المجموع : 5
أدخلوا الآن أيها المحسنونا
أدخلوا الآن أيها المحسنونا /
جَنةً كنتم بها توعدونا /
اجعلوها من البدائع زونا /
واملأوها من الجمال فنونا /
املأوها فنّاً وليس فتونا /
وانشروا الصفو فوقها والسكونا /
غير لحنٍ يرفّ فيها حنونا /
تتغنى به الطيورُ وُكونا /
وسناً مُشرِقٍ يضيءُ الدجونا /
سرمديِّ الشعاعِ يمحو المنونا /
رائقِ النورِ ليس يُعشي العيونا /
وتغنوْا بها كما تشتهونا /
وصفوها جداولاً وعيونا /
ووروداً نديَّةً وغصونا /
لا تثيروا بها الهوى والمجونا /
واحذروا أن تذكّروا المجنونا /
فلقد ثابَ من هواهُ شجونا /
وخلا مهجةً وجفَّ شؤونا /
وهو في جنتيه أسعدُ شاعِرْ /
أيها الشاعرُ الكئيبُ مضى اللي
أيها الشاعرُ الكئيبُ مضى اللي / لُ وما زلتَ غارقاً في شجونِكْ
مُسْلِماً رأسكَ الحزينَ إلى الفك / رِ وللسهدِ ذابلاتِ جفونِكْ
ويَدٌ تُمسكُ اليراعَ وأخرى / في ارتعاشٍ تمرُّ فوقَ جبينكْ
وفمٌ ناضبٌ به حَرُّ أنفا / سكَ يطغى على ضعيفِ أنينِكْ
لست تصغي لقاصف الرعد في اللي / لِ ولا يزدهيكَ في الأبراقِ
قد تمشَّى خلالَ غرفتِكَ الصم / تُ ودبَّ السكونُ في الأعماقِ
غيرَ هذا السراجِ في ضوئه الشَّا / حب يهفو عليكَ من إشفاقِ
وبقايا النيرانِ في الموقدِ الدَّا / بل تبكي الحياةَ في الأرماقِ
أنتَ أذبلتَ بالأسى قلبك الغضَّ / وحطَّمَت من رقيقِ كيانكْ
آه يا شاعري لقد نصَل اللي / لُ وما زلتَ سادراً في مكانِكْ
ليس يحنو الدجى عليك ولا يأ / س لتلك الدموعِ في أجفانِكْ
ما وراءَ السّهادِ في ليلك الدَّا / جي وهلَّا فرغتَ من أحزانِكْ
فَقمِ الآن من مكانِكَ واغنمْ / في الكرى غَطّة الخليِّ الطروبِ
والتمس في الفراشِ دِفئاً يُنسِّ / يكَ نهارَ الأسى وليلَ الخطوبِ
لستَ تُجزى من الحياةِ بما حُمّ / لتَ فيها من الضنى والشجوبِ
إنها للمجونِ والختلِ والزي / فِ وليست للشاعر الموهوبِ
ضَاربٌ في الخيالِ مُلْقٍ عِنانَه
ضَاربٌ في الخيالِ مُلْقٍ عِنانَه / مَلَكَ الوحيُ قلبَه ولسانَه
مستفيضُ الجمالِ أزهرُ كالور / دِ إذا كلَّلَ النَّدى أفنانَه
عاشَ بين الأنامِ نِضْوَ غرامٍ / لم يُنفِّض من الصِّبا طيلسانَه
ملأ الكونَ من أياديه سحراً / وبنى ملكه وشدَّ كِيانَه
وحباهُ الخلودَ في العالم الفا / ني وأبقى على البلى سلطانَه
هو فجرُ النبوغِ يصدحُ فيه / كلُّ من أطلقَ الهوى وجدانَه
وسماء للشَّاعر الفذّ منها / يستقي الشعرُ وحيَه وبيانَه
تجتلي ريشة المصوّرِ منه / كلَّ عذراءَ لا ترُدُّ بنانَه
وهو قيثارةُ الخلود عليها / يعزفُ الطيرُ في الرُّبى ألحانَه
وأنا الشَّاعر الذي افتنَّ بالحس / نِ وأذكتْ يدُ الحياةِ افتنانه
معهدي هذه المروجُ وأستَا / ذي ربيعُ الطبيعةِ الفينانَه
وأزاهيرُ حانياتٌ على النهر / يُقَبلنَ في الضحى شُطآنه
ناشراتٍ وشَى الربيع عليها / ساكباتٍ في لجّهِ ألوانَه
يتسمّعنَ للخرير المناجي / ويرتّلنَ للرُّبى تحنانَه
معبدٌ للطيور راهبهُ اللي / لُ وناقوسه الصّبَا الرنّانَه
ومحاريبُ للعذارى إذا ما / سَكَب الغربُ في الدجى أُرجوانَه
قام ربُّ الفنّ الجميلِ عليها / مستحِثَّاً تحت الظلام قيانَه
