القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَني النابُلُسي الكل
المجموع : 13
إن من بعض ما هي الأطوارُ
إن من بعض ما هي الأطوارُ / لي مقام فيه اسمه الأغيارُ
وهو زيد كذا وعمرو وبكر / وبهم فيه تنشد الأشعار
فإذا قلت فيه قال فلان / وفلان فإنها أستار
نعم القائل الذي قد ذكرنا / لكن الكنز نحن وهو الجدار
وهو جفن من الجفون لعيني / وأنا الجسم منه وهو الشعار
وأنا اللب والبرية قشر / وأنا الوجه والجميع خِمار
كلهم من مداد نوري حروف / وأنا الشمس والسوى أقمار
والذي عندهم من العلم طلٌّ / والذي منه عندنا فبحار
بانةٌ غردت عليها طيور / أنا وحدي من بينهن الهزار
أنا عبد الغني مع من معي في / هذه الحال والغنى الافتقار
وسوانا عبد الفقير مَنِ الدر / هَمُ مولاه ذاك والدينار
ربنا اللَهُ في جميع المجالي / ما على وجهنا الجميل غبار
والأحباء حضرة البسط تجلى / من هدانا عليه الأسرار
والأعادي مظاهر القبض منا / عندهم من شئوننا الإنكار
فالأهاجي لسان قهر وذل / لأناس بناهم الكفار
والثنا رحمة تخص بلطف / مَن إليهم بالمؤمنين يشار
ذاتنا قد بدت لنا بصفات / هي أنتم يا أيها الأبرار
وتجلت لنا بأحوال سوء / هي أهل الفساد والأشرار
وخرجنا عن كل قيد بملك / ودخلنا في كل قيد يعار
لا تطالب بنا عقول البرايا / كل عقل في أمرنا محتار
كيف تدري العقول من ليس يبقى / في تجل وما له استقرار
وجميع الشئون تظهر عنه / وعليه في العالمين المدار
أنت من بعض وصفنا فتأدب / لا تغالط ونحن نور ونار
قد نظرنا لذاتنا بعيون ال / كل والكل بعضنا المستعار
فرأينا الوجوه مختلفات / وبدت من كمامها الأزهار
وعلينا تلونت حضرات / بالتجلي جميعها أنوار
فلهذا ترى التكلم منا / كيف شئنا وكيفما نختار
ولنا الألسن الكثيرة فينا / بلغات حارت بها الأفكار
فكأن الذات الشريفة دوح / وكأنّي من فوقها أطيار
أتغنَّى وتارة أتعنى / ونظامٌ طوراً وطوراً نثار
وغرام طوراً بأحور أحوى / حسدت حسن وجهه الأقمار
وبهيفاء تارة ذات دلٍّ / شعرها الليل والجبين نهار
وبروض وجدول الماء طوراً / وبكأس من المدام يدار
وبزهد وعفة وخشوع / وعلوم بها العقول تحار
وأنا العارف المحقق طوراً / أبذل النصح عندي استبصار
وعلى الضد تارة ولذاتي / كل حين بوصفها أطوار
ولنا ههنا مظاهر شتى / حصرتنا وما لهن انحصار
وهي ذاتي أحب أني أراها / تتجلى فترفع الأستار
والمعاني جميعها لمحات / لبطون المنى بها إظهار
وجميع الكلام في السمع مني / والتسابيح ذاك والأذكار
وسلامي إليَّ مني تجلي / ه عليَّ البكور والأسحار
لو تجلى عن ناظريك الغبارُ
لو تجلى عن ناظريك الغبارُ / لرأيت الكؤس كيف تدارُ
ولبانت نار لديك كما با / نت لموسى من جانب الطور نار
ولزالت رسوم ذاتك فيمن / لم يزل وأنمحت به الآثار
وتبدت فريدة الحسن تُجلَى / زائلات عن وجهها الأستار
