القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَفّار الأَخْرس الكل
المجموع : 6
مَن يحاول في الدهر مجداً أثيلا
مَن يحاول في الدهر مجداً أثيلا / فليجرّد الحُسامَ الصقيلا
جعل السيف ضامناً وكفيلاً / بالمعالي لمن أراد كفيلا
في ظلال السيوف أيّ مقيلٍ / لبني المجد فاتَّخذه مقيلا
وإذا ما سلكت ثم سبيلاً / فاجعل السيف هادياً ودليلا
عرَّفتكم حوادث الدهر أمراً / كانَ من قبل هذه مجهولا
كشفت عن ضمائر تضمر الغدر / وتبدي وفاءها المستحيلا
وإذا لم تجد خليلاً وفيًّا / فاعلم أنَّ الحسام أوفى خليلا
طالما عرّف الزَّمان بقومٍ / بدَّلتهم خطوبه تبديلا
لا تبلّ الغليل ما عشت منهم / أو يبلّ الصَّمصام فيهم غليلا
وإذا لم يكن لحلمك أهل / فمن الحلم أن تكون جهولا
لا أرى فعلك الجميل بمن لم / يرع عهداً من الجميل جميلا
رضي الله عنك أغضبت قوماً / ما أرادوا غير الفساد حصولا
فلبئس القوم الذين أرادوا / بك من سائر الأنام بديلا
وسَعَوْا في خرابها فاستفادوا / أملاً خائباً وعوناً خذولا
ويميناً لو يملكوها علينا / تركوها معالماً وطلولا
إنَّما حاولوا أمانيَّ نفسٍ / حَمَلَتهم إذ ذاكَ عبئاً ثقيلا
ربَّما غرَّت المطامع قوماً / غادرت منهم العزيز ذليلا
أمَّلوا والمحال ما أمَّلوه / سؤدداً عنك فيهم لن يحولا
لم ينالوا ما نلتَ من رفعة القدر / ولو جيء بالجيوش قبيلا
أجمَعوا أمْرَهُم ولله أمرٌ / كانَ من فوق أمرهم مفعولا
ثمَّ لمَّا جاؤوا إليكم سراعاً / نزلوا عن مرابض الأُسد ميلا
فعبرتم نهر المجرَّة مُخلين / مكاناً لهم عريضاً طويلا
نزلوا منزل الشيوخ وتأبى / شفرة السَّيف أن يكونوا نزولا
ثمَّ لم يلبثوا خلافك في الدَّار / كما يشتهون إلاَّ قليلا
رحلتها عنهم سيوفٌ حداد / ورجالٌ تعيي الرجال الفحولا
إنْ تصادم بها قواعد رضوى / أوشكت في صدامهم أن تزولا
بذلت نفسها لديك ورامتْ / منك في بذلها الرضا والقبولا
كلَّما استلَّت المهنّدة البيض / أسالت من الدّماء سيولا
فتركت الأَعداء ترتقبُ الموت / من الرعب بكرةً وأصيلا
وملأَت الأَقطار بالخيل والرَّجل / صليلاً مريعة وصهيلا
إنَّ يوماً عبرت فيه عليهم / كانَ يوماً على العداة مهولا
يوم ضاقَ الرَّحب الفسيح عليها / فتنادت عنك الرَّحيل الرَّحيلا
هربوا قبل أن بروا صولة اللَّي / ث وإن يشهروا دماً مطولا
يومَ كانَ الفرار أهونَ من أنْ / تستبيح السُّيوف منها قتيلا
ذلَّ من لا يرى المنيَّة عزًّا / في سبيل العُلى وعاشَ ذليلا
