القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 7
يا ابنتي الشَمس آذنت بالشروقِ
يا ابنتي الشَمس آذنت بالشروقِ / فايقظي من هَذا الرقاد العَميقِ
يا ابنتي يا ابنتي صديقتك الشم / سُ اِستَفاقَت من نومها فاِستَفيقي
وَالعَصافير يا ابنتي تتغنّى / للضحى فوق كل غصن رَشيق
والأزاهير للعصافير ترنو / باسمات عَن لؤلؤ وَعَقيق
وَمياه العيون تمشي الهوَينا / فوق ظل تحت الغصون رَقيق
وَعَلى الماء يا ابنتي ورقات / هي ما بين عائم وَغَريق
لَيسَ في الروض غير قلب خفوق / لأمانيّهِ ووجه طَليق
كنت مثل الهزار أَشدو بشعري
كنت مثل الهزار أَشدو بشعري / كل يوم في نبعة ذات ساق
ولقد كنت قد بنيت بجهد / لي عشاً في مجمع الأوراق
فأحال الغربان تهدم منه / ما بنته يدي بلا إشفاق
رخص الشعر في بلاد قد اِنحط / طت كما قد غلا بقطرٍ راقي
رب شعر أَنفقته في سبيل ال / حق حتى أَضر بي إنفاقي
لست بالشعر أَبتَغي لي كسباً / أَو أَداوي يوماً به إملاقي
أَيُّها الشعر أَنتَ لست متاعاً / يُشتَرى أَو يباع في الأسواق
عانَقَتني لَيلى لوشك الفراقِ
عانَقَتني لَيلى لوشك الفراقِ / فَتلاقَت دموعنا في العناقِ
في أصيل للشمل فيه شتات / لدواع وللدموع تلاقي
لَو يصح التَشبيه قلت دموعي / يتبادرن مثل خيل السباق
لَم أَكُن قد عشقت وحديَ لَيلى / إن لَيلى كثيرة العشاق
غير أني أحس في القلب مني / بهواها كمثل نار حُراق
وَلَقَد تنظرون صورة لَيلى / كخيال في دَمعي الرقراق
كلنا مشتاق إليها ولكن / لا تضاهي أَشواقكم أَشواقي
كلكم قد فزتم برحمة لَيلى / غير أني منيت بالإخفاق
تَعتَري جسمي هزة حين تبدو / أو تلاقي أَحداقها أَحداقي
أَنت يا لَيلى كل ما أَتمنا / ه لِنَفسي أيام عمري الباقي
كنت بي برة وكان وثوق / ليَ بالعهد منك والميثاق
لي على حبي للعراق شهود / من دموعي وَقَلبي الخفاق
ربطتني أواصر محكمات / ببلادي ولن أحل وثاقي
ليس بي ما يريب عند بكائي / غير أني مفارق لرفاقي
إن حبي لمن أفارق فيها / يَتَجلى في دَمعيَ المهراق
لَيسَ لي من بعد العراق مقر / غير مصر ومصر أخت العراق
في رحيلي عن العراق إلى مص / ر مصابي معادل لاشتياقي
الوداع الوداع يا أهل ودي / فأَرى أن قد حان وقت الفراق
لست أَدري أراجع أنا يوماً / أم لحتفي قبل الرجوع ملاقي
طالَ لَيلي وَطالَ فيه شَقائي / واختلافي مع الأسى واتفاقي
كانَ ضغط الدجى عليه شديداً / فأتى الصبح مؤذناً بانفلاق
سوف تنسونني وتنسون عهدي / وتجف الدموع في الآماق
وَلَقَد تسمعون من مصر صوتي / في قصيد تذيع في الآفاق
لَيسَ صوت من الأعالي سيأتي / مثل صوت يأتي من الأعماق
إن أعدائي في العراق كثير / كلهم فيه آخذ بخناقي
سأولي ربوع بغداد ظهري / تاركاً خيرها لأهل النفاق
أزهقوا روح الحق فيما أتوه / أي نفع لهم من الإزهاق
ومن الصعب أن أداريَ ناساً / قد تنافي أخلاقهم أخلاقي
أصلح اللَه ثلة شتموني / وأطالوا في موطني إرهاقي
إنني قد صفحت عنهم فَلا أح / مل حقداً لهم على الإطلاق
لَيسَ قصدي مِمّا ذكرت عتاباً / غير أني أوردته في السياق
قد رحلنا عن العراق جميعاً / أنا والشعر والهوى باتفاق
