القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَعرُوف الرُّصافِيّ الكل
المجموع : 4
هي دنيا بقاؤها مستحيل
هي دنيا بقاؤها مستحيل / فليقف عند حدّه التأميل
ليس يغني فيها عن المرء شيئاً / شرف باذخ ومجد أثيل
إنما الراحة المرجّاة فيها / تعب والهدى بها تضليل
كل شيء في أهلها مستعار / من سواه وكل حال تحول
ليس ما قد جتى علينا بها إلا ق / قار أدهى مما جنى التمويل
رتّلت ألسن اللذائذ آي ال / عيش فيها فغرّنا الترتيل
فرجونا طول البقاء وإن كنّا / علمنا بأننا سنزول
وطلبنا تعلّة لنفوس / ليس يشفي عليلها التعليل
قد قتلت الحياة خبراً ولكن / أنا منها بحيرتي مقتول
كل ما قيل في الحياة ظنون / جرّها في افتكارنا التخييل
قد وهمنا في البدء منها وأما / منتهاها فستره مسدول
إن يك العقل في دجى الشك نجماً / فخفيٌّ مثل السها وضيئل
ويك إن المعقول ما صحّ عندي / فمتى صحّ عندك المنقول
كلنا خابطون في ظلمات / حائر بائر بهنّ الدليل
إن حبّ الحياة أوهم أن ال / موت نوم تحت الثرى لا يطول
إنما هذه الجسوم مبانٍ / قد بناها من الزمان عمول
نزلتها الأرواح حيناً فأضحت / عامراتٍ ما دام فيها النزول
ثم لابدّ أن ترحّل عنها / فيسّمى بالموت ذاك الرحيل
إنما هذه الجسوم رسوم / موحشات بعد الردى وطلول
ما بسقط اللوى مثلن ولكن / بسقوط البلى لهنّ مثول
ليس يسلي الفتى عن الموت إلاّ / خلف صالح وذكر جميل
مثلما مات شيخنا النائب الحب / ر فسالت من الدموع سيول
إن عبد الوهاب عاش جليل ال / قدر فرداً ومات وهو جليل
وقضى عادم المثيل فأمسى / ما لمنعاه في الخطوب مثيل
حادث أظلمت به الأرض واستو / حش منها حزونها والسهول
إن أسينا أسىً عليه كثيراً / فكثير الأسى عليه قليل
كان فحل الفحول علماً وفضلاً / فلهذا بكت عليه الفحول
كيف لا تجزع العلوم لمنعى / رجل باعه بهنّ طويل
قد بكته مدارس عامرات / هو فيها المدّرس المسؤول
وبكاه الكتاب ذو الذكر شجواً / وعلوم إلى الكتاب تؤول
وبكته آيٌ به محكمات / وبكاه التفسير والتأويل
وبكته أرامل ويتامى / جذّ عنها بموته التنويل
إن يكن أغمد الردى منه في القب / ر حساماً فذكره مسلول
أو رمى حدهّ الردى بفلول / فمعاليه ما بهنّ فلول
أو خلت منه دوره مُوحشاتٍ / فذراها بفضله مأهول
كيف لا هؤلاء أبناؤه الغرّ / شهود بما أقول عدول
كلهم في العلاء مثل أبيه / حسن الخلق فاضل بهلول
هل تطيب الفروع في الناس إلاّ / حيث طابت فيهم لهنّ أصول
عذرةً يا أبا الحسين بماذا / نصف الرز وهو رزء جليل
وإذا طاشت الحلوم بيوم / فيه فارقتنا فماذا نقول
اخرس الشعر يوم منعاك لكن / ناب عنه تأوّه وعويل
وإذا أسكت المقاويل حزنٌ / ترجمت عنهم دموع تسيل
فصلتك المنون عنّا ولكن / أنت بالحمد والثنا موصول
لك في العلم رتبة لن تسامى / فاضل القوم عندها مفضول
ومحياً صلت الجبين طليقٌ / يتلالا كأنه قنديل
ويد يجمع الشفاه عليها / كلما قد ومددتها التقبيل
إنما قد ذكرت بعض مزايا / ك وإلاّ فشرحهن يطول
وإذا القول لم يفده اختصار / لم يفده الاطناب والتفصيل
وضح الحق واستاقم السبيل
وضح الحق واستاقم السبيل / بعظيم هو النبيّ الرسول
قام بدعو إلى الهُدى بكتاب / عربيّ قرآنه ترتيل
طالباً غاية من المجد قُصوى / صدّه عن بُلوغها مستحيل
ووصولاً إلى مقام رفيع / عَزّ من قبله إليه الوُصول
