أيّهذا الشّاكي وما بك داء
أيّهذا الشّاكي وما بك داء / كيف تغدو اذا غدوت عليلا؟
انّ شرّ الجناة في الأرض نفس / تتوقّى قبل الرّحيل الرّحيلا
وترى الشّوك في الورود وتعمى / أن ترى فوقها النّدى إكليلا
هو عبء على الحياة ثقيل / من يظنّ الحياة عبئا ثقيلا
والذي نفسه بغير جمال / لا يرى في الوجود شيئا جميلا
ليس أشقى مّمن يرى العيش مرا / ويظنّ اللّذات فيه فضولا
أحكم النّاس في الحياة أناس / عللّوها فأحسنوا التّعليلا
فتمتّع بالصّبح ما دمت فيه / لا تخف أن يزول حتى يزولا
وإذا ما أظلّ رأسك همّ / قصّر البحث فيه كيلا يطولا
أدركت كنهها طيور الرّوابي / فمن العار أن تظل جهولا
ما تراها_ والحقل ملك سواها / تخذت فيه مسرحا ومقيلا
تتغنّى والصّقر قد ملك الجوّ / عليها ولصائدون السّبيلا
تتغنّى وقد رأيت بعضها يؤخذ / حيّا والبعض يقضي قتيلا
تتغنّى وعمرها بعض عام / أفتبكي وقد تعيش طويلا؟
فهي فوق الغصون في الفجر تتلو / سور الوجد والهوى ترتيلا
وهي طورا على الثرى واقعات / تلقط الحبّ أو تجرّ الذيولا
كلّما أمسك الغصون سكون / صفّقت الغصون حتى تميلا
فاذا ذهّب الأصيل الرّوابي / وقفت فوقها تناجي الأصيلا
فأطلب اللّهو مثلما تطلب الأطيار / عند الهجير ظلاّ ظليلا
وتعلّم حبّ الطلّيعة منها / واترك القال للورى والقيلا
فالذي يتّقي العواذل يلقى / كلّ حين في كلّ شخص عذولا
أنت للأرض أولا وأخيرا / كنت ملكا أو كنت عبدا ذليلا
لا خلود تحت السّماء لحيّ / فلماذا تراود المستحيلا ؟..
كلّ نجم إلى الأقوال ولكنّ / آفة النّجم أن يخاف الأقولا
غاية الورد في الرّياض ذبول / كن حكيما واسبق إليه الذبولا
وإذا ما وجدت في الأرض ظلاّ / فتفيّأ به إلى أن يحولا
وتوقّع إذا السّماء اكفهرّت / مطرا في السّهول
قل لقوم يستنزفون المآقي / هل شفيتم مع البكاء غليلا؟
ما أتينا إلى الحياة لنشقى / فأريحوا أهل العقول العقولا
كلّ من يجمع الهموم عليه / أخذته الهموم أخذا وبيلا
كن هزارا في عشّه يتغنّى / ومع الكبل لا يبالي الكبولا
لا غرابا يطارد الدّود في الأرض / ويوما في اللّيل يبكي الطّلولا
كن غديرا يسير في الأرض رقراقا / فيسقي من جانبيه الحقولا
تستحم النّجوم فيه ويلقى / كلّ شخص وكلّ شيء مثيلا
لا وعاء يقيّد الماء حتى / تستحل المياه فيه وحولا
كن مع الفجر نسمة توسع الأزهار / شمّا وتارة تقبيلا
لا سموما من السّوافي اللّواتي / تملأ الأرض في الظّلام عويلا
ومع اللّيل كوكبا يؤنس الغابات / والنّهر والرّبى والسّهولا
لا دجى يكره العوالم والنّاس / فيلقي على الجميع سدولا
أيّهذا الشّاكي وما بك داء / كن جميلا تر الوجود جميلا