القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الرُّومِي الكل
المجموع : 25
ما لحيتاننا جفتنا وأنَّى
ما لحيتاننا جفتنا وأنَّى / أخلفَ الزائرونَ مُنتظريهِمْ
قد أزحنا اعتلالهم وجَعَلنا / سَبْتهم جمعةً فما يُشكيهِمْ
جاء في السبت زَوْرُهم فأتينا / من حفاظٍ عليه ما يكفيهِمْ
وجَعَلناه يومَ عيدٍ عظيم / فكأنا اليهودُ أو نحكيهِمْ
واحتملنا مقالة الناسِ فينا / ولَهم كلُّ ما احتملنا وفيهِمْ
وأراهمُ مُصَممّينَ على الهج / رِ فلِمْ يُسخطونَ من يُرضيهِمْ
قُل لهم يُعتبونَنا أيها الحُرْ / رُ ويُولوننا كما نُوليهِمْ
أو يقولونَ لا نجيئُك مَجَّا / ناً فنرتادُ كافياً يشتريهِمْ
ليس شيء سوى الوفاءِ أو التص / ريح بالعذر فاعلمَنْ ينجيهِمْ
قد سَبتْنا وإنما كان قومٌ / يومَ لا يَسبتون لا يأتيهِمْ
أيها الآملُ البعيدُ من الغُنْ
أيها الآملُ البعيدُ من الغُنْ / م تذكر ما دونه من غرامَهْ
ما يفي غُنْم غانمٍ نال مأمو / لاً بعيداً بغُرمه أيامَهْ
اقضِ لي حاجتي ولا تمطلنّي
اقضِ لي حاجتي ولا تمطلنّي / فأرى الغُنم من نداكا غراما
ما يفي غُنْمُ غانمٍ نالَ مأمو / لاً بعيداً بغُرمه الأياما
يا سليمانُ لا ألومك في ردْ
يا سليمانُ لا ألومك في ردْ / دِك شعري وهل تُلام البهيمَهْ
دلَّهتك اثنتانِ عن فهم شعري / خوفُ أن تُجتَدى وخوفُ الهزيمَهْ
بل رأيت المديحَ فيك قبيحاً / كَلبوسٍ على عروسٍ ذميمَهْ
بل قد ارتحْتَ واهتَزَزت لشعري / فأرتك الإمساك نفسٌ لئيمَهْ
فرحَ الناسُ أن تَهيَّأ في الفِطْ
فرحَ الناسُ أن تَهيَّأ في الفِطْ / رِ لهم بالنهارِ أكلُ الطعامِ
ورأينا الإمامَ يفرحُ في الفط / رِ بعاداته من الإطعامِ
أيَّدَ اللَّهُ مُلكَهُ ورعاهُ / وسقاهُ وحاطهُ من إمامِ
فهو المُرتجَى لأن يعْضُد اللَّ / هُ به ما وهي من الإسلامِ
لَانْتقامُ المظلومِ أرْبى على الظَّا
لَانْتقامُ المظلومِ أرْبى على الظَّا / لمِ من ظُلمه على المظلومِ
صاحبُ الظلم إن تأمَّلتَ كالرَّا / تِع في المرتعِ الوبيل الوخيمِ
يُجتلَى أمرُهُ فيعلم أنْ قد / باع ليلَ الكرى بليل السليمِ
فهو من لوم نفسهِ حين يخلو / في غرام وفي عذاب أليمِ
قد أُمِرَّتْ حياتُه وشجته / بُرَحاءُ النَّدام والتنديمِ
لو تجافى الخصيمُ عنه وأغضى / لكفاهُ بنفسه من خصيمِ
وأخو الانتقام ناعمُ بالٍ / يتشفَّى بكلِّ ثأرٍ مُنيمِ
لم يجدْ نفسه ألامتْ فيلحا / ها ولم ينصرف بخدٍّ لطيمِ
من عذيري من الخلائف حَلُّوا
من عذيري من الخلائف حَلُّوا / بمحلِّ المُليم كلِّ المُليمِ
حفظوا حقَّ مُصعبٍ في سلي / مانَ بتضييع كلِّ أمرٍ جسيمِ
نَفَلوه على الهزيمةِ بغدا / دَ كأن قد أتى بفتح عظيمِ
لم يكن مثله يُولَّى ولكن / حفظوا في الحديث حقَّ القديمِ
ضيّعوا حُرمة الخلافة جهلاً / ورعوا حرمة العظام الرميمِ
سوف تُغني العظامُ عنهم إذا ما / أصبح الملك مستباحَ الحريمِ
أيها السيد الذي فاق في الجو
أيها السيد الذي فاق في الجو / دِ وتمَّ الحجا له والوسامُ
وأطاعتْ له الروايةُ والصَّنْ / عةُ وانقاد كيف شاء الكلامُ
لا تَخَلْ أوجَبَ الحقوق على المر / ء حقوقاً قضى بها الحُكَّامُ
إنما أوجبُ الحقوقِ على المر / ء حقوقٌ قضى بهنّ الذِّمامُ
وذِمامي كما علمتَ وقدْ قدْ / دَمْتُ وعداً في عقده استحكامُ
وإذا ما الذِّمام أكَّده الوع / دُ فحُقَّ الحِباء والإكرامُ
كنتَ أنعمت لي بأشياءَ إن تمْ / مَتْ ففيها لحاسدي إرغامُ
وأراها تأخَّرتْ بالتناسي / واستمرَّتْ من دونها الأيامُ
وتقاضيتُ بالسكوتِ إلى أنْ / لامني في لُزومه اللُّوَّامُ
فتوَّق الإنعامَ إلّا مع الأن / عام أوْ لا فإنه استذمامُ
وحقيقٌ تركُ السكوت إذا طا / ل فلم ينتبه به النُّوَّامُ
حان أن تضلّ العِدات عن النج / حِ وأن تُطلِع الجنا الأكمامُ
فاذكُرِ الوعدَ فهْو كالعهد والإخ / لافُ كالنَّكْثِ وهو بسْلٌ حرامُ
ودعِ المطل راشداً فهْو مَيْدا / نٌ يروضُ النفوسَ فيه اللِّئامُ
نَعَمُ الحُرِّ خلفها نِعَمٌ من / ه فُرادَى وأخرياتٌ تؤامُ