همّة دونها الكواكب نوراً / واعتلاءً يَعلو بها ويطول
جرّد اللّه منه للحقّ سيفاً / كان ضدَّين حدّه والفلول
فيه عزم للمهلكات قَحُوم / واصطبار للنائبات حَمُول
ودهاء لو ما كرته دواهي الدّ / هر طُرّاً لاغتالها منه غول
تدلهِمّ الخُطوب والرأي منه / في دُجاها كأنّه قِنديل
كل أوصافه الجليلة بِدعٌ / فهو من عبقريّة مَجبول
أطلق الناسِ من تقاليد جهل / كل فرد منهم بها مغلول
وشفاهم بهَديهِ من ضلال / كل فرد منهم به مَعلول
أنهض القوم للعلاء وكانت / في دُنى القوم رقدة وخُمول
فاستقلّت به على الدهر يقظى / هِمم يعرُبيّة وعقول
تلك في الدين نهضة هي للعق / ل انتباه وللهدى تأثيل
نهضة عالميّة في وغَاها / من أمام البعير فرّ الفيل
هي كالبرق سرعة والتماعاً / كل أفق بفضلها مشمول
خضعت فارس لها عن صَغار / وتداعة إيوانها المستطيل
وإلى اليوم قام في الهند منها / أثَر مثل طَودها لا يزول
يعرف النيل فضلها وعلاها / من قديم ويشهد الدردنيل
وبها الأرض والسموات ترضى / وتُقِرّ التوراة والإنجيل
غير أنا عن نَهجها اليوم حِدنا / واستحَلْنا وكل حال تحول
حيث عُدنا وفي النهوض قعود / ورجعنا وفي الصعود نزول
واختلفنا في الدين حتى افترقنا / فِرَقاً لا يُسيغها المعقول
والتزمنا الفروع منه فضاعت / بالتزام الفروع منه الأصول
كل حزب بما لديه فَخور / ولمَن هم مخالفوه خَذول
بِدَع في حياتنا مُنكرات / غضب اللّه فوقها مسدول
حالة ساءت الرسول وساءت / كلَّ آيٍ بها أتانا الرسول
لو رآنا والشر فينا كثير / مستفيض والخير نزر قليل
وثغور الضلال مبتسمات / ووجوه الهدى عليها مُحول
والدعاوى في الحق منّا كبار / طال فيها التزمير والتطبيل
نعبُد اللّه والعبادة لحن / عند بعضٍ وعند بعض عويل
ونحِجّ القبور كالبيت حجّاً / يكثُر المسح فيه والتقبيل
ونَعُدّ الركوع للقبر حِلاًّ / وهو في الدين ما له تحليل
ونُزَحّي إلى القبور نذوراً / فضحايا مسوقةٌ وحُمول
ونقول التوحيد قولاً وكلٌّ / هو للشرك عامد وفَعُول
قال مستنكراً لما نحن فيه / ما بهذا قد جاءني جبريل
أين دين التوحيد منكم وأين ال / أوْب اللّه وحده والقُفول
أنا حرّمت كل ما كان فيه / شَبَه للأصنام أو تمثيل
كل مَن قال منكم أن هذا / هو دين الإسلام فهو جَهول
لمَ لم تحفَظوا أخوّة دين / جاءكم ناطقاً بها التنزيل
كان حبل الإخاء فيكم وثيقاً / كيف أمسى وعَقده محلول
لست منكم بيائس بل نُهوض / منكم بعد فترة مأمول
فاجمعوا الشمل ناهضين فإنّ ال / كُفر في الدين عجزكم والخمول
كل ما في البلاد من أموال
كل ما في البلاد من أموال / ليس إلاّ نتيجة الأعمال
أن يطِب في حياتنا الأجتما / عيّة عيش فالفضل للعمّال
وإذا كان في البلاد ثراء / فبفضل الأنتاج والأبدال
نحن خَلق المُقدَّرات وفيها / لا حياة للعاطل المكسال
عندنا اليوم للحياة نظام / قد حوى كل باطلٍ ومُحال
حيث يسعى الفقير سعي أجير / لغنيّ مستأثر بالغلال
فترى المُكثرين في طيب عيش / أرغدته لهم يد الأقلال
وترى الغائصين في البحر أمسى / لسواهم ما أخرجوا من لآل
وترى المُعسرين في كل أرض / كعبيد والموسِرين موالي
أكثر الناس يكدحون لقوم / قعدوا في قصورهم والعَلالي
واحد في النعيم يلهو وألف / في شقاء وأبؤس واعتلال
حالة في معاشنا أسلكتنا / طُرُقات المخاتل المحتال
