المجموع : 25
ما لحيتاننا جفتنا وأنَّى
ما لحيتاننا جفتنا وأنَّى / أخلفَ الزائرونَ مُنتظريهِمْ
قد أزحنا اعتلالهم وجَعَلنا / سَبْتهم جمعةً فما يُشكيهِمْ
جاء في السبت زَوْرُهم فأتينا / من حفاظٍ عليه ما يكفيهِمْ
وجَعَلناه يومَ عيدٍ عظيم / فكأنا اليهودُ أو نحكيهِمْ
واحتملنا مقالة الناسِ فينا / ولَهم كلُّ ما احتملنا وفيهِمْ
وأراهمُ مُصَممّينَ على الهج / رِ فلِمْ يُسخطونَ من يُرضيهِمْ
قُل لهم يُعتبونَنا أيها الحُرْ / رُ ويُولوننا كما نُوليهِمْ
أو يقولونَ لا نجيئُك مَجَّا / ناً فنرتادُ كافياً يشتريهِمْ
ليس شيء سوى الوفاءِ أو التص / ريح بالعذر فاعلمَنْ ينجيهِمْ
قد سَبتْنا وإنما كان قومٌ / يومَ لا يَسبتون لا يأتيهِمْ
أيها الآملُ البعيدُ من الغُنْ
أيها الآملُ البعيدُ من الغُنْ / م تذكر ما دونه من غرامَهْ
ما يفي غُنْم غانمٍ نال مأمو / لاً بعيداً بغُرمه أيامَهْ
اقضِ لي حاجتي ولا تمطلنّي
اقضِ لي حاجتي ولا تمطلنّي / فأرى الغُنم من نداكا غراما
ما يفي غُنْمُ غانمٍ نالَ مأمو / لاً بعيداً بغُرمه الأياما
يا سليمانُ لا ألومك في ردْ
يا سليمانُ لا ألومك في ردْ / دِك شعري وهل تُلام البهيمَهْ
دلَّهتك اثنتانِ عن فهم شعري / خوفُ أن تُجتَدى وخوفُ الهزيمَهْ
بل رأيت المديحَ فيك قبيحاً / كَلبوسٍ على عروسٍ ذميمَهْ
بل قد ارتحْتَ واهتَزَزت لشعري / فأرتك الإمساك نفسٌ لئيمَهْ
فرحَ الناسُ أن تَهيَّأ في الفِطْ
فرحَ الناسُ أن تَهيَّأ في الفِطْ / رِ لهم بالنهارِ أكلُ الطعامِ
ورأينا الإمامَ يفرحُ في الفط / رِ بعاداته من الإطعامِ
أيَّدَ اللَّهُ مُلكَهُ ورعاهُ / وسقاهُ وحاطهُ من إمامِ
فهو المُرتجَى لأن يعْضُد اللَّ / هُ به ما وهي من الإسلامِ
لَانْتقامُ المظلومِ أرْبى على الظَّا
لَانْتقامُ المظلومِ أرْبى على الظَّا / لمِ من ظُلمه على المظلومِ
صاحبُ الظلم إن تأمَّلتَ كالرَّا / تِع في المرتعِ الوبيل الوخيمِ
يُجتلَى أمرُهُ فيعلم أنْ قد / باع ليلَ الكرى بليل السليمِ
فهو من لوم نفسهِ حين يخلو / في غرام وفي عذاب أليمِ
قد أُمِرَّتْ حياتُه وشجته / بُرَحاءُ النَّدام والتنديمِ
لو تجافى الخصيمُ عنه وأغضى / لكفاهُ بنفسه من خصيمِ
وأخو الانتقام ناعمُ بالٍ / يتشفَّى بكلِّ ثأرٍ مُنيمِ
لم يجدْ نفسه ألامتْ فيلحا / ها ولم ينصرف بخدٍّ لطيمِ
من عذيري من الخلائف حَلُّوا
من عذيري من الخلائف حَلُّوا / بمحلِّ المُليم كلِّ المُليمِ
حفظوا حقَّ مُصعبٍ في سلي / مانَ بتضييع كلِّ أمرٍ جسيمِ
نَفَلوه على الهزيمةِ بغدا / دَ كأن قد أتى بفتح عظيمِ
لم يكن مثله يُولَّى ولكن / حفظوا في الحديث حقَّ القديمِ
ضيّعوا حُرمة الخلافة جهلاً / ورعوا حرمة العظام الرميمِ
سوف تُغني العظامُ عنهم إذا ما / أصبح الملك مستباحَ الحريمِ
أيها السيد الذي فاق في الجو
أيها السيد الذي فاق في الجو / دِ وتمَّ الحجا له والوسامُ
وأطاعتْ له الروايةُ والصَّنْ / عةُ وانقاد كيف شاء الكلامُ
لا تَخَلْ أوجَبَ الحقوق على المر / ء حقوقاً قضى بها الحُكَّامُ
إنما أوجبُ الحقوقِ على المر / ء حقوقٌ قضى بهنّ الذِّمامُ
وذِمامي كما علمتَ وقدْ قدْ / دَمْتُ وعداً في عقده استحكامُ
وإذا ما الذِّمام أكَّده الوع / دُ فحُقَّ الحِباء والإكرامُ
كنتَ أنعمت لي بأشياءَ إن تمْ / مَتْ ففيها لحاسدي إرغامُ
وأراها تأخَّرتْ بالتناسي / واستمرَّتْ من دونها الأيامُ
وتقاضيتُ بالسكوتِ إلى أنْ / لامني في لُزومه اللُّوَّامُ
فتوَّق الإنعامَ إلّا مع الأن / عام أوْ لا فإنه استذمامُ
وحقيقٌ تركُ السكوت إذا طا / ل فلم ينتبه به النُّوَّامُ
حان أن تضلّ العِدات عن النج / حِ وأن تُطلِع الجنا الأكمامُ
فاذكُرِ الوعدَ فهْو كالعهد والإخ / لافُ كالنَّكْثِ وهو بسْلٌ حرامُ
ودعِ المطل راشداً فهْو مَيْدا / نٌ يروضُ النفوسَ فيه اللِّئامُ
نَعَمُ الحُرِّ خلفها نِعَمٌ من / ه فُرادَى وأخرياتٌ تؤامُ
ما تمامُ الإنعام قولاً سوى الإن / عامِ فعلاً ولِلأمور تمامُ
