أَوقَدَ البين في الخَميس خَميساً
أَوقَدَ البين في الخَميس خَميساً / لِلأَسى وَالفُؤاد فيهِ وَطيسا
لا ذكرتُ الخَميس إِذا فاجأتَني / كُنَّ فيهِ وَلَستُ أَنسى الخَميسا
إِذ تَوَلَّت جُموعُهُم عَن مَحَلٍ / حَلَّ صَبري وَهاجَ وَجداً رَسيسا
مَربَعٌ بان أَهله ثُمَّ أَضحى / مقفراً موحشاً وَكانَ أَنيسا
ثَوَّر الحزنُ عيسَ وجد مُقيم / بِفؤادي لَمّا أَثاروا العِيسا
وقطرت الدُموع إِذ قطر العيس / وَحمَّلت قطر دَمعي نُفوسا
عُدنَ مِثلَ الشَقيق في اللَون لَمّا / عادَ قَلبي لصبغةِ الهَمِّ حيسا
وَذَر الدَهر يتبع اليسرَ عُسراً / وَالهَوى بِالنَوى وَنُعماهُ بوسا
يُضحِك اليَوم ذا وَفي الغَدِ يبكيهِ / فكلاً تَرى ضَحوكاً عَبواس
هَكَذا صَرفُهُ يصرَّف في الناس / يَجرح يدوي وآخر يوسى
وَإِذا أَعقَبَ النُحوسَ سُعوداً / لِلفَتى أَتبع السُعودَ نُحوسا
وَهيَ تُعطي الخَسيس حَظاً نَفيساً / ثُمَّ تُعطي النَفيس حَظّاً خَسيسا
فَتَرى الفاضِلَ الأَديب أَخا / الفَهمِ عَلى عَظمِ قَدرِهِ مَنحوسا
دَهرُنا وَالِدٌ وَنَحنُ بَنوهُ / فاتَ في حُبِّهِ لَنا التَنفيسا
قسم الحَظَّ في بَنيهِ بِجَورٍ / فَبذا أَصبَحَ المَروسُ رَئيسا
جَعَل العلم وَالفطانة فينا / وَالنُهى وَالحِجى الجَليلَ النَفيسا
ظاهِر القَسمِ فيهِ جور وَفي / الباطِن عدل يُجانِبُ التالِيسا
فاستَعِن في الأُمورِ بِاللَهِ واصبِر / إِنَّ ذا الفَضلِ لا يَكونُ يؤوسا
وَلَقَد قلت لِلزَّمانِ مَقالاً / حينَ أَكدى وَعادَ جدباً يَبيسا
أَيُّهذا الزَمان إِن كنت صَخراً / فَبِكِلتا يَديَّ آيَة موسى
وَلَئن كنت داء كل كَريم / فَمعي من حذاقة طِبُّ عيسى
إِنَّ لي يا أَبا الحُسَين فؤاداً / فارِغاً من هَوى الوَرى مَنكوسا
وَهوَ ملآنُ مِنك وداً مُصفّى / قَد نَفى المذق عنه وَالتَدليسا
أَنتَ في المجد وَالمَعالي يَتيماً / أَبَداً مجدها عليك حَبيسا
من يناؤيكم وَأَنتم أناس / لم تَزالوا عَلى النُجومِ جُلوسا
وَإِذا ناقص أَرادَكَ بِالنَقصِ / ثَنى المجد رأيه مَنكوسا
صَغُر الناس في زَمانك وازددت / عَلاءً وَسؤدداً قُدموسا
وَأَتاك المَديح يَختال نَهزاً / وَلَقَد رمته فَكان شَموسا
هَذه مَدحة بوصفك تَعلو / كل مَدحٍ فَقَد غَدا مَطموسا
هاكها كالعَروسِ في الزَيِّ تُجلى / مِن جَمالٍ بِها تَروق العَروسا
لفظها يَترك الطُروسَ رِياضاً / وَسِوى لَفظِها يشين الطُروسا
فَتَختال البُيوت مِنها بروجاً / وَالمَعاني أَهِلَّةً وَشُموسا