المجموع : 12
لست أَدري كخابط في ظَلامِ
لست أَدري كخابط في ظَلامِ / أَوَرائي سَعادَتي أَم أَمامي
حيرة في الحياة قد صدفتني / عَن بُلوغي من الحَياة مَرامي
وَقضت أنني أَطيل وقوفاً / في ممر الشكوك والأوهام
ضجرت نَفسي من توالي الليالي / واستملّت تعاقب الأيام
وَيك نَفسي إن السعادة خودٌ / لا تَزور العشاق غير لمام
كل جرح له التئام مع الده / ر وجرحى باق بغير التئام
إنما المرءُ في صباه سعيد / غير أن الصبا بغير دوام
ذهبت تلكم السَعادة عني / فاِذهَبي يا سَعادَتي بسلام
قل لشيخ قد أتعبته الليالي / لك أن تستريح تحت الرغام
أيها الشيخ لا تذمَّ المنايا / فالمنايا نهاية الآلام
أنا في مثل يقظة من حياتي / فهل الموت بعدها كالمنام
هو نوم نعم نعم هو نوم / هو نوم لكن بلا أحلام
بعد حين يقال عني فلان / غاله الموت غبّ داء عقام
لست أدري وإن تحقق موتي / بعد شهر أموت أم بعد عام
طيران الحمام مهما تعالى / ليس ينجيه من دنوّ الحِمام
المنايا مصيبةٌ كلّ حيّ / والبِلى غاية الوجوه الوسام
إن أمت خائباً فكم حسرات / بقيت في نفوس ناس عظامِ
نحن في غفلة نيام وعنا / نائبات الزمان غير نيامِ
نحن في دولة تداركها اللَ / هُ تبيح المحظور للحكام
وعدها بالإصلاح جم ولكن / لا يجوز الإصلاح حد الكلام
كم وكم في رجالها من جَهولٍ / صدره ساطع بأَبهى وسام
نحن قوم قضت إرادة شخص / واحد أن نعيش كالأنعام
قد لجأنا إلى الكرام بكاةً / وإذا بالكرام غير كرام
أيها الظالم اغتصبت حقوقاً / قد حباها الأنام ربُّ الأنام
وتهضمتني وآلمت قلبي / بتجرِّيك أيما إيلامِ
تبتغي بالذي فعلت صَغارى / ومقام الصغار غير مقامي
فسأشكوك ما حييت وإن م / ت تشكتك في ضريحي عظامي
رب قوم من العدالة محرو / مين فازوا بها بحد الحسام
بزغت والنفوس ترنو إليها / بعيون مملوءة من غرام
وتجلَّت لهم كما يتجلَّى / من وراء السحاب بدر التمام
جعل اللَه كل قوم تحاشوا / أَن يثوروا في آخر الأقوام
أيّ قوم نالوا نجاة من الأس / ر بغير اقتحام أمر جسام
طلبت نَفسي أن أَكون مطيعاً / لِهَواها فقلت هاك زِمامي
إنني إن عصيت نَفسي هواها / خاصمتني نَفسي أَشد الخصام
ثُمَّ لما اتَّبعتُ رغبة نَفسي / حملتني نَفسي عَلى الآثام
ورطتني وبعد ما ورطتني / أَخذت في مذمتي وَملامي
وَلَقَد كانَت الملاوم منها / كَسِهام يصبن إِثر سهام
قَد تحملتها فَلِلَّه صبري / وَبأعباء النائبات قيامي
صالحيني يا نفس فالصلح لو فك / رت في الأمر سيّد الأحكام
أفلا تنظرين أني رهين / بالعنا في حكومة الظلام
لهلاكي يبرى العدو سهاماً / يرتميني وأنني غير رام
ويريني الزمان وجهاً عبوساً / فأدارى عبوسهُ بابتسامي
إن للكائنات ربا كبيراً / منح الكائنات أرقى نظام
وحبا الإنكليز بحراً عليه / تسبح المنشآت كالأعلام
دولة بالعدالة استمسكت وال / عدل في الملك سُلَّم للتسامي
أمم الغرب عمَّموا العلم حتى / وفَّروا قوة مع الأيام
أترى المسلمين يأتون نهضا / أم ترى الذل لازم الإسلام
هل نفوس إلى الدنايا عطاش / كنفوس إلى المَعالي ظوامي
إنما العدل والعذوبة ترجى / منهل حوضه كثير الزحام
أيها المنهل احبني منك قربا / فلعلي أبلُّ منك أُوامي
ابنَتي قَد شَبَّت مَع الأيامِ
ابنَتي قَد شَبَّت مَع الأيامِ / فَهي اليَوم مثل بدر التَمامِ
أنجزت من دروسها ما به امتا / زت عَلى الغير من بنات الكِرام