قد بذلتُ التذكير فابذلْ ليَ التن / كيرَ إنّ الزمان فيه عُرامُ
واغرَمِ المال واغنَمِ الحمد واعلم / أنَّ ذا المجدِ غارمٌ غنَّامُ
ومتى لم تكن سجيتُك الغُر / م إذا خيف من زمانٍ غَرامُ
زاحت العِلَّتان عنك فلا بُخ / لٌ يعوق الندى ولا إعدامُ
ولأنت الحقيق أنْ لا يُرى من / ك إذا ما وأيْتَ وأْياً ندامُ
يا أبا الفضل ريعُ شامِطْياقي
يا أبا الفضل ريعُ شامِطْياقي / بادئٌ عائدٌ لكمْ كُلَّ عامِ
ولعوداتُ ريع جودِك للآ / مل أولى من غيرها بالدوامِ
ليس يُنْجيكَ من ملامةِ قربٍ / غيرُ آلائك الحسانِ الجسامِ
فتعوَّذْ بحنطةِ الكشكِ منها / عائداً بالجميل عودَ الكرامِ
قسماً يا ابنَ صالح بنِ عليٍّ / وابنِ عيسى بنِ جعفر القمقامِ
إنَّ عَهْدي إذا تنكَّر عهدٌ / لجديدٌ وإنّ حُبِّي لنامي
مِقةٌ خالطت فؤادي ودبَّتْ / في عروقي ومخَّخَتْ في عظامي
فعلى قَدْر ذاك أسألُ حاجا / تي وأمتاحُها بغير احتشامِ
سائلاً جِلَّها لغيْرِ اشتطاطٍ / سائلاً دِقَّها لغير اغتنامِ
غيرَ مُستصغرٍ قليلَ عطايا / ك ولا مُكْبرٍ كبيرَ اللئامِ
وقديماً ما أظلموا كالليالي / وأضأتُمْ للناسِ كالأيامِ
وعلوتُمْ على الخليقة كالها / م وكان الرجالُ كالأقدامِ
وجَرَيْتُمْ في كل مَيْتٍ من المع / روفِ جَرْي الأرواحِ في الأجسامِ
وهْي قُرْبٌ وإنما أنا في الشَّيْ / ءِ وكيلٌ وأنت قاضي ذِمامِ
حبستْنا السماءُ حبساً كريماً
حبستْنا السماءُ حبساً كريماً / من كريمٍ وعِندَ حُرٍّ كريمِ
فظللنا بما ادَّعيناه من حل / مٍ وعلم ونائلٍ ونعيمِ
في أمانٍ ومَأمَنٍ بين غَيْثٍ / وغياثٍ لحادث وقديمِ
قاسمٍ قاسمِ العطايا الذي حا / ز العُلى وحْدَهُ بغيرِ قسيمِ
فرأينا العُلا أحَظَّ به مِنْ / هُ بها في قضاءِ كُلِّ حكيمِ
كَسْرَوِيٌّ شرابهُ من رحيقٍ / ومِزاجُ الرحيقِ من تَسْنيمِ
وغناءٌ كأَنَّهُ أرْيَحيّا / تُ الصِبى تستخِفُّ حِلْمَ الحليمِ
قَيِّمٌ كلّهُ وإنْ صِيغَ مِنْ أعْ / وجَ ذي عطفةٍ ومن مُستقيمِ
في رِباعٍ مثلِ الرياضِ يُحَيِّي / كَ بأنفاسها رَقيقُ النسيمِ
مَنْ سقَى ما سقَى وأسمعَ ما أسْ / مع لم يُبِق غايةً للنديمِ
جعل الله ريح دولتِهِ الده / رَ نَسيماً يَفوقُ كلَّ نَسيمِ
لَأَبو الجهم مُلْصَقٌ
لَأَبو الجهم مُلْصَقٌ / مُعْتَدٍ في تَجَهُّمِهْ
غيرَ أنِّي عذرتُهُ / في الخَنَا عِنْدَ لُوَّمِهْ
إنَّ مَنْ يُحفزُ الرجي / عُ بِعُنفٍ إلى فَمِهْ
لَحقيقٌ بأنْ يُرَى / جَعرُهُ في تَكَلُّمِهْ
لم يزل خالدٌ لَدُن كانَ طِفلاً
لم يزل خالدٌ لَدُن كانَ طِفلاً / مُرْضَعاً والأيورُ أكبرُ هَمِّهْ
كان قِدْماً يَمُصُّ أيْرَ أبيه / ويُطيل الصدودَ عن ثدْي أُمِّهْ
إن عبْدَ القَوِيِّ ذاكَ المُكَنَّى
إن عبْدَ القَوِيِّ ذاكَ المُكَنَّى / بسُوَيْدٍ أراه يمتارُ سَمِّي
عبدُ سوءٍ مُجاهرٌ بالمعاصي / لا يعمِّي الفحشاءَ فيمنْ يُعمِّي
ثم لو كان فاعلاً لتسلَّيْ / تُ ولكن لعكسه الفعلَ غمِّي
لو يُسمَّى بنصفِ كنيتِهِ الأعْ / لى ونِصفِ اسمهِ أصابَ المُسمِّي
راحَ شَيْبي عليَّ مثلَ الثَّغامِ
راحَ شَيْبي عليَّ مثلَ الثَّغامِ / وغدا عاذلي ألدَّ الخصامِ
عزَّني في خطابه أنْ رآني / صارَ بعضي ظهيره في ملامي
وبحسب المُفَنِّدي بمشيبٍ / ردَّ غَرْبَ الجماح ردَّ اللِّجام
قنَّعَ الرأسَ ثم لثَّم وجهي / وكفى بالقِناع دونَ اللثام
حلَّ رأسي فراعني أن في الشي / ب نَعِيَّ الصِّبا نذيرَ الحِمام
راعني شخصُهُ وراع بشَخْصي / بقر الإنس ساكناتِ الخيام
فتناهَيْنَ قالياتٍ وِصالي / وتناهيتُ خائفاً ما أمامي
بل تناهيتُ مُكرهاً بتناهي ال / بيضِ عنِّي وما انتهتْ أعرامي
كالذي ذَاده السُّقاة عن الما / ء ولم يشفِ ما به مِنْ أُوامِ
حَسْرتي للشَّباب لا بلْ من الشيْ / بِ لقد طال مُذْ بدا تَحوامي
ذادني عن مواردٍ ليَ كانتْ / شافياتٍ من الغليلِ الهُيام
حَرُمَتْ بالمشيب أشياء حَلَّتْ / لي زماناً بإذنِ جَعْدٍ سُخام
لم تُحَلَّلْ لمَنْ أتاها ولكِنْ / لم يكنْ دونَها من الشيْبِ حامي