لو أقاموا فيها ولو بعض يوم / لأخذت الأَعداء أخذاً وبيلا
ولأكثرت فيهم القتل والسَّبْ / يَ ومثّلتهم بها تمثيلا
وتركت النساء ثكلى أيامى / تكثر النَّوح بعدهم والعويلا
إنَّ لله حكمةً حيّرت فيك / حلوماً سليمةً وعقولا
بلغتك الأَقدار ما كنت تبغيه / وكفَّت عدوّك المخذولا
وشفيت الصدور منَّا فقلنا / صحّ جسم العُلى وكانَ عليلا
أيَّد الله فارس بن عجيل / مثل ما أيَّد الإِله عجيلا
وبما رحمةٌ من الله حلَّت / بلغ اليوم آمل مأمولا
أمِنَ الخائفون في ظلِّ قومٍ / منع الخطب بأسه أن يصولا
عاد للملك حافظاً ومن الل / هُ على الناس ستره المسبولا
كلَّما كرَّ كرَّةً بعد أُخرى / بعث الرُّعب في القلوب رسولا
ما ثناه عن المكارم ثانٍ / وأبى أن يرى الكريم بخيلا
يقتفي إثْرَ جَدِّه وأبيهِ / وكذا تتبع الفروع الأُصولا
فهنيئاً لكم معارج للمجد / شباباً تسمونها وكهولا
رفعة في العلاء أورثتموها / من قديم الزَّمان جيلاً فجيلا
والمعالي لا ترتضي حيث شاءت / غير أكفائها الكرام بعولا
إنَّ أسلافكم إذا خطبوها / جعلوا مهرها قناً ونصولا
قد بذلتم من النضار سيولاً / وجررتم من الفخار ذيولا
لا تنال العداة منكم مراماً / أفيرجون للنجوم وصولا
كيفَ تدنو منكم وأنتمْ أُسودٌ / ما اتَّخذتم غير الأَسنَّة غيلا
فإذا ما ادَّعيتم الفخر يوماً / فكفى بالقنا شهوداً عدولا
قد خلقتم صبابة في المعالي / صبوة الصّبّ ما أطاعَ العذولا
فانتشيتم وللهوى نشوات / فكأَنّي بكم سقيتم شمولا
لا برحتم مناهلاً ترد العا / فون من عذبِ وردها سلسبيلا
وبقيتم مدى الزَّمان وأبقيتم / حديثاً عن بأسكم منقولا
يا إماماً في الدِّين والمذْهب الح
يا إماماً في الدِّين والمذْهب الح / قّ على علمك الأَنام عيالُ
رضي الله عنك أوْضَحتَ للنا / س منار الهُدى فبادَ الضلال
قد ملأت الدُّنيا بعلمك حتَّى / نلت بالعلم غايةً لا تنال
كلَّما قالت الأَئمَّة قولاً / فإلى ما تقول أنتَ المآل
إنَّما أنتَ قدوة الكلّ بالكلِّ / وعنك التفضيل والإِجمال
رحمةُ الله لم تزل تتوالى / ما توالى الغدوُّ ولآصال
شمِلَتْ حضرةً مقدَّسةً فيك / وقبراً عليك منك جلال
فبأبوابها تناخُ المطايا / وبأفنانها تُحَطُّ الرِّحال
فاز من زارها ومن حلَّ فيها / وعليه الخضوع والإِذلال
يا مفيضاً من روحه نفحات / منك يستوهب الكمال كمال
سار بالشَّوق قاصداً من فروقٍ / وإليك المسير والانتقال
زورة تمحق الذنوب وفيها / للمنيبين منحة ونوال
عن خلوصٍ وعن ثبات اعتقاد / أوقَفَتْه ببابك الآمال