ما تمامُ الإنعام قولاً سوى الإن / عامِ فعلاً ولِلأمور تمامُ
قد بذلتُ التذكير فابذلْ ليَ التن / كيرَ إنّ الزمان فيه عُرامُ
واغرَمِ المال واغنَمِ الحمد واعلم / أنَّ ذا المجدِ غارمٌ غنَّامُ
ومتى لم تكن سجيتُك الغُر / م إذا خيف من زمانٍ غَرامُ
زاحت العِلَّتان عنك فلا بُخ / لٌ يعوق الندى ولا إعدامُ
ولأنت الحقيق أنْ لا يُرى من / ك إذا ما وأيْتَ وأْياً ندامُ
يا أبا الفضل ريعُ شامِطْياقي
يا أبا الفضل ريعُ شامِطْياقي / بادئٌ عائدٌ لكمْ كُلَّ عامِ
ولعوداتُ ريع جودِك للآ / مل أولى من غيرها بالدوامِ
ليس يُنْجيكَ من ملامةِ قربٍ / غيرُ آلائك الحسانِ الجسامِ
فتعوَّذْ بحنطةِ الكشكِ منها / عائداً بالجميل عودَ الكرامِ
قسماً يا ابنَ صالح بنِ عليٍّ / وابنِ عيسى بنِ جعفر القمقامِ
إنَّ عَهْدي إذا تنكَّر عهدٌ / لجديدٌ وإنّ حُبِّي لنامي
مِقةٌ خالطت فؤادي ودبَّتْ / في عروقي ومخَّخَتْ في عظامي
فعلى قَدْر ذاك أسألُ حاجا / تي وأمتاحُها بغير احتشامِ
سائلاً جِلَّها لغيْرِ اشتطاطٍ / سائلاً دِقَّها لغير اغتنامِ
غيرَ مُستصغرٍ قليلَ عطايا / ك ولا مُكْبرٍ كبيرَ اللئامِ
وقديماً ما أظلموا كالليالي / وأضأتُمْ للناسِ كالأيامِ
وعلوتُمْ على الخليقة كالها / م وكان الرجالُ كالأقدامِ
وجَرَيْتُمْ في كل مَيْتٍ من المع / روفِ جَرْي الأرواحِ في الأجسامِ
وهْي قُرْبٌ وإنما أنا في الشَّيْ / ءِ وكيلٌ وأنت قاضي ذِمامِ
حبستْنا السماءُ حبساً كريماً
حبستْنا السماءُ حبساً كريماً / من كريمٍ وعِندَ حُرٍّ كريمِ
فظللنا بما ادَّعيناه من حل / مٍ وعلم ونائلٍ ونعيمِ
في أمانٍ ومَأمَنٍ بين غَيْثٍ / وغياثٍ لحادث وقديمِ
قاسمٍ قاسمِ العطايا الذي حا / ز العُلى وحْدَهُ بغيرِ قسيمِ
فرأينا العُلا أحَظَّ به مِنْ / هُ بها في قضاءِ كُلِّ حكيمِ
كَسْرَوِيٌّ شرابهُ من رحيقٍ / ومِزاجُ الرحيقِ من تَسْنيمِ
وغناءٌ كأَنَّهُ أرْيَحيّا / تُ الصِبى تستخِفُّ حِلْمَ الحليمِ
قَيِّمٌ كلّهُ وإنْ صِيغَ مِنْ أعْ / وجَ ذي عطفةٍ ومن مُستقيمِ
في رِباعٍ مثلِ الرياضِ يُحَيِّي / كَ بأنفاسها رَقيقُ النسيمِ
مَنْ سقَى ما سقَى وأسمعَ ما أسْ / مع لم يُبِق غايةً للنديمِ
جعل الله ريح دولتِهِ الده / رَ نَسيماً يَفوقُ كلَّ نَسيمِ
لَأَبو الجهم مُلْصَقٌ
لَأَبو الجهم مُلْصَقٌ / مُعْتَدٍ في تَجَهُّمِهْ
غيرَ أنِّي عذرتُهُ / في الخَنَا عِنْدَ لُوَّمِهْ
إنَّ مَنْ يُحفزُ الرجي / عُ بِعُنفٍ إلى فَمِهْ
لَحقيقٌ بأنْ يُرَى / جَعرُهُ في تَكَلُّمِهْ
لم يزل خالدٌ لَدُن كانَ طِفلاً
لم يزل خالدٌ لَدُن كانَ طِفلاً / مُرْضَعاً والأيورُ أكبرُ هَمِّهْ
كان قِدْماً يَمُصُّ أيْرَ أبيه / ويُطيل الصدودَ عن ثدْي أُمِّهْ
إن عبْدَ القَوِيِّ ذاكَ المُكَنَّى
إن عبْدَ القَوِيِّ ذاكَ المُكَنَّى / بسُوَيْدٍ أراه يمتارُ سَمِّي
عبدُ سوءٍ مُجاهرٌ بالمعاصي / لا يعمِّي الفحشاءَ فيمنْ يُعمِّي
ثم لو كان فاعلاً لتسلَّيْ / تُ ولكن لعكسه الفعلَ غمِّي
لو يُسمَّى بنصفِ كنيتِهِ الأعْ / لى ونِصفِ اسمهِ أصابَ المُسمِّي
راحَ شَيْبي عليَّ مثلَ الثَّغامِ
راحَ شَيْبي عليَّ مثلَ الثَّغامِ / وغدا عاذلي ألدَّ الخصامِ
عزَّني في خطابه أنْ رآني / صارَ بعضي ظهيره في ملامي
وبحسب المُفَنِّدي بمشيبٍ / ردَّ غَرْبَ الجماح ردَّ اللِّجام
قنَّعَ الرأسَ ثم لثَّم وجهي / وكفى بالقِناع دونَ اللثام
حلَّ رأسي فراعني أن في الشي / ب نَعِيَّ الصِّبا نذيرَ الحِمام
راعني شخصُهُ وراع بشَخْصي / بقر الإنس ساكناتِ الخيام
فتناهَيْنَ قالياتٍ وِصالي / وتناهيتُ خائفاً ما أمامي
بل تناهيتُ مُكرهاً بتناهي ال / بيضِ عنِّي وما انتهتْ أعرامي
كالذي ذَاده السُّقاة عن الما / ء ولم يشفِ ما به مِنْ أُوامِ
حَسْرتي للشَّباب لا بلْ من الشيْ / بِ لقد طال مُذْ بدا تَحوامي
ذادني عن مواردٍ ليَ كانتْ / شافياتٍ من الغليلِ الهُيام
حَرُمَتْ بالمشيب أشياء حَلَّتْ / لي زماناً بإذنِ جَعْدٍ سُخام
