأمس والحز / ن على فقده يُجدِّدُ حُزنَا
أخذته فُجاءةُ الموتِ أخذاً / رِيعَ مِن هولهِ الصباحُ وجُنَّا
ما حنى الرأسَ مرةً لِعظيمٍ / فأبى أن يراهُ لِلسِّنّ يُحنَى
أنجمٌ أشرقت فأطفأها المو / تُ كما تُطفأ المصابيح وهْنَا
ما على الدهر لو تريّث حِيناً / أو على الدهرِ مَرّةً لو تأنَّى
كلّ يوم نرثي ونندبُ حتّى / صار ندب الرجال في مصر فنا
ورحا الموتِ لا تني تملأ الأر / ضَ ضجيجاً وتنثر الناس طحْنَا
نَسي الشعرُ في صراع الرزايا / رنّةَ الكاسِ والغزالَ الأغَنَّا
شغَلته مآتمٌ ونعوشٌ / عَنْ هَوى زَينبٍ وعَن وَعد لُبنى
كم سلَوْنا عَن صاحبٍ بحبيبٍ / فإذا بالحبيبِ يُخلفُ ظنَّا
نتداوى مِن لاعجِ الشوقِ بالش / وقِ ونطوي أسى لننشر شجنا
ماتَ أنطونُ وانقَضت دولةُ المج / دِ وكانت به تعزّ وتغنَى
وغدا عَبْقرٌ وواديه أضغا / ثاً وعادت رَجاجة العقْلِ أفنَا
ورأينا الأقلامَ يَشققن صدراً / بعده حَسرةً ويقرعْنَ سِنَّا
نندبُ الكاتبَ الذي يرسل القو / لَ قويَّ الأداءِ معنى ومَبنَى
لا ترى لفتةً به تجبهُ الذو / قَ ولا لَفظةً تخدش أذْنَا
موجِزٌ زاده الوُضوحُ جمالاً / والتخلِّي عن الفَضالاتِ وزْنَا
أين ذاكَ الخلق المسيحَ كأن لم / يكُ بالأمسِ يملأ الأرضَ حُسنَا
والبشاشات أينَ مِنِّي سناها / والأفاكيهُ مِنْ هُناك وهنا
والسياسات والدهاء الذي كا / نَ سِلاحاً حيناً وحيناً مِجَنّا
أينَ ذاكَ الصدر الذي يحملُ الع / بءَ عظيماًن وليس يحملُ ضِغْنَا
كم غزتْهُ الخُطوبُ دُهمَ النواصي / وهو أصفى من الصباح وأسنَى
يا أخي هَلْ يليقُ أن تدخلَ البا / بَ أمامي وأنت أصغرُ سنَّا
قِفْ تأخّر قد كنت تُعلي مكانِي / ما جَرى ما الذي نَبا بك عنَّا
كنتَ بالأمس كنت بالأمسِ رُوحاً / مَرحاً ضاحِكاً وصَوْتاً مُرِنّا
كنت مَعنىً من الشباب وإن / شاخَ وعزْماً لم يعرف الدهر وهنَا
تملأُ الأرضَ والزمانَ حياةً / هادىءَ النفسِ وادِعاً مطمئنا
تبذلُ الخيرَ لم يُكدَّر بمنٍّ / وكثيرُ مِنّا إذا مَنَّ مَنَّا
مجمعُ الضادِ كنتَ للضادِ فيه / عَلَماً يُحسِر العيونَ ورُكنَا
كنتَ مِصباحَنا المنيرَ إذا غمّ / ت سبيلٌ وطالَ ليلٌ وجَنَّا
كنتَ يومَ الجِدالِ بالحجةِ البيضا / ءِ تمحو سحائبَ الشكِّ وكنّا
عِفّةٌ في اللّسانِ صَيّرت الأي / امَ تشدو بمدحِك اليومَ لُسْنَا
تبلغُ الغايةَ القصيّةَ ما أدْ / مَيتَ جُرحاً ولا تعمدتَ طَعنَا
كلُّ قِرْنٍ لدى النضال يرى في / كَ لمعنى الوفاءِ للحق قِرنَا
