المجموع : 8
أيها الفاضلُ الذي قد هداني
أيها الفاضلُ الذي قد هداني / نحوَ ما قد حمدته باختيار
شكرَ اللهُ ما أتيتَ وجازا / كَ ولا زلتَ نجم هَدْي الساري
وإِذا ما غدا النسيم دليلي / لم يحلني إِلاّ على الأزهار
كلما جدَّدَ الشجيُّ ادِّكارَهْ
كلما جدَّدَ الشجيُّ ادِّكارَهْ / أزعج الشوق قلبه واستطارَهْ
ليت شعري أَين استقل عن الله / و بنوه وكيف أَخلوا مزاره
بعدما راوحتهمُ صفوةُ العي / شِ وقالوا طوعَ الهوى أَوطاره
وجروا في مطارد الأنس طلقاً / واجتلوا من زمانهم أَبكارهْ
بين كأسٍ وروضةٍ وغدير / وسماعٍ ولذةٍ وغضاره
أَين حلوا فمعشبٌ ومقيلٌ / أَو أَناخوا فوردةٌ وبهاره
من مليكٍ زَفَّتْ بحضرته الكأ / سَ قيانٌ يعزِفن خلفَ الستاره
ووزيرٍ قد بات يسترق اللذا / تِ وهنا والليلُ مرخٍ إِزاره
وأميرٍ ممنطقٍ بنداما / ه وكأس الطِّلا لديهم مُداره
كم فتى من بني أمية أمسى / وخيولُ الهوى به مستطاره
كيزيدٍ وشأنه مع أبي قي / سٍ وما قد عراه في عَمّاره
ونداماه كابن جعدة والأخ / طل إِذ عاقراه صفواً عقاره
وقضى ليله مع ابن زيادٍ / وقتيب بن مسلمٍ ونهارهْ
وكمروان وابنه حين واسى / بلذاذات عيشه سُمّاره
نادمته أبناء يالية اللا / ئي قضى في ربوعهم أسحاره
وكمثل الوليد ذي القصف إذ كا / نَ يغب اصطباحه وابتكاره
ولديه الغَرِيض وابن سُرَيْجٍ / أُظهرا كل صنعةٍ مختاره
من غناءٍ أَلذ من نشوة الكأ / س وأشهى من صبوةٍ مستثاره
وسليمان ذي الفنوة إِذ كا / ن لنحو الذلفاء يبدي افترارهْ
ويزيد بن خالدٍ وأبو زي / دٍ نديمان يشفيان أُواره
بحديثٍ يستعجل الراح بالرا / ح ويحتث أنجماً سيَّاره
إِذ بمغنى سنان كان يغالي / ويجلِّي يشدوه أكداره
وابن عبد العزيز إِذ راوح الكأ / س ووالاه في زمان الإِماره
ويزيد المعمود إِذ خامرته / نشوة الراح ليله ونهاره
وسبت لبه حُبابة واسته / وته حتى أباح فيها اشتهاره
واستمالت به سَلامة حتى / أقلق الوجد فكره وأثاره
إِذ يناجيه لحن مَعْبَد بالشج / و كما شاء معملاً أوتارهْ
ولكم أَلَّف الغناء لديه / ضرب عوَّادةٍ على زمَّاره
وهشامٍ إِذ استبد اختياراً / بالرساطون واستلذ اختياره
من شرابٍ ظلت أَفاويه العط / ر به ذات نفحةٍ سيَّاره
والوليد المليك إِذ واصل الكا / سات واللهو جهده واقتداره
واغتدى في تهتكٍ ومجونٍ / كان يجني قطوفه وثماره
ومناه ذكرى سليمى لوجدٍ / ظل يذكي لهيبه واستعاره
إِذ يغنيه مالكُ بن أبي السم / ح وعمرو الوادي فينفي وقاره
ولكم خفف ابن عائشة اللح / ن له فاستخفه واستطارهْ
وابن ميَّادة بن أبرد والقا / سم كانا يحثحثان عقاره
بندامٍ ألذ من زورة الحِ / بِّ وأبهى من روضةٍ في قراره
وبُذَيْحٌ أتى بأمر عجاب / إِذ تولى على القرود الإِماره
ويزيد المليك إِذ كان يهوى / صوت حدو الحداة في كل تاره
وتغنى الركبان مذ كان منشا / ه البوادي حتى اعترته الحضاره
وكمروان ذي الفتوة إِذ كا / ن يوالي في غبطة أسفاره
فيرى اللهلو والسماع مناه / ويرى الحرب قطبه ومداره
وكآل العباس إِذ كان عبد الل / ه يقضي طوع المنى أَوطارهْ
كم غدا ليلة الثلاثاء والسب / ت يوالي الغبوق بالقرقاره
وابن صفوان في الندامى يعاطي / ه كؤوس الحديث خلف الستاره
ولديهم أبو دلامة طوراً / يصطفيه ويجتلي أشعاره
وتحسَّى منصورهم من وراء النس / ك راحاً والى عليها استتاره
حل منه ابن جعفرٍ في نداما / ه محلاًّ إِذ كان يبلو اعتشاره
