وَلَقَد قُلتُ حينَ أَجحَرني البَر
وَلَقَد قُلتُ حينَ أَجحَرني البَر / دُ كَما تَجحَرُ الكِلابُ ثعالَه
في بَيتٍ مِنَ الغَضارَةِ قَفرٌ / لَيسَ فيهِ إِلّا النَوى وَالنِخالَه
عَطَّلَتهُ الجِرذانُ مِن قِلَّةِ الخَي / ر وَطارَ الذُبابُ نَحوَ زُبالَه
هارِباتٌ مِنهُ إِلى كُلِّ خصبٍ / حينَ لَم يَرتَجينَ مِنهُ بَلالَه
وَأَقامَ السُنورُ فيهِ بشر / يَسأَلُ اللَهَ ذا العُلا وَالجَلالَه
أَن يَرى فارَةً فَلَم يَرَ شَيئاً / ناكِساً رَأسَهُ لِطولِ المَلالَه
قُلتُ لَمّا رَأَيتُهُ ناكِسَ الرَأ / س كَئيباً يَمشي عَلى شَرِّ حالَه
قُلتُ صَبراً نازَ رَأس السَنانيرِ / وَعَلَلتهُ بِحُسنِ مَقالَه
قالَ لا صَبرَ لي وَكَيفَ مَقامي / في قِفارٍ كَمِثلِ بيدٍ تُبالَه
قَد أَراني أَنفُضُ الرَأسَ جوعا / ثَمَّ أَمشي في البَيتِ مَشيَ خَيالَه
قُلتُ سِر راشِداً فَخارَ لَكَ الل / ه وَلا تَعُد كَرَبَجِ البَقالَه
فَإِذا ما سَمِعتُ أَنا بِخَيرٍ / في نَعيمٍ مِن عَيشة وَمَنالَه
فَائِتَنا راشِداً وَلا تَعدونا / إِن مَن جازَ رَحلنا في ضَلالَه
قالَ لي قَولَةً عَلَيكَ سَلامٌ / غَيرَ لُعبٍ مِنهُ وَلا بِبَطالَه
ثُمَّ وَلّى كَأَنَّهُ شَيخُ سوءٍ / أَخرَجوهُ مِن مَحبَسٍ بِكَفالَه