حسُن الشعر في السفار رفيقاً / زاكي الأصل طيب الأعراق
حبذا الشعر يسلم اللفظ من حش / وٍ به والمعنى من الإغراق
يشبه المعنى الساقط اللفظ خوداً / رفلت في ثوب لها اخلاق
إنما أكثر القريض سيفنى / وَقَليل منه على الدهر باقي
كثرت أنجم السماء ولكن / لا تساوي لناظر في ائتلاق
كنت مثل الهزار أشدو بشعري / كل يوم في نبعة ذات ساق
وَلَقَد كنت قد بنيت بجهد / ليَ عشاً في مجمع الأوراق
فأَحال الغربان تهدم منه / ما بنته يدي بلا إشفاق
رخص الشعر في بلاد قد انحط / طت كما قد غلا بقطرٍ راقي
رب شعر أنفقته في سبيل ال / حق حتى أضرَّ بي إنفاقي
لست بالشعر أَبتَغي لي كسباً / أَو أداوي يوماً به إملاقي
أَيُّها الشعر أَنت لست متاعاً / يُشتَرى أَو يباع في الأسواق
بالذي شاع بينهم
بالذي شاع بينهم / من حديث الخوارق
إن تكن أنت واثقاً / فأنا غير واثق
أسأل العقل وحده / أنا بالعقل واثق
هل لما ليس ينتهي / عمرك اللَه خالق
سبحوا أمس للمؤثر / واليوم للأثر
إنهم يضربون في / كل يوم على وتر
أيها الكفر أنت لي / قبل خلقي مقدر
فسواء أردت أم / لم أرد سوف أكفر
إنما فكرة / من الجهل تنجم
عبد الناس في / معابدهم ما توهموا
لما حبا الناس / من قبل يسلب
وعلى من أتوا هنا / لك ما يشاء يغضب
يقول ما / قاله ثم يخرس
وعلى العرش بعدما / خلق الكون يجلس
افتحوا للفتى الهضيم الطريقا
افتحوا للفتى الهضيم الطريقا / فلقد جاء يزبئر حنيقا
رافعا راية التمرد تهفو / حاملا من يراعه منجنيقا
لا يبالي من بعد ادراكه المثا / ر ألاقي سلامة ام زهوقها
شاعر ان غاظوه كان قسيا / واذا ما والوه كان رفيقا
ذاك حر يأبى القبول لضيم / واثقا في صراعه ان يفوقا
شبه اعصار اينما مر ابقى / خلفه في طول الطريق حريقا
يكسر الهام بالحجارة حتى / يتشفى من غاصبيه مذيقا
جاء يعدو ليسترد بما او / تى من قوة الجنان الحقوقا
رب شعب يشق ان الجأ الامر / الى السلم بالحراب الطريقا
عاهدوه على الوفاء فما كا / ن هناك العهد البريم وثيقا
قل لابناء يعرب ان في القبر / اباكم يذم هذا العقوقا
انا لا اخشى الناكثين وان كا / ن فريق منهم يشد فريقا
ما بذى بال ان رأيت بعيني / ضفدعا او سمعت منه نقيقا
ضفدعا لولا ماله من نقيق / ما تظنيت كونه مخلوقا
رب غر اذا علا اكمة ظنّ / غرروا ان صافح العيوقا
ايها القوم الراكضون بليل / حاذروا ان تصادفوا ازليقا
سيلاقى البغاة يوما ثقيلا / فيه لا ينفع الصديق الصديقا
ما يزال الهضيم يشهق يأساً / ثم لا يشبه الشهيق الشهيقا
ولقد يرسل اللحاظ فلا يبصر / في مطلع الرجاء بريقا
ان هذا الدوح المجرد من او / راقه كان قبل حين وريقا
ايها الدائسون بالرجل حقى / ليس حقي بان يداس حقيقا
يحزن العندليب ان يجد الجو / جميلا ولا يكون طليقا
اطلقوه في جو رض انيق / انه يهوى فوقه التحليقا
اخذت آمالي تضيع واخشى / انني لا أرى لها تحقيقها
قد طلبت الفرار من فتنة تة / شك بالقوم نارها ان تحيقا
ولقد شبّت ثم لم تخب حتى / خفت ان تملأ الفضاء حريقا
ولعل الارض التي هي عطشى / اصبحت ريا من دم اهريقا
قل لمن احفظته زندقة لي / سيدي انت لا تكن زنديقا
ذاك امر له مساس بنفسي / فمن الحمق انكوتن حنيقا
