المجموع : 13
إن من بعض ما هي الأطوارُ
إن من بعض ما هي الأطوارُ / لي مقام فيه اسمه الأغيارُ
وهو زيد كذا وعمرو وبكر / وبهم فيه تنشد الأشعار
فإذا قلت فيه قال فلان / وفلان فإنها أستار
نعم القائل الذي قد ذكرنا / لكن الكنز نحن وهو الجدار
وهو جفن من الجفون لعيني / وأنا الجسم منه وهو الشعار
وأنا اللب والبرية قشر / وأنا الوجه والجميع خِمار
كلهم من مداد نوري حروف / وأنا الشمس والسوى أقمار
والذي عندهم من العلم طلٌّ / والذي منه عندنا فبحار
بانةٌ غردت عليها طيور / أنا وحدي من بينهن الهزار
أنا عبد الغني مع من معي في / هذه الحال والغنى الافتقار
وسوانا عبد الفقير مَنِ الدر / هَمُ مولاه ذاك والدينار
ربنا اللَهُ في جميع المجالي / ما على وجهنا الجميل غبار
والأحباء حضرة البسط تجلى / من هدانا عليه الأسرار
والأعادي مظاهر القبض منا / عندهم من شئوننا الإنكار
فالأهاجي لسان قهر وذل / لأناس بناهم الكفار
والثنا رحمة تخص بلطف / مَن إليهم بالمؤمنين يشار
ذاتنا قد بدت لنا بصفات / هي أنتم يا أيها الأبرار
وتجلت لنا بأحوال سوء / هي أهل الفساد والأشرار
وخرجنا عن كل قيد بملك / ودخلنا في كل قيد يعار
لا تطالب بنا عقول البرايا / كل عقل في أمرنا محتار
كيف تدري العقول من ليس يبقى / في تجل وما له استقرار
وجميع الشئون تظهر عنه / وعليه في العالمين المدار
أنت من بعض وصفنا فتأدب / لا تغالط ونحن نور ونار
قد نظرنا لذاتنا بعيون ال / كل والكل بعضنا المستعار
فرأينا الوجوه مختلفات / وبدت من كمامها الأزهار
وعلينا تلونت حضرات / بالتجلي جميعها أنوار
فلهذا ترى التكلم منا / كيف شئنا وكيفما نختار
ولنا الألسن الكثيرة فينا / بلغات حارت بها الأفكار
فكأن الذات الشريفة دوح / وكأنّي من فوقها أطيار
أتغنَّى وتارة أتعنى / ونظامٌ طوراً وطوراً نثار
وغرام طوراً بأحور أحوى / حسدت حسن وجهه الأقمار
وبهيفاء تارة ذات دلٍّ / شعرها الليل والجبين نهار
وبروض وجدول الماء طوراً / وبكأس من المدام يدار
وبزهد وعفة وخشوع / وعلوم بها العقول تحار
وأنا العارف المحقق طوراً / أبذل النصح عندي استبصار
وعلى الضد تارة ولذاتي / كل حين بوصفها أطوار
ولنا ههنا مظاهر شتى / حصرتنا وما لهن انحصار
وهي ذاتي أحب أني أراها / تتجلى فترفع الأستار
والمعاني جميعها لمحات / لبطون المنى بها إظهار
وجميع الكلام في السمع مني / والتسابيح ذاك والأذكار
وسلامي إليَّ مني تجلي / ه عليَّ البكور والأسحار
لو تجلى عن ناظريك الغبارُ
لو تجلى عن ناظريك الغبارُ / لرأيت الكؤس كيف تدارُ
ولبانت نار لديك كما با / نت لموسى من جانب الطور نار
ولزالت رسوم ذاتك فيمن / لم يزل وأنمحت به الآثار
وتبدت فريدة الحسن تُجلَى / زائلات عن وجهها الأستار
ورأيت الهدى وأرشدك الدف / فُ وصوت الغناء والمزمار
