المجموع : 5
قَد قَرَأناكُمُ فَهَشَّت نُهانا
قَد قَرَأناكُمُ فَهَشَّت نُهانا / فَاِقتَبَسنا نوراً يُضيءُ السَبيلا
فَاِقرَأونا وَمَن لَنا أَن تُصيبوا / بَينَ أَفكارِنا شُعاعاً ضَئيلا
ضِعتَ بَينَ النُهى وَبَينَ الخَيالِ
ضِعتَ بَينَ النُهى وَبَينَ الخَيالِ / يا حَكيمَ النُفوسِ يا اِبنَ المَعالي
ضِعتَ في الشَرقِ بَينَ قَومٍ هُجودٍ / لَم يُفيقوا وَأُمَّةٍ مِكسالِ
قَد أَذالوكَ بَينَ أُنسٍ وَكَأسٍ / وَغَرامٍ بِظَبيَةٍ أَو غَزالِ
وَنَسيبٍ وَمِدحَةٍ وَهِجاءٍ / وَرِثاءٍ وَفِتنَةٍ وَضَلالِ
وَحَماسٍ أَراهُ في غَيرِ شَيءٍ / وَصَغارٍ يَجُرُّ ذَيلَ اِختِيالِ
عِشتَ ما بَينَهُم مُذالاً مُضاعاً / وَكَذا كُنتَ في العُصورِ الخَوالي
حَمَّلوكَ العَناءَ مِن حُبِّ لَيلى / وَسُلَيمى وَوَقفَةِ الأَطلالِ
وَبُكاءٍ عَلى عَزيزٍ تَوَلّى / وَرُسومٍ راحَت بِهِنَّ اللَيالي
وَإِذا ما سَمَوا بِقَدرِكَ يَوماً / أَسكَنوكَ الرِحالَ فَوقَ الجِمالِ
آنَ يا شِعرُ أَن نَفُكَّ قُيوداً / قَيَّدَتنا بِها دُعاةُ المُحالِ
فَاِرفَعوا هَذِهِ الكَمائِمِ عَنّا / وَدَعونا نَشُمُّ ريحَ الشَمالِ
أَيُّها الطِفلُ لا تَخَف عَنَتَ الدَه
أَيُّها الطِفلُ لا تَخَف عَنَتَ الدَه / ر وَلا تَخشَ عادِياتِ اللَيالي
قَيَّضَ اللَهُ لِلضَعيفِ نُفوساً / تَعشَقُ البِرَّ مِن ذَواتِ الحِجالِ
أَي ذَواتِ الحِجالِ عِشتُنَّ لِلبِر / رِ وَدُمتُنَّ قُدوَةً لِلرِجالِ
لَم يَكونوا لِيُدرِكوا المَجدَ لَولا / كُنَّ أَو يَسلُكوا سَبيلَ المَعالي
بَسمَةٌ تَجعَلُ الجَبانَ شُجاعاً / وَتُعيدُ البَخيلَ أَكرَمَ نالِ
وَعِظامُ الرِجالِ مِن كُلِّ جِنسٍ / في رِضاكُنَّ أَرخَصوا كُلَّ غالي
راعَني مِن نُفوسِكُنَّ جَمالٌ / يَتَجَلّى في هالَةٍ مِن جَلالِ
وَجَمالُ النُفوسِ وَالشِعرِ وَالأَخ / لاقِ عِندي أَسمى مَجالي الجَمالِ
قُمنَ عَلِّمنَنا المُروءَةَ وَالعَط / فَ عَلى البائِسينَ وَالسُؤالِ
قُمنَ عَلِّمنَنا الحَنانَ عَلى الطِف / لِ شَريداً فَريسَةَ المُغتالِ
قَد أَجَبنا نِداءَكُنَّ وَجِئنا / نَسأَلُ القادِرينَ بَعضَ النَوالِ
لَو مَلَكنا غَيرَ المَقالِ لَجُدنا / إِنَّ جُهدَ المُقِلِّ حُسنُ المَقالِ
أَنقِذوا الطِفلَ إِنَّ في شَقوَةِ الطِف / لِ شَقاءً لَنا عَلى كُلِّ حالِ
إِن يَعِش بائِساً وَلَم يَطوِهِ البُؤ / سُ يَعِش نَكبَةً عَلى الأَجيالِ
