القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 9
نبتت مثل زهرة الأقحوانِ
نبتت مثل زهرة الأقحوانِ / في رَبيع الهوى بروض الأماني
نبتت فيه وَهي ذات ابتسامٍ / فَسقيت ابتسامها بحناني
كُلَمّا طال خوطها بشرت قَل / بي بقرب اتساقه العينان
كَم ضممت ابنَتي إِلى الصدر مني / أَبتَغي أَن أَردها لجناني
وَشممت السوالف الغر منها / أَتَسلّى بها من الأشجان
ثم أَبعدتها لأنظر فيها / ثم أَدنيتها إلى أحضاني
ثم أَجلستها إلى الجنب مني / ثم قلبت شعرها ببناني
ثم كلمتها فردت كَلامي / بابتسام تَلوح فيه المَعاني
ثم قبلتها بملء شفاهي / ثم غذيتها بمحض لباني
ابنتي زهرتي فَيا ربيَ احفظ / زهرتي من كوارث الأزمان
يا ابنتي أَنتِ سلوَتي وَرَجائي / وَسراجي في لَيلة الأحزان
حُلُمي أَنتَ في مَنامي وَذِكري / حين أَدنو من يقظتي في لساني
قد أبى الشعر أن يعيش مهانا
قد أبى الشعر أن يعيش مهانا / بعد عز أو أن يكون جبانا
هو إن سالموه نادى بسلم / وهو إن حاربوه خار الطعانا
إنه تارة يكون حماماً / يتغنى وتارة أفعوانا
وإذا ضيم عند قوم عَداهم / مبدلاً من ذاك المكان مكانا
أحسن الشعر ما يكون عن القل / بِ وآلامه لنا ترجمانا
إن أردت الغناء كان غناء / أو أردت البيان كان بيانا
إنه بلبل يغرد شجواً / جعلوا أقفاصاً له الأوزانا
يحسن الشاعر المبرز شدواً / مثلما الطير يحسن الألحانا
إن ميزان الشعر في كل قوم / مارسوه أن يجذب الإنسانا
وهو إن لم يعرب لهم عن شعور / كان ممن يقوله هذيانا
قد تمادى الفرات في طغيانه
قد تمادى الفرات في طغيانه / وابى الا قسوة في افتتانه
فاض حتى حسبته وهو يسطو / ملكا يستبد في سلطانه
غمر القاع ثم عب فانحى / يعتدي مزبداً على كثبانه
أتراه مصارعا يتحدى / ام تراه قد هاج من اشجانه
ذاهباً بالشياه يجرفها جر / ف وبالزرع وهو في ريعانه
انه في اكتساحه الزرع يعثو / سل روح الفلاح من جثمانه
لعظيم طوفانه وعظيم / ما اصاب الفلاح من طوفانه
ولقد كان قبل ذلك يأتي / حاملا للسلام في اردانه
قد تغنينا بالشجي من الشعر
قد تغنينا بالشجي من الشعر / واجهشنا بعد ذاك التغني
انا ابكي وامسح العين منها / وهي تبكي وتمسح العين مني
نبت الزهر والزمان ربيع
نبت الزهر والزمان ربيع / يملأ الارض سهلها والحزونا
فلماذا يا زهرتي انت آثر / ت على وجه الارض منها البطونا
عاث هذا المنون يسرف فينا
عاث هذا المنون يسرف فينا / فلحت تحتج الحياة المنونا
لم نكن بالارزاء نعبأ حتى / اخذ الموت قاهرا ادسونا
ذاك رزء عم الانام واني / لا ارى فوق الارض الا حزينا
اطفأ الدهر شعلة كانت الاضواء / منها يملأن منا العيونا
هد يقسو بمعول الموت ركنا / كان قد شادته الحياة متينا
افقد الخافقين مخترعا كا / ن بامثاله النبوغ ضنينا
علم العصر العبقري الذي قد / ذلل الصعب بالنهى مستعينا
وتقصى يبين ما لم يكن يو / ما لمن كان قبله مستبينا
ما اتى الكهرباء في الذكر الا / كان للفضل باسمه مقرونا
وهو القوة التي بقى النا / س دهورا عن امرها غافلينا
انما الكون كله كهرباء / وان انشق الناس يختلفوا
يا بلاد الامريك انا معزو / ك على رزء قد ابى ان يهونا
ملك الكهرباء خلدك العلم / وان كنت قد لقيت المنونا
ملك الكهرباء انا محيو / ك وان كنت في التراب دفينا
ملك الكهرباء ان علينا / لك فيما اخترعته لديونا
انني لا اعد من هو يحيا / في قلوب الورى من الهالكينا
لا يموت الذي يعيش بآثا / ر له في مصانع قد بنينا
لا يموت الذي يعظمه التأ / ريخ بعد القرون تقفو القرونا
لا يموت الذي توفق ان يعلن / ما كان سره مكنونا
واباحت له الطبيعة ان يخ / رج ما كان عندها مخزونا
انها لا تلقى المقاليد جمعا / ء الى غير من تراه امينا
وستبقى برغم موتك حيا / ما توالت بعد السنين السنونا
ان للأعمال الخلود مباح / لا لاجسام في القبور بلينا