ودعاه إليك وهو بعيد / سفر عن بلاده وارتحال
لم تعقْه فدافد وحزون / وقفار مهولة وجبال
فطوى في مسيرة الأرض طيًّا / حين وافى وما اعتراه ملال
إنْ يصادفْ منك القبول فقد / فازَ وثَمَّ الإِسعاد والإِقبال
لم يَخِبْ لآملٌ بما يرتجيه / وله فيك عِزَّةٌ واتّصال
أنت قطب في عالم العلم منه / تستمدّ الأَقطاب والأَبدال
بك في العالمين يرحمنا اللَّ / هُ وعنَّا تخفّف الأَثقال
أيُّ نارٍ بها الجوانحُ تُصْلى
أيُّ نارٍ بها الجوانحُ تُصْلى / وجُفونٍ تَصوب بالدَّمع وبْلا
كلَّما لاح بارق هاج وجد / وجرى مدمعٌ له واستهلاّ
مغرم لا يعي الملامة في الح / بِّ ولا يرعوي فيقبل عذلا
ما يفيد المشوق يا سَعْدُ أمسى / مُكثِراً من بكائه أو مقلاّ
صَرَعَتْه العيون نُجلاً وهل تص / رع إلاَّ عيونها الغيد نجلا
وسَقَتْه كأسَ الغرام وما كا / نَ ليشفي الغرام عَلاً ونَهلا
ما يعاني من الصبابة صَبٌّ / كانَ قبل الهوى عزيزاً فذلاّ
قد أذلَّ الغرامُ كلَّ عزيز / والهوى يترك الأَعزّ الأَذلاّ
وبنفسي مهفهف العطف أحوى / حرَّم الله من دمي ما استحلاّ
قل لأحبابنا وهل يجمع الده / ر على بعدهم من الدار شملا
ما تسلَّيت في سواكم ومن لي / بفؤاد في غيركم يتسلَّى
فرَّق الدهر بيننا بالتَّنائي / وقضى بالنَّوى وما كانَ عدلا
علِّلونا منكُم ولو بخيالٍ / يهتدي طيفه فيطرق ليلا
فعسى المهجة الَّتي أظْمَأَتْها / زفرةُ الوجد بعدكم أن تُبَلاّ
إنَّ وُرْقاً ناحت على الغصن شجواً / أنا منها بذلك النَّوح أولى
وشجتنا بنوحها حين ناحت / فكأَنَّ الورقاء إذ ذاك ثكلى
ذكَّرتني وربَّما هيَّج الذِكرُ / زماناً مضى وعصراً تولَّى
وهوى مربع لظمياءَ أقوى / تسحب المزن في مغانيه ذيلا
فسقى ملعبَ الغزال وميضٌ / من هطول يسقي رذاذاً وهطلا
أفأشفي الجوى بآرام رَبْعٍ / صحَّ فيه نسيمه واعتلاّ
رُبَّ طيفٍ من آل ميٍّ طروق / زار وهناً فقلت أهلاً وسهلا
نوَّلتني الأَحلامُ منه الأَماني / وانقضى عهده وما نلت نيلا
إذ تصدَّى لمغرم مات صدَّا / وتولَّى حرّ الغرام وولَّى
زائراً كالسَّراب لاحَ لصادٍ / قبل أن يذهب الظماء اضمحلاّ
واللَّيالي تريك كلّ عجيبٍ / وتزيد الخطوب بالشَّهم عقلا
وإذا ما محت أعاجيب شكلٍ / أثْبَتَت من عجائب الدهر شكلا
قد أكلت الزَّمان حلواً ومرًّا / وشربت الأيام خمراً وخلاّ
وأَبَتْ لي أُبوَّتي إنْ أُداري / معْشراً من مدارك الفضل غفلا
لا أُداري ولا أُمالي ولا أش / هدُ زوراً ولا أُبدِّلُ نقلا
قد كفاني ربِّي استماحة قومٍ / أشربوا في الصُّدور غِلاًّ وبخلا
