المجموع : 3
أنتِ تدرين أنني ذو لُبانَهْ
أنتِ تدرين أنني ذو لُبانَهْ / الهوى يستثيرُ فيَّ المَجانَهْ
وقوافيَّ مثلَ حُسنك لما / تَتَعرَّينَ حرّةٌ عُريانة
وإذا الحبُّ ثار فيَّ فلا تَمْنَعُ / أيُّ احتشامة ثوَرَانه
فلماذا تُحاولين بأنْ أعلنَ / ما يُنكِرُ الورى إعلانه
ولماذا تُهيِّجِين من الشاعِر / أغفى إحساسُهُ بركانه
لا تقولي تجهُّمٌ وانقباضٌ / بُغَّضا منه وجهَه ولسانه
فهما ثورةٌ على الدهر منّي / كجَواد لا يرتضي مَيدانه
أنا في مجلسٍ يضمُّكِ نشوانُ / سروراً كأنني في حانه
لوتُحسيِّنَ ما أحسُّ إذا رجَّفْتِ / في الرَّقص بطنَك الخمصانه
رجفة لا تمسُّ ما بين رفْغَيْكِ / وتُبقي الصدرَ الجميلَ مكانه
والذراعَينَ كلُّ ريانةٍ فعماءَ / تََلْقى في فَعمةٍ رَيّانه
والثُدِيَّيْنِ كلُّ رُمانة فرعاءَ / تَهزا بأُختِها الرُمّانه
عاريا ظهرُك الرشيقُ تحبُ العينُ / منه اتساقَهُ واتزانه
ما به من نحافةٍ يُستَشَفُّ العظمُ / منها ولا به من سَمانه
خُصَّ بالمحض من بُلهَنَيةِ العَيشِ / وأُعطي من الصبا عنفوانه
وتراه يجيء بين ظُهور الخُرَّدِ / الغيدِ سابقاً أقرانه
إذ تميلين يَمنة ويَساراً / مثلما لاعبت صَباً خيزُرانه
عندما تبسمين فينا فتفترُُّ / الشفاهُ اللطافُ عن أقحُوانه
إذ يحار الراؤون في حُسنك الفتّانِ / بل في ثيابك الفَتّانه
رُب جسمٍ تُطرى الملاحةُ فيه / ثم تَعدوه مُطرياً فُستانه
ما به من نقيصةٍ وكأنّ الثوب / أضحى متمماً نُقصانه
إن كفاً قاست عليك لباساً / مثلَ هذا مهّارةٌ شيطانه
عَرَفتْ كيف تَبروزين / إلى الجمهُور فيه لتخِلبي أذهانه
ضيَّقت مُلتقى نهودكِ / والكشْحَين منه وشمرَّت أردانه
وأشارت إلى اللعوبَيْن بالألباب / منا بوردةٍ مُزدانه
ليت شعري ما السرُّ في ان بدت / للعَين جَهراً أعضاؤُكِ الحُسّانه
واختفى عضْوُك الذي مازَه الله / على كل ما لديك وزانه
الذي نال حُظوةً حُرِم الانسانُ / منها خُصَّت الإنسانه
وتمنّى على الطبيعة شَكلا / هو من خير ما يكونُ فكانه
وَمَحلاً خِصبا فحلَّ بوادٍ / أنبتَ اللهُ حولَهُ ريحانه
لم يُرد من بَراه مُتعةَ نَفسٍ / ان يُغَطّى ولم يُردْ كِتمانه
ككتابٍ كشَّفت عن صفحتيهِ / ثم غطيَّت عَنوةً عُنوانه
أو غَديرٍ جمِّ المساربِ عذبٍ / حَرمَّوه وحلَّلوا شُطْئَانه
هيكلٌ من هياكِل اللهِ سُدَّ البابُ / منه وكفنَّوا صُلبانه
جسمُك الغضُ مَنطقٌ يدحَض / الحجّة لو لم تُسَتِّري بُرهانه
ملءَ عيني رأيت منكِ مع الأخرى / غرامَ البَناتِ يا فتّانه
رشفةٌ قد حُرمْتُها منك باتت / عند غيري رخيصةً مُستَهانه
أذ تلهَّتْ بمَحزِمٍ منك بُغيا النفس / من أن تستطيع منكِ احتضانه
وثنَتْ كفَّها إلى مهبِط الأشواقِ / منيّ فمَسحَّت أركانه