فيراه فيهم ظريفاً أديباً / لسناً حاذقاً لطيف الإِشاره
ثم كان المهديُّ يجلس للأن / س فيصفي لشربه أوطاره
وفُلَيْح العوراء يشدو لديه / فيسنِّي حنينه وادكارهْ
ولديه ترب الغناء أبو إِس / حق يشدو بصنعةٍ ومهاره
ثم كان الهادي إِذا حاول الشر / ب وغنى ابن جامعٍ مختاره
يتولّى النِّدام عيسى بن دأبٍ / بكؤوسٍ من الحديث مُداره
ويفيض ابن مُصْعَبٍ في نثير ال / قول من حيث ينتقي أبكاره
وتحسَّى الرشيد في دير مُرَّا / ن على كل تلعةٍ وقراره
من مدامٍ حكتْ رهابنةُ الدي / ر بها في بهارةٍ جُلّناره
وعلى ضرب زَلْزَلٍ كان برصو / ما لديه مواصلاّ مزماره
ثم كان الأمين يمرح من لذا / ته في أَعِنَّةٍ مَوّارهْ
إِذ ترامى بحب كوثر حتى / سكن الحب قلبه واستخاره
ولديه مُخارقٌ في المغني / ن وبَذْل الكبيرة المهتاره
والحسين الخليع ينثر عقداً / من ندامٍ يشف تحت العباره
ويزف ابن هانيءٍ للفكاها / ت كؤوساً من الهوى مستعاره
وأدار المأمون أكواب راحٍ / شعشع القصر نورُها واستناره
حيث علوية المغني واسح / ق يزفان في الدجى أَقماره
حيث يحيى بن أَكثمٍ يتولى / بسطه وابن طاهرٍ أسمارهْ
وعُرَيْبٌ مع القيان تغني / ه بصوتٍ تخيرتْ أشعاره
وابن هرون كان يألف إِبرا / هيم شوقاً ويستلذ اعتشاره
واغتدى الواثق المقدَّم في الشع / ر على الكأس معملاً أدواره
إِذ تولى بأمره مهج الخا / دم عند اصطباحه إِسكاره
واغتدى أحمد النديم على شر / ط بني اللهو ناشراً أخباره
وانثنى الفتح ينتحي من أحادي / ث الهوى ممتعاته وقصاره
فتنته فريدةٌ وعلى قد / ر الهوى يخلع المحب وقارهْ
وأبو الفضل كان يغدو على الرا / ح مبيدا لُجَيْنه ونُضَاره
حيث كان الكشحيّ يأخذ عرض ال / قول فيما أحبه واختاره
وزُنامٌ بالزمر يعزف طوراً / وبنانٌ بالعود تضرب تاره
ويغني عمرو بن بانة والطب / ل عليه سلمان يبدي اقتداره
وأبو جعفرٍ أزاح اغتناماً / معْ يزيد المهلبي استتاره
وغدا المستعين يحرق للند / مان بالمن نده وصُواره
ثم هام المعتز بابن بُغاءٍ / عندما شام وجهه وعذارهْ
وانثنى ابن القصَّار طوراً يغني / ه يحذقٍ مرقصاً طنباره
فيناجيه بالهوى ويناغي / ه ويذكي بين الأضالع ناره
وبدا المهتدي فكان اصطناع ال / عرف والجود سمته وشعاره
وأناخ ابن جعفرٍ في مدار ال / قصف والعزف نافياً أكداره
ومناه في الشدو شدو غريب / كلما اعتاده الهوى واستثاره
واحتسى دَرَّة الكروم أبو العبا / س والدَّجْنُ يستدر قُطاره
نادمته أبناء حمدون واسته / واه بدرٌ حين اجتلى إِبداره
ورَذاذٌ موقِّعٌ بغناءٍ / ينتحيه بصنعةٍ مختاره
واغتدى المكتفيُّ يمرح والصُّو / ليُّ يروي بربعه أشعارهْ
وأبو الفضل كان يرتع من رو / ق صباه في جدَّةٍ ونضاره
حرق الند والكبا الرطب والعن / بر مستمتعاً وعاف ادخاره
وأقام الراضي يفرق ما بي / ن الندامى في كل وقت نثاره
رب كأسٍ له بقبة شاذِكْلا / وفي حجرة الرخام أداره
ونعيمٍ والاه في حجرة الأُتْ / رُجِّ والماء قد أثار بخاره
ليت شعري أين استقل بنو بر / مك من بعد ما تولوا الوزاره
حين كانت أيامهم غرر العي / ش وكانت أَكفهم مدراره
والوزير المهلبي وما نُوِّ / ل وابن العميد ترب الصداره
وكذا الصاحب بن عبَّاد حيَّا / ه وحيا نظامه ونثاره
بل وأين السراة من آل حمدا / ن وما قد تخولوا في الإَمارهْ
أين أهل العراق والفرس ممن / رفهوا عيشهم وخاضوا عَماره
أين من بات رافعاً لبني الله / و الملمين بالتحايا عماره
