المجموع : 7
يا ابنتي الشَمس آذنت بالشروقِ
يا ابنتي الشَمس آذنت بالشروقِ / فايقظي من هَذا الرقاد العَميقِ
يا ابنتي يا ابنتي صديقتك الشم / سُ اِستَفاقَت من نومها فاِستَفيقي
وَالعَصافير يا ابنتي تتغنّى / للضحى فوق كل غصن رَشيق
والأزاهير للعصافير ترنو / باسمات عَن لؤلؤ وَعَقيق
وَمياه العيون تمشي الهوَينا / فوق ظل تحت الغصون رَقيق
وَعَلى الماء يا ابنتي ورقات / هي ما بين عائم وَغَريق
لَيسَ في الروض غير قلب خفوق / لأمانيّهِ ووجه طَليق
كنت مثل الهزار أَشدو بشعري
كنت مثل الهزار أَشدو بشعري / كل يوم في نبعة ذات ساق
ولقد كنت قد بنيت بجهد / لي عشاً في مجمع الأوراق
فأحال الغربان تهدم منه / ما بنته يدي بلا إشفاق
رخص الشعر في بلاد قد اِنحط / طت كما قد غلا بقطرٍ راقي
رب شعر أَنفقته في سبيل ال / حق حتى أَضر بي إنفاقي
لست بالشعر أَبتَغي لي كسباً / أَو أَداوي يوماً به إملاقي
أَيُّها الشعر أَنتَ لست متاعاً / يُشتَرى أَو يباع في الأسواق
عانَقَتني لَيلى لوشك الفراقِ
عانَقَتني لَيلى لوشك الفراقِ / فَتلاقَت دموعنا في العناقِ
في أصيل للشمل فيه شتات / لدواع وللدموع تلاقي
لَو يصح التَشبيه قلت دموعي / يتبادرن مثل خيل السباق
لَم أَكُن قد عشقت وحديَ لَيلى / إن لَيلى كثيرة العشاق
غير أني أحس في القلب مني / بهواها كمثل نار حُراق
وَلَقَد تنظرون صورة لَيلى / كخيال في دَمعي الرقراق
كلنا مشتاق إليها ولكن / لا تضاهي أَشواقكم أَشواقي
كلكم قد فزتم برحمة لَيلى / غير أني منيت بالإخفاق
تَعتَري جسمي هزة حين تبدو / أو تلاقي أَحداقها أَحداقي
أَنت يا لَيلى كل ما أَتمنا / ه لِنَفسي أيام عمري الباقي
كنت بي برة وكان وثوق / ليَ بالعهد منك والميثاق
لي على حبي للعراق شهود / من دموعي وَقَلبي الخفاق
ربطتني أواصر محكمات / ببلادي ولن أحل وثاقي
ليس بي ما يريب عند بكائي / غير أني مفارق لرفاقي
إن حبي لمن أفارق فيها / يَتَجلى في دَمعيَ المهراق
لَيسَ لي من بعد العراق مقر / غير مصر ومصر أخت العراق
في رحيلي عن العراق إلى مص / ر مصابي معادل لاشتياقي
الوداع الوداع يا أهل ودي / فأَرى أن قد حان وقت الفراق
لست أَدري أراجع أنا يوماً / أم لحتفي قبل الرجوع ملاقي
طالَ لَيلي وَطالَ فيه شَقائي / واختلافي مع الأسى واتفاقي
كانَ ضغط الدجى عليه شديداً / فأتى الصبح مؤذناً بانفلاق
سوف تنسونني وتنسون عهدي / وتجف الدموع في الآماق
وَلَقَد تسمعون من مصر صوتي / في قصيد تذيع في الآفاق
لَيسَ صوت من الأعالي سيأتي / مثل صوت يأتي من الأعماق
إن أعدائي في العراق كثير / كلهم فيه آخذ بخناقي
سأولي ربوع بغداد ظهري / تاركاً خيرها لأهل النفاق
أزهقوا روح الحق فيما أتوه / أي نفع لهم من الإزهاق
ومن الصعب أن أداريَ ناساً / قد تنافي أخلاقهم أخلاقي
أصلح اللَه ثلة شتموني / وأطالوا في موطني إرهاقي
إنني قد صفحت عنهم فَلا أح / مل حقداً لهم على الإطلاق
لَيسَ قصدي مِمّا ذكرت عتاباً / غير أني أوردته في السياق
قد رحلنا عن العراق جميعاً / أنا والشعر والهوى باتفاق
حسُن الشعر في السفار رفيقاً / زاكي الأصل طيب الأعراق