فأتى الآنَ دونَها فهيَ اليوْ / مَ حرامٌ عليَّ كلَّ الحرام
سوأتي أنْ أطعتُ شيْبي فيما / لم أُطِعْ فيه حاكم الحكَّامِ
وعظَ اللَّهُ والكتابُ فصممْ / تُ وأقدمت أيما إقدام
ونهى الشيبُ بعد ذاك فسلَّمْ / تُ وأحجمتُ أيما إحجام
صُمْتُ عن كُل لذّةٍ لمشيبي / أفلا كان للإله صيامي
واحيائي أن لا يكون من اللَّ / هِ حيائي من غيره واحتشامي
إذْ تعديتُ لا حياءٌ من اللَّ / هِ نهاني ولا اتِّقاءُ انتقام
وتناهيْتُ مُعْظِماً لمَشيبي / ومَشيبي أحقُّ بالإعظام
أَفَلا هِبتُ ذا المهابة من قب / لُ وأكرمتُ وجهَ ذي الإكرام
كاد هذا المتابُ يُعْتدُّ إجرا / ماً وبعض المتاب كالإجرام
توبةٌ مثلُ حَوْبةٍ وقديماً / أتبعَ الجهلُ زلةً بارتطام
دحضتْ حُجَّةُ المنيبِ إلى الشيْ / ب وأنَّى لطالبٍ بقوام
أيُّ عذرٍ لتائبٍ لا إلى اللَّ / ه ولكن إلى شبِيه الثغام
إن عُذراً من الذهاب إلى اللَّ / ه لعُذْرٌ يغْلو على المُستام
أإلى أرذلي جعلتُ متابي / ضلَّةً مثلَ ضلةِ الأنعام
بل إلى الله تبتُ لمَّا ثناني / بِعِناني وزاعني بزِمامي
راعني بالمشيبِ عمَّا نهى عن / ه بآي الكتابِ ذي الإحكام
كم بدا في الكتاب لي من ضياءٍ / كان مِنْ قبلُ دونه كالقَتام
هَتَك الشيبُ ذلك السِّتْرَ لي عن / ه فزال العمى وراح التعامي
وكِلا الشيبِ والكتابِ جميعاً / واعِظٌ زاجرٌ عَنِ الآثام
غيرَ أنَّ الكتابَ يُكْتَبُ بالأقْ / لام والشيبُ ليس بالأقلامِ
بلْ بِرَدْعِ الحوادث المُصْمَئِلّا / ت ومرِّ الشهور والأعوام
لن ترى مثلهُ كتاباً مُبيناً / لا بشكْلٍ لهُ ولا إعجام
خُطَّ غُفْلَ الحُروفِ يقرؤه الأُمْ / مِيُّ كالصبح غير ذي استعجام
فيه للقارئين أيُّ نذيرٍ / بِبلَى جِدّة ووشك اخترام
عاذِلي قد نزعتُ فانزع عن العَذْ / لِ وإن كنتَ في صواب حَذَام
قد رأيت الذي هويتَ فأرْضَيْ / تَ وأرغمتَ فارْضَ لي إرغامي
حَلَّأتْني الخطوبُ عن شِرَع اللَّهْ / و فأصبحتُ حائماً في الحيام
وأبيها لقد حمتْ سائغاتٍ / بارداتِ النِّطافِ زُرْقَ الجِمام
لن تراني العيون أشرعُ فيها / فدعِ اللَّومَ ولْيُدَعْ اتِّهامي
متُّ إلا حُشاشةً وادّكارا / مثل أحلامِ حالمِ النُّوَّام
ومتى ما انقضتْ أجاريُّ طِرْفٍ / ماتَ إلا صيامَه في المصام
غيرَ أنِّي مع انْتِزاعي وإقلا / عي ودفعي إلى نصيحي خِطامي
قائلٌ قول ذاكرٍ خيرَ عصريْ / ه طويلِ الحنين والتهيام
لهفَ نفسي على الشبابِ الذي أص / بحَ خَلْفي وذِكْرُه قدّامي
لهْفَ نفسي عليه أن صار حظِّي / منه لهفاً يُعِضُّني إبهامي
لهفَ نفسي على الظِّباء اللّواتي / عاقني عن قَنِيصها إحرامي
لهف نفسي على احتكامي على البِي / ضِ وإذْعانِهنَّ عند احتكامي
واقتحامي وللهوى عزماتٌ / يقتحمْن العِقابَ أيَّ اقتحام
ودفاعي خلالَ ذلك نفسي / عن خلاط الحرام بالإلمام
لهف نفسي على الشراب السّرامِيْ / ي وإعماله بطاسٍ وجام
وعزيفٍ عليه من مُسْمِعات / وحديثٍ عليه من أخلام
وفُكاهاتِ فتيةٍ هُمْ إذا شِئْ / تُ إدامٌ للْعيشِ خيرُ إدام
أخفقتْ رَوْحَتي من الربرب العِي / ن وطاشتْ من الرمايا سِهامي
ولعهدي بهنَّ قبلَ مشيبي / ينتظمن القلوبَ أيَّ انتظام
وقضيتُ الرضاعَ من دِرة الكر / م لتجريم أربعين تمامِ
ولتجريم أربعين قديماً / يتناهى الرضاعُ بابن المُدام
يا زمانَ الرضاع أرضعكَ المُزْ / نُ وأكدى على زمانِ الفِطام
دعوةً إنْ تُجَبْ بِسُقْيا وإلا / فسأسقيك بالدموعِ السِّجام
جارتي إن أكُنْ كبرتُ وأودى / بعُرامي اتِّقاءُ غِبِّ الأثام
ودعتني النساءُ عمّاً وقد كنْ / تُ لديهِنَّ من بني الأعمام
فلقد أغتدى يُفَيِّئ غُصْني / خُيلاءُ الشباب حَيَّ العُرام
تتراءاني الحِسانُ العطابي / ل جلاء القذى شفاء السَّقام
ناظرات بأعيُنِ العينِ نَحْوي / عاطفاتٍ سوالفَ الآرام
ولقد أهبِطُ الرياض بصَحبِي / تتراءى عيونها بابتسام
بُكرةً أو عشيةً يضحك الروْ / ض ويَبْكي الحمامُ شَجْوَ الحمام
نتعاطى بها الكؤوسَ رَواءً / واصِلي طِيبِها بِطيبِ نِدام
