المجموع : 9
نبتت مثل زهرة الأقحوانِ
نبتت مثل زهرة الأقحوانِ / في رَبيع الهوى بروض الأماني
نبتت فيه وَهي ذات ابتسامٍ / فَسقيت ابتسامها بحناني
كُلَمّا طال خوطها بشرت قَل / بي بقرب اتساقه العينان
كَم ضممت ابنَتي إِلى الصدر مني / أَبتَغي أَن أَردها لجناني
وَشممت السوالف الغر منها / أَتَسلّى بها من الأشجان
ثم أَبعدتها لأنظر فيها / ثم أَدنيتها إلى أحضاني
ثم أَجلستها إلى الجنب مني / ثم قلبت شعرها ببناني
ثم كلمتها فردت كَلامي / بابتسام تَلوح فيه المَعاني
ثم قبلتها بملء شفاهي / ثم غذيتها بمحض لباني
ابنتي زهرتي فَيا ربيَ احفظ / زهرتي من كوارث الأزمان
يا ابنتي أَنتِ سلوَتي وَرَجائي / وَسراجي في لَيلة الأحزان
حُلُمي أَنتَ في مَنامي وَذِكري / حين أَدنو من يقظتي في لساني
قد أبى الشعر أن يعيش مهانا
قد أبى الشعر أن يعيش مهانا / بعد عز أو أن يكون جبانا
هو إن سالموه نادى بسلم / وهو إن حاربوه خار الطعانا
إنه تارة يكون حماماً / يتغنى وتارة أفعوانا
وإذا ضيم عند قوم عَداهم / مبدلاً من ذاك المكان مكانا
أحسن الشعر ما يكون عن القل / بِ وآلامه لنا ترجمانا
إن أردت الغناء كان غناء / أو أردت البيان كان بيانا
إنه بلبل يغرد شجواً / جعلوا أقفاصاً له الأوزانا
يحسن الشاعر المبرز شدواً / مثلما الطير يحسن الألحانا
إن ميزان الشعر في كل قوم / مارسوه أن يجذب الإنسانا
وهو إن لم يعرب لهم عن شعور / كان ممن يقوله هذيانا
قد تمادى الفرات في طغيانه
قد تمادى الفرات في طغيانه / وابى الا قسوة في افتتانه
فاض حتى حسبته وهو يسطو / ملكا يستبد في سلطانه
غمر القاع ثم عب فانحى / يعتدي مزبداً على كثبانه
أتراه مصارعا يتحدى / ام تراه قد هاج من اشجانه
ذاهباً بالشياه يجرفها جر / ف وبالزرع وهو في ريعانه
انه في اكتساحه الزرع يعثو / سل روح الفلاح من جثمانه
لعظيم طوفانه وعظيم / ما اصاب الفلاح من طوفانه
ولقد كان قبل ذلك يأتي / حاملا للسلام في اردانه
قد تغنينا بالشجي من الشعر
قد تغنينا بالشجي من الشعر / واجهشنا بعد ذاك التغني
انا ابكي وامسح العين منها / وهي تبكي وتمسح العين مني
نبت الزهر والزمان ربيع
نبت الزهر والزمان ربيع / يملأ الارض سهلها والحزونا
فلماذا يا زهرتي انت آثر / ت على وجه الارض منها البطونا
عاث هذا المنون يسرف فينا
عاث هذا المنون يسرف فينا / فلحت تحتج الحياة المنونا
لم نكن بالارزاء نعبأ حتى / اخذ الموت قاهرا ادسونا
ذاك رزء عم الانام واني / لا ارى فوق الارض الا حزينا
اطفأ الدهر شعلة كانت الاضواء / منها يملأن منا العيونا
هد يقسو بمعول الموت ركنا / كان قد شادته الحياة متينا
افقد الخافقين مخترعا كا / ن بامثاله النبوغ ضنينا
علم العصر العبقري الذي قد / ذلل الصعب بالنهى مستعينا
وتقصى يبين ما لم يكن يو / ما لمن كان قبله مستبينا
ما اتى الكهرباء في الذكر الا / كان للفضل باسمه مقرونا
وهو القوة التي بقى النا / س دهورا عن امرها غافلينا
انما الكون كله كهرباء / وان انشق الناس يختلفوا
يا بلاد الامريك انا معزو / ك على رزء قد ابى ان يهونا
ملك الكهرباء خلدك العلم / وان كنت قد لقيت المنونا
ملك الكهرباء انا محيو / ك وان كنت في التراب دفينا
ملك الكهرباء ان علينا / لك فيما اخترعته لديونا
انني لا اعد من هو يحيا / في قلوب الورى من الهالكينا
لا يموت الذي يعيش بآثا / ر له في مصانع قد بنينا
لا يموت الذي يعظمه التأ / ريخ بعد القرون تقفو القرونا
لا يموت الذي توفق ان يعلن / ما كان سره مكنونا
واباحت له الطبيعة ان يخ / رج ما كان عندها مخزونا
انها لا تلقى المقاليد جمعا / ء الى غير من تراه امينا
وستبقى برغم موتك حيا / ما توالت بعد السنين السنونا
ان للأعمال الخلود مباح / لا لاجسام في القبور بلينا