ورأيت الهدى وأرشدك الدف / فُ وصوت الغناء والمزمار
لكن القلب منك في غفلات / وعلى وجهك الكثيف خمار
ويقيناً أن التكاثر ألها / ك وعزت بوهمك الأغيار
ورمتك الذنوب في ظلمات / من شكوكٍ بها العقول تحار
فاجتهد واقصد الحقيقة واطلب / ولتكن فيك همة واصطبار
وتذلل بباب ديرك واخضع / فعسى أن يريدك الخمار
إنما أنت عند نفسك وهم / ظهرت منك هذه الأطوار
والذي أنت فيه محض غرور / وهو في مذهب الحقيقة عار
عدم في الوجود يبدو ويخفى / ما له في الحقيقتين قرار
أيها الناي عندك الخبرُ
أيها الناي عندك الخبرُ / ليس للأذن عنك مصطبرُ
سيما والدفوف معلنة / بالذي قد أسره الوتر
هات حدث عن الذين نأوا / في هواهم لم يقض لي وطر
واشرح الحال واحك ما صنعت / في فؤادي العيون والطرر
وارو أخبار من أحب فإن / فاتت العين لم يفت أثر
واترك العاذلين في ولهي / لا تلمهم فإنهم بقر
لا عقول لهم ترددهم / عن ملامي ولا لهم نظر
كل فظ بدت كثافته / بازدياد كأنه حجر
ميت جهل والقبر جثته / نطقه اللغو ليس يعتبر
من أناس بعقلهم قصدوا / فهم ما العقل عنه محتقر
حاولوا الدرك مع جمودتهم / ثم لما أعياهمو كفروا
هل ملامي يليق في قمر / إن تبدى يسجد له القمر
بل هي الشمس بل أجلُّ سناً / كل حسن من حسنها أثر
ذات وجه تلوح خافية / خلف ستر جميعه صور
يكثف العقل عن لطافتها / فلهذا حارت بها الفكر
رب شخص تقوده الأقدارُ
رب شخص تقوده الأقدارُ / للمعالي وما لذاك اختيارُ
غافل والسعادة احتضنته / وهو منها مستوحش نفّار
يتعاطى القبيح عمداً فيلقا / ه جميلاً وفلسه دينار
كلما قارف الذنوب أتته / توبة طهرته واستغفار
وعليه إن زل عين من ال / له تقيه ويستر الستار
فهو بالله دائما يترقى / لا به حيث تشرق الأنوار
وفتى كابد العبادة حتى / منه قد مل ليله الأنوار
يتسامى بالذكر والفكر قصداً / وهو ناء وعنه شط المزار
يفعل الخير ثم يلقاه شراً / وإذا رام جنة فهي نار
حكم حارت البرية فيها / وحقيق بأنها تحتار
وعطايا من المهيمن دلت / أنه الله فاعل مختار
قيل لي كن مع الأنام وداري
قيل لي كن مع الأنام وداري / كلَّ شخصٍ فقلت ما الذلُّ قدري
أنا عبد الغني لا عبد زيدٍ / من جميع الورى ولا عبد عمرو
دارنا هذه هي الأشجارُ
دارنا هذه هي الأشجارُ / وعليها جسومنا أزهارُ
والنفوس التي إذ زال عنها / قشر جسم تبقى هي الأثمار
فأدر نحو نفسك العقل ربطاً / لك ينحل ما به الكل حاروا
واحفظ القلب واحتفظ باطناً من / كل سوء وكل ما هو عار
واترك الغير لا تفتش عليه / يشغل العقل منك عنك الفشار
جعل الله بعضنا فتنة لل / بعض حيث استِغْنا و حيث افتقار
وعليكم قد قال أنفسَكم يا / صاح فارشد وإن غوت أغيار
وتنبه فحكمُ إنا جعلنا / ما على الأرض زينةً غرار
هذه نفثة النصوح تبدت / قذف الخوف درها والحذار
حثت العيس للحمى فأزيلت / بالتقى عن ظهورها الأوقار
قف على باب حانتي يا نديمي / علّ يرضى دخولَك الخمّار