لم تُحَلَّلْ لمَنْ أتاها ولكِنْ / لم يكنْ دونَها من الشيْبِ حامي
فأتى الآنَ دونَها فهيَ اليوْ / مَ حرامٌ عليَّ كلَّ الحرام
سوأتي أنْ أطعتُ شيْبي فيما / لم أُطِعْ فيه حاكم الحكَّامِ
وعظَ اللَّهُ والكتابُ فصممْ / تُ وأقدمت أيما إقدام
ونهى الشيبُ بعد ذاك فسلَّمْ / تُ وأحجمتُ أيما إحجام
صُمْتُ عن كُل لذّةٍ لمشيبي / أفلا كان للإله صيامي
واحيائي أن لا يكون من اللَّ / هِ حيائي من غيره واحتشامي
إذْ تعديتُ لا حياءٌ من اللَّ / هِ نهاني ولا اتِّقاءُ انتقام
وتناهيْتُ مُعْظِماً لمَشيبي / ومَشيبي أحقُّ بالإعظام
أَفَلا هِبتُ ذا المهابة من قب / لُ وأكرمتُ وجهَ ذي الإكرام
كاد هذا المتابُ يُعْتدُّ إجرا / ماً وبعض المتاب كالإجرام
توبةٌ مثلُ حَوْبةٍ وقديماً / أتبعَ الجهلُ زلةً بارتطام
دحضتْ حُجَّةُ المنيبِ إلى الشيْ / ب وأنَّى لطالبٍ بقوام
أيُّ عذرٍ لتائبٍ لا إلى اللَّ / ه ولكن إلى شبِيه الثغام
إن عُذراً من الذهاب إلى اللَّ / ه لعُذْرٌ يغْلو على المُستام
أإلى أرذلي جعلتُ متابي / ضلَّةً مثلَ ضلةِ الأنعام
بل إلى الله تبتُ لمَّا ثناني / بِعِناني وزاعني بزِمامي
راعني بالمشيبِ عمَّا نهى عن / ه بآي الكتابِ ذي الإحكام
كم بدا في الكتاب لي من ضياءٍ / كان مِنْ قبلُ دونه كالقَتام
هَتَك الشيبُ ذلك السِّتْرَ لي عن / ه فزال العمى وراح التعامي
وكِلا الشيبِ والكتابِ جميعاً / واعِظٌ زاجرٌ عَنِ الآثام
غيرَ أنَّ الكتابَ يُكْتَبُ بالأقْ / لام والشيبُ ليس بالأقلامِ
بلْ بِرَدْعِ الحوادث المُصْمَئِلّا / ت ومرِّ الشهور والأعوام
لن ترى مثلهُ كتاباً مُبيناً / لا بشكْلٍ لهُ ولا إعجام
خُطَّ غُفْلَ الحُروفِ يقرؤه الأُمْ / مِيُّ كالصبح غير ذي استعجام
فيه للقارئين أيُّ نذيرٍ / بِبلَى جِدّة ووشك اخترام
عاذِلي قد نزعتُ فانزع عن العَذْ / لِ وإن كنتَ في صواب حَذَام
قد رأيت الذي هويتَ فأرْضَيْ / تَ وأرغمتَ فارْضَ لي إرغامي
حَلَّأتْني الخطوبُ عن شِرَع اللَّهْ / و فأصبحتُ حائماً في الحيام
وأبيها لقد حمتْ سائغاتٍ / بارداتِ النِّطافِ زُرْقَ الجِمام
لن تراني العيون أشرعُ فيها / فدعِ اللَّومَ ولْيُدَعْ اتِّهامي
متُّ إلا حُشاشةً وادّكارا / مثل أحلامِ حالمِ النُّوَّام
ومتى ما انقضتْ أجاريُّ طِرْفٍ / ماتَ إلا صيامَه في المصام
غيرَ أنِّي مع انْتِزاعي وإقلا / عي ودفعي إلى نصيحي خِطامي
قائلٌ قول ذاكرٍ خيرَ عصريْ / ه طويلِ الحنين والتهيام
لهفَ نفسي على الشبابِ الذي أص / بحَ خَلْفي وذِكْرُه قدّامي
لهْفَ نفسي عليه أن صار حظِّي / منه لهفاً يُعِضُّني إبهامي
لهفَ نفسي على الظِّباء اللّواتي / عاقني عن قَنِيصها إحرامي
لهف نفسي على احتكامي على البِي / ضِ وإذْعانِهنَّ عند احتكامي
واقتحامي وللهوى عزماتٌ / يقتحمْن العِقابَ أيَّ اقتحام
ودفاعي خلالَ ذلك نفسي / عن خلاط الحرام بالإلمام
لهف نفسي على الشراب السّرامِيْ / ي وإعماله بطاسٍ وجام
وعزيفٍ عليه من مُسْمِعات / وحديثٍ عليه من أخلام
وفُكاهاتِ فتيةٍ هُمْ إذا شِئْ / تُ إدامٌ للْعيشِ خيرُ إدام
أخفقتْ رَوْحَتي من الربرب العِي / ن وطاشتْ من الرمايا سِهامي
ولعهدي بهنَّ قبلَ مشيبي / ينتظمن القلوبَ أيَّ انتظام
وقضيتُ الرضاعَ من دِرة الكر / م لتجريم أربعين تمامِ
ولتجريم أربعين قديماً / يتناهى الرضاعُ بابن المُدام
يا زمانَ الرضاع أرضعكَ المُزْ / نُ وأكدى على زمانِ الفِطام
دعوةً إنْ تُجَبْ بِسُقْيا وإلا / فسأسقيك بالدموعِ السِّجام
جارتي إن أكُنْ كبرتُ وأودى / بعُرامي اتِّقاءُ غِبِّ الأثام
ودعتني النساءُ عمّاً وقد كنْ / تُ لديهِنَّ من بني الأعمام
فلقد أغتدى يُفَيِّئ غُصْني / خُيلاءُ الشباب حَيَّ العُرام
تتراءاني الحِسانُ العطابي / ل جلاء القذى شفاء السَّقام
ناظرات بأعيُنِ العينِ نَحْوي / عاطفاتٍ سوالفَ الآرام
ولقد أهبِطُ الرياض بصَحبِي / تتراءى عيونها بابتسام
بُكرةً أو عشيةً يضحك الروْ / ض ويَبْكي الحمامُ شَجْوَ الحمام
نتعاطى بها الكؤوسَ رَواءً / واصِلي طِيبِها بِطيبِ نِدام
