المجموع : 6
قِف بِروما وَشاهِدِ الأَمرَ وَاِشهَد
قِف بِروما وَشاهِدِ الأَمرَ وَاِشهَد / أَنَّ لِلمُلكِ مالِكاً سُبحانَه
دَولَةٌ في الثَرى وَأَنقاضُ مُلكٍ / هَدَمَ الدَهرُ في العُلا بُنيانَه
مَزَّقَت تاجَهُ الخُطوبُ وَأَلقَت / في التُرابِ الَّذي أَرى صَولَجانَه
طَلَلٌ عِندَ دِمنَةٍ عِندَ رَسمٍ / كَكِتابٍ مَحا البِلى عُنوانَه
وَتَماثيلُ كَالحَقائِقِ تَزدا / دُ وُضوحاً عَلى المَدى وَإِبّانَه
مَن رَآها يَقولُ هَذي مُلوكُ / الدَهرِ هَذا وَقارُهُم وَالرَزانَه
وَبَقايا هَياكِلٍ وَقُصورٍ / بَينَ أَخذِ البِلى وَدَفعِ المَتانَه
عَبَثَ الدَهرُ بِالحَوارِيِّ فيها / وَبَيلَيوسَ لَم يَهَب أُرجُوانَه
وَجَرَت هاهُنا أُمورٌ كِبارٌ / واصَلَ الدَهرُ بَعدَها جَرَيانَه
راحَ دينٌ وَجاءَ دينٌ وَوَلّى / مُلكُ قَومٍ وَحَلَّ مَلِكٌ مَكانَه
وَالَّذي حَصَّلَ المُجِدّونَ إِهرا / قُ دِماءٍ خَليقَةٍ بِالصِيانَه
لَيتَ شِعري إِلامَ يَقتَتِلُ النا / سُ عَلى ذي الدَنِيَّةِ الفَتّانَه
بَلَدٌ كانَ لِلنَصارى قَتاداً / صارَ مُلكَ القُسوسِ عَرشُ الدِيانَه
وَشُعوبٌ يَمحونَ آيَةَ عيسى / ثُمَّ يُعلونَ في البَرِيَّةِ شانَه
وَيُهينونَ صاحِبَ الروحِ مَيتاً / وَيُعِزّونَ بَعدَهُ أَكفانَه
عالَمٌ قُلَّبٌ وَأَحلامُ خَلقٍ / تَتَبارى غَباوَةً وَفَطانَه
رَومَةُ الزَهوِ في الشَرائِعِ وَالحِك / مَةِ في الحُكمِ وَالهَوى وَالمَجانَه
وَالتَناهي فَما تَعَدّى عَزيزاً / فيكِ عِزٌّ وَلا مَهيناً مَهانَه
ما لِحَيٍّ لَم يُمسِ مِنكِ قَبيلٌ / أَو بِلادٌ يُعِدُّها أَوطانَه
يُصبِحُ الناسُ فيكِ مَولى وَعَبداً / وَيَرى عَبدُكِ الوَرى غِلمانَه
أَينَ مُلكٌ في الشَرقِ وَالغَربِ عالٍ / تَحسُدُ الشَمسُ في الضُحى سُلطانَه
قادِرٌ يَمسَخُ المَمالِكَ أَعما / لاً وَيُعطي وَسيعَها أَعوانَه
أَينَ مالٌ جَبَيتِهِ وَرَعايا / كُلُّهُم خازِنٌ وَأَنتِ الخَزانَه
أَينَ أَشرَافُكِ الَّذينَ طَغَوا في الدَه / رِ حَتّى أَذاقَهُم طُغيانَه
أَينَ قاضيكِ ما أَناخَ عَلَيهِ / أَينَ ناديكِ ما دَهى شَيخانَه
قَد رَأَينا عَلَيكِ آثارَ حُزنٍ / وَمِنَ الدورِ ما تَرى أَحزانَه
اِقصِري وَاِسأَلي عَنِ الدَهرِ مِصراً / هَل قَضَت مَرَّتَينِ مِنهُ اللُبانَه
إِنَّ مَن فَرَّقَ العِبادَ شُعوباً / جَعَلَ القِسطَ بَينَها ميزانَه
هَبكِ أَفنَيتِ بِالحِدادِ اللَيالي / لَن تَرَدّى عَلى الوَرى رومانَه
مَرحَباً بِالرَبيعِ في رَيعانِهِ
مَرحَباً بِالرَبيعِ في رَيعانِهِ / وَبِأَنوارِهِ وَطيبِ زَمانِه
رَفَّتِ الأَرضُ في مَواكِبِ آذا / رَ وَشَبَّ الزَمانُ في مِهرَجانِه
