صَبِّر العقلَ للنفوسِ زِماماً
صَبِّر العقلَ للنفوسِ زِماماً / واعقِلِ النفس لا تَذَرْها سَواما
إن سَوْمَ النفوسِ للمرءِ داءٌ / فاعتقِِلْها عن المَراعي نِظاما
لا تذَرْها بمَعْرَكِ الجهل تزهُو / إن جهلَ النفوسِ أدهى سَقاما
فهْي شيطانُك الغَوِيُّ فصُنها / إن صونَ النفوسِ أعلى مقاما
إِنْ تذَرْها لدى الجهالةِ هامتْ / أَوْ تَرِدْها التُّقَى تَحِنُّ هُياما
تخبِط الأرضَ بالمَناسمِ جهلاً / لَيْسَ تدرِي مَاذَا يكون أَماما
شامتِ البرقَ مَوْهِناً فاستطارتْ / لَيْسَ كلُّ العروق تهمِي رِهاما
عَرَّها زِبْرِج الغرورِ فَهشَّتْ / إن كيد النفوسِ كَانَ غَراما
تأنفُ الوِرْدَ والفُرات بِفيها / وتَحُزُّ المقالَ تبغِي جَهاما
هَوِّني السعيَ لا تُراعِي بدَهشٍ / ليس لمعُ السرابِ يَشْفِي أُواما
واذْرِفي الدمعَ بالتَّعقل واهْمِي / ماءَ حزنٍ بوجنتَيكِ انسِجاما
وأَميطِي قَذاءَ عينيك من بَيْ / نِ زواياهُ تُدرِكيه رُكاما
دُونَكِ الجِدُّ فافرِغي الجهدَ فِيهِ / لَيْسَ ذا الهَزْل للنفوس قَواما
أنت بالغورِ ترزمين اشْتِياقاً / واشتِياقي بشِعْب وادي تِهاما
تَنْدُبِين اللِّوَى وأَندبُ نَجْداً / كلُّ عينٍ تبكي لشَجْوٍ غَراما
مَا شَجاني ذِكْرُ المَرابعِ لكنْ / رَشقتني يدُ الزمانِ سِهاما
كلما قوَّم الإلهُ قَناةً / جَرَّد الدهر للقناة حُساما
وَيْكَ يَا دهرُ أَقْصِر الخَطْوَ عني / إنّ من قَوّمَ الإلهُ اسْتقاما
واتقِ الله إن لله خَلْقاً / إِنْ يمرّوا باللَّغْوِ مَرّوا كِراما
هكذا الدهرُ بعكسِ الأمر شَرْعاً / كيْفَ نرجو من الزمان إماما
مَنْ لِغِرٍّ يَسُومه الدهرُ خَسْفاً / يَقْدَح الماءَ كي يَشُبّ الضِّراما
يَفْتِلنَّ مَنْسَج العَناكِب حَبْلاً / يَتَّخذْ منه للزمان خِطاما
أَيُّهَا المُنْكِحُ الثُّريّا سُهَيلاً / تَجمعُ الشرقَ بالمغيبِ ازدحاما
عَمْرَك اللهَ لَوْ رَقيتَ الثريا / لَمْ تجدْ غيرَ فيصلٍ عنك حامى
يبذُل النفسَ والنَّفيس إذَا مَا / نَسْرُ بَغْيٍ عَلَى الرعية حاما
مَلكٌ شَبَّ فِي السياسةِ طفلاً / وامتطى غاربَ العُلى والسَّناما
حِلية الدهرِ حَمْية الدين هَذَا / واهبُ الجَزْل بل ثِمال اليتامى
يَألف السُّهْدَ يُكرم الوَفْد يحمى / بيضةَ الدِّين خيفةً أن تُساما
قَرَّه الله للخلافة رِدْءاً / سَدُّ يأجوجَ دونَه إِنْ تَسامَى
جامعُ الفكرِ شاسع الذِّكْر يَقْظا / ن إذَا الفَسل بالجهالةِ ناما
قَدْ تسامتْ براحتيهِ المَعالي / واطمأنتْ لَهُ الليالي احتراما