بأبي القاسمِ الَّذي طابَ في النَّا / س نِجاراً وطابَ فرعاً وأصلا
وإذا عَدَّدَتْ بنيها المعالي / كانَ أعلى بني المعالي محلاّ
فخر آل الزهير والجبل الباذخ / أضحى على الجبال مُطلاّ
ظلَّ من يستظلّ بظلٍّ / لا عدمناه في الأَماجد ظِلاّ
كلَّ يومٍ وكلَّ آنٍ لديه / يجتدي سائل ويبلغ سؤلا
بأبي وافر العطايا إذا ما / أكثرَ النَّيل بالعطاء استقلاّ
وعيال ذوو العقول عليه / في أُمور تدقّ فهماً وعقلا
عصمة للأفكار من خطأ الرأ / ي وهادٍ للفكر من أن يضلاّ
نوَّر الله منك قلباً ذكيًّا / ظُلَمُ الشَّكّ فيه لا شكَّ تجلى
غادر المحل في أياديه خصباً / في زمان يغادر الخصب محلا
كم أيادٍ تلك الأَيادي أفاضت / وأسالت من وابل الجود سيلا
سابق من يجيء بالفضل بَعْداً / لاحقٌ بالجميل من كانَ قبلا
شَهِدَ اللهُ والأنام جميعاً / أنَّه الصَّارم الَّذي لن يُفلاّ
إنْ تُجرِّده كاشفاً لِمُلِمٍّ / فكما جرَّدَت يمينك نصلا
وعلى ما يلوح لي منه مرأًى / قَرَأَ المجدُ سَطْرَه واستملاّ
يا حُساماً هززته مشرفيًّا / صَقَلَتْهُ قيْنَ المروءة صقلا
مِن جليلٍ أعزَّك الله في العا / لم قدراً سما فعزَّ وجلاّ
أيّ نادٍ ولم يكنْ لك فيه / آيةٌ من جميل ذكرك تتلى
قد حكيت الشّمّ الرَّواسي وقاراً / وثباتاً في الحادثات ونبلا
وبنات الأَفكار لم ترضَ إلاَّ / كُفؤها من أكارم النَّاس بعلا
أيُّها المُنعم المؤمَّل للفضل / حباك الإِله ما دمت فضلا
أَلْبَسَتْني نعماك من قبل هذا / جِدَّةً من مفاخر ليس تبلى
كلّ يومٍ تراك عيناي عيدٌ / عند مثلي ولا أرى لك مثلا
فإذا قلتُ في ثنائك قولاً / قيلَ لي أنتَ أصدق النَّاس قولا
فبما نعمةٍ عليَّ وفضلٍ / أثقَلَتْني أيديك بالشُّكر حملا
لا يزال العيد الَّذي أنتَ فيه / عائداً بالسُّرور حَوْلاً فَحَوْلا
كم دمٍ فيك أيُّها الرِّيمُ طُلاّ
كم دمٍ فيك أيُّها الرِّيمُ طُلاّ / وفؤادٍ بجَمرةِ الوجد يَصلى
فأناسٌ بخمرِ عَينيك صَرعى / وأناسٌ بسَيْف جفنيكَ قتلى
قلْ لعينيك إنَّها قَتَلْتنا / أحسِني بالمتيَّم الصبِّ قتلا
ولك الله من حبيبٍ ملولٍ / غير أنَّ الهوى به لن يُملاّ
يا عزيزاً أذلُّ طوعاً لديه / والهوى يترك الأعزَّ الأذلا
إنْ تعجِّلْ بالهجر منك عذابي / أو تُؤاخِذْ متيّميك فمهلا
وإذا ما اسْتَحْليْتَ أَنْتَ تلافي / كانَ عندي وريقِك العذبِ أحلى
لا يملُّ العَذابَ فيك معنّى / نُصحاً وسواك الَّذي يَملُّ ويُقلى
يتراءى لعاذلي أنَّني أسمَعُ / نُصحاً له وأقبلُ عذلا