ان من اوجد الطبيعة لا يخرقها / لو فكرت فيه عميقا
والذي يجهل الطبيعة جهلا / راسخاً يحسب الرشاد مروقا
وهو العلم لا يقول بما لم / تأت فيه العيون فحصا دقيقا
وهو العلم شك في حس ميت / مزقته ايدي البلى تمزيقا
لا تكن في الحياة مختلف اللو / ن كذوبا ان لم تكن صديقا
انني مؤمن على الشك مني / ومن اللَه اطلب التوفيقا
ربما ماتت الدهاة وابقت / اثراً بعد موتها مرموقا
واذا الشمس زايلت تركت من / شفق خلفها شعاعا رقيقا
ان بحرا لا تبتغي فيه خوضا / ليس في ضير ان يكون عميقا
واخال الزمان حبلا طويلا / ستراني يوما به مشنوقا
سجل الدهر في كتاب لديه / نسباً لي في الهالكين عريقا
ليس غير القوي ممن يعيشون / على الارض بالبقاء خليقا
حيثما التفت أشاهد بعيني / ساحقا في الحياة او مسحوقا
واذا نمت في قرارة رمسي / فمن الخير الجمّ ان لا افيقا
انما القبر ان ترد عزلة كا / ن على قربه مكانا سحيقا
واذا كان الدهر ذا دوران / لم تكن سابقا ولا مسبوقا
ان ناموس الدور اشمل نامو / س وان لم يرق هناك فريقا
حبذا جنة ستشرب فيها / لبناً طاب طعمه ورحيقا
وهناك الحور الحسان يقعقعن / حواليك الكأس والابريقا
سوف تحسو من كف حوراء كأساً / قد صفت قبل مسها الراووقا
لا تكن ماقتا لخمر تسلى / من هموم الحياة حتى تذوقا
انت كالطفل تسمع الشيء ممن / جهلوه فتكثر التصديقا
انني لا التذّ الا بدنيا / ي وان لم اكن بها مرزوقا
واذا ما رأت عيوني سحابا / قد تدلى فلست اخشى البروقا
واذا اليأس كظ نفسي فضاقت / منه فرّجت بالخيال الضيقا
جمع الليل طيف ليلي وعيني / مبديا مشهدا شجيا انيقا
قلت للطيف قد اتيت على الرحب / فلا زلت بالرضى مرموقا
ثم قبلته ثلاثا وسبعا / ثم طوقت جيده تطويقا
وتعانقنا ساعة وبكينا / في تشاك يهز منا العروقا
فقدت مصر فهي سكرى المآقي
فقدت مصر فهي سكرى المآقي / كوكبا في سمائها ذا ائتلاق
كوكبا كان يرسل الشعر نورا / ثم يرمي به على الآفاق
خر من جوه الرفيع صريعا / لا السنى يحميه ولا الشعر واق
ايها الكوكب انطفأت بليل / بغتة بعد ذلك الاشراق
ايها الليل هل وراءك صبح / مؤذن بعد ريثه بانفلاق
فجعت مصر بابنها البر شوقي / فهي ثكلى كثيرة التشهاق
صب يشوي على العراق شواظا / رزء مصر ومصر اخت العراق
كان روض وكان زهر وصدا / ح فما منها اليوم شيء باق
ايها الروض انك اليوم اورا / ق تهاوى سفعاً على اوراق
يوم صاح النعي قلت له تباً فما / هذا منك غير اختلاق
ثم لما ادل اطرقت حتى / مل شمس النهار من اطراقي
فلقد كنا شاعرين على ما / بيننا من تفاوت الاذواق
ايها الموت مالنا منك بد / كلنا هالك وانت الباقي
ايها الموت انت آخر سهم / من سهام لها الحياة تلاقى
ايها الموت قد خطفت كذئب / واحدا بعد واحد من رفاقي
ذهبوا مكرهين من غير عود / وقريب بالذاهبين لحاقي
انت كف القضاء تضرب من شا / ء وسيف القضاء في الاعناق
غلت بالامس حافظا وبشوقي / اليوم انشبت الظفر للالحاق
احتججنا لما عصفت بشوقي / انا والشعر والهوى باتفاق
بعد شوقي يا لهف نفسي عليه / اخفق الشعر ايما اخفاق
لا ترى اليوم منه الا رمادا / بعد نار من الشعور حراق
سرت تنأى فما تركت على الاخلاق / عينا يا شاعر الاخلاق
