القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَعرُوف الرُّصافِيّ الكل
المجموع : 3
أدهق الدهر بالمنيّة كاسه
أدهق الدهر بالمنيّة كاسه / من قديم وطاف يسقي أناسه
كيف يرجى طول البقاء لحّيٍ / جعل الله عمره أنفاسه
تعست هذه الحياة وإن كا / نت لعمري خلابةً حسّاسه
قصّرتها يد الحوادث لكن / قد اطالت بها على الحيّ باسه
غير أن السعيد من بان عنها / وهو مستثمر بها أغراسه
والذي عاش مؤنساً وحشة النا / س ممدّاً بفضله إيناسه
مثل ذاك الشيخ الذي مذ فقدنا / ه فقدنا به النهى والكياسه
نعي الخالصي فارتجّت الأن / فس حزناً مضرّجاً بحماسه
هو ذاك المهديّ أحرز سبقاً / حين أجرى إلى الهدى أفراسه
هو ذاك الحبر الذي كان للشر / ع مقيماً دليله وقياسه
كان في الدين آية الله أفنى ال / عمر فيه رعايةً وحراسه
أفق العلم قد بد مكفهرّاً / عندما أطفا الردى نبراسه
إن بكاه الدين الحنيفي شجواً / فلأن كان ركنه وأساسه
كان ردءاً للحق مرتدي التق / وى فكانت طول الحياة لباسه
ولقد كان في العلوم إماماً / حيث فيها انتهت إليه الرياسه
أنا أبكي عليه من جهة العل / م واغضي عن خوضه في السياسه
لا لأني أراه فيها ملوماً / بل لأني أعيب فعل الساسة
ليس في هذه الهنات السياس / يات إلا ما ينجلي عن خساسه
قد أبت هذه السياسة إلاّ / أن تكون الغشّاشة الدسّاسه
وأبت أن تصافح الناس إلا / بيدٍ من خديعة فراسه
كلّما مسّت الأمور بكفٍ / لوّثتها بما بها من نجاسه
إن في هذه السياسة سهماً / جعل الله باطلاً قرطاسه
ما تعاطى غير الخداع غلاد س / تون فيها كلا ولا دلكْاسه
إن أحسّت بقوةٍ من خصيم / كانت الظبي لم يزايل كناسه
وهي إن آنست من الخصم ضعفاً / كانت الليث مبرزاً أضراسه
لو أردنا إفاضة في هجاها / لكتبنا لكم به كرّاسه
فلهذا أجلّ عنها رجالا / شغلتهم علومهم بالدراسه
رحم الله شيخنا إنه كا / ن بعيداً عمّا تريد السياسه
ليت تلك العلوم قد شغلته / عن أمور لا تشتري بنحاسه
أنتجت بعده فأوحش أرضاً / في العراقين عوّدت إيناسه
فقضى بعد نأيه عن إناس / طلبوا علمه وراموا اقتباسه
أيها القوم إن هذا لرأيي / في فقيدٍ لم تشهدوا إرماسه
فإذا كنت قد أصبت وإلا / فانبذوا ما أقوله في الكناسه
لست بالشاعر الذي يرسل اللف / ظ جزافاً لكي يصيب جناسه
أنا لا أبتغي من اللفظ إلاّ / ما جرى في سهولةٍ وسلاسه
إنما غايتي من الشعر معنىً / واضح يأمن اللبيب التباسه
أيّها الأنجم التي قد رأينا
أيّها الأنجم التي قد رأينا / عبراً في أفولها كالشموس
إن هذا الأفول كان شروقاً / في دياجير طالع منحوس
وسيأتي منه الزمان بسعد / تنجلي منه داجيات النحوس
شنقوكم ليلاً على غير مهل / ثمّ دسّوا جسومكم في الرموس
أفكانوا في ظلمة الليل تجراً / هربّوا المال من جباة المكوس
هكذا الجائف المريب يواري / فَعلة السوء منه بالتغليس
شنقوكم لأنكم قد جعلتم / علّم الجيش غير ما منكوس
شنقوكم لأنكم قد أبيتم / أن تكونوا في ربقة الأنكليس
فاستحقوا اللعن الذي كررّته / خاليات القرون في إبليس
سيديم الزمان لعناً عليهم / شائع الذكر في بطون الطروس
أيها الأنجم التي تركتنا / في أسىً من مصابها محسوس
في سبيل الأوطان متّم ففزتم / بأجلّ التحميد والتقديس
وستبقى الذكرى لكم ذات رمز / هو تعظيمكم بخفض الرءوس
