القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِبْراهيم ناجِي الكل
المجموع : 6
أين شط الرجاء
أين شط الرجاء / يا عُباب الهموم
ليلتي أنواء / ونهاري غيوم
أعولي يا جراح / اسمعي الدّيان
لا يهم الرياح / زورق غضبان
البلى والثقوب / في صميم الشراع
والضنى والشحوب / وخيال الوَداع
اسخري يا حياه / قهقهي يا رعود
الصبا لن أراه / والهوى لن يعود
الأماني غرور / في فم البركان
والدجى مخمور / والردى سكران
راحت الأيام / بابتسام الثغور
وتولى الظلام / في عناق الصخور
كان رؤيا منام / طيفك المسحور
يا ضفاف السلام / تحت عرش النور
اطحني يا سنين / مزقي يا حراب
كل برق يبين / ومضه كذاب
اسخري يا حياه / قهقهي يا غيوب
الصبا لن أراه / والهوى لن يؤوب
أنا وحدي في البِيدِ حيرانُ هائم
أنا وحدي في البِيدِ حيرانُ هائم / فمتى تَذكُرُ القفارَ الغمائم
رحمةً يا سماءُ إن فمي جف / ف وحَلقي عن المواردِ صائم
غاض نبعُ المُنى ولم يبقَ حتّى / ومضةُ الحُلمِ في محاجرِ نائم
أيّها الطاعمُ الكَرى ملءَ جَفنَي / ك وجفني من الكرى غيرُ طاعم
أَبكِني واستَبِدَّ بي واقضِ ما شا / ءَ لَك الحسنُ فيَّ واظلم وخاصم
غيرَ هذا النّوَى فإِنّ ليا / ليه ظلالٌ من المنايا حوائم
تضمحلُّ الحياةُ فيه وتنهد / دُ كأَنَّ النهارَ معولُ هادم
لا تَكلنِي لذلك الأبَدِ الأَس / وَدِ في قاعِ مُزبِدِ اللُج قاتم
لا تَكلنِي لِهُوَّةٍ تعصِفُ الأش / باحُ في جَوفِها وتَعوي السَّمائم
يسأل الزهرَ والخمائلَ والأن / وار عن تربِها الضحوكِ الباسم
ذاق ما ذاق فيّ الصبابة إلا / ذَبحَةَ الرُّوحِ وانفصالَ التوائم
إن تَعُد محسِناً إليّ فَعُد بي / للعهودِ المقدّساتِ الكرائم
وإذا ما رأيتَ عزميَ ينها / رُ فثَبِّت بالذِّكرَياتِ الدعائم
جئتنِي في الخريفِ والروضُ عارٍ / فكسوتَ الرُّبَى عذَارَى البراعم
وأجالَ الربيعُ أخضَرَ كفَّي / هِ ليمحو اصفرارَه المُتراكم
رحلةٌ للنجوم لم تَكُ أوها / ماً وبعضُ النعيم أوهامُ حالم
آهِ كم ليلةٍ أراجعُ أيا / مِي أعُدُّ العُلَى وأُحصِي العظائم
وحسبتُ الخسارَ فيها فكانَ ال / غَبنُ عندي زَمانِيَ المتقادم
قبلَ أن نلتَقي فلما تلاقَي / نا عرفتُ الغِنَى وذُقتُ المغانم
حيثما أغتَدِي فإنّ الدراري / ملءُ رُوحي وفي خيالي بواسم
إن أبِت جائعاً فثمّةَ زادي / أو أبِت مُعسراً فثَمَّ الدراهم
وعجيبٌ قد كنتَ لي حسدَ الحسّا / دِِ فيها وكنتَ أنت التمائم
بالذي صُنتُ عهده لم أخُنه / ومتى خانت الأكفُّ المعاصم
والذي حُكمُه كأقدارِ عَيني / ك فما منهما ولا منه عاصم
أيُّ صوتٍ من الغيوب ينادي / ني فأطوي له الدُّنَى والمعالم
قَدَرٌ مُشعَلٌ على شفةٍ تد / عو فأَخطو على اللَّظَى غيرَ نادم