يأمُرُ القلبَ بالسلوّ ومن لي / بفؤادٍ يُرضيه أن يتسلّى
خَلِّني والهوى بآرامِ سَلْعٍ / يا خَليلي ولا عدمتُك خلاّ
ربَّ طيفٍ من آل ميٍّ طروقٍ / زارَ وَهناً فقلت أهلاً وسهلا
إنَّ من أرسَلَتْك من بعد منعٍ / قد أساءتْ قطعاً وأحْسَنتْ وصلا
بعثَتْ طيفَها ولم تتناءى / عن مزاري إلاَّ دلالاً وبخلا
فلقد كاد أنْ يَبُلَّ غليلي / ذلك الطيف في الكرى أو بلاّ
نَظَرتْ أعيُني منازلَ في الجزع / فأرْسَلْتُ دمعها المستهلاّ
لم أُكَفْكف دَمعي بفضل ردائي / بادّكار الأحباب حتَّى ابتلاّ
فسُقيت الغمامَ يا دار ظمياءَ / موقراتٌ نسيمُها المعتلاّ
طالما كنتُ فيك والعيش غضٌ / وعروسٌ من المدامة تجلى
أشْرَبُ الرَّاح من مراشف ألمى / جاعلاً لي تُفَّاحَ خَدَّيه نَقلا
فابكِ عَنِّي عَهْدَ الصّبا أو تباكَ / لبكائي والصبُّ بالدمع أولى
أينَ ذاك الهوى وكيف تقضّى / كانَ خمراً فما له صار خلاّ
صاحبي هذه المطيُّ الَّتي سا / رت عِشاءً تجوبُ وَعراً وسهلا
زادَها الوجْدُ غُلَّةً والنوى / وَجْداً وفُرْقَةُ الشَّملِ غِلاّ
تَتَلظَّى كأنَّها في حَشاها / جمراتٌ تذوبُ منها وتَصْلى
وغَدَتْ بعدَ طيِّها الأرض طياً / آكلاتٍ أخفافَها البيدُ أكلا
أتراها تَبغي النَّدى من عليٍّ / فَنَداه لم يُبْقِ في النفس سؤلا
ساد أقرانَه وكان غلاماً / ثم سادَ الجميعَ إذ صار كهلا
وانْتَضَتْه يَدُ العُلى مَشرفيًّا / صَقَلتْه قَينُ السِّيادة صقلا
فأراعَ الزمانَ منه جمالٌ / وجَلا كلَّ غيهبٍ إذ تجلّى
غَمَرَ النَّاس بالجميل فقُلْنا / هكذا هكذا الكرامُ وإلاّ
بأيادٍ تكون في المحْل خِصباً / في زمان يصيّر الخطب محلا
باذلاً كلَّ ما يروق ويحلو / لا مُملاًّ ولا ملولاً بذلا
والفتى الهاشمي إنْ جادَ أغنا / ك وإن أجْزَلَ العطاءَ استَقَلاّ
ربَّما خلْتَه لفرطِ نَداه / مُكثراً وهو عند ذاك مُقِلاّ
وسواءٌ لَدَيه في حالَتَيه / كَثُرَ المالُ عِنده أو قلاّ
آلُ بيت إن كنتَ لم تَدْرِ ما هم / فاسأَلِ البيتَ عنهمُ والمصلّى
بأبي أَنْتَ من سُلالَةِ طه / أشرَفُ الكائنات عقلاً ونقلا
سَيِّدٌ لا يمينه تَقْبَلُ القَبض / ولا طبعُهُ يلائم بُخلا
وبما قد سَبَقْتَ مَن جاءَ بعداً / سيّدي قد أدْرَكْتَ من كانَ قبلا
ما تعالَتْ قَومٌ إلى المجد إلاَّ / كنت أعلى مِنْهم وأَنْتَ الأعلى
طيّب الفرع طيّب الذات تُخشى / سطوات الظبا وترجى نيلا
وإذا كنتَ أطيبَ النَّاس فرعاً / كنتَ لا شك أطيبَ النَّاس أصلا
يا عليَّ الجناب وابنَ عليٍّ / والمعالي لم ترض غيرك بَعلا