حَسْرتَا للفتى إذا قارَب الشوْ / طَ طوتْهُ المنونُ غَدْراً وغبْنَا
كلّما مدّ للكمالِ يديهِ / صَدّ عنهُ الكمالُ كِبراً وضَنَّا
إنْ قوِينا عَقْلاً ضعُفنا جُسوماً / ورأينا في الموتِ بُرءاً وأمْنَا
وشئونُ الحياةِ شتّى ولكنْ / حُبُّنا للحياةِ أعظمُ شأنَا
لو يعيشُ الإنسانُ عُمْرَ السُلحفا / ةِ لأغنَى هذا الوجودَ وأقنَى
ما الذي نرتجيه والعُمْرُ طَيفٌ / إنْ فتحنَا العينين بانَ وبنّا
نحنُ في هذه الحياة ثِمارٌ / كُلُّ شيءٍ إن أدْرَكَ النضْجَ يُجْنَى
يا أخي هل تُجيبُ إن هتف الش / وقُ حبيباً صدْقَ الوفَاءِ وخِدْنَا
إن أكنْ فيكَ داني القلبِ بالأم / سِ فروحي لروحِك اليوم أدْنَى
أتراني إنْ حان حَيْني قَميناً / أن أرى في ذَراك ظِلاً وسَكْنَا
نَمْ قريراً فإنَّ في ضجعةِ القب / رِ سَلاماً للعاملين ويُمْنَا
وجَدَ الساهرُ المجدُّ وِساداً / ورأى الطائرُ المحلِّقُ وَكْنَا
إنْ يكنْ في الحياةِ مَعنىً مِن الصفْ / وِ فَما للحياةِ بَعْدَكَ معْنَى
لَمحَ البِشْرُ باسماً بالأماني
لَمحَ البِشْرُ باسماً بالأماني / وشدا الصفوُ صادحاً بالأغاني
طَرَبٌ هزَّ كلَّ عِطْفٍ وجيدٍ / فكأنّ الوُجودَ من ألحان
إزْدَهِي مصرُ وامْلئي الكون تيهاً / بالأمير النبيل من إيران
أمةٌ مجدُها أطلَّ على الشم / س فحيّا سناءَه الفَرْقدان
قَهَرَتْ صَوْلَةَ الزمان وكانتْ / قَبَسَ النور في شبابِ الزمان
إنّ مصراً وإنّ إيرانَ في المج / د تليداً وطارفاً أَخَوان
أكبرَ ابنُ الحُسين أهرامَ مصرٍ / وشَدا البُحْتُرِيُّ بالإيوانِ
سَعِدا بالقِران في عزَّة الملْ / ك وفي ظلِّ دوْحِه الفَيْنان
فالتقَى بالرضا وبالفوز تاجا / ن وبالوُدِّ والصفا أُمتانِ
دُرّةٌ من كنوز مصرَ أضاءتْ / فوق تاج الملوك من ساسان
ونباتٌ زَكا بروض فؤادٍ / بين ظلين من ندى وحنان
إنّ عهدَ الفاروق عهدُ سُعودٍ / باسمُ الثغْرِ ناضرُ الأفنان
ملِك زانه الجلال وطافتْ / حوْله هالةٌ من الإيمان
قد سَرَى حُبُّه إلى كلِّ قلبٍ / وجرَى حمدُه بكلِّ لسان
لستِ من شأنه ولا بعضِ شانِهْ
لستِ من شأنه ولا بعضِ شانِهْ / كبح الشيْبُ والنُهى من عنانِهْ
فاذهبي ما سلا الفؤادُ ولكن / ساقه يأسُه إلى سُلوانه
وبدار الفِردوسِ من جانبوا الإث / مَ لعجز النفوسِ عن إتيانه
قد تولى الشبابُ ريحانةُ الح / بِّ فمن لي بالحبِّ أو ريحانه
آه من حَيْرةِ المشيبِ سواءٌ / هو في بَوْحِه وفي كتمانه