درَّ دَرُّ الصِّبا ودَرُّ مغاني الْ / لهو لو أنَّها دِيار مُقام
عَدِّ عن ذكر ما مضى واستمرَّتْ / دون مأتاهُ مِرَّةُ الأوذام
وفلاةٍ قطعتُها بفَلاةٍ / كاللِّياحِ الملمَّع الأزلام
باتَ في لُجَّةِ الظلامِ فريداً / تحتَ أهوالِ رائحٍ مِرْزامِ
مُطرِقاً يبحثُ الرّوي عن الظَّمْ / آنِ من عانِكٍ رُكام هيام
عَطَفَ اللَّيْلُ هَيْدَبَيْهِ عليه / وتداعتْ سماؤُهُ بانهدام
يقق اللَّونِ كالمُلاءةِ إلا / لُمعاً في شَواهُ مثلُ الوِشام
ينْتَمي كُلُّهُ إلى آلِ سامٍ / غير هاتيكَ فهْي من آلِ حام
تلكَ أو سُفْعَةٌ بخدَّيْهِ تُهْدي / جُدَّةً في سراته كالعِصام
هَنَةٌ قُوِّمتْ وعُوِّجَ منها / فتراها كأنَّها خَطُّ لام
خَطّها في القَرا وفي الذَّنَبِ الزَّا / ئلِ قِسْمَيْنِ أعدلُ القُسَّام
ذو إهاب يضاحك البرقَ مالا / حَ وطوراً يضيءُ في الإظلام
ضُوعِفَ الليْلُ في الكثافةِ والطُّو / لِ عليه بِمُرْجَحِنٍّ رُكام
وخريقٍ تَلُفُّهُ في كِناس / عُدْمُليٍّ بجانبيه حوامي
دمَّنَتْهُ الأرواحُ قِدْماً فريَّا / هُ كريَّا حرائرِ الأهضام
رقْرقتْهُ الشَّمال والرعد والبَرْ / قُ وفيْقاتُ وابل سجّام
حرجفٌ لو عداه منها أذى القَرْ / رِ كفاه دُؤوبُها في المَوامي
وسوارٍ عليه لو كفتِ القَطْ / ر أطارت كراه بالإرزام
دأْبُهُ ذاك فحمةَ الليل حتَّى / طلعَ الفجرُ ساطعاً كالضِّرام
أنقذ الصُّبْحُ شِلْوَهُ من شفا المو / تِ فأضحى يعلو رؤوس الأكام
فرحاً بالنَّجاة ترمي به المَيْ / عةُ رمْيَ الوليدِ بالمِهزام
بينما الشَّاةُ ناصلاً مِنْ هَنَاتٍ / بات يَشْقى بِهنَّ ليلَ التمام
قدْ صحتْ شمسُه وأقفرَ إلا / من نِعاج خَواذلٍ ونعام
يصْطلي جَمْرةَ النَّهار ويلهو / بالرخامى وخَلْفَهُ العُلّام
إذ أُتيحتْ له ضوارٍ وطِمْل / مالهُ غيرَ صَيْدِها من طعام
ينتهبن المدى إليْه ويضْرمْ / نَ له الشَّدَّ أيَّما إضْرام
ولديه لهُنَّ إنْ فَرَّ أو كَرْ / رَ عتاد المفَرِّ والمقدام
فترامتْ به الأجارِيُّ شأواً / ثم ثابت حفيظة من محامي
كرَّ فيها بمذوديه مُشيحاً / فسقاها كؤوسَ مَوْتٍ زُؤام
فارعَوَتْ مِنْ مُرَنَّح وصريع / ومُوَلٍّ مُهتَّكِ النحر دامي
ومضى يَعْسِفُ النجاء كما زلْ / ل من المنجنيقِ مِرْدى رِجام
أو كما انقضَّ كوكبٌ أو كما طا / رت من البرق شقَّةٌ في غمامِ
ذاك شبَّهْتُ ناقتي حينَ راحت / صخِباً رحلُها كَتُومَ البُغام
ميلعَ الوخدِ تقذفُ المروَ بالمرْ / وِ وتَرمي اللُّغامَ بعد اللُّغام
كم أجازت إلىالأميرِ عُبَيْدَ الْ / لهِ حامِي الحمى وراعي الذِّمام
عبْدَليٌّ مُهَذَّبٌ طاهِريٌّ / مُصْعَبيٌّ يبذُّ كلَّ مُسامي
فيه جِدُّ الفتى وحِلْمُ المذكِّي / وحجا الكهل وارتياحُ الغلام
مَلِكٌ حلَّ من سماءِ المعالي / فوق شمسِ الضُّحى وبدرِ الظلام
حلَّ منها محلَّ أنجمها الزُّهْ / رِ سواقي الغيوثِ والأعلام
فهْوَ فيها مغوثة وهدى لل / ناس عين الجواد والعلّام
وهْو من بعد ذاك زينتُها الحُسْ / نى بذاك السَّنا وذاك الوسام
وهو رجمٌ لكلِّ عفريتِ حربٍ / أيُّ سهمٍ أعدَّهُ أيُّ رامي
وهْو إنْ مارسَ الخطوبَ فناهي / كَ به أيُّ واصلٍ صرَّامِ
ذو هناتٍ بهنّ يلتئمُ الصَّدْ / عُ إذا قلتَ لاتَ حينَ التئام
ثاقبُ الفِكرِ ما تمهَّلَ في الرأْ / يِ شديدُ الإسداء والإلحام
فإذا بادَه الحوادثَ بالرأ / ي أصاب الصَّوابَ بالإلهام
ألْمَعِيٌّ مُوَفَّقٌ بهدى اللَّ / ه لدى الخُطَّةِ العَياء العَقام
وإذا الشكّ خالجَ الرأيَ أمضى / رأيَهُ عزْمُ عازمٍ مِجْذام
لا كإمْضاءِ جاهلٍ عجرفيٍّ / يركبُ الرأيَ قبل شَدِّ الحزام
صاحبُ السيف والمكائدِ والنق / ضِ لتلك الأمور والإبرامِ
لا تراه يخِفُّ للمستخفّا / ت ولا يستكينُ للآلام
جبلُ الأرضِ ذو الشماريخِ والأط / وادِ والناسُ حوله كالرُّضام
صاحبُ الدعوةِ التي ردت الحقْ / قَ على أهله برغم الرغام
والذي أسرعَ الإجابةَ واستعْ / جل قبل الإسراج والإلجام
صاحبُ النصرةِ التي شفعتْ نُصْ / رةَ أهل الفسيل والآطام
