القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : محمد مهدي الجواهري الكل
المجموع : 2
عَدِّ عنك الكؤوسَ قد طِبتُ نَفسا
عَدِّ عنك الكؤوسَ قد طِبتُ نَفسا / واسقِنيها مراشفاً لك لُعْسا
إن يُحسَّ الغرامَ قلبي فحقٌّ / خلق اللهُ عَبده لُيحِسّا
لست انسى عيشي وخيرُ زَمانٍ / زَمَنٌ طِيبُ عيشهِ ليسَ يُنسَى
حبذا دجلةٌ وعيشيَ رَهْوٌ / طيب الرَوحتين مغدىً وُممسْى
حينَ ايامُنا من الدهر يومٌ / فيه تُستَفرغ الكؤوس وتُحسى
يَحسَب الشَربُ أنهم علموا الغيب / وهم يخطئون ظَنّاً وَحدْسا
طاف وهناً بها علينا إلى أن / لم يكد أن يعي من القوم حِسا
عيَّ منا اللسانُ فالكل خُرْسٌ / ينقُلون الحديثَ رَمزاً وهَمسْا
رمتُ كأساً ومذ تلجلجتُ اوميت / بكفي فظنّني رُمتُ خَمسا
فأتاني بها فلمْ اعترضها / حذراً أن يكونَ مثليَ جبسا
إن ردَّ الكريم عارٌ على النَفس / وحاشاي انني صُنتُ نَفسْا
أُفرغَت كالنُضار بل هي أبهى / فعليها لم يوجب الشرعُ خُمسا
ولها في العُروقِ نبضٌ خفيٌ / مثلما يُمسك الطبيبُ المِجَسا
وكأن النديمَ لما جلاها / افقٌ يُطلِعُ المَسرَّةَ شمسا
يا نديمي أمري اليكَ فزدْني / او فدَعني فلستُ أنطقُ نَبسا
لا تقطِّبْ اني ارى الانس جِناً / وتبسَّمْ لأحسَبَ الجنَّ إنسا
ما ترى الفجرَ والدجى في امتزاج / مثل خيطَي ثوب خِلاطاً وَمسَّا
كم أرادَ الصبحُ المُتاحُ انطلاقاً / وأرادت له دَياجيه حَبْسا
ما شربنا الكؤوس الا لانّا / قد رأينا فيها لخديكَ عَكْسا
انتَ تدري حرمانَ ذي العقل في الناسِ / فزدني منها جُنوناً ومَسا
لا تُمِلها عني وفيَّ حَراكٌ / واسقنِها حتى ترانيَ يَبسا
إن عُمْراً مستلطَفاً باعه المرء / بغير الكؤوس قد بيعَ بَخْسا
أنا حِلس الطِلا ولست كشيخ / خلسَ الدينَ وهو يُحسَب حِلسا
لو يبيع الخَمّار دَيناً بدينِ / لاشتراها وباع أخراه وكسْا
ان أحلى مما يسبح هذا الحبرُ / قرْعُ النديم بالكأس جَرْسا
لا تلُم في الطِلا ولا في انتهاكي / ما أبى الله .. اذ نهى ان تُحسّا
ان نيل الحرام أشهى من الحِلِّ / وأحلى نيلاً واعذبُ كأسا
قد طويتُ الحديثَ خوفَ رقيب / يبتغى فيه مطعناً ليَدُسّا
وهجرنا الكؤوسَ لكن لعُرسٍ / هو اصفى كأساً واطيبُ أُنسا
وانتقلنا لكن لبُرج سُعود / قَرنَ الله فيه بدرْاً وشَمسا
هي جَلَّت عُرساً فزيدت بهاءً / دارةُ المجدِ إنهُ جلَّ عُرسا
طاب مُمسى سروره فليبكِّرْ / أبدَ الدهر مُصبِحاً حيث أمسى
لك عمٌّ احيا مزايا ذويه / وأرانا الجدودَ تنفُضُ رمْسا
لا تلمه ان هزَّ للشعر عِطفاً / إنّ فيه من دوحة المجدِ رِسّا