وفؤادي يحومُ بالنّارِ لا يَح / فِلُ أنّي على المنيَّةِ حائم
الهوى مَصرَعي وكم من حِمامٍ / كان باباً إلى الخلود الدائم
وطريقاًَ من الأسنّةِ والشو / كِ رَوَت أرضُه الدموعُ السواجم
شهد اللهُ ما قضيتُ الليالي / ناعمَ الجَنبِ فوق مَهدٍ ناعم
أيُّ جَيشَيك مُغرِقي ليليَ الطا / غِي أم الشوقُ وحده وهو عارم
آه مِن رُبَّما ومن أملٍ يُم / سك نفسي رجاءَ يومٍ قادم
قد تجيءُ الأنباءُ من شاطئ الن / نيل غداً والمبشّراتُ النسائم
وتكونُ النجاةُ في القمر السا / ري على زورقٍ من النورِ حالم
بي نزوع إلى الدموع الهوامي
بي نزوع إلى الدموع الهوامي / غير أني أخاف من آلامي
أيهذا المكان يا غالي التر / ب ومثوى عبادتي واحترامي
أنت مثوى الذكرى ومدفنها الغالي / القصّي المجهول في الأيام
هذه خلوتي فلا تمنعوني / ما الذي تحذرون يا خلاني
إنها عادتي التي كنت أعتاد / وأهوى في سالف الأزمان
أخذتني لذِي الرحاب وقادت / قدمي في سبيل هذا المكان
أنظروا هذه السفوح وهذا النب / ت إذ قام مزهراً تيّاها
لكأني ما زلتُ تسمع أذني / في صموت الرمال وقع خطاها
وكأن النجوى بكل ممرٍّ / طوقتني في ستره يمناها
قد تراءى الصنوبر النضر إذ أين / نَع في قاتمٍ من الألوان
وتراءَى ليَ المضيق البعيد ال / غور يمتد في رخيّ المجاني
موحشات لكنما كن ألافي / ومهد الهنيء من أزماني
أنا ما جئت ها هنا أذكر الأش / جان في موطن عرفت فيه هنائي
ذلك الغاب رائع الحسن والصم / ت مثال الجلال والكبرياءِ
وفؤادي عاتٍ كرائع هذا / الغاب مستكبر على البرحاءِ
من يشأ أن يفيض يوماً بشك / واه فما هذا موضع الأحزان
قل لشاكٍ هلا مضيت لتجثو / عند مثوى ميت من الخلان
كل شيء حيّ هنا ونبات القبر / ينمو في غير هذا المكان
طلع البدر يرتقي ذروة الأفق / ويجتاز حالك الأسداد
يا أمير الظلام إنك تبدو / حائر الرأي واضح الترداد
ثم تمضي مجاوزاً حجب الليل / وترمي بنورك الوقَّاد
كلّما شارف الثرى فيض نور / مرسل من جبينك الوضّاح
وإذ الأرض قد تضوع منها / عن ثراها النديّ عطر الصباح
استثارت عطر القديم من الحب / دفين العبير في الأرواح
أيهذا الوادي المحبب ما زرتك / حتى سألت عن أوصابي
أين راحت لواعجي أين آلامي / اللواتي أهرمنني في الشباب
عاودتني طفولتي فيك حتى / خلت أني ما اجتزتُ يوم عذاب
يا خفاف السنين يا صولة الدهر / قوياً مثل الجبابر عاتي
كل ماضي صبابة قد أخذتن / فمن مدمع ومن حسرات
ورحمتنَّ لي أزاهر ذكرى / علقت في ذبولها بالحياة
فسلام مني على الأيام / كيف آست في النازلات الجسام
لم أكن أدري أن جرحاً بما / كابدت منه من فاتك الآلام
معقبٌ لذة لنفسي / وإحساس هناء لديّ بعد التئام
فليبن عني السخيف من الرأي / وتنأى سفاسف الأقوال
