ناشدوا الدار جهرةً وَسرارا
ناشدوا الدار جهرةً وَسرارا / ان أَرَدتم عَن الحِمى اِستِفسارا
اِسألوها وَاِستَخبِروا فَعَساها / تَستَطيع الجَواب وَالإِخبارا
وَاِقبلوا غَورها إِذا هيَ أَبدَت / بعدَ لأيٍ عَن الجَواب اِعتِذارا
لَم تَدَع عِندَها يد الظلم إِلّا / شجناً وامقاً وَقَلباً مطارا
وَفماً كَمّه الذُهول فَأوما / من بَعيدٍ إِلى المُنى وَأَشارا
لَهفُ نَفسي عَلى دِيار كَسَتها / قُشب الوَجد وَالأسى أطمارا
سادرتها يد الشَقاء فَباءَت / آهلات الجِهات منها قِفارا
وَتَعاوَت بِها الذِئاب فكلّ / دائِبٌ أَن يُصيب منها وجارا
نوبٌ لا تغبها وَخطوب / لا تعدّى تلك الرباع اِزديارا
أَينما جلجلت وأنّى أَناخت / هدمت كاهِلاً وَهدّت فقارا
ظلم الدار من أَباحوا حماها / ليد الظلم وَاِستَباحوا الذمارا
وَإِذا ما عَلت عَقيرة شاكٍ / أَلقَموه أَسِنَّةً وَشفارا
وَإِذا ما رأوا لَنا حَسَنات / عَدّها ظالموا الوَرى أَوزارا
وَرأوا الحقّ لا يَلين لبطل / فَأرَوه الأَنياب وَالأَظفارا
يا دِيار الأَحبابِ لا بنت يَوما / مِن مُحبّ وَلا برحت دِيارا
إِنَّ لي في رباك مغدىً أَنيقاً / وَمراحاً غضَّ الحَواشي نضارا
إِنَّ لي في رباك إخوانَ صدقٍ / نجباً في إخائِهم لا يُمارى
إِذ تَراهم لَدى الضُّحى عظماءً / قَد أَهابوا وَفي الدُجى سمّارا
أَعرقوا في العلى وَطابوا فُروعاً / إِذ زكوا محتداً وطابوا نجارا
وَثبوا يَدفَعون غول اللَيالي / أَو يعيدوا كسر القُلوب جبارا
وَيوالون نصرة الحقّ حَتّى / يَرجع الحقّ غالِباً قهّارا
شَرِبوا واِنتَشوا من اللاءِ تَبقّى / أَبَداً في الرؤُوسِ مِنها خِمارا
حَبَّذا نشوة تميل بِقَومٍ / عاقروا ذكرَ مجدهِم لا العقارا
يا أَحبّاي وَالمَزار بَعيدٌ / قرّبوا لِلمحبّ ذاكَ المَزارا
قرّبوا لي العِراق وَالشام أَفدي / وَطَناً جار أَهله وَجِوارا
هَل لَكُم بالنَصير علم فإِنّي / قَد جَهلت الأَعوان وَالأَنصارا
خَبّروني عنهم إِذا ما قَرأتم / ريباً تَقرؤونَ أَم أَخبارا
حلمٌ طافَ بي فَقُلتُ حَبيب / زارَني ريّق المنا حينَ زارا
وَإِذا بالحَبيب كانَ عدوّاً / وَإِذا بالرباح كانَ خسارا
كلّ صبحٍ نَرى وكلّ مَساء / عظةً تَبعث الهُدى واِعتِبارا
غيرَ أَنَّ العُقول في ظُلماتٍ / حالِكات لا تبصر الأَنوارا
لَم يَخُنّا الأَمين لكن ضَلَلنا / فَأتمنا خؤونها الغَدّارا
وَوعود اللئام كالماءِ تصلي / هِ شواظاً فَيَستَحيل بخارا