لكن القلب منك في غفلات / وعلى وجهك الكثيف خمار
ويقيناً أن التكاثر ألها / ك وعزت بوهمك الأغيار
ورمتك الذنوب في ظلمات / من شكوكٍ بها العقول تحار
فاجتهد واقصد الحقيقة واطلب / ولتكن فيك همة واصطبار
وتذلل بباب ديرك واخضع / فعسى أن يريدك الخمار
إنما أنت عند نفسك وهم / ظهرت منك هذه الأطوار
والذي أنت فيه محض غرور / وهو في مذهب الحقيقة عار
عدم في الوجود يبدو ويخفى / ما له في الحقيقتين قرار
أيها الناي عندك الخبرُ
أيها الناي عندك الخبرُ / ليس للأذن عنك مصطبرُ
سيما والدفوف معلنة / بالذي قد أسره الوتر
هات حدث عن الذين نأوا / في هواهم لم يقض لي وطر
واشرح الحال واحك ما صنعت / في فؤادي العيون والطرر
وارو أخبار من أحب فإن / فاتت العين لم يفت أثر
واترك العاذلين في ولهي / لا تلمهم فإنهم بقر
لا عقول لهم ترددهم / عن ملامي ولا لهم نظر
كل فظ بدت كثافته / بازدياد كأنه حجر
ميت جهل والقبر جثته / نطقه اللغو ليس يعتبر
من أناس بعقلهم قصدوا / فهم ما العقل عنه محتقر
حاولوا الدرك مع جمودتهم / ثم لما أعياهمو كفروا
هل ملامي يليق في قمر / إن تبدى يسجد له القمر
بل هي الشمس بل أجلُّ سناً / كل حسن من حسنها أثر
ذات وجه تلوح خافية / خلف ستر جميعه صور
يكثف العقل عن لطافتها / فلهذا حارت بها الفكر
رب شخص تقوده الأقدارُ
رب شخص تقوده الأقدارُ / للمعالي وما لذاك اختيارُ
غافل والسعادة احتضنته / وهو منها مستوحش نفّار
يتعاطى القبيح عمداً فيلقا / ه جميلاً وفلسه دينار
كلما قارف الذنوب أتته / توبة طهرته واستغفار
وعليه إن زل عين من ال / له تقيه ويستر الستار
فهو بالله دائما يترقى / لا به حيث تشرق الأنوار
وفتى كابد العبادة حتى / منه قد مل ليله الأنوار
يتسامى بالذكر والفكر قصداً / وهو ناء وعنه شط المزار
يفعل الخير ثم يلقاه شراً / وإذا رام جنة فهي نار
حكم حارت البرية فيها / وحقيق بأنها تحتار
وعطايا من المهيمن دلت / أنه الله فاعل مختار
قيل لي كن مع الأنام وداري
قيل لي كن مع الأنام وداري / كلَّ شخصٍ فقلت ما الذلُّ قدري
أنا عبد الغني لا عبد زيدٍ / من جميع الورى ولا عبد عمرو
دارنا هذه هي الأشجارُ
دارنا هذه هي الأشجارُ / وعليها جسومنا أزهارُ
والنفوس التي إذ زال عنها / قشر جسم تبقى هي الأثمار
فأدر نحو نفسك العقل ربطاً / لك ينحل ما به الكل حاروا
واحفظ القلب واحتفظ باطناً من / كل سوء وكل ما هو عار
واترك الغير لا تفتش عليه / يشغل العقل منك عنك الفشار
جعل الله بعضنا فتنة لل / بعض حيث استِغْنا و حيث افتقار
وعليكم قد قال أنفسَكم يا / صاح فارشد وإن غوت أغيار
وتنبه فحكمُ إنا جعلنا / ما على الأرض زينةً غرار
هذه نفثة النصوح تبدت / قذف الخوف درها والحذار
حثت العيس للحمى فأزيلت / بالتقى عن ظهورها الأوقار
قف على باب حانتي يا نديمي / علّ يرضى دخولَك الخمّار