معها " بعتِ " خفةً ومُجونا / ومعي " بِعتِ " عفّةً ورزَانه
لو كإتيان هذه لك آتي / رجلاً لم تحبِّذي إتيانه
أتُريدين أن أقولَ لمن لم / يدر ما بينكُنَّ من إدمانه
فتيات الهوى استبحن من اللذات / ما لم يُبِحنَه فتيانه
أعروسان في مكان وعِرِّيسانِ / كلٌ منهم يُخَلَّى وشانه
جرّبيني منْ قبلِ انْ تزدَريني
جرّبيني منْ قبلِ انْ تزدَريني / وإذا ما ذممتِني فاهجرِيِني
ويَقيناً ستندمينَ على أنَّكِ / من قبلُ كنتِ لمْ تعرفيني
لا تقيسي على ملامحِ وجهي / وتقاطيعِه جميعَ شؤوني
أنا لي في الحياةِ طبعٌ رقيقٌ / يتنافى ولونَ وجهي الحزين
قبلكِ اغترَّ معشرٌ قرأوني / من جبينٍ مكَّللٍ بالغُصونِ
وفريقٌ من وجنتينِ شَحوبين / وقدْ فاتتِ الجميعَ عُيوني
إقرأيني منها ففيها مطاوي النفسِ / طُراً وكلُّ سرٍّ دَفين
فيهما رغبةٌ تفيضُ . وإخلاصٌ / وشكٌّ مخامرٌ لليقين
فيهما شهوةٌ تثورُ . وعقلٌ / خاذِلي تارةً وطوراً مُعيني
فيهما دافعُ الغريزةِ يُغريني / وعدوى وراثةٍ تَزويني
أنا ضدُّ الجمهور في العيشِ / والتفكيرِ طُرّاً . وضدُّه في الدِّين
كلُّ ما في الحياةِ من مُتَع العيشِ / ومن لذَّةٍ بها يزدهيني
التقاليدُ والمداجاةُ في الناسِ / عدوٌّ لكلِّ حُرٍّ فطين
أنجِديني : في عالمٍ تَنهشُ " الذُئبانُ " / لحمي فيه .. ولا تُسلِميني
وأنا ابن العشرين مَنْ مرجِعٌ لي / إنْ تقضَّتْ لذاذةَ العشرين
إبسِمي لي تَبسِمْ حياتي وإنْ كانتْ / حياةً مليئةً بالشُّجون
أنصِيفيني تُكفِّري عن ذُنوبِ / الناسِ طُرّاً فإنهمْ ظلموني
إعطِفي ساعةً على شاعرٍ حر / رقيقٍ يعيشُ عيشَ السجين
أخذتني الهمومُ إلّا قليلاً / أدركيني ومن يديها خذيني
ساعةً ثم أنطوى عنكِ محمولاً / بكُرهٍ لظُلمةٍ وسكون
حيث لا رونقُ الصباح يُحييِّني / ولا الفجرُ باسماً يُغريني
حيثُ لا " دجلةٌ " تلاعبُ جنبيها / ظِلالُ النخيلِ والزيِّتون
حيثُ صَحبي لا يملكونَ مُواساتي / بشيءٍ إلّا بأنْ يبكوني
مَتِّعيني قبلَ المماتِ فما يُدريكِ / ما بعدَه وما يُدريني
وَهبي أنَّ بعدَ يوميَ يوماً / يقتضيني مُخلِّفاتِ الدُّيون
فمَنِ الضامنونَ أنَّكِ في الحشرِ / إذا ما طلَبتِني تجديني
فستُغرينَ بالمحاسنِ رُضواناً / فيُلقيكِ بين حُورٍ وعِين
وأنا في جهنَّمٍ معَ أشياخٍ / غواةٍ بِغيَّهمْ غمروني
أحرَجتني طبيعتي وبآرائِهم / ازدَدْتُ بَلةً في الطين
بالشفيعِ " العُريان " استملكي خيرَ / مكانٍ . وأنتِ خيرُ مكين
ودعيني مُستعرضاً في جحيمي / كلَّ وجهٍ مُذمَّمٍ ملعون
وستُشجينَ إذ ترينَ معَ البُزلِ / القناعيسِ حيرةَ ابن اللبون
عن يساري أعمى المعرَّةِ و " الشيخُ " / الزهاويُّ مقعداً عن يميني
إئذَني لي أنزِلْ خفيفاً على صدركِ / عذْباً كقطرةٍ من مَعين
وافتحي لي الحديثَ تستملحي خفَّةَ / رُوحي وتستطيبي مُجوني