وهمومٌ كواذبٌ كفنت أثوابها / حب عاشقين ضآل
جعلوها مظاهراً لهواهم / والهوى الحق ليس منهم ببال
إيه دانتي أأنت ذاك الذي قال / قديماً عن ذكريات الهناءِ
إنها إن مرّت على ذاكريها / زمن الحزن فهي أشقى الشقاء
أي بؤسي أملت عليك مرير ال / قول حقاً أسأت للبأساء
أو إن أقبل الدجى بعد إدبا / ر نهارٍ صافي الضياء قضيته
تنكر النور في الوجود فيغدو / محض وهمٍ كأنه ما رأيته
ذلك القول وهو جدّ عجيب / أيها الخالد الآسي كيف قلته
قسماً بالطهور من لهب الحب / مضيئاً في القلب شبه المنار
ما عهدنا في قلبك الوافر / الإيمان هذا الضلال في الأفكار
لا أرى للهناء والله صدقاً / مثل صدق الهناء بالتذكار
أو إن أبصر الشقي وميضاً / في رماد الهوى فقام إليه
باسطاً نحوه يديه بلهفٍ / حارصاً أن يمر من كفيه
وبه من إشعاعه أثر البرق / إذا مرّ خاطفاً ناظريه
أو إن غاصت روحه في عباب الذ / ذكريات التي طوتها السنين
وعلى مرآة مجرحة من / ها جرى دمعه السخيّ الهتون
أو هذا السرور من ذكر الما / ضي تسميه بالعذاب المبين
إن تروا أدمعي فلا تزجروني / ودعوني إني أحب الدموعَا
لا تجفف أيديكم أدمعا تنفع / قلباً لمّا يزل موجوعا
أدمعي سترٌ مسبلٌ فوق ماضٍ / قد تولى ما يستطيع رجوعا
موقفٌ حانَ فاغتنم
موقفٌ حانَ فاغتنم / وتخير من الكلم
كلَّ لفظٍ أرقَّ مِن / ضحكة الزهر للدِّيم
مستَمَدٍّ من الرُّبى / مُستعارٍ من النّسم
اجمع الآنَ طاقةً / غضّةَ النور تبتسم
أُهدِها روحَ شاعرٍ / خالدٍ بالذي نَظم
قلمي ما الذي لدي / كَ من الخيرِ يا قلم
قم فذكّر وناج قو / مَك واخطُب وقل لهم
قل لأهل الغناء في / كنف المعهد الأشَم
ذلك الشاعرُ الذي / باتَ في خاطر الظُّلم
هو منكم وفنُّهُ / علمَ الله فنكم
كان لحناً فصار ذِك / راً كما يُذكَرُ الحُلم
إنما الشعر مزدهرٌ / قد حكى قصة الأمم
وبأوتاره المنى / تتلاقى وتزدحم
هو نايٌ مُرجِّعٌ / لشجيٍّ وما كتم
هو قيثارةُ الزما / نِ ونجواه مِن قِدَم
هو أنشودة الحيا / ةِ وفيضٌ من النغم
أيها المعهدُ الذي / بلغ المجدَ واستتم
كلُّ لحنٍ مذكرٍ / أشعل القلب فاضطرم
نظمته يدُ الأسى / وقَعته يدُ السقم
وأناشيدكم وما / صاغه الفنُّ من عِظم
هي أنّات أنفسٍ / بالمقاديرِ ترتطِم
وصباباتُ أعينٍ / يشهد الليل لَم تنم
وأغانيكُم التي / هي في قمةِ القمَم
هي آهات شاعرٍ / عرف الحبَّ والألم
ذلك الشاعرُ الذي / روحه الآن بينكم
لكأني أراه حَي / ياً وألقاهُ عن أمَم
وَهو في ذِروة الشبا / بِ وفي خفةِ القَدَم
غاشياً كلَّ منتدى / عاليَ الرأسِ محترم
كلما قال شعرَه / غمر السهلَ والعلم
دافقاً ليس ينتهي / أبداً سيله العرِم
باذلا للصديق والأه / لِ كلّ الذي غنِم
زوجه والبنون هُم / مجده والرجاء هُم
درجوا في ذرا العلا / نوَّروا في رُبى النعم
نشأوا في حمى العفا / فِ وجلُّوا عن التُّهم
حين ظنوا بأنَّ ما / أمَّلوا في الزمانِ تَم
إذ شكا الضعفَ سيد ال / بيت خارت به الهِمم
نام في حضنِه الضَّنى / وعلى صدره جَثم
وإذا بالطيور قد / دخل الموت وكرهُم
شِبهَ لصٍّ مخادعٍ / غشى البيت فالتهَم
وإذا الفاقةُ الجَري / ئةُ تَطغَى وتَنتَقِم
صنعت في رجائهم / فعلَة الذئبِ بالغنم
كأتونٍ مسعَّرٍ / غاضبٍ ينثرُ الحُمَم
مَن رأى البؤس إن عدا / مَن رأى الضنك إن هَجَم
مَن رأى العفةَ العري / قةَ بالدهر تصطدم
أُمتي ليس يُهزَمُ ال / فنُّ في أُمة الشّمَم
أُمَّتي ليس يخذلُ ال / جُودُ في أمة الكرَم
أُمَّتي أمة العلا / وأبي الهول والهرَم
أين شطُّ الرجاء
أين شطُّ الرجاء / يا عبابَ الهموم
ليلتي أنواء / ونهاري غيوم
أعولي يا جراح / أَسمعي الديَّان
لا يهم الرياح / زورقٌ غضبان
البلَى والثقوب / في صميم الشراع
والضنَى والشحوب / وخيالُ الوداع
في احتدامِ النار / واصطخابِ الأنين
تضحكُ الأقدار / ترقصُ السكين
كل يومٍ يروح / في احمرارِ الجروح
كل صبحٍ يلوح / فجرُه مذبوح
اسخري يا حيَاة / قهقهي بالرعود
الصبا لن أراه / والهوَى لن يعود
الأمانِي غرور / في لَظَى البركان
والدجى مخمور / والردَى سكران
وخليعُ العباب / موجُه العربيد
دارَ بالأكواب / ويلَ هذا العيد
راحَتِ الأيام / بابتسامِ الثغور
وتقَضَّى الظلام / في عناق الصخور
كانَ رؤيا منام / كأسُكِ المسحور
يا ضفافَ السلام / تحتَ عرشِ النور
اطحني يا سنين / يا حراب
كلّ برقٍ يبين / كذاب
اسخري يا حياة / قهقهي يا غيوب
الصبَا لن أراه / والهوى لن يؤوب
يا جزيلَ الهبات والإنعامِ
يا جزيلَ الهبات والإنعامِ / زدتَ لطفاً باللطفِ من أنعامِ
وجلوتَ الظلام حتى تقَضَّى / ما على الكون مسحةٌ من ظلامِ
وجلوتَ الجمالَ والسحرَ والفجرَ / على ضوءِ ثغرِهَا البسَّامِ
وجلوتَ الزهورَ تَندَى علينا / فكأني أرى الربيعَ أمامي
يا حفيفَ النسيمِ يا رقَّةَ الوردِ / تجلَّى في ناضر الأَكمامِ
أنا إن قلتُ للجمالِ سلاماً / فقليلٌ لذا الجمالِ سلامي
وسلامي على البراءةِ والطهرِ / ومعناهما الرفيعِ السامي
وسلامي على سنَى وسناءٍ / كجمالِ البدورِ عند التمامِ
وسلامي على عذوبَةِ نفسٍ / وصفاءٍ كمسعدِ الأحلامِ
وسلامي على العيونِ اللواتي / هنُّ للفنِّ مصدرُ الإِلهامِ
جلالُ الدهور إِمَّا تقضَّت / وجمالُ السنين والأَعوامِ
خالداتٌ بما يُخَلِّدنَ فينا / من فنونٍ تفردت بالدوامِ
إيه إِنعام والقصائد تَترى / أنتِ سرُّ الإِبداعِ في الأقلامِ
وَضَحَ الوحي مثلما وَضَحَ الحبّ / فما في القلوبِ من إبهامِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025