انت من صيرت الليالي بيضا / بالمصابيح بعد ما كان جونا
انت من انطقت الجماد بما عندك / من قدرة فكان مبينا
انت من قد اشعلت في كل قطر / قبسا يهتدي به المهتدونا
وبذلت الجهد الجهيد فتيا / تصلح التغلراف والتلفونا
وقد اسطعت ان تحمل سلكا / في زمان انباء مختلفينا
وبعثت الاشباح ممن تناءوا / فرأى الناظرون ما يفعلونا
ونفعت الانام شرقا وغربا / باختراعات قد بلغن المئينا
وخدمت العلم العزيز لاجل العلم لم / تبغ منه دنياً ودينا
ولقد سرت فاحصا لا تبالي / أسهولا قد جبتها ام حزونا
أي خير للناس في نظر لم / يك بالفعل صدقه مقرونا
كل ما قد صنعت كان بديعا / كل ما قد ابدعت كان ثمينا
وخدمت الانسان بعد جهاد / متعب وهي غاية المحسنينا
تلك آيات قد سبقت بها مقتدرا / في حياتك الاولينا
ايها المبدع الكثير المناحي / أي شيء تركت للآخرينا
انت حيّ وانت ميت وهذا / من خصال قد حازها الخالدونا
اصبح الروح مطلقا يتسامى / غير ان الجثمان امسى دفينا
وكأن الارواح قد كن سجنى / وكأن الابدان كن سجونا
اتعبتك الحياة حتى مللت العيش / فاخترت في المنايا السكونا
واذا ما الحياة دب بها الوهن / فليست الاّ اسى وشجونا
ما لقاء المنون منك ببدع / أي انسان لا يلاقي المنونا
قد وددنا لو كنت للعلم تفدى / بالوف تحيا من الجاهلينا
يا لها من نوي على الرغم منا / قد قضى الدهر ان تكون شطونا
غير انا كنا نظن بان الموت / يستحيي ان يغولك فينا
ايها الراحل الكريم رويدا / فاليك الحاجات لم ينقضينا
اكبرت اذ فشا نعيك فيهم / امم الارض امره اجمعينا
انا لو كنت عند قبرك طأطأ / ت له الرأس خاشعا والجبينا
كنت في امر الروح توجس ريبا / فهل اليوم قد بلغت اليقينا
واذا كان الروح ليس بفان / فافدنا علما بذاك مبينا
انما هذا الكون بحر خضم / تستبيح الامواج منه السفينا
نعمة هذه الحياة لو ان الناس / من شر بعضهم يسلمونا
غير ان الفتى يعيش مهانا / من اناس يلقونه او مهينا
ان بين الذين يحيون فوق / الارض حربا على البقاء طحونا
ما على وجه الارض من هو يبقى / من رحاها التي تلحّ مصونا
قيل لي ان الناس تضحك جمعا
قيل لي ان الناس تضحك جمعا / ء سرورا فلا نلاقي حزينا
فلماذا نراك وحدك تبكي / قلت ابكي حزنا على الضاحكينا
اطمئني يا نفس بعد اضطراب
اطمئني يا نفس بعد اضطراب / قد أقض الفراش منك اطمئني
ان في الموت وهو منك قريب / لخلاصا من كل همّ وحزن
انت في شعر كان فتحاً مبينا
انت في شعر كان فتحاً مبينا / واحدا من اولئك الخالدينا
بعد الف من السنين اتينا / بك يا فردوسي محتفلينا
وغلى قبرك الذي فيه تغفو / نحمل الورد الغض والياسمينا
ولو أن الاحداث الفى مساغا / جعل القوم حج قبرك دينا
لك في تاريخ الملوك كتاب / يحمل الوحي والهدى واليقينا
قمت في نظمه ثلاثين عاماً / ثم لم تسأم طول تلك السنينا
حزت حينا تجلة واحتراماً / وتألمت للمصائب حينا
شاعر انت جامع للمزايا / خالد لا تدنو اليك المنايا
انت في دولة البيان بحق / ملك ذو عرش ونحن الرعايا
جاء ما قد نظمته من كتاب / تحفة فارسية للبرايا
ولقد اهديت الكتاب الى من / لم يكن ذا علم بقدر الهدايا
والمت بك الرزايا ولكن / انت ما كنت عابئا بالرزايا
يا امام القريض بعدك فينا / نفد الشعر الجزل الا بقايا
قد طلبنا التحرير للشعر حتى / كثرت في الطلاب منا الضحايا
ان ما قد قصصته من حروب / سوف يبقى تأثيره في القلوب
انت شمس لها البيان شعاع / لم تمل في طريقها للغروب
ما لألياذة التي حبرتها / يد هومير مثل ذا الاسلوب
تلك ليل جهم وهذا صباح / مسفر ما بوجهه من شحوب
كنت تمشي الى الامام حثيثيا / بخطى لم تخلق لغير الوثوب
يهتف اليوم الوافدون من الاقطار / افواجا باسمك المحبوب
جل ما قد نظمته في مزايا الفارسين / عن جميع العيوب
انت في شعرك البليغ امام / فسلام عليك ثم سلام