رُبَّ بُؤسٍ يُخَبِّثُ النَفسَ حَتّى / يَطرَحُ المَرءَ في مَهاوي الضَلالِ
أَنقِذوهُ فَرُبَّما كانَ فيهِ / مُصلِحٌ أَو مُغامِرٌ لا يُبالي
رُبَّما كانَ تَحتَ طِمرَيهِ عَزمٌ / ذو مَضاءٍ يَدُكُّ شُمَّ الجِبالِ
رُبَّ سِرٍّ قَد حَلَّ جِسمَ صَغيرٍ / وَتَأَبّى عَلى شَديدِ المِحالِ
فَخِفافُ الأَفيالِ أَرفَقُ وَقعاً / لَو تَبَيَّنتَ مِن دَبيبِ النِمالِ
شاعَ بُؤسُ الأَطفالِ وَالبُؤسُ داءٌ / لَو أُتيحَ الطَبيبُ غَيرُ عُضالِ
أَيِّدوا كُلَّ مَجمَعٍ قامَ لِلبِر / رِ بِجاهٍ يُظِلُّهُ أَو بِمالِ
كَم يَتيمٍ كادَت بِهِ البَأ / ساءُ لَولا رِعايَةُ الأَطفالِ
وَرِجالُ الإِسعافِ أَنبَلُ لَولا / شَهوَةُ الحَربِ مِن رِجالِ القِتالِ
يَسهَرونَ الدُجى لِتَخفيفِ وَيلٍ / أَو بَلاءٍ مُصَوَّبٍ أَو نَكالِ
كَم جَريحٍ لَولاهُمُ ماتَ نَزفاً / في يَدِ الجَهلِ أَو يَدِ الإِهمالِ
كَم صَريعٍ مِن صَدمَةٍ أَو صَريعٍ / مِن سُمومٍ مُخَدَّرِ الأَوصالِ
كَم حَريقٍ قَد أَحجَمَ الناسُ فيهِ / عَن ضَحايا تَئِنُّ تَحتَ التِلالِ
يَتَرامَونَ في اللَهيبِ سِراعاً / كَتَرامي القَطا لِوِردِ الزُلالِ
لا لِشَيءٍ سِوى المُروءَةِ يَحلو / طَعمُها في فَمِ المَريءِ المُوالي
فَاِصنَعوا البِرَّ مُنعِمينَ وَجودوا / أَيُّها القادِرونَ قَبلَ السُؤالِ
لِاِنتِشارِ العُلومِ أَو لِاِنطِواءِ ال / بُؤسِ وَالشَرِّ أَو لِتَرفيهِ حالِ
أَي رِجالَ الدُنيا الجَديدَةِ مَهلاً
أَي رِجالَ الدُنيا الجَديدَةِ مَهلاً / قَد شَأَوتُم بِالمُعجِزاتِ الرِجالا
وَفَهِمتُم مَعنى الحَياةِ فَأَرصَد / تُم عَلَيها لِكُلِّ نَقصٍ كَمالا
وَحَرَصتُم عَلى العُقولِ فَحَزَّم / تُم عَصيراً يَراهُ قَومٌ حَلالا
وَقَدَرتُم دَقيقَةَ العُمرِ حِرصاً / وَسِواكُم لا يَقدُرُ الأَجيالا
كَم أَحالوا عَلى غَدٍ كُلَّ أَمرٍ / وَمُحيلُ الأُمورِ يَبغي المُحالا
قَد تَحَدَّيتُمُ المَنِيَّةَ حَتّى / هَمَّ أَن يَغلِبَ البَقاءُ الزَوالا
وَطَوَيتُم فَراسِخَ الأَرضِ طَيّاً / وَمَشَيتُم عَلى الهَواءِ اِختِيالا
ثُمَّ سَخَّرتُمُ الرِياحَ فَسُستُم / حَيثُ شِئتُم جَنوبَها وَالشَمالا
تُسرِجونَ الهَواءَ إِن رُمتُمُ السَي / رَ وَفي الأَرضِ مَن يَشُدُّ الرِحالا
وَتَخِذتُم مَوجَ الأَثيرِ بَريداً / حينَ خِلتُم أَنَّ البُروقَ كُسالى
ثُمَّ حاوَلتُمُ الكَلامَ مَعَ النَج / مِ فَحَمَّلتُمُ الشُعاعَ مَقالا