حبذا الشعر يسلم اللفظ من حش / وٍ به والمعنى من الإغراق
يشبه المعنى الساقط اللفظ خوداً / رفلت في ثوب لها اخلاق
إنما أكثر القريض سيفنى / وَقَليل منه على الدهر باقي
كثرت أنجم السماء ولكن / لا تساوي لناظر في ائتلاق
كنت مثل الهزار أشدو بشعري / كل يوم في نبعة ذات ساق
وَلَقَد كنت قد بنيت بجهد / ليَ عشاً في مجمع الأوراق
فأَحال الغربان تهدم منه / ما بنته يدي بلا إشفاق
رخص الشعر في بلاد قد انحط / طت كما قد غلا بقطرٍ راقي
رب شعر أنفقته في سبيل ال / حق حتى أضرَّ بي إنفاقي
لست بالشعر أَبتَغي لي كسباً / أَو أداوي يوماً به إملاقي
أَيُّها الشعر أَنت لست متاعاً / يُشتَرى أَو يباع في الأسواق
بالذي شاع بينهم
بالذي شاع بينهم / من حديث الخوارق
إن تكن أنت واثقاً / فأنا غير واثق
أسأل العقل وحده / أنا بالعقل واثق
هل لما ليس ينتهي / عمرك اللَه خالق
سبحوا أمس للمؤثر / واليوم للأثر
إنهم يضربون في / كل يوم على وتر
أيها الكفر أنت لي / قبل خلقي مقدر
فسواء أردت أم / لم أرد سوف أكفر
إنما فكرة / من الجهل تنجم
عبد الناس في / معابدهم ما توهموا
لما حبا الناس / من قبل يسلب
وعلى من أتوا هنا / لك ما يشاء يغضب
يقول ما / قاله ثم يخرس
وعلى العرش بعدما / خلق الكون يجلس
افتحوا للفتى الهضيم الطريقا
افتحوا للفتى الهضيم الطريقا / فلقد جاء يزبئر حنيقا
رافعا راية التمرد تهفو / حاملا من يراعه منجنيقا
لا يبالي من بعد ادراكه المثا / ر ألاقي سلامة ام زهوقها
شاعر ان غاظوه كان قسيا / واذا ما والوه كان رفيقا
ذاك حر يأبى القبول لضيم / واثقا في صراعه ان يفوقا
شبه اعصار اينما مر ابقى / خلفه في طول الطريق حريقا
يكسر الهام بالحجارة حتى / يتشفى من غاصبيه مذيقا
جاء يعدو ليسترد بما او / تى من قوة الجنان الحقوقا
رب شعب يشق ان الجأ الامر / الى السلم بالحراب الطريقا
عاهدوه على الوفاء فما كا / ن هناك العهد البريم وثيقا
قل لابناء يعرب ان في القبر / اباكم يذم هذا العقوقا
انا لا اخشى الناكثين وان كا / ن فريق منهم يشد فريقا
ما بذى بال ان رأيت بعيني / ضفدعا او سمعت منه نقيقا
ضفدعا لولا ماله من نقيق / ما تظنيت كونه مخلوقا
رب غر اذا علا اكمة ظنّ / غرروا ان صافح العيوقا
ايها القوم الراكضون بليل / حاذروا ان تصادفوا ازليقا
سيلاقى البغاة يوما ثقيلا / فيه لا ينفع الصديق الصديقا
ما يزال الهضيم يشهق يأساً / ثم لا يشبه الشهيق الشهيقا
ولقد يرسل اللحاظ فلا يبصر / في مطلع الرجاء بريقا
ان هذا الدوح المجرد من او / راقه كان قبل حين وريقا
ايها الدائسون بالرجل حقى / ليس حقي بان يداس حقيقا
يحزن العندليب ان يجد الجو / جميلا ولا يكون طليقا
اطلقوه في جو رض انيق / انه يهوى فوقه التحليقا
اخذت آمالي تضيع واخشى / انني لا أرى لها تحقيقها
قد طلبت الفرار من فتنة تة / شك بالقوم نارها ان تحيقا
ولقد شبّت ثم لم تخب حتى / خفت ان تملأ الفضاء حريقا
ولعل الارض التي هي عطشى / اصبحت ريا من دم اهريقا
قل لمن احفظته زندقة لي / سيدي انت لا تكن زنديقا
ذاك امر له مساس بنفسي / فمن الحمق انكوتن حنيقا