وَفَشا صيتُ حسنها يَتَمَشى / مَع ذكر العفاف بين الأنام
خصها اللَه في الوَرى بِمَزايا / أكبرتها فراسة الأقوام
عفة سرّت الوقار وَطهر / ذكر الناسُ أَمره باحترام
خلق البارئُ المصور للخل / قِ ابنَتي من وداعة وَسلام
ابنَتي زَهرَتي الَّتي أَنا أَلهو / عَن كروبي بها وَعَن آلامي
ثم زفت الى كَريم عروساً / ما بها من غميزة أَو ذام
وَبدا حملها فقلنا جَميعاً / أَثمر الغصن فهو ذو أَكمام
وَحمدنا على المسرات دهراً / هُوَ فاِعلم لنا أَلَدُّ الخصام
وَفرحنا ثم اِنتظرنا فَجاءَت / بعد تعداد أشهرٍ بغلام
وَضعته وَبعد أَن وضعته / أَغمضت عَينها كَما في المَنام
رقدة قد طالَت وَطالَ اِنتظاري / لانتهاء يأَتي لَها وَختام
يا ضَريحاً فيه الرشيد يَنامُ
يا ضَريحاً فيه الرشيد يَنامُ / مطمئناً مني عليك سَلامُ
أَكبرت لَيلة الرَشيد اللَيالي / وَمَضت في إكبارها الأيام
المَنايا يرميننا كل يوم / بسهامٍ فَلا تطيش السهام
هدَّ ركن البَيت الزَهاوي خطب / جلَلٌ جاءهم ورزء جسام
أَكلة لا تَسوغ ثم شكاة / ثم داء في الجوف ثم حمام
جئتُ صبحاً أُسائل القبر عنه / وَعَلى القبر هيبةٌ واِحتشام
أَيُّها القبر كيف فيك رَشيد / أَشَديد كَذا عليه السقام
لا تَكُن في وجه الرَشيد عبوساً / فَهوَ في وجه ضيفه بسام
الفَتى جاءَ كلّ ما
الفَتى جاءَ كلّ ما / هو مفض إلى السقم
وَلَقَد يندم الفَتى / يوم لا ينفع الندم
قد عبدت الإله ستين عاماً
قد عبدت الإله ستين عاماً / ودعوت الإله في كل عام
ما استجاب الإله مني دعاء / أوليس من أوهامي
قوَّض الحيُّ للرحيل الحياما
قوَّض الحيُّ للرحيل الحياما / ما على الحي لو قليلاً أقاما
قد مررنا على الحبيب وسلَّم / نا عليهِ فلم يردّ السلاما
انما نهضة الامم
انما نهضة الامم / هي من يقظة الهمم
ان كل اعتمادنا / لعلي العلم والعلم
وعلى الصدق في العزي / مة والصدق في الكلم
وعلى الجند انه / كسياج يقي الحرم
ان للصدق نغمة / هي من احسن النعم
ولشعب اصابه الحيف / بالعلم معتصم
وبه يستقل بالرغم / من عصبة الامم
لا يجوس العدو مملكة / جيشها انتظم
عزة الرافدين في / ذمة السيف والقلم
ليس الا القوي يسلم / في كل مصطدم
ما حياة الشعوب في / كل عصر سوى قحم
ولقد ذل من تقا / عس واعتز من عزم
نتباهى بنفسنا / لا باجدادنا الرمم
وعليها لنا المعو / ل ان حادت الم
انما العلم خيره / كشعاع الضحى عمم
ايها الجهل لا تقم / انت بالشر متهم
وسنجري بلا ونى / وسنسعى بلا سأم
فهلموا الى الذرى / وهلموا الى القمم
سنشيدن مجدنا / بعدما انهار وانهدم
ولنا في جميع ذ / لك بالله معتصم
حصحص الحق لا غبا / ر عليه ولا قتم
ومضى الليل عابسا / وبدا الصبح وابتسم
ما احب الصباح من / بعد ليل قد ادلهم
عن قريب نرى السعا / دة بالعين من امم
حقنا في ظهوره / مثل نار على علم
في غد نستردّه / وهو اليوم مهتضم
ما لجرح يصيبنا / في جهاد له الم
ليس يرضى بذله / كل من عنده شمم
ان حرية الشعو / ب لمن اكبر النعم
وحدة الشعب قوّة / تدرأ الحيف ان دهم
ليس يبقى على السلا / مة شعب قد انقسم
كم خطوب من الخلا / ف امت وكم وكم
نبتغي العقل حاكما / انه خير من حكم
أثّرت فيّ صورة ليتيم
أثّرت فيّ صورة ليتيم / عضه الجوع ناهشاً فتألم
نظر في اليأس يبكي ووجه / في تقاطيعه الشقاء مجسم
انها تشكو بثها بعيون / ملؤهن الاسى ولا تتكلم