درَّ دَرُّ الصِّبا ودَرُّ مغاني الْ / لهو لو أنَّها دِيار مُقام
عَدِّ عن ذكر ما مضى واستمرَّتْ / دون مأتاهُ مِرَّةُ الأوذام
وفلاةٍ قطعتُها بفَلاةٍ / كاللِّياحِ الملمَّع الأزلام
باتَ في لُجَّةِ الظلامِ فريداً / تحتَ أهوالِ رائحٍ مِرْزامِ
مُطرِقاً يبحثُ الرّوي عن الظَّمْ / آنِ من عانِكٍ رُكام هيام
عَطَفَ اللَّيْلُ هَيْدَبَيْهِ عليه / وتداعتْ سماؤُهُ بانهدام
يقق اللَّونِ كالمُلاءةِ إلا / لُمعاً في شَواهُ مثلُ الوِشام
ينْتَمي كُلُّهُ إلى آلِ سامٍ / غير هاتيكَ فهْي من آلِ حام
تلكَ أو سُفْعَةٌ بخدَّيْهِ تُهْدي / جُدَّةً في سراته كالعِصام
هَنَةٌ قُوِّمتْ وعُوِّجَ منها / فتراها كأنَّها خَطُّ لام
خَطّها في القَرا وفي الذَّنَبِ الزَّا / ئلِ قِسْمَيْنِ أعدلُ القُسَّام
ذو إهاب يضاحك البرقَ مالا / حَ وطوراً يضيءُ في الإظلام
ضُوعِفَ الليْلُ في الكثافةِ والطُّو / لِ عليه بِمُرْجَحِنٍّ رُكام
وخريقٍ تَلُفُّهُ في كِناس / عُدْمُليٍّ بجانبيه حوامي
دمَّنَتْهُ الأرواحُ قِدْماً فريَّا / هُ كريَّا حرائرِ الأهضام
رقْرقتْهُ الشَّمال والرعد والبَرْ / قُ وفيْقاتُ وابل سجّام
حرجفٌ لو عداه منها أذى القَرْ / رِ كفاه دُؤوبُها في المَوامي
وسوارٍ عليه لو كفتِ القَطْ / ر أطارت كراه بالإرزام
دأْبُهُ ذاك فحمةَ الليل حتَّى / طلعَ الفجرُ ساطعاً كالضِّرام
أنقذ الصُّبْحُ شِلْوَهُ من شفا المو / تِ فأضحى يعلو رؤوس الأكام
فرحاً بالنَّجاة ترمي به المَيْ / عةُ رمْيَ الوليدِ بالمِهزام
بينما الشَّاةُ ناصلاً مِنْ هَنَاتٍ / بات يَشْقى بِهنَّ ليلَ التمام
قدْ صحتْ شمسُه وأقفرَ إلا / من نِعاج خَواذلٍ ونعام
يصْطلي جَمْرةَ النَّهار ويلهو / بالرخامى وخَلْفَهُ العُلّام
إذ أُتيحتْ له ضوارٍ وطِمْل / مالهُ غيرَ صَيْدِها من طعام
ينتهبن المدى إليْه ويضْرمْ / نَ له الشَّدَّ أيَّما إضْرام
ولديه لهُنَّ إنْ فَرَّ أو كَرْ / رَ عتاد المفَرِّ والمقدام
فترامتْ به الأجارِيُّ شأواً / ثم ثابت حفيظة من محامي
كرَّ فيها بمذوديه مُشيحاً / فسقاها كؤوسَ مَوْتٍ زُؤام
فارعَوَتْ مِنْ مُرَنَّح وصريع / ومُوَلٍّ مُهتَّكِ النحر دامي
ومضى يَعْسِفُ النجاء كما زلْ / ل من المنجنيقِ مِرْدى رِجام
أو كما انقضَّ كوكبٌ أو كما طا / رت من البرق شقَّةٌ في غمامِ
ذاك شبَّهْتُ ناقتي حينَ راحت / صخِباً رحلُها كَتُومَ البُغام
ميلعَ الوخدِ تقذفُ المروَ بالمرْ / وِ وتَرمي اللُّغامَ بعد اللُّغام
كم أجازت إلىالأميرِ عُبَيْدَ الْ / لهِ حامِي الحمى وراعي الذِّمام
عبْدَليٌّ مُهَذَّبٌ طاهِريٌّ / مُصْعَبيٌّ يبذُّ كلَّ مُسامي
فيه جِدُّ الفتى وحِلْمُ المذكِّي / وحجا الكهل وارتياحُ الغلام
مَلِكٌ حلَّ من سماءِ المعالي / فوق شمسِ الضُّحى وبدرِ الظلام
حلَّ منها محلَّ أنجمها الزُّهْ / رِ سواقي الغيوثِ والأعلام
فهْوَ فيها مغوثة وهدى لل / ناس عين الجواد والعلّام
وهْو من بعد ذاك زينتُها الحُسْ / نى بذاك السَّنا وذاك الوسام
وهو رجمٌ لكلِّ عفريتِ حربٍ / أيُّ سهمٍ أعدَّهُ أيُّ رامي
وهْو إنْ مارسَ الخطوبَ فناهي / كَ به أيُّ واصلٍ صرَّامِ
ذو هناتٍ بهنّ يلتئمُ الصَّدْ / عُ إذا قلتَ لاتَ حينَ التئام
ثاقبُ الفِكرِ ما تمهَّلَ في الرأْ / يِ شديدُ الإسداء والإلحام
فإذا بادَه الحوادثَ بالرأ / ي أصاب الصَّوابَ بالإلهام
ألْمَعِيٌّ مُوَفَّقٌ بهدى اللَّ / ه لدى الخُطَّةِ العَياء العَقام
وإذا الشكّ خالجَ الرأيَ أمضى / رأيَهُ عزْمُ عازمٍ مِجْذام
لا كإمْضاءِ جاهلٍ عجرفيٍّ / يركبُ الرأيَ قبل شَدِّ الحزام
صاحبُ السيف والمكائدِ والنق / ضِ لتلك الأمور والإبرامِ
لا تراه يخِفُّ للمستخفّا / ت ولا يستكينُ للآلام
جبلُ الأرضِ ذو الشماريخِ والأط / وادِ والناسُ حوله كالرُّضام
صاحبُ الدعوةِ التي ردت الحقْ / قَ على أهله برغم الرغام
والذي أسرعَ الإجابةَ واستعْ / جل قبل الإسراج والإلجام
صاحبُ النصرةِ التي شفعتْ نُصْ / رةَ أهل الفسيل والآطام