انت من صيرت الليالي بيضا / بالمصابيح بعد ما كان جونا
انت من انطقت الجماد بما عندك / من قدرة فكان مبينا
انت من قد اشعلت في كل قطر / قبسا يهتدي به المهتدونا
وبذلت الجهد الجهيد فتيا / تصلح التغلراف والتلفونا
وقد اسطعت ان تحمل سلكا / في زمان انباء مختلفينا
وبعثت الاشباح ممن تناءوا / فرأى الناظرون ما يفعلونا
ونفعت الانام شرقا وغربا / باختراعات قد بلغن المئينا
وخدمت العلم العزيز لاجل العلم لم / تبغ منه دنياً ودينا
ولقد سرت فاحصا لا تبالي / أسهولا قد جبتها ام حزونا
أي خير للناس في نظر لم / يك بالفعل صدقه مقرونا
كل ما قد صنعت كان بديعا / كل ما قد ابدعت كان ثمينا
وخدمت الانسان بعد جهاد / متعب وهي غاية المحسنينا
تلك آيات قد سبقت بها مقتدرا / في حياتك الاولينا
ايها المبدع الكثير المناحي / أي شيء تركت للآخرينا
انت حيّ وانت ميت وهذا / من خصال قد حازها الخالدونا
اصبح الروح مطلقا يتسامى / غير ان الجثمان امسى دفينا
وكأن الارواح قد كن سجنى / وكأن الابدان كن سجونا
اتعبتك الحياة حتى مللت العيش / فاخترت في المنايا السكونا
واذا ما الحياة دب بها الوهن / فليست الاّ اسى وشجونا
ما لقاء المنون منك ببدع / أي انسان لا يلاقي المنونا
قد وددنا لو كنت للعلم تفدى / بالوف تحيا من الجاهلينا
يا لها من نوي على الرغم منا / قد قضى الدهر ان تكون شطونا
غير انا كنا نظن بان الموت / يستحيي ان يغولك فينا
ايها الراحل الكريم رويدا / فاليك الحاجات لم ينقضينا
اكبرت اذ فشا نعيك فيهم / امم الارض امره اجمعينا
انا لو كنت عند قبرك طأطأ / ت له الرأس خاشعا والجبينا
كنت في امر الروح توجس ريبا / فهل اليوم قد بلغت اليقينا
واذا كان الروح ليس بفان / فافدنا علما بذاك مبينا
انما هذا الكون بحر خضم / تستبيح الامواج منه السفينا
نعمة هذه الحياة لو ان الناس / من شر بعضهم يسلمونا
غير ان الفتى يعيش مهانا / من اناس يلقونه او مهينا
ان بين الذين يحيون فوق / الارض حربا على البقاء طحونا
ما على وجه الارض من هو يبقى / من رحاها التي تلحّ مصونا
قيل لي ان الناس تضحك جمعا
قيل لي ان الناس تضحك جمعا / ء سرورا فلا نلاقي حزينا
فلماذا نراك وحدك تبكي / قلت ابكي حزنا على الضاحكينا
اطمئني يا نفس بعد اضطراب
اطمئني يا نفس بعد اضطراب / قد أقض الفراش منك اطمئني
ان في الموت وهو منك قريب / لخلاصا من كل همّ وحزن
انت في شعر كان فتحاً مبينا
انت في شعر كان فتحاً مبينا / واحدا من اولئك الخالدينا
بعد الف من السنين اتينا / بك يا فردوسي محتفلينا
وغلى قبرك الذي فيه تغفو / نحمل الورد الغض والياسمينا
ولو أن الاحداث الفى مساغا / جعل القوم حج قبرك دينا
لك في تاريخ الملوك كتاب / يحمل الوحي والهدى واليقينا
قمت في نظمه ثلاثين عاماً / ثم لم تسأم طول تلك السنينا
حزت حينا تجلة واحتراماً / وتألمت للمصائب حينا
شاعر انت جامع للمزايا / خالد لا تدنو اليك المنايا
انت في دولة البيان بحق / ملك ذو عرش ونحن الرعايا
جاء ما قد نظمته من كتاب / تحفة فارسية للبرايا
ولقد اهديت الكتاب الى من / لم يكن ذا علم بقدر الهدايا
والمت بك الرزايا ولكن / انت ما كنت عابئا بالرزايا
يا امام القريض بعدك فينا / نفد الشعر الجزل الا بقايا
قد طلبنا التحرير للشعر حتى / كثرت في الطلاب منا الضحايا
ان ما قد قصصته من حروب / سوف يبقى تأثيره في القلوب
انت شمس لها البيان شعاع / لم تمل في طريقها للغروب
ما لألياذة التي حبرتها / يد هومير مثل ذا الاسلوب
تلك ليل جهم وهذا صباح / مسفر ما بوجهه من شحوب
كنت تمشي الى الامام حثيثيا / بخطى لم تخلق لغير الوثوب
يهتف اليوم الوافدون من الاقطار / افواجا باسمك المحبوب
جل ما قد نظمته في مزايا الفارسين / عن جميع العيوب
انت في شعرك البليغ امام / فسلام عليك ثم سلام