واختمته قناصل الرومِ لما / أنْ رأت معجزاتِه لم تُراما
يسبق النطقَ حَدْسُه إن تراءى / أَلْسَنُ القومِ فِي المَلا قَدْ ترامى
يحسب الجاهلون لما رأوه / أَسْفَر الوجهَ للنزيل احتِشاما
إِنما البشرُ للنصارى حَرام / لَيْسَ بشرُ الوجوهِ يُدْعَى حراما
فالأَفاعي أشدُّ لِيناً وأَدْهَى / صاحبُ الغدرِ من يُريك ابتساما
إن ليلَ الشبابِ أَهْنا صَباحاً / وبياضُ المَشيب أدهَى ظلاما
لو ترقتْ عقولُهم فَهْمَ مَا قَدْ / أَنكر الجاهلون قالوا سلاما
لَوْ علمنا بعالَم الغيب مَاذَا / مَا ركبْنا مَدى الحياةِ أثاما
يُنكر العقلُ فِعْلَ مَا عَزَّ عنه / فهمُه أَوْ يكون غِرٌّ تَعامَى
لَيْسَ من حَقَّق التجاربَ طفلاً / مثلَ من يحسب الدَّبور نُعامَى
إن رأى مَا يَسرُّه كَانَ لَيْثاً / أَوْ دَهتْه الخطوبُ صار نعاما
يَرفع الفعلَ بالنواصبِ عَسْفاً / عنده نصدرُ القُعودِ قِياما
يحسب العارِضَ الهَتون إذَا مَا / ثارتِ الريحُ بالفَلاة قتاما
سَلِّم الأمرَ إِنْ خَفِي عنك واصْمت / تجدِ الصمتَ للنفوسِ زِماما
كلُّ من لَمْ ير الهلالَ عِياناً / سَلَّم الأمر للبَصيرِ اعْتِصاما
أَيْنَ أهلُ العقولِ من أهل نعما / ن ومن لَمْ يخشَ فِي الإله مَلاما
راقِبوا الله وأحْسِنوا الأمرَ فيما / بَيْنكم والمليكِ تبقُوا كِراما
واعلموا أنه الوحيد المُرَجَّى / آخرَ الدهرِ للملوك خِتاما
كم دهَتْه من النصارى خطوبٌ / صرتُ أخشَى تكونُ منهم لِزاما
فتجلَّى لكَشْفِها فاضْمحلَّتْ / تَقْرَع السِّنَّ إذ تولت عَلَى مَا
كلُّ من رام كيدَه أَوْ أَذاه / أَوْبقتْه يدُ الزمان اخْتِراما
لَيْسَ فِي الدهرِ من يُدانيه عقلاً / أَوْ فَعالاً ونائِلاً أَوْ كلاما
لَيْسَ فِي الدهرِ من يُشار إِلَيْهِ / إن دَجَا الخَطْبُ يكشفنَّ اللِّثاما
فاحمَدوا اللهَ أهلَ نعمان طُرّاً / واشكروه كما كَفاكم ضِماما
لا تكونوا كخابطِ الشوكِ يَجْنِي / ثَمراً يانِعاً فيُلفي حُطاما
رَبِّ أَيِّدْ مليكَنا الفَرْمَ وأظْهِر / شِرْعَة الدينِ واحمِها أن تُضاما
واسبلِ السِّتْر يَا إلهي عَلَى من / قام فِي الدين ناصحاً واستقاما
ربِّ واشدد عُرا المحقِّين واقطع / شَأْفَة البُطْل هَلْكة وانتقاما
واحمِ سلطانَنا إلهي وصُنْه / مَا عَلَى الدين بالحماية قاما
ثُمَّ صَلِّ عَلَى رسولِك مَا قَدْ / حَنَّتِ النوقُ بالحُمول رِزاما
أَوْ تَغنَّى وُرْق الحمائمِ وَهْناً / يندب الإِلْفَ والِهاً مستَهاما
وعلى الآلِ والصحابةِ جَمْعاً / كلما حَرّك النسيمُ الخُزامى