صاحبُ الشرطةِ الذي انهزم الطَّا / غوتُ إذْ كافحتهُ أيَّ انهزام
صاحبُ الراية المظفَّرة السَّوْ / داء تهفو على الخميسِ اللُّهام
صاحبُ الحربةِ التي تنفث المو / تَ كنفْثِ الأفعى زُعافَ السِّمام
لم يزل شاملَ المنافع للأمْ / مَة طُرّاً مَأْمُومِها والإمام
حاملُ الظرف والسلاح جميعاً / حين لا يُجمعان في الأقوامِ
صارمُ القلبِ واللسانِ إذا ما / كَهَمَتْ شَفْرَةُ الجبانِ الكَهام
يغتدي من بني عُطاردَ في السِّلْ / مِ وفي الحربِ من بني بهرام
ذو البيانِ المُبينِ عن حجة اللَّ / ه وليس المبينُ كالتمتام
ذو اليد الثرَّة المُقبَّلةِ الظَّهْ / رِ وأفواهُ حاسديه دَوامي
باطنا راحتَيهِ زمزم تُمتا / حُ وظهراهما فركنا استلام
مَلِكُ تُمْطِرُ المواهبَ كفّا / ه كما انهلّ صيِّبُ الودْقِ هامي
لم يزل كل عاجل من عطايا / ه بشيراً بآجلٍ مستدامِ
وكأنّ المؤمِّلين يمتّو / ن إليه بأقرب الأرحام
أمَلُ الآملينَ إيَّاه زُلْفَى / لهمُ عنده وحَبْلُ اعتصام
في يَدَيْ كُلِّ ذي رجاء وخوفٍ / عروةٌ منه غير ذاتِ انفصام
وهو كالكَعْبَةِ المُصلِّي إليها ال / ناسُ من بين مُنْجِدٍ وتَهامي
قِبْلةُ الآملينَ مُنْتَجَعُ الرَّا / جين مأوى الضِّعاف والأيتام
معقلُ الخائفينَ عند اللُّتيَّا / والتي بعدها وأزمِ أزامِ
يتَّقي جودُهُ صُلولَ القناطي / رِ كما يُتَّقَى صُلولُ اللِّحام
والقناطيرُ لا تَصِلُّ ولكنْ / منعها الحقَّ أيُّما اسْتذمام
وصلولُ اللِّحام يُسْقِمُ لكن / سقَمُ البخلِ أبرح الأسقام
وكذا الماءُ طيِّبٌ ما استقوْهُ / آجنٌ آسِنٌ على الإجمام
يعذُبُ الموردُ الذي يُستقى من / هُ ولا تعذبُ المِياهُ الطَّوامي
يجتبى المال من مجابيه بالعَدْ / لِ ويُعطيه غيرَ ما ظلّام
أرخصتْ كفُّهُ العطايا وأغْلَتْ / حَمْدَ سُوَّامِها على السُّوَّام
ليس ينفكُّ من عطايا تُبارِي / سائراتٍ خواطرَ الأفهام
حاصلاتٍ وهُنَّ من عظم القَدْ / رِ كَبَعْضِ المُنَى أوِ الأحلامِ
وعطايا كوامن في المواعي / د كُمونَ الثِّمارِ في الأكمام
فعطاياهُ دانياتٌ يدَ الده / رتوالَى كأنَّها في نظام
ساعياتٌ إلى رجالٍ قُعودٍ / سارياتٌ إلى أناسٍ نيامِ
مُعفَياتٌ من السؤالِ مصفَّا / ةٌ ألا هكذا عطاء الكرامِ
مُعْفِياتٌ من الهوانِ وجوهاً / عبَّدتها مُطالَباتُ اللِّئام
أمسكَ السائلونَ عنه وكانوا / قبلهُ للملوكِ كالغُرَّام
نَهْنهتهُم لُهىً له ليس تنفكْ / كُ على المُقْترينَ ذات ازدحام
فوفودُ السؤال عنه قُعودٌ / مَقْعَدَ الحامدين لا اللُّوام
ووفودُ السلامِ والشكرِ يغدو / ن قياماً إليه بعدَ قيام
ساهرٌ لا ينامُ عن حاجةِ السّا / هر حتى يذوق طعمَ المنام
ويصونُ الوليّ بالجاه والما / لِ كصونِ الكَميِّ نصلَ الحسام
ما هُمَا للْوَليِّ إلا كغِمْدَيْ / ن لديه كصارم صمصام
وحقيقٌ بذاكَ مَنْ أوَّلوهُ / كالنواصي والناسُ كالأقدام
ضربتْ تحتَهُ عُروقٌ نوامٍ / فتعالتْ به فروعٌ سوامي
نعمةُ اللَّهِ عند من وصل اللَّ / ه به أُختَ نعمةِ الإسلام
ذاك فيه الأمانُ من كبة النَّا / رِ وهذا جارٌ من الأيام
في ذَراهُ يُستبدَلُ العِزُّ والثَّرْ / وة من ذِلةٍ ومن إعدام
مُسْتَحِقٌّ نُعمَى الإله عليه / حقَّ فضلِ المِنعام للْمنعامِ
إنِّ مَنْ يرتجي سواهُ لكالذا / هبِ عن ربِّه إلى الأصنام
يظلمُ الحاسدونَ إذْ حسدوهُ / وهْو في ماله شريكُ الأنامِ
غيرَ حُسّاده على الشِّيَمِ الغُرْ / رِ اللواتي سلمْنَ من كُلِّ ذام
فهُمُ منصفونَ في ذاكَ لا شكْ / كَ لدى المُنْصفينَ في الأحكام
هل يُعرَّى امرؤٌ من الحسدِ المَحْ / ضِ على نيلِ أفضلِ الأقسام
أنا من حاسديه لكنني لس / تُ بباغ نُعماه غيرَ الدَّوام
حسدي أنَّني أريدُ لنفسي / بعض أخلاقه بغير اكتتام
وإذا حاسدٌ صفا من غليل / فهْوَ في وزْن عاشقٍ مُسْتهامِ
لستَ تَدْرِي نثاه أحلى مذاقاً / أم سماعاً من ألسُنِ الأقوامِ
رُبَّ نُعمَى له عليَّ ونُعمَى / وأيادٍ له لديَّ جِسام
حطَّ ثِقلَ الخراجِ عنِّي وقد كا / ن كأركانِ يَذْبُلٍ وشمام