قد بَلَوْناك يوم لا الغيثُ ينه / لُّ فَشِمناك عارضاً منهلا
وَوَجَدْناك للجميع مَلاذاً / يَرتجيك الجميعُ جوداً وفضلا
والأماني تُلقي ببابك رحلاً / كلَّ يوم تمضي وتملأُ رحلا
وتلاقي حُلاحِلاً جعل الله / عُلاه على البريّة ظلاّ
ربَّما كانَ في الأوائل مثلاً / لك واليوم لم نجد لك مثلا
أَنْتَ ذاتٌ تُرى لدى كلّ يوم / ترتقي منصباً وتعلو محلاّ
أَنْتَ في كلِّ موضعٍ ومكانٍ / آيةٌ من جميل ذكرك تتلى
فإذا قُلتُ في مديحك شيئاً / قيلَ لي أَنْتَ أصدقُ النَّاس قولا
فتقبَّل مولايَ فيك ثَنائي / وليَ الفخرُ إن تكُنْ ليَ مولى
وتكرَّمْ بأخذِه ولَكَ الفَضلُ / وما زِلتَ للفضائل أهلا
لا تزال الأيام في كلِّ حَوْلٍ / لكَ عيداً ودُمْتَ حَوْلاً فحَولا
زادك الله بهجةً ووقارا
زادك الله بهجةً ووقارا / وجلالاً منه فجَلَّ جلالُه
ولقد خصّنا بنيلك مذ كنتَ / مُنيلاً لنا فَعَمَّ نواله
عادك العيدُ بالسرور ووافا / ك مُشيراً إلى الهناء هلاله
أَنْتَ بدرُ السُّعود في طالع المج / دِ وقد أبْهَرَ العقول كماله
فاز من يرتجيه بالنّجح راجٍ / أُنْزِلَتْ في رحابه آماله
وإذا ساءت الظنون بحالٍ / حَسُنَتْ فيك لا بغيرك حاله
بأبي أَنْتَ من كريم السجايا / تِلك أخلاقه وتلك خلاله
وإذا ما أقْبَلْتُ يوماً عليه / سرَّني من جميله إقباله
وإذا قال في المطالب شيئاً / صَدَقَتْني أقواله وفعاله
فَلَه مِنِّي الثناء عليه / حيثُ لي منه جوده ونواله
نال ما لم يُنَلْ من الفضل حَظًّا / قَصَّرَتْ عن مناله أمثاله
يا أبا مصطفى فداؤك عبدٌ / بك يا صفوة الكرام اتصاله
فيك مولاي سؤْلُه ومناه / وإذا غبتَ كانَ عنك سؤاله
إنَّ داعيك والشواغل شتّى / لك في خالص الدعاء اشتغاله
وإلى الله في بقائك في العِزِّ / قَديماً دعاؤه وابتهاله
ما تأخَّرْتُ عنك إلاَّ لأمرٍ / ولحظٍّ تعوقني أغلاله
وسواءٌ لدى المودَّة عندي / بعد ذاك اتّصاله وانفصاله
وعلى كلِّ حالةٍ أَنْتَ في النا / س لعمري ملاذه ومآله
أيُّها المطلق العذار لقد راق / لِعَيني شبابُه واكتهاله
كلُّ من قد رآك قال فأرِّخ / زادَ سلمان بالعذار جماله
ما قَضَيْنا حَقًّا لرسْمٍ محيل
ما قَضَيْنا حَقًّا لرسْمٍ محيل / ببكاءٍ على الدْيار طويلِ
يا رفيقي وصاحبي وخليلي / قفْ بنا بين دارساتِ الطلول
نَقْضِ حقّ البُكا لها والعويل /
فالمطايا وَهَتْ وأَنْتَ تراها / يأكلُ السَّيْرُ ما ترى من ذراها
قفْ بها كي ترتاحَ ممّا اعتراها / وأنخها قلائصاً قد عراها