نَزَلَ السَهلَ ضاحِكَ البِشرِ يَمشي / فيهِ مَشيَ الأَميرِ في بُستانِه
عادَ حَلياً بِراحَتَيهِ وَوَشياً / طولُ أَنهارِهِ وَعَرضُ جِنانِه
لُفَّ في طَيلَسانِهِ طُرَرَ الأَر / ضِ فَطابَ الأَديمُ مِن طَيلَسانِه
ساحِرٌ فِتنَةَ العُيونِ مُبينٌ / فَصَّلَ الماءَ في الرُبا بِجُمانِه
عَبقَرِيُّ الخَيالِ زادَ عَلى الطَي / فِ وَأَربى عَلَيهِ في أَلوانِه
صِبغَةُ اللَهِ أَينَ مِنها رَفائي / لُ وَمِنقاشُهُ وَسِحرُ بَنانِه
رَنَّمَ الرَوضُ جَدوَلاً وَنَسيماً / وَتَلا طَيرَ أَيكِهِ غُصنُ بانِه
وَشَدَت في الرُبا الرَياحينُ هَمساً / كَتَغَنّي الطَروبِ في وُجدانِه
كُلُّ رَوحانَةٍ بِلَحنٍ كَعُرسٍ / أُلِّفَت لِلغِناءِ شَتّى قِيانِه
نَغَمٌ في السَماءِ وَالأَرضِ شَتّى / مِن مَعاني الرَبيعِ أَو أَلحانِهِ
أَينَ نورُ الرَبيعِ مِن زَهرِ الشِع / رِ إِذا ما اِستَوى عَلى أَفنانِه
سَرمَدُ الحُسنِ وَالبَشاشَةِ مَهما / تَلتَمِسهُ تَجِدهُ في إِبّانِه
حَسَنٌ في أَوانِهِ كُلِّ شَيءٍ / وَجَمالُ القَريضِ بَعدَ أَوانِه
مَلَكٌ ظِلُّهُ عَلى رَبوَةِ الخُل / دِ وَكُرسِيُّهُ عَلى خُلجانِه
أَمَرَ اللَهُ بِالحَقيقَةِ وَالحِك / مَةِ فَاِلتَفَّتا عَلى صَولَجانِه
لَم تَثُر أُمَّةٌ إِلى الحَقِّ إِلا / بُهُدى الشِعرِ أَو خُطا شَيطانِه
لَيسَ عَزفُ النُحاسِ أَوقَعَ مِنهُ / في شُجاعِ الفُؤادِ أَو في جَبانِه
ظَلَّلَتني عِنايَةٌ مِن فُؤادٍ / ظَلَّلَ اللَهُ عَرشَهُ بِأَمانِه
وَرَعاني رَعى الإِلَهُ لَهُ الفارو / قَ طِفلاً وَيَومَ مَرجُوِّ شانِه
مَلِكُ النيلِ مِن مَصَبَّيهِ بِالشَط / طِ إِلى مَنبَعَيهِ مِن سودانِه
هُوَ في المُلكِ بَدرُهُ المُتَجَلّي / حُفَّ بِالهالَتَينِ مِن بَرلُمانِه
زادَهُ اللَهُ بِالنِيابَةِ عِزّاً / فَوقَ عِزِّ الجَلالِ مِن سُلطانِه
مِنبَرُ الحَقِّ في أَمانَةِ سَعدٍ / وَقِوامُ الأُمورِ في ميزانِه
لَم يَرَ الشَرقُ داعِياً مِثلَ سَعدٍ / رَجَّهُ مِن بِطاحِهِ وَرِعانِه
ذَكَّرَتهُ عَقيدَةُ الناسِ فيهِ / كَيفَ كانَ الدُخولُ في أَديانِه
نَهضَةٌ مِن فَتى الشُيوخِ وَروحٌ / سَرَيا كَالشَبابِ في عُنفُوانِه
حَرَّكا الشَرقَ مِن سُكونٍ إِلى القَي / دِ وَثارا بِهِ عَلى أَرسانِه
وَإِذ النَفسُ أُنهِضَت مِن مَريضٍ / دَرَجَ البُرءُ في قُوى جُثمانِه
يا عُكاظاً تَأَلَّفَ الشَرقُ فيهِ / مِن فِلسطينِهِ إِلى بَغدانِه
اِفتَقَدنا الحِجازَ فيهِ فَلَم نَع / ثُر عَلى قُسِّهِ وَلا سَحبانِه
حَمَلَت مِصرُ دونَهُ هَيكَلَ الدي / نِ وَروحَ البَيانِ مِن فُرقانِه
وُطِّدَت فيكَ مِن دَعائِمِها الفُص / حى وَشُدَّ البَيانُ مِن أَركانِه
