أَشرَقَ البَدرُ بَينَنا إشراقا
أَشرَقَ البَدرُ بَينَنا إشراقا / فأَرانا أَحبابنا وَالرِفاقا
ما ظننّا الزَمان يَسمَح يَوماً / بعدَ طولِ الفراق أَن نَتَلاقى
إن عقد الأَحباب نسق حَتّى / زاده منظر الجَلال اِتّساقا
حَبَّذا ساعة تَلافَت محبّاً / مِن سقامٍ وأسعفت مُشتاقا
حبّذا حفلة أُقيم بناها / اِنتصاراً للفضل أَو إِحقاقا
لَيسَ فيها ما لفقتة أناس / وأَقامته باطِلاً وَنفاقا
هَكَذا تحمد البَريَّة حَقّاً / مزهقاً كلّ باطِل إِزهاقا
ربّ سعيٍ أَصابَ نجحاً وَسعي / عادَ في الناس نجحه إِخفاقا
يَرفَع الرأس ذكر فرد وَذكر / يَطرق الرأس عنده إِطراقا
وَمنَ الناس من يَبيع هداه / بِضَلال لِيَشتَري الأَسواقا
ذلّ مَن باعَ مجده وَعلاه / طمعاً بالقَليل واِسترزاقا
إِن مَن شاءَ أَن يَكون عَظيماً / أَلف المكرمات وَالأَخلاقا
وَالألى كرموا الفَضائِل يَوماً / لَم يدقّوا الطُبول وَالأَبواقا
لَن نَكُن ندرك الحَقائق إِلّا / إِن تركنا الغلوّ وَالإغراقا
لَيسَ كلّ اِمرئ جَرى في مَجال / كانَ فيه المقدّم السبّاقا
من أَبَت نفسه الثَناء اِغتِصاباً / كانَ إِطراؤُنا له اِستِحقاقا
وَالَّذي أَكرم المواطن حقّاً / كانَ تَكريمه جَزاءً وِفاقا
سل بِشَهبَندر اللَيالي تعلم / في سَبيل الأَوطان ماذا لاقى
مثل عبد الرحمن فَليَلِد المج / د وَيهدي بمثلهِ العشّاقا
أَلغيرِ المجاهدين جَمال / راق منه لعاشِق ما راقا
لَيسَ عبد الرحمن مِمَّن إِذا ما / ساقه سائق الهَوى فاِنساقا
تلك أَرواد فَاِسألوها تجبكم / كَيفَ كانَت عَلى الكرام مذاقا
صبرت نفسه وَما ضاقَ ذَرعاً / يَوم رحب الآمال ضاقَ نطاقا
لِيَكُن مثله العَظيم جِهاداً / لِيَكُن مثله الطرير اِمتِشاقا
لَم يخر عزمه وَلا عاق يَوماً / سَعيه دون قومه ما عاقا
أَبَداً يَقطَع البلاد سهولا / وَيَجوب الجِبال وَالأنفاقا
إِن سَأَلتُم عَنه وَعَن كلّ حرٍّ / حيث يَعيى به السبوق لحاقا
تَسألوا عَن ليوثه كلّ غاب / تَسألوا عَن بدورها الآفاقا
فَإِذا ضاقَت المَيادين جلا / في المَعالي موسّعاً ما ضاقا
هادماً لِلهَوان حصناً فحصناً / بانياً للعلى رواقاً رواقا
ما عرفنا للجدّ أَكثَر منه / مثلاً في الأَنام أَو مصداقا
تارَة راكِباً يَجوب وَأُخرى / طائِراً في فَضائِهِ طراقا
حبّذا طائِر رأى الطوق هونا / فَتَعالى وكسّر الأَطواقا
وَأَصاب الست الجهات فوفّى / وَتعدّى السَماء سَبعاً طِباقا
حبّذا ساعة أَهاجَت كَمينا / من شُجون وَنبّهت أَشواقا
كلّفتني إِبداء رأي فَداري / تُ وآثرت عندها الإِشفاقا