هو اصفَى من اللُجينِ وأوفى / في المعالي من الهضاب وأرسَى
وهو إن ينتسِبْ فمن أهل بيت / اذهبَ الله عنه عاراً ورِجسا
بيت مجدٍ كالبحر طامٍ ولكن / أنت فيه أبا الضيائينِ مَرْسى
يا بنَ بنتٍ البيت الذي كان نَجماً / لكَ سعداً وفي أعاديك نَحسا
لستُ انسى مدحَ الجواد ومن كان / من المدح فرضُه كيف يُنسى
مستفيضُ الندى وكم من يَمينٍ / صخرةٌ زلقَة الجوانب مَلسا
حَيَّرت مادحيكَ رقهُ طبعٍ / تَحلِفُ الخمرُ أنها منه أقسى
قد بلونا سجليكَ قبضاً وبسطا / وخَبَرنا دَهرَيك نُعمى وبُؤسى
فوجدناكَ في الجميع رضيّاً / وحميداً مصَّبحاً ومُمَسَّى
وهززنا في الأريحية غُصناً / ورأينا في الدست رضوى وقُدْسا
وكأن اللغات بتن يفرقن / كما تشتهيه نِعمَ وبئسا
فكسونَ الصديقَ شهماً ونَدْبا / واعدن العَدُوَّ نذلاً ونِكسا
وارتديتَ العلى لباساً وتاجاً / وسواك ارتدى الحريرَ الدِمَقسا
لك كفٌ كالركن فينا فأقصى / منيةِ النَفس عندنا ان تُمَسّا
وبليدٍ لا يكتفي من سَنا النار / بومضٍ حتى يجرِّبَ لمسا
قال هل القنَّه قلتُ : تَعْيَا / قال : حتى غباره قلتُ : نَحسْا
رُوضِّت كُّفه فلولا رجامُ / الناس اقرى بها الطيور وعسا
رِدْ نداه وبطشَه وتُقساه / واتركُنْ حاتِماً وعمراً وقُسّا
وذكرنا في اليوم عُرسَ علىٍّ / فكأنَّ السرورَ قد كان أمسى
حيث مُدّاحه تجول وثوب النحس / يُنضى ومِطرفَ السعد يُكسي
طاب غَرْساً مُصدّقاً لا كمن يُحسَبُ / نُكراً ان قيل قد طاب غَرْسا
هو قاسٍ ان اغضَبُوه ولكن / لو يَهُزّ الصَفَا نَداهُ لحَسّا
لو تكون النجوم بُرداً وتاجاً / لكسيناكَهُنّ عِطفاً ورأسا
ان علوتم فحقكم اولستم / قد رَفَعتم لكعبةِ الله أسُّا
هزني مدحُكم فقلتُ ولا يصلُح / عودُ الغناء حتى يُجَسّا
ايها المقتفُونَ شأْوي هَلمّوا / وخذوا عَنيَ البلاغةَ دَرسْا
انا آليت ان أُعيد رسوماً / منه أضحت بعد ابن حبوبَ دُرسا
انا لا أدَّعي النبوةَ الاّ / أنني أرجعُ المقاويلَ خُرسْا
انا في الشعر فارسٌ إن أغالَب / يكنِ الطبعُ لي مِجَنّاً وتُرسا
كل ُّ محبوكةٍ فلا تُبصرُ المعنى / مُعّمىً ولا ترى اللفظ لَبْسا
واذا ما ارتمت عليَّ القوافي / نلتُ مختارَها وعِفتُ الأخسا
ان اكن اصغرَ المجيدين سِناً / فانا أكبرُ المجيدين نَفْسا
طبقّت شهرتي البلادَ وما / جاوز عمري عشراً وسبعاً وخمساً
كم نفوسٍ شريفةٍ حسَّاسه
كم نفوسٍ شريفةٍ حسَّاسه / سحقوهنَّ عن طريقِ الخساسه
وطباعٍ رقيقةٍ قابَلتهنَّ / الليالي بغِلْظَةٍ وشراسه
ما لضعفٍ شكوايَ دهري / فما أنكرُ بأسي وإن تحاميتُ باسه
غيرَ أني أردتُ للنجحِ مقياساً / صحيحاً فلم أجدْ مقياسه!