أين من راح والمجاسد تزدا / ن عليه بأعين النظَّاره
طوقته المخانق البرميا / ت فكانت بين الظراف شعاره
وتردتْ منه العواتق بالمندي / ل مذ راح عاقداً زناره
توجوا رأسه بإِكليل آسٍ / وأناطوا بجيده تِقْصاره
وعلى الأذن منه ريحانة من / أَذْرُيونٍ كمن يروم سراره
أين من كان جانبُ الزهو مينا / ساً لديه والعيش يندى غضاره
ينتحي مُنْتَحَى المروءات طلقاً / في لذاذاته ويبدي افتراره
وترى عنده مزمَّلة الما / ء وخيش النسيم يعلو جداره
وسحاب البخور يهطل منه / ماء ورد يزجي النسيمُ قطاره
أين من كان في فضاء من ال / غوطة قدماً يجلي بها أبصاره
أين من بات ناعماً في مغاني / شِعب بَوّان ناشقاً أزهاره
أين من أطلق النواظر في صُغْ / د سمرقند واجتلى أنواره
أين من حلَّ بالابُلَّة قدما / وجلا في رياضها أفكاره
أين من بات بالسَّماوة في مئ / ناف روضٍ ينشه أسراره
بنسيمٍ يحل في غلس الأس / حار عن جيب نوره أزراره
حيث تندى مباسم الزهر فيه / وتَلَقَّى أنفاسه زُوَّاره
فسقتْ عهد من مضى أَدمع المز / ن وجادتْ بصوبها آثاره
ما سرتْ نسمة الصباح بروضٍ / عبقريٍّ فهيَّجتْ أطياره
حَمَّلتني يُد الهوى أوزارَه
حَمَّلتني يُد الهوى أوزارَه / ليته جازَ بالحمى أو زارَه
قَمَرٌ أرقص المحبّ تَمني / ه اختلاساً بفكره واستطاره
أبصرته عيناي في مَلْعَبِ الخيل / فأنشدته وخفتُ ازوِراره
يا هلالاً يدور في فَلَك الما / ورد رفْقاً بأعين النظّاره
قِف لنا في الطريق إِن لم تزرْنا / وقفةٌ في الطريق نصف الزياره
فثنا عطفه وأعرَضَ صَفحاً / ولوى جيده وابدى نِفاره
ليت لي في هواه نظرة إِشفا / ق ودعهُ من بعدها واختياره
وغزال ألحاظُه سحّاره
وغزال ألحاظُه سحّاره / أشتهي قُرْبَه وأخشى نِفارَهْ
لم يدعْ حُسنْهُ فؤاداً خليّاً / من هواه إِلاّ وأضرمَ ناره
عمّه خالهُ بحسْنٍ بَديعٍ / وعليه العذار في الخد داره
قلت يا من غدا مليك جمال / وقلوب الورى غدت أنصاره
جُدْ لصبّ ولو بساعة وصل / أو بطيف لعلَّ يروي أواره
أو فقفْ في الطريق إِن لم تزره / وقفهٌ في الطريق نصفُ الزياره
يا نَديمي بادِر فأهنا السرور
يا نَديمي بادِر فأهنا السرور / في اجتلاء المُدام عِنْدَ البُكورِ
ما ترى ناصعَ القرنفل وافى / بتحايا الشميم بين الزهور
قُضُبٌ من زُمَرّدٍ حاملات / قِطَعاً فُلّكت من الكافورِ
وجنيٍّ من القرنفل غضٍّ
وجنيٍّ من القرنفل غضٍّ / تَسْتَبينا منه بأعْبَق نَشْرِ
زهرات مثل اليواقيت حُمْر / في قُمُوع من الزمرّد خُضْرِ
فوقَ سُوق تحكي القناة كعوباً / كرقاب من الغضارة صُعْر
نُسِّقَتْ فوقهن أوراقُ حُسْنٍ / مزوجات تحكي سوالفَ بِكر
أوْ حكتها مناقِرٌ فتحت منها / الكراكي في الشطّ تمثال فِتر
يا بعيداً له القلوبُ ديارُ
يا بعيداً له القلوبُ ديارُ / عن مَشُوقٍ يهيجه التذكار
هاكَ من صادق الوداد سلاماً / قد تجلَّت بضوئه الأزهارُ
ما رياض شَدَتْ بمنطِق قُسّ / فوق أفنان دَوْحها الأطيارُ
وحبتها بعنبر الشحر والأص / هب مسكاً تبثه الأَسحارُ
في زمان الربيع يوماً بأذكى / منه نَشْراً تضوع منه القفار
ثم ينهي المحبُّ فرط اشتياق / جلَّ عن أن تبثّهُ الأخبار
فعسى أن تعود يوماً بلق / ياك التهاني وتصلح الأَوطارُ
لا تَلُمْني على الدُعابة والمزح
لا تَلُمْني على الدُعابة والمزح / وقصْدِ المُجون في الشِعْر تارَهْ
إِنّما العيشُ ذكرُك العيشَ دعه / كانَ أَوْ لم يكنْ سوى في العبارَهْ