صاحبُ الشرطةِ الذي انهزم الطَّا / غوتُ إذْ كافحتهُ أيَّ انهزام
صاحبُ الراية المظفَّرة السَّوْ / داء تهفو على الخميسِ اللُّهام
صاحبُ الحربةِ التي تنفث المو / تَ كنفْثِ الأفعى زُعافَ السِّمام
لم يزل شاملَ المنافع للأمْ / مَة طُرّاً مَأْمُومِها والإمام
حاملُ الظرف والسلاح جميعاً / حين لا يُجمعان في الأقوامِ
صارمُ القلبِ واللسانِ إذا ما / كَهَمَتْ شَفْرَةُ الجبانِ الكَهام
يغتدي من بني عُطاردَ في السِّلْ / مِ وفي الحربِ من بني بهرام
ذو البيانِ المُبينِ عن حجة اللَّ / ه وليس المبينُ كالتمتام
ذو اليد الثرَّة المُقبَّلةِ الظَّهْ / رِ وأفواهُ حاسديه دَوامي
باطنا راحتَيهِ زمزم تُمتا / حُ وظهراهما فركنا استلام
مَلِكُ تُمْطِرُ المواهبَ كفّا / ه كما انهلّ صيِّبُ الودْقِ هامي
لم يزل كل عاجل من عطايا / ه بشيراً بآجلٍ مستدامِ
وكأنّ المؤمِّلين يمتّو / ن إليه بأقرب الأرحام
أمَلُ الآملينَ إيَّاه زُلْفَى / لهمُ عنده وحَبْلُ اعتصام
في يَدَيْ كُلِّ ذي رجاء وخوفٍ / عروةٌ منه غير ذاتِ انفصام
وهو كالكَعْبَةِ المُصلِّي إليها ال / ناسُ من بين مُنْجِدٍ وتَهامي
قِبْلةُ الآملينَ مُنْتَجَعُ الرَّا / جين مأوى الضِّعاف والأيتام
معقلُ الخائفينَ عند اللُّتيَّا / والتي بعدها وأزمِ أزامِ
يتَّقي جودُهُ صُلولَ القناطي / رِ كما يُتَّقَى صُلولُ اللِّحام
والقناطيرُ لا تَصِلُّ ولكنْ / منعها الحقَّ أيُّما اسْتذمام
وصلولُ اللِّحام يُسْقِمُ لكن / سقَمُ البخلِ أبرح الأسقام
وكذا الماءُ طيِّبٌ ما استقوْهُ / آجنٌ آسِنٌ على الإجمام
يعذُبُ الموردُ الذي يُستقى من / هُ ولا تعذبُ المِياهُ الطَّوامي
يجتبى المال من مجابيه بالعَدْ / لِ ويُعطيه غيرَ ما ظلّام
أرخصتْ كفُّهُ العطايا وأغْلَتْ / حَمْدَ سُوَّامِها على السُّوَّام
ليس ينفكُّ من عطايا تُبارِي / سائراتٍ خواطرَ الأفهام
حاصلاتٍ وهُنَّ من عظم القَدْ / رِ كَبَعْضِ المُنَى أوِ الأحلامِ
وعطايا كوامن في المواعي / د كُمونَ الثِّمارِ في الأكمام
فعطاياهُ دانياتٌ يدَ الده / رتوالَى كأنَّها في نظام
ساعياتٌ إلى رجالٍ قُعودٍ / سارياتٌ إلى أناسٍ نيامِ
مُعفَياتٌ من السؤالِ مصفَّا / ةٌ ألا هكذا عطاء الكرامِ
مُعْفِياتٌ من الهوانِ وجوهاً / عبَّدتها مُطالَباتُ اللِّئام
أمسكَ السائلونَ عنه وكانوا / قبلهُ للملوكِ كالغُرَّام
نَهْنهتهُم لُهىً له ليس تنفكْ / كُ على المُقْترينَ ذات ازدحام
فوفودُ السؤال عنه قُعودٌ / مَقْعَدَ الحامدين لا اللُّوام
ووفودُ السلامِ والشكرِ يغدو / ن قياماً إليه بعدَ قيام
ساهرٌ لا ينامُ عن حاجةِ السّا / هر حتى يذوق طعمَ المنام
ويصونُ الوليّ بالجاه والما / لِ كصونِ الكَميِّ نصلَ الحسام
ما هُمَا للْوَليِّ إلا كغِمْدَيْ / ن لديه كصارم صمصام
وحقيقٌ بذاكَ مَنْ أوَّلوهُ / كالنواصي والناسُ كالأقدام
ضربتْ تحتَهُ عُروقٌ نوامٍ / فتعالتْ به فروعٌ سوامي
نعمةُ اللَّهِ عند من وصل اللَّ / ه به أُختَ نعمةِ الإسلام
ذاك فيه الأمانُ من كبة النَّا / رِ وهذا جارٌ من الأيام
في ذَراهُ يُستبدَلُ العِزُّ والثَّرْ / وة من ذِلةٍ ومن إعدام
مُسْتَحِقٌّ نُعمَى الإله عليه / حقَّ فضلِ المِنعام للْمنعامِ
إنِّ مَنْ يرتجي سواهُ لكالذا / هبِ عن ربِّه إلى الأصنام
يظلمُ الحاسدونَ إذْ حسدوهُ / وهْو في ماله شريكُ الأنامِ
غيرَ حُسّاده على الشِّيَمِ الغُرْ / رِ اللواتي سلمْنَ من كُلِّ ذام
فهُمُ منصفونَ في ذاكَ لا شكْ / كَ لدى المُنْصفينَ في الأحكام
هل يُعرَّى امرؤٌ من الحسدِ المَحْ / ضِ على نيلِ أفضلِ الأقسام
أنا من حاسديه لكنني لس / تُ بباغ نُعماه غيرَ الدَّوام
حسدي أنَّني أريدُ لنفسي / بعض أخلاقه بغير اكتتام
وإذا حاسدٌ صفا من غليل / فهْوَ في وزْن عاشقٍ مُسْتهامِ
لستَ تَدْرِي نثاه أحلى مذاقاً / أم سماعاً من ألسُنِ الأقوامِ
رُبَّ نُعمَى له عليَّ ونُعمَى / وأيادٍ له لديَّ جِسام
حطَّ ثِقلَ الخراجِ عنِّي وقد كا / ن كأركانِ يَذْبُلٍ وشمام