وقديماً مسَّتْ شكوكٌ عقولاً / وأطالتْ من نابهٍ وَسواسه
استغلَّتْ شعورَها شعراءٌ / لم تنشني ظرافةً وكيَاسه
وارتمتْ بي إلى المَطاوحِ نفسٌ / غمرتها انقباضةٌ واحتراسه
عدَّتِ النُبلَ رابحاً واستهانتْ / من نعيمٍ ولذَّةٍ إفلاسه
كلَّما أوشكتْ تبلُّ .. من الاخلاصِ / والصدقِ عاودتْها انتكاسه
تَعِسَ المرءُ حارِماً نفسَه كلَّ / اللذاذاتِ قانعاً بالقداسه
اِستفيقي لا بدَّ أنْ تُشبهي الدَّهرَ / انقلابا .. وأنْ تُحاكي أُناسه
لكِ في هذه الحياةِ نصيبٌ / اِغنميهِ انتهازةً وافتراسه
فالليالي بلهاءُ فيها لمن يُحسن / إبساسةً لها إسلاسه
مُخلَفاتٍ حلبتِها .. وأُناسٌ / حلَبوها درّارةً بسَّاسه
كلُّ هذا ولستُ أُنكرُ أنّي / من لذاذاتها اختلستُ اختلاسه
ألفُ إيحاشةٍ من الدَّهر قد / غطَّتْ عليها في ليلةٍ إيناسه
ليلةٌ تُغضبُ التقاليدَ في الناس / وتُرضي مشاعراً حسَّاسه
من ليالي الشبابِ بسَّامةٌ إنَّ / لياليَّ جُلّها عبَّاسه
ومعي صاحبٌ تفرَّستُ فيه / كلَّ خيرٍ فلمْ تخني الفَراسه
أريحيُّ ملء الطبيعةِ منه / عزَّةٌ وانتباهةٌ وسلاسه
خِدْنُ لَهوٍ ..إني أُحبّ من الشاعر / في هذه الحياةِ انغماسه
عرَّقتْ فيه طيّباتٌ ويأبى / المرءُ إلاَّ عروقَه الدسَّاسه
ولقد رُزْتُه على كلّ حالاتِ / الليالي فما ذممتُ مَساسه
كان مقهى " رشيد " موعدنا عصراً / وكنَّا من سابقٍ أحلاسه
مجلسٌ زانَهُ الشبابُ وأخلوا / " للزهاويِّ" صدرَه والرياسه
هو إنْ شئتَ مجمعٌ للدُّعاباتِ / وإن شتتَ معهدٌ للدراسه
ثمَّ كلن العِشاءُ فانصرف الشيخُ / كسيحاً موِّدعاً جُلاّسه
وافترقنا نُريد" مَهَرانَ" نبغي / وَرطة ًفي لذاذةٍ وارتكاسه
تارةً صاحبي يُصفِّقُ كأسي / وأنا تارةً أُصفِّق كاسه
وجديرٌ أنْ يُمتِعَ المرءُ بالخمرةِ / نفساً . وأنْ يُثقِّلَ راسه
قبلَ أن تَهجُمَ الليالي عليه / فتُعري من الصِّبا أفراسه
أتُراه على حياةٍ قديراً / بعدَ ما يُودِعونه أرماسه
فاحتسبنا كأساً وأُخرى فدبَّتْ / سَورةٌ لم تدعْ بنا إحساسه
وهَذينْا بما استكنَّت به النفسُ / وجاشتْ غريزةٌ خنَّاسه
لا " الحسينُ الخليعُ " يبلغُ شأوينا / ولا " مسلمٌ " ولا ذو " النُواسه"