فترانا بعضاً لبعض لبِسنا / من خياناتنا مُسوك الثعالي
تلك عادٌ مستهجنات ورثنا / ها قديماً من العصور الخوالي
فإلى كم نشقى وحتام نبقى / هكذا في عَماية وضلال
إنما الحق مذهب الأشترا / كيّة فيما يختصّ بالأموال
مذهب قد نحا إليه أبو ذرٍّ / قديماً في غابر الأجيال
ليس فرض الزكاة في الشرع إلا / خُطوة نحو مبتغاه العالي
مبدأ ذو مقاصد ضامنات / ما لأهل الحياة من آمال
موصلات إلى السعادة في العي / ش هوادٍ إلى طريق التعالي
ليس للمرء أن يعيش بلا كدٍّ / وإن كان من عظام الرجال
كل مجدُ يبنى على غير سعيٍ / فهو مجد مهدّد بالزوال
ليس قدر الفتى من العيش إلاّ / قدر انتاج سعيه المتوالي
ما رءوس الأموال إلا أداة / للمساعي كالحبل للأحمال
مثل شدّ الأحمال شدّ المساعي / ودنانيرنا لها كالحبال
صاح ماذا تُجدي الدنانير لولا / همم الدائبين في الأشغال
أفتأتي من الطعام بديلاً / أفتُغنى عن كسوة ونعال
حاجة المرء أكلةٌ وكساء / وسوى ذاك بسطة في الكمال
أن للعيش حَومة في وغاها / لا تحق الحياة للبطّال
أنها مثل حومة الحرب ما دا / رت رَحاها إلاّ على الأبطال
وسوى الحِذق ما بها من سلاح / وسوى الكدّ ما بها من قتال
بطل الحرب مثله بطل السع / يِ ومنه الأعمال مثل الصيال
ونشاط منه لبيض المساعي / مثل أشراعه لسمر العوالي
أيها العاملون أن أتحاداً / بينكم مرخص لكم كل غال
ما لعيش تشكون منه سَقاماً / بسوى الأتحاد من ابلال
فليكن بعضكم لبعض نصيراً / ومُعيناً له على كل حال
وإذا قلت أنكم أنتم النا / س جميعاً فلا أكون المُغالي
فأعلموا دائبين غير كسالى / وأرقُبوا ما به ستأتي الليالي
ثم قولوا معي مقالاً رفيع الصَ / وْت فلتحي زمرة العُمّال
هم يُعَدُّون بالمئات ذكوراً
هم يُعَدُّون بالمئات ذكوراً / وإناثاً لهم قصور مُشاله
ولهم أعبُد بها وإماءٌ / ونعيم ورِفعة وجلاله
تركوا السعي والتكسُّب في الدن / يا وعاشوا على الرعّية عاله
يتجلّى النعيم فيهم فتبكي / أعين السعي من نعيم البَطاله
يأكلون الُباب من كدِّ قوم / أعوزتهم سخينة من نُخاله
فكأن الأنام يَشقَوْن كدّاً / كيْ تنال النعيمَ تلك السُلاله
وكأن الإله قد خلق النا / س لمحيا آل السلاطين آله
نعِموا في غضارة الملك عيشاً / وحملنا من دونهم أثقاله
فإذا ما صال العدوّ خرجنا / دونهم للوغى نردّ صياله
وإذا هم جرُّوا الجرائر يوماً / فعلينا تكون فيها الحَماله
وإذا ما استهل فيهم وليد / فعلينا رَضاعه والكفاله
قد رضِينا بذاك لولا عُتُوٌّ / أظهروه لنا على كلّ حاله
ما بهم ما يَميزهم عن بني السُو / قة إلاّ رسوخهم في الجهاله
هم من الناس حيث لو غُربل النا / س لكانوا نُفاية وحُثاله
ومن الجهل حيث لو صُوِّر الجه / ل لكانوا بين الورى تمثاله
حمّلونا من عيشهم كل عبءٍ / ثمّ زادوا أصهارهم والكلاله
فكَفَيْنا أصهارهم مؤنة العي / ش فكانوا ضِغثاً على إبّاله
فكأنا نُعطيهم أجرة البَض / ع كما أُعطي الأجير العماله
تلك والله حالة يقشعِر ال / حقُّ منها وتشمئز العداله
هي منهم دناءة وشَنار / وهي منا حماقة وضلاله
ليس هذا في مذهب الاش / تراكية إلا من الأمور المحاله
وهو في الملّة الحنيفية البي / ضاء كفرٌ بربنا ذي الجلاله

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025