واستمع صوت قَينتي تتغنّى / حيث جسمي في كفها مزمار
وجميع الوجود ليل لقوم / جهلوا وهو عند قوم نهار
وجنان النعيم عند أناس / وأناس ذا عندهم هو نار
فاعتبر ما أقوله لك وافهم / حسن الفهم منك والإعتبار
ظلمات تقدرت تقديرا
ظلمات تقدرت تقديرا / من قديم وصورت تصويرا
وعلا بعضها المرتَّبَ بعضٌ / هكذا طبق ما أتى تحريرا
واسمها الكائنات علواً وسفلاً / كاملات لا نقص لا تغييرا
كاشف حيث لا بداية عنها / نور حق يعرِّفُ التنكيرا
فهي بالنور وهو محض وجود / مطلق عن قيودها تكبيرا
وعهدنا النور المنفر للظل / مة في الحال إن بدا تنفيرا
ثم إنا لما رأيناه أبقى / وصفها طبق ما اقتضته قريرا
وهي لا شك أنها عدم صر / ف قديماً قلنا مقالاً شهيرا
رحمة منك عمت الكل حتى / أثرت في ظهورهم تأثيرا
ولهم ههنا الظهور وخاف / هو عنهم بهم يرى التستيرا
وهو رأى العوام من أهل دين ال / له حظ النفوس فيهم أثيرا
ولنا ههنا مقالة صدق / حبرتها أئمتي تحبيرا
إنما الظاهر الذي ليس يخفى / نور حق وسل بذاك خبيرا
والتي لم تكن ولا هي كانت / لاح فيها نور الغيوب منيرا
ظلمات على الذي هي فيه / أزلاً لم تزل ولا تنويرا
إنما النور وحده هو باد / في ظلام مقدر تقديرا
فيرى نفسه برؤيتنا في / كل شيء لذاك كان بصيرا
ونرى نفسنا به ويرانا / هو أيضا بنا فكان قديرا
ونراه برؤية هي منه / جاءنا وعده بها تبشيرا
ثم في الأربع المراتب كشف / هو هذا للنور ثم استعيرا
واعترته مراتب وإضافا / ت فسمى عقلاً وحساً كثيرا
وإذا حقق المحقق هذا / ونفى عنه بالسوى تغريرا
قال أوصاف ربنا وكذا الأس / ماء بالكائنات فاحت عبيرا
فهو منها الأوصاف وهو المسمى / عندها باعتبارها تقريرا
ولهذا نقول تلك قديما / ت وعين الذات التي لا نظيرا
وهي ذات حقيقة موصوف / ومسمى شريعة توقيرا
ثم بالشرع والحقيقة نأتي / ظاهراً باطناً ولا تخييرا
ونقول الذي به الكل قالوا / فنساوي المحقق النحريرا
إنهم عند ربهم درجات / كلهم لا تشيين لا تعييرا
والبرايا قسمان أهل نعيم / في جنان ومن يرون السعيرا
والذي قلبه المصدق ناج / وسواه مكفّر تكفيرا
ثم أهل الجنان قسمان أدنى / ثم أعلى يرى بها التصديرا
والذي فاته الذي نحن فيه / ههنا من علومنا تقصيرا
إن يكن مؤمناً به مذعناً لا / هو ناف له يراه حقيرا
فهو في جنة النعيم ولكن / لا يرى الرفع والمقام الخطيرا
وإذا كان جاحداً مسلماً في / ظاهر الشرع يلتقي تيسيرا
وهو في مذهب الحقيقة شخصٌ / كافر لا يرى الغداة نصيرا
وبحكم الحقيقة الله فينا / حاكم في غد فكن مستجيرا
وهنا الشرع لانتظام أمور ال / ناس وافى مبشراً ونذيرا
فاغتنم ما أقوله لك واعرف / وتذكر بفهمه تذكيرا
وتبين مقالتي فهي نصح / لك جاءت فحذرت تحذيرا
هو أمر وكل أمرْ
هو أمر وكل أمرْ / وهو زيد هنا وعمروْ
غمرته شؤنه / ذاته ذاتهن غمرْ
عنه خذ كل ذرة / ملئت منه كأس خمر