قال لي صاحبي الظريفُ وفي الكفّ / ارتعاشٌ وفي اللسانِ انحباسه :
أين غادرتَ " عِمَّةً " واحتفاظاً / قلتُ : إني طرحتُها في الكُناسه
ثم عُجنا لمسرحٍ أسرجته / كلُّ رَودٍ وضَّاءةٍ كالماسه
حدَّدوةُ بكلّ فينانةٍ خضراءَ / بالزهرِ عطرتْ أنفاسه
ولقد زادتِ الوجوهَ به حُسناً / ولُطفاً للكهرباء انعكاسه
ثمَّ جَسُّوا أوتارَهم فأثرنَ / اللهوَ أيدٍ قديرةٌ جسَّاسه
وتنادَوا بالرقصِ فيه فأهوى / كلُّ لدنٍ للدنةٍ ميَّاسه
خُطةٌ للعواطف الهُوج فاقَتْ / خُطّةَ الحربَ جذوةً وحماسه
أُغرمَ الجمعُ واستجاب نفوساً / تتقاضاهُ حاجة مسَّاسة
ناقِلاً خطوَةُ على نغمةِ العودِ / وطوراً مرَّجفاً أعجاسه
وتلاقى الصدرانِ .. واصطكَّتِ / الأفخاذُ .. حتى لم تبقَ إلا لُماسه!!
حرَّكوا ساكناً فهبَّ رفيقي / لامساً باليدينِ منه لباسه!!
ثمَّ نادى مُعربداً لُيحيِّ / الله مغناكَ وليُدِمْ أعراسه
وخرَجْنا منه وقد نصلَ الليلُ / وهدَّتْ إغفاءَةٌ حُرّاسه
ما لبغدادَ بعدَ هاتيكمُ الضجَّةِ / تشكو أحياؤها إخراسه
واقتحمنا بيتاً تعوَّد أنْ نطرق / في الليلِ خُلسةً أحلاسه
وأخذنا بكفِّ كلِّ مَهاةٍ / رنَّقَتْ في الجفونِ منها نُعاسه
لم أُطِلْ سومَها وكنتُ متى يعجبني / الشئُ لا أُطيلُ مِكاسه!
قلتُ إذ عيَّرتنيَ الضعفَ لمَّا / خذلتني عنها يدٌ فرّاسه:
لستُ أعيا إنْ فاتني أخذيَ الشيء / بعنفٍ عن أخذهِ بالسياسه
ثمَّ كانتْ دعابةٌ فَمُجونٌ / فارتخاءٌ . فلذةٌ .! فانغماسه !!
وعلى اسمِ الشيطانِ دُستُ عَضوضاً / ناتئَ الجنبتَينِ حلوَ المداسه!
لبَداً .. تنهلُ اللُبانةُ منه ! / لا بحزْنٍ ضَرسٍ .. ولاذي دَهاسه!
وكأنّ العبيرَ في ضرَمِ اللذَّةِ / يُذكي بنفحةٍ أنفاسه..!
وكأنّ الثِقْل المرجّحَ بين الصدرِ / والصدرِ .. يستطيبُ مراسه
وكأنّ " البديعَ " في روعة الأسلوب ! / يُملي " طِباقه ! " و" جِناسه"
واستجدَّتْ من بعدِ تلك أمورٌ / كلّهنَّ ارتيابةٌ والتباسه
عرَّفتنا معنى السعادةِ لمّا / أنْ وضعنا حدّاً بها للتعاسه
بسَمَ الدهرُ وتجافى / بعدَها كاشِراً لنا أضراسه
صاحبي لا ترُعكَ خِسَّةُ دهر / " كم نفوسٍ حسَّاسه"

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025