يتغنى لحنَ الخلود ويدعو / من وراءِ الغيبِ الرهيبِ زمانَه
أيُّها الدهرُ حسبك الله ماذا / برجالِ الفُنون هذي المهانَه
هل تبينتَ في رفاتِ أواليَّ / دفيناً محا البلى عنوانَه
قف على الفنّ بين شرقٍ وغربٍ / وصفِ العالمَ المخلِّد شانَه
عرشُ غرناطة إلهُ أثينا / تاجُ روما سماءُ مجدِ الكنانَه
يشرق السحر من تماثيل فيها / ومقاصيرَ كالبروجِ المزانَه
وتراءى العذراءُ تُلهِمُ رافا / ئيلَ روحَ الخلودِ وحيَ الديانَه
وابنُ حمديسَ في الملا ولمرتي / نَ يفيضانِ صَبوةً ومجانَه
ناجيا الروضَ والبحيرةَ حتَّى / لمسَ الفنُّ فيهما عُنفوانَه
إنما المجدُ في الورى لِمُغَنٍّ / هزَّ قلب الورى وقادَ عِنانَه
ولمن ساسَ في الممالك عدلا / وارتضى الحقَّ في العلا بنيانَه
وقفةٌ بالشواطئِ المحزونه
وقفةٌ بالشواطئِ المحزونه / يذكر النيلُ دمعَه وشجونه
ودَّ لوْ حولوا إلى السِّين مجرا / هُ وبَثُّوا على الطريق عيونه
ومشى بالشهيدِ للوطنِ الثا / كلِ بحراً من الدُّموع الهتونه
دنَتِ الدَّارُ يا سفينة إلَّا / شاطىءٌ حالتْ المنيةُ دونه
فاهدئي في ضفاف مصرَ وقرِّي / آن لليث أن يحلَّ عرينه
قرِّبي من أديمها هيكلَ الحقِّ / تضُمُّ الصدرَ الذي تحملينه
لحظةً يشتكي المتيمُ فيها / لوعةَ البينِ أو يبثُّ حنينه
ولكِ اللّهُ يا شواطئُ فيمن / كنتِ في كل موكبٍ ترقبينه
ذهَبَتْ بسمةُ الثغورِ وحالتْ / لمحاتُ الطوالعِ الميمونه
ما عرَفتِ السفينَ من عهد نافا / رينَ غيرَ المجللاتِ الحزينه
خرجتْ منكِ ليلةَ البحر غرَّا / ءَ عليها من المنى ألفُ زينه
ثم آبتْ إليكِ منكوسةَ الصو / رِ يئنُّ الجريحُ فيها أنينه
فسلي البحرَ هل غدا لكِ أو را / حَ بطيفٍ من الفتوحِ المبينه
ما شهدتِ الأيامَ غيرَ سوادٍ / يشفقُ النجمُ أن يشقَّ دجونه
كلَّ يومٍ تستقبلينَ شهيداً / ذاقَ في وحشةِ الغريب منونه
أو طريداً وراءَ بحرٍ تحامى / أن يرى مصرَ في الحديد سجينه
فاذكري الآن يا شواطئُ عيناً / شيَّعَتْ بالبكاءِ كلَّ سفينه
واحملي الوافدَ الكريمَ حناناً / والثمي ثغرهُ وحيِّ جبينه
وإذا ضقتِ بالأسى فاستمدي ال / نَوحَ من كل قريةٍ ومدينه
سائلي الريحَ أن تضجَّ عويلاً / وسلي البحرَ أن يُجَنَّ جنونه
ذاك وادي البكا وما بعجيبٍ / أن يُرى الناسَ في البكاءِ فنونه
يا شهيدَ الأحرار لا كان يومٌ / كم تمنَّى في الغيب ألَّا يكونه
فزع النيلُ بالظنون إليه / فتحدَّى رجاءَه وظنونه
كلَّ جرح أسالَ جرحُك حتى / رَسَفَتْ مصرُ في الجراح الثخينه
لو تلفَّتَّ خلفَ نعشِك يا عد / لي لراعتكَ أمة مسكينه
كنتَ أهلاً لبرِّها وهواها / وهي كانتْ بمن تُحبُّ ضنينه
كيف لا تستقلُّ في حقك الدم / عَ ولا تُرخص الدموع الثمينه
ما بكاءٌ على الذي تخذ الأو / طانَ دنياهُ في الحياةِ ودينه
ما بكاءٌ على الذي حبس القل / بَ عليها وجيبَه وسكونه
ما بكاءٌ عليه لو كان يُفدى / كنتِ يا مصرُ برةً تفتدينه
يا رسولَ السلامِ في كل حين / فقدتْ مصرُ وحيَه وأمينه
ذكر الناسُ فيكَ أيامَ سعد / فبكوا رحمةً لمَا يذكرونه
وتناجوا بذكر ثروت حتى / رجعوا الأمسَ واستعادوا شؤونه
عرضوا الذكرياتِ فاهتجن فيهم / كامنَ الحزن والهموم الدفينه