إِنَّما أَنتَ حَلبَةٌ لَم يُسَخَّر / مِثلُها لِلكَلامِ يَومَ رِهانِه
تَتَبارى أَصائِلُ الشامِ فيها / وَالمَذاكِيِ العِتاقُ مِن لُبنانِه
قَلَّدَتني المُلوكُ مِن لُؤلُؤِ البَح / رَينِ آلاءَها وَمِن مَرجانِه
نَخلَةٌ لا تَزالُ في الشَرقِ مَعنىً / مِن بَداواتِهِ وَمِن عُمرانِه
حَنَّ لِلشامِ حِقبَةً وَإِلَيها / فاتِحُ الغَربِ مِن بَني مَروانِه
وَحَبَتني بُمبايُ فيها يَراعاً / أُفرِغَ الودُّ فيهِ مِن عِقيانِه
لَيسَ تَلقى يَراعَها الهِندُ إِلّا / في ذَرا الخُلقِ أَو وَراءَ ضَمانِه
أَنتَضيهِ اِنتِضاءَ موسى عَصاهُ / يَفرَقُ المُستَبِدُّ مِن ثُعبانِه
يَلتَقي الوَحيَ مِن عَقيدَةِ حُرٍّ / كَالحَوارِيِّ في مَدى إيمانِه
غَيرَ باغٍ إِذا تَطَلَّبَ حَقّاً / أَو لَئيمِ اللَجاجِ في عُدوانِه
موكِبُ الشِعرِ حَرَّكَ المُتَنَبّي / في ثَراهُ وَهَزَّ مِن حَسّانِه
شَرُفَت مِصرُ بِالشُموسِ مِنَ الشَر / قِ نُجومِ البَيانِ مِن أَعيانِه
قَد عَرَفنا بِنَجمِهِ كُلَّ أُفقٍ / وَاِستَبَنّا الكِتابَ مِن عُنوانِه
لَستُ أَنسى يَداً لِإِخوانِ صِدقٍ / مَنَحوني جَزاءَ مالَم أُعانِه
رُبَّ سامي البَيانِ نَبَّهَ شَأني / أَنا أَسمو إِلى نَباهَةِ شانِه
كانَ بِالسَبقِ وَالمَيادينِ أَولى / لَو جَرى الحَظُّ في سَواءِ عَنانِه
إِنَّما أَظهَروا يَدَ اللَهِ عِندي / وَأَذاعوا الجَميلَ مِن إِحسانِه
ما الرَحيقُ الَّذي يَذوقونَ مِن كَر / مي وَإِن عِشتُ طائِفاً بِدِنانِه
وَهَبوني الحَمامَ لَذَّةَ سَجعٍ / أَينَ فَضلُ الحَمامِ في تَحنانِه
وَتَرٌ في اللَهاةِ ما لِلمُغَنّي / مِن يَدٍ في صَفائِهِ وَلِيانِه
رُبَّ جارٍ تَلَفَّتَت مِصرُ تولي / هِ سُؤالَ الكَريمِ عَن جيرانِه
بَعَثتَني مُعَزِّياً بِمآقي / وَطَني أَو مُهَنِّئاً بِلِسانِه
كانَ شِعري الغِناءَ في فَرَحِ الشَر / قِ وَكانَ العَزاءُ في أَحزانِه
قَد قَضى اللَهُ أَن يُؤَلِّفَنا الجُر / حُ وَأَن نَلتَقي عَلى أَشجانِه
كُلَما أَنَّ بِالعِراقِ جَريحٌ / لَمَسَ الشَرقُ جَنبَهُ في عُمانِه
وَعَلَينا كَما عَلَيكُم حَديدٌ / تَتَنَزّى اللُيوثُ في قُضبانِه
نَحنُ في الفِقهِ بِالدِيارِ سَواءٌ / كُلُّنا مُشفِقُ عَلى أَوطانِه
اِتَّخَذتِ السَماءَ يا دارُ رُكنا
اِتَّخَذتِ السَماءَ يا دارُ رُكنا / وَأَوَيتِ الكَواكِبَ الزُهرَ سَكنا
وَجَمَعتِ السَعادَتَينِ فَباتَت / فيكِ دُنيا الصَلاحِ لِلدينِ خِدنا
نادَما الدَهرَ في ذَراكِ وَفَضّا / مِن سُلافِ الوِدادِ دَنّاً فَدَنّا
وَإِذا الخُلقُ كانَ عِقدَ وِدادٍ / لَم يَنَل مِنهُ مَن وَشى وَتَجَنّى