واستمع صوت قَينتي تتغنّى / حيث جسمي في كفها مزمار
وجميع الوجود ليل لقوم / جهلوا وهو عند قوم نهار
وجنان النعيم عند أناس / وأناس ذا عندهم هو نار
فاعتبر ما أقوله لك وافهم / حسن الفهم منك والإعتبار
ظلمات تقدرت تقديرا
ظلمات تقدرت تقديرا / من قديم وصورت تصويرا
وعلا بعضها المرتَّبَ بعضٌ / هكذا طبق ما أتى تحريرا
واسمها الكائنات علواً وسفلاً / كاملات لا نقص لا تغييرا
كاشف حيث لا بداية عنها / نور حق يعرِّفُ التنكيرا
فهي بالنور وهو محض وجود / مطلق عن قيودها تكبيرا
وعهدنا النور المنفر للظل / مة في الحال إن بدا تنفيرا
ثم إنا لما رأيناه أبقى / وصفها طبق ما اقتضته قريرا
وهي لا شك أنها عدم صر / ف قديماً قلنا مقالاً شهيرا
رحمة منك عمت الكل حتى / أثرت في ظهورهم تأثيرا
ولهم ههنا الظهور وخاف / هو عنهم بهم يرى التستيرا
وهو رأى العوام من أهل دين ال / له حظ النفوس فيهم أثيرا
ولنا ههنا مقالة صدق / حبرتها أئمتي تحبيرا
إنما الظاهر الذي ليس يخفى / نور حق وسل بذاك خبيرا
والتي لم تكن ولا هي كانت / لاح فيها نور الغيوب منيرا
ظلمات على الذي هي فيه / أزلاً لم تزل ولا تنويرا
إنما النور وحده هو باد / في ظلام مقدر تقديرا
فيرى نفسه برؤيتنا في / كل شيء لذاك كان بصيرا
ونرى نفسنا به ويرانا / هو أيضا بنا فكان قديرا
ونراه برؤية هي منه / جاءنا وعده بها تبشيرا
ثم في الأربع المراتب كشف / هو هذا للنور ثم استعيرا
واعترته مراتب وإضافا / ت فسمى عقلاً وحساً كثيرا
وإذا حقق المحقق هذا / ونفى عنه بالسوى تغريرا
قال أوصاف ربنا وكذا الأس / ماء بالكائنات فاحت عبيرا
فهو منها الأوصاف وهو المسمى / عندها باعتبارها تقريرا
ولهذا نقول تلك قديما / ت وعين الذات التي لا نظيرا
وهي ذات حقيقة موصوف / ومسمى شريعة توقيرا
ثم بالشرع والحقيقة نأتي / ظاهراً باطناً ولا تخييرا
ونقول الذي به الكل قالوا / فنساوي المحقق النحريرا
إنهم عند ربهم درجات / كلهم لا تشيين لا تعييرا
والبرايا قسمان أهل نعيم / في جنان ومن يرون السعيرا
والذي قلبه المصدق ناج / وسواه مكفّر تكفيرا
ثم أهل الجنان قسمان أدنى / ثم أعلى يرى بها التصديرا
والذي فاته الذي نحن فيه / ههنا من علومنا تقصيرا
إن يكن مؤمناً به مذعناً لا / هو ناف له يراه حقيرا
فهو في جنة النعيم ولكن / لا يرى الرفع والمقام الخطيرا
وإذا كان جاحداً مسلماً في / ظاهر الشرع يلتقي تيسيرا
وهو في مذهب الحقيقة شخصٌ / كافر لا يرى الغداة نصيرا
وبحكم الحقيقة الله فينا / حاكم في غد فكن مستجيرا
وهنا الشرع لانتظام أمور ال / ناس وافى مبشراً ونذيرا
فاغتنم ما أقوله لك واعرف / وتذكر بفهمه تذكيرا
وتبين مقالتي فهي نصح / لك جاءت فحذرت تحذيرا
هو أمر وكل أمرْ
هو أمر وكل أمرْ / وهو زيد هنا وعمروْ
غمرته شؤنه / ذاته ذاتهن غمرْ
