المجموع : 3
قمرٌ مشرقٌ يزيد جمالا
قمرٌ مشرقٌ يزيد جمالا / كلما جدَّ في السماءِ انتقالا
وسكونٌ يرقى الفضاءَ جناحا / هُ على الأرضِ يضفوانِ جلالا
هذه ليلةٌ يشفُّ بها الحس / نُ ويهفو بها الضياءُ اختيالا
جَوُّها عاطرُ النسيم يثير الش / شَجوَ والشعرَ والهوى والخيالا
وإذا النهرُ شاطئاً ونميراً / يتبارى أشعةً وظلالا
وسَرى فيه زورقٌ لحبيبي / نِ شجيينِ يَنشدانِ وصالا
يبعثانِ الحنينَ في صدرِ ليلٍ / ليس يدري الهمومَ والأوجالا
شَهِدَ الحبَّ منذ كان رِوايا / تٍ على مسرحِ الحياةِ تَوالى
وجرَتْ ملءَ مِسمعيهِ أحادي / ثُ عفا ذِكرُها لديهِ ودالا
ذلك الباعثُ الأسى والمثيرُ الن / نارَ في مهجةِ المحب اشتعالا
لم يجِبْ قلبُه لميلادِ نجمٍ / لا ولم يبكِ للبدور زوالا
بيد أنَّ القضاءَ أوحى إليهِ / ليذوقَ الآلام والآمالا
فأحسَّ الفؤادَ يخفق منهُ / ورأى النور جائلاً حيث جالا
واستخفَّتْهُ من شفاه الحبي / بين شؤون الهوى فرقَّ ومالا
وتجلَّتْ له الحياةُ وما في / ها فراعتْهُ فِتنةً وجمَالا
فجثا ضارعاً أرى الكونَ ربي / غير ما كانَ صورةً ومثالا
لم يكن يعرفِ الصبابةَ قلبي / أو تعي الأذنُ للغرامِ مقالا
أتراها تغيَّرتْ هذه الأر / ضُ أم الكونُ في خياليَ حالا
ربِّ ماذا أرى فرنَّ هتاف / مُسْتَسرُّ الصَّدى يجيبُ السؤالا
إنَّ هذا يا ليلُ ميلادُ شاعِرْ /
لِمَ أقبلتِ في الظلامِ إليَّ
لِمَ أقبلتِ في الظلامِ إليَّ / ولماذا طرقتِ بابيَ ليلا
لاتَ حين المزار أيتها الأش / باحُ فامضي فما عرفتكِ قبلا
أتركيني في وحشتي ودعيني / في مكاني بوحدتي مستقلا
لستُ من تقصدينَ في ذلك الوا / دي فعذراً إن لم أقُلْ لكِ أهلا
لا تُطيلي الوقوفَ تحتَ سياجي / لنْ تَرَي فيه للثَّواءِ محلا
ضلَّ مسراك في الظلام فعودي / واحذري فيهِ ثانياً أن يضلا
ذاك مأوايَ في تخوم الفيافي / طللٌ واجمٌ عليكِ أطلا
قد تخلّيتُ عن زمانيَ فيهِ / وهوَ بي عن زمانِهِ قد تخلّى
لن تَرَى من خلالِه غيرَ خفَّا / قِ شعاعٍ يكادُ في الليل يبلى
وخيالٍ مستغرقٍ في ذهولٍ / بات يرعى ذُباله المضمحلا
إبرحي بهوَه الكئيبَ فما في / هِ لعينيكِ بهجةٌ تتجلّى
قد نَزلتِ العشيَّ فيهِ على قف / رٍ جفَتهُ الحياةُ ماءً وظلا
كان هذا المكانُ روضاً نضيراً / جرَّ فيهِ الربيعُ بالأمس ذيلا
كان فيهِ زهرٌ فعاد هشيماً / كان فيه طيرٌ ولكنْ تولّى
فاسلمي من شقائه ودعيهِ / وحدَهُ يصحبُ السكونَ المملا
واطرقي غيرَ بابهِ إنَّ رَوحي / أحكمتْ دونه رُتاجاً وقُفلا
أوقوفاً إلى الصباح ببابي / شدَّ ما جِئتِهِ غباءً وجهلا
إبعدي من وراء نافذتي الآ / نَ ورفقاً إذا انثنيتِ ومهلا
إنَّ من تحتها هَزاراً صريعاً / سامهُ البردُ في العشية قتلا
وأزاهيرَ حوله ذابلاتٍ / مزَّقتها الرِّياحُ في الليلِ شملا
كان لي في حياتها خيرُ سلوى / فدعيني بموتها أتسلَّى
فهي بُقيا صبابةٍ ودموعٍ / جثيا عندها شعاعاً وطَلا
إن عيني بها أحقُّ من المو / تِ وقلبي بها من القبرِ أولى
جُنَّ قلبي فاستضحكتهُ المنايا / حيثُ أبكتني الحقيقةُ عقلا
لا تُطيلي الوقوفَ أيتها الأشبا / حُ فامضي فما رأيتكِ قبلا
أوَ لم تسمعي جهلتكِ من أنتِ / فعودي فما كذبتكِ قولا
أُرْقُصي يا نجومُ في الليلِ حولي
أُرْقُصي يا نجومُ في الليلِ حولي / واتبعي يا جبالُ في الأرضِ ظِلِّي
واصْدَحِي يا جنادلَ النهر تحتي / بأناشيدِ مائكِ المُنْهَلِّ
وارفعي يا رُبى إليَّ وأدني / زَهَرَاتٍ من عُشْبكِ المخضَلِّ
ضَمِّخي من عبيرها ونداها / قَدَماً لمْ تطأكِ يوماً بذُلِّ
هَزَأتْ بالجراحِ من مِخلب الْ / ليثِ وأنياب كل أفعى وصلِّ
واحملي يا رياحُ صوتي إلى الوا / دي وضِجِّي بكلِّ حزنٍ وسهلِ
وانسمي بالغرام يا نسمةَ الْ / ليلِ وكوني إلى الأحبة رُسْلي
إنَّ في حومةِ القبيلةِ ناراً / ضَوَّأتْ لي على مَضاربِ أهلي
رقصتْ حولها الصبايا وغَنَّتْ / بأغاني شَبابها المستهِلِّ
صوتُ إفريقيا ووحيُ صباها / ونداءُ القرونِ بعدي وقبْلي
باسمِها الخالدِ امتشقتُ حُسامي / بيدٍ تخفضُ الحظوظَ وتُعلي
وشربتُ الحميمَ من كلِّ شمسٍ / نارُها تُنضِجُ الصخورَ وتُبلي
وقهرتُ الحياةَ حتى كأني / قَدَرٌ تكتبُ الحتوفُ وأُملي
يا عذارى القبيل أنتنَّ للْ / مَجدِ على عِفَّةٍ صواحبُ بَذْلِ
حسبُ روحي الظامي وحسب جراحي / رَشفَةٌ من عيونِكنَّ النُّجْلِ
وابتساماتكنَّ فوق شفاهٍ / بمعاني الحياةِ كم أومأتْ لي
حين ألقى زوجي على بابِ كوخي / وأُناغي على ذراعيَّ طفلي
وأنامُ الليلَ القصيرَ لأجلو / صارمي في سَنى الصباحِ المطلِّ