كُلَّما عَن ذكر قَومي فيها / زادَني الذكر لوعة وَاِشتياقا
يا أَخا الوجد لا تسئك اللَيالي / إِن خلف الدجى سنى وأتلاقا
ردّد الشجو فالمصائِب أَذكَت / جانِحات وَقرّحت آماقا
تلك سوريّة الَّتي سيّروها / أَغلَقوا النهج دونها إغلاقا
حمّلوها ما لا تُطيق وَقالوا / إِنّ حمل الإِذلال كان مطاقا
حرموها مَوارِداً من غناها ال / جم حَتّى تحوّلت إِملاقا
حرَموها الجمام يغمر لا بل / حَرَموها الضحضاح وَالرقراقا
لهف نَفسي عَلى الَّتي جرّعوها / من صنوف العذاب كَأساً دهاقا
لهف نَفسي عَلى الَّتي جرّعوها ال / قَتل عَمداً وَالنفي وَالإحراقا
وَسقوها السم الزعاف عَلى ال / خَتل وأَسموه بَينَها درياقا
لا رَعى اللَه أنفساً لا تراعي / في البَرايا عَهداً وَلا ميثاقا
لَم يخن عهدنا الأَمين وَلَكِن / اِئتمنا السلّاب وَالسرّاقا
هم أَراقوا دم العِباد وَراحوا / يَسألونَ العِباد من ذا أَراقا
خابَ فأل المُستَعمرين فقد فا / ت زَمان قاد الضَعيف وساقا
وَأَبوا أَن نَكون إلّا أَرقّا / ءَ وَيأبي بَنو العلى اِسترقاقا
حَسبونا ننيلهم إِذ غضبنا / رشّة من رضا فَكانَت بصاقا
غرّهم نَومنا طَويلاً فَداسوا / هام شعب الآباء حَتّى أَفاقا
نَحن لَسنا إِذا ذكرنا الأحادي / ثَ نَسينا التقييدَ والإِطلاقا
نَحنُ قَومٌ خاضوا الغمار قَديماً / وَحَديثاً وَجاوَزوا الأَعماقا
وَإِذا ما الحَوادِث السود غامَت / لا نُبالي الإرعاد وَالإبراقا
لسوى المَجد لَيسَ يَرضون ضمّا / كلّما قيل زد هَوى وَعناقا
فَلئن يخطبوا المَعالي يَوما / جَعَلوا أنفس الكماةِ صداقا
حبّذا العرب لو دروا أَينَ صاروا / فَبَنوا موضع الخلاف اِتفاقا
حبذا العرب لودروا أَينَ صاروا / فَأَعادوا الشقاق فيهم وِفاقا
عَلموا لَيسَ ينبت المجد إِلّا / إِن سَقوا تربة الدم المهراقا
أَيُّها الطائِر المحلّق في الجو / وِ تَخَطّى الرؤوس وَالأعناقا
خيف منه عَلى المَطامِع حَتّى / حسبوه سمراً وَبيضا رقاقا
وَرَسول السَلام يحمل قَلبا / لسوى العدل لَم يَكُن خفّاقا
صِف لِقَوم خلف البحار أَقاموا / إِذا أَقاموا وأَغدَقوا إغداقا
صِف لَهُم ما دهى وَما حلّ مِمّا / راحَ يدمي القُلوب والأحداقا
سَنوالي الجِهاد دون بِلاد / أَرهق الظلم أَهلها إِرهاقا
أَو يَعود العراق منها شآما / وَيَعود الشآم منها عراقا
وأمام الشرق المعذّب مصر / مشرق نور عزّها إِشراقا
أَنا لَولا لظى الشَرائين تَذكو / فَتَكاد الحَشى تَذوب اِحتِراقا
لَتَرَكتُ التاريخ يَفصح صدقا / وَفَضَحت الأَقلام وَالأَوراقا