وأراني الضِّياعَ مالاً وقد كن / تُ أرى ملكَها كبعضِ الغرام
كفَّ من سورة ابن بسطامَ عنِّي / وهْي مشبوبةٌ كحرِّ الضّرام
وأراهُ بنورهِ حَقَّ مِثْلي / وهْو مُذْ كان موقِظُ الأفهام
فقضى حاجتي وكان كسَيْفٍ / هُزَّ فاهتَزَّ وهْوَ غيْرُ كَهام
هزَّهُ ماجدٌ يناصح في الهزْ / زِ هُمَامٌ مُتَوَّجٌ لهُمام
ومُحالٌ ألّا يقومَ بما قلْ / لَدَهُ الأولياءُ كُلَّ القِيامِ
وهْو ممَّنْ تقدَّمَ الناسَ كالرَّأ / سِ وممن علاهُمُ كالسنام
فجزاهُ الإلهُ عنِّي خُلوداً / ونعمياً في ظِلِّ دار السلام
بعدما يعم البقاء به الدنْ / يا صحيحاً ممتَّعاً ألفَ عامِ
ذادَ عن مُقْلِتي لذيذَ المنامِ
ذادَ عن مُقْلِتي لذيذَ المنامِ / شُغلها عنهُ بالدموعِ السجامِ
أيُّ نومِ من بعد ما حل بالبصْ / رَةِ من تلكمُ الهناتِ العظام
أيُّ نومٍ من بعد ما انتهك الزّنْ / جُ جهاراً محارمَ الإسلام
إنَّ هذا من الأمورِ لأمْرٌ / كاد أن لا يقومَ في الأوهام
لرأينا مُسْتَيْقظين أموراً / حسبُنا أن تكونَ رُؤيا منام
أقدم الخائنُ اللعينُ عليها / وعلى الله أيَّما إقدام
وتسمَّى بغير حقٍّ إماماً / لا هدى اللَّهُ سعيَه من إمام
لهفَ نفسي عليكِ أيَّتُها البص / رةُ لهفاً كمثل لفحِ الضِّرام
لهف نفسي عليك يا معدن الخي / رات لهْفاً يُعضُّني إبهامي
لهف نفسي يا قُبَّةَ الإس / لام لهفاً يطولُ منه غرامي
لهف نفسي عليكِ يا فُرضةَ البل / دانِ لهفاً يبْقى على الأعوام
لهف نفسي لجمعكِ المتفاني / لهف نفسي لِعِزِّكِ المُستضام
بينما أهلُها بأحسنِ حالٍ / إذ رماهمْ عبيدُهمْ باصطلامِ
دخلوها كأنهم قِطع اللْي / لِ إذا راحَ مُدْلَهِمَّ الظلام
طلعُوا بالمُهَنَّداتِ جِهْراً فألقتْ / حملها الحاملات قبل التَّمام
وحقيقٌ بأن يُراع أناسٌ / غوفصوا من عدوهم باقتحام
أيَّ هَوْل رأوْا بهمْ أيّ هَوْلٍ / حُقَّ منه تشيبُ رأسُ الغلام
إذ رموْهُمْ بنارهم من يمينٍ / وشِمال وخلفِهمْ وأمام
كم أغصُّوا من شاربٍ بشراب / كم أغصُّوا من طاعمٍ بطعام
كم ضنينٍ بنفسهِ رامَ مَنْجىً / فتلقّوا جبينه بالحسام
كم أخٍ قد رأى أخاهُ صريعاً / ترِبَ الخَدِّ بينَ صَرْعى كرامِ
كم أبٍ قد رأى عزيزَ بنيه / وهْوَ يُعلَى بصارمٍ صمصام
كم مُفدّىً في أهلهِ أسْلمُوه / حين لم يحْمِه هنالك حامي
كم رضيع هناكَ قد فطموه / بشبا السيف قبل حينِ الفطام
كم فتاةٍ بخاتِم الله بِكرٍ / فضحوها جَهْراً بغير اكتتام
كم فتاةٍ مصونة قد سبوْها / بارزاً وجهها بغير لثام
صبحوهُمْ فكابدَ القومُ منهم / طولَ يومٍ كأنه ألفُ عامِ
ألفُ ألفٍ في ساعةٍ قتلوهُمْ / ثم ساقوا السِّباءَ كالأغنام
من رآهُنَّ في المساقِ سبايا / دامياتِ الوجوهِ للأقدام
من رآهنَّ في المقاسم وسْطَ ال / زنج يُقسَمْنَ بينهم بالسِّهام
من رآهُنَّ يُتّخذنَ إماءً / بعد ملْكِ الإماء والخُدَّام
ما تذكرتُ ما أتى الزنج إلا / أُضرم القلب أيّما إضرام
ما تذكرتُ ما أتى الزنج إلا / أوجعَتْني مرارةُ الإرغام
رُبَّ بيعٍ هناك قد أرخصُوهُ / طال ما قدْ غلا على السُّوَّام
رُبَّ بيتٍ هناك قد أخرجُوهُ / كان مأوى الضِّعافِ والأيتام
رُبَّ قصْرٍ هناك قدْ دخلوه / كان من قبلِ ذاك صَعْبَ المرام
رُبَّ ذي نعمةٍ هناك ومالٍ / تركوه مُحالفَ الإعدام
رُبَّ قوم باتوا بأجمعِ شَمْلٍ / تركوا شملَهُمْ بغير نظام
عرِّجا صاحبيَّ بالبصرةِ الزَّهْ / راء تعريج مُدنفٍ ذي سقام
فاسْألاها ولا جوابَ لديها / لسؤال ومن لها بالكلام
أين ضوضاءُ ذلك الخلقِ فيها / أين أسواقُها ذواتُ الزِّحام
أين فُلْكٌ فيها وفُلْكٌ إليها / مُنشآتٌ في البحر كالأعلام
أين تلك القصورُ والدورُ فيها / أين ذاكَ البنيانُ ذو الإحكام
بدِّلتْ تِلكُمُ القصورِ تِلالا / من رمادٍ ومن تُراب رُكامِ
سُلِّطَ البَثْقُ والحريقُ عليهم / فتداعت أركانُها بانهدامِ
وخلتْ من حُلولها فهْي قَفْرٌ / لا ترى العين بين تلك الأكام
غيرَ أيْدٍ وأرْجُلِ بائناتٍ / نُبذَتْ بينهنَّ أفلاقُ هام