وَمَحا فوردُ آيَةَ المَشيِ حَتّى / شَرَعَ الناسُ يَنبِذونَ النِعالا
وَاِنتَزَعتُم مِن كُلِّ شِبرٍ بِظَهرِ ال / أَرضِ أَو بَطنِها المُحَجَّبِ مالا
وَأَقَمتُم في كُلِّ أَرضٍ صُروحاً / تَنطَحُ السُحبَ شامِخاتٍ طِوالا
وَغَرَستُم لِلعِلمِ رَوضاً أَنيقاً / فَوقَ دُنيا الوَرى يَمُدُّ الظِلالا
وَحَلَلتُم بِأَرضِنا فَعَرَفنا / كَيفَ تُنمونَ بَينَنا الأَطفالا
وَرَأَينا البَناتِ كَيفَ يُثَقَّف / نَ بِعِلمٍ يَزيدُهُنَّ جَمالا
لَيتَ شِعري مَتى أَرى أَرضَ مِصرٍ / في حِمى اللَهِ تُنبِتُ الأَبطالا
وَأَرى أَهلَها يُبارونَكُم عِل / ماً وَوَثباً إِلى العُلا وَنِضالا
قَد نَفَضنا عَنّا الكَرى وَاِبتَدَرنا / فُرَصَ العَيشِ وَاِنتَقَلنا اِنتِقالا
وَعَلِمنا بِأَنَّ غَفلَةَ يَومٍ / تَحرِمُ المَرءَ سَعيَهُ أَحوالا
فَشَقَقنا إِلى الحَياةِ طَريقاً / وَأَصَبنا عَلى الزِحامِ مَجالا
وَنَهَضنا في ظِلِّ عَرشِ فُؤادٍ / وَرَفَعنا لِعَهدِهِ تِمثالا
قَد أَبى اللَهُ أَن نَعيشَ عَلى النا / سِ وَإِن ضاقَتِ الوُجوهَ عِيالا
ثَمَنُ المَجدِ وَالمَحامِدِ غالي
ثَمَنُ المَجدِ وَالمَحامِدِ غالي / آلُ زَغلولَ فَاِصبِروا لِلَيالي
قَد هَوى مِنكُمُ ثَلاثَةُ أَقما / رٍ خَلَت مِنهُمُ بُروجُ المَعالي
ماتَ فَتحي وَمَن لَنا بِحِجاهُ / وأَفانينَ فِكرِهِ الجَوّالِ
كانَ أُعجوبَةَ الزَمانِ ذَكاءً / وَمَضاءٍ في كُلِّ أَمرٍ عُضالِ
وَسَعيدٌ وَكانَ غُصناً نَدِيّاً / فُتِّحَت فيهِ زهرَةُ الآمالِ
وَقَضى عاطِفٌ وَكانَ عَظيماً / صادِقَ العَزمِ مُطمَأَنَّ الخِلالِ
يَهزِلُ الناسُ وَالزَمانُ وَيَأبى / غَيرَ جِدٍّ مُواصِلٍ وَنِضالِ
ساهِدُ الرَأيِ نائِمُ الحِقدِ لاهٍ / عَن مَلاهي الوَرى عَفيفُ المَقالِ
قَد جَلا سَيفَ عَزمِهِ صَقيلُ النَف / يِ فَأَربى عَلى السُيوفِ الصِقالِ
وَنَمَت رَأيَهُ التَجارِبُ حَتّى / باتَ أَمضى مِن نافِذاتِ النِبالِ
يا شَهيدَ الإِصلاحِ غادَرتَ مِصراً / وَهيَ تَجتازُ هَولَ دَورِ اِنتِقالِ
لَو تَرَيَّثتَ لَاِستَطالَ بِكَ الني / لُ عَلى هَذِهِ الخُطوبِ التَوالي
غَيرَ أَنَّ الرَدى وَإِن كَثُرَ النا / سُ حَريصٌ عَلى البَعيدِ المَنالِ
كُلَّما قامَ مُصلِحٌ أَعجَلَتهُ / عَن مُناهُ غَوائِلُ الآجالِ
يُخطَفُ النابِغُ النَبيهُ وَيَبقى / خامِلُ الذِكرِ في نَعيمٍ وَخالِ
أَيَعيشُ الرِئبالُ في الغابِ جيلاً / وَيَمُرُّ الغُرابُ بِالأَجيالِ
