المجموع : 9
كلمتني من كل عقل وحسِّ
كلمتني من كل عقل وحسِّ / ودعتني من كل نوع وجنسِ
هي عندي مكشوفة كشف عين / وهي عندي محجوبة حجب لبس
وجهها مشرق بغير غروب / وأنا اليوم في الغروب وأمس
أيها المَيْتُ من ضلالة جهل / أنت بالجسم ضمن قبر ورمس
فإلى كم ترى نجوم البرايا / هات قل لي متى ترى ضوء شمسي
ومتى تنجلي كؤوسك صرفاً / من يد البدر في أصابع خمس
هذه النفس كالسفينة تجري / لو تأملت منك في بحر طمس
فاقتلع لوحها بعزمك واغرق / يغسل الماء منك آثار رجس
وجه حق تعنو الوجوه إليه / إن تبدّى لم تستمع غير همس
كن لمن يدعي الصلاح محبّاً
كن لمن يدعي الصلاح محبّاً / واحترم منه خرقة الأكياسِ
واترك الشك والتردد فيه / وابن أمراً على أتم أساس
وتمسك بما ادعاه ودع عن / ك احتمالاً يلقيك في الأرجاس
وتيقن أن الصلاح بحار / زاخرات والله ما شاء كاسي
وقل الصدق منه يرجع والكذ / ب إلى نفسه بغير التباس
لا إلى من يحب وصف صلاح / لاح للعقل منه أو للحواس
واخز شيطانك اللعين عدو ال / لَه فيه وفيك بالوسواس
وتحقق بأنه لا يُضِيعُ ال / لَه هذا على امرئٍ فيه راسي
وتأمل في كلب أصحاب كهف / وهو كلب باق من الأنجاس
كيف بالإعتقاد نال المزايا / دون كل الكلاب والإتياس
تبع القومَ جاهلاً بالذي هم / فيه حباً ولم يخف من باس
فرأى الله منه ذلك خيراً / فحباه من نورهم باقتباس
قرن الله ذكره معهم في / محكم الذكر لا بحكم قياس
وهو أيضا يوم القيامة في الجن / نة معهم معطر الأنفاس
فاخدم الصالحين واثبت على ما / أنت فيه من حبهم باحتراس
واغرس الخير في المساكين تحصد / يوم حشر الورى ثمار الغراس
واترك المنكرين تعساً لهم من / عصبة للفساد بين الناس
سمع السمع وهو في الإلتباسِ
سمع السمع وهو في الإلتباسِ / وتناسى سماعه في الناسِ
سوف قد سوفت إليها قلوباً / قلبتها زخارف الوسواس
ولسين السماء ماء مضاف / لحياة النفوس بالأنفاس
هي حرف لها انحراف المعاني / وحشة أدمجت مع الإيناس
سطعت في الورى نجوم هداها / فتراءت لراسخ القلب راسي
وهي ملء العيون حيث تبدت / تتجلى وملء باقي الحواس
وبها هذه وتلك استقامت / فهي فيها تضيء كالنبراس
عالم النطق عالم الأنفاسِ
عالم النطق عالم الأنفاسِ / خمر معنى واللفظ مثل الكأسِ
سنة الله في الذين مضوا إن / عرفوه به لطمس الحواس
هذه هذه الحقيقة لا ما / تجتنيه العقول بالإفتراس
سبقتنا أئمة الحق قوم / رسخوا فيه كالجبال الرواسي
فشربنا من سؤرهم وارتوينا / وشممنا منهم شذا الأنفاس
سادة الدين بالشريعة قاموا / لا بفهمٍ فيها ولا بقياس
بل بمولاهمُ المهيمن فيهم / عبدوه كشفاً بغير التباس
إذ هو الحي والعوالم موتى / يدّعون الحياة بالوسواس
وهو محض الوجود والكل فان / فيه طراً من فرعه للأساس
وإذا كنت أنت والكل لا شي / ء فقل لي من أنت يا ابن الناس
أنت تقديره وتصويره في / علمه سابقاً وما هو ناسي
ثم لما تكلم الحق عن عل / م تبينت بالكلام المواسي
وهو حق والعلم حق وفيه / كل هذا الترتيب في الأجناس
وكذاك الكلام حق وعنه / أنت باد ونوره لك كاسي
فإذا قال كن تكن بوجود / هو قول الحق الشديد الباس
ما تغيرت أنت عن عدم في / علمه بل ما زلت في الإنطماس
لا ولا الحق قد تغير عما / هو فيه بما لديك يواسي
عدم ظاهر بنور وجود / ووجود بغيره في التباس
اغسلوا بي نجاسة الوسواس
اغسلوا بي نجاسة الوسواس / عن قلوب لكم بها الجهل راسي
يا صحابي فإنني ماء قدس / نازل من حظائر الأقداس
وانشقوا عرف روضتي فعساكم / أن تشموا منها شذا أنفاسي
واسبحوا في مياه بحر علومي / واكشفوا بي ستائر الإلتباس
وادخلوا حانتي معي واشربوا من / خمرتي واسكروا بفضلة كاسي
وانزعوا حلة التكبّر عنكم / وابدلوا ذا الإيحاش بالإيناس
إن لله في الغيوب قلوباً / أثمرت حبه بطيب غراس
دخلت دير عشقه فاستقلت / لا إلى راهب ولا شماس
حفظتها من المهيمن عين / ثم أغنت عن سائر الحراس
ولتلك القلوب أجسام نور / أشرقت بن ظلمة الأجناس