ما عرانا من الضنى والنحولِ /
إنَّ غِبَّ الغرام منذ امتطاها / أطلقَ الوَخدُ والذميلُ خطاها
خلّها من لغويها أنْ يطاها / وأرِحها سُوَيْعَةً فمطاها
قد دهى من وجيفها والذميلِ /
أصْبَحتْ بعدَ ريّها تتولّى / كبدا من غليلها النار تصلى
علّها ما وَرَدَتْ ماءك عَلاّ / واسقها من مَعين وجرةَ نهلا
فعَساها تطفي لهيب الغليل /
خَلّها لا عدمتَ ذا اليوم خلاّ / إن تحاولْ بقطعك البيد وصلا
وإذا سرتَ بالمطيِّ فمهلاّ / وتَرَفَّقْ بها فيما هي إلاَّ
عُدَّةً قد أعدَدْتُها للوصولِ /
فَسقى مربع الحِسان وجادَتْ / مُزُنٌ أحْسَنَتْ به وأجادَتْ
تبلُغ النفسُ عنده ما أرادَتْ / يا لمغنًى به الغواني تهادَتْ
وخَلَتْ من مؤنّبٍ وعذولِ /
كم لَهَوْنا بكلّ ظبي غريرِ / وشَرِبْنا في كلّ رَوضٍ نضيرِ
شمسَ راحٍ من كفّ بدرٍ منير / وأُديرَتْ لنا كؤوسُ سرورِ
من ثغورٍ رضابها من شمولِ /
حبّذا أوْجُهٌ تروقُك وَصْفا / وثغورٌ تحكي المدامةَ صِرْفا
فالثنايا العِذاب تمنح رشفا / ومياهُ الجمالِ تقطرُ لُطفا
فوقَ خدٍّ من الشباب أسيلِ /
قد رَعَينا لذاذةَ العيشِ رغدا / وطرِبْنا به مَراحاً ومَغْدى
في رياضٍ من المحاسن تندى / وطيورُ الهَنا تغرِّدُ وَجْدا
بهديرٍ مستعذبٍ وهديلِ /
يا لعيشٍ ما كانَ أمرى وأحلى / وزمانٍ من جوهر الرُّوحِ أغلى
فالشبابُ الَّذي قَلَّص ظِلاّ / قد مضى وانقضى وفاتَ وَوَلّى
كشموسٍ قد آذَنَتْ للأفولِ /
أينَ قومي لهم على النَّاس فخرُ / وإباءٌ بأنْفِهِ مشمخرُّ
قد دَهاهم من المنيّة أمرُ / وتمطّى بساعدِ الغَدْرِ دهرُ
غالَ أهلَ النهى بأنياب غولِ /
كم كريمٍ لدى عذابٍ أليمِ / ولئيمٍ من دهره في نعيمِ
إنَّ دهراً عَدوَّ كلِّ كريم / فهوَ سلمٌ لكلِّ فدمٍ لئيم
وهو حربٌ لكلِّ حرِّ نبيلِ /
ساءنا الدهرُ مأخذاً ونزاعا / واتّصالاً وفرقةً واجتماعا
غادرٌ باسطٌ لغَدرٍ ذراعا / ولَكَمْ مَدَّ للخيانةِ باعا
رَدَّ عنها الحجى بطرف كليلِ /
عَمَّ سوحي حال الزمان وخصّا / وأرى فيه كلّما زِدْتُ نَقْصا
لا تظنَّن أنّها تُستقصى / فأحاديثُ دهرِنا ليسَ تُحصى
خلّ عن شرحها العريضِ الطويلِ /
كمْ أمورٍ لدَهْرِنا مهلكاتِ / لاحقاتِ أبناءه مدركات
زَمَنٌ ظلّ أهلُه في شكاةِ / كم له في الكرام من فتكاتِ
كلَّ آن يسطو بأمرٍ مهولِ /
إنَّ هذي الأيام منذ ابتداها / قَلَّ ما تَمْنَحُ الكرامَ نداها
ما استَقَرَّتْ بريّها وصداها / والليالي لا تستقرُّ مداها
كلَّ يوم تأتي بحال محلولِ /
نرتجي الفوزَ في بلوغ أمانِ / بزمانٍ يَعِزُّ كلَّ مُهانِ
