المجموع : 3
قَسماً بِالرُّبى وَظلِّ الغُصونِ
قَسماً بِالرُّبى وَظلِّ الغُصونِ / وَبعِينٍ بَينَ الجِنان سبوني
كَم جَبينٍ كَيَوم وَصل محبٍّ / تَحتَ شَعرٍ كَليلِ هجرٍ مُبين
وَعُيونٍ من التدلل سَكرى / ساحراتٍ بغمزِ غنجِ الجُفون
وَقوامٍ أَنَّى تمايل تيهاً / غرّدت فَوقه بَناتُ الشُجون
إِنّ لي في هَوى الأَحبةِ قَلباً / ذا اشتياقٍ وَأَدمعاً كَالعُيون
أَلبَستني الشؤونُ ثَوبَ شَقيق / أَو عَقيق وَكل ذا من شؤوني
كَيفَ أَهوى غنجَ العُيون وإني / في الهَوى بعد ذا صَريعُ العُيون
وَالعذولُ الظَلومُ يَهذي بلومي / وَيَرى ذلتي وَيَرضى أَنيني
كَم يَقولون قَد عدمت وُجوداً / وَيحَهم بالملام هم أَعدموني
وَغَريبٌ يَرون ذلّي عَزيزاً / لَيتَهم بِالكَلام ما عززوني
كَم بجهلٍ تفنّنوا وَاستطالوا / وَأَراني أَودّ أَن لَو جُفوني
هَل بغير الهَوى لعيشك ذكرى / أَو لغير الهَوى تَلذُّ منوني
عذلوا ليتَهم أَصابوا سكوتاً / أَو رأوا ما أَرى وَلم يَعذلوني
أَيها اللائمون هَيهاتَ جدوى / لَيسَ يغني الملام بعد الفتون
جرّبوا في الهَوى النَوى وَالأَماني / وَاسهروا في الدجى بقلبٍ حزين
ثم هاتوا وَروّعوني وَقولوا / وَاحكموا لَومَكم بِهِ لَو يَقيني
لَيسَ قَلبي وَلا المَدامع طوعى / أحتكم فيهما وَلا من شؤوني
قَد مَضى بالغرام صَبري وَحزمي / وَارتضيت الهَوان لَو يرتضوني
إِن لي في الغَرام عُذراً جَليّاً / رقَّةَ الميل للجمال المَصون
هَل رَأَيت الغُصون تهدي بدوراً / أَو سمعت الشُموس ترنو كعين
جلّ من أَرسل الدُجى من شعورٍ / وَأَضاء الضحى بنور الجبين
وَحبَا خدّه برضوان عدنٍ / غَير أَن الجنات تحتَ العُيون
نَحنُ إِن نَفتضح بِها لا نبالي / مالذي العقل لام أَهلَ الجُنون
وَيح صَبري وَوَيلَ صَرف الزَمانِ
وَيح صَبري وَوَيلَ صَرف الزَمانِ / كَيفَ ما صيّر المنايا أَماني
ضَيعتني ما بين شَرق وَغَرب / حكمةٌ ما رَمى بِه القارظان
صَيرتني كَأنني في فَضاها / كَأسُ ساق بلدانها ندماني
وارتضت لي تجمُّعاً وَفراقاً / روّعتني بَين النَوى وَالتداني
كَم قدودٍ ميّلتُها لوداعٍ / ما حَكاها تمايل الأَغصان
كَم خدودٍ قَبّلتُها يَوم بَينٍ / مثل وَرد الجِنان أَحمر قان
كَم دُموعٍ رَأَيتُها وَهيَ تَجري / في نحور كمثل نثر الجمان
كَم ثُغور لثمتُها وَالمَطايا / تستحثُّ المسير كالأقحوان
وَارتضيتُ النَوى وَقلت هيَ الأر / ض مكاني وَأَهلها إخواني
وَاللبيب اللبيب من دار في الدن / يا بما يُرتَضَى من الإنسان
يصحب الناس بالمداراة حزماً / وَيحب الرضا بحكم الأَوان
وَتَراه كَما يسرّ وَيهوى / دائراً بَين عزة وَهَوان
إِنَّما عزَّ بعدُنا عن حَبيبٍ / حار في وَصف حُسنه النيران
كان حبي له وَوَجدي عَلَيه / وَسُروري بِهِ خليع العِنان
وَعَزيز كَما عَلمت عَزيز / بُعدُ أَهل الوَفا عن الأَوطان
بين صدق النهى وكذب الأَماني
بين صدق النهى وكذب الأَماني / سَهرَت أَعينٌ ونامَت عُيونُ
فإِلامَ العَنا وحتامَ نشقى / في أُمور تَكُونُ أَو لا تَكُونُ