وَأَرى العِلمَ كَالعِبادَةِ في أَب / عَدِ غاياتِهِ إِلى اللَهِ أَدنى
واسِعَ الساحِ يُرسِلِ الفِكرَ فيها / كُلُّ مَن شَكَّ ساعَةً أَو تَظَنّى
هَل سَأَلنا أَبا العَلاءِ وَإِن قَلَّ / بَ عَيناً في عالَمِ الكَونِ وَسنى
كَيفَ يَهزا بِخالِقِ الطَيرِ مَن لَم / يَعلَمِ الطَيرَ هَل بَكى أَو تَغَنّى
أَنتِ كَالشَمسِ رَفرَفاً وَالسِماكَي / نِ رِواقاً وَكَالمَجَرَّةِ صَحنا
لَو تَسَتَّرتِ كُنتِ كَالكَعبَةِ الغَر / راءِ ذَيلاً مِنَ الجَلالِ وَرُدنا
إِن تَكُن لِلثَوابِ وَالبِرِّ دارٌ / أَنتِ لِلحَقِّ وَالمَراشِدِ مَغنى
قَد بَلَغتِ الكَمالَ في نِصفِ قَرنٍ / كَيفَ إِن تَمَّتِ المَلاوَةُ قَرنا
لا تَعُدّي السِنينَ إِن ذُكِرَ العِل / مُ فَما تَعلَمينَ لِلعَلمِ سِنّا
سَوفَ تَفنى في ساحَتَيكِ اللَيالي / وَهوَ باقٍ عَلى المَدى لَيسَ يَفنى
يا عُكاظاً حَوى الشَبابَ فِصاحاً / قُرَشِيّينَ في المَجامِعِ لُسنا
رُبَّ عاثٍ في الأَرضِ لَم تَجعَلِ الأَر / ضُ لَهُ إِن أَقامَ أَو سارَ وَزنا
عاشَ لَم تَرمِهِ بِعَينٍ وَأَودى / هَمَلاً لَم تُهِب لِناعيهِ أُذنا
نَظَمَ اللَهُ مُلكَهُ بِعِبادٍ / عَبقَرِيّينَ أَورَثوا المُلكَ حُسنا
شَغَلَتهُم عَنِ الحَسودِ المَعالي / إِنَّما يُحسَدُ العَظيمُ وَيُشنا
مِن ذَكِيِّ الفُؤادِ يورِثُ عِلماً / أَو بَديعِ الخَيالِ يَخلُقُ فَنّا
كَم قَديمٍ كَرُقعَةِ الفَنِّ حُرٍّ / لَم يُقَلِّل لَهُ الجَديدانِ شَأنا
وَجَديدٍ عَلَيهِ يَختَلِفُ الدَه / رُ وَيَفنى الزَمانُ قَرناً فَقَرنا
فَاِحتَفِظ بِالذَخيرَتَينِ جَميعاً / عادَةُ الفَطنِ بِالذَخائِرِ يُعنى
يا شَباباً سَقَونِيَ الوُدَّ مَحضاً / وَسَقَوا شانِئي عَلى الغِلِّ أَجنا
كُلَّما صارَ لِلكُهولَةِ شِعري / أَنشَدوهُ فَعادَ أَمرَدَ لَدنا
أُسرَةُ الشاعِرِ الرُواةُ وَما عَن / نَوهُ وَالمَرءُ بِالقَريبِ مُعَنّى
هُم يَضُنّونَ في الحَياةِ بِما قا / لَ وَيُلفَونَ في المَماتِ أَضَنّا
وَإِذا ما اِنقَضى وَأَهلوهُ لَم يَع / دَم شَقيقاً مِنَ الرُواةِ أَوِ اِبنا
النُبوغَ النُبوغَ حَتّى تَنُصّوا / رايَةَ العِلمِ كَالهِلالِ وَأَسنى
نَحنُ في صورَةِ المَمالِكِ ما لَم / يُصبِحِ العِلمُ وَالمُعَلِّمُ مِنّا
لا تُنادوا الحُصونَ وَالسُفنَ وَاِدعوا ال / عِلمَ يُنشِئ لَكُم حُصوناً وَسُفنا
إِنَّ رَكبَ الحَضارَةِ اِختَرَقَ الأَر / ضَ وَشَقَّ السَماءَ ريحاً وَمُزنا
وَصَحِبناهُ كَالغُبارِ فَلا رَج / لاً شَدَدنا وَلا رِكاباً زَمَمنا
دانَ آباؤُنا الزَمانَ مَلِيّاً / وَمَلِيّاً لِحادِثِ الدَهرِ دِنّا
كَم نُباهي بِلَحدِ مَيتٍ وَكَم نَح / مِلُ مِن هادِمٍ وَلَم يَبنِ مَنّا