حبذا ما نظمته من كتاب / اكبرته الشعوب والاقوام
انت للشرق شاعر عبقري / تتغذى بقوله الافهام
لست ادري وليتني كنت ادري / أهو السحر ام هو الالهام
كنت للناس كوكبا ذا بهاء / اينما القى النور زال الظلام
في رياض الآداب غرسك يحكى / شجرا من اثماره الآلام
حلما كان ما املت ولكن / بعد الف قد صحت الاحلام
انت يا من بهرت بالشعر عيني / شاعر المشرقين والمغربين
انت لو تمسك الثريا بايد / شعراء امسكتها باليدين
انت مما تشعه من ضياء / يملأ العين ثالث القمرين
ما كتاب الملوك الا بلاغ / من ابي قاسم الى الملوين
كلما جئت منه اقرأ فصلا / اسبلت عيني فوقه دمعتين
تحفة من بلاغة وشعور / قد جلت ما في خاطري من رين
جمعت بعد ان مضى الف عام / بينه لحمة القريض وبيني
ان ما ناله الردى من حياتك / لم ينله للعجز من كلماتك
انت في شعرك البليغ نبي / وكتاب الملوك من معجزاتك
لك فيه بلاغة حيرتنا / أي روح نفثت في ابياتك
كل ما كنا قد نظمناه قبلا / نظرة في الحياة من نظراتك
كل ما عندنا من النظم والنثر / قبسناه منسنى آياتك
كل ما قد قلناه في هذه الذكرى / ثناء عليك بعض صفائك
قيل لي انت في حفير ولكن / لم اجد في الحفير غير رفاتك
قصرت في تقديرك الآباء / فتلافت ما فاتها الابناء
بعد الف من السنين اقامت / لك نيروزاً امة شماء
لك يا حجة البلاغة شعر / عجزت عن تقليده الشعراء
بمصابيح شعرك ازدانت الارض / كما ازدانت بالنجوم السماء
نمقته يراعة ذات حول / وبه لوّحت يد بيضاء
واذا ضيم الشاعر الحر يوما / في بلاد جلاه عنها الاباء
بعد آمال كن فيك خيالا / فاجأتك الحقيقة السوداء
يا كتاب الملوك انت كتاب / فيه للناس حكمة وصواب
خلق الفردوسي منك خضما / فاض يرغو كما يفيض العباب
بك للشرق ما اهتدى الشرق فخر / بك للغرب ما ارتقى اعجاب
بك في امة قد ازدادت الاخلاق / طيبا وازدانت الآداب
معجزات وراءها معجزات / آمنت اعجابا بها الألباب
انما في الشعر الحقيقة اصل / والخيالات كلها اثواب
واذا انكر النبوغ على الشرذ / ق قريق فانت انت الجواب
الذي لميقم به الغرنوي / قام مستوفيا به البهلوي
ملك من ارقى الملوك عظيم / لاسمه في سمع الزمان دوى
ملك بالسياستين خبير / وله فيهما الطريق السوى
اخضع الامة العظيمة بالحسنى / فلله عطفه الابوي
واذا قوة الارادة جلت / جل فيهم تأثيرها المعنةي
والذي لا يرى الحقيقة اعمى / والذي ينكر الرشاد غوى
انما اليوم ليس يصلح للملك على / وجه الارض الا القوى
انك السيف في يد الايام / قد نضته للحرب او للسلام
حاقنا للدماء بالمثل منها / في صدام الاقوام بالاقوام
في يديك القويتين اذا الامر / دعا حق النقض والابرام
واذا ما بدأت يوماً باصلا / ح جديد فالبدء للاتمام
حبذا ايران وعمران ايرا / ن وما في بلادها من نظام
ولقد سرني كما سر غيري / ما بها من نزاهة الاحكام
زرت بالامس الروض امتع عيني / واذا الورد فيه ذو اكمام
اهل ايران والحديث شجون / امة ما بها يليق السكون
شأنها في التأريخ اكبر شأن / حبذا في التأريخ تلك الشؤون
وعلى عين الشرق ران رقاد / دونه في غير الرجاء المنون
ثم انحى ينبه الشرق منه / ملك حد سيفه مسنون
انه لما قام للمجد يدعو / شخصت عن بعد اليه العيون
طار بالشعب كله للثريا / صاعدا لو يكون مالا يكون
سيعود المجد القديم لايرا / ن فتفضى الى اليقين الظنون
ايها الشعر انك ابن شعوري / تغتذي من كآبتي وسروري
حاملا ضحكة الذي عيشه كا / ن رغيدا او دمعة الموتور
سالما من ضعف يريبك منه / خاليا من زوائد وقشور
ليس شعرا ما ليس فيه شعور / لا يهيج الشعور غير الشعور
واذا الشعر لم تهزك منه / روعة فهو جامد كالقبور
انما الشاعر الموفق يمشي / من خلود على رقاب الدهور
معجب بالهزار كل بني الارض وان / لم يكن سوى عصفور