ووجوهٍ قد رمَّلتْها دماءٌ / بأبي تلكمُ الوجوه الدوامي
وطِئتْ بالهوانِ والذُّلِّ قسراً / بعد طولِ التبجيلِ والإعظام
فتراها تَسْفي الرياحُ عليها / جارياتٍ بهبوة وقتام
خاشعاتٍ كأنَّها باكياتٌ / بادياتِ الثغور لا لابتسام
بل ألِمَّا بساحةِ المسجدِ الجا / مع إنْ كُنْتُما ذَوِي إلمام
فاسألاهُ ولا جوابَ لدْيهِ / أين عُبَّادُهُ الطوالُ القيام
أينَ عُمَّاره الأُلى عمَروهُ / دَهْرَهُمْ في تلاوة وصيام
أين فِتيانه الحِسانُ وجُوهاً / أين أشياخُهُ أولو الأحلام
أيُّ خَطْبٍ وأيُّ رُزْء جليلٍ / نالنا في أولئكَ الأعمام
كم خذلنا من ناسكٍ ذي اجتهادٍ / وفقيهٍ في دينهِ علَّام
وا ندامي على التَّخلُّفِ عنهمْ / وقليلٌ عنهُم غَناء نِدامي
وا حيائي منهُمْ إذا ما التقينا / وهُمُ عند حاكم الحُكّام
أيُّ عُذْرٍ لنا وأيُّ جوابٍ / حين نُدْعَى على رؤوسِ الأنامِ
يا عبادي أما غَضِبْتُم لوجهي / ذي الجلال العظيم والإكرام
أخذلتُمْ إخوانَكُم وقعدْتُمْ / عنهُمُ ويحَكُم قُعودَ اللئام
كيف لم تعطفوا على أخواتٍ / في حِبال العبيدِ من آل حامِ
لم تغاروا لغَيْرتي فتركْتُمْ / حُرماتِي لمَنْ أحَلَّ حرامي
إنَّ من لم يَغَرْ على حُرُماتي / غيرُ كُفْءٍ لقاصراتِ الخيام
كيف ترضى الحَوراء بالمرءِ بَعْلاً / وهو من دونِ حُرمة لا يُحامي
وا حيائي من النَّبيِّ إذا ما / لامني فيهم أشدَّ الملام
وانقطاعي إذا هُمُ خاصموني / وتولَّى النبيُّ عنهُمْ خصامي
مثِّلُوا قولهُ لكُمْ أيُّها النَّا / سُ إذا لامكُمْ مع اللُّوَّام
أُمَّتي أينَ كُنْتُمُ إذْ دَعتْني / حُرَّةٌ من كرائمِ الأقوامِ
صرختْ يا مُحمّداهُ فهلّا / قام فيها رعاةُ حقي مقامي
لم أجبْها إذ كنتُ مَيْتاً فلولا / كان حيٌّ أجابها عن عِظامي
بأبي تلكُمُ العِظامُ عظاماً / وسقَتْها السماءُ صوْبَ الغمام
وعليها من المليك صلاةٌ / وسلامٌ مؤكَّدٌ بسلام
انفرُوا أيها الكرامُ خِفافاً / وثِقالاً إلى العبيدِ الطَّغام
أبْرَمُوا أمرَهُمْ وأنتُمْ نِيامٌ / سوءةً سوءةً لنوْمِ النيام
صدِّقوا ظنَّ إخوة أمَّلوكم / ورجوْكُمْ لنبوةِ الأيامِ
أدْرِكوا ثأْرَهُمْ فذاك لديْهِم / مثلُ ردِّ الأرواحِ في الأجسامِ
لم تُقِرُّوا العيونَ منهم بِنَصْرٍ / فأقِرُّوا عيونهمْ بانتقام
أنقِذُوا سَبْيَهُمْ وقلَّ لهُمْ ذا / ك حفاظاً ورعْيَةً للذِّمام
عارُهُمْ لازمٌ لكُمْ أيُّها النَّا / سُ لأنَّ الأديانَ كالأرحام
إن قعدتُمْ عن اللعينِ فأنْتُمْ / شركاءُ اللَّعينِ في الآثامِ
بادروهُ قبلَ الرويَّةِ بالعَزْ / م وقبل الإسراج بالإلجام
من غدا سرجُهُ على ظهرِ طِرفٍ / فحرامٌ عليه شدُّ الحزام
لا تطيلوا المقام عن جنَّة الخل / دِ فأنتمْ في غير دار مُقام
فاشتروا الباقيات بالعرَضِ الأد / نى وبِيعوا انقطاعه بالدَّوام
يا ابن كسرى كسرى الملوك أنوشر
يا ابن كسرى كسرى الملوك أنوشر / وانِ قل لي ما هذه الأُكرومَهْ
قد أضاءتْ وأشرقتْ فاهْتَدى السا / ري بها في مهالكِ الديمومَهْ
راقتِ النَّاس منظراً ومَشمّاً / فهْيَ ريحانةٌ لهمْ مشمومه
قسماً إن خُلّةً علِقَتْ مِنْ / كَ بحبل لخُلّةٌ مرحومه
ظُلِمَتْ بالرجاء فيك وإن كنْ / تَ كنفس فأصبحت مظلومه
يا سميَّ الفتى الذي كان باباً / لِجحودِ المكارمِ المعدومه
كيف حالتْ بك الخلائقُ حتَّى / أصبحتْ بعد حمدِها مَذْمومه
كيف زالت تلك المعالي فأضحتْ / بعدَما قد بنَيْتَها مهدومَهْ
كيف مرَّتْ تلك المذاقةُ حتَّى / أصبحت بعد طِيبها مسمومه
قد لعمري طمستَ مِنِّيَ وجْهاً / كنتَ فيما مضى تُقيمُ رُسومه
صرتَ قِطعاً من الظَّلامِ لأفْقٍ / بعدما كنت بدْرَه ونُجومه
قلَّدَتْني يداك سِمْطاً من العا / ر خلافَ اللآلئ المنظومه
ولأنت الشريكُ في ذاك فاعْلمْ / غيرَ مظْنونةٍ ولا مَوْهومه
لم تَضَعْنِي إلا بِوَضْعك من نف / سِك فافهم جليَّةً مفهومه
بكَ حلَّ الملامُ لا بي بل النَّفْ / سُ التي أمَّلتكَ عين الملومه
كلماتٌ تَذُمُّ فعلك لا أص / لك كلا ولا تذمُّ الأَرُومه