دِنْتَ بالنُّبْلِ والوداعةِ قلباً / عجز البطش والأذى أن يُلينه
عقدتْ كفُّه بكفك عهداً / يتمنَّى العدوُّ ألَّا تصونه
وتعانقتما وما كنتَ إلَّا / عونَ سعدٍ وإلفَهُ وخدينه
يا نصيرَ الحقوقِ آثرتَ حقاً / كلّ نفسٍ بما قضاهُ رهينه
فنمِ الآنَ في ثرى مصرَ وانزلْ / منزلَ الحبِّ والهدى والسكينه
لم يَمُتْ مَنْ حديثُه يملأ الوا / دي ويطوي سهولَه وحزونه
تأخذُ الظالمينَ صيحتهُ الكبْ / رى وتستعذبُ السماءُ رنينه
نُهْزَةٌ أهدَتِ الخيالَ إلينا
نُهْزَةٌ أهدَتِ الخيالَ إلينا / ودَعتْنا لموعدٍ فالتقينا
ههنا تحت ظُلَّةِ الغابة الشجرا / ءِ سِرْنا والفجرُ يحنو علينا
وقطفنا من زهرها وانثنيْنا / فجنيْنا تُفاحَها بيدينا
وَمَرِحْنا بها سحابةَ يوم / وبأشجارها نقشْنا اسمينا
ههنا يا ابنةَ البحيراتِ والأوْ / دِيةِ الخُضْرِ والرُّبى والجبالِ
صدح الحبُّ بالنشيد فَلَبَّيْ / نا نداءَ الهوى وصوتَ الخيالِ
وتَبِعْنا على خُطى الفجر موسِي / قى من العُشب والندى والظلالِ
وسمعنا حفيفَ أجنحةٍ تَهْ / فو بها الريحُ من كهوف الليالي
قُلْتِ لي والحياءُ يَصْبُغُ خَدَّيْ / كِ أنارٌ تمشي بها أم دماءُ
ملءُ عينيكَ يا فتى الشرق أحلا / مٌ سكارى وصبوةٌ واشتهاءُ
وعلى ثغركِ المشوقِ ابتسامٌ / ضَرَّجَتهُ الأشواقُ والأهواءُ
أوَ حقاً دنياك زهرٌ وخمرٌ / وغوانٍ فواتنٌ وغِناءُ
قُلتُ يا فتنة الصِّبا حَفِلَتْ دُنْ / ياكِ بالحبِّ والمُنى والأغاني
ما أثارت حرارةَ الجسَدِ المُشْ / تاقِ إلَّا مرارةُ الحرمانِ
إنَّ أجسادنا معابرُ أروا / حٍ إلى كلِّ رائع فتَّانِ
أنا أهوى روحيَّةَ العالمِ المَنْ / ظورِ لكنْ بالجسم والوجدانِ
ما تكون الحياةُ لو أنكر الأحْ / ياءُ فيها طبائعَ الأشياءِ
أنا أهواكِ كالفراشةِ صاغتْ / ها زهورُ الثرى وكفُّ الضياءِ
أنا أهواكِ فِتنَةً صاغها المثْ / ثَالُ من طينةٍ ومن إِغراءِ
أنا أهواكِ بِدعةَ الخلدِ صِيغَتْ / من هَوى آدمٍ ومن حوَّاءِ
أنا أهواكِ من أثامٍ وطُهرٍ / حُلمَ إغفاءَتي وصَحْوَ غرامي
أنا أهواكِ تُبدعين يقيني / من نسيج الظنون والأوهامِ
أنا أهواكِ دفءَ قلبي ويَنبُو / عَ اشتهائي وشِرّتي وعُرامي
وحناناً مُجسَّداً إنْ طواني الْ / لَيلُ وَسَّدْتُ صدرَهُ آلامي
إنّني بالخيالِ أنتزع الرِقْ / قَةَ من قسوة الزمان المريرِ
عَجباً ما حقائقُ الكون إلَّا / لمحاتُ الخيال والتفكيرِ
قبْلَ أن تشرقَ النجومُ على الأرْ / ضِ أضاءَتْ بذهنِ ربٍّ قديرِ
وتجلَّتْ في حُلمِهِ بنظامٍ / من بديعِ التكوين والتصويرِ
أطلِقي نفسَك السجينةَ ملء الْ / غابِ ملء الفضاء ملء العُبابِ
واحلُمِي بالحياة من نغمِ الخلْ / دِ وخمْرِ الهوى وزهرِ الشبابِ
ههنا عُشُّنا على الشاطئِ المسْ / حورِ نبنِيهِ من غصونِ الغابِ
ونخطُّ البستانَ أحلامَ طِفلٍ / صَقلتهُ مواهبُ الأربابِ
خطرةٌ ثم أطرقتْ في حياءٍ / وأدارتْ في جانب الغاب عينا
وانثنتْ بابتسامةٍ فدعتني / ثم قامت تمشي هناك الهوينا
وتلاقت عيونُنا فتدانتْ لي / وجُنَّ الحنانُ في شفتينا
فاعتنقنا في قُبْلةٍ قد أذابتْ / جَسَديْنا ومازَجَتْ روحينا