المجموع : 4
لي صديقٌ محْضُ النصيحة كالمر
لي صديقٌ محْضُ النصيحة كالمر / آه إذ لا تريك منها اختلالا
فَتُريكَ اليمينَ منك يميناً / بالمحاذاةِ والشمالَ شمالا
ذاتُ لَفظٍ تَجني بِسَمعِكَ منه
ذاتُ لَفظٍ تَجني بِسَمعِكَ منه / زَهَراً في الرياضِ نَدّاهُ طَلُّ
لا يُمَلّ الحديثُ منها مُعَاداً / كانتشاقِ الهواء ليس يُمَلُّ
يَنطَوي جَفْنُها عَلى سَيفِ لَحظٍ / تُغْمَدُ المُرهَفاتُ حِينَ يُسَلُّ
كُلُّ عَتْبٍ سَمِعتَ مِنها وَمِنِّي / فهو منها دَلٌّ ومنّيَ ذُلُّ
حركاتٌ إلى السكونِ تؤولُ
حركاتٌ إلى السكونِ تؤولُ / كلُّ حالٍ مع الليالي تَحُولُ
لا يصحّ البقاءُ في دار دنيا / وَمَتى صحّ في النّهَى المستحيلُ
والبرايا أغراضُ نَبْلِ المنايا / وهي أُسْدٌ لها من الدهرِ غِيلُ
كيف لا تسْلبُ النفوسَ وتُرْدي / ولها في الحياة مرعىً وبيلُ
ماتَ من قبلِ ذا أبوكَ بداءٍ / أَنت من أجلِه الصحيحُ العليلُ
وإذا أجتُثّ أصلُ فرعٍ تَبَقّى / فيه ماءٌ من الحياةِ قليلُ
ما لنا نتبعُ الأمانيّ هلّا / عَقَلَتْنا عن الأَماني العقولُ
كم جريحٍ تعلّقَ الرّوحُ منه / بالتمنّي والجسمُ منه قتيلُ
وبطيءُ الآمال يَسْعى بحرْصٍ / خَطَفَ العيشَ منه حَتْفٌ عجولُ
عَمِيَ الخلقُ عن تعادي خُيولٍ / ما لها في الهواءِ نَقْعٌ مَهيلُ
تنقلُ الناسَ من حياةٍ إلى مو / تٍ على ذاكَ مرّ جيلٌ فجيلُ
وَبِدهمٍ تمرّ منها وشهبٍ / أمِنَ الليلِ والنهارِ خيولُ
سَهّلوا من نفوسهمْ كلّ صعبٍ / فالرّدى لا يُقيلُ مَنْ يَسْتقيلُ
واستدلّوا على النفادِ بعادٍ / يُذْهبُ الشكَّ باليقينِ الدليلُ
أيّ رزءٍ حكاهُ مِقْوَلُ ناعٍ / صمّ هذا الزمانُ عمّا يقولُ
فلقد فتّتَ القلوبَ وكادتْ / راسياتُ الجبالِ منه تَزُولُ
لم يمتْ أحمد أخو البأسِ حتّى / ماتَ ما بيننا العزاءُ الجميلُ
يومَ قامتْ بفقْدهِ نائحاتٌ / في لَبُوسٍ من حُزْنِهِنّ يَهُولُ
غُمِستْ في السواد بيضُ وجوهٍ / فكأنّ الطلوعَ فيه أُفُولُ
وعلى مجلسِ التنعّمِ بُؤسٌ / فبديلُ السّماعِ فيهِ العويلُ
وَتَولَّتْ عِندَ التناهي افتراقاً / ومضى ربّهُ الوفيّ الوَصُولُ
أسمعَ الرعدُ فيه صرخةَ حُزْنٍ / ملْءُ ليل الحزين فيه أَليلُ
ودموعُ السماءِ في كلّ أرْضٍ / فوقَ خد الثرى عليهِ تَجُولُ
وحشا الجوِّ حَشْوُه نارُ برقٍ / إنّه في ضلوعِهِ لَغَلِيلُ
أترى الغيثَ بات يبكي أخاهُ / فبكاءُ العُلى عَلَيهِ طَويلُ
قائدَ الخيلِ بالكماةِ سِرَاعاً / والضحى من قَتامِهنّ أصيلُ
أيّ فضلٍ نبكيه منكَ بدمعٍ / ساكبٍ فيه كلّ نفسٍ تسيلُ
أَعَفافاً أم نجدةً كنت فيها / قَسْوَرَ الغيل والكريهةُ غولُ
أم شباباً كأنّما كان روضاً / ناضراً فاغتدى عليهِ الذبولُ
وَاكتسى في ثرىً تغيّبَ فيه / صدأً ذلكَ الجبينُ الصقيلُ
كنت كالسِّيد للعدى والمنايا / مقبلاتٌ كأنَّهُنَّ سيولُ
ولِصَوْبِ السهامِ حوْليكَ وَبْلٌ / لاخضرار الحياةِ مِنهُ ذُبولُ
طارَ صَرفُ الرّدى إِلَيكَ بِرَشقٍ / خفّ والخطبُ في شباهُ ثقيلُ
سَهمُ غَربٍ أصابَ ضَيغَمَ حربٍ / خاضَ في العيشِ منه نَصلٌ قَتولُ
هابكَ الموتُ إذ رآك مِسَحّاً / بطلاً لا يصولُ حَيثُ تَصولُ
لَو بَدا صورةً إِلَيكَ لَأضْحَى / في ثرَى القبرِ وهو منكَ بديلُ
فَرَمَى عن دُجُنَّةِ النقعِ نَحراً / منكَ والجوّ بالظلامِ كَحيلُ
وإذا خافَ من شجاعٍ جبَانٌ / غَالَهُ منه جاهداً ما يَغولُ
كنتَ سهمَ البلاءِ يرْفع سهمٌ / فيه للنفسِ بالحِمامِ رسولُ
كم جوادٍ بكاكَ غيرَ صبورٍ / فنياحٌ عليكَ منه الصّهيلُ
وحسامٍ أطالَ في الجَفْنِ نوماً / لم يُنَبّهْهُ بالقرَاعِ الصّليلُ
أيّها القائدُ الأبيّ عزاءً / فثواءُ المقيمِ منّا رحيلُ
وجليلٌ مُصَابُ أحمدَ لكنْ / يُصْبِرُ النفسَ للجليلِ الجليلُ
ومديدِ الخطى كأنّكَ منه
ومديدِ الخطى كأنّكَ منه / تضعُ اللّبْدَ فوق تيّارِ سَيْلِ
قيدُ وحشٍ ملاذُ خائرِ وهنٍ / وقرى معقلٍ وحارسُ ليلِ
أسْبِقُ الريحَ فوقه فإذا ما / فتّها أمسكتْ بفضلةِ ذيلي