ان من اوجد الطبيعة لا يخرقها / لو فكرت فيه عميقا
والذي يجهل الطبيعة جهلا / راسخاً يحسب الرشاد مروقا
وهو العلم لا يقول بما لم / تأت فيه العيون فحصا دقيقا
وهو العلم شك في حس ميت / مزقته ايدي البلى تمزيقا
لا تكن في الحياة مختلف اللو / ن كذوبا ان لم تكن صديقا
انني مؤمن على الشك مني / ومن اللَه اطلب التوفيقا
ربما ماتت الدهاة وابقت / اثراً بعد موتها مرموقا
واذا الشمس زايلت تركت من / شفق خلفها شعاعا رقيقا
ان بحرا لا تبتغي فيه خوضا / ليس في ضير ان يكون عميقا
واخال الزمان حبلا طويلا / ستراني يوما به مشنوقا
سجل الدهر في كتاب لديه / نسباً لي في الهالكين عريقا
ليس غير القوي ممن يعيشون / على الارض بالبقاء خليقا
حيثما التفت أشاهد بعيني / ساحقا في الحياة او مسحوقا
واذا نمت في قرارة رمسي / فمن الخير الجمّ ان لا افيقا
انما القبر ان ترد عزلة كا / ن على قربه مكانا سحيقا
واذا كان الدهر ذا دوران / لم تكن سابقا ولا مسبوقا
ان ناموس الدور اشمل نامو / س وان لم يرق هناك فريقا
حبذا جنة ستشرب فيها / لبناً طاب طعمه ورحيقا
وهناك الحور الحسان يقعقعن / حواليك الكأس والابريقا
سوف تحسو من كف حوراء كأساً / قد صفت قبل مسها الراووقا
لا تكن ماقتا لخمر تسلى / من هموم الحياة حتى تذوقا
انت كالطفل تسمع الشيء ممن / جهلوه فتكثر التصديقا
انني لا التذّ الا بدنيا / ي وان لم اكن بها مرزوقا
واذا ما رأت عيوني سحابا / قد تدلى فلست اخشى البروقا
واذا اليأس كظ نفسي فضاقت / منه فرّجت بالخيال الضيقا
جمع الليل طيف ليلي وعيني / مبديا مشهدا شجيا انيقا
قلت للطيف قد اتيت على الرحب / فلا زلت بالرضى مرموقا
ثم قبلته ثلاثا وسبعا / ثم طوقت جيده تطويقا
وتعانقنا ساعة وبكينا / في تشاك يهز منا العروقا
فقدت مصر فهي سكرى المآقي
فقدت مصر فهي سكرى المآقي / كوكبا في سمائها ذا ائتلاق
كوكبا كان يرسل الشعر نورا / ثم يرمي به على الآفاق
خر من جوه الرفيع صريعا / لا السنى يحميه ولا الشعر واق
ايها الكوكب انطفأت بليل / بغتة بعد ذلك الاشراق
ايها الليل هل وراءك صبح / مؤذن بعد ريثه بانفلاق
فجعت مصر بابنها البر شوقي / فهي ثكلى كثيرة التشهاق
صب يشوي على العراق شواظا / رزء مصر ومصر اخت العراق
كان روض وكان زهر وصدا / ح فما منها اليوم شيء باق
ايها الروض انك اليوم اورا / ق تهاوى سفعاً على اوراق
يوم صاح النعي قلت له تباً فما / هذا منك غير اختلاق
ثم لما ادل اطرقت حتى / مل شمس النهار من اطراقي
فلقد كنا شاعرين على ما / بيننا من تفاوت الاذواق
ايها الموت مالنا منك بد / كلنا هالك وانت الباقي
ايها الموت انت آخر سهم / من سهام لها الحياة تلاقى
ايها الموت قد خطفت كذئب / واحدا بعد واحد من رفاقي
ذهبوا مكرهين من غير عود / وقريب بالذاهبين لحاقي
انت كف القضاء تضرب من شا / ء وسيف القضاء في الاعناق
غلت بالامس حافظا وبشوقي / اليوم انشبت الظفر للالحاق
احتججنا لما عصفت بشوقي / انا والشعر والهوى باتفاق
بعد شوقي يا لهف نفسي عليه / اخفق الشعر ايما اخفاق
لا ترى اليوم منه الا رمادا / بعد نار من الشعور حراق