قد تكون الجحيم يوما بايدي
قد تكون الجحيم يوما بايدي / اهلها العاملين دار نعيم
وتكون الجنان من كسل في / اهلها المترفين شر جحيم
عزلتني في بقعتي عنك بيد
عزلتني في بقعتي عنك بيد / فسلاماً ان كان يدنى سلامي
قلت بالحزم لو اقوم ولكن / قعدت بي شيخوختي عن قيامي
نحن شيء لو كان يحسب شيئا
نحن شيء لو كان يحسب شيئا / ما تريه للراقد الاحلام
وخيال به تليح الليالي / وحديث تعيده الايام
إن فعل الرجال غير الكلام
إن فعل الرجال غير الكلام / لا تعيش الشعوب بالأحلام
قد نسينا تقصيرنا ثم أكثر / نا عتابا منا على الأيام
أي خير من الحياة لشعب / ما له من نقض ومن إبرام
ما حياة في الشرق ذات هدوء / كحياة في الغرب ذات صدام
إننا أحجمنا وهم أقدموا شو / ساً وليس الإحجام كالإقدام
لا يهيج الإحساس بالنقص شيء / كاحتكاك الأقوام بالأقوام
نحن إن لم نسرع خطانا بعزم / داسنا المسرعون بالأقدام
أيها الشعب إن أردت حياة / فتقدم إلي الأمام الأمام
آمنت بالأصنام في الله ناس / وأناس بالله في الأصنام
ربما كان ما أقول من الشع / رِ عليه شيء من الإبهام
إنما أترك الصراحة فيه / لليالي بعدي وللأيام
رب أفكار لم يذعها ذووها / بقيت كالأزهار في الأكمام
لم يكن كل الناس ناسا بحق / رب قوم يحيون كالأنعام
يعبس الجاهلون في الوجه منى / فأداري عبوسهم بابتسامي
وعدوني بعد الحمام نعيما / ليت ذاك النعيم قبل الحمام
أخذ العقل يستبين هداه / بعد أن كان خاطبا في ظلام
ليس هذا الإنسان إلا حبابا / يختفي بعد الطفو في القمقام
وهي الأرض في السماء تضاهى / ذرة هاجتها رياح الموامى
إنها حول الشمس تجرى كما طا / فت بليل فراشة بضرام
هي لولا اعصامها بذيول الش / مس هامت في الجو أي هيام
وهي والشمس والتوابع يحكي / ن سفينا تجرى ببخر طامي
لا يزيد البحر الخضم جلالا / فوقه المنشآت كالأعلام
وكأن النجوم طرا خلايا / في بناء المجزة المتزامي
كم سديم بها تدور وشمس / تتناءى عما به من زحام
أخطأوا يا حياة في زعمهم أن / نك مفقودة من الاجرام
أنت موجودة بكل مكان / أنت مبثوثة بكل مقام
فام بالحيوان التطور حتى / كان إنسانا بعد ذاك القيام
ولتلك التطورات ظهور / في جنين يعيش في الأرحام
أمة من سلالة القرد جاءت / تهتدي بالحجا من الآجام
طلبوا منها في الحياة سلاما / وهي لم يعل شأنها بسلام
انها أحرزت سيادتها بالبط / ش أتى توجهت والخصام
الترقي إذا افتكرت مليا / في خلاف الشعوب لافي الوئام
كل حي فإنما فيه نقص / وبه النسل سائر للتمام
لا يرى للأرواح عقل تروى / من وجود في خارج الأجسام
يبسم الفيلسوف مما إليه / أخلد الجاهلون من أوهام
ربما كان للجمادات إحسا / س ببعض اللذات والآلام
ولقد طاشت العقول عن الأغ / راض في قصد هن طيش السهام
إنما هذه الحياة كنور / حف من كل جانب بظلام
ما وراء الشكوك إلا يقين / قد توارى كالبدر خلف الغمام
ستزيل الأيام عما قليل / ما على وجه الحق من إبهام
إنني مبصر على البعد ماء / فلعلي به أبل أوامي
كل ظني أن الحقيقة تبدو / بعد حين مميطة للثام
لا يسليني في شقائي إلا / طيف ليلى إن جاد بالالمام
طيف ليلي بل ليس يبرح عيني / طيف ليلى في يقظتي ومنامي
تغرب الشمس في المساء ويبقي / أثر منها في ذري الاكام
ليس شيخوختي التي أنا منها / أشتكي اليوم غير داء عقام
أيها النفس إن أردت رحيلا / فارحلي عن سقيفتي بسلام