إن كتمناهُ قهقه الدهرُ جذلا / نَ ومدّ الخبيثُ طرفَ لسانه
أو أبحناهُ راعنا كلَّ يوْمٍ / شُرُفاتٌ يهوين من بنيانه
ورأيْنا الغِيدَ الأماليدَ حُلْماً / ضنّ بالملتقَى على وسنانه
كلُّ شيءٍ له أوانٌ يوفِّي / ه وفوْتُ الشباب قبل أوانه
كم نعمنا به زماناً فلمّا / طاح عشنا في ذكريات زمانِهْ
طائرٌ كان إن تغنَّى إلى الرو / ضِ شجا الحالياتِ من أغصانه
عسجديُّ الجناحِ ودّ العذارَى / لو خضبن البَنانَ من ألوانه
وتمنَّى الأصيلُ لو نال يوماً / لمحةَ الحسن من سنا لمعانه
أين تصفيقُه وأين مجالي / ه وأين الرخيمُ من ألحانه
جالَ في الأفْق جوْلةً ثم ولَّى / هل يعود الشادي إلى جَوْلانهْ
ومضى خافقَ الْجَناح ولم يت / رُكْ لقلبي منه سوى خفقانه
وحواه الماضي الْخِضمُّ وأبقَى / ذكرياتٍ تطفو على شُطْئانه
مرّةً نستريح شوْقاً لذِكرا / ه وحيناً نَجِدُّ في نسيانه
أنا عزمي من آل صخرٍ ورأسي / لقي الويلَ من بني شَيْبانه
ولنفسي مُنى الشبابِ وإن أد / رج وجهي الشبابَ في أغصانه
ما أُحَيْلَى الصبا فهل لمحةٌ من / هُ ومن زهْوهِ ومن ريعانه
بان بالأمس ركبُه فتطلّع / تُ أعُدُّ الطيوفَ من أظعانه
وبدا في طليعة الركب طيْفٌ / لجَّ منه الفؤَاد في تحنانهْ
هاج ذِكرَى دارِ المعارف والغص / نُ رطيبٌ والعمرُ في عنفوانِهْ
جمعتنا روْضاً جَنىً وظلالاً / تتدانى القطوفُ من أفنانه
فشدوْنا عنادلاً هزّت الده / رَ وكادت تُلهيه عن حَدثانه
وصحا الشرق ناشطاً يجبَه الدن / يا وينفي النعاسَ عن أجفانه
وكتَبنا في رْوعةٍ وبيانٍ / يُقسمُ السحرُ إنه من بيانه
من إمامٍ وشاعرٍ وأديبٍ / معجزاتُ الفنونِ طوْعُ بنانه
جمعتنا دارُ المعارف أحرا / راً فكنَّا للعلم من عُبْدانه
إنّ عُنوانَها جهابذُ مصرٍ / وجلالُ الكتابِ في عنوانهْ
مصنعٌ من ثقافةٍ وضياءٍ / كلُّ قطرٍ يعشو إلى نيرانه
يُنضج الخبزَ للعقول نقيّاً / لم يُروَّع بالبخسِ في ميزانه
كلّما دار دورةً نهض العق / لُ وألقى العتيقَ من أكفانه
طَبَعاتٌ فيها من الحسن طبعٌ / قيمةُ المرءِ في مدَى إحسانه
وإذا راعك الجمالُ لفنٍ / عبقري فاسألهُ عن فنَّانه
نجمع الدرَّ توْأماً وفريداً / ثم نأتي به إلى دَهْقانه
قُلْ كما شئت في مديح شفيقٍ / والكرام الثقاتِ من أعوانه
باعثُ الفِكر مثلهُ ناشرُ الفك / رِ له فضلُه ورفعةُ شانِهْ
أيُّ نفع للمسك في حُقّةِ المس / كِ وللمال في يَدَيْ خزّانِهْ