وتمتع بوصله / روحه فيك نفخ زمر
واترك الجاهل الغبي / قلبه في سواه جمر
وتجنب كلامه / ليس كل اللذيذ تمر
ثم حقق وقل له / هو أمر وكل أمر
إن محسوسات الحواس الظواهرْ
إن محسوسات الحواس الظواهرْ / إن معقولات العقول البواهرْ
إن أنواع هذه العرضيا / ت وأجسامها وكل الجواهر
معنويات روحِ أمرٍ شريفٍ / تتراءى له به وهو قاهر
قائمات به قيام المعاني / بالمعاني لها الذي هو ماهر
وهو روحٌ لطفٌ من الله باد / وهو خاف عن الجميع وظاهر
نور طه الرسول مركز علم ال / غيب بالذات والصفات الشواهر
من ترقى له به عنه كشفاً / كانَهُ فهو ذو العيون السواهر
قم تأمل في هذه الأنوارِ
قم تأمل في هذه الأنوارِ / واخل منك المحل للأسرارِ
لا تقل كيف أنت أصبحت أم كي / ف العدا إننا بحكم الباري
نحن في جنة المعارف نزهو / والعدا في جهنم الإنكار
هم حجاب لنا عليهم كثيف / حاجب من ظهور شمس النهار
ظلمات ونحن في نور حق / هو عنهم بكونهم متواري
أنكروه لأنهم جهلوه / وعن الجنة اكتفوا بالنار
يتجلى بهم علينا فندري / كيف عنهم بهم غدا في استتار
كلما أشرقت لنا الشمس منهم / أظلمت عندهم على الأبصار
فرمتهم نفوسهم في جحيم / لا يبالون بالعمى والعوار
هكذا هم في علمه من قديم / وكذا أنت هكذا كم تماري
هو أمر وكل أمرْ
هو أمر وكل أمرْ / وهو زيد هنا وعمروْ
وهو غيبٌ مقدسٌ / شربته الرجال خمر
وأكلناه خبزة / وهو زبد لنا وتمر
جنة في غدٍ لنا / وعلى الكافرين جمر
غمرتنا هباته / وبها للجميع غمر
نحن تقديره له / طبْقَ نهيٍ لنا وأمر
نافخ في جسومنا / روح أمر كنفخ زمر
ولنا النشر في غد / منه في الترب بعد طمر
وهو لا شك قامر / كل شيء إليه قمر
حيث محض الوجود وهو / ضامر من عداه ضمر
عدم كلنا وكا / مرنا بالوجود كمر
كلنا واحد هو الأمرُ
كلنا واحد هو الأمرُ / وهو سر له بنا جهرُ
نحن خلق له وكثرتنا / وحدة إذ لموجنا بحر
قف هنا يا ابن عقله أدباً / عقلك الروض والورى زهر
إن تكن كنت أمره وإذا / لم تكن فهو ما له حصر
هذه حالة سكرت بها / لا تلمني وغرني السكر
ثم إني متى صحوت أقل / هو لا غيره ولا نكر
طر به عنه في الوجود إلى / عينه لا يصيبك المكر
رؤية الحق رؤية الأغيارِ
رؤية الحق رؤية الأغيارِ / والتجلي بهذه الأسرارِ
رب جسم ورب نفس وروح / واحد والخلاف بالإعتبار
رام قوم بهم إليه وصولاً / وهو منهم بكونهم متوارى
رجحت عندهم معاني التجلي / والتجلي نفوه بالإنكار
رغبة النفس في السوى حجبتهم / وعن الجنة اكتفوا بالنار
رفع الله بينهم كل عبد / فحماه من ذلة وصغار
رونق الكشف ظاهر منه لكن / ستر عاداتهم على العبد جاري
ربما أسفر الصباح فراقب / منك خلف الحجاب شمس النهار
رحمة منه عمت الكل منا / وهي عين الوجود في الكل ساري
رقمتنا بها الكتاب وعنها / قد نزلنا على كلام الباري

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025