تحت أثوابها ضراغم غاب / ألفت في الهوى ظباء كناس
يا نداماي لا عليكم إذا ما / جذبتكم حرارتي من باس
أنا شعشاع نوركم فاعشقوني / لا تحولوا عن شرب كاسي وطاسي
انفضوا عن وجوهكم نقع كون / وامسحوا في العيون كحل النعاس
لا تقولوا بفرد عرش وكرسي / كم عروش لربنا وكراسي
واسألوا القلب عن معارف روح / واسألوا الجسم عن علوم الحواس
رب ناس رأيتهم ورأوني / وإذا فتشوا فليسوا بناس
كل وقت قلوبهم في انقلاب / أسرتهم خواطر الوسواس
يزنون الرجال بالوزن جهلاً / ويقيسون في الورى بالقياس
قطعوا عمرهم بقال وقيل / وهو أقوى علامة الإفلاس
هم كُسالى وإن دعتهم دواعي / حظ نفس كانوا من الأكياس
أطلق الكاس بعد طول احتباسِ
أطلق الكاس بعد طول احتباسِ / واسقنيها ما بين ورد وآسِ
خمرة كاسها ألستُ قديماً / وحديثا عقلي وكل حواسي
شرب الكوب فهو سكران منها / وتراه معربداً بالناس
يا نداماي ما على شاربيها / حيث باحوا بسرها من باس
ملأتهم فالآن تقطر منهم / بقياس لهم وغير قياس
لم تدع فضلة بهم لسواها / طهرتهم من سائر الأنجاس
فليهيموا بل فَلْتَهِمْ هي عنهم / واحرسوها يا جملة الحراس
إنهم فعلها وهم أهل شطح / وهوى لا شك ولا وسواس
سبقت قبلنا أناس إليها / غرستهم فيها أتم غراس
فتحوا باب ديرها فشممنا / نفحة المسك من فم الشماس
وسكرنا براهب الدير لما / هب منها معطر الأنفاس
وتثنت سقاتها كغصون / بعيون سبت ظباء الكناس
كل غصن من المليح أناء / هي فيه بالوهم والإلتباس
فإذا قال أو رنا أو تثنّى / منه ذابت عروشها والكراسي
جل وجه يلوح من كل شيء / فيزيل المشكاة بالنبراس
عميت كل مقلة لا تراه / ظاهراً فهي مقلة الخناس
نابت عنه كل ما كان منه / مثل نبت المعنى من الإحساس
أيها اللائم الذي لام جهلاً
أيها اللائم الذي لام جهلاً / في هوى ذلك الغلام النفيسِ
مالنا والجهول يبحث عنا / بكلام واه وعقل خسيس
إن في الحسن والذكورة سراً / ليس يدريه غير ذي التقديس
عش سليماً أومت بدائك فينا / والْقَنا بابتسامٍ اَو تعبيس
أحسن الظن أو به كن مسيئاً / نحن في رفعة عن التدنيس
إن تساوى في الخلق بين مليح / وقبيح أخطأت في التقييس
قد أتاك اسجدوا لآدم فافهم / ما أتاك اسجدوا إلى إبليس
يا ذوينا وأمنا وأبينا
يا ذوينا وأمنا وأبينا / نسب الحب بيننا هو راسي
يا ذوي الإعتقاد فينا ويا من / أسسونا على أتم أساس
أحصنوا بالتقى فروج قلوب / طاهرات ممن سواكم بِفاس
من زناة لهم ذكور كلام / نطف الغي منه والوسواس
جامعوه يلقون فيه شكوكاً / تنتج الريب في أمور الناس
اسقني من مدامة القدوسِ
اسقني من مدامة القدوسِ / فهي ملء الدنان ملء الكؤوسِ
وأدرها عليَّ بين الندامى / من قيام بسكرها وجلوس
صرف راح بشربها كم أُميتتْ / من نفوس وأحييت من نفوس
بكر دنٍّ عتيقة قد أعادت / بالتدابير عهد جالينوس
قام يسعى بها المليح علينا / ذو محيَّا يفوق ضوء الشموس
فخرجنا بنشأة السكر منها / عن جميع المعقول والمحسوس
وشهدنا هنالك السر يبدو / بالتجلي من غيبه المحروس
وبه لا بنا معانيه قامت / بالإشارات في حروف الطروس
ثم لا مسجد ولا بيت نار / هو للمسلمين أو للمجوس
شمعة النور لم تزل في اشتعال / وعليها الجميع كالفانوس
وهو ستر الأشياء بالنص فانٍ / في عيون المحقق المطموس
والسوى في القيود من كل شيء / ليس ينفك أسرها والحبوس
إن بشرٍّ قد مُسَّ كان يؤوساً / وبخير إن مُسَّ غير يؤوس
قم لصافي الكؤوس وانشق شذاها / يا نديمي واستجل وجه العروس
هذه حضرة المنى والتهاني / فاغنم السعد مُذهباً للنحوس
واستمع آلة الدفوف أشارت / ببديع الترنُّم المأنوس
وتنصت لصوت نايٍ رخيم / إنما ذاك رقية المأيوس
واعشق الجنْكَ والرباب سماعاً / وتعلم كيف انحناء الرؤوس
إنما العيش بالمعازف عيش / في نظير المذوق والملموس
جنة عجللت لقوم كرام / ما بهم من خب ولا من شموس
يتثنون في رياض علوم / مزهرات بحضرة القدوس
وعليهم سرادق الغيب مدت / دائماً للحفاظ من كل بوس
فهم القوم لا سواهم وهيها / ت يقاس الرئيس بالمرؤوس