غَرَبَتْ منكمُ شُموسُ التّلاقي
غَرَبَتْ منكمُ شُموسُ التّلاقي / فبدتْ بعدَها نُجومُ المآقي
جَنَّ لَيلُ النّوى عليَّ فأمْسَتْ / في جُفوني مُنيرةَ الإشراقِ
أخبرَتْنا حَلاوةُ القُربِ منكمْ / أنّ هذا البِعادَ مُرُّ المَذاقِ
دكَّ طورَ العَزاءِ نُورُ التجلّي / منكُمُ للوَداعِ يومَ الفِراقِ
آنَسَتْ مُقلَتايَ نارَ التّنائي / فاِصْطَلى القلْبُ جَذوةَ الإِشتياقِ
أيُّها المُفري القِفارَ بضَرْبٍ / أحسَنَتْهُ صَوارمُ الأعناقِ
والمُحلّي قِراهُ في عَنبر اللّيْ / لِ وبالزّعْفَرانِ مُحذي المَناقِ
إنْ أتَيْتَ العَقيقَ عمّرَكَ اللّ / هُ ووُقّيتَ فِتنةَ الأحْداقِ
وتَراءى لكَ الحِجازُ ولاحتْ / بينَ حُمرِ القِبابِ شُهْبُ العِراقِ
حيثُ تَلْقى مَرابِضَ العينِ تُبْنى / بينَ سُمرِ القَنا وبيضٍ رِقاقِ
وبُحوراً حمَلْنَ غُدْرَ حَديدٍ / وأُسوداً صَحِبْنَ رُبْدَ العِتاقِ
فِتيةٌ لو تشاء بالبيضِ حالَتْ / بينَ قَلبِ المَشوقِ والأشواقِ
منزلٌ كلّما به سنحَ السِّرْ / بُ تَذوبُ الأسودُ بالإشفاقِ
ثغرُ حسنٍ حمَتْهُ سُمرُ قُدودٍ / وظُبى أجفُنٍ ونَبْلُ حِداقِ
وتجلّتْ لكَ الشُموسُ ظَلاماً / حامِلاتِ النُجومِ فوقَ التّراقي
ورأيتَ البُدورَ تشرقُ في الأر / ضِ بهالاتِ عسجَدِ الأطواقِ
فتلطّفْ وحَيِّ عنّي خُدوراً / هيَ حقّاً مَصارعُ العُشّاقِ
وغُصوناً خُضرَ الملابِسِ سُودَ الش / شعرِ حُمرَ الحُليّ والأوراقِ
وَاِتّقِ الضّرْبَ من جُفونٍ مِراضٍ / واِحذَرِ الطّعْنَ من قُدودٍ رِشاقِ
واِخْبِرِ الساكنينَ أنّي على ما / علِموهُ لهمْ على العهدِ باقِ
أجّجتْ نارَ زَفرتي الفُرقُ فيهمْ / فنشا الدّجنُ من دُخانِ اِحتراقي
يا رَعى اللَّهُ ليلةً أَلبسَتْنا / بعد فرطِ العِتابِ عِقدَ العِناقِ
راقَ عتْبُ الحبيبِ فيها فرقّتْ / مثلَ شَكوى المتيّمِ المُشتاقِ
توّجَتْ هامةَ السُرورِ وحلّتْ / خَصْرَ ماضي زَمانِنا بالنِّطاقِ
فاقَتِ الدهرَ زينةً مثلَ ما قد / فازَ قَدْرُ الوصيِّ بالآفاقِ
سيّدُ الأوصياءِ مَولى البَرايا / عُروةُ الدين صفوةُ الخلّاقِ
مَهبِطُ الوحي مَعدِنُ العِلمِ والإف / ضالِ لا بَل مُقدّرُ الأرزاقِ
بدرُ أفْقِ الكَمال شمسُ المعالي / غيثُ سحْبِ النّوالِ ليثُ التّلاقِ
ضارِبُ الشوسِ بالظُبى ضربَهُ البُخ / لَ بماضي مكارمِ الأخلاقِ
قلبُ أجرى الأُسودِ إذ يلتَقيه / كوِشاحِ الخريدةِ المِقْلاقِ
حُكمُهُ العَدْلُ في القضايا ولكنْ / جائرٌ في نُفوسِ أهلِ الشِقاقِ
عالمُ الغَيبِ والشهادةِ لا يَعْ / زُبُ عنهُ حِسابُ ذرٍّ دِقاقِ
حاضرٌ عند علمهِ كلُّ شيءٍ / فطِوالُ الدُهورِ مثلُ فَواقِ
مَلِكٌ كلّما رَقي للمعالي / فله النيّراتُ أدنى المَراقي
سَلَّ للّهِ أنصُلاً في سَناها / ماحِياتٍ ظَلامَ أهلِ النِفاقِ
يا لَها أنجُماً فكمْ بدرِ قومٍ / كوّرَتْ نُورَه بكَسْفِ محاقِ
إن تكن كالثُغورِ في الرَوعِ تبدو / فلهنّ الجُسومُ كالأشْداقِ
ما تَراءَتْ جماعةُ الشِّركِ إلّا / خطَبَتْ في مَنابرِ الأعناقِ
مَنْ سَقى مرْحَبَ المَنونَ وعَمراً / وأذاقَ القُرونَ طَعمَ الزُعاقِ
منْ أباحَ الحُصونَ بعد اِمتناعٍ / ومَحا بالحُسامِ زبرَ الغَساقِ
من أتى بالوليدِ بالرّوعِ قَسْراً / بعدَ عزِّ العُلا بذُلِّ الوَثاقِ
مَنْ رَقي غاربَ النّبيّ وأمسى / معه قائماً بسَبعٍ طِباقِ
مَن بِفجر النّصال أوضح ديناً / طالَما كانَ قاتم الأعماقِ
واصلَ اللّهُ حُربةً أضمرَتْهُ / بصَلاةٍ كقَطرَةِ المُهراقِ
وارِثُ البحرِ والهِزَبْرِ وصَلْتُ ال / بَدرِ كلّاً وعارِضُ الإنفاقِ
يا إمامَ الهُدى ومَنْ فاقَ فضلاً / وملا الخافِقَيْنِ بالإيتِلاقِ
قد سلَكْتُ الطريقَ نحوكَ شَوقاً / ورَجائي مَطيّتي ورِفاقي
أسرَتْني الذُنوبُ أيّةَ أسْرٍ / والخطايا فمُنَّ في إطلاقي
أوّلُ العُمرِ بالضّلالِ تولّى / سيّدي فاِصْلِح السنينَ البَواقي
أنا رِقٌّ بك اِستَجرْتُ فكُنْ لي / من أليمِ العَذابِ بالبعثِ واقِ
زفَّ فِكري إليكَ بِكرَ قَريضٍ / برزَتْ في غَلائِلِ الأوراقِ
صانَها عن سِوى عُلاكَ شِهابٌ / يا شِهاباً أضاءَ بالإشْراقِ
فاِلتفِتْ نحوَها بعينِ قَبولٍ / فلها بالقَبولِ أسنى صداقِ
وعليكَ السلامُ ما رقصَ الغُصْ / نُ وغنّتْ سَواجعُ الأوراقِ