سرت تنأى فما تركت على الاخلاق / عينا يا شاعر الاخلاق
كان هذا الذي به كنت تشدو / بعض دقات قلبك الخفاق
تلك انفاس منك تصعد حرى / وانين يأتي من الاعماق
كل ما قلته لئالئ الا / انها لا تباع في الاسواق
وسيبقى على الزمان جديدا / ادب صنته من الأخلاق
انت ما ان فارقتنا لمعاد / نتسلى به زمان الفراق
انت ما كنت بالحمام خليقاً / فيوافيك آخذاً بالخناق
ايها الراقد الكريم بقبر / لك مما في قبرك الله واق
لك قد ذابت القلوب اسى ثم جرت / ادمعاً من الآماق
كنت ترتاب في فاسمع انيني اليوم / حزنا عليك واسمع شهاقي
بابي ذاك الوجه قد بات يذوي / تحت ما للثرى من الاطباق
ليس لي ما اهدى اليك سخياً / غير شعري ودمعي المهراق
انما انت للخلود بما / ابقيت للناس من قريض راق
انت فان وخالد في زمان / انت جسم يبلى وذكر باق
انت من مصر مثل دمعة ثكلى / بين اهداب العين والحملاق
كنت إما القيت في مصر شعراً / رنّ يرغو صداه في الآفاق
تسبك المعنى البكر في خير لفظ / فبه يحلولي وخير سياق
لم تبلغ من الرسالة شيئاً / غير الهام قلبك الخفاق
كل حي فأنما هو يوما / سيلاقي من الردى ما يلاقي
كل داء فانه لاصطياد الروح منا / ضرب من الاوها
قد ابى الجسم تفارقه الرو / ح فقالت لا تخشين فراقي
انا يا جسم لا اطوف على غيرك / فيما اذا فككت وثاقي
ثم حم الفراق فافترقا بعد / وداع برح وبعد عناق
ثم راما تلاقيا واذا الموت / فراق ما بعده من تلاق
رب قبر به صدى الحياة لي / يروى من وابل غيداق
ولقد كنت في قريضك ترجو / ما لحق اهين من احقاق
نبض الشعر من فيما اليه / مصر كانت تحتاج من اشفاق
شاعراً ان تكون اول من يد / مع فيها سياسة الارهاق
فلقد كنت ذا يراع ذليق / هو امضى من السيوف الرقاق
بك كانت امارة الشعر تزهو / مذ تقلدتها بالاستحقاق
رب خيل ركضن في حلبة السبق / فخلين الدرب للسباق
لا تعب الفاظي اذا هي رثت / بعد ان كانت غضة الاوراق
رب حسناء سلمها الدهر فقرا / فبدت في ثوب لها إخلاق
ساورتني بك الرزية حتى / ضاق عما اقول فيك نطاقي
واذا قصرّ القريض فدمعي / لك يغني عنه لدى الاهراق
لم يكن ما نظمته من رثاء / لك اصفى من دمعي الرقراق
نم بعيداً في جوف قبرك عمن / يتصدى اليك بالاقلاق
وانس ايامك التي كنت فيها / تتملى الحياة في كأس ساق
انس ما قد خلفته من قصور / شاهقات توفى ومن اعلاق
انما هذا القبر آخر بيت / لك يا مالك القصور الطباق
ان اناتي في المشيب سهام / لم يكن عن قصد لها اطلاقي
فهي اثناء سيرها قد تلاقي / غرضا نازحاً وقد لا تلاقي
حسرة لي على الليالي المواضي / وتخش من الليالي البواقي
لا يذم الحياة الا فريق / ما لهم من لذاتها من خلاق
قد رضعنا منها الافاويق ايا / ماً فكانت لذيذة في المذاق
واخذنا من الرفاهة حظاً / وشربنا المنى بكأس دهاق
الشباب الشباب فهو يساوي / كل ما في الحياة من اذواق
لا اظن الارواح تقبل اسراً / بعد حرية لها وانطلاق
غير ان الدنيا وان قل منها / الوصل دنيا كثيرة العشاق
عجبي ممن قد رأى ان رأيي
عجبي ممن قد رأى ان رأيي / غير ما يرتأى فسب حنيقا
قلت لما غاظته زندقة لي / سيدي انت لا تكن زنديقا