تعرِفي أنني ظريفٌ جديرٌ / فوقَ هذي " النهود" أنْ ترفعني
مؤنِسٌ كابتسامةٍ حولَ ثغريكِ / جذوبٌ كسحرٍ تلكَ العيون
إسمحي لي بقُبلةٍ تملِكيني / ودعي لي الخَيارَ في التعيين
قرِّبيني من اللذاذةِ ألمَسْها / أريني بداعةَ التكوين
إنزليني إلى " الحضيضِ " إذا ما شئتِ / أو فوقَ ربوةٍ فضعيني
كلُّ مافي الوجودِ من عقباتٍ / عن وصولي إليكِ لا يَثنيني
إحمليني كالطفلِ بين ذِراعيكِ / احتضاناً ومثلَه دَّلليني
وإذا ما سُئلتِ عني فقولي / ليسَ بِدعاً إغاثةُ المسكين
لستُ أُمّاً لكنْ بأمثالِ " هذا " / شاءتِ الأُمهات أنْ تبتليني
أشتهي أنْ أراكِ يوماً على ما / ينبغي مَن تكشُّفٍ للمصُون
غيرَ أني أرجو إذا ازدهتِ النفسُ / وفاضَ الغرامُ أنْ تعذُريني
" اِلطمِيني "إذا مَجُنتُ فعمداً / أتحرَّى المجونَ كي تَلْطمِيني
وإذا ما يدي استطالتْ فمِنْ شَعركِ / لُطفاً بخُصلةٍ قيِّديني
ما أشدَّ احتياجةِ الشاعر الحسَّاسِ / يوماً لساعةٍ مِن جنون
سالَ شِعري بالرَغم عَنيَّ حزناً
سالَ شِعري بالرَغم عَنيَّ حزناً / أبتغي فَرحةً فما تَتَسَنَّى
كلُّ صَحْبي يشكون شكوايَ لكنْ / ربّما يضحكونِ خُسْراً وغَبنْا
لو ل" جوتٍ " تبد وتعاسةُ هذا الشعبِ / يوماً لكانَ أجملَ فنّا
لتناسَى " الآمَ فَرترّ " طرّاً / رُبَّ حزنٍ يُنسِي أخا البؤسِ حزنا
من شبابِ العراق تعلو الكآباتُ / وُجوهاً تفيضُ طُهراً وُحسْنا
لو تَراها عجبتَ ان لا يَهُزَّ الشرخُ / قلباً او يُضحِكَ الزهوُ سِنا
أعلى هذه النُّفوسِ – من اليأس / استماتت – مستقبلُ الشعب يُبنى
يَتَغَذَّى دمَ القُلوب شبابٌ / لا يُريدُ الحياةَ ذُلاًّ ووَهْنا
خُدْعةٌ هذه المظاهرُ ما في القوم / فردٌ يعيشُ عَيشاً مُهَنْا
الثياب الفَرْهاء رفَّتْ عليهم / كضمادٍ غطَّ جِراحاً وطَعْنا
والاحاديثُ كلُّها تشتكي " البؤسَ " / وفصلُ الخطاب أنّا " يَئِسْنا "
إيهِ أُمّاهُ ما أرابَ شقيقَ النفسِ / منّا حتى تَبعَّدَ عنّا
منذ يومينِ ليسَ يَعرِف عمّا / نحنُ فيه شيئاً ولا كيفَ بِتْنا
جائيا ذاهبا يقسِّم في الأوجه / لحظَيهِ من هُناكَ وهَنْا
إيه أُمّاهُ إن نفسي أحسَّت / ما يُُقذِّي عينا ويُوقِرُ أُذْنا
فانبرت دمعةٌ تُترجم عما / في ضمير الأُمِّ الحنونِ استَكَنّا
اِسمَعي يا عزيزّتي أنَا أوفى / منكِ خُبْراً إذْ كنتُ أكبر سِنا
ولدي مُذْ عَرَفتُه يملأ البيتَ / بتفكيرِهِ ارتهاباً وحُزناً
ولدي طامحٌ تُعنَيه آمالٌ كِثارٌ / إن الطَّموحَ مُعَنَّى
يَتَمنَّى كلَّ السُرور ولا يسطيعُ / نيلاً لبعض ما يَتَمنّى
لو بكفِّي مَنْعتُ جُلَّ القوانينِ / على الحقِ نِقْمةً أن تُسَنَّا
لا نظامٌ حرُّ فيرْعى الكفاءاتِ / ولا مَن يُقيمُ للحر وزْنا
