كلّ يومٍ خِلٌّ يُرحَّلُ عنّا
كلّ يومٍ خِلٌّ يُرحَّلُ عنّا / وديارٌ معطَّلاتٌ وَمغْنَى
وحبيبٌ فريسةٌ للمنايا / تجتويهِ كأنه ليس منّا
أعْلَمتْنَا مَصيرنَا حادثاتٌ / لو علمنا يوما بما قد علِمنا
هذه الأرضُ أمنُّا وأبونا / حملَتْنا بالكُرهِ ظَهرا وبطنا
إنما المرءُ فوقها هو لفظٌ / فإذا صار تحتها فهْو مَعنى
لو رجَعنا إلأى اليقين علِمنا / أنّنا في الدُّنا نُشيِّدُ سجنا
إنما العيشُ منزلٌ فيه بابَا / ن دخَلنا من ذا ومن ذا خرَجنا
مثلَما تسرَحُ السَّوامُ إلى المر / عَى وتُثْنَى عنه غَدونا ورُحنا
وضروبُ الأطيار لو طِرن ماطِر / نَ فلا بدَّ أن يراجِعنَ وَكْنا
يحسَبُ الهِمُّ عمرَه كلَّ حولٍ / فإذا استكثر الحسابَ تمنَّى
كلُّ شيء يُحصيه عدٌّ ولو كا / ن كئيبا من رملِ يبرينَ يفنى
والليالي لنا مطايا إذا خبَّ / ت بنا نحو غايةٍ بلَّغتنا
مبتدانا ومنتهانا سَواءٌ / فلماذا من الأخير عجِبنا
فوُجِدنا من بعد ما قد عُدمِنا / وعُدمنا من بعدِ ما قد وُجدنا
والأريبُ اللبيبُ من وعظْته / ألسنٌ في مواضع الموتِ لُكنا
قد رأينا وقد سمعنا لو أنّ النَّ / فسَ ترضَى عينا وتأمن أُذنا
وكأنّا لغير ذاك خُلقنا / أو سوانا بغير ذاك يُعنَى
كلَّما حُقّق الشفاهُ لفنٍّ / من سَقام الأيام أحدثنَ فَنّا
ليس ندرِى متى نُقاد لعَقرٍ / فبما تَعرِفُ الحُشاشاتُ أَمْنا
كلنُّا نجعلُ الظنونَ يقينا / ويقينُ الأمور يُجعَلُ ظنَّا
خُدَعاتٌ من الزمان إذا أب / كين عينا منهنّ أضحكن سنَّا
كلُّ يومٍ تأتي به يومُ نحرٍ / ومِنىً حيثُ شاء سهلا وحَزنا
ليس يُغنى عن النفوس فداءٌ / فضَياعٌ نَعُقُّ عنهنّ بُدْنا
والمليكُ الهمامُ بالحجفلِ المَجْ / ر لسمعِ الردَى يُقعِقع شَنَّا
لو درتْ هذه الحمائمُ ما ند / رى لما رجَّعتْ على الغصن لَحنا
طابِع الأسهم الصوائبِ لم يخ / لُقْ لأهدافهنّ عَمدا مِجَنَّا
نتوارى بالسابرىِّ وننسَى / من وراء الضلوعِ ضربا وطعنا
غَشِىَ الدهرُ أهلَه بجنودٍ / أسَرتْهُ وليس يعرِفُ مَنَّا
بين بلُقٍ منه يُغِير بها الصب / حُ وأخرَى دُهْمٍ توافيك وَهْنا
هو إما روحُ الحياة وإلا / فحياةٌ تظلُّ فيها مُعنَّى
وكأنّ المنونَ حادى ركاب / ردّ ظُعنْا عنه وقدَّم ظُعْنا
مَوردٌ غصَّ بالزحامِ فلولا / سبقُ من جاء قبلَنا لورَدنا
وأرَى الدهرَ مُفردا وهو في حا / لٍ يشُنّ الغاراتِ هَنَّا وهَنَّا
كصَفاةِ المسيلِ لا ترهَبُ اللي / ثَّ ولا ترحم الغزالَ الأغنَّا
ما عليهِ لو أنه كان أبقَى / من أبى نصرٍ المهذبِ رُكنا
والدا للصغير بَرًّا وللتِّر / بِ أخاً مشفقا وللأكبر ابنا
غُصُنٌ إن ذوَى فقد كان منه / ثمراتُ الخلائق الغُرِّتجُنَى
إن أَملناهُ بالمقالِ تلَوّى / أو هززناه للفَعال تثنَّى
من ذيولِ السحاب أطهرُ ذيلا / وقميِص النسيم أطيبُ رُدْنا
ما مشتْ في فؤاده قَدَم الغ / شِّ ولا أسكن الجوانح ضِغْنا
إن يكنْ للحياءِ ماءٌ فما كا / ن له غيرُ ذلك الوجه مُزْنا
لهفَ نفسي على حسام صقيلٍ / كيف أضحت له الجنادلُ جَفنا
وعتيقٍ أثار بالسَّبقِ نقعا / فغدا فوقه يُهال ويُبنَى
ونفيسٍ من الذخائر لم يؤ / مَن عليه فاستُودِع الأرضَ خَزْنا
أودعوا منه في الضرائح كافو / را ومِسكا ومندَليَّا ولبْنَا
أغمضِ العينَ بعده فغريبٌ / أن ترى مثلَه وأين وأنَّى
أيّ نور أَطفأتَ يا مُهَريقَ ال / ماء فوق الجسم الكلَّل حُسنا
ختمَ الضُّمَّر العِتاقَ وخلَّى / في الأَوراىِّ مُقرَفات وهُجْنا
عرفوا قدرَه كما تُعرفُ الش / مسُ ومقدارُها إذا الليلُ جَنَّا
ما رأينا طودَ الخلافةِ إلاّ / ووجدناه عادماً منه رَعْنا
فالقصورُ المشيَّداتُ تُعزَّى / والقبورُ المبَعثَراتُ تُهنَّا
ما عجِبنا كيفَ اشترته الليالي / بل عجِبنا كيف اختُدِعنا فبِعنا
ليتَه حين كان دَينا مع الفق / ر إليه بقبضه أجَّلَتنا
واستبدَّتْ بمن أرادت فداءً / واعتزاما وإن أحبَّت فرَهْنا
لو علِمنا أنَّ التفجُّعَ يُدني / ك بكينا دون النساءِ ونُحْنا
واختضبنا دمَ المحاجرِ صِرفاً / إن أماطَتْ بنانُهن اليَرَنَّا
ونزحنا الدموع سَحاًّ وبلاً / وأقمنا الضلوعَ وجدا وحُزنا
غَير أن الدارَ التي أنت فيها / منزلٌ من به أناخ أَبَنَّا
لا خَطَا تُربَك السحابُ المصرَّى / أو تؤدَّى فروضُه وتُسَنَّا
كلَّما أوسعتْ خُطاه النُّعامىَ / أثقلته أوساقُه فأُعنَّا
حسِبَ القَطرُ رعدَه نقرَ دُفٍّ / فتعاطَى على البسيطةِ زَفْنا
وقليلُ الجدوَى مقالىَ يا أط / لالُ حتى سُقيتِ رَبعاً ومَغنىَ
وعزيزٌ علىَّ أن صِرتَ في نظ / م القوافى تُسْمَى لنَدْبٍ وتُكنَى