المجموع : 3
رمق الأُفقَ طرفُه فترامى
رمق الأُفقَ طرفُه فترامى / ورأى الحق فوقه فتعامى
كلَّ يوم للحاكمين كؤوس / جرَّعوها الشعوب جاماً فجاما
كَذَب الخائفون ما الضيمُ منا / أيُّ شعب يُرضيه أن يستضاما!؟
إن حفِظتمْ على الصُّدور وساماً / فمن الشعب قد أضعتم وساما
آيتا العرب في ندىً وزِحام / طيِّبوا ذكركم وموتوا كراما
انا ذاك الحر العراقي إمّا / حَنَّ يستنهضُ العراقُ الشام
ذهب الناس من
ذهب الناس من / الدنيا بِمُلْكٍ ونعيمِ
وذهبنا نحن بالأشعارِ / والذوقِ السليم
وُلد الالمعيُ فالنجمُ واجمْ
وُلد الالمعيُ فالنجمُ واجمْ / باهتٌ من سُطوع هذا المُزاحمْ
أتُرى عالمَ السموات ينحطُّ / جلالاً عن واطئات العوالم
أم تظُن السماء في مهرجانٍ / لقريب من الملائك قادم
أم تُرى جاءت الشياطينُ تختصُّ / بروح مشكك متشائم
كيفما شاء فليكنْ إن فكراً / عبقرياً على المَجرة حائم
قال نجمٌ لآخرٍ : ليت أني / لثرى الكوفةِ المعطر لاثم
ولبيتٍ أناره عبقرىٌ / لم ينوَّر بمثله الأُفقُ خادم
ليت أني بريقُ عينيه أو أني / لنور القلب المشعِ مقاسم
أيها " الكوكبُ الجديدُ " تخيرْني / إذا ارتحت بسمةً في المباسم
ولقد قال ماردٌ يتلظى / في جحيمٍ على البرية ناقم :
أزعجتْ جوَّنا روائحُ من خبثٍ / وضَعفٍ على الثرى متراكم
لا أرى رسم بُرثُنٍ بين أظلافٍ / عجافٍ كثيرةٍ ومناسم
أفنسلُ المَلاك هذا وما كان / ملاك موكلاً بالجَرائم؟
أفهذا نسلُ الشياطينِ والشيطانُ / لم يَرْبُ في دُموع المآتم
إنَّ فيه أمراً عجيباً مخيفاً / ضعفَ مستَغشَمٍ وقسوةَ غاشم
لو ملكنا هذي اللُّحومَ لكانت / للذُباب المنحطِّ نِعمَ الولائم
وأُرانا نحتاج خَلقاً كهذا / عاصفاً ثائراً قويَّ الشكائم
فَلْنرجّف أعصابهَ وهو يقظانُ / ونزعجْ أحلامه وهو نائم
ولْنُوِّجْههُ قبْلةً لا يلقّى / عندها غيرَ حاقدٍ أو مخاصم
ولْنُثرْهُ ليملأ الكونَ عُنفاً / نفسٌ يُلهبُ المشاعر جاحم
أيها الماردُ العظيمُ تقبّلْ / ضَرَماً تستشيطُ منه الضرائم
وسأهديكَ ان تقبلتَ منى / مِعولاً من لظىً فإنك هادم!!
وسلامٌ عليك يوم تُناوِي / لؤمَ أطماعِهمْ ويومَ تهاجم
بُشِّر ألمنجبُ " الحسين " بمولودٍ / عليه من الْخُلود علائم
سابح الذهن حالم بلشقاتِ / شريد العينين بين الغمائم
وانبرت عبقَرٌ تزجِّي من الجنّ / وفوداً مزهوةً بالمواسم
واتى الكونَ " ضيفهُ " بدويَّ الرعد / يلقاه لا بسجع الحمائِم
عالماً أنَّ صوت خَلْقٍ ضعفٍ / غيرُ كفءٍ لمثل هذي الغلاصِم
فارشاً دربَهُ بشوك من الفقرِ / وجمرٍ من ضِغنةٍ وسخائِم
قائلاً :هذه حدودي تخطا / ها عظامٌ إلى أمورٍ عظائِم
ربما يفُرشَ الطريقُ بنثر الزَهر / لكن للغانيات النَواعم
قُبَل الأمهات أجدرُ ما كانَتْ / بوجهٍ مُلوَّحٍ للسمائِم
يا صليباً عوداً تحدَّته أنيابُ / الرزايا فما استلانَ بعاجِم
ورأي المجدَ خيرَ ما كان مجداً / حينَ يُستَلُّ من شُدوق الأراقِم
شامخٌ أنتَ والحزازاتُ تنهارُو / باقٍ وتضمحلُّ الشتائِم
وحياةُ الابطالِ قد يُعْجِز الشاعرَ / تفسيُرها كحَلِّ الطَلاسم
ربَّما استضعَفَ القويُّ سَديدَ / الرأي يأتيه من ضعيفٍ مُسالِم