عنه خذ كل ذرة / ملئت منه كأس خمر
وتمتع بوصله / روحه فيك نفخ زمر
واترك الجاهل الغبي / قلبه في سواه جمر
وتجنب كلامه / ليس كل اللذيذ تمر
ثم حقق وقل له / هو أمر وكل أمر
إن محسوسات الحواس الظواهرْ
إن محسوسات الحواس الظواهرْ / إن معقولات العقول البواهرْ
إن أنواع هذه العرضيا / ت وأجسامها وكل الجواهر
معنويات روحِ أمرٍ شريفٍ / تتراءى له به وهو قاهر
قائمات به قيام المعاني / بالمعاني لها الذي هو ماهر
وهو روحٌ لطفٌ من الله باد / وهو خاف عن الجميع وظاهر
نور طه الرسول مركز علم ال / غيب بالذات والصفات الشواهر
من ترقى له به عنه كشفاً / كانَهُ فهو ذو العيون السواهر
قم تأمل في هذه الأنوارِ
قم تأمل في هذه الأنوارِ / واخل منك المحل للأسرارِ
لا تقل كيف أنت أصبحت أم كي / ف العدا إننا بحكم الباري
نحن في جنة المعارف نزهو / والعدا في جهنم الإنكار
هم حجاب لنا عليهم كثيف / حاجب من ظهور شمس النهار
ظلمات ونحن في نور حق / هو عنهم بكونهم متواري
أنكروه لأنهم جهلوه / وعن الجنة اكتفوا بالنار
يتجلى بهم علينا فندري / كيف عنهم بهم غدا في استتار
كلما أشرقت لنا الشمس منهم / أظلمت عندهم على الأبصار
فرمتهم نفوسهم في جحيم / لا يبالون بالعمى والعوار
هكذا هم في علمه من قديم / وكذا أنت هكذا كم تماري
هو أمر وكل أمرْ
هو أمر وكل أمرْ / وهو زيد هنا وعمروْ
وهو غيبٌ مقدسٌ / شربته الرجال خمر
وأكلناه خبزة / وهو زبد لنا وتمر
جنة في غدٍ لنا / وعلى الكافرين جمر
غمرتنا هباته / وبها للجميع غمر
نحن تقديره له / طبْقَ نهيٍ لنا وأمر
نافخ في جسومنا / روح أمر كنفخ زمر
ولنا النشر في غد / منه في الترب بعد طمر
وهو لا شك قامر / كل شيء إليه قمر
حيث محض الوجود وهو / ضامر من عداه ضمر
عدم كلنا وكا / مرنا بالوجود كمر
كلنا واحد هو الأمرُ
كلنا واحد هو الأمرُ / وهو سر له بنا جهرُ
نحن خلق له وكثرتنا / وحدة إذ لموجنا بحر
قف هنا يا ابن عقله أدباً / عقلك الروض والورى زهر
إن تكن كنت أمره وإذا / لم تكن فهو ما له حصر
هذه حالة سكرت بها / لا تلمني وغرني السكر
ثم إني متى صحوت أقل / هو لا غيره ولا نكر
طر به عنه في الوجود إلى / عينه لا يصيبك المكر
رؤية الحق رؤية الأغيارِ
رؤية الحق رؤية الأغيارِ / والتجلي بهذه الأسرارِ
رب جسم ورب نفس وروح / واحد والخلاف بالإعتبار
رام قوم بهم إليه وصولاً / وهو منهم بكونهم متوارى
رجحت عندهم معاني التجلي / والتجلي نفوه بالإنكار
رغبة النفس في السوى حجبتهم / وعن الجنة اكتفوا بالنار
رفع الله بينهم كل عبد / فحماه من ذلة وصغار
رونق الكشف ظاهر منه لكن / ستر عاداتهم على العبد جاري
ربما أسفر الصباح فراقب / منك خلف الحجاب شمس النهار
رحمة منه عمت الكل منا / وهي عين الوجود في الكل ساري
رقمتنا بها الكتاب وعنها / قد نزلنا على كلام الباري