حبذا ما نظمته من كتاب / اكبرته الشعوب والاقوام
انت للشرق شاعر عبقري / تتغذى بقوله الافهام
لست ادري وليتني كنت ادري / أهو السحر ام هو الالهام
كنت للناس كوكبا ذا بهاء / اينما القى النور زال الظلام
في رياض الآداب غرسك يحكى / شجرا من اثماره الآلام
حلما كان ما املت ولكن / بعد الف قد صحت الاحلام
انت يا من بهرت بالشعر عيني / شاعر المشرقين والمغربين
انت لو تمسك الثريا بايد / شعراء امسكتها باليدين
انت مما تشعه من ضياء / يملأ العين ثالث القمرين
ما كتاب الملوك الا بلاغ / من ابي قاسم الى الملوين
كلما جئت منه اقرأ فصلا / اسبلت عيني فوقه دمعتين
تحفة من بلاغة وشعور / قد جلت ما في خاطري من رين
جمعت بعد ان مضى الف عام / بينه لحمة القريض وبيني
ان ما ناله الردى من حياتك / لم ينله للعجز من كلماتك
انت في شعرك البليغ نبي / وكتاب الملوك من معجزاتك
لك فيه بلاغة حيرتنا / أي روح نفثت في ابياتك
كل ما كنا قد نظمناه قبلا / نظرة في الحياة من نظراتك
كل ما عندنا من النظم والنثر / قبسناه منسنى آياتك
كل ما قد قلناه في هذه الذكرى / ثناء عليك بعض صفائك
قيل لي انت في حفير ولكن / لم اجد في الحفير غير رفاتك
قصرت في تقديرك الآباء / فتلافت ما فاتها الابناء
بعد الف من السنين اقامت / لك نيروزاً امة شماء
لك يا حجة البلاغة شعر / عجزت عن تقليده الشعراء
بمصابيح شعرك ازدانت الارض / كما ازدانت بالنجوم السماء
نمقته يراعة ذات حول / وبه لوّحت يد بيضاء
واذا ضيم الشاعر الحر يوما / في بلاد جلاه عنها الاباء
بعد آمال كن فيك خيالا / فاجأتك الحقيقة السوداء
يا كتاب الملوك انت كتاب / فيه للناس حكمة وصواب
خلق الفردوسي منك خضما / فاض يرغو كما يفيض العباب
بك للشرق ما اهتدى الشرق فخر / بك للغرب ما ارتقى اعجاب
بك في امة قد ازدادت الاخلاق / طيبا وازدانت الآداب
معجزات وراءها معجزات / آمنت اعجابا بها الألباب
انما في الشعر الحقيقة اصل / والخيالات كلها اثواب
واذا انكر النبوغ على الشرذ / ق قريق فانت انت الجواب
الذي لميقم به الغرنوي / قام مستوفيا به البهلوي
ملك من ارقى الملوك عظيم / لاسمه في سمع الزمان دوى
ملك بالسياستين خبير / وله فيهما الطريق السوى
اخضع الامة العظيمة بالحسنى / فلله عطفه الابوي
واذا قوة الارادة جلت / جل فيهم تأثيرها المعنةي
والذي لا يرى الحقيقة اعمى / والذي ينكر الرشاد غوى
انما اليوم ليس يصلح للملك على / وجه الارض الا القوى
انك السيف في يد الايام / قد نضته للحرب او للسلام
حاقنا للدماء بالمثل منها / في صدام الاقوام بالاقوام
في يديك القويتين اذا الامر / دعا حق النقض والابرام
واذا ما بدأت يوماً باصلا / ح جديد فالبدء للاتمام
حبذا ايران وعمران ايرا / ن وما في بلادها من نظام
ولقد سرني كما سر غيري / ما بها من نزاهة الاحكام
زرت بالامس الروض امتع عيني / واذا الورد فيه ذو اكمام
اهل ايران والحديث شجون / امة ما بها يليق السكون
شأنها في التأريخ اكبر شأن / حبذا في التأريخ تلك الشؤون
وعلى عين الشرق ران رقاد / دونه في غير الرجاء المنون
ثم انحى ينبه الشرق منه / ملك حد سيفه مسنون
انه لما قام للمجد يدعو / شخصت عن بعد اليه العيون
طار بالشعب كله للثريا / صاعدا لو يكون مالا يكون
سيعود المجد القديم لايرا / ن فتفضى الى اليقين الظنون
ايها الشعر انك ابن شعوري / تغتذي من كآبتي وسروري
حاملا ضحكة الذي عيشه كا / ن رغيدا او دمعة الموتور
سالما من ضعف يريبك منه / خاليا من زوائد وقشور
ليس شعرا ما ليس فيه شعور / لا يهيج الشعور غير الشعور
واذا الشعر لم تهزك منه / روعة فهو جامد كالقبور
انما الشاعر الموفق يمشي / من خلود على رقاب الدهور
معجب بالهزار كل بني الارض وان / لم يكن سوى عصفور

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025