وأراني الضِّياعَ مالاً وقد كن / تُ أرى ملكَها كبعضِ الغرام
كفَّ من سورة ابن بسطامَ عنِّي / وهْي مشبوبةٌ كحرِّ الضّرام
وأراهُ بنورهِ حَقَّ مِثْلي / وهْو مُذْ كان موقِظُ الأفهام
فقضى حاجتي وكان كسَيْفٍ / هُزَّ فاهتَزَّ وهْوَ غيْرُ كَهام
هزَّهُ ماجدٌ يناصح في الهزْ / زِ هُمَامٌ مُتَوَّجٌ لهُمام
ومُحالٌ ألّا يقومَ بما قلْ / لَدَهُ الأولياءُ كُلَّ القِيامِ
وهْو ممَّنْ تقدَّمَ الناسَ كالرَّأ / سِ وممن علاهُمُ كالسنام
فجزاهُ الإلهُ عنِّي خُلوداً / ونعمياً في ظِلِّ دار السلام
بعدما يعم البقاء به الدنْ / يا صحيحاً ممتَّعاً ألفَ عامِ
ذادَ عن مُقْلِتي لذيذَ المنامِ
ذادَ عن مُقْلِتي لذيذَ المنامِ / شُغلها عنهُ بالدموعِ السجامِ
أيُّ نومِ من بعد ما حل بالبصْ / رَةِ من تلكمُ الهناتِ العظام
أيُّ نومٍ من بعد ما انتهك الزّنْ / جُ جهاراً محارمَ الإسلام
إنَّ هذا من الأمورِ لأمْرٌ / كاد أن لا يقومَ في الأوهام
لرأينا مُسْتَيْقظين أموراً / حسبُنا أن تكونَ رُؤيا منام
أقدم الخائنُ اللعينُ عليها / وعلى الله أيَّما إقدام
وتسمَّى بغير حقٍّ إماماً / لا هدى اللَّهُ سعيَه من إمام
لهفَ نفسي عليكِ أيَّتُها البص / رةُ لهفاً كمثل لفحِ الضِّرام
لهف نفسي عليك يا معدن الخي / رات لهْفاً يُعضُّني إبهامي
لهف نفسي يا قُبَّةَ الإس / لام لهفاً يطولُ منه غرامي
لهف نفسي عليكِ يا فُرضةَ البل / دانِ لهفاً يبْقى على الأعوام
لهف نفسي لجمعكِ المتفاني / لهف نفسي لِعِزِّكِ المُستضام
بينما أهلُها بأحسنِ حالٍ / إذ رماهمْ عبيدُهمْ باصطلامِ
دخلوها كأنهم قِطع اللْي / لِ إذا راحَ مُدْلَهِمَّ الظلام
طلعُوا بالمُهَنَّداتِ جِهْراً فألقتْ / حملها الحاملات قبل التَّمام
وحقيقٌ بأن يُراع أناسٌ / غوفصوا من عدوهم باقتحام
أيَّ هَوْل رأوْا بهمْ أيّ هَوْلٍ / حُقَّ منه تشيبُ رأسُ الغلام
إذ رموْهُمْ بنارهم من يمينٍ / وشِمال وخلفِهمْ وأمام
كم أغصُّوا من شاربٍ بشراب / كم أغصُّوا من طاعمٍ بطعام
كم ضنينٍ بنفسهِ رامَ مَنْجىً / فتلقّوا جبينه بالحسام
كم أخٍ قد رأى أخاهُ صريعاً / ترِبَ الخَدِّ بينَ صَرْعى كرامِ
كم أبٍ قد رأى عزيزَ بنيه / وهْوَ يُعلَى بصارمٍ صمصام
كم مُفدّىً في أهلهِ أسْلمُوه / حين لم يحْمِه هنالك حامي
كم رضيع هناكَ قد فطموه / بشبا السيف قبل حينِ الفطام
كم فتاةٍ بخاتِم الله بِكرٍ / فضحوها جَهْراً بغير اكتتام
كم فتاةٍ مصونة قد سبوْها / بارزاً وجهها بغير لثام
صبحوهُمْ فكابدَ القومُ منهم / طولَ يومٍ كأنه ألفُ عامِ
ألفُ ألفٍ في ساعةٍ قتلوهُمْ / ثم ساقوا السِّباءَ كالأغنام
من رآهُنَّ في المساقِ سبايا / دامياتِ الوجوهِ للأقدام
من رآهنَّ في المقاسم وسْطَ ال / زنج يُقسَمْنَ بينهم بالسِّهام
من رآهُنَّ يُتّخذنَ إماءً / بعد ملْكِ الإماء والخُدَّام
ما تذكرتُ ما أتى الزنج إلا / أُضرم القلب أيّما إضرام
ما تذكرتُ ما أتى الزنج إلا / أوجعَتْني مرارةُ الإرغام
رُبَّ بيعٍ هناك قد أرخصُوهُ / طال ما قدْ غلا على السُّوَّام
رُبَّ بيتٍ هناك قد أخرجُوهُ / كان مأوى الضِّعافِ والأيتام
رُبَّ قصْرٍ هناك قدْ دخلوه / كان من قبلِ ذاك صَعْبَ المرام
رُبَّ ذي نعمةٍ هناك ومالٍ / تركوه مُحالفَ الإعدام
رُبَّ قوم باتوا بأجمعِ شَمْلٍ / تركوا شملَهُمْ بغير نظام
عرِّجا صاحبيَّ بالبصرةِ الزَّهْ / راء تعريج مُدنفٍ ذي سقام
فاسْألاها ولا جوابَ لديها / لسؤال ومن لها بالكلام
أين ضوضاءُ ذلك الخلقِ فيها / أين أسواقُها ذواتُ الزِّحام
أين فُلْكٌ فيها وفُلْكٌ إليها / مُنشآتٌ في البحر كالأعلام
أين تلك القصورُ والدورُ فيها / أين ذاكَ البنيانُ ذو الإحكام
بدِّلتْ تِلكُمُ القصورِ تِلالا / من رمادٍ ومن تُراب رُكامِ
سُلِّطَ البَثْقُ والحريقُ عليهم / فتداعت أركانُها بانهدامِ
وخلتْ من حُلولها فهْي قَفْرٌ / لا ترى العين بين تلك الأكام
غيرَ أيْدٍ وأرْجُلِ بائناتٍ / نُبذَتْ بينهنَّ أفلاقُ هام
ووجوهٍ قد رمَّلتْها دماءٌ / بأبي تلكمُ الوجوه الدوامي