ايُّ نَفْس هذي التي لا تعُدُّ العمرَ / غُنْماً إلا بظِلِّ المَغارِم
تَطرَحُ الخفضَ تحت خُفِّ بَعيرٍ / وتَرى العيشَ ناعماً غيرَ ناعِم
وتَلََذُّ الهجيرَ تحسَب أنَّ الذلَّ / يجري من حيثُ تَجري النسائِم
وترى العزَ والرجولةَ وصفينِ / غريبَينِ عن مُقيمٍ ملازِم
كلُّ ما تشتهيهِ أن تَصحب الصارمَ / عَضْباً وأن تَخُبَّ الرواسِم
هكذا النابغونَ في العُدْمِ لم تُرضِعْهُمُ / الغُنْجَ عاطفاتٌ روائِم
ونبوغُ الرجال أرفعُ من أنْ / يحتويه قَصْرٌ رفيعُ الدَعائِم
إنما يَبعَث النبيَّ إلى العالَمِ / بَيتٌ مُهَفْهفُ النورِ قاتِم
" كندةٌ " أينَ ؟ لم تُبقِّ يَد الدهرِ / عليها ولا تَدُلُّ المَعالم ؟
لم تخلف كفُّ الليالي من الكوفَةِ / إلا مُحرَّقاتِ الركائِم
أحصيد دور الثقافة في الشرقِ / ألا يستينُ منهُنَّ قائِم؟
أين بيتُ الجبار باق على سمعِ / الليالي مما يَقول زمازِم؟
" جُعف " منسيَّةٌ افاض عليها الشعرُ / ما كانَ في " أُمَيٍّ " و " هاشم "
لست أدري " اكوفة " المتنبي / أنجبته أم أنجبته العواصِم
غير ان النُبوغَ يَذوي وينمو / بين جوٍّ نابٍ وجوٍّ ملائِم
" حَلبٌ " فتَّقَت أضاميمَ ذِهنٍ / كان من قبلُ " وردةً " في كمائِم
أيُّ بحر من البيان بامواجِ / المعاني فياضةً متلاطِم
كَذَبَ المدَّعونَ معنىً كريماً / في قوافٍ مُهلهلاتٍ ألائِم
وَهبِ اللفظَ سُلَّماً فمتى استحسنتِ / العينُ واهباتِ السلالم؟
حجةُ العاجزين عن منطق الافذاذِ / يُخفون عجزَهم بالمزاعِم
روعةُ الحرب قد خلَعتَ عليها / روعةً من نسيجك المتلاحِم
شعَّ بين السطور ومضُ سِنانٍ / ثم غَطَّت عليه لَمعةُ صارِم
ما "ابن حمدان " إذ يقودُ من الموتِ / جيوشاً تُزجَى لموتٍ مُداهِم
بالغ ما بلَغْتَ في وصفك الجيشَيْن / اذ يقدحانِ زندَ الملاحِم
إذ يضمُّ القلبُ الجناحَ فترتدّ / الخوافي مهيضةً والقوادِم
وفرِاخ الطُيور في قُلَل الاجيال / تَهدي لها الظنونَ الرواجِم
لك عند الجُرْدِ الاصائلِ دَيْنٌ / مستَحقُّ الأداءِ في النَسل لازِم
كم أغرٍّ " مُحَجَّلٍ " ودَّ لو يُهديكَ / ما في جَبينه والمعاصِم
واجتلينا شعرَ الطبيعة في شعرك / تَفْتَّر عن ثُغورٍ بواسِم
شِعْبُ " بَوّان " لا تخيُّلُ فنّانٍ / غَنٌّ عنه ولا ذِهنُ راسِم
متعهُ الشاعرِ المفكرِ يقظانَ / ومَسْرى خيالِه وهو حالِم
لا تعفَّيْتَ من " مَمَرٍّ " كريمٍ / خلَّدَتْكَ المُحسَّناتُ الكرائِم
ايه خصمَ الملوك حتى يُقيموا / لك أمثولةَ النظيرِ المُزاحِم
عَضُدُ الدولة استشارَك بالإعزازِ / واللُطف يا عدوَّ الأعاجِم
رُحتَ عنه وأنت خَوفَ اشتياقٍ / لسِواه على فُؤادِكَ خاتِم
إن ذلك الوَداعَ كان نذيراً / بحِمامٍ دلَّتْ عليه عَلائِم
فلتُحيِّ الاجيالُ مغناكَ بالريحانِ / وَلْتَلْتَثِمْهُ وهي جَواثِم
رَمْز قَوميةٍ بَنَتهُ البَوادي / مُشمخرَّ البِناء ثَبتَ الدعائم
بدويَّ المُناحِ أرهفَ منه الحسَّ / جوٌّ مُشَعْشَعٌ غيرُ غائِم
لدِمشقٍ يَدٌ على الشِعرِ بيضاءُ / بما زيَّنَتْ له من مَواسِم
وسلامٌ على النُبوغ ففيما / تَسْقُط الذكريات وهو يُقاوِم