ما ثنى عِطفَه لحرٍّ مُصانِ / ليتَ شعري ما يرتجى من زمان
عَطفُه للكرامِ كالمستحيلِ /
كيف نلتذُّ في الحياة وُجودا / إذ نرى حيثُما التَفَتْنا فقيدا
لك يكنْ طيبُ عيشنا محمودا / ومتى نستطيبُ عيشاً رغيدا
والمنايا تحدو بنا للرحيلِ /
إنَّما هذه الحياة ابتلاءُ / ولغوبٌ وشِقْوَةٌ وعَناءُ
ثم قد يُعقِبُ الوجودَ فناءُ / والرزايا مع المنايا بلاءُ
وعظيمُ البلاء رفع الرذيل /
فالبلاءُ الشديدُ أنْ يُستَعاذا / بالذي لمْ يكنْ لعَمري مَعاذا
أو يكونُ الدنيُّ فينا ملاذا / وبلاءٌ أشدُّ من ذا وهذا
ذلُّ حُرٍّ إلى لئيمٍ بخيلِ /
ما أراحَتْ يوماً من النَّاس حيًّا / بلْ أساءتْ إليه مَوتاً ومحيا
نحنُ نبغي في هذه الدَّار بُقيا / ومضِرٌّ بنا البقاءُ بدنيا
غَدَرَتْ قبلَنا بآل الرسولِ /
لأناسٍ عَلَوْا فخاراً ومجدا / وأباً ماجداً كريماً وجدّا
كيف كانت إذ ذاك خصماً ألدّا / ما رَعَتْ فيهم ذماماً وعهدا
وحمى المستجير والمستنيل /
يا نجوماً في كلِّ بَرّ وبحر / هاديات الأنام في كلّ عَصْرِ
يا بدوراً في حالكٍ مكفهرّ / شَتَّتْ شملَهُم وكانوا حماة
وهداةً إلى سواء السبيل /
خيرُ من حَلَّ بقعةً ووطاها / قد كشفْتُم عن العيون غطاها
وحميْتُم ممَّا يروع سطاها / يا بني أحمدٍ ويا آل طه
يا هداة الورى ومأوى الدخيل /
بولائي لكم قديماً وحبّي / أنا أرجو النجاةَ من كلّ كربِ
يا شفائي إذا اعتَلَلْتُ وطبّي / ضِقْتُ ذَرعاً من عِلَّةٍ بَرَّحَتْ بي
ودوائي أنتم وبرءُ العليل /
عن خلوصِ الولاءِ صِدقُ مقالي / في طفوليَّتي وحالِ اكتهالي
لم تغيِّرْه حادثاتُ الليالي / صرتُ شيخاً وما تَغَيَّر حالي
عن ولائي لكم بِصدقِ المقولِ /
تركَتْني الأيامُ من غير جِرم / حاملاً عِبءَ كلّ همٍّ وغمِّ
حيث فَقْدُ الشبابِ انحل جسمي / وأنا اليوم شابَ رأسي وعظمي
أوْهَنَتْه أثْقال وِزرٍ ثقيل /
إنَّ ضُعْفَ القُوى وفقدانَ عَوني / قد أحالا من بينَ قَصدي وبيني
طَعَنَتْ في مضاضة العيش شنِّي / وانقضى العمرُ كلُّه بالتمنِّي
واتّباعِ الهوى بقالٍ وقيلِ /
أنْتُم مَطلَبي وأنْتم مرادي / وعَليكم بَعدَ الإله اعتمادي
فإذا كانَ بَعْدَ بدئي معادي / حبّكم يا بني الوصيّ عتادي
في معادي عند الإله الجليلِ /
قَرَّبَتْني منكُمْ دنوًّا بقربِ / نِسْبَةٌ في الجميل من فضل ربِّي
حينَ أدعى ما بين قومي وصحبي / أنْتُمْ أَنْتُم الجميلُ وحَسْبي
بينَ قومي أُدعى بابن الجميل /

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025