وطِئتْ بالهوانِ والذُّلِّ قسراً / بعد طولِ التبجيلِ والإعظام
فتراها تَسْفي الرياحُ عليها / جارياتٍ بهبوة وقتام
خاشعاتٍ كأنَّها باكياتٌ / بادياتِ الثغور لا لابتسام
بل ألِمَّا بساحةِ المسجدِ الجا / مع إنْ كُنْتُما ذَوِي إلمام
فاسألاهُ ولا جوابَ لدْيهِ / أين عُبَّادُهُ الطوالُ القيام
أينَ عُمَّاره الأُلى عمَروهُ / دَهْرَهُمْ في تلاوة وصيام
أين فِتيانه الحِسانُ وجُوهاً / أين أشياخُهُ أولو الأحلام
أيُّ خَطْبٍ وأيُّ رُزْء جليلٍ / نالنا في أولئكَ الأعمام
كم خذلنا من ناسكٍ ذي اجتهادٍ / وفقيهٍ في دينهِ علَّام
وا ندامي على التَّخلُّفِ عنهمْ / وقليلٌ عنهُم غَناء نِدامي
وا حيائي منهُمْ إذا ما التقينا / وهُمُ عند حاكم الحُكّام
أيُّ عُذْرٍ لنا وأيُّ جوابٍ / حين نُدْعَى على رؤوسِ الأنامِ
يا عبادي أما غَضِبْتُم لوجهي / ذي الجلال العظيم والإكرام
أخذلتُمْ إخوانَكُم وقعدْتُمْ / عنهُمُ ويحَكُم قُعودَ اللئام
كيف لم تعطفوا على أخواتٍ / في حِبال العبيدِ من آل حامِ
لم تغاروا لغَيْرتي فتركْتُمْ / حُرماتِي لمَنْ أحَلَّ حرامي
إنَّ من لم يَغَرْ على حُرُماتي / غيرُ كُفْءٍ لقاصراتِ الخيام
كيف ترضى الحَوراء بالمرءِ بَعْلاً / وهو من دونِ حُرمة لا يُحامي
وا حيائي من النَّبيِّ إذا ما / لامني فيهم أشدَّ الملام
وانقطاعي إذا هُمُ خاصموني / وتولَّى النبيُّ عنهُمْ خصامي
مثِّلُوا قولهُ لكُمْ أيُّها النَّا / سُ إذا لامكُمْ مع اللُّوَّام
أُمَّتي أينَ كُنْتُمُ إذْ دَعتْني / حُرَّةٌ من كرائمِ الأقوامِ
صرختْ يا مُحمّداهُ فهلّا / قام فيها رعاةُ حقي مقامي
لم أجبْها إذ كنتُ مَيْتاً فلولا / كان حيٌّ أجابها عن عِظامي
بأبي تلكُمُ العِظامُ عظاماً / وسقَتْها السماءُ صوْبَ الغمام
وعليها من المليك صلاةٌ / وسلامٌ مؤكَّدٌ بسلام
انفرُوا أيها الكرامُ خِفافاً / وثِقالاً إلى العبيدِ الطَّغام
أبْرَمُوا أمرَهُمْ وأنتُمْ نِيامٌ / سوءةً سوءةً لنوْمِ النيام
صدِّقوا ظنَّ إخوة أمَّلوكم / ورجوْكُمْ لنبوةِ الأيامِ
أدْرِكوا ثأْرَهُمْ فذاك لديْهِم / مثلُ ردِّ الأرواحِ في الأجسامِ
لم تُقِرُّوا العيونَ منهم بِنَصْرٍ / فأقِرُّوا عيونهمْ بانتقام
أنقِذُوا سَبْيَهُمْ وقلَّ لهُمْ ذا / ك حفاظاً ورعْيَةً للذِّمام
عارُهُمْ لازمٌ لكُمْ أيُّها النَّا / سُ لأنَّ الأديانَ كالأرحام
إن قعدتُمْ عن اللعينِ فأنْتُمْ / شركاءُ اللَّعينِ في الآثامِ
بادروهُ قبلَ الرويَّةِ بالعَزْ / م وقبل الإسراج بالإلجام
من غدا سرجُهُ على ظهرِ طِرفٍ / فحرامٌ عليه شدُّ الحزام
لا تطيلوا المقام عن جنَّة الخل / دِ فأنتمْ في غير دار مُقام
فاشتروا الباقيات بالعرَضِ الأد / نى وبِيعوا انقطاعه بالدَّوام
يا ابن كسرى كسرى الملوك أنوشر
يا ابن كسرى كسرى الملوك أنوشر / وانِ قل لي ما هذه الأُكرومَهْ
قد أضاءتْ وأشرقتْ فاهْتَدى السا / ري بها في مهالكِ الديمومَهْ
راقتِ النَّاس منظراً ومَشمّاً / فهْيَ ريحانةٌ لهمْ مشمومه
قسماً إن خُلّةً علِقَتْ مِنْ / كَ بحبل لخُلّةٌ مرحومه
ظُلِمَتْ بالرجاء فيك وإن كنْ / تَ كنفس فأصبحت مظلومه
يا سميَّ الفتى الذي كان باباً / لِجحودِ المكارمِ المعدومه
كيف حالتْ بك الخلائقُ حتَّى / أصبحتْ بعد حمدِها مَذْمومه
كيف زالت تلك المعالي فأضحتْ / بعدَما قد بنَيْتَها مهدومَهْ
كيف مرَّتْ تلك المذاقةُ حتَّى / أصبحت بعد طِيبها مسمومه
قد لعمري طمستَ مِنِّيَ وجْهاً / كنتَ فيما مضى تُقيمُ رُسومه
صرتَ قِطعاً من الظَّلامِ لأفْقٍ / بعدما كنت بدْرَه ونُجومه
قلَّدَتْني يداك سِمْطاً من العا / ر خلافَ اللآلئ المنظومه
ولأنت الشريكُ في ذاك فاعْلمْ / غيرَ مظْنونةٍ ولا مَوْهومه
لم تَضَعْنِي إلا بِوَضْعك من نف / سِك فافهم جليَّةً مفهومه
بكَ حلَّ الملامُ لا بي بل النَّفْ / سُ التي أمَّلتكَ عين الملومه
كلماتٌ تَذُمُّ فعلك لا أص / لك كلا ولا تذمُّ الأَرُومه
سَوْأتَى سوأتَى على أيِّ شيءٍ / منك أضحتْ أناملي مضمومه