سَوْأتَى سوأتَى على أيِّ شيءٍ / منك أضحتْ أناملي مضمومه
لهفَ نَفْسِي على الدماثةِ والحك / مةِ كلتاهما مذْمومه
كيف لم يردعاكَ عن فعلِ شَنْعا / ءَ قبيح رَواؤها مشؤومه
أبقدْري وزنتَ خَمسينَ رطلاً / من حطام يا ظالماً في الحكومه
وهو جزءٌ مما وعدتَ ضئيلٌ / غَرِقٌ في صِلاتك المقسومه
دُم على ما أراه منك فمالي / حاجةٌ في هديّةٍ بخصومه
واطْرَحِ الهمَّ عنك وافرح بنصحي / فرَّجَ الله نفسك المهمومه
للئامِ الرجال لا لي وجوهٌ / عانياتٌ وآنُفٌ مخزومه
أَوَ لمْ تدْر أن نفسي عن الما / ء إذا شابهُ القذى معصومه
لا يسودُ امرؤٌ يَعُدُّ الرزايا / في المعالي مغانماً مغنومه
فُطِمتْ رغبتي إليك أبا يحْ / يى ويا رُبَّ رغْبةٍ مفْطومه
ويميناً مَبْرورةً إنَّ نفساً / حَرَمَتْني الطفيفَ للمَحْرومه
ومتى ما غدتْ وقد شتَمتْنِي / باحتقارٍ فإنها المشتومه
ما استخفَّ امرؤٌ بقدريَ حتَّى / بوَّأ النفسَ موقفَ المرحومه
وأراك المليءَ إنْ قُلْت قولاً / لمجازاةِ حتمةٍ محتومه
غير أني أرى جنودَك إن طا / لت بنا حربُنا هي المهزومه
من أساء الفِعال والقولَ ولَّى / عن أخيه ذا حُجَّةٍ مخصومه
أنا مِنْ قد عرفتَهُ يا أبا يح / يى إذا استهدر الهجاءُ قُرومه
سطوتي سطوةُ المجاهر لا ذي / بَغْيةٍ من مُناوئٍ مكتومه
هاكها حرَّةً لحرٍّ تبدت / لانتصار فجعجعتْ مزمومه
زمَّها عنك ما فعلتَ وما أس / دَيْتَ أيامَ مجدكَ الموسومه
بلغت بي رضايَ منك وإن كا / نتْ بعيني مفتوحةً مختومه
خُطبةٌ لو كظمتُها كانَ أوْلى / بي ولكنْ مرةٌ مكظومه
وعليك السلام من ذي فراقٍ / ووداعٍ لخُلَّةٍ مَصْرومه
يا أبا الصقر إنَّ شُكْري لمعْرو
يا أبا الصقر إنَّ شُكْري لمعْرو / فِكَ شكرٌ باقٍ على الأيامِ
فاستدمْهُ فإنما تصحب النعْ / مةُ من كان دائم الإنعام
لك صفو المديح والشكر مني / في نظام وصلته بنظامِ
وعيونٍ ما مثلها من عيونٍ / آخذاتٍ مختارَ كُلِّ كلام
لا أذُمُّ الزمانَ ما كنتَ ترعى / يا أبا الصَّقرِ حُرمَتي وذِمامي
لم أزل منك في نعيم مقيم / لم يزل عند رِحلتي ومُقامي
ضلَّ من قد دعوتُ دونَكَ عني / ووجدت الكرامَ غيرَ كرام
وضمانٌ على مديحي وشُكري / لك حُسْنُ الثَّناءِ في الأقوام
وبِحَسْبي بأنَّ شكري لمعرو / فِكَ مما أُريتُهُ في المنام
نابَ عَنْ صِدْقِهِ وصِدْقِ وفائي / لك بالشكر صادقُ الأحلام
صُمْتُ عمَّنْ سواكَ من سائر النَّا / س ففطْري بذاكَ عند صيامي
لستُ ممن ينام عن واجب الحْق / قِ عليه وأنت غَيْثُ الأنام
قد يُحَثُّ الجوادُ غيرَ بطيءٍ / ويُهَزُّ الحسامُ غيرَ كهام
واترٌ ظالمٌ وناقض وتْرٍ
واترٌ ظالمٌ وناقض وتْرٍ / أيُّ هذيْن يستحق الندامَهْ
أحليمٌ أصابَ منه سفيهٌ / فاستردَّ الحليمُ منه الظُّلامَهْ
أم سفيهٌ أصابَ عِرضَ حليم / فأصابَ السفيه طفْر عُرامهْ
خالدَ اللُّؤْمِ أنتَ هيَّجْتَ حَرْبي / ولقد كنتَ وادعاً في سلامه
فاشتريتَ السهاد بالنومِ جَهلاً / ورئمتَ الهوان بعدَ الكرامه
وفتىً يمنعُ الطعا
وفتىً يمنعُ الطعا / م ولا يمنع الحُرَمْ
فجميع النساء في الْ / حلِّ والمطبخُ الحَرَمْ
سَلِّني قد مللْتُ طولَ الغرامِ
سَلِّني قد مللْتُ طولَ الغرامِ / واحتمالِ الأحزانِ والأسقامِ
اسقنِي سلوةً فإن أنت لم تق / دِر عليها فداوني بالمُدام
ربما كان في المُدامِ شِفاءٌ / للُمحبِّينَ من جَوىً وغرام
يعجزُ العقلُ من ذوي العقل عمّا / يتأتَّى لغيرهمْ بالكلام
ليسَ لي في جوارِ صاحبةِ الصُّدْ / غ مع الهجر والجفا من مقام
قد سقتني من عينها كأس وجدٍ / فعلتْ فيَّ فعلَ كأسِ المُدام
أسكرتني سكر الشَّمولِ من الخم / رِ ودبَّت دبيبها في عِظامي
إنَّ ما لا يكونُ نقصانُ وجْدي / كيف أرجو نقصانَ ما هو نامي
كلَّ يومٍ يزيدُ وجدي وشوقي / وغرامي وصَبْوتي وهُيامي
ليس من حيلة تُنْهنهُ عنَّي الْ / وَجدَ إلا غروبُ دمعٍ سجام
فاستعنْ بالدموعِ وافزع إليها / فهْيَ عونٌ للعاشقِ المُسْتهام
إن يكنْ دائيَ الهوى فتيقَّنْ / أنهُ منذ كان داءُ الكرام