ينشَطُ الفكرُ بالذيوع ويزكو / وزكاء اليَنبوعِ في جريانه
يا ابن متري بلغتَ مدحي وهذا / منزلُ النجمِ أو قريبُ مكانه
صنتُ شعري عن أن يهونَ وبعضُ الش / عِر يسعى لذلِّه بهوانه
يصغرُ الفنُّ حينما تصغُر النف / سُ وينحطُّ من رفيع قِنانه
إن شعري أجرُ النبوغِ فما ب / ضَ لغير المُجيدِ في مَيْدانه
أشفيقٌ سِرْ بالشبابِ حثيثاً / أملُ الشرقِ في يَدَيْ شُبّانه
قد قرأنا في اقرأ صحائفَ أبدت / صفحاتِ الربيع في إبّانِهْ
نهضت بالشريفِ من لغة الضا / دِ وجاءت بالسحر من تبيانه
فهناءً دار المعارف لا زِلْ / تِ منارَ الحِجا ومجلَى افتتانه
لقِيَ الشرقُ في ذَراكِ ملاذاً / مُذْ بعثتِ الحياة في أوطانه
في ربيع الزمانِ جَادَ زماني
في ربيع الزمانِ جَادَ زماني / بلقاء الأحبّة الإخوانِ
وانتشى القلبُ بالحنانِ وبالح / بِّ وحلوِ الهوى وصفوِ الأماني
وهفَا للرياضِ تعبقُ بالمس / كِ وأصغى لهمسةِ الأغصان
ودعاني الحنينُ فاشتغلَ الفك / ر وزادَ الوجيبُ لمّا دعاني
وتركتُ العنانَ للشعرِ يسمو / عربيَّ اللّسانِ من عدنان
فانبرى يسبق السحابَ ويُضفي / بسمةَ الكونِ فوق ثغرِ الزمان
وامتطى صهوةَ الرياحِ جريئاً / وتحدّى الطيورَ في الطيران
كُنْ معي يا قريض تُلهمني الف / نَّ فأشدو بأروع الألحان
كمْ رأيْنا على مدى كلّ عصرٍ / كيفَ تُذكي قريحة الفنان
طِرْ بِنا إلى رشيد ورفرف / بجناحَيْنِ مِنْ هوى وحنان
لنحيي الأحبابَ جاءَتْ تُحييّ / شاعرَ العُرْبِ سيِّدَ الأوزان
ضمّهم على الوفاءِ لقاءٌ / فتباروُا في حلبةِ الميدان
وأعادوا إلى الحياةِ عُكَاظاً / تنشر الشعرَ عبقري المعاني
يا تلاميذه وعارفي الفضلِ جِئْتُم
يا تلاميذه وعارفي الفضلِ جِئْتُم / لتحيّوا عليَّ في المهرجان
خبروني بربكم أيْنَ ولَّى / أيْنَ أصداء صوته الرنّان
هو في الزهر نفحةٌ من أريجٍ / عرفتها جوانبُ البستان
هو في الطيْر نغمةٌ ولهاةٌ / صوتها العذب فاق صوْت الكمان
هو في البيدِ واحةٌ من نعيمٍ / طوّقتها سواعِدُ الكثبان
هو في البحرِ موْجةٌ تتهادى / فاحتوتْها الرمالُ بالأحضان
هو في النيلِ نسمةٌ تُنعِشُ الرو / حَ وتحكي نضارةَ الشطئان
أصحيحٌ طوى المماتُ عليّاً / فطوى شاعراً فريد البيان
لم يمتْ مَنْ سعى الخلودُ إليه / وجرى ذِكرهُ بكلِّ لسان
هو حيٌّ يُطلُّ من كلِّ بيتٍ / دبَّجته عصارةُ الوجدان
كلما شدّني المزارُ إليه / طالعتني صحائِفُ الديوان

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025