لهفَ نَفْسِي على الدماثةِ والحك / مةِ كلتاهما مذْمومه
كيف لم يردعاكَ عن فعلِ شَنْعا / ءَ قبيح رَواؤها مشؤومه
أبقدْري وزنتَ خَمسينَ رطلاً / من حطام يا ظالماً في الحكومه
وهو جزءٌ مما وعدتَ ضئيلٌ / غَرِقٌ في صِلاتك المقسومه
دُم على ما أراه منك فمالي / حاجةٌ في هديّةٍ بخصومه
واطْرَحِ الهمَّ عنك وافرح بنصحي / فرَّجَ الله نفسك المهمومه
للئامِ الرجال لا لي وجوهٌ / عانياتٌ وآنُفٌ مخزومه
أَوَ لمْ تدْر أن نفسي عن الما / ء إذا شابهُ القذى معصومه
لا يسودُ امرؤٌ يَعُدُّ الرزايا / في المعالي مغانماً مغنومه
فُطِمتْ رغبتي إليك أبا يحْ / يى ويا رُبَّ رغْبةٍ مفْطومه
ويميناً مَبْرورةً إنَّ نفساً / حَرَمَتْني الطفيفَ للمَحْرومه
ومتى ما غدتْ وقد شتَمتْنِي / باحتقارٍ فإنها المشتومه
ما استخفَّ امرؤٌ بقدريَ حتَّى / بوَّأ النفسَ موقفَ المرحومه
وأراك المليءَ إنْ قُلْت قولاً / لمجازاةِ حتمةٍ محتومه
غير أني أرى جنودَك إن طا / لت بنا حربُنا هي المهزومه
من أساء الفِعال والقولَ ولَّى / عن أخيه ذا حُجَّةٍ مخصومه
أنا مِنْ قد عرفتَهُ يا أبا يح / يى إذا استهدر الهجاءُ قُرومه
سطوتي سطوةُ المجاهر لا ذي / بَغْيةٍ من مُناوئٍ مكتومه
هاكها حرَّةً لحرٍّ تبدت / لانتصار فجعجعتْ مزمومه
زمَّها عنك ما فعلتَ وما أس / دَيْتَ أيامَ مجدكَ الموسومه
بلغت بي رضايَ منك وإن كا / نتْ بعيني مفتوحةً مختومه
خُطبةٌ لو كظمتُها كانَ أوْلى / بي ولكنْ مرةٌ مكظومه
وعليك السلام من ذي فراقٍ / ووداعٍ لخُلَّةٍ مَصْرومه
يا أبا الصقر إنَّ شُكْري لمعْرو
يا أبا الصقر إنَّ شُكْري لمعْرو / فِكَ شكرٌ باقٍ على الأيامِ
فاستدمْهُ فإنما تصحب النعْ / مةُ من كان دائم الإنعام
لك صفو المديح والشكر مني / في نظام وصلته بنظامِ
وعيونٍ ما مثلها من عيونٍ / آخذاتٍ مختارَ كُلِّ كلام
لا أذُمُّ الزمانَ ما كنتَ ترعى / يا أبا الصَّقرِ حُرمَتي وذِمامي
لم أزل منك في نعيم مقيم / لم يزل عند رِحلتي ومُقامي
ضلَّ من قد دعوتُ دونَكَ عني / ووجدت الكرامَ غيرَ كرام
وضمانٌ على مديحي وشُكري / لك حُسْنُ الثَّناءِ في الأقوام
وبِحَسْبي بأنَّ شكري لمعرو / فِكَ مما أُريتُهُ في المنام
نابَ عَنْ صِدْقِهِ وصِدْقِ وفائي / لك بالشكر صادقُ الأحلام
صُمْتُ عمَّنْ سواكَ من سائر النَّا / س ففطْري بذاكَ عند صيامي
لستُ ممن ينام عن واجب الحْق / قِ عليه وأنت غَيْثُ الأنام
قد يُحَثُّ الجوادُ غيرَ بطيءٍ / ويُهَزُّ الحسامُ غيرَ كهام
واترٌ ظالمٌ وناقض وتْرٍ
واترٌ ظالمٌ وناقض وتْرٍ / أيُّ هذيْن يستحق الندامَهْ
أحليمٌ أصابَ منه سفيهٌ / فاستردَّ الحليمُ منه الظُّلامَهْ
أم سفيهٌ أصابَ عِرضَ حليم / فأصابَ السفيه طفْر عُرامهْ
خالدَ اللُّؤْمِ أنتَ هيَّجْتَ حَرْبي / ولقد كنتَ وادعاً في سلامه
فاشتريتَ السهاد بالنومِ جَهلاً / ورئمتَ الهوان بعدَ الكرامه
وفتىً يمنعُ الطعا
وفتىً يمنعُ الطعا / م ولا يمنع الحُرَمْ
فجميع النساء في الْ / حلِّ والمطبخُ الحَرَمْ
سَلِّني قد مللْتُ طولَ الغرامِ
سَلِّني قد مللْتُ طولَ الغرامِ / واحتمالِ الأحزانِ والأسقامِ
اسقنِي سلوةً فإن أنت لم تق / دِر عليها فداوني بالمُدام
ربما كان في المُدامِ شِفاءٌ / للُمحبِّينَ من جَوىً وغرام
يعجزُ العقلُ من ذوي العقل عمّا / يتأتَّى لغيرهمْ بالكلام
ليسَ لي في جوارِ صاحبةِ الصُّدْ / غ مع الهجر والجفا من مقام
قد سقتني من عينها كأس وجدٍ / فعلتْ فيَّ فعلَ كأسِ المُدام
أسكرتني سكر الشَّمولِ من الخم / رِ ودبَّت دبيبها في عِظامي
إنَّ ما لا يكونُ نقصانُ وجْدي / كيف أرجو نقصانَ ما هو نامي
كلَّ يومٍ يزيدُ وجدي وشوقي / وغرامي وصَبْوتي وهُيامي
ليس من حيلة تُنْهنهُ عنَّي الْ / وَجدَ إلا غروبُ دمعٍ سجام
فاستعنْ بالدموعِ وافزع إليها / فهْيَ عونٌ للعاشقِ المُسْتهام
إن يكنْ دائيَ الهوى فتيقَّنْ / أنهُ منذ كان داءُ الكرام

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025