قَد أَنى أَن نَقولَ نَحنُ وَلا نَس / مَعُ أَبناءَنا يَقولونَ كُنّا
مرحبا بالفتى العظيم الشان
مرحبا بالفتى العظيم الشان / سيد الكل من بنى الألمان
وارث النسر للسلام جناحا / ه وللحرب ذانك المِخلبان
يخطف النصر في وجوه السرايا / زاهدا في غنائم العقبان
مصر من نوركم ونور اخيكم / قد مشى فوق أرضها الفرقدان
أنت في كل بلدة تتجلى / وأبوك العظيم ملء الزمان
مظهر الشمس في الوجود علوا / ونشاط الأفلاك في الدوران
عالم شاعر حكيم خطيب / ماله فوق منبر العصر ثاني
ما نسينا وقوفه بصلاح ال / دين والعالمون في نسيان
كلمات قد زادت القبر طيبا / فوق طيب العظام والأكفان
وإذا القلب كان سمحا كريما / ظهرت طيباته في اللسان
والمروءات عند أربابها فو / ق اختلاف الآراء والأديان
قف برمسيس إنه كصلاح ال / دين أهل لذلك الإحسان
قل له يا أبا الملوك هل العي / ش وإن طال غير بضع ثوان
قم فعظنا فهذه هامة أبن ال / شمس اين النحاس والتاجان
ونعم هذه يمينك لكن / حيل بين اليمين والصولجان
وتأمل على الصعيد بقايا / دولة فوق دولة الرومان
قهرت أربعين شعبا إلى أن / قبرتها طوارق الحدثان
يا ابن غليوم يوم ترجع بر / لين ويصغى لقولك الوالدان
قل لمولاك يا أبي ومليكي / مصر أم الشعوب ذات الحنان
منهل العالمين من كل جنس / وخِوان لكل قاصٍ دانى
قيل ما الفن قلت كل جميل
قيل ما الفن قلت كل جميل / ملأ النفس حسنه كان فنا
وإذا الفن لم يكن لك طبعا / كنت في تركه إلى الرشد أدنى
وإذا كان في الطباع ولم تحس / ن فما أنت بالغ فيه حسنا
وإذا لم تزد على ما بنى الأو / ل شيئا فلست للفن ركنا
لك يا مرتضى خلال كزهر ال / روض لاقى في ظل آذار مزنا
حلف الخط بعد مؤنس أو جع / فر لا يصطفى لغيرك يمنى
لك خط لو كان يغنى عن الحظ / جميل من الأمور لأغنى
هو أوفى من الزمان صِوانا / لبنات النهى واصدق خِذنا
تتمناه كل ناعمة الخدّ / ين خالا وكل دعجاء جفنا
مرقصات الوليد أعجب لفظا / بين أجزائه وأطرب معنى
حُلَل منذ أُلبِستها المعاني / لا نراها بجودة اللفظ تعنى
أخذتِ السماء يا دار ركنا
أخذتِ السماء يا دار ركنا / وأويت الكواكب الزهر سُكنى
وجمعت السعادتين فباتت / فيك دنيا الصلاح للدين خِدنا
نادَما الدهر في ذَراك وفضا / من سلاف الوداد دَنا فدنا
وإذا الخُلق كان عقد وداد / لم ينل منه من وشَى وتجنى
وأرى العلم كالعبادة في أب / عد غاياته إلى الله أدنى
واسع الساح يرسل الفكر فيها / كل من شك ساعة أو تظنى
هل سألنا أبا العلاء وإن قلّ / ب عينا في عالم الكون وسنى
كيف يهذِى بخالق الطير من لم / يعلم الطير هل بكى أو تغنى