كُنتَ فَوقَ الفِراشِ وِالسَقمُ بادٍ / لَهفَ نَفسي عَلَيكَ وَالجِسمُ بالِ
لَم يُزَحزِحكَ عَن نُهوضِكَ بِالأَعبا / ءِ داءٌ يُهِدُّ أُسدَ الدِحالِ
شَغَلَتكَ الجُهودُ وَالداءُ يَمشي / فيكِ مَشيَ المُحاذِرِ المُغتالِ
لَم يَدَع مِنكَ غَيرَ قُوَّةِ نَفسٍ / تَتَجَلّى في هَيكَلٍ مِن خَيالِ
عَجِزَ السُقمُ عَن بُلوغِ مَداها / فَمَضَت في سَبيلِها لا تُبالي
لَم تَزَل في بِناءَةِ النَشءِ حَتّى / هَدَمَ المَوتُ عُمرَ باني الرِجالِ
عَجِبَ الناسُ أَن رَأَوا سَرَطانَ ال / بَحرِ قَد دَبَّ في رُؤوسِ الجِبالِ
مَن رَأى عاطِفاً وَقَد وَصَلَ الأَش / غالَ بَعدَ الهُدُوِّ بِالأَشغالِ
ظَنَّ أَو كادَ أَنَّ أَوَّلَ نَومٍ / نامَهُ كانَ تَحتَ تِلكَ الرِمالِ
أَو رَأى قُوَّةَ العَزيمَةِ فيهِ / وَهوَ فَوقَ الفِراشِ بادي الهُزالِ
ظَنَّ بَأسَ الحَديدِ فارَقَ مَثوا / هُ اِجتِواءً وَحَلَّ عودَ الخِلالِ
قَد تَبَيَّنتَ كُلَّ مَعنىً فَأَنكَر / تَ عَلى السالِفينَ مَعنى المُحالِ
رُمتَ في أَشهُرٍ صَلاحَ أُمورٍ / دَمَّرَتها يَدُ العُصورِ الخَوالي
رُمتُ إِصلاحَ ما جَنَت يَدُ دَنلو / بَ عَلى العِلمِ السِنينَ الطِوالِ
وَقَليلٌ عِندي لَها نِصفُ جيلٍ / لِمُجِدٍّ مُوَفَّقٍ فَعّالِ
لَم تَكُن مِصرُ بِالعَقيمِ وَلَكِن / قَد رَماها أَعداؤُها بِالحَيالِ
أَفسِحوا لِلجِيادِ فيها مَجالاً / قَد أَضَرَّ الجِيادَ ضيقُ المَجالِ
أَصبَحَت في القُيودِ تَمشي الهُوَينا / كَسَفينٍ يَعبُرنَ مَجرى القَنالِ
فَاِصدَعوا هَذِهِ القُيودَ وَخَلّو / ها تَبارى في السَبقِ ريحَ الشَمالِ
عَرَفَ الغَربُ كَيفَ يَستَثمِرُ الجِد / دَ فَيَبني بِفَضلِهِ كُلَّ غالِ
وَدَرى الشَرقُ كَيفَ يَستَمرِئُ اللَه / وَ فَيُفضي بِهِ إِلى شَرِّ حالِ
فَاِترُكوا اللَهوَ في الحَياةِ وَجِدّوا / إِنَّ في اِسمِ الرَئيسِ أَيمَنَ فالِ
فَاِصنَعوا صُنعَ عاطِفٍ وَاِذكُروهُ / آيَةَ المَجدِ ذِكرَةَ الأَبطالِ
يا مُحِبَّ الجِدالِ نَم مُستَريحاً / لَيسَ في المَوتِ مَنفَذٌ لِلجِدالِ
صامِتٌ يُسكِتُ المُفَوَّهَ فَاِعجَب / وَبَطيءٌ يَبِزُّ خَطوَ العِجالِ
كُلُّ شَيءٍ إِلّا التَحِيَّةَ يُرجى / فَهيَ لِلَّهِ وَالدُنا لِلزَوالِ
إِن بَكَت غَيرَكَ النِساءُ وَأَذرَف / نَ عَلَيهِ الدُموعَ مِثلَ اللَآلي
فَعَلى المُصلِحينَ مِثلِكَ تَبكي / ثُمَّ تَبكي جَلائِلُ الأَعمالِ