وسيجري احترامكم في مجاري / شرف خالد لكم قد موس
إن يوماً به نعيتم إلينا / يوم بؤس كيوم حرب البسوس
قد حكاها طولاً وشؤماً وبغياً / وتلظّى بحرّ نار المجوس
فيه أبدت منّا الوجوه كلوحاً / في شحوبٍ وغبرةٍ وعبوس
إذ سكنّا وفي القلوب ارتجاج / مثل تيّار لجّة القاموس
وأطلنا عن الكلام سكوتاً / معرباً عن نشيجنا المهموس
ووجمنا حزناً وربّ وجوم / يتأتي من صاخبات النفوس
برئت ذمّة المروءة منّا / إن نُبسي يوم شنقكم أو تُنُوسي
سَعَروها في البحر حرباً ضروساً
سَعَروها في البحر حرباً ضروساً / تأكل المالَ نارُها والنفوسا
قرب توشيما قد تصادم أسطو / لان أردى اليابان فيه الروسا
يوم طوغو دها بأسطوله الرو / س قتالاً وكان يوماً عبوسا
فحَداها بوارجاً تملأ البح / ر وقاراً طوراً وطوراً بُوسا
كل مَخّارة إذا حَرَّكت دُفّ / اعها خضخضت به القاموسا
مذ بنَوها لهم كنيسة حرب / تخذت كل مدفع ناقوسا
عرش بلقيس في المناعة لكن / قد حكت في احتشامها بلقيسا
ألبسوها من الحديد وِشاحاً / فتهادت على العُباب عروسا
وإذا تنشر البُنود النص / رَ فيها تخالها الطاوسا
وإذا جنّها على البحر ليلٌ / أطلع الكهرباء فيها شموسا
قد أبى بأسها الشديد سوى الفُو / لاذ درعاً لجسمها ولَبُوسا
سيّروا البرق بينهنّ رسولاً / صادقاً ليس يعرِف التدليسا
فهو فيها لسان صدق يؤدّي / دون سلك كلامها المأنوسا
إنما ملكه الأثير الذي را / ح بطَيّ اهتزازه مدسوسا
جهَّزوها مدافعاً فغرت أف / واه نار قدِ اْلتَقَمْنَ الشوسا
دلعت ألسناً من النار حُمراً / ويلَ من قد غدا بها مَلحوسا
ترسل الموت في قنابلها كالشُهْ / ب ذريعاً مستأصلاً عِتْريسا
طالما بانفجارها انفلق البح / ر انفلاقاً مذكراً عهد موسى
بَثّ أسطوله فلبّسه طو / غو بأسطول خصمه تلبيسا
حيث قد أجفلت من اللجج الحي / تان تَخشى من اللهيب مسيسا
وعلا البحر مُكفَهِرَ غمام / من دخان همى ولكن بوسى
ثار طرّادهم يجيش بنسّا / فات سُفن لهم سَجرن الوطيسا
كجبال تَرى البراكينَ فيها / تقذف الموت جارفاً والنُحوسا
فأباحوهمُ هنالك قتلاً / واغتناماً نفوسَهم والنُفيسا
فسل اليَمّ كم تضمّن منهم / مُغْرَقاً في عُبابه مغموسا
هاجموه وللهياج سعير / ملأت واسع الخِضَمّ حسيسا
فكَسَوْهم من الهَوان لَبُوسا / وسَقَوْهم من المنون كؤوسا
صرعت في الوغى ليوث من اليا / بان أسطول خصمها مفروسا
فانتضَوْها عزائماً ماضيات / طأطأ الروس دونهنّ الرءوسا
وجلّوْها في الروع بيض فِعال / أقرأتهم كتب الفَخار دروسا
إن يوماً لهم تقضىَ بتوشيما لي / وم بالذكر زان الطروسا
بات طوغو يجني الأماني إذ با / ت قنوطاً عدوُّه ويَؤوسا
قائد لم يَرِدْ لظى الحرب إلاّ / مصدراً رأيه لها جاسوسا
تاه أسطوله على اليَمّ عُجباً / حين أضحى لمثله مرؤسا
إن شهماً تقلّد العقل سيفاً / لحَرِيٌ بأن يكون رئيسا
ومليكاً وَلّى عنهمُ كم سعَوا في / ه خميساً عرمرماً فخميسا
رجلاً يملأ الفضاء وخَيلاً / حملت للوغى الكماة الشُوسا
صوَّبوها بنادقاً تطلق المو / ت رصاصاً به أبادوا النفوسا
فأقاموا بها على الروس حرباً / عبدوا نارها وليسوا مجوسا
هكذا شيّدوا بناء المعالي / هكذا أحسنوا لها التأسيسا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025