قُمْنَ في مأتمٍ على العُشّاقِ
قُمْنَ في مأتمٍ على العُشّاقِ / ولَبِسْنَ الحِدادَ في الأحداقِ
وبكينَ الدَّماءَ بالعَنَمِ الرَّطْ / بِ المُقنّى وبالخُدود الرِّقاقِ
ومنحْنَ الفِراقَ رِقّةَ شَكوْا / هنَّ حتّى عشِقْتُ يومَ الفِراق
ومعَ الجيرَةِ الذينَ غَدَوا دَم / عٌ طليقٌ ومُهجَةٌ في وَثاق
حارَبَتْهُمْ نَوائِبُ الدّهْرِ حتّى / آذَنُوا بالفِراقِ قبْلَ التّلاقي
وَدَنَوْا للوَداعِ حتى ترى الأج / يادَ فوقَ الأجياد كالأطواق
يومَ راهنْتُ في البكاءِ عُيُوناً / فتقَدّمْتُ في عِنانِ السَّباقِ
أمنَعُ القَلْبَ أن يذوبَ ومَنْ يم / نعُ جَمْرَ الغَضا عن الإحْراقِ
رُبَّ يوْمٍ لنا رقيقِ حَواشي ال / لهوِ حُسنْاً جَوّالِ عِقْد النِّطاق
قد لَبِسْنَاهُ وهو من نَفَحاتِ ال / مسكِ رَدْعُ الجُيوب ردْعُ التراقي
والأباريقُ كالظِّباءِ العَواطي / أوجَسَتْ نَبْأةً الجِياد العِتاق
مُصْغِياتٌ إلى الغِناءِ مُطِلاّ / تٌ عليه كثيرةُ الإطراق
وهي شُمُّ الأنوفِ يَشمَخن كِبْراً / ثمّ يَرْعُفْنَ بالدّمِ المُهراق
فدَّمَتْها السُّقاةُ كي يُوقِرُوهَا / صَممَاً عن سَماعِ شادٍ وساق
فهي إمّا يَشكونَ ثِقْلاً من الوقْ / رِ وإمّا يَبكِينَ بالآمَاقِ
جَنَّبُوهَا مجالسَ اللّهْوِ والوص / لِ إذا ما خَلَوْنَ للعُشّاقِ
فهي أدهَى من الوُشاة على مك / نونِ سِرِّ المتيَّمِ المُشتاقِ
تَرتَدي بالاكمامِ عَنْهَا حَيَاءً / وهي غِيدٌ يَتْلَعْنَ بالأعْنَاقِ
لا تَسَلْني عنِ اللّيالي الخوالي / وأجِرْني منَ اللّيالي البَواقي
ضَرَبَتْ بيْنَنَا بأبعَدَ ممّا / بينَ راجي المُعِزِّ والإمْلاق
كلُّ أسْرَارِ راحَتَيْهِ غَمَامٌ / مُسْتَهِلٌّ بِوابِلٍ غَيْداقِ
فإذا ما سقاك من ظمإ جا / وز حد السقيا إلى الإغداق
في يدَيْهِ خَزائِنُ اللّهِ في الأرْ / ضِ ولكنّها على الإنْفاقِ
وإذَا مَا دَعَا المَقَاديرَ للكَوْ / نِ أجَابَتْ لكُلِّ أمْرٍ وِفاقِ
لبِسَ العِيدُ منه ما يَلبَسُ الإي / مانُ من نصْلِ سيفِهِ البَرّاقِ
وجَلا الفِطْرُ منه عن نَبَوِيٍّ / أبيضِ الوجهِ أبيضِ الأخلاق
ساحِباً من ذُيولِ مَجْرٍ لُهامٍ / تُؤذِنُ الأرضُ تحْتَهُ باصْطِفاق
ليس في العارِضِ الكَنَهْوَرِ شِبْهٌ / منه غيرُ الإرْعَادِ والإبْراق
رَفَعَتْ فَوْقَهُ المَغَاويرُ شُهْباً / من قَناً في سَماوةٍ من طِراق
وغَمَامٍ مِنْ ظِلِّ ألْوِيَةِ النّصْ / رِ فمن راجفٍ ومن خَفّاق
وعَرينٍ من كلِّ ليْثٍ هَصْورٍ / كالِحِ النّابِ أسْجَرِ الحمِلاق
فوقَهُ خَيطَةُ اللُّجَينِ تَهادَى / بيَدَيْ كلِّ بُهْمَةٍ مِصْداق
مِن عِداد البُرْهَانِ موجودةٌ لل / خلقِ فيها دلائلُ الخَلاّق
حسنت في العيون حتى حسبنا / ها تردّت محاسن الأخلاق
قد لَبِسْنَ العَجاجَ مُعتكِرَ اللّو / نِ ولُكْنَ الحديدَ مُرَّ المَذاقِ
فإذا ما تَوَجّسَتْ مِنْهُ رِكْزاً / نَصَبَتْ مِنْ مُؤلّلاتٍ دِقَاق
وتراهَا حُمْرَ السّنابِكِ مِمّا / وطِئَتْ في الجماجِمِ الأفلاق
اللّواتي مَرَقْنَ من أضْلُعِ النّصْ / رِ لهُ أسهُماً على المُرّاق
أنْتَ أصْفَيْتَهُنَّ حُبَّ سُليما / نَ قديماً للصّافناتِ العِتاقِ
لو رأى ما رأيتَ منْها إلى أنْ / تَتَوارى شمسٌ بسِجْفِ الغَساق
لم يَقُلْ رُدَّهَا عليَّ ولا يَطْ / فَقُ مَسْحاً بالسُّوقِ والأعْنَاق