كان هذا الذي به كنت تشدو / بعض دقات قلبك الخفاق
تلك انفاس منك تصعد حرى / وانين يأتي من الاعماق
كل ما قلته لئالئ الا / انها لا تباع في الاسواق
وسيبقى على الزمان جديدا / ادب صنته من الأخلاق
انت ما ان فارقتنا لمعاد / نتسلى به زمان الفراق
انت ما كنت بالحمام خليقاً / فيوافيك آخذاً بالخناق
ايها الراقد الكريم بقبر / لك مما في قبرك الله واق
لك قد ذابت القلوب اسى ثم جرت / ادمعاً من الآماق
كنت ترتاب في فاسمع انيني اليوم / حزنا عليك واسمع شهاقي
بابي ذاك الوجه قد بات يذوي / تحت ما للثرى من الاطباق
ليس لي ما اهدى اليك سخياً / غير شعري ودمعي المهراق
انما انت للخلود بما / ابقيت للناس من قريض راق
انت فان وخالد في زمان / انت جسم يبلى وذكر باق
انت من مصر مثل دمعة ثكلى / بين اهداب العين والحملاق
كنت إما القيت في مصر شعراً / رنّ يرغو صداه في الآفاق
تسبك المعنى البكر في خير لفظ / فبه يحلولي وخير سياق
لم تبلغ من الرسالة شيئاً / غير الهام قلبك الخفاق
كل حي فأنما هو يوما / سيلاقي من الردى ما يلاقي
كل داء فانه لاصطياد الروح منا / ضرب من الاوها
قد ابى الجسم تفارقه الرو / ح فقالت لا تخشين فراقي
انا يا جسم لا اطوف على غيرك / فيما اذا فككت وثاقي
ثم حم الفراق فافترقا بعد / وداع برح وبعد عناق
ثم راما تلاقيا واذا الموت / فراق ما بعده من تلاق
رب قبر به صدى الحياة لي / يروى من وابل غيداق
ولقد كنت في قريضك ترجو / ما لحق اهين من احقاق
نبض الشعر من فيما اليه / مصر كانت تحتاج من اشفاق
شاعراً ان تكون اول من يد / مع فيها سياسة الارهاق
فلقد كنت ذا يراع ذليق / هو امضى من السيوف الرقاق
بك كانت امارة الشعر تزهو / مذ تقلدتها بالاستحقاق
رب خيل ركضن في حلبة السبق / فخلين الدرب للسباق
لا تعب الفاظي اذا هي رثت / بعد ان كانت غضة الاوراق
رب حسناء سلمها الدهر فقرا / فبدت في ثوب لها إخلاق
ساورتني بك الرزية حتى / ضاق عما اقول فيك نطاقي
واذا قصرّ القريض فدمعي / لك يغني عنه لدى الاهراق
لم يكن ما نظمته من رثاء / لك اصفى من دمعي الرقراق
نم بعيداً في جوف قبرك عمن / يتصدى اليك بالاقلاق
وانس ايامك التي كنت فيها / تتملى الحياة في كأس ساق
انس ما قد خلفته من قصور / شاهقات توفى ومن اعلاق
انما هذا القبر آخر بيت / لك يا مالك القصور الطباق
ان اناتي في المشيب سهام / لم يكن عن قصد لها اطلاقي
فهي اثناء سيرها قد تلاقي / غرضا نازحاً وقد لا تلاقي
حسرة لي على الليالي المواضي / وتخش من الليالي البواقي
لا يذم الحياة الا فريق / ما لهم من لذاتها من خلاق
قد رضعنا منها الافاويق ايا / ماً فكانت لذيذة في المذاق
واخذنا من الرفاهة حظاً / وشربنا المنى بكأس دهاق
الشباب الشباب فهو يساوي / كل ما في الحياة من اذواق
لا اظن الارواح تقبل اسراً / بعد حرية لها وانطلاق
غير ان الدنيا وان قل منها / الوصل دنيا كثيرة العشاق
عجبي ممن قد رأى ان رأيي
عجبي ممن قد رأى ان رأيي / غير ما يرتأى فسب حنيقا
قلت لما غاظته زندقة لي / سيدي انت لا تكن زنديقا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025