أنتِ كالشمس رفرفا والسماك / ين رواقا والمجرّة صحنا
لو تسترت كنت كالقبة الغرا / ء ذيلا من الجلال وردنا
إن تكن للثواب والبر دارا / كيف إن تمت الملاوة قرنا
لا تَعدِّى السنين إن ذكر الع / لم فما تعلمين للعلم سنا
سوف تفنى في ساحتيك الليالي / وهو باق على المدى ليس يفنى
يا عكاظا حوى الشبا فصاحا / قرشيين في المجامع لُسنا
بثهم في كنانة الله نورا / من ظلام على البصائر أخنى
علَّموا بالبيان لا غرباء / فيه يوما ولا أعاجم لُكنا
فتية محسنون لم يخلفوا الع / لم رجاء ولا المعلم ظنا
صدعوا ظلمة على الريف حلت / وأضاءوا الصعيد سهلا وحزنا
من قضى منهم تفرق فكرا / في نهى النشء أو تقسم ذهنا
ناد دار العلوم إن شئت يا عا / يش أو شئت نادها يا سُكَينا
قل لها يا ابنة المبارك إيه / قد جرت كاسمه أمورك يمنا
هو في المهرجان حى شهيد / يجتلى غرس فضله كيف أجنى
وهو في العرس إن تحجّب أو لم / يحتجب والد العروس المهنا
ما جرى ذكره بناديك حتى / وقف الدمع في الشؤون فأثنى
رب خير ملئت منه سرورا / ذكّر الخيرين فاهتجت حزنا
أدرى إذ بناك أن كان يبني / فوق أنف العدوّ للضاد حصنا
حائط الملك بالمدارس إن شئ / ت وإن شئت بالمعاقل يبني
أنظر الناس هل ترى لحياة / عَطَلت من نباهة الذكر معنى
لا الغني في الرجال ناب عن الفض / ل وسلطانه ولا الجاه أغنى
رب عاث في الأرض لم يجعل الأر / ض له إن أقام أو سار وزنا
عاش لم ترمه بعين وأودى / همَلا لم تهب لناعيه أذنا
نظّم الله ملكه بعباد / عبقريين أورثوا الملك حسنا
شغلتهم عن الحسود المعالي / إنما يُحسد العظيم ويُشنا
من ذكىّ الفؤاد يوِرث علما / أو بديع الخيال يَخلق فنا
كم قديم كرقعة النجم حر / لم يقلل له الجديدان شأنا
وحديد عليه يختلف الده / ر ويفنى الزمان قرنا فقرنا
فاحتفظ بالذخيرتين جميعا / عادة الفطن بالذخائر يعنى
يا شبابا سقونيَ الودّ محضا / وسقوا شانئي على الغل أجنا
كلما صار للكهولة شعري / أنشدوه فعاد أمرد لدنا
أسرة الشاعر الرواة وما عنَّ / وه والمرء بالقريب معنى
هم يضنون في الحياة بما قا / ل ويُلفَون في الحياة أضنا
وإذا ما انقضى وأهلوه لم يع / دم شقيقا من الرواة أو أبنا
النبوغَ النبوغَ حتى تنصوا / راية العلم كالهلال وأسنى
نحن في صورة الممالك ما لم / يصبح العلم والمعلم منا
لا تنادوا الحصون والسفن وادعوا ال / علم ينشئ لكم حصونا وسفنا
إن ركب الحضارة اخترق الأر / ض وشق السماء ريحا ومزنا
وصحبناه كالغبار فلا رح / لا شددنا ولا ركابا زممنا
دان آباؤنا الزمان مليا / ومليا لحادث الدهر دنا
كم نباهي بلحد ميت وكم نح / مل من هادم ولم يبن مَنَّا
قد أنَى أن نقول نحن ولا نس / مع أبناءنا يقولون كنا