عُكِسَتْ آيةُ الفضائلِ فالأعلى / مَقاماً من كانَ في النفس أدْنى
ساكنُ القصر لو إلى ذِمة ِ الحقِ / احتكمنا لكانَ يسكُنُ سِجنا
ولكانَ الحريَّ أن تتحاشاهُ البرايا / لا أن يُبَرَّ ويُدْنى
إنَّ ما يجتنيه من مُنكَرات العيشِ / من شَقْوةٍ البريئينَ يُجْنَى
وقناني الخمرِ التي عَصَرُها / من دُموعي ومن دُموعِكِ تُقْنَى
ولدي اختَشي عليه من الموتِ / انتحاراً وختشِي انْ يُجَنّا
أسمعتيه بالأمس ِ اذ يَتحدَّى الناسَ / إني عَرَفتُ مَرْمَاهُ ضِمنا
هوَ يشكوُ من النَّذالةِ خَصْماً / وهو يشكو من الخيانةِ خِدنْا
ولدي لم يكنْ ليحملَ – لولا / ان يُلِحُّوا به – على الناسِ ضِغْنا
ما لزَوجي إذا ذَكَرتُ له الأنسَ / وما أرتجي من العيشِ أنا
انَّّةٌ سرُّها عميقٌ وفيها / ألف معنَّى من القُنوط ومعنى
كاسراً جفنَه يخالِسُني اللحظَ / لأمرٍ في النفسِ يكسِرُ جَفْنا
اتُرى من اشفاقةٍ هذه النظرةُ / أم ساءَ بي وحاشايَ ظنّا
خَلَتِ الغُرفةُ الصغيرةُ من توقيعِ / زوجي فلستُ اسْمعُ لَحنا
أنا واللهِ كنتُ أستشعرُ / معنَى الحياةِ إذْ يَتَغَنى
في سوادِ الدُجى وعاصفةِ الأقدارِ / هبَّت تَجتَثُّ بالعُنفِ غُصنا
من على دجلةٍ تِكَشَّفُ للضيف / عزيزاً على الطبيعة – حِضنا
شَبَحٌ لاح من بعيدٍ يَحُثُّ / الخطوَ طوراً وتارة يتأنَّى
يا لَه موقفاً يمثِّلُ مذهولاً / يُعانِي حالَين خَوفاً وأمْنا
زوجتي سوفَ تستفيقُ من النومَ / صَباحاً فما تَرانيَ وَهْنا
سوف تجتاحُها الظُنونُ ولهفي / اذ تُنبَّي عن صدق ما تَتَظَنّى
زوجتي ما اقترفتُ إثماً ولكنْ / كيفما شاءتِ النواميسُ كُنّا
زوجتي أوسِعي النزاهةَ ما اسطعتِ / سِباباً وأوسعى الحقَ لَعْنا
أُقتلي بنْتَكِ الصغيرةَ لُبنى / لا تكابدْ ما كابدت أمُّ لبنى
وعجوزٌ هنا لِكُمْ حسبُها من رحمةِ / الدهرِ أنْ ستفقِد إبْنا
لو تخيرتُ لي الهاً لما ألَّهْتُ / إلاّ من هيكل الأم بطنا
و"ربابٌ " شقيقتي بعد موتي / أبداً بالحياة لا تَتَهنّا
وسأقِضي فيوسع الناسُ تاريخي / بعد المماتِ سّباً وطَعنا
يا لها من نذالةٍ في أحاديثَ / تُسمِّي شجاعةَ الموتِ جُنبا
اشهَدي دجلةٌ بأني – كما كنتُ - / قوياً جسماً وعزماً وذِهنا
شاعرٌ بالوجود أُغمِضُ عما / فيه من هذه المناظِرِ جَفنا
كلُّ هذا وسوف أنتحرُ اليوم / لأنيّ أرى المعيشةَ غَبنا!
احملي " دجلةٌ " سلامي الى الأهل / وقولي : قد استراحَ المعنّى
حَمَلوا – بعد أربعٍ – جُثةً لم / تتميز منها النواظرُ رُكنا
وانحنَتْ فوقها الأمومةُ خرساءَ / تُزجّى يُسرى وتَرفع يُمنَى
لم تُطِق أنةٍ فماتت – وقد يدفع - / موتاً عن ثاكلٍ أن تئنّا
واستخفَّ الشقيقةَ " الصْرعُ " فهي اليومَ / نِضوٌ يعالج الموتَ مُضنَى
وحديثُ الأخرى اتركوهُ فقد / يُغنيكُمُ عن صراحةٍ أن يُكَنّى