خلفوا لي كآبة وهموما
خلفوا لي كآبة وهموما / وغراما ووحشة وغموما
يوم بانوا ولم يقولوا وداعا / مثلما انهم قلوا تسليما
لا كلام ولا سلام فهلا / كلموني بما يداوي الكلوما
طال ليل من بعدهم وسهادي / ان ليل المحب كان اليما
غاب عن مقلتي بدور كمال / فهي ترعى طول الليالي النجوما
وجوى في الحشا تاجج حتى / خلتني في الحياة اصلي جحيما
معدما من صبر غنيا من الشو / ق فهلا بقيت من ذا عديما
ان تكن لي النوى افتراسا واني / فارس فاللديغ يسمى سليما
يا فوادي واين اين فوادي / انت ايضا ممن اراه غريما
انت سولت لي الغرام فلما / ان تجلدت ذبت منه هيوما
ثم ان تاثر الرواة حديثا / عن طلول آثرت داء قديما
ثم تشكو ومن شكا وهو ياتي / ما شكا منه كان فيه ظلوما
بئس عيش تعيش فيه فلا تحيي / سعيدا ولا تموت رحيما
ان من همت فيه ملك حتى / صار من ذكر كل عهد سؤوما
فالام الرجا والياس روح / حين لا ينفع الدواء سقيما
وعلام المنى وشانك باد / انك الدهر لن تذوق نعيما
هكذا شان كل من خاض بحرا / للهوى وارتضى به ان يعوما
يا خليلي خلياني وشاني / لا يحيك الملام بي ان تلوما
لست ابغى لعلتي من دواء / فاكفياني الرقى لها والتميما
ودعاني على ابتئاسي فاني / اوثر الحزن لي سميرا نديما
خلوتي مونسي فما انا راء / لي بين الانام ندا وليما
كل ما لذهم فذلك عندي / الم غير ذكر ابراهيما
عبقري مهذب قد حوى في / صدره قبل ان يشب العلوما
ولهذا يدعى فصيحا وقد جا / ء فصيحا بكل فن عليما
كم له من متن وشرح افادا / واجادا المنثور والمنظوما
وقواف من كل بحر اذا ما / سردت خلتهن درا نظيما
عن ابيه وجده مستفيض / كل فضل فكان ارثا مقيما
سادة للفخار كانوا اصولا / وقطوبا وللمعالي اروما
علمت كل امة من اعزوا / واذلوا عربا وعجما وروما
كلهم كان كالفصيح حكيما / حازما ماجدا حليما زعيما
كم له من يد على تقاضت / حق شكري لها وفيا صميما
رد عني السفيه بالنظم والنثر / فكانا لذا الرجيم رجوما
لم يحر بعدها جوابا وقد كا / ن تصدى له عتلا زنيما
قد كساه بهتانه ثوب خزي / اينما سار سار فيه ذميما
مستكينا مطردا مخصوما / مستذلا مبعدا مشتوما
وسيبقى ما دام حيا شقيا / ومن الخير عاريا مشتوما
ثم يدعو يوم الحمام ثبورا / ثم يستانف العذاب الاليما
انه كان للجوائب ضدا / وعلى المسلمين طرا خصيما
كاد لي عن تغترف وعتو / ان كيد البرجيس كان عظيما
علم الناس ابرهيم خليلا / وصديقا لي ان دعوت حميما
هكذا من يغار للعلم يحمى / حق مستنصر ويخزى اللئيما
هكذا كل مومن يبتغى من / فضل مولى الآلاء فوزا عميما
ولهذا آتاه ذو العرش علما / ومقاما اعلى ورزقا كريما
وسجايا احلى من الشهد طعما / لست معها تستذكر المطعوما
هذه